في نَعـيِّ الجامِـعةِ العَـرَبية

أصيبت الشعوب العربية عموماً والشعب السوري خصوصاً بالدهشة وهي ترى صمت جامعتها العتيدة اتجاه المجازر التي تجري في سورية أمام أعين العالم القريب والبعيد والعدو والصديق. حتى أن مجلس تلك الجامعة حذف ملف الشأن السوري من جدول أعماله قبل أيام لاعتباره شأناً داخلياً!

فكرت كثيراً في هذا الأمر، وألقيت نظرة عن قرب على الجامعة العربية، فأتت هذه القصيدة.

في نَعـيِّ الجامِـعةِ العَـرَبيةْ

تقبل التعازي من المحيط إلى الخليج

سَـألوني عـنِ الجامِـعةِ العَـربيةْ

مِـنْ كُـلِ مايَجـري في البِـلادْ ؟

فقـلتُ: لا يَـدومْ إلا الحَـي القَـيومْ

والمَـوتُ كـأسٌ على كُـلِ العِـبادْ

فسـألوني ومتى حدثَ هَـذا وهيَ التي

في الأمـسِ كـانت تُخـاطِبُ الأبنـاءَ والأحفـادْ ؟

فقـلتُ: هَـذا مَسـتحيلٌ فهيَ

ماتكـلَّمتْ في يومٍ لُغَـةَ الضـادْ

هيَ لا تَمِـتُّ للعَـربِ بصِلَـةٍ

كـانتْ دائِـماً في وادٍ وهُـمْ في وادْ

وهيَ مُـنذُ وِلادَتِـها صَمّـاءٌ بَكـماءْ

خُطِفَـتْ مِـنْ أهـلِها وغُـلِلَتْ بالأصـفادْ

ثمَ عَـلَّموها كيفَ تكـون عاهِـرةً

ووظَّفـوا لها، كَـبقيةِ العاهِـراتِ، قَـوّادْ

الرفيقُ مـاوْ كـانَ مِـنْ زبائنها، والعَـمُّ سـامْ

والـدِبُ الروسِـيُ كـانَ مِـنَ بقيةِ الجُـوّادْ

جَـلالةُ الملِكَـةِ جَعلتـها مِـنْ وصيفاتِـها

والديكُ الفرنسـيُ كـانَ واحِـداً مِـنَ الأسـيادْ

وأبناءُ إسرائيلَ كـانوا أيضاً مِـنْ حَولِـها

شُـركاءُ في الواقعِ، وليسَ كالظاهِـرِ أنـدادْ

الكُـلُ أدارَ أعمالَـها، ماعَـدا العربَ

ماعَـدا العربَ، الكُـلُ منها أفـادَ واسـتفادْ

***

باتَ قتـلُ الشُـعوبِ اليومَ شَـأناً داخِـلياً

لايَسـتحقُ حتى بيانـاً ولا إعـلانَ حِـدادْ

ولا إدراجـاً على جَـدولِ أعمـالٍ

ولا حتى الصَحوَ مِـنَ الرقـادْ

إلا لِـمَنْ أتَـتْ توصيةٌ بِشَـأنِهِ

أو بمَـنْ عَـنِ النَـصِ المكـتوبِ حـادْ

علَّموهـا أنْ تعشـقَ الدينـارَ والدولارْ

وأنْ تضعَ باقي مَشـاعِـرِها على الحِـيادْ

وأنْ لا تكـونَ أكـثرَ مِـنْ حائِـطِ مَبكـى

أنْ لا تكـون أكـثرَ مِـنْ جَمـادْ

علَّموهـا مِـنْ مَـوائدِ الآخرينَ أنْ تَقـتاتْ

وعلى العَيـشِ مَـعَ النكَـباتِ أنْ تَعـتادْ

وأنَّ الدِمـاءَ جِـزءٌ مِـنْ تُـراثِ أُمَّـتِنا!

فلا بأسَ إنْ جاملتْ سَـفاحاً أو صاحَبتْ جلادْ

وأنَّ المجازِرَ الجماعيَـةَ ليسَـتْ جَـرائِماً!

ولكِنَّهـا قَـدَرٌ كقَـدَرِ ثَمـودَ وعـادْ

وقالـوا لها ذاكِـري سِـيرَةَ العَـلقَميْ!

وانسـي أفعـالَ ابنِ زيـادْ!

وتذكري كَـمْ أضاءَ نيـرونُ التاريخَ!

وكَـمْ أضافَ هولاكـو إليهِ وزادْ!

***

ولمّـا سَـألوني كيفَ انتهتْ أيامُـها قلتُ:

دخلتْ في غيبوبةٍ يومَ ثارتْ أصايلُ الجيـادْ

فكـانتْ تشـهقُ حـيناً وتختنِـقُ أحيـاناً

والكـلامُ يُحـاولُ الخُـروجَ مِـنها، وكـادْ

كـانتِ الدمـوعُ تنـوبُ عَـنْ كَـلامِها

كـانَ في عينيها كَـثيرٌ للخُروجِ أرادْ

ولكـنْ ماسَـمِعتُ بعدَ ذلكَ سـوى الصمتَ

هلْ سَـمعتمْ بمنْ رحَـلَ عَـنِ الدنيا وعـادْ ؟

ما أنْ وقَـعَ بَصَرُهـا على أطـفالِ سـوريةَ

حتى ذرفتْ دمعةً، وأسْـلَمَتْ لِـرَبِ العِـبادْ

***

شعر: طريف يوسف آغا

هيوستن / تكساس

الجمعة 15 رجب 1432 / 17 حزيران 2011

http://sites.google.com/site/tarifspoetry