نحو إتقان الكتابة باللغة العربية (4)

القسم الرابع

41- المَعْقوف والمعكوف:

جاء في (المعجم الوسيط): ((عَقَفَ الشيءَ يَعْقِفُه عَقْفاً: حَناهُ ولَوَّاه. القوسان المعقوفان [ ])).

وأورد (الوسيط) الفعل (عَكَفَ)، وهو لازم ومتعد. ومن معانيه: عَكَفَ فلاناً عن حاجته: حَبَسَه عنها. وفي التنْزيل العزيز: {والهَدْيَ مَعكوفاً أنْ يَبْلغَ مَحِلَّه}.

أوردتُ هذه الملاحظة، لأن بعضهم يقول: (... المطبوع بين معكوفين)، والصواب: بين معقوفين، لأنه يريد هذين [ ].

42- أَنْ لا، ألاّ؛ يجب ألاّ، لا يجب أنْ…

إذا جاءت (لا) النافية بعد (أنْ) الناصبة للمضارع الذي يليها، كُتِبتا متصلتين وأُدغِمتا، نحو: قرَّر ألاّ يسافِرَ، وألاّ يغادرَ البيت ثلاثة أيام...

وإذا جاءت (لا) النافية بعد (أنْ) المخفَّفة من (أنَّ) الثقيلة، كُتِبتا منفصلتين خطّاً، ونُطِق بهما مُدْغَمتين لفظاً، إدغاماً بلا غُنَّة، نحو: ((أشهد أنْ لا إله إلا الله)).

إذا أراد المتكلم (أو الكاتب) إلى بيان وجوب ما يَنهى عنه، قال: (يجب ألاّ…) نحو: يجب ألاَّ تكذبَ، وألاّ تُنافِقَ، وألاّ تتقاعَسَ عن إتقان لغة قومك، وألاّ تقلّدَ الأجانب في كل شيء.

وإذا أراد المتكلم إلى بيان عدم وجوب ما يتحدث عنه، قال: (لا يجب أن؛ لا يجب كذا). وهذا يعني أن ما يتحدث عنه جائز (مسموح به)، لكنه غير واجب، نحو:

لا يجب على المثقَّف أن يتقن أكثر من ثلاث لُغات أجنبية...

لا يجب على الطفل أن يصوم رمضان...

43- بعض

جاء في (المعجم الوسيط):

((بعضُ الشيءِ: طائفةٌ منه قَلَّتْ أو كَثُرت)).

((بعَضَ الشيءَ يَبْعَضُه بَعْضاً: جَعَلَه أقساماً)).

((بَعَّضَ الشيءَ: جَزَّأه؛ تَبَعَّض الشيءُ: تَجَزَّأ)).

وفي التنْزيل العزيز:

{قال لبِثتُ يوماً أو بَعْضَ يوم}.

{… أَفَتُؤمِنون ببعضِ الكتابِ وتكفرون ببعض}.

{ورَفَعَ بعضَكم فوق بعضٍ درجات}.

{تلك الرُّسُل فَضَّلْنا بعضَهم على بعض}.

{وإذا خلا بعضُهم إلى بعض}.

{ولا تَجَسَّسُوا ولا يَغْتَب بعضُكم بعضاً}.

وجاء في (لسان العرب/رأس): ((وَلَدَتْ وَلَدَها على رأسٍ واحد: أي بعضُهم في إثْرِ بعض)).

وقال أبو البقاء (صاحب الكليات 2/328، 342):

• ((تستعمل هذه الألفاظُ بعضُها مكان بعض)).

• ((لأن جَمْعَ الأشياءِ إدناءُ بعضِها من بعض)).

وقد اختلف النحاة في دخول الألف واللام على ((بعض))، فأجازه بعضُهم، وبعضُهم أنكره! وقد استعمل الجاحظ وابن المقفع كلمة (البعض). قال الجاحظ: ((هذا فَرْقُ ما بين مَنْ بُعِث إلى البعض، ومَن بُعث إلى الجميع)).

ويخطئ كثيرون في استعمال كلمة (بعض):

والصواب

• انضم بعضُهم إلى بعض

• شك بعضُ المدعوّين في بعض

أو: شك المدعوون بعضُهم في بعض

• سأل الناسُ بعضُهم بعضاً

• غضب بعضُهم من بعض

• لطباعة بعضِها بجوار بعض

أو: لطباعتها بعضِها بجوار بعض

• ليطبعها مفصولاً بعضُها عن بعض

• أقواسٌ متداخلٌ بعضُها في بعض

• نستخدم حرفي (سطر جديد)، أحدهما خَلْف الآخر

• … يدور أحدهما حول الآخر

فيقولون

• انضموا إلى بعضهم البعض

• شكَّ المدعوون ببعضهم البعض

• سأل الناسُ بعضَهم البعض

• غضبوا من بعضهم البعض

• لطباعتها بجوار بعضها البعض

• ليطبعها مفصولةً عن بعضها البعض

• أقواس متداخلةٌ ضمن بعضها البعض

• نستخدم حَرْفي ((سطر جديد)) خلف بعضهما البعض

• جِرْمان سماويان يدوران حول بعضهما

44- (مُذَبَّب) لا (مُدَبَّب) - مُؤَسَّل

جاء في (لسان العرب):

1 - ((أَنْفُ الناب: طَرَفُهُ حين يَطْلع

2 - طَرَفُ كلِّ شيء: مُنْتهاه

قال بشار بن برد:

ألا أيها السائلي جاهداً لِيعرفَني، أنا أَنْف الكرم

3 - المُؤَنَّف: المُحدَّد من كل شيء)).

ويستعمل كثيرون كلمة (مُدبَّب) بمعنى المُؤَنَّف، أي المحدَّد (الحادّ) الطَرَف! مع أن: (دَبَّبَه: جَعَلَه يَدِبُّ)، أي: يمشي مَشْياً رويداً. كما جاء في (المعجم الوسيط).

وأرى أن الاستعمال الشائع لكلمة (مُدبَّب) بمعنى (المؤنَّف) خطأٌ نشأ عن تصحيف كلمة (مُذَبَّب)، ولم أُصادِف تنبيهاً على هذا الخطأ!

