قصيدة حب سورية

قمت بإلقاء هذه القصيدة لأول مرة من لافاييت بارك أمام البيت الأبيض في العاصمة الأمريكية واشنطن يوم السبت 23 تموز 2011، وذلك بحضور المئات من جمهور الجالية السورية الذي حضر من مختلف الولايات وكذلك من كندا وأوربا للتعبير عن تضامنه مع الثورة السورية المطالبة بالحرية والكرامة وإسقاط النظام. وتم اختيار واشنطن والبيت الأبيض بالذات لوضع ضغوط على إدارة الرئيس أوباما لاتخاذ إجراءات سياسية واقتصادية وقانونية أكثر جدية وفاعلية ضد النظام. وقد شارك في هذه التظاهرة بعض رموز المعارضة السورية السياسية والفكرية، كما وقدم فيها عازف البيانو السوري العالمي الموسيقار مالك جندلي أغنية وطني أنا.

وقد ألقيتها مرة ثانية خلال أمسيتي الشعرية السادسة التي أقمتها تحت عنوان "الثورات العربية في عيون الشعر والموسيقى والكاريكاتير" وذلك مساء الأحد 18 ايلول، سيبتمبر 2011 في قاعة المركز الثقافي العربي الأمريكي في هيوستن.

قصيدة ُ حُب ٍ سـوريَة

بنكـهة ِ الكَـرامـة

مِـن َ القَلب ِ يادَرعـا أُهديك ِ حُبي

أُهديك ِ لَقَب َ أُم ِّ الدُروع ْ

وحبي لأطفالك ِ الذين َ دوَّنوا

على الجدران ِ أنهم ْ لايقبلون َ الخنوع ْ

أطفال ٌ أيقظوا أُمَّـة ً نسِـيَت ْ مَجدَها

فأناروا لها طريق َ الحُرية ِ بالشُـموع ْ

ذكَّـروها أنَّها مَـن ْ وضعت ْ للحضارة ِ مهدَها

وأن َّ الكَـرامَة َ تُسْـتعاد ُ بالسَـواعِد ِ لا بالدموع ْ

ورود ٌ مِـن ْ أمثال ِ حَمْـزَة َ وتامِـرَ ذكَّـروها

طريق َ الثورة ِ في كُـل ِّ الشَـرائِع ِ مَشـروع ْ

وذكَّـروا النظام َ الهَمَجيَ أن َّ للأطفال ِ حُرمَـة ً

الاقتراب ُ مِنها في العالَم ِ المُتمدِن ِ مَمنوع ْ

أرض ٌ مرَّ مِنها سُـلطان ُ بالخيل ِ والبَنادق ِ

ووقف َ التاريخ ُ أمامَها بصمت ِ الخُشـوع ْ

فأتتها القدم ُ الهمجية ُ بالدبابات ِ والمدافع ِ

دنَّسَـها نِظام ٌ مِـن َ الوَحشِـيَة ِ مَصنوع ْ

***

ويادَرعـا هذه ِ حِمص ُ أسْـمَع ُ صَوتَها

مِـن ْ باب ِ السِـباع ِ يأتي زئيـرا

إسْـم ٌ على مُسَـمى والمُسَـمى أروَع ُ

سِـباع ٌ قلوبُها مِـن ْ فولاذ ٍ لا ترهبُها ذخيـرة ْ

ومِـن ْ باب ِ عمرو ٍ إلى الخالديةِ

شَـباب ٌ جعلوا أيام َ النِظام ِ سَـعيرا

وأسْـكنوا الرُعب َ في قلبه ِ وفي عينيه ِ

