طوفان في أرض الفراعنة

قمت بالقاء مختارات من هذه القصيدة أمام جمهور الجالية العربية في المركز الثقافي العربي الأمريكي وصالة رنوش كافية (هيوسـتن)، وذلك احتفالا بانتصار الحرية في مصر

حتى لاننسى شهداء ثورة مصر كانون الثاني/ يناير 2011

طـوفان ٌ في أرض ِ الفَـراعِـنة

ورحَـلَ طاغية ٌ آخَـر

ياحـاكمَ أبا الهَـولِ والهَـرَمْ

مَـلَّ مِـنكَ أبو الهَـولِ وسَـقِمَ الهَـرَمْ

النيلُ مِـنْ سـيرَتِـك أصابَـهُ القَـرَفْ

والوطَـنُ مِـن إنجابِـكَ يَشـعُرُ بالنَـدَمْ

فأنتَ في جَسَـدِ الوَطَـنْ

قَـد صِرتَ كَـالوَرَمْ

والبقاءُ في الحُكـم ِ للأبَـد ْ

هـو مِـنْ شِـيَم ِ مَـنْ ظَـلَمْ

شَــمَلَكُم ْ الكَـواكِـبيُ مَعَ المُسـتَبِدين َ

وقالَ أنَّـهُ "لايَشـبَعُ مَـن ْ بِـيَدِهِ القَـلَم ْ!"

وقالَ "أنَّكُـمْ أدمَـنتُمُ الإسـتعبادَ واللصوصيةَ"

"وأنَّكُـمْ مَرضى بِحاجَـةٍ لِعِلاج ٍ مُـنتَظَم ْ"

***

الشَـعبُ اليَـومَ يَـغمُرُ الشـوارع ْ

على بابِ الحُـرِّيَـةِ قـارع ْ

ولَـنْ يَرضى بَحَـلٍ إلا

أنْ يُـلقيكَ في الشـارع ْ

مَـنْ يَـلومَهُ وأنتَ لأجـيالٍ تجاهَلتَـهُ

مُـتظاهِـراً بأنَّـكَ لهُ غَـيرَ سـامع ْ

ولو كُـنتَ على سَـماع ِ القُـلوبِ قـادراً

لَسَـمِعتَ دُعـائَهُ عَـليكَ في الكنائِـسِ والجَـوامِع ْ

أخَـذتَ مِـنهُ الرغيفَ بِـيَدٍ

وبالثانية كُـنتَ لهُ على الدَوم ِ قـامِع ْ

لَـو يُسـألُ الشَـعبُ مَـنْ فَـجَّرك ْ؟

يَـقولُ: الخبزُ والكَرامَـةُ والمواجع ْ

ولَـو يُسـألُ الحاكِمُ مَـنْ فَـرعَنَـك ْ؟

يَـقولُ: ما وَجَـدتُ لِيَّ رادِع ْ

بالحَـديدِ والنارِ على الشـعبِ قادرْ

ولأوامِـرِ أسـيادِكَ تنحَـني طائِـع ْ

أرضَيتَ أسـيادَكَ وأسـيادَهُم ْ

وتَـرَكـتَ شَـعبَـكَ يَـنامُ جائِـع ْ

أسَـألتَ نَفسَـكَ إذا مالشَـعبُ جاعَ

وسـارَ إليكَ، فما أنتَ صانِـع ْ؟

أنَسـيتَ إذا مالشَـعبُ غَـضِبَ

فَغَـضَبُ الشَـعبِ كالسَـيفِ قاطِـع ْ؟

إذا الشَـعبُ ثارَ، صارَ بُـركاناً

وهَـلْ مِـنْ عاقِـلٍ للبُـركانِ يُـقارِع ْ؟

إذا رَأيتَ أمواجَ البُـركانِ تَـقتَرِبُ

إلى أقرَبِ طائِـرة ٍ فسـارِع ْ!

