إنها الثـورة أيـها العـقيد

لم تكن ملكة فرنسا ماري انطوانيت تعلم أنها ستدخل التاريخ من خلال عبارتها الشهيرة (لماذا لايأكلون الكاتو؟) والتي قالتها إبان الثورة في نهاية القرن الثامن عشر تعليقا على ماقيل لها بأن الشعب لايجد الخبز. ولكن يبدو أن زوجها الملك لويس السادس عشر كان لديه حاسة سادسة بخصوص هذه العبارة، فأبى أن يترك أحداث الثورة تمر من دون أن تكون له عبارته التاريخية الخاصة به. وقد حدث هذا عندما استغرب أسباب غضب الشعب وتجمهره وتظاهره، فطلب من أحد نبلاء القصر أن يذهب ليستكشف الحقيقة. فلما عاد طرح عليه الملك العديد من الأسئلة مثل: هل هو احتجاج؟ هل هو إضراب؟ هل لديهم مطالبا يريدون تقديمها؟ وكان النبيل يهز رأسه بالنفي كل مرة، إلى أن سأله الملك: ومالأمر إذا ً؟ فقال النبيل بهدوء وثقة: (إنها الثورة يامولاي)

إنَّها الثَـورة ْ أيُـها العَـقيد ْ

بَـين َ الشَـعب ِ والطاغِـية ْ

بين َ الشَـعب ِ والطاغِـية ْ لاتـوجَـد ُ حُـلول ٌ وَسَــط ْ

لاحُـب ٌ ولاتَـفاهُـم ٌ ولاثَمَـر ْ

هُـو َ في واد ٍ والناس ُ في واد ْ

أصلاهُـم ْ نـارا ً ونَكَّـل َ بهِم ْ وقَهَـر ْ

فَـوَيل ٌ لِلشَـعب ِ مِـن َ الطاغِـية ْ

إذا الشَـعب ُ لِكَـرامَتِه ِ هَجَـر ْ

وإذا على التجـويع ِ نـام َ

وإذا على الضَيم ِ صَبَر ْ

كُـلَّما الشَــعب ُ في الذل ِ غَـرِق ْ

كُـلَّما تَـفَرعَـن َ الطاغية ْ عَـلَّيه ِ وفَجَـر ْ

ولَكِـن ْ وَيل ٌ لِلطاغـية ْ إذا دَقَـت ِ السـاعَة ُ

فسـار َ الشَـعب ُ إلَّيه ِ وانفجَـر ْ

وَيـل ٌ لَه ُ إذا الشَــعب ُ مِـن َ النَـوم ِ صَحا

وانتفض َ في وَجهِه ِ وزجَـر ْ

فإن ْ كـان َ لَـن ْ يَـرحَـل َ إلا بالدَم ِ

فالشَــعب ُ للفِـداء ِ في يَوم ٍ ماافتقَـر ْ

واحِـد ٌ مِنهُما سَــيُذكَـر ُ في الأخبار ِ غَـدا ً

أن ْ رَحَـل َ أو نُحِـر َ أو انتَحَـر ْ

***

هَـل ْ حَـقا ً يُصَدِق ُ الطاغِـيَة ْ أن َ الشَــعب َ يُصَدِقُـه ُ

كُـلَّما وقف َ وخَطَب َ ولِلتفاهات ِ نَشَــر ْ؟

هَـل ْ حَـقا ً يُصَدِق ُ أن َ الشَــعب َ يَفـديه ِ

بالروح ِ والدَم ِ والبَصَر ْ؟

لا يَهتِف ُ الشَــعب ُ لِلطاغِـية ْ

بَـل ِ لِسـِلاح ِ الحاشِــية ْ التي مِـن ْ حَـولِه ُ حَشَــر ْ!

هَـل ْ نَسـي َّ أنَّـه ُ دَفَع َ لِكُـل ِ مَـن ْ

صَفَـق َ لَـه ُ ومَـن ْ طَبَّـل َ وزَمَـر ْ؟

ولَـو ْ هي َ حَـقا ً رَغـبَة ُ الشَــعب ِ

لانهال َ عَـلَيه ِ بالأحذيَة ِ كالمَطَـر ْ!

هَـل ْ مازال َ يُصَدِق ُ أنَّـه ُ الراعي؟

وأن َ الشَــعب َ خَـليط ٌ مِـن َ الأغنام ِ والبَقَـر ْ؟

فإن ْ كـان َ حَـقا ً لايَـرى

كَـم ْ هُـو َ الشَــعب ُ غـارِق ٌ في الطَفَـر ْ!

فالشَــعب ُ يَـراه ُ مَع َ حاشِــيَتِه ِ

كَـم ْ هُـم ْ غـارقون َ في البَـطر ْ!

يَـراه ُ كَـيف َ يُـوَزع ُ الوَطَـن َ

بَين َ مَـن ْ غـاب َ مِـن ْ حاشِــيَتِه ِ ومَـن ْ حَضَر ْ!

