صور من بيت أبي
قصيدة
صُوَر ٌ... مِن ْ بَيْت ِ أبي ْ
عندما تنحني الكلمة لتقبل َ يد َ الآباءْ
أجيال ٌ مُنذُ أنْ هَجَرتُـكَ يا بَيْـتُنا
وللبيوتِ مَشاعِرٌ تـُجرَحُ إنْ هَجَرناها
أجيال ٌ وأنا أ ُقَـلـِّبُ في صَفَحاتِ رفقَتِنا
لي ولـَكَ في الذاكرةْ صور ٌ بالآلاف ِ جَمَعناها
للمُصَّور ِ مَوْهِبَة ٌ بتَصوير ِجَمال ِ عَوالِمِنا
على الورق ِ يَنقلها كما رأيناها
ولكنْ يَنحَتُ الشاعرُ صُوَرَهُ حُروفا ً وألحانا
ويَصْبـُغُها مِنْ عَوالِمِه ِ ألوانا ً تَسحُر ُ الغيرَ رؤياها
*
بيتُ أبي في ظِلال ِ قاسيونا
الحياةُ بـِحُلوِّها ومُرِّها فيه ِ عِشناها
أطفالا ً فأولادا ً فشُبانا ً وهوَ حارسُنا
فيمُنتصَف ِ الحارة ِ نجده ُ كلما صَعَدناها
ولمّا كَبـِرنا ، كَبـِرَ يابَيْتُُ هَمُنا مَعَنا
هُمومُ الحياة ِ هِيَّ التي سَئِمْناها
مِنْ أجْل ِ كَرامَة ِ العَيش ِ تَرَكنا أهالينا
مِنْ أجْل ِ مُستَقبـَل ِ الأيام ِ أوْطانُنا تَرَكناها
إخوَتي و أنا إلى غير ِ أوطان ٍ رَحَلنا
كرامَةُ العَيش ِ لها ضَريبَة ٌ دفعناها
عُذرا ً يابيت ُ ولكنْ كنا لِليَأس ِ قارَبْنا
ولـَسْنا مِمَن ْ يَرضى بـِفَضَلات ٍ الغير ُ ألقاها
ما أكثرَ ما تَجَرَّعنا كؤوسَ الضيق ِ سِرا ً وعَلنا ً
و ما أكثرَ ما وَجَدنا الأبوابَ موصدة ً حينَ أتيناها
لا نلومُكَ يا بيتُ فلستَ سببَ غُربَتِنا
مَنْ لا يَتسِعُ لهُ الوطنُ ، فالأرضُ واسعة ٌ ثناياها
مَنْ ذا يلومُ حُرا ً يرفضُ المَهانا
أوْ أرادَ أنْ يَتنفَسَ في الدُنيا هَواها
وكما أحرقَ طارقٌ مِنْ خَلفِهِ السُفُنا
نحنُ لكل ِ الأبواب ِ خلفَنا حَرَقناها
رَحَلنا ولـَكنْ صُورُ الأحِبَةِ بَقِيَتْ مَعَنا
صُوَرُهُمْ في القلوبِ دوما ً وَدَعْناها
في القلوبِ صُوَرُ أبي و أمي و نانَتُنا
ذاتُ الأماكن ِ التي أعطوها لنا و دوما ً سَكنًّاها
صُوَرُهُمْ يابَيْتُ عَنكَ لـَمْ تفَرقـُنا
و لِلقلوبِ أحاديثٌ إنْ أنصَتْنا سَمِعناها
**
لـَسْتَ قَصرا ً كالذي به حَلِمنا
ولكنْ كُلُ القُصور ِ أمامَكَ أحجارا ً حَسِبْناها
ما فائِدَةُ القُصور ِ إنْ خَلـَتْ مِنْ ذِكرَياتِنا
أو لـَمْ نَجدْ فيها أحِبَة ً إنْ دَخَلناها
عَلى مَسْرَح ِ جُدْرانِكَ لـَعِبَتْ أدوارُها ظِلالُنا
لـَوْ ترحل ِ الظِلالُ لباحَتْ بأسْرار ٍ سَرَرْناها
وعلى أرْضِكَ طـَبـَعَتْ قِصَصا ً أقدامُنا