جاء في (اللسان):

1 - ((ذُباب السَّيْف: حَدُّ طَرَفِه الذي بين شَفْرَتَيْه [بعض السيوف له شفرة واحدة، ولبعضها شفرتان]؛ وما حوله من حَدَّيْه: ظُبَتَاه؛ وقيل: ذُباب السيف: طَرَفُه المتَطَرِّف الذي يُضرب به، وقيل حَدُّه.

2 - ظُبَةُ السَّهْم: طَرَفُه. وظُبة السيف: حَدُّه، وهو ما يلي طرف السيف. ومثلُه: ذُبابُه.

3 - وفي الحديث: رأيتُ ذُبابَ سيفي كُسِر، فَأَوَّلْتُه أن يصاب رجلٌ من أهل بيتي، فقُتل حمزة.

4 - ذُبابُ أسنانِ الإِبِل: حَدُّها. والذُّباب من أُذُنِ الإنسان والفَرَس: ما حَدَّ من طرفها)).

ذُباب السيف إذن هو موضعُ التقاءِ شفرتيه، طَرَفُه، مُنْتهاه؛ وهو القطعة التي ذكر الحديث السابق أنها كُسِرت.

وكل ما له ذُباب، أي طَرَفٌ حادّ، فهو مُذَبَّب.

جاء في (المعجم الوسيط):

1 - الرَّخَمُ: طائر غزير الريش، …، وله جناحٌ طويلٌ مُذَبَّب.

2 - الزُّرْزور: طائر…، وجناحاه طويلان مُذَبَّبان.

3 - الشوكة: أداةٌ ذات أصابع دقيقة مُذَبَّبة كالشوكة، يُتناول بها بعض الطعام.

4 - القَدَمَة: مقياس من المعدن، ثُبّت فيه سِنّان مُذَبَّبتان، إحداهما ثابتة والأخرى متحركة تقاس به الأطوال. (وهو ما نسمّيه في سورية: القَدم القَنَويَّة Pied à coulisse).

5 - القَرَّاع: طائر…وريشات ذيله كَزَّة مُذَبَّبة تساعده في الارتكاز

على الأشجار…

6 - النِّسْر: طائر من الجوارح … وله منقار معقوف مُذَبَّب ذو جوانب مُزوَّدة بقواطع حادّة.

وشبيهٌ بـ (المُذَبَّبِ) (المُؤَسَّلُ)؛ فقد جاء في معاجم اللغة (اللسان، متن اللغة، الوسيط):

الأَسَلَة: طَرَفُ الشيءِ المُسْتَدقُّ. ومنه أسلة النَّصْل أي مُسْتَدَقُّه.

والأسلة: طرف اللسان وطرف السِّنان (أي طرف نَصْل الرمح).

والمؤَسَّل: المُحَدَّد من كل شيء (أي ما له طَرَفٌ حادّ).

45- أَمَّنَ يُؤَمِّنُ - تأمين

جاء في (المعجم الوسيط):

• ((أَمَّن (يؤمِّن تأميناً) فلاناً: جَعَلَه في أَمْنٍ.

• أَمَّن فلاناً على كذا: أَمِنَهُ عليه؛ وَثِق به واطمأن إليه، أو جَعَلَه أَميناً عليه.

• أمَّن على الشيء [لدى شركة التأمين]: دَفَعَ مالاً مُنَجَّماً [أي على أقساط] ليَنالَ هو أو ورثته قَدْراً من المال متفقاً عليه، أو تعويضاً عمّا فَقَد. يقال: أَمَّن على حياته، أو على داره أو سيارته…

• أَمَّن على دعائه: قال آمين)).

وعلى هذا يمكن القول:

• تأمين السلاح: وَضْعُ مسمار الأمان في وضعٍ يجعل السلاح مأموناً.

• تأمين استخدام المبيدات الحَشَرِية: أي جَعْلُ استخدامها مأموناً (لا يقتل الحيوانات مثلاً).

• يؤمِّن شرطي المرور عبورَ التلاميذ للشارع (يجعله مأموناً).

• كان هدف هذا البحث العلمي: توفير الدم النظيف، وتأمين عملية نَقْلِه، ليكونَ عوناً حقيقياً للمرضى، فلا يضيف إلى ما ابتلوا به بلاءً أفدح (إيدز مثلاً).

وكثيراً ما يكون استعمال كلمة (تأمين) غير سليم. وفي هذه الحالات من الأسلم والأصوب استعمال ما يناسب السياق من الكلمات الآتية:

تزويد، تحقيق، توفير، إتاحة، إعداد، تهيئة، الحصول على، تجهيز، بحيث يمكن، تحضير، تدبير…

والأصوب

• لتوفير الراحة للمصطافين

• يرجى تزويد حاسوب الإدارة بمايلي:

• قبل البدء بالتجارب يجب توفير الأجهزة اللازمة

• ذهب لإحضار/ للإتيان بـ/ لإعداد/ للتزود بمستلزمات الرحلة

• لتحقيق سِرّية الاتصالات

• المواصلات إلى مكان الاحتفال متوفِّرة

فيقول بعضهم

• لتأمين راحة المصطافين

• يُرجى تأمين ما يلي لحاسوب الإدارة:

• قبل البدء بالتجارب يجب تأمين الأجهزة اللازمة

• ذَهَبَ لتأمين مستلزمات الرحلة

• لتأمين سِرِّيَّة الاتصالات

• المواصلات إلى مكان الاحتفال مؤمَّنة

46- وَفَرَ؛ وَفَّر؛ تَوَفَّر؛ توافر

جاء في معاجم اللغة وكتبها:

أ- وَفَرَ الشيءُ يَفِرُ وَفْراً و وُفُوراً: كَثُر واتسع فهو وافر (واسم التفضيل أوفر؛ يقال: فلانٌ أوفرُ من فلانٍ حظاً في النجاح).

فالوَفْر مصدرٌ بمعنى الكثرة والاتساع، كالوفرة. ويوصف به فيقال: مالٌ وَفْرٌ ومتاعٌ وَفْرٌ: أي كثير واسع، كالوافر (ومن المولَّد: الوفير بمعنى الوافر‍(

والوَفْر: الغنى. [تستعمل العامة (الوفر) بمعنى ما اقتُصد، ما أمكن استبقاؤه وعدم إنفاقِه/ استهلاكه. ونرى أنْ لا أثَرَ لهذا المعنى في اللغة].

