البطل يريد أن يعود

وكأن سورية لايكفيها اليوم مافيها، وقد قدمت خلال التسعة أشهر الماضية عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمعتقلين على مذبح الحرية والكرامة، فإذا بمن يحمل أسوأ سمعة على الإطلاق في تاريخها الحديث يعود ليظهر فجأة على شاشات وكالات الاعلام والفضائيات. ليبرأ نفسه من جهة من المجازر والفضائح والسرقات التي ارتبطت باسمه في الماضي بإلقائها على غيره، ومن جهة ثانية ليعرض استعداده للعودة والمساعدة في إيقاف حمامات الدم التي تغمر البلاد!

(البطلُ) يريدُ أنْ يعـودْ

أنا البطل ... حبوني

قالَ (البَطَلُ) أنَّهُ إلى الوطَنِ سَـيَعودْ

لأنَ دَورَهُ بَعدُ لَمْ يَنتَهِ!

ونحنُ (للبَطَلِ) لَدَينا بَعض ما نقولْ

مما قَـد لايَشتَهي

***

فهوَ يدَّعي أنَّهُ كانَ رجلَ القانونِ وأنَّهُ

للمؤسساتِ والحقوقِ كانَ حارسُـها وحاميها

وأنَّهُ لايخافُ الوقوفَ أمامَ المحاكمِ لأنَّهُ

كانَ وما زالَ للعدالةِ فارسُها وقاضيها

وأنَّهُ ليسَ في وادي الإجرامِ ولا القتلِ

بلْ كانَ للصَفحِ سَـيدُهُ وكانَ للرأفةِ واليها

وأنَّهُ كانَ سَـندَ المُحتاجينَ والفقراءَ وهاهوَ

الورعُ يقطرُ مِنْ لحيتهِ والإيمانُ يُحَـنّيها

أمّا الدَكـتَرَةُ التي يَحملُها فيقول بأنها

طالما شَـغلتهُ بالجامعاتِ يُوسِـعُها ويَبنيها

وأنَّها جعلتهُ فخراً للدراسـاتِ العُـليا ولولاهُ

لانقرَضَتِ الدِراسـاتُ عنْ بُكـرَةِ أبيها

رجلٌ (شَـريف مكَّةَ) منصبٌ ربما قليلٌ عليهِ

ولكن لو كانتِ النُبوَّةُ متاحةً لقبِـلَ توليها

يدعي بأنه أبو المروءةِ والاستقامة والتفاني

وأنه وباختصارٍ، للوطنيةِ رمزَها وأسمى معانيها

***

علينا الاعتذارُ مِـنْ بطلِنا

فلا نَعتقِدُ أنَّ أحداً لأدوارهِ بعدُ ناسـيها

أدوارٌ كانتْ مِـنَ الوزنِ الثقيلِ الثقيلِ

سَـيتبقى الأجيالُ لقرونٍ تنقلها وتَرويها

وهيَّ تَبدأُ مِـنْ قَصفِ المُدنِ على رؤوسِ أهليها

وحرقِها وردمِها وقَلبِ عاليها بواطيها

وتمرُ بإرتكابِ المجازِرِ في السُـجونِ

وجَعلِ الدماءِ تَطوفُ في مَجاريها

وإقامةِ المحاكمِ الصوريةِ والإعداماتِ على الهويةِ

نَصَّبَ نَفْسَـهُ على العبادِ جلاّدَها وقاضيها

وحَفَرِ المقابِرِ الجَماعيةِ والتي

سِـوى مَقابِرِ النازيةِ لاتُضاهيها

وَدعونا لا نَنسـى عِصاباتِهِ المُسَـلَّحةِ

وإطلاقِها على الأُمةِ تَبُثُ الإرهابَ فيها

عِصاباتٌ أعطاها أسـماءً وَطَنيةً

لَمْ تَحْمِلْ أعمالُها شَـيئاً مِـنْ أسـاميها

أسماءٌ تعني الدفاعَ عَـنْ حِمى الوطنِ

ولكنها للوطنِ ماكانتْ سِـوى حاميها حراميها

ودعونا نُذَكِّرُ بقصصهِ معَ الأعراضِ

وحدها قصصَ تيمورلنكْ مما يُجاريها

مَـنْ يُصَدِقْ بأنَّ الإسـتِعمارَ راعى حُرْمةَ الحِجابِ

وأنَّ بَطَلَنا المُغوارُ لَمْ يُراعيها

وحَدِثْ ولاحَرَجْ عَـنْ تَهريبِ الثرواتِ والآثارِ

كانَ للبِلادِ، وبِكُلِ فَخْرٍ، كَبيرُ مُهَرِبيها

لَمْ يتركْ جريمةً تعتبُ عليهِ ولو أنَ

للمافيا دولةً لكانَ بطلُنا زعيمَ عَرابيها

حَتى أقاربهُ ما أمِنوا شَـرَهُ فنفوهُ إلى أورُبا

يَسـتَثمِرُ أموالَ الوَطَنِ على شـواطيها

أدوارٌ وأدوارٌ وأدوارٌ

مَهما قُلنا فيها ... لانوَّفيها

أدوار ٌ ليسَ بينَها وبينَ الشَـهامةِ نَسَـبٌ

حتى النذالةُ لاتَرضى أنْ تُخاويها

أدوارٌ إنْ سَـجَلَها التاريخُ، فبأحرُفٍ مِـنْ عارٍ

لو كانَ العارُ أفعى ... لكانَ بَطَلُنا رأسَـها وراعيها

ولو نظرَ الشَـيطانُ في المِـرآةِ يومـاً

لكـانَ وجهُ بطلِنا هوَ كلُ مايراهُ فيها

***

شـعر: طريف يوسـف آغا

كاتب وشاعر عربي سوري مغترب

هيوسـتن / تكساس

جمعة (الجامعة العربية تقتلنا) 21 محرم 1433 / 16 كانون الأول، ديسيمبر2011

http://sites.google.com/site/tarifspoetry