في كل ِ غرفة ٍ مئاتُ القِصَص ِ لـَوْ عَلِمْناها
في رُكْنِكَ هذا تَعبْنا على وَظائِفِنا
حِسابا ً وعُلوما ً ومَواضيعَ تعبير ٍ كَتَبْناها
وفي ذاكَ الركن ِِ للدُروس ِ ذاكَرْنا
وعَنْ ظـَهْر ِ قـَلـْب ٍ الآيات ُ والقصائدُ حَفَظناها
ما أكثرَ الصورَ التي رَسَمْنا على دَفاتِرَنا
و اللوحات ِ التي بألوان ِ الشَمْع ِ لوَّناها
مَلمَسُ الصَمْغ ِ لمْ تَنساهُ بَعدُ أصابعُنا
يُذَكِرُنا بأوراق ِ الأشغال ِ التي اشتغلناها
ورائِحَةُ الحِبْر ِ ما زالـَتْ تَسْكُنُ في أنوفنا
ما السِرُ في أقلام ِ الحِبْر ِ دوما ً عَشِقناها ؟
***
ماكانَ فيكَ للعب ِ مساحات ٌ تكفينا
ولكنْ ما تَركنا لـُعْـبَـة ً نعرفـُها إلا لـَعِبناها
كُلُ الكرات ِ كانتْ على لـَوائِحِنا
القدمُ والسلة ُ واليدُ ... احتَرَفناها
الكرةُ جُرابٌ والمَرمى طاولة ُ قَهْوَ تِنا
والسَلـَّة ُ طـَنجَرَة ٌ مِنَ المَطبَخ ِ استَعَرناها
تحتَ السَرير ِ كانَ مِنَ العِقاب ِ مَلجَأنا
وكَمْ هُناكَ أعذارا ً لِنَيـّل ِ العَفو ِ اختَرَعْناها
كانَ عِندَنا ألعابا ً بها الساعات ِ أمضَينا
قِطارٌ على سِكَة ٍ مُدَوًّ رَة ٍ قِطـَعا ً جَمَعْناها
وفانوسٌ سِحْريٌ يَعرضُ على الجُدران ِ لنا
صورا ً عَشَراتُ المَرًّات ِ أعَدْناها
ذِئبٌ يَصطادُ بذيلهِ على الجليد ِ هنا
وثَعلـَبٌ ماكِرٌ أعطانا دُروسا ً فَهـِمناها
أما الشطرنجُ فقد ِ استولى على قلوبنا
لوْ كانَتْ في أحجاره ِ أرواحٌ ، لتَبـَنـًّيْـناها
الملكُ و وَزيرُهُ و جُنودُهُمْ تعودوا عَلينا
بالخيل ِ و الأفيال ِ هاجَمنا و القلاع ُ حميناها
تحتَ الأسرة ِ أخفَينا العَزيزَ مِنْ أشْيائِنا
وعلى السَقيفةِ أشياء ٌ مِنَ الماضي اكتَشَفناها
على صَفحات ِ المَجلات ِ طارَتْ السُجادة ُ بنا
إلى بلاد ٍ بَعيدة ٍ ونحنُ للسُجادة ِ ما تركناها
المَجلاتُ والقِصَصُ كانتْ جزءا ً مِنْ طـُفولتنا
سَبـَقنا شَهْرَزادَ بالروايات ِ التي عَرفناها
****
لأيـَّام ِ الشِتاء ِ سِحرٌ كانَ دوما ً يُجَّمِعُنا
وموسيقى تعزفُها فِرقةُ المَطِر ِ على هَواها
نيرانُ المِدفأة ِ جادَتْ بكرَم ٍ على أيادينا
وبألسِنَةِ اللهيب ِ هَمَسَتْ لنا بأشعار ٍ رَوَّيناها
كَمْ عَليها للقَهوة ِ والشايِّ غلينا
وكَمْ فوقَها قشورُ البرتقال ِ شَوَيناها
الفُطورُ بجانبها على طبَق ِ القَش ِ كانَ يأتينا