قال الجاحظ (البخلاء/ 264): ((… ومَن كان سبباً لذهاب وَفْرِه، لم تعدَمْه الحَسْرةُ من نفسه، واللائمة من غيره، وقلّة الرحمة وكثرة الشماتة)). [وَفْرِه = سَعَتِه].

أما الموفور (=الوافر) فهو التام من كل شيء. يقال: أتمنى لكم موفور الصحة.

ب- وَفَّرَ الشيءَ توفيراً: كَثَّره.

وَفَّر لفلانٍ طعامه: كَمَّلَه ولم يَنْقُصْه وجَعَلَه وافراً.

وفَّر له الشيءَ توفيراً: إذا أَتَمَّه ولم يَنْقُصه.

جاء في (محيط المحيط): ((والعامة تستعمل (التوفير) في النفقة بمعنى التقتير، وضد الإسراف)). أقول: بل الشائع لدى العامة الآن هو استعمال (التوفير) بمعنى الاقتصاد في النفقة واختصارها (لا التقتير). ويمكن توجيه هذا الاستعمال، باعتبار أن الاقتصاد في النفقة يُوفِّر (يُكثِّر) الباقي في حوزة المنفِق…

ويمكن تخريج التسمية (صندوق توفير البريد) على اعتبار أن الأصل هو (صندوق التوفير البريدي)، لأن الادخار في (مؤسسة البريد) يؤدي إلى توفير المال المدَّخر، أي تكثيره.

قال الجاحظ (البخلاء/22): ((… فلمّا صِرْتُ إلى تفريق أجزائه على الأعضاء [الضمير عائد لماء الوضوء] وإلى التوفير عليها من وظيفة الماء [أي التكثير والإسباغ] وجدتُ في الأعضاء على الماء فضلاً [أي وجد أعضاءً لا ماء لها] فعَلِمتُ أنْ لو كنتُ مَكَّنْتُ الاقتصادَ في أوائله…))

وقال (ص 22) في خطاب إلى بخيل: ((... وإن إطنابَك في وصف الترويج والتثمير وحُسْن التعهد والتوفير [أي التكثير] دليلٌ على خبيء سوء، وشاهدٌ على عيبٍ ودَبَر [أي انتهاء الأمر إلى فساد])).

وقال (ص 223): ((... إلا أنّ المُنْفِق قد ربح المَحْمَدة، وتَمتّع بالنعمة، ولم يُعَطِّل المقدرة، ووَفَّى كلَّ خصلة من هذه حقَّها، ووَفَّرَ عليها نصيبَها [أي أعطاها نصيبها كاملاً فاستوفته] والمُمْسِكُ مُعذَّبٌ بحَصْر نفْسِه، وبالكَدِّ لغيره...))

وعلى هذا يمكن القول: توفير الخدمات/ المعلومات/ المال اللازم للمشروع...

ج تَوَفَّر الشيءُ (مطاوع وَفَّر): إذا تَحَصَّل دون نقص.

ومن المجاز: توفَّر على كذا: صرف هِمَّته إليه. تَوَفَّر على صاحبه: رَعَى حُرُماتِه وبَرَّه. ( ((وأرجو مخلصاً أن يتوفر المؤتمر على حلّ هذه المشكلة)). الكلام موجَّه إلى مؤتمر مجمع القاهرة).

حكى صاحب الأغاني قَوْلَ بشّار: ((إن عدم النظر يُقوِّي ذكاء القلب، ويقطعُ عنه الشغل بما ينظر إليه من أشياء، فيَتَوفَّر حِسُّه)).

وقال المرتضى في أماليه: ((فيتَوفَّرُ اللبنُ على الحَلْب)).

وقال أبو علي المرزوقي في شرح الحماسة: ((وإن العناية متوفّرة من جهتهم)).

وقال أبو حيّان التوحيدي في مُقابساته: ((ولهذا لا تتوفَّر القُوَّتان للإنسان الواحد)).

وبهذا يستبين أن: (تَوَفَّر الشيءُ) يعني وَفَرَ وتَجَمَّع.

لذا يمكن القول: عند تَوفُّر الشروط؛ تَوَفَّر فيه الذكاء/ المؤهلات/ الشروط المطلوبة...

د- تَوافَرَ الشيءُ: تَوَافُراً: كَثُر واتسع فهو وافر.

جاء في معجم (متن اللغة): ((وهُم متوافرون: هُم كثير، أو فيهم كَثْرة، متكاثرون))

ونلاحظ الفرق بين (توفَّر) و(توافَر). كما نلاحظ في الأقوال (الشواهد) الأربعة التي أوردناها في الفقرة ج، مجيءَ (تَوَفَّر) لا (توافَرَ)!

وفيما يلي نماذج من استعمالات جانَبَها التوفيق:

والأفضل

• وفي هذا اقتصاد في الوقت والمال/ وهذا يقتصد في الوقت والمال.

• ... وهذا يختصر الجهد (أي: يحذف الفضول منه).

• وبفضل… أمكن كسْبُ مبلغ… (كسِبَ: ربح)

• كان همه أن يدّخر/ يستبقي/ يستفضل/ أكبر قدر من دخله.

• وهذا الأمر أعفاه من/ أسقط عنه/ أتاح له اختصار/ نفقاتٍ كثيرة.

• هذا المحرك اقتصادي/ يستهلك القليل من الوقود/ يخفض استهلاك الوقود كثيراً.

• هذه المادة اقتصادية أكثر من تلك/ تقتضي نفقةً أقلّ.

• وبفضل… صارت نسبة/ خفْض/ إنقاص/ الإقلال من استهلاك الوقود 30 بالمئة

• … صار الكسْب في الوقود 30 بالمئة مما كان يُستهلك.

• … صار يمكن اقتصاد 30 بالمئة من الوقود الذي كان يُستهلك.

• … انخفض استهلاك الوقود بنسبة 30 بالمئة

• استطاع أن يقتصد/ يدّخر هذا المبلغ الضخم في سنة واحدة

• لإتاحة التحليل الإحصائي لكذا…/ بحيث يمكن تحليل كذا إحصائياً…

• وبهذا استطاع أن يقتصد مبلغ…

• وبهذا استطاع أن يختصر من النفقات مبلغ…

• وبهذا كَسِب بخفض النفقة مبلغ…

يقول بعضُهم

• … وهذا يوفّر الوقتَ والمال

• … وهذا يوفّر الجهد

• وبفضل هذا التعديل في العقد أمكن توفير مبلغ ضخم.

