السـادة الثـوار

كتبت هذه القصيدة منذ فترة ليست بالقصيرة، وفيها الكثير من الاحباط الممزوج بالسخرية من ممارسات الأنظمة الثورية العربية والتي أوصلت المواطن إلى حالة منالكوابيس والهلوسة.

واليوم وقد بدأت الثورات تنهال على رؤوس تلك الأنظمة، فقد رأيت أن الوقت مناسب لاعادة نشرها.

السـادَةُ الثُـوّارْ

هلوسـة ثـورية

السـادَةُ الثُـوّارْ

وما أدراكَ ما السـادَةُ الثُـوّارْ

بَردٌ وسَـلامٌ على أعدائِهِـمْ

وعلى شُـعوبهِـمْ حديـدٌ ونـارْ

يُحاربونَ العدوَ بالجرائدِ والمَسـيراتْ

ويُحاربونَ شَـعوبَهمْ بالمدافعِ والدباباتْ

كلُ خطاباتِهمْ تنسِـجُ

على نفـسِ المِنـوالْ

تبدأُ بتحيةِ ابنِ الشَـعبِ البـارْ

وتنتهي بإنما هي لثورةٌ حتى النصرْ

ومابيـنَ التحيَـةِ والنصـرِ

ما أقـلّ ما تسـمعْ

عنِ الغِذاءِ والدواءْ والرواتبِ والسَـكنْ

وماأكثرَ ماتسـمعْ

عنِ الشَـعبِ العظيـمْ والأبطـالِ المياميـنْ

والقيـادةِ الحكيمة والأحرارِ والثُـوارْ

***

السـادةُ الثُـوّارُ

إنْ كُنتَ تجهلهـمْ

فهمْ مجموعَـةٌ لاتعرفُ إلا الثَـورةْ

لكلِ سِـياسـةٍ عندهـمْ

ثَـورةٌ أقبَـحُ مِـنْ ذنبْ

فإنْ سَـرقوا الشَـعبَ

فلأنَهُـمْ وأحرارُ العالَـمِ

سَـيناضلونَ جنباً إلى جنبْ

وإنْ جوَّعـوا الشَـعبَ

فلأنَّ الشَـعبَ لنْ يركعَ للإمبرياليَـةْ

وإنْ ذبَحـوا الشَـعبَ

فلأنَّ الرجعيـةَ هيَ ربيبـةُ الصهيونيـةْ

وإنْ زجـوا بالشَـعبِ في السُـجونْ

فلأنَّ المُواطِـنَ الإنسـانَ

هوَ أغلى مافي الوجـودْ

كُـلُ مايفعلهُ السَـادةُ الثُـوّارُ

هوَ خيـرٌ لشَـعوبهمْ والإنسـانيةْ

ليسَ لهُ حـدودْ

***

عرينُ الثَـورةِ

إنْ كنتَ لاتعرفـهُ

ليسَ لهُ في الدنيا شَـبيهْ

إنْ فتحتَ المِذيـاعَ

يَصفعكَ صوتُ المُذيـعِ الثَـوريْ

وإنْ إنتقلتَ إلى التِلفـازِ

يَنطحُـكَ بَرنامَـجٌ جديـدٌ

عن إنجـازاتِ الثَـورةْ

إنْ كنتَ في مَقِـر ِ عملكَ

تَصطادكَ الاتهاماتُ الثَـوريةْ

وإنْ مَشـيتَ في الطريـق

تلاحقكَ النظراتُ والشَـتائمُ الثـائِرةْ

فإنْ ركبتَ السَـيارةَ

طاردتـكَ العناصِـرُ المُثَـوَّرةْ

وإنْ سـافرتَ بالطائِـرةْ

رافقتكَ الكوابيسُ الثَـورَجيةْ

الثَـورةُ بإختصارٍ هي قَـدرُ شَـعبنا

فإنْ أعجبتـهُ

فلأنَّهُ شَـعبٌ أصيلٌ ويعرفُ دَربَـهْ

وإنْ لمْ تعجبـهُ

فلأنَّ الإستعمار َ سَـمَمَ أفكارَهُ وقلبَـهْ

ولاتنسى حينئـذٍ كَـمْ هيَ

الهجمَـةُ شَـرسَـةْ يارفيـقْ

وكمْ تتطلبُ مِـنَ النِضـالِ

قيادةُ المرسـيدسْ... والجنسِ الرقيـقْ

وكَـمْ يتطلبُ مِـنَ الجُهـدِ

إحصـاءُ الرؤوسِ المقطوعـةْ

والدولاراتِ المدفوعـةْ

وعناصِـرِ المُرافقـةْ

على جانبي الطريـقْ

***

لشَـعبِنا مَعَ سـادتِهِ الثُـوّارْ

قِصّـةٌ تُـروى

وهيَ بلا شَـكٍ قِصّـةٌ

أغربُ مِـنَ الخيـالْ

فهو مازالَ يذكُـرُ

يومَ كانتْ بلادهُ خضـراءَ

ويومَ كانتْ تجـودُ عليـهِ

بالخيـراتِ والغِـلالْ

يومَ كانَ الآذانُ يقـولُ:

حَـيَّ على الصَـلاةِ

حَـيَّ على الفَـلاحْ

والكلُ يأكلُ رِزقَـهُ فيها بالحلالْ

يومَ كـانَ التهَـرُبُ

مِـنْ خِدمَـةِ علمِـها عيبـاً

والهِجـرةُ منها جريمـةْ

يومَ كانتْ تزخـرُ

بأشـرافِ الرجـالْ

لشـعبنا اليومَ معَ ثُـوّارهِ

قِصّـةٌ اُخـرى

أرضـهُ الخضـراءَ

جعلوهـا بحـراً مِـنَ الرمـالْ

وجعلوا خيراتِـها وقفـاً

لميزانيـةِ الجيـوبْ

فباتَ شَـرفٌ وأيُ شَـرفٍ

لمَـن بقيَ فيهـا

أنْ يكونَ خبيرَ إحتيـالْ

أنْ يكونَ تاجـراً شَـريكَ مسـؤولٍ

أو موظفـاً ذا رصيـدٍ

أو عنصُرَ أمـنٍ أو مُهَـلِلاً أو دلالْ

حتى الآذانُ جعلـوهُ يقـولْ:

حَـيَّ على الكِفـاحِ

حَـيَّ على النِضـالْ

جعـلوا حيـاةَ الانسـانْ

بلا زمـانٍ ولا مكـانْ

وهـوَ إما فاعِـلٌ

وإمـا مَـفعولٌ بـهِ

والمَصدرُ مِنْ فعـلِ يَغتـالْ

فباتتْ أمنيـةُ الأمـاني

أنْ يَشُـدَّ مِنها الرِحـالْ

***

عُـذراً منكم أيُها السـادَةُ الثُـوّارْ

فقد كفَـرَ بكم مَـنْ في الأرضِ

بعدَ أنْ كفرتمْ بمَـنْ في السَـماءْ

تخرجتمْ مِـنْ مَعاهِـدِ الجلاديـنَ

وختمتمْ عـلومَ الإذلالِ والريـاءْ

تفوقتـمْ بالإجرامِ على

هـولاكو والحجـاجْ

وتجاوزتـمْ بأعمالكـمْ

الحيـاءَ وقِلَّـةِ الحيـاءْ

جعلتـمْ النضالَ زادَ شَـعبنا

على الإفطـارِ والغـداءِ والعشـاءْ

ورفيـقَ دربـهِ الطويـلِ

داخلِ طوابيـرِ الجمعياتِ

في الصيفِ والشِـتاءْ

باتَ النضالُ موقفهُ المبدئي والثابتْ

وهوَ يملأ كُـلَ يومٍ تنكـاتِ المـاءْ

والنورُ الذي يهتدي بهِ وهـوَ

يشـعلُ الشُـموعَ مَـعَ

كـلِ صبـاحٍ ومسـاءْ

***

عُـذراً منكم مَـرّةً ثانيـةْ

أيها السـادَةُ الثُـوّارْ

فإنَّ ثورتكـمْ المُظفَـرةْ

قد أتتْ على الأخضرِ واليابسْ

وصادرتِ الفرحَ مِـنْ بيوتِ الناسْ

وجعلتْ مِـنَ الشَـعبِ فئتيـنِ:

مَحـبوسٌ وحـابـسْ

والجميـعُ إمـا مُخبِـرٌ

وإمـا مُخبَـرٌ عنـهُ

أو مَعبوسٌ في وجهِـهِ أو عابسْ

فصحَّرتِ القلوبَ وغذَّتِ الأحقـادَ

وسَـرقتِ الإبتسـامَةْ

منْ وجوهِ الأباءِ والأبناءِ والأحفـادْ

***

عُـذراً منكم مَـرّةً أخيـرةْ

أيها السَـادَةُ الثُـوّارْ

ولكنكمْ في سَـبيلِ الوحـدةِ

فرقتمُ الناسَ جماعاتٍ وفُـرادى

ومَنحـاً للحُريَـةِ

صـارَ لكُـلِ مواطِـنٍ

في سُـجونِكمْ وِسـادةْ

وتحقيقـاً للإشتراكيـةِ

فَـقُرَ الشَـعبُ

وامتلأتْ جيوبُ القيـادةْ

وتكريسـاً لمقولةِ إلى الأبـدِ

أعطيتمْ للمواطِـنِ خَيارَيـنِ

إما المُؤبَـدْ وإمـا الإبـادةْ

بإسـمِ الشَـرفِ والكرامَـة

سَـلبتمْ الناسَ الشَـرفَ والكرامَـةَ

والحريَـةَ والإرادةْ

وبهدفِ تحريـرِ الأرضِ

منعتمْ تحريـر َ الأرضِ بلا هَـوادةْ

وتحتَ شِـعارِ الشَـهادةِ أو النصـرِ

صادرتمُ النصـرَ ومنحتُـمُ الشَـهادةْ

فعظَّـمَ اللهُ أجرَكُـمْ

وشَـكَرَ اللهُ سَـعيَكُـمْ

وتُـقبلُ التعازي في الوطَـنِ الشَـهيدْ

***

شعر: طريف يوسف آغا

هيوستن / تكساس

جمعة (شهداء المهلة العربية) 23 ذي القعدة 1432 / 21 تشرين الأول، أوكتوبر2011

http://sites.google.com/site/tarifspoetry