حين عادت الحياة إلى الورق

كنت قد كتبت مع بداية عام 2009 قصيدة بعنوان (جيوش من ورق) على أثر العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وهو العدوان الذي وقفت فيه كافة الجيوش العربية ومن خلفها أنظمتها الحاكمة تتفرج على أحداثه على شاشات التلفزيون. فقامت دول (الممانعة والمقاومة) بالتنديد والبكاء والتباكي في حين قامت دول (الإعتدال) بإلقاء اللوم هنا وهناك، وكان العامل المشترك بين الاثنين هو فعل (لا شئ) على الأرض. مما دعاني حينها إلى الإعتقاد بأن جيوشنا هي في الحقيقة (من ورق) وغير مهيئة لخوض حروب حقيقية، فكانت تلك القصيدة التي كتبتها في ذلك الحين. ولكن ومع نشوب الثورات العربية اليوم، عادت الحياة فجأة إلى هذه الجيوش، وتم تسييرها شمالاً وجنوباً وشرقاً وغرباً، فرأى العالم بطشها وسمع صوت مدافعها، ولكن وللأسف ليس في محاربة العدو وتحرير الأرض، ولكن لتنفيذ ما يبدو أنه أصلاً الهدف من وجودها.

حينَ عادتِ الحياةُ إلى الورقْ

وتحدد زمان ومكان المعركة

وأخيراً تحددَ زمانُ ومكانُ المعركة

وتحركتْ جيوشٌ ظنناها من ورقْ

تحركتْ عسـاكرٌ لَطالما ظنناها صوَراً

وظننا أسـلِحتَها باليةً كالخُـرَقْ

فلَطالما حَـلَّقَ الأعداءُ في سَـمائِنا وقصفونا

ولَطالما اخترقونا مِن كلِ اتجاهٍ ومُخترقْ

وهُمْ مِن قبلِ ذلكَ احتلوا أراضينا

وعلّقوا في آذانِ جَيشِـنا الحَلَقْ

وحكامنا يحتفظونَ بحقِ الرَدِ

وحقِ اختيارِ زمانِ المعركةِ والمُنطلقْ

فلما تحركوا، ماتحركوا لتحريرِ الوطنِ

ولكن لقتلِ مَن لأبوابِ الحريةِ طرقْ

وتحركتْ جيوشُـهمْ لتحميَ أعمدةَ النظام

لتحميَ مَن خانَ وسَـفكَ وسَـرَقْ

فها هو الحرسُ يقتحمُ المُدنَ ولايخرجُ

إلا وريحُ الموتِ منها قد عبقْ

وها هي المعتقلاتُ باتتْ تغصُ بالآلافِ

والدباباتُ لاتدخلُ شـارعاً إلا واحترقْ

كائناتٌ قلوبها أقسى مِنَ الحجرِ

خفقتِ الصخورُ وقلبُها ماخفقْ

هؤلاءِ همْ قتلةُ الأطفالِ وجلاديهمْ

أثرُ الدِماءِ على بصماتهمْ قد التصقْ

وصورُ ضحاياهمْ التي تُعرَضُ على العالم

كلُ منظرٍ فيها للانسـانيةِ قد صَعَقْ

لو كانَ هولاكو حياً لبكى ألماً

ولكانَ تبرأَ مِنهمْ وعليهمْ بَصَقْ

كلُ هذا يأتي مِن جنودٍ ظنناهمْ صوَراً

كلُ هذا مِن جيشٍ ظنناهُ مِن وَرقْ

فاذا بالورقِ قد خُصِصَ لمُحاربةِ المُحتلِ

وحقُ الردِ على العدوانِ صارَ أمراً مُتفقْ

أما النارُ فقد خُصِصَتْ للشَـعبِ الذي

خرجَ عَنِ الطاعةِ وبحاكمهِ فَسَـقْ

***

شعر: طريف يوسف آغا

هيوستن / تكساس

الجمعة 14 شعبان 1432 / 15 تموز 2011

http://sites.google.com/site/tarifspoetry