• كان همّه أن يوفر أكبر قدْرٍ من دخله.

• … وهذا الأمر وفّر عليه مصروفات كثيرة.

• هذا المحرك يوفر الكثير من الوقود

• هذه المادة أوفر من تلك (بمعنى أرخص ‍)

• وبفضل ترشيد استهلاك الطاقة صارت نسبة الوفر في الوقود 30 بالمئة

• استطاع أن يوفر هذا المبلغ الضخم في سنة واحدة

• لتوفير إمكان التحليل الإحصائي لِكذا…

• … وبهذا استطاع توفير مبلغ مليون ل.س.

47- في اسم التفضيل والخطأ في استعماله

أولاً- وزنه: لاسم التفضيل وزن واحد، وهو (أَفْعَل) ومؤنثه (فُعْلَى) كأَحْسَن وحُسْنى، وأفضل وفُضلى.

ثانياً- تثنيته: يثنّى (أفعل) على (أَفْعَلان/ أَفْعَلَيْن)، نحو: أَعْظمان/ أعظَمَيْن.

وتثنَّى (فُعلى) على (فُعْلَيَان/ فُعْلَيَيْن)، نحو: حُسْنيان/ حُسْنَيَيْن.

ثالثاً- جَمْعه: يُجمع (أفعل) للعاقل جمعَ تصحيح على (أفْعَلُون/ أفْعَلِيْن) أو جمعَ تكسير على (أفاعل)، نحو: أفضَلُون/ أفْضَليْن؛ أفَاضل.

وتُجمع: (فُعْلى) على (فُعْلَيَات)، نحو: فُضْلَيَات، حُسْنَيَات.

ويرى بعض النحاة أن تأنيث أفعل التفضيل المحلَّى بأل (أي: الأفعل) على (الفُعْلى)، وجمعَه على (الأفاعل) مقصور على السماع، ويرى آخرون أن ذلك قياسي. وقد قرر مجمع اللغة العربية بالقاهرة سنة 1967 جواز جمع (الأفعل) على (الأفاعل) وتأنيثه على (الفُعْلى)، ويلحق به في ذلك المضافُ إلى معرفة، نحو: يا أيها الأفاضلُ؛ يا أفاضلَ الناس.

رابعاً- صَوْغُه: يصاغ اسم التفضيل من الفعل الثلاثي القابل للتفضيل، غير الدّال على عيب (عَوِرَ) أو حِلْيةٍ (كَحِلَ)، فلا يقال: هذا أعورُ من هذا، ولا أكحل منه.

وهناك أقوال مسموعة شاذة، لا يُقاس عليها!

وإذا أريدَ صوغه مما لم يَسْتَوْف الشروط المذكورة، يؤتى بمصدره منصوباً بعد (أشدَّ) أو (أكثر) أو نحوهما. تقول: هو أشد إيماناً، وأبلغ عوراً، وأوفر كحلاً…

ملاحظة: قد يُستعمل اسم التفضيل عارياً عن معنى التفضيل، كقولك: (أكرمتُ القومَ أصغَرهم وأكبَرهم) تريد: صغيرَهم وكبيرَهم.

وكقول العروضيين (فاصلة صغرى، وفاصلة كبرى)، أي صغيرة وكبيرة.

وكما نقول الآن: (دولة عظمى) أي عظيمة، و(دراسات عليا) أي عالية…

خامساً- أحواله وأحكامه: لاسم التفضيل أربع حالات:

أ - تَجرُّدُه من (أل) والإضافة:

في هذه الحالة، لا بد من إفراده وتذكيره مهما يكن المُفَضَّل، وأن تتصل به (مِنْ) الجارَّة للمفضل عليه. تقول:

خالد أفضلُ من سعيد؛ هذان أفضلُ من هذا؛ المجاهدون أفضلُ من القاعدين.

سلمى أفضلُ من ليلى؛ هاتان أفضلُ من هذه/ هاتين؛ المتعلمات أفضلُ من الجاهلات. وقد تكون ((مِن)) مقدَّرة. وقد اجتمع إثباتها وحذفها في التنْزيل العزيز: {أنا أكثرُ منك مالاً وأعزُّ نفراً}.

ب - اقترانه بأل:

في هذه الحالة يمتنع وصله بـ (مِن)، فلا يقال: فلانٌ الأفضل من فلان!، ويجب مطابقته للمعرفة [اسماً كانت أو ضميراً] التي قبله تذكيراً وتأنيثاً وعدداً (أي من حيث الإفراد والتثنية والجمع). تقول:

هو الأفضل، وهما الأفضلان، وهم الأفضلون.

وهي الفُضْلى، وهما (الفتاتان) الفُضْلَيَان، وهنّ الفُضلَيَات.

وفي التنْزيل العزيز:

{سَبَّحِ اسمَ ربك الأعلى}.

{اقرأ وربك الأكرم}.

{وجَعَلَ كلمة الذين كفروا السفلى، وكلمةُ الله هي العليا}.

{وكلاً وَعَدَ الله الحُسْنى} أي العاقبة الحسنى (الجنة).

{قل هل تَرَبَّصُون بنا إلا إحدى الحُسْنَيَيْن}.

ويسترعي الانتباه التركيب القرآني الآتي:

{اِدفع بالتي هي أحسن} أي بالخصلة التي هي أحسن (كدفع الجهل بالحلم)

{إن هذا القرآن يهدي لِلَّتي هي أَقْوَمُ} أي للطريقة التي هي أعْدل وأصْوب.

ولما كان كل جَمْع مؤنثاً (ما عدا جمع المذكر السالم) وجب تأنيث اسم التفضيل العائد إليه. ولكن إذا كان الجمع لغير العاقل، جاز في اسم التفضيل الإفراد والجمع. تقول:

هؤلاء الفتيات هنّ الصغريات.

هذه/ هؤلاء الأشجار هي الكبرى/ الكُبْرَيَات.

هذه المباني/ الحدائق هي الكبرى/ الكبريات (ولا يجوز: هي الأكبر!!!).

شاهَدْنا المباني/ الحدائق الكبرى. (ويمكن أداء هذا المعنى بتغيير التركيب واستعمال اسم التفضيل المجرد من (أل): شاهدنا أكبرَ المباني/ الحدائق).

