رسالة إلى مخبر

منذ زمن وأنا أفكر بكتابة عمل ما عن مهنة (المخبر). وليس المقصود هنا من يعمل رسمياً كعنصر مخابرات في الأفرع الأمنية، ولكن الشخص الذي له مهنة أو صفة أخرى كمدير أو تاجر أو سائق تكسي أو بائع جوال، ويمارس مهنة (كاتب تقارير أمنية) كعمل إضافي يحصل من ورائها على مكاسب مادية أو امتيازات مهنية. شخص كهذا يمثل برأي أدنى مايمكن أن يصل إليه الانسان من مستوى، وحتى أدنى من عنصر المخابرات نفسه الذي لاينكر مهنته بالرغم من بشاعتها. صنف كهذا من البشر لابد وأن تنعدم عنده المشاعر والأخلاق والرحمة، ناهيك عن الضمير.

رسـالة إلى مُخبِـر

هَـل أنتَ انسـان؟

يامنْ مِهنتكَ في غايةِ السرية

يامنْ مهنتكَ كتابةُ التقاريرْ

يامنْ ليسَ على وجهِكَ ملامحُ إنسانية

وبينَ طبعِكَ والأفاعي الشئُ الكثيرْ

يامنْ لاتُخفي قباحتَـكَ أقنعةٌ

ولاتُخفي نتانتَـكَ عطورٌ ولو بالقناطيرْ

يامنْ مِهنتكَ لاتظهرُ على الهوية

وترسلُ الناسَ إلى حيث الجنازيرْ

هلْ وقفتَ في يومٍ أمامَ المرآةِ؟

فرأيتَ الشبَهَ بينكَ وبينَ الخنازيرْ

وهلْ حاولتَ أنْ تشُمَ أصابعَـكَ؟

فوجدتَها تشبهُ رائحةَ المَجاريرْ

هلْ سألتَ نفسَكَ في يومْ

لماذا قررتَ أنْ تعيشَ معَ القواذيرْ؟

وهلْ حقاً صدَّقتَ أقوالَ أسيادِكَ

بأنَّ ماتقومُ بهِ ليسَ بشريرْ؟

وبأنَّـكَ تخدمُ الوطنَ حينَ

تدقُ في نعوشِ الناسِ المساميرْ؟

كيفَ تظاهرتَ بأنَّـكَ تُصدِقُهمْ؟

كيفَ تصنَّعتَ بأنَّـكَ ضريرْ؟

فاجرامُ أسيادِكَ ليسَ بحاجةٍ لبُرهانْ

هوَ موثقٌ بصورِ القتلى وبالعددِ الوفيرْ

لايُزاوِلُ مهنتَـكَ منَ الناسِ سوى صنفينِ

إما الجبانُ، وإما الحقيرْ

فإذا ظننتَها تجعلُكَ مَرهوباً

فمرهوبةٌ أيضاً هيَ حوافرُ الحميرْ

وإذا ظننتَها تجعلُكَ غنياً

فهيَ تجعلُكَ بحُبِ الناسِ فقيرْ

أما إذا انتظرتَ منها المناصبَ

فهيَ تُنَصِبُـكَ بينَ أولادِ الحرامِ أميرْ

إذا آذيتَ العديدَ منَ الناسِ

فلرُبما نصَّبوكَ مُديراً أو سَفيرْ

وإذا كنتَ في غايةِ الأذى

فلرُبما حولوكَ منْ سَفيرٍ إلى وَزيرْ

ولكنْ دعني أقولُ لكَ بأنَّ

مهنتَـكَ هذهِ لاتخلو منْ مَحاذيرْ

فإنْ كانَ أحدٌ لايراكَ وأنتَ تكتبُ

فالعدلُ على رؤيةِ كلِ شئٍ قديرْ

الناسُ الذينَ أرسلتَهُمْ ولمْ يعودوا

سَتلعنُكَ أرواحُهُمْ كُلَّما كتبتَ تقريرْ

وستزورُكَ صورُهمْ وصورُ أطفالِهمْ

كُلَّما ذهبتَ إلى السَريرْ

ليسَ في الحياةِ شئٌ بالمجَّانِ

فعملُ الشرِ تترتبُ عليهِ فواتيرْ

إنْ لمْ تدفعَها اليومَ فغداً

وانتظارُ اليومَ أو الغدِ إنما انتظارٌ قصيرْ

وإذا كنتَ غادرتَ الدنيا بلا حِسابٍ

فتحويلُ الحِسابِ لأبنائِكَ أمرٌ يَسيرْ

لاتحسبْ أنَّـكَ في قبركَ آمِنٌ

ففتحُ القبورِ ليسَ بالأمرِ العسيرْ

العذابُ الذي ألحقتَهُ بالناسِ سيعودُ

عليكَ وعلى أهلِكَ بسوءِ المصيرْ

***

شعر: طريف يوسف آغا

هيوستن / تكساس

الجمعة 11 شوال 1432 / 9 ايلول، سيبتمبر2011

http://sites.google.com/site/tarifspoetry