و عَرائِسُ الزَعتَر ِ بصُحبَتِها أكلناها
إلى المَدرَسةِ ، نانا على الباب ِ تُوَدِعُنا
أنا وعدنانُ الرحلة ْ كلَ يوم ٍ قطعناها
و مِنَ المَدرَسةِ ، أمي دوما ً بانتظار ِ عَودَتِنا
و خالدٌ يسأل ُ متى يَكبرْ و مدرَسَتُنا يَراها ؟
*****
ما أصغرَها ولكنْ ما أغلى سُكانَها شِرفتُنا
فـُلـَّة ٌ وياسَمينَة ٌ وعِطرَة ٌ دومَ سَقَيناها
مِئذَنةُ المُغرَبيةِ لها مكانٌ في لوحَةِ حارتـِنا
وبالقُرب ِ فيجةٌ كانتْ تضخُ مِياها ً شَربناها
ومِئذَنةُ الشيخ ِ تَحتلُ زاوية ً مِنْ قاسيونَ ورائَنا
وشَجرةُ الكينا بيننا مَرة ً تَحجُبُها ومَرة ً تَنساها
رفوفُ الحمام ِ تطوفُ السماءَ مِنْ فوقِنا
كُلما رفعنا أحداقَنا ، إلى أحداقِنا دعَوناها
خادمُ الجامع ِ لـَقَّبهُ الأولادُ "بأبي الطـَعاجينا "
كُلما أغضَبوهُ ، طاردَتهُمْ مَعَهُ لِحيَّة ٌ بيضاءُ ألِفناها
كانَ لهُ في حُضْن ِ الجامـِع ِ دُكانا
تَزكمُ أنوفـَنا عُطورُ المَشايخ ِ كُلما قَربْناها
خمسُ مَرات ٍ يُنادي للصلاة ِ جامعُنا
ومِنْ بُعد ٍ ، البقية ُ تَسألُ هلْ عَرفناها ؟
ومَعَ خُيوط ِ الفَجر ِ، آذانٌ آخرَ كانَ يُذَكِّرنا
"بسُبحان ِ الحَيِّ الذي لايَموتْ " إنْ نَسيناها
وبائِعُ التماري بعده ُ يُنادي "يا كريمُ أكرمْنا "
وكورسُ أصحاب ِ العَرَبيات ِ يُرددونَ بأنغام ٍ أنِسناها
في الصيف ِ بائعُ الأسكا يُغني "الأسكا حَنانا "
وطاساتُ السوس ِ تُلـَّحِنُ سائِلة ً هَلا اشترَيناها؟
في رمضانَ المُسَحِّرُ بطبْلتِهِ كانَ يُنادينا
"بيا نايمْ وَحدْ الدايمْ " نبكي إنْ ما سَمِعناها
و ليلةُ العيدِ ، الكلُ مُنشَغِلٌ في أنحاء ِ مَنزلنا
للعَجوة ِ والمَعمول ِ حضرنا و القهوة ُ المرة ْ غليناها
وفي الصَباح ِ ، التكبيراتُ قبلَ الضوء ِ توقظـُنا
تقولُ حَلـِّت ِ الساعة ُ التي انتظرناها
فنصطفُ بالطابور ِ لتقبيل ِ أياد ِ أهالينا
ثمَ نفرحُ بثياب ٍ جديدة ٍ وعيدية ْ أخذناها
كَمْ مِنْ بَسطةِ الفول ِ النابت ِ أكَلنا وشَربنا
و كَمْ للألعاب ِ اشترينا و المراجيح ُ ركبناها
و في آخر ِ اليوم ِ نعود ُ و للنقود ِ قدْ صَرفنا
و الثياب ِ الجديدة ِ بالمزق ِ و الأطيان ِ مَزجناها
عزامٌ و هشامُ و هاديْ مِنْ أولاد ِ جيرَتِنا
مِنْ دونِهم ْ ما كانت ِ الحارة ُ كما عَهـِدناها
******
سَقيفة ٌ لها دَرج ٌ كانتْ فوقَ مَطبَخِنا