وفيما يلي نماذجُ من أفصحِ الكلام وهو التنْزيل العزيز:

{ولا تَهِنُوا ولا تَحْزنوا وأنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كنتم مُؤْمنين}.

{أنتمُ وآباؤُكم الأَقْدمون}.

{وأَنْذِرْ عَشيرتك الأَقْربين}.

{قالوا أَنُؤْمِنُ لَكَ واتَّبعَك الأَرْذَلون}.

{لا جَرَمَ أنهم في الآخِرة هُمُ الأَخْسرون}.

{قل هل نُنَبِّئُكُم بالأخْسرين أعمالاً}.

وجاء في (نهج البلاغة) من كلام الإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه (ص 497):

… أولئك - والله - الأَقَلُّون عدداً، والأعظمون عند الله قدْراً.

وقال الشاعر:

آلُ الزُّبَيْرِ سَنَامُ المجد قد عَلِمتْ ذاكَ العَشيرةُ والأَثْرَوْنَ مَنْ عَدَداْ

(الأثْرون: الأكثرون ثَراءً، جمع الأَثْرَى، وهو اسم تفضيل من ثَرِيَ)

ج – إضافته إلى نكرة:

في هذه الحالة يمتنع وصْله بـ (مِن)، ويجب إفراده وتذكيره. تقول:

خالد أفضلُ قائد؛ هذان أفضلُ رجُلين؛ المجاهدون أفضلُ رجال.

الخنساء أفضلُ شاعرة؛ هاتان أفضلُ امرأتين؛ المتعلمات أفضلُ نساء.

د- إضافته إلى معرفة:

في هذه الحالة يمتنع وصله بـ (من)، فلا يقال: فلان أفضلُ القوم من فلان، ويجوز فيه وجهان:

الأول: إفراده وتذكيره، كالمضاف إلى نكرة، نحو: هم أفضل الناس.

{ولَتَجِدَنَّهُم أحرصَ الناسِ على حياة}.

الثاني: مطابقته لما قَبْله، كالمقترن بأل، نحو: هم أفضلو الناس.

{وما نرَاك اتَّبَعَك إلا الذين هم أَراذِلُنا بادِيَ الرأي}.

وقد اجتمع الوجهان في الحديث الشريف: ((ألا أُخبركم بأَحبِّكُم إليّ وأَقْربِكُم مني مجالسَ يوم القيامة، أحاسِنُكُم أخلاقاً، المُوَطَّؤون أكْنافاً، الذين يأْلَفُون ويُؤْلَفُون)).

المعنى: ألا أخبركم بالذين هم أَحَبُّكم…

(أَحَبّ وأَقْرب وأَحاسِن: أسماء تفضيل مضافة إلى معارف).

سادساً- صَرْفُه ومَنْعُه من الصَّرْف:

من المعلوم أن الاسم (والصِفة) على وزن (أَفْعَل) يُمنع من الصرف (أي يمنع من التنوين ويُجرّ بالفتحة نيابة عن الكسرة). يقال: الجمل ينفع سكان الصحراء في أكثَرَ من وجه.

وفي التنْزيل العزيز: {وإذا حُيِّيتُم بتحيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحسَنَ منها أو رُدُّوها}.

ويقال: هذا التركيب أَفْصَحُ من ذاك.

ويقال: كان خالدٌ رجلاً عظيماً أمْجَدَ.

ولكن الاسم (والصفة) وِزان (أفعل) يُجرُّ بالكسرة على الأصل في حالتين:

الأولى: إذا اقترن بأل، نحو: تحدثتُ إلى الرجلِ الأمجدِ خالد.

الثانية: إذا أضيف إلى اسم بعده، نحو:

{لقد خَلقْنا الإنسانَ في أحسَنِ تَقْويم}.

{أليس اللهُ بأحْكَمِ الحاكمين}.

سابعاً- وفيما يلي قائمة ببعض أسماء التفضيل، المسموعة والمقيسة، وللقارئ - بناء على قرار مجمع القاهرة - أن يقيس عليها فيملأ الفراغات في القائمة، أو يشتق غيرها من أسماء التفضيل.

(1) حذفت الألف لالتقاء الساكنين (الأصل: الأعْلاَوْن - الأعلَون).

(2) كتبت الألِف المتطرفة قائمة (لا بصورة الياء مثل فُعلى) لأنها مسبوقة بياء!

(3) هذا البناء شاذ قياساً، فصيح استعمالاً (القياس: قُصْيا: ويستعمله غير الحجازيين!)

(4) استعمل المبَرِّد (النحوي الشهير) هذه الكلمة.

(5) الأصل: القويا: اجتمعت الواو الأصلية الساكنة مع الياء، فقُلبت ياءً وأُدغمت فيها بمُقتضى قواعد الإعلال.

(6) هذا البناء شاذ عند الحجازيين وغيرهم. وغني عن القول أن الحُلوى (صيغة التفضيل) هي غير الحَلوى، وهي كل ما عولج من الطعام بسُكّر أو عسل.

ثامناً- كثيراً ما يستعمل اسم التفضيل في الكتابات العلمية المعاصرة، استعمالاً غير صحيح.

والصواب

أ- … على النتائج الفُضْلى/

… على أفضلِ النتائج

ب- … هي البُسطى/

… هي أبسط الذرات

ج- … هي الطائرة السُّرعى/

… هي أسرع الطائرات

د- الطائرة التي هي أسرعُ من الصوت هي الكونكورد

دَ- الكونكورد هي الطائرة التي تفوق الصوتَ سرعةً

هـ- هما الدولتان العُظْمَيَان/

هما أعظمُ الدول

و- هي الدولة العظمى والقُيَّا/

هي أعظمُ الدول وأقواها

ز-… هما أكثرُ الدول سكاناً

ح- هذه الحالات هي الكثرى شيوعاً/

هذه هي أكثرُ الحالات شيوعاً

ط- ماذا نقول عن الحالات التي هي أكثرُ شيوعاً؟

ي- أوجد الأعداد التامة التي هي أكبرُ من 1000

ك- هما العزمان الأكثران استخداماً…/

هما أكثرُ العزوم استخداماً…

ل- فيما يلي أكثرُ المصطلحات تداولاً…/

فيما يلي المصطلحات التي هي أكثرُ تداولاً…

م- … هو أكثرُ الأماكن ازدحاماً

فيقول بعضهم

أ- حصل فلانٌ على النتائج الأفضل

ب – ذرة الهدروجين هي الأبسط

ج – الكونكورد هي الطائرة الأسرع

د- الكونكورد هي الطائرة الأسرع من الصوت!

