يا أمَّ حَمـزة

هذه هي قصيدتي الثانية في رثاء الطفل العربي السوري حمزة الخطيب.

والطفل حمزة يبلغ من العمر 13 عاما وهو من بلدة الجيزة القريبة من مدينة درعا في منطقة حوران جنوب العاصمة السورية دمشق. وكان حمزة قد اعتقل يوم الجمعة 29 نيسان، إبريل 2011، وهي ماسميت بجمعة الغضب من أجل فك الحصار عن مدينة درعا الثائرة. وقد تم اعتقاله من قبل قوات الأمن أثناء محاولته إدخال الطعام إلى المحاصرين في المدينة. ثم أعادت تلك القوات جثمانه لأهله شهيداً بعد حوالي الشهر (يوم الأربعاء 25 نيسان) وهو في حالة تدل على تعرضه لتعذيب يفوق الوصف ويتجاوز أي تخيل إنساني. الجدير بالذكر أن أجهزة الأمن نفت أن يكون لها أي علاقة بالجريمة، كما سبق ونفت علاقتها بحادثة الدعس على أجساد المواطنين المقيدين في ساحة قرية (البيضا) حيث عادت واعترفت بها بعد ظهور الشهود.

من المتوقع أن يصبح الطفل حمزة الخطيب رمزاً للثورة السورية الحالية، ليوازي بذلك الشابين محمد البوعزيزي لثورة تونس وخالد سعيد لثورة مصر، ولكن أيضا الطفل الفلسطيني محمد الدرة الذي كان يبلغ من العمر 12 حين اغتاله الجنود الاسرائيليون بالرصاص في قطاع غزة عام 2000 أمام كاميرات الإعلام وهو يحتمي بوالده، فأصبح رمزاً للإنتفاضة الثانية.

يا أُمَّ حَمـزةَ

رسـالة إلى أم الطفل السـوري الشـهيد حمزة الخطيب

يا أُمَّ حَمـزةَ أبشِـري

فالشَـهيدُ في الجنةِ مثـواهْ

يا أُمَّ حَمـزةَ وصابري

فالشَـهيدُ اللهُ يَهـواهْ

هوَ عندهُ معَ النبيينَ

هوَ معهمْ في عالي سَـماهْ

والجبانُ الذي نهَـشَ لحمَهُ

سَـيكونُ عندَ الشَـعبِ دواهْ

وعَـدَ اللهُ القاتِـلَ بالقتلِ

سَـيشـرَبُ مِـنَ الكأسِ الذي لحَمـزةَ سَـقاهْ

***

فقـدانُ الضَنا يا أُمّـاهُ قاتِـلٌ

فكيفَ إذا التعذيبُ كَـواهْ؟

هلْ تسمحينَ أنْ أبكيَ معكِ عليهِ؟

هلْ تسـمحينَ أنْ أُناديـكِ يا أُمّـاهْ؟

هلْ تصفحينَ عنا ونحنُ الـذينَ

حاربنا بهِ الوحـشَ، ثمَ للوحـشِ تركـناهْ؟

هلْ تُسـامحينا يَوماً ونحنُ الـذينَ

أوصلناهُ إلى القبرِ الـذي طـواهْ؟

إبصقي علينا فقـد قتـلوهُ أمـامَ أعيننـا

وما فعلنـا أكـثرَ مِـنْ أننا دَفنّـاهْ

***

تِلكَ الصورُ بسـاديَتِها ماغيّـَرَتْ مَلامِحَـهُ

إلا لِمَـنْ لاتُجيـدُ النَظـرَ عَـيناهْ

والطفولَـةُ التي ظنـوا صادَروها مِـنْ وَجهِـهِ

ما زالـتْ على عَهـدِ هَـواهْ

فأنا ما زِلـتُ أرى الوردَتيـنِ على خَـدَّيهِ

وأرى عينينِ تُغـازلا مُسـتقبلاً جَفـاهْ

وشَـعراً أسـودَ يُقَـبِّلُ جَبينَهُ

وابتِسـامَةً بَريئـةً تُزَيـنُ مُحيّـاهْ

أرى ابتسـامَـةً تقولُ لجلاديهِ: هَـزَمتكُـمْ

وللإبتسـامةِ سِـرٌ كُـلُ طـاغيةٍ يَخشـاهْ

وإذا كـانَ للظُلـمِ اليومَ أربابٌ

فحمزةَ غداً سَـيصبحُ للعَـدلِ رمزهُ وأبـاهْ

***

لا لَـمْ يَخطِفهُ الموتُ ولا التعذيبُ ولكـنْ

هو خطفَ الشُـموخَ وأعـادهُ مِـنْ مَنفـاهْ

وكـانَ الوطَـنُ يبحثُ عـنْ فِـديَـةٍ

فوجَـدَ فيـهِ مَـنْ فَـداهْ

والرجولةُ حينَ ضلَّتْ طريقَ الرجالِ

وجدتـهُ ووجـدَ فيهـا مُبتغـاهْ

وسَـألتهُ الشـهادةُ أنْ يُرافِقَهـا

كانتْ على موعِـدٍ معـهُ لتَـلقاهْ

والشَـهامةُ كانتْ تحلَـمُ بفارسٍ

فما وجدتْ فارِسـاً سِـواهْ

لا يُرفعُ علـمُ الحُـريةِ بسـواعدِ الجُبنـاءِ

علـمُ الحُـريةِ ما أخطأَ حينَ انتقـاهْ

ونشـيدُ الكَـرامةِ لا تجيدهُ ألسِـنةٌ ذليـلةٌ

لِسـانُ حَمـزةَ كانَ خيـرَ مَـنْ تَـلاهْ

سـوريةُ بَعـدَ الثورةِ لَـنْ تكـونَ كَقبلِهـا

والعالَـمُ بَعَـدَ حَمـزةَ لَـنْ يَنسـاهْ

***

شعر: طريف يوسف آغا

هيوستن / تكساس

3 رجب 1432 / 5 حزيران 2011

http://sites.google.com/site/tarifspoetry