ما أكثرَ ما فتشنا فيها و صَعدناها و هَبطناها
فانْ المساءُ على العشاء ِ بالضيوف ِ وافانا
تسابقنا إلى دَرجاتِها و بصحوننا افترشناها
هُنا جَدي كانَ يَجلِسُ عندَ زيارتنا
أبو أيهمَ نوادرهُ وعظاتهُ دوما ً هَوَيناها
وهُناكَ خالي عَنْ حَياة ِ الماضي خَبَّرَنا
وخالتي سالتْ دموعُها مِنْ نُكَت ٍ سَردناها
وكَمْ كَبتْ عَمَّتي و هِيَ تَجلِسُ بجانبنا
وكَمْ كادتْ تهوي لولا أن سَنَدْناها
وهُناكَ على جدارين ِ يتربعُ توأمُ لـَوْحات ٍ
صَحنُ فاكِهةٍ و مَزهَرية ْ ما أكثرَ ما رسَمْناها
*******
غُرفَة ُ نَومِنا كانتْ مَهجَعا ً لِكُلِّ أ َسِرَّتـِنا
أنا و اخوتي و الحَجَّة ُ الليالي فيها سَهـِرناها
و لما كبرنا أضفنا سَريرا ً إلى مَهجَعِنا
و بَعدَ أنْ كانَت ِ الحَجَّة ُ تحمِلـُنا ، حَمَلناها
أمُ محمودَ كانتْ دائما ً تُحَلِفُنا
إنْ رَحَلتْ ، نقرأ الفاتِحة َ كلما ذكرناها
ما كانتْ صَلاتُها إلا جُلوسا ً فتُعاتِبُ الزَمَنا
لِلعُمر ِِ حُقوقا ً يا حَجَّة ُ نكذِبْ إنْ نَكَرناها
حَجَرُ التيَمُم ِ تُودِعُهِ تَحتَ ديوانِنا
وغِطاءُ الصلاة ِ خَمسا ً في اليوم ِ يَلقاها
مَسبَحَتُها الخشبية ُ نهارا ً لا تعرفُ الوَهَنا
فإنْ غَفَتْ حَباتُها في السهرة ِ عَذَرناها
كان كُرسيُها في طرف ِ غُرفتِنا
ليسَ بعيدا ً عَنْ مِدفأة ٍ لها وَقدناها
تتحَدَّثُ بالسياسَةِ ، فتخلط ُ برمضان ٍ شعبانا ً
وتتحدثُ بالطـِّب ِ ، فتصِفُ الأسبرينَ لِكُل ِ مَرضاها
تُخَبأ ُ السَكاكِرَ في صُرَر ٍ ثمَ بها تُراضينا
والأدعِيَةُ حاضِرة ٌ على لِسانِها دومَ اكتَسَبناها
سَريرُها في المَهجَع ِ كانَ بجانب ِ أسِرَّتِنا
كانتْ تحسبُ فِراشَها خَيرُ مَنْ داواها
آلامُ الظـَهْـر ِ كانتْ لدُموعِها العَناوينا
سَهـِرتْ مِنها الليالي تَمزجُ بدُموعِها شَكواها
فإنْ طالَ الألمُ كانتْ باستِحياء ٍ تُصَّحينا
لِمُسكن ٍ أو شُربَةِ ماء ٍ لها حَملناها
حُبٌ بلا مُقابل ٍ على مَر ِّ السنين ِ وهَبَتنا
ما كانَ أملـُها في الحياة ِ إلا حياة ً سَعِدْناها
********
هُنا جَلسَ أبي بالحساب ِ يُساعدُنا
أبو عدنان َ ما تحدَّته ُ مسألة ٌ إلا و أرداها
وهناكَ روى لنا مِنْ سيرَتِهِ فألهَبَنا
شابَهَ أبطال َ الأساطير ِ التي قَرأناها
طالبا ً كَسَرَ يدَ إبن ِ مسؤول ٍ فأعجَبَنا
ورمى جُنودَ فرَنسا بالأحجار ِ فأدماها