(هنا خطآن: تذكير اسم التفضيل، واتصاله بـ (مِن) مع أنه محلى بأل).

هـ - … هما الدولتان الأعظم

و- … هي الدولة العظمى والأقوى

ز- الصين والهند هما الدولتان الأكثر سكاناً

ح- هذه الحالات هي الأكثر شيوعاً

ط- ماذا نقول عن الحالات الأكثر شيوعاً؟

ي- أوجد الأعداد التامة الأكبر من 1000

ك- هما العزمان الأكثر استخداماً لمتحول عشوائي

ل- فيما يلي المصطلحات الأكثر تداولاً في الكتاب

م- ما رأيته هو الأماكن الأكثر ازدحاماً

48- خَطِئَ، أخطأ - غَلِط

جاء في معاجم اللغة: (الوسيط)؛ (متن اللغة)؛ (أساس البلاغة):

أ - ((خَطِئَ يَخْطَأُ خَطَأً وخِطْئاً: أذنب أو تعمَّد الذنْب، فهو خاطئ ج خواطئ)). وفي التنْزيل العزيز: {إنا كُنّا خاطئين}.

فالخطأ مصدر. والخطأ أيضاً: ما لم يُتعمَّد من الفعل؛ والخطأ ضِدُّ الصواب.

وفي (المتن): خَطِئَ فلانٌ: سلك سبيل الخطأ.

قال صاحب (جامع الدروس العربية): ((ويكون النعتُ مَصْدراً)). أي يجوز الوصفُ بالمصدر.

وفي التنْزيل العزيز: {إنه لَقَوْلٌ فَصْلٌ}؛ {إن هذا لَهُوَ القَصَصُ الحقُّ}.

ويوصف بالمصدر: المفردُ والمثنى والجمع، والمذكر والمؤنث.

يقال: مالٌ وَفْرٌ؛ العبارة الخطأ؛ رجُلٌ عَدْلٌ وامرأةٌ عدْلٌ [وعدْلةٌ (المعجم الوسيط)].

ويقال: رجلٌ ثقةٌ، ورجالٌ ثقة؛ ولكن يقال أيضاً: رجالٌ ونساءٌ ثِقاتٌ (الوسيط). وسيأتي الحديث عن جمع المصدر في الفقرة 54.

وعلى هذا يقال: رأيٌ خطأٌ، مثلما يقال: رجلٌ ثقةٌ؛ رجلٌ عَدْلٌ، قولٌ حقٌّ.

جاء في (مختصر منهاج القاصدين/236) للإمام ابن قُدامة: ((ومن ذلك العَجَبُ بالرأي الخطأ)).

وقال عباس حسن صاحب موسوعة (النحو الوافي) في كتابه (اللغة والنحو بين القديم والحديث): ((وهذه نهاية الجمود على الرأي الخاطئ)).

وقال الأب أنستاس ماري الكرملي (مجلة التراث العربي، العدد 54، ص 11): ((تَصحيفٌ مَخْطُوءٌ فيه)).

ب - جاء في (متن اللغة) وفي (الوسيط): أَخْطأ يُخْطئ إخطاءً وخاطئةً: خَطِئَ؛ غَلِطَ (حاد عن الصواب)؛ سلك سبيل الخطأ، فهو مُخْطِئ.

أخطأ في المسألة، فهو مخطِئ فيها، والمسألة مُخْطَأٌ فيها.

أخطأهُ في المسألة: أراه أنه مخطئٌ فيها.

قال صاحب (المتن): الخاطئة مصدرٌ من أخطأ، وتكون بمعنى المُخطئة!

وقال: أخطأ به: عَثَرَ به: غَلِطَ به.

جاء في كتاب د. محمد ضاري حمادي (الحديث النبوي الشريف وأثره في الدراسات اللغوية والنحوية/435): ((… مثلبة الجمود على الرأي المخطِئ)).

أ - غَلِطَ يَغْلَطُ غَلَطاً في الحساب والكتاب وغيرهما: وَقَعَ في الغلط، فهو غالطٌ وغلطانُ وغلاَّطٌ. والكتابُ مغلوط [الأصل: مغلوطٌ فيه، لكن حذفوا الصلة (فيه) تخفيفاً].

49- سَعَى إلى/لِـ/ على/ في/ بـ

مما جاء في (لسان العرب): سَعى يَسْعى سَعْياً:

أ- السَّعْيُ: عَدْوٌ دون الشَّدِّ. وفي الحديث: ((إذا أتيتم الصلاة فلا تأتُوها وأنتم تَسْعَوْن، ولكن ائتوها وعليكم السكينة؛ فما أدركتُم فَصَلُّوا، وما فاتكم فأتِمُّوا)).

ب- وسَعَى إذا مشى؛ وسعى إذا قَصَد، والسعْيُ: القَصْدُ. وإذا كان بمعنى المُضِيِّ عُدِّيَ بـ (إلى): وفي التنْزيل العزيز: {يا أيها الذين آمنوا إذا نُوْدِيَ للصلاة من يوم الجمعة فَاسْعَوْا إلى ذِكْر الله} أي: فامْضُوا إلى ذكر الله واقصِدوا (وليس من السعي الذي هو العَدْو).

ج- وسعى إذا عَمِل؛ والسعيُ: الكسْب. وإذا كان بمعنى العمل عُدِّيَ باللام. يقال: سعى لهم وعليهم: أي عمِلَ لهم وكَسَب. فلانٌ يسعى على عياله، أي يتصرف لهم.

د- قال الزجّاج: أصل السعي في كلام العرب: التصرف في كل عمل. ومنه ما جاء في التنْزيل العزيز: {وأنْ ليس للإنسان إلا ما سعى}.

هـ- وقال الزجّاج: السعي والذهاب بمعنىً واحد، لأنك تقول للرجل: هو يسعى في الأرض.

[في عبارة الزجاج (تقول للرجل) حرف الجر (لِـ) لا يفيد التبليغ - أي ليس المراد أنك توجّه الكلام للرجل - وإنما يفيد المجاوزة، أي بمعنى (عن). قال الشاعر:

كضرائر الحسناء قُلْنَ لوجْهها حَسَداً وبُغْضاً: إنه لَذميم

أي: مذموم/معيوب. قلن لوجهها = قلن عن وجهها.]

