حَـماة، عَنقـاءُ العَـربْ

كتبت هذه القصيدة بعد اقتحام القوات السورية من جيش وأمن وشبيحة مدينة حماة التي شهدت ساحة العاصي فيها المظاهرات المليونية على مدى أسابيع، فأضحت المعقل الأقوى للثورة المطالبة باسقاط النظام الديكتاتوري. وهو الاقتحام الذي يعتقد المراقبون في الداخل والخارج، ومن أصدقاء النظام ومن معارضيه، بأنه الخطوة التي ستأتي على نهايته.

والعنقاء هو طائر اسطوري كلما مات، اشتعلت فيه النار ثم يخرج من تحت الرماد شاباً من جديد.

حَمـاة، عَنقـاءُ العَـرَبْ

مـدينة أبي الفِـداء

سَـألوها كيفَ عُـدتِ إلى الحيـاةِ

ونحـنُ الذينَ قَـتلناكِ مُـنذُ عُـقود؟

نحـنُ الذينَ بأيدينا هَـدَمناكِ

وأسـكتنا الأفواهَ وأبعدنا الشُـهود

وسَـوَّينا أحيائَـكِ بالأرضِ وردمناكِ

وجاوَزنا بالتنكيلِ بكِ كُلَ الحُـدود

وأعمَـلنا فيكِ المدافِعَ باسـمِ التَصَدي

وأشـعلنا فيكِ النارَ باسـمِ الصُمود

وتركناكِ جُثَّـةً هامِـدةً بِلا أنفاسٍ

فَعَلنا ما لمْ تَفعَلهُ ولا حتى اليَهود

فجَعلناكِ لبَـقيَةِ المُـدنِ دَرسـاً

ولِكُلِ مَـنْ يَتجرَّأ على سُـلطانِنا بالجُحـود

***

فقالتْ أنا العَنقـاءُ إنْ كنتمْ لاتعرفوني

أنا كابوسُ كُلِ طاغِـيَةٍ وعَـدوهُ اللَـدود

خرجتُ مِـنَ النارِ لأحرقكمْ بِـها

كَما أحرقتُ الظُلاّمَ في كلِ العُهـود

أنا مَهَـدُ الحَـمِّيةِ ومَصنعُ الرجالِ

لا يثنيني قتلٌ ولا تشتريني نقـود

أنا جارةُ العاصي، على الحُكـامِ عَصا

أنا فخـرُ الأحفـادِ ووِسـامُ الجُـدود

أنا حمـاةُ مِـنَ النواعيرِ تعرفوني

وتعرفوني كُلَّما أرسَـلَ الطُغاةُ الجُـنود

ما تركتُ واحِـداً منهـمْ علَيَّ يعتَـبُ

ما وَفَّـرتُ في قَـضِّ مَضاجِعِهمْ جُهـود

لا تنطلقُ ثَـورةٌ إلا وتمرُ مِـنْ عِنـدي

كلُ ثَـورةٍ تجِـدُ في أرضي الوَقـود

أنا مَـنْ وَقفتُ في السـاحاتِ وَحدي

حينَ كانَ الباقي نياماً أو قُعـود

لا تنقصني المُروءةُ ولا تلزمني الشَـجاعَةُ

كلُ نَـذلٍ وجبـانٍ لأهـلي حَسـود

لا أنحَـني لحـاكِمٍ ولا أركعُ لظالِـمٍ

ولغيرِ الخالِـق لا أتنازلُ بالسُـجود

إذا وقَفَـتْ الدُنيـا للقَهـرِ سَـداً فأنا

وَحدي في وَجهِ الطُغاةِ آلافُ السُـدود

مِـنْ سَـاحَةِ العاصي إلى دوّارِ النِسـرِ

تَعَهَدتُ بنُصرَةِ الوَطَـنِ ووَفَـيتُ بالعُهـود

وأنا مَـنْ سَـيقصمُ ظَهـرَ الوَحشِ

أنا مَـنْ سَـيمَرِّغُ أنفَ المُجـرمِ الحَـقود

سَـيكتبُ التاريخُ أني عُدتُ إلى الحَياةِ

لأُلـقي بقاتِـلي إلى حَيثِ لا يَعـود

***

شعر: طريف يوسف آغا

هيوستن / تكساس

(جمعة الله معنا) 5 رمضان 1432 / 5 آب، أوغست 2011

http://sites.google.com/site/tarifspoetry