جَعَـلوه ُ يَنسـى كَـيف َ يَكـون ُ النوم ُ قريـرا

مدينة ٌ أوصَلَت ْ إلى كُـل ِّ الدُنيا صَوتَها

وشـاهَد َ بُطولاتِها عالَم ٌ أضحى قلبُهُ ضَريـرا

رَفَعَت ْ في وجه ِ النظام ِ يَـداً مِن ْ حديـد ٍ

يَـداً ماعَرِفَها الوَطَـن ُ إلا حَريـرا

فأعادَت ْ تَعريف َ الشَـجاعَة ِ مِـن ْ جديـد ٍ

ومَنحَت ِ الجُبناء َ لَقباً طَعمَه ُ مَريـرا

لن ْ تنسـى أنَّـكم ْ قتلتم ْ طِفلتَها هـاجَـرَ

وأن َّ طـل َّ التي سَـجنتموها كانت ْ بنتاً صغيرة

سَـيجعلكم ْ الشَـعب ُ تدفعون َ ثمن َ جرائِمَـكمْ

وسَـيُحاسِـبكم ْ عليها حِسـاباً عَسـيرا

***

وهَـذه ِ حَمـاة ُ يادَرعـا قد ْ هَـبَّت ْ لنَجدَتِـك ِ

فيها مِـن َ الحَمِّية ِ ما أدهَـش َ الأصدِقاء َ والعِدى

إن ْ طَغى الظُلم ُ كـانت ْ أوَّل َ مَـن ْ عَصا

ويوم َ الفِدا هِي َّ أكـرَم ُ مَـن ْ فَـدى

مَـدينة ٌ تمنى كُـل ُ طاغيـة ٍ زوالَهـا

وكُـل ُّ شَـهم ٍ تفاخَـرَ بِها وبنورِها اهتَـدى

لايَسْـتَغيث ُ مَقهـور ٌ في الوَطَـن ِ إلا

ويُسْـمَع ُ لَـه ُ في سـاحات ِ حَمـاة َ صَـدى

فيها سَـتكون ُ نهايَـة ُ القَهْـرِ كَـما

رَفض ُ القَهْـرِ مِنها كـان َ قَـد ِ ابتـدا

وحين َ أتتها جيوش ُ الظَلام ِ وقفت ْ شـامِخة ْ

وانتفضَت ْ لتقول َ أنَّـها لاتهـاب ُ الرَدى

خرجت ْ تنادي بالحُـريَة ِ حامِلَـة ً أكـفانَها

فهرَب َ مِنها الجَـلاد ُ وللخوف ِ قَـد ِ ارتَـدى

لم ْ يُدرك ْ أنَّه ُ كـان َ للمَـوت ِ يَجتبي

يَوم َ لدِمـاء ِ أهـلِها قَـد ِ جَبى

ترك َ التاريخ ُ عندَها نَواعيراً لِتَشْـهَد َ

كيف َ تدور ُ الدوائِر ُ بمَـن ْ عليهـا اعتدى

***

وجِسْـر ُ الشُـغورِ يادَرعـا سَـطَّرَت ْ مَلحَمَة ْ

وقالت ْ للنِظام ِ إرحَـل ْ واكـفِنا سـوء َ بَلواك ْ

إرحَـل ْ ودَعنا نَبني مُسْـتَقبَل َ الوَطِـن ِ

إرحَـل ْ عَـنّا فنَحن ُ قَـد ْ سَـئِمناك ْ

مارأينا الخيرَ على وجهِك َ ولَكِـن ْ

رأينا المَوت َ تقطِـر ُ به ِ عَـيناك ْ

أمطَرت َ حاشِـيَتَك َ بلايين َ الدولارات ِ

وأمطَرتَنا رَصاصاً مِـن ْ صَيدلية ِ دَواك ْ

وجبَـل ُ الزاويَـة ْ الذي قارَع َ الاسْـتِعمارَ

ما وَفرْتَـه ُ مِـن ْ القَصف ِ ما وَفرْتَـه ُ مِـن ْ بَلاك ْ

الجبَـل ُ الذي جعله ُ هَنانـو للمُقاومَـة ِ رَمْـزاً

جَعَـلْتَه ُ مَسْـرَحاً لِلقَمع ِ ومَـزاراً للهَـلاك ْ