سَــيأتي يَوم ٌ ويَـقَع ُ مَعَها

في الحُفَـر ِ التي لِلشَــعب ِ حَفَـر ْ

سـَـيقَع ُ مَهما طال َ الزمـان ُ

وتاه َ عَـنه ُ العَـدل ُ وأخطأَ رأسَــه ُ الحَجَـر ْ

عُـذرا ً أيُهـا الطاغِـيَة ْ فإن ْ آن َ الآوان ُ

فالشَــعب ُ سَــيُنَفِـذ ُ فيك َ حُكـم َ القَـدَر ْ

***

هَـذِه ِ أُسـرَة ٌ مَـن ْ يَسـمَع ُ بأخبارهـا

يَشُـك ُ بأنَّها مِـن ْ البَشَـر ْ

ومَـن ْ يَرى أفـرادَها

فكَـأنَّه ُ إلى عـالَـم ِ المافـيا قَـد ْ عَـبَر ْ

فَهَـذا هُـوَ الأخ ُ العَـقيد ُ الذي

إن ْ فَعَــل َ أجـرَم َ وإن ْ نَطَـق َ كَـفَـر ْ

وكِـتابُه ُ الأخضر ْ بان َ على حَـقيقَـتِه ِ

لَـون ُ الدِماء ِ على صَفحاتِه ِ ظهَـر ْ

والمُرتَـزِقـة ْ اللذين َ اشـتراهُـم ْ لِـذبح ِ شَـعبِه ِ

بأموال ِ الشَـعب ِ لِضَمائِـرِهِـم ْ سَــحَـر ْ

"مَجزَرَة ُ بو ســليم ْ" بَعـد ُ مانَسـيناها

نُـريد ُ أن ْ نَعـرف َ أين َ لِضَحاياها طَمَر ْ؟

وإن ْ ذَكَّـرَنا بِمجازر ِ غَـيره ِ مُعجَـبا ً

فاللعنَة ُ عَـليه ِ وعلى كُـل ِ مَـن ْ ذكَـر ْ

نُـريد ُ أن ْ نَـفتَح َ حِسـاباتِه ِ مَع َ الشَــعب ِ

كَـم ْ أخـفى وكَـم ْ أحـرَق َ وكَـم ْ قَـبَر ْ؟

وهَـذا هُـو َ ابنه ُ سَــيف ُ الاسـلام ِ الذي

ماتَـعَـثَّـر َ بِـه ِ الاسـلام ُ إلا مانَـدَر ْ!

قـال َ بأن َّ رَحـيلَهم ْ يَعـني أنهار َ الدَم ِ

لاعَجبْ، فلطالَما شَـرابَهُم ْ على الدِماء ِ اقـتصَر ْ

وابنه ُ الذي بحَـبل ِ الفَسـاد ِ اعتصَم ْ

أخجَـل َ الوَطن َ ولِلأخلاق ِ نَحَـر ْ

وليـس َ الباقي بأفضَل ِ حال ٍ

فهذا الأرعَـن ُ وذاك َ مَـن ْ بحاجَة ٍ لناقوس ِ خَطَر ْ

كُـلُ واحِـد ٍ مِنهم ْ عَـن ِ الفضيلَة ِ صام َ

وعلى ألـوان ِ البلطَجيَة ِ فطَـر ْ

كُـل ُ واحِـد ٍ مِـن ْ هكَـذا لصوص ٌ يَظُـن ُ

أنَّـه ُ مُختلِف ٌ وأنَّـه ُ قائِـد ُ شَـعبِه ِ المُنتظَـر ْ

إن ِ اختلَف َ اللصوص ُ فعلى القِسـمَة ِ

ولكِـن ْ يُجمَعون َ مَع َ القُـمامَة ِ في الحُـفَـر ْ

***

اعـذُرني ْ أيُها الأخ ُ العَـقيد ْ

إن ْ كـان َ أي ُ سـوء ٍ مني قَـد ْ بَدَر ْ

إنِّـها الثَـورَة ُ يامَـولاي ْ

لامَـزح َ فيهـا ولاهَـذَر ْ

ألَـم ْ تَتعَـلم ِ الدرس َ مِـن ْ جـارَيك ْ؟

اللذَيّـن ِ مـاج َ الشَـعب ُ فيهِمـا وهَـدَر ْ

شَـر ُ العابِـدين َ الذي هَـرَب ْ

والامُبـارك ْ الذي اختفى عَـن ِ النظَـر ْ

أنت َ أيضا ً أمر ُ خَـلعِك َ في الأمـس ِ

مِـن ْ شَـعبِك َ قَـد ْ صَدَر ْ

وأحـفاد ُ المُختار ِ في طَـريقِهِم ْ إليك َ

لِيأتوك َ بيقين ِ الخَـبَر ْ

المُختار ُ مَـن ْ كانت ْ آخِـر َ كَـلماتِه ِ

يَغيب ُ الجَلاد ُ ويُعَمِّـر ُ الشَـهيد ُ ســاطِعا ً كالقمَـر ْ

المُختار ُ الذي أهـان َ الغُـزاة َ في الأمـس ِ

يَعود ُ بوَجهِه ِ اليَوم َ لِيَـكون َ لك َ مَـن ْ دَحَـر ْ

***

شعر: طريف يوسف آغا

هيوستن / تكساس

22 ربيع الأول 1432 / 25 شباط (فيبراير) 2011