و دَركِيا ً دعاه ُ صَديق ٌ أن بالجَيش ِ ساعِدنا
حُماة َ الديار ِ يَذودون َ عَنْ عَرينَها و حِماها
مُلازما ً نادَتهُ فِلِسْطينُ للدِفاع ِ عَنْ أمَّتِنا
فحَملَ سِلاحَه ُ إلى أرض ٍ قَدَّسْناها
و حاربَ حتى أ ُصيبَ في سَبيل ِ عِزَّتِنا
لا تلومُ الأوطان ُ فارسا ً مزجَ بدِمائهِ ثـَراها
عقيدا ً لقنَ إسرائيلَ دَرسا ً رَفعَ رأسنا
أشعَلَ الجَبهة َ نارا ً أحرَقَ المُعتدينَ لـَظاها
وعميدا ً ذَكَّرَها مَنْ هُوَ جَيشُنا
زرعَ ضِفافَ طـَبَريَّة ْ ألغاما ً حَصَدَتْ قتلاها
*********
أمي مِنْ أفضال ِ اللهِ عَلى أ ُسْرَتِنا
أمُ عَدنانَ ترجَح ُ و إنْ بـِذَهَب ِ الدُنيا وزَنـَّاها
إحدى يَدَّيْها مِنْ حديد ٍ ، بـِها قوَّمَتنا
والثانية ْ مِنْ حَرير ٍ ، نَغفوا كُلما لمَسْناها
بَينَ يَديها و بَين َ الزنبَق ِ نَسَب ٌ ، عِطرا ً و لونا ً
ما أكثرَ ما داعبتْنا بها و ما أكثرَ ما لثَمناها
أمامَ الناس ِ كانتْ بهدوء ٍ تُخاطِبُنا
فإنْ أسأنا فهمَ لِسانِها ، تَحسِمُ الأمرَ عَيناها
أمضَتْ نِصفَ عُمْرها في المطبخ ِ لتُطعِمَنا
نِصفَ عُمْرها جَعلته ُ وقفا ً لأفواه ٍ فتَحناها
و النصفُ الثاني ضاعَ بَينَ غَسيلنا و كَوينا
صورَتُها خلفَ طاولةِ الكَوي ِ بَعدُ ما نَسيناها
بالإبرَة ِ انحنتْ بالساعات ِ عَلى مَلابسَنا
و مع الصوف ِ سهرتْ على كنزات ٍ لبسْناها
تعبتْ مَعنا و خافتْ عَلينا و افتخَرتْ بنا
مُقَصِّرونَ معها و لوْ على رؤوسِنا وَضَعناها
رحلة ُ عُمْر ٍ إلى بَرِّ الأمان ِ فيها أوصَلتنا
بَرُّ الأمان ِ كان َ ثلاثُ غُرَب ٍ قَصَدناها
اعذُرينا يا أمي فـَلسْت ِ و لا البيتُ سَبَبَ غُربَتِنا
و ما تَنفَع ُ الأعذارُ وغير ُ الدُموع ِ لكُما ما تَرَكناها
**********
كَمْ رَفـَّتْ أعيُنُ الكاميرات ِ وهِيَّ تُصَورُنا
وانتهت ِ الصوَرُ في دَفاتِر ٍ هَمَلناها
وكَمْ زَرَعَت ِ الذاكرة ُ مَشاهدا ً مَرَّتْ بنا
بَعضُها ذَوى و بَعضُها تَغاوى ورودا ً رَويناها
الطـُفولـَة ُ في بَيت ِ أبي مَرَّتْ كأحلام ٍ حَلِمنا
لأيام ِ الطـُفولـَة ِ قيمَة ٌ حينَها ما عَرفناها
و لـَحِقَ بـِها الصِبا ثُمَ شَبابُنا
أيام ٌ لـَنْ تعودَ و لو دموعُ الدُنيا ذرفناها
كَمْ بَكينا و ضَحِكنا و كَمْ زَعِلنا و رَضينا
والحَياة ُ بَقيَتْ تَمضي عَلى ر ِضاها
*
طريف يوسف آغا
هيوستن / تكساس
رجب 1430 / تموز 2009