***

أيُـها الرَئيـسُ المُـلهَمُ، لو كُـنتَ مُـلهَماً

لَـما كُـنتَ بالكُرسـي ِ طامِـع ْ

ولَـما أمضَيتَ ثَـلاثينَ عَـاماً

تُمسِـكُ بِـهِ بِأنيابِـكَ والقَـواطِـع ْ

الكُرسِـيُ الذي اشـترَيتَـهُ بِـثَمَنٍ بَخـسٍ

مِـنْ أجلِـهِ انتَهَـيتَ لشَـعبِـكَ ولإخوانِـكَ بائِـع ْ

وجِـدارُ العارِ الذي غَـرَزتَـهُ

آنَ الأوانُ لِـدَفع ِ حِسـابـِهِ وحِسـابِ المَـدامِع ْ

لايَـحتاجُ أمرُ خِـيانَتِـكَ لِـبُرهانٍ

فهو كَـنورِ الشَـمـسِ سـاطِع ْ

وبَدلاً مِـنْ زِراعَـةِ الكَـرامَةِ والشَـهامَةْ

كُـنتَ دائِـماً لِلتَخـاذُلِ زارِع ْ

أعَـدتَ الوَطَـنَ إلى عُـصورِ الظَـلام ِ

جَـعلتَهُ لأسـرَتِـكَ مَـقطوعِـيَّاتٍ ومَزارِع ْ

وكَـما يَـقولُ المَثَـلُ الشَـعبيُ

"فَـلا أنتَ لِلخَـلِ ولا لِلخَـردلِ نافِـع ْ"

ولَكِـن، والشَـهادَةُ للهِ، ماخالَـفتَ يوماً قانونَ الطُغـاة ِ

فسَـفكُ الدماء ِ دوماً على طَبعِكُـمْ طابِـع ْ

وقَـهرُ الناسِ في قاموسِـكُمْ مِـهنة ٌ

تُـزاوَلُ بالدباباتِ والمَدافِع ْ

كُـلُ شَئ ٍ عِـندَكُـم ْ لِلبَيع ِ قـابِل ْ

فالمَواقِفُ سِـلَع ٌ والدِماء ُ بَضائِع ْ

وَصَـفَ نزارُ أمثالَـكُمْ "بالقَـصابينَ"

وَصفٌ ما سَـمِعَت ْ أصدَقَّ مِـنهُ المَسـامِـع ْ

أمَّـا صُوَرِكُمْ القَـبيحَةُ في كُـلِ مَكانٍ فَـتَـقليد ٌ

ماسَـلِمَتْ مِـنهُ ولاحَـتى الطَـوابِـع ْ

وتَـوريثُ الحُـكم ِ لأبنائِـكُمْ عَـادة ٌ

مازالَ تِـكرارُها بَينَكُـمْ شـائِـع ْ

وأمـامَ صَناديق ِ الإقتِـراع ِ

ما كـانَ لَـكُمْ في يَـوم ٍ مُـقارِع ْ

أمـامَ الصَناديق ِ لَمْ تَـترِكوا للمواطِـنِ

سِـوى أنْ يُـبايعَكُـمْ، أو يَكون َ لَـكُـم ْ مُـبايع ْ

ولَكِـنكَ أيضاً لَـنْ تُخالِفَ مَصيرَ الطُغـاة ِ

سَـتَدفَعونَ جَميعَكَـمْ ثَـمَنَ أعـمالِكُمْ والفظائِـع ْ

وكَما أنتُـمْ بِجَـلدِ الشَـعبِ بارِعونَ

فالشَـعبُ بمُعاقَـبَةِ جَـلاديهِ بارِع ْ

***

وكَـما أنَّـهُ للشُـعوبِ مَـواضِعَ ضَعفٍ

فَـأنتمْ أيضاً أيها الطُـغاة ِ لَـكُمْ مَصارِع ْ

لا يَغُـرَّنَكُـمْ اليَـومَ أنَّ البَـناِدقَ بأيديكُـمْ

وأنَّ المُواطِـنَ أعـزَلَ ويَدَيهِ رافِـع ْ

فَغَـداً تَنقَـلِبُ الأحوالُ وتَنقَـلِبُ البَنـادِقُ

واللهُ أعلَمُ حينَها مالمواطِـنُ بكُـمْ صانِـع ْ

تَعـذيبُ الشَـعبِ لَـنْ يَمُّـرَ هَـكَذا

سَـتُكَسَّـرُ لأجـلِهِ أيديَـكُمْ بَعـدَ الأصابِـع ْ

ولِلطُـغاة ِ إذا ما قامَـتِ الثَـورَةُ إحدى نهايَتَـينِ

لَيـسَ في الواقِـع ِ بَينَهُما فَـرقٌ شـاسِـع ْ

النِهـايَةُ "الرومانيَّـة" أو تِلكَ "التونُسـيَّة"