و- والسعي يكون في الصلاح، ويكون في الفساد؛ وفي التنْزيل العزيز:

{ومن أظْلَمُ ممن مَنَعَ مساجدَ اللهِ أنْ يُذكرَ فيها اسمُه وسعى في خرابها}.

{إنما جزاء الذين يحاربون اللهَ ورسولَه ويَسْعَوْن في الأرض فساداً…}. أي: يَسْعَوْن في الأرض للفساد.

سعى به إلى الوالي: وشى.

• جاء في (المعجم الوسيط):

1- سعى إليه: قَصَد ومشى، سعى إلى الصلاة: ذهب إليها؛

2- سعى في مَشْيه: عَدَا؛

3- سعى فلانٌ على الصدقة: عَمِل في أخذها من أربابها؛

4- سعى به سِعايةً: وشى ونَمَّ؛

5- نَمَّ الحديثَ: سعى به ليُوقعَ فتنةً بين الناس.

• جاء في نهج البلاغة: قال الإمام علي بن أبي طالب لرجلٍ يسعى على عَدَوٍّ له بما فيه إضرارٌ بنفْسِه: ((إنما أنتَ كالطاعن نفْسَه ليقتلَ رِدْفه)). (أي الذي خَلْفه)

• وقال عروة بن أذينة (توفي سنة 130 للهجرة):

لقد علمتُ وما الإسرافُ من خُلُقي أنَّ الذي هو رزقي سوف يأتيني

أسعى له فيُعَنِّيني تَطَلُّبُه ولو قَعَدْتُ أتاني لا يُعَنّيني

• وقال الشاعر في إخوان السوء:

وقالوا قد سَعَيْنا كلَّ سَعْيٍ لقد صدقوا، ولكن في فسادي

• وعلى هذا، يقال على الصواب:

• إذا سعى المتحول س إلى اللانهاية، سعى التابع ع إلى الصفر.

• … وسعى جاهداً لبلوغ تلك المنزلة السامية.

• الساعي في الخير كفاعله.

• وقد سعى فلانٌ طويلاً في إيجاد مأوى لأولئك الأيتام.

50- استَبدل، بَدَّل، أَبْدَل؛ بَدَلاً مِن/عن، بديلاً من/عن

أ - يقال: استبدل بثوبه القديم ثوباً جديداً، أي: ترك الثوب القديم وأخذ الجديد. ونلاحظ أن فِعل (استبدل) يَتعدّى بحرف الباء الذي يَدخل على الشيء المتروك، لا على المأخوذ!

وفي التنْزيل العزيز: {أتَسْتبدِلون الذي هو أدنى بالذي هو خَيْر؟}.

يقال إذن: استبدلَ الجيد بالسَّيِّئ؛ لا تستبدل السيئ بالجيد!

والمعنى: أَخَذَ الجيد بَدَلَ السيئ؛ لا تأخذ السيئ بدل الجيد!

استبدلَ الذهبَ بالنحاس؛ لا تستبدل النحاس بالذهب!

ب - يقال: بَدَّلَ الشيءَ شيئاً آخر. وفي التنْزيل العزيز: {فأولئك يُبدِّل الله سيّئاتِهم حَسَناتٍ}.

ويقال: بَدَّل الجديد بالقديم (بإدخال الباء على المتروك).

بَدِّل الصالح بالفاسد؛ لا تُبدِّل الفاسد بالصالح!

ويُخطئ كثيرون في استعمال هذين الفعلين من حيث إدخالُ الباء، فيُدخلونها على المأخوذ!

ولهم عنهما مَنْدوحة: إذ يقال: استعاض عن ثوبه القديم بثوبه الجديد.

ويقال: عَوَّضه مِن/عن قلمه الضائع قلماً جديداً، أو: بقلمٍ جديد.

قال المعرّي في (رسالة الغفران/240):

((ولو سُئل أَمَةً عَوْراءَ، يُعوَّض منها في الآخرة. بحَوْراءَ، لَمَا فعل!)).

ج - كما يقال: أَبْدَلَ القديمَ جديداً. أي: أبدل المتروكَ شيئاً آخر.

ويقال أيضاً: أبدل الشيءَ من غيره وبغيره: اتخذه عِوَضاً عنه وخَلَفاً له.

نحو: أبدل الجديد من القديم (أي أخذ الجديد بدلاً من القديم، بدلاً من المتروك!)

أبدل التلفاز من المذياع؛ أبدل السيارة من الحصان…

وحين يُعدَّى (أَبْدَلَ) بالباء، يدخل هذا الحرف - في الأغلب - على المأخوذ!

فيقال: أبدل القديم بالجديد (بإدخال الباء على المأخوذ!)

أبدل الجهلَ بالعِلم؛ لا تُبْدِل العلم بالجهل!

د - جاء في (أساس البلاغة): ((هذا بَدَلٌ من هذا وبديلٌ منه)).

ويقال: أخذتُ هذا بَدَلاً من ذاك.

قال ابن زيدون:

أضحى التنائي بديلاً من تدانينا ونابَ عن طِيبْ لُقْيانا تَجافِينا

ولكن يصحّ أن تقول: أخذتُ هذا بدلاً عن ذاك: لأن من معاني (عن) البَدَل! وفي رسائل الهمذاني: ((كما ضربوا الشمسَ للملوك مثلاً، وجعلوا البحرَ عنهم بدلاً)).

هـ - البَدَل من الشيء: الخَلَفُ والعِوَض. والجمع: أبْدال.

البديل: الخَلَفُ والعِوَض. والجمع: أبدال وبُدَلاء.

وتُجمع البديلة على بدائل.

51- لِـ، لأنَّ، من أجْل، بسبب، إذْ…

أ - من معاني (اللام) التعليل؛ يقال: اشكر المحْسِن لإحسانه؛ العمل ضروري لدفْع الفاقة؛ أُحبُّه لأنه كريم الأخلاق/ لِكَرَم أخلاقه…

وهناك حروف أخرى تستعمل للتعليل:

الباء: كلٌّ يكافأ بعمله، ويعاقَب بتقصيره.

