رسالة مفتوحة إلى السفير السوري في واشنطن

رسالة مفتوحة إلى السفير السوري في واشنطن

يوم عيد الشهداء في سورية، الجمعة 6 أيار 2011

السيد الدكتور عماد مصطفى، سفير الجمهورية العربية السورية في واشنطن؛

سلاماً وبعد

في ظل الأحداث الأليمة التي تمر بها سورية هذه الأيام، والدماء التي تراق على أراضيها من المدنيين العزل من كافة الأعمار، فأرجو أن تسمح لي أن أذكرك بأنك، وإلى جانب تمثيلك للحكومة السورية، فأنت أيضاً وقبل ذلك تمثل سورية الحضارة والتاريخ، وهي سورية التي وجدت قبل أن تكون هناك حكومات، والتي بقيت وستبقى بعد رحيل مختلف الحكومات، كما أنك تمثل ضميرك وأيضاً اسم أسرتك الذي تحمله.

وبناء عليه فأتمنى منك أن تؤدي واجبك الوطني والأخلاقي والمهني بارسال برقية فورية إلى السيد رئيس الجمهورية تطالبه فيها بالتدخل الشخصي لوقف حمام الدم وحماية المدنيين وضمان حقهم بالتظاهر السلمي وتلبية مطالبهم بالإصلاح وأيضاً بالحرية والكرامة.

السيد السفير؛ لقد عشتُ أيام حرب تشرين، وكنت وما أزال فخوراً بها كباقي السوريين والعرب، حتى أني تغنيت بها في أكثر من قصيدة من قصائدي الشعرية. وكسوري مغترب لأكثر من ربع قرن، فقد كنت أيضاً وما أزال فخوراً بالدور السوري الداعم للمقاومتين اللبنانية والفلسطينية، والذي ساعد على تحرير الجنوب وقطاع غزة، وقد سجلت ذلك أيضاً في أكثر من قصيدة شعرية. ثم كانت قصيدتي الملحمية (سورية تتحدث عن نفسها) والتي دعوتك وأركان السفارة لحضور أمسية إلقائها العام الماضي هنا في هيوستن. القصيدة التي تغنيت فيها بكل سورية من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، بالمدن والقرى، والجبال والوديان، بالتقاليد والحضارة، والتاريخ والأبطال. سورية الوطن الذي لم يبن مجده على كل هذا فقط، بل أيضاً على حرية أبنائه وكرامتهم، فمن دونهما لا يبقى لوطن ولا لشعب ما يستحق الحديث عنه.

ومن موقعي ككاتب وشاعر مهجري، ومن رؤيتي كشخص مستقل لا ينتمي لأي حزب سياسي أو ديني أو حتى ناد إجتماعي، أجد صعوبة في فهم مايجري في بلادنا. فحين يتحول الوطن إلى شركة خاصة تتحول فيها النخبة إلى أصحاب الملايين في حين أن سواد الشعب يتأرجح حول خط الفقر، فهذا ما يسمى في كافة القواميس واللغات والأعراف بالفساد. وحين يتظاهر الشعب احتجاجاً على ذلك ومطالباً في نفس الوقت بالحرية والكرامة فيطلق عليه الرصاص الحي ويداس بالأقدام ويجابه بالدبابات، فهذا ما يسمى وبنفس المعايير السابقة بالتنكيل. وهذا ما يدفعني إلى سؤال ربما احتجت مساعدتك للإجابة عليه: هل بإمكان أي حكومة أن تحارب العدو وتدعم المقاومة وتقف في طريق المؤامرات الخارجية من دون أن يستشري الفساد في بلدها وتحت أنظارها، ومن دون أن تحتاج للتنكيل بمواطنيها؟ فإذا كان هذا غير ممكن، فعلى أي حكومة أن لا تتفاجأ إذا صحت في يوم ووجدت نفسها في ساحة مواجهة، هي في جانب منها والشعب في الجانب الآخر.

اعذرني إن كنت لم أعر اهتماماً كافياً لأصول ولغة المراسلات الديبلوماسية في رسالتي هذه، فالصور المفزعة التي تردنا من الوطن والدماء التي نراها تنزف على أرضه وبلا حساب لم تعد تحتمل ذلك. ولا شك أنك توافقني بأن ما يحدث اليوم في وطننا وبعض الدول العربية، مؤهلٌ للإنتقال إلى دول اُخرى من العالم، وهو حدث يُعد وبكافة المقاييس نقطة انعطاف في تاريخ الانسانية. ومن حظ جيلنا أنه يقف شاهداً على هذا الحدثٌ الذي لاأراه يقل أهمية عن ثورة عبيد روما وعن الثورات الفرنسية والروسية والايرانية والتي مازالت دروسها وعبرها ماثلة حتى اليوم. ولكن هناك دائماً نخبة قليلة من الناس، والمثقفين منهم خاصة، لا تكتفي بدور الشاهد على الحدث، بل تمتلك الشجاعة الكافية لتحفر أسماءها على لائحة صانعيه، فتصبح بذلك مشعلاً للغير وقدوةً للآخرين. وها أنا وبكل تواضع أضم اسمي علناً إلى لائحة المطالبين بوقف حمام الدم هذا الذي يجري في وطننا، وأدعوك لأن تضم اسمك إليها وفي العلن أيضاً، مع كل من يؤمن بأن في سورية متسع لكل السوريين، وخاصة ممن ملوا انتظار الإصلاح وتحقيق الوعود، ويريدون أيضاً العيش بحرية وكرامة قبل كل شئ. فالمواطن الحر والكريم الذي لا يعاني من الفساد المستشري في بلده، هو مواطن سيكون أكثر فخراً وقدرة على محاربة العدو ودعم المقاومة وإفشال المؤامرات الخارجية.

فهل توافقني على ذلك؟

والسلام

***

طريف يوسف آغا

كاتب وشاعر سوري مغترب

هيوستن/ تكساس

جمعة (التحدي) 3 جماد الآخر/ 6 أيار، مايس 2011

http://sites.google.com/site/tarifspoetry