هَـذِه ِ تَـجعَلُك َ عِـبرَة ً وبتِلك َ تُصبِح ُ صايِـع ْ

وما جَـرى في "سـاحَـةِ تيـامين ْ" قَـد مَـضى

وخَـرجَ مِـن سـاحَةِ الفِعـلِ المُضارِع ْ

وإنْ ظَنَنتَ "البَـلطَجية" سَـتَنفَعُـكَ

فآنَ الأوانُ لِحِسـاباتِكَ أنْ تُـراجِـع ْ

فَـهيَ أيضاً عَـهدُها قَـد مضى

ألا ترى الكاميرات ِ تَرصُـدُ أدَقَّ الوَقائِـع ْ؟

ألا ترى أنَّـكَ تعيـشُ خـارِجَ الزَمَـن ِ؟

أنَّـكَ تعيـشُ خـارِجَ الواقِـع ْ؟

والجِمـالُ التي أطلَـقتَها على الناس ِ

تَـروي قِصَّـةَ ذكـائِكَ "اللامِـع ْ!"

وقِصَّـة ُ "ريَّـة ْ واسـكينة ْ" ذَكَّـرَتْـني بِـها

صورَتُـكَ وسُـلَيمانُ تَتَبادَلان ِ المَـواقِع ْ

لَـم ْ يَبتَعِد ِ الشَـعب ُ مِـن ْ تحت ِ "دَلفِـكَ"

لِيَـكون َ "بِـمِزراب ِ" سُـلَيمانـك َ قانِع ْ

ومَـن ْ كـان َ "لِفِـرعَون َ" كـارِه ٌ

فكيفَ يَكـون ُ "بهامان َ" والِـع ْ؟

مَـن ْ يَقِـفُ مَعَـك َ في يَوم ٍ كَـهذا

هَـوَ مَعَك َ في كُـل ِ شَـئ ٍ ضالِع ْ

ثُـمَّ كَـفاكَ وعـوداً وكَـفاكَ نِـداءاً

فقِصَّـةُ "الراعي الكَـذاب" لَها في الذاكِـرة مَـرابع ْ

تُـريدُ لِلشَـعبِ أنْ يَـبقى "بَـينَ الحُـفَر ْ"

وأنْ يَـبقى "لِلموس ِ على الحَـدَّينِ بالِـع ْ"

و"الشـابي" يُـريدُ لَـهُ "كَـريمَ الحَـياة ِ"

لا أنْ يَـبقى لَكُـم ْ صانِـع ٌ ويُصانِع ْ

سَـرَقت َ وأمثالَكَ مِـن ْ أجيالِنا الحَياة َ

فَـأبى جيلُ الشَـباب ِ أن ْ يَكـون َ خانِع ْ

شَـبابٌ بارَكَ "شَـوقي" في "غَـرسِــهِم ْ"

تَسَــلحوا بالعِلم ِ وبَنوا للإِقدام ِ مَصانِع ْ

رَفَـضوا النَـتانَـة َ التي قَـبِلناهـا

لَـم ْ يُـرهِبهُم ْ إجرامُك َ، بَلْ كـان َ لَهُم ْ دافِع ْ

سـَـحَبوكَ كَـما يُسْــحَبُ الثُـعبان ُ مِـن ْ وَكْـرِه ِ

وطَحَنوكَ كَـما تُطحَن ُ الأحجارُ في المَـقالِع ْ

هَـذِه ِ هِـيَّ مِصرُ التي تَحَدَثَت ْ بِلِسـان ِ "حافِظ ْ"

عَـادَ شَــعبُها "لِقَـواعِـدِ المَـجدِ" رافِـع ْ

***

شـعر: طريف يوسـف آغا

ربيع الأول 1432 / شـباط، فيبراير 2011

هيوسـتن/ تكسـاس