ولكـن ْ مِـن ْ بعد ِ أن ْ عَوَّدتَـنا ظلام َ السُـجون ِ

خرجنا إلى الضوء ِ لنُنزِلـك َ مِـن ْ عَـلياك ْ

مِـن ْ بعد ِ أن ْ جعلتنا نازحين َ سَـنَرجِع ُ

لنعيـش َ حياة َ الحرية ِ التي لا تعرفُهـا دُنيـاك ْ

***

وهل ْ تعلمين َ مِـن َ الشَـرق ِ مَـن ِ انضمت ْ لِنُصرَتِك ِ

البوكـمال ُ وقفت ْ وطالبت ِ الطُغـاة َ بالرحيـل ْ

والدَيـر ُ شَـقَّت ْ عَصا الطاعَـة ِ وقالَـت ْ

البقاء ُ مَـع َ الجَلاديـن َ أمـر ٌ مُسْـتَحيل ْ

والحَسَـكَة ْ أخبرتهمْ سَـتبقى دَوماً في حَـلقِهِم ْ

وبانتظار ِ ذهابِـهِم ْ مَهما كـان َ الانتظار ُ طَويـل ْ

أرض ُ الفُـرات ِ قالَت ْ للنِظام ِ إن ْ كـان َ

عُمَلاء ُ بَينَنـا فقاتِـل ُ الشَـعب ِ هُـو َ العَميـل ْ

ما عَـرِفناك َ لعُـقود ٍ إلا قاتِـلاً مِـن َ النَـوع ِ

الذي يُتقِـن ُ المَشـي َ في جَـنازة ِ القَتيـل ْ

فلا رَجُـل َ دِين ٍ سَـيُحَلِل ُ نِظاماً فاسِـداً

ولا مالاً سَـيُحول ُ صوت َ الضِباع ِ إلى صَهيل ْ

***

ومِـن َ السـاحِل ِ يادَرعـا أتَت ْ لنَجدَتِـك ِ

جَبلَـة ُ وبانيـاس ُ ولاذِقِيَـة ُ العَـرَب ْ

مِنها أتى جَمّـال ُ وأتى القَسَّـام ُ

أبطال ٌ ماتركـوا للأَوطـان ِ عليهِـم ْ مِـن ْ عَتَب ْ

أبطال ٌ ما كان َ للطُغـاة ِ مَـع َ أجدادِهِـم ْ خُبـزٌ

فإن ْ ثـار َ الأحفـادُ على الطُغـاة ِ فلا عَـجَب ْ؟

السـاحِل ُ الذي أدمى جيوش َ المُسْـتَعمِرِ

يَكـتُب ُ اليوم َ أنَّ زمـان َ الحُـريَة ِ قَـد ِ اقتَـرب ْ

فضَمِدي جراحِك ِ يادَرعـا ولكـن ْ لاتحقِدي

فالشَـر ُ مِـن ْ أفراد ٍ ولكِن َّ الشُـعوب َ مِـن ْ ذَهَـب ْ

لايأتي الشَـر ُ مِـن َ الطوائف ِ ولكـن ْ

مِـن ْ أفـراد ٍ أصاب َ قلوبَـها العَطَـب ْ

أشـباه ُ الرجال ِ يُشـبهون َ على الأقل ِ الرجـال َ

ولكِن َّ جلادي الأطفال ِ لايَنتمون َ للإنسـانية ِ بنسَـب ْ

ما ظلمَهم ْ نزار ُ إذ ْ وَصَفهم ْ بالقَصابين َ

وما تجنّى عليهم ْ إذ ْ شَـبهَهُم ْ بالجَـرَب ْ

كَـتَب َ شَـوقي قلوب َ أمثالِهم ْ كالحِجارَة ِ لاتَرِق ُّ

نِعم َ الكاتب ُ كـان َ شَـوقي ونِعم َ ماكَـتَب ْ

***

شعر: طريف يوسف آغا

من أمام البيت الأبيض/ واشنطن

السبت 22 شـعبان 1432 / 23 تموز 2011

http://sites.google.com/site/tarifspoetry