من: نام من شدة التعب. قال الإمام البوصيري:

قد تُنكِر العينُ ضوءَ الشمس من رَمدٍ وينكِرُ الفمُ طعمَ الماء من سَقَمِ

في: اشتهر هذا المحامي في قضية خطيرة (أي عظيمة الشأن).

عن: لم أحْضر إلا عن طلبٍ منك.

على: أشكر المحْسِن على إحسانه…

ب - جاء في (المعجم الوسيط): ((أجْل: يقال: فعلتُ ذلك أجْلَكَ ومن أجْلِك: بسببك)).

وجاء في (المعجم الكبير-إعداد مجمع القاهرة): ((أجْل: كلمة تَدخل على سبب الشيءِ وعِلَّته. يقال: فعلتُ ذلك من أجْل كذا، ولأجْل كذا. ويقال: أجْلَ كذا)).

وفي التنْزيل العزيز: {من أجْل ذلك كَتَبنا على بني إسرائيل…}.

وإذا قيل: (وقف الطلاب إجلالاً للمعلّم) كان إعراب المَصْدر (إجلالاً) مفعولاً لأَجْلِه (أو من أجْلِه). أي إن هذا المصدر هو عِلَّة حصول الفعل، بحيث يصحُّ أن يقع جواباً لقولك: (لِمَ وقفوا؟) - لأجْل إجلال المعلم.

ويصحُّ الشيءُ نفسُه في قولنا: فلانٌ يَدْرس حُبّاً للعِلم. لِمَ يدرسَ؟ - لأجْل حُبِّ العِلم.

يقال على الصواب:

• قامت حرب البسوس بين بكر وتغلب في الجاهلية أربعين سنة من أجْل ناقة (أي بسبب ناقة).

• قامت حرب داحس والغبراء بين عبس وذبيان من أجل فرس!

• كانت هذه الدولة أول دولة في التاريخ تعلن الحرب من أجل انتزاع حقوق الفقراء عند الأغنياء، وكان الخليفة أبو بكر الصِّدِّيق أول من حارب من أجل هذا!

ويستعمل بعض المترجمين اليوم (من أجل) مقابل الكلمة الإنكليزية for والفرنسية pour صحيحٌ أنه يمكن أحياناً ترجمة هاتين الكلمتين بـ (من أجل)، ولكنْ لهما معانٍ كثيرة أخرى، من أهمها (في حال). فإذا كان لدينا التابع y = 2x مثلاً، قالوا:

y = 6 من أجل (pour, for) x = 3؛ و y = 10 من أجل (pour, for) x = 5.

والأصح أن يقال: في حال x = 3 ، y = 6 (أو: إذا كان x = 3 ، كان y = 6 ، إلخ…)

لنتأمل العبارات العلمية الآتية:

• تعطي صيغةُ (بور) سلسلةَ (بالمر) ((من أجل!)) n = 2 ((for))، وسلسلةَ (باشن) ((من أجل)) n = 3 ((for)).

أليس الأحسن أن يقال: في حال n = 2، وفي حال n = 3؟

• يكون التناسب ((من أجل!)) الطاقات الأدنى (كذا!) كما يلي…

الأحسن أن يقال: يكون التناسب في حالة الطاقات الدنيا [أو (التي هي أدنى) بحسب المعنى المراد] كما يلي…

• يقاس المقطع العَرْضيّ بالبارن، وله قيمة محددة من أجل (!) مادة معينة وتفاعل معين.

والصواب: يقاس المقطع العَرْضيّ بالبارن، وله قيمة محددة لمادة معينة وتفاعل معين.

ج - ومما يستعمل للتعليل أو لبيان الدافع، الكلمات الآتية أيضاً: بسبب كذا، بسببٍ من كذا، كي، بغية كذا، إذْ… جاء في (المعجم الوسيط): ((البُغْية: ما يُبتغى. ابتغى الشيءَ: أراده وطَلَبَه)). يقال على الصواب:

• الطريق مغلق (مغلقة) بسبب تراكم الثلوج.

• ولغة الشِعر يُتسامح فيها بسببٍ من كونها خاصة في أوزانها وقوافيها وبناء جُملها، من حيث التقديم والتأخير (د. إبراهيم السامرائي: الفعل، زمانه وأبنيته، ص 215).

• فلانٌ يتفانى في خدمة رئيسه بُغْيَةَ نَيْل رضاه/ ابتغاء مَرْضاته/ كي ينال رضاه…

• يقول الفرزدق:

فأصبحوا قد أعاد الله نِعْمتَهم إذْ هُم قريش، وإذْ ما مِثْلَهُم بَشَرُ

52- وإلاّ…

((إلاّ)) تكون أداة استثناء، نحو: أُحبُّ الناسَ إلا المنافقَ. وتكون أداة حَصْرٍ، نحو: ما فاز إلاّ الجَسُورُ.

وتكون مركَّبة من (إنْ) الشَّرطية و(لا) النافية، وذلك إن وَلِيَها فعلٌ مضارعٌ، هو فعل الشرط، ويأتي بعده جواب الشرط فعلاً مضارعاً مجزوماً، أو إحدى الجُمل الآتية: جملة اسمية أو طلبية أو فِعْلها جامد، أو مُصَدَّرة بـ: ما/ لن/ قد/ س/ سوف.

ولابدّ من اقتران هذه الجمل بالفاء الرابطة لجواب الشرط. ففي التنْزيل العزيز: {وإلا تَغفرْ لي وترحَمْني أكن من الخاسرين}. وفيه أيضاً: {إلا تَنصروه فقد نَصَرَه الله} فعل الشرط مجزوم بحذف النون (لأنه من الأفعال الخمسة) والفاء رابطة لجواب الشرط.

وقد يُحذف فعل الشرط بعد (إلاّ) هذه، نحو: تَكَلَّمْ بخيرٍ وإلاّ فاسْكُتْ! أي: وإلاّ تتكلم بخير فاسكت.

أو: تكلمْ بخير وإلاّ تَنَلْ عقاباً. (الأصل قبل الجزم: تنال).

قال الشاعر:

فطلِّقْها فلستَ لها بكُفْءٍ وإلاّ يَعْلُ مَفْرِقَكَ الحُسَامُ

أي: وإلاّ تطلِقْها يَعْلُ الحسام… (الأصل قبل الجزم: يعلو)

عليك أن تَقْبَلَ، وإلاّ فسوف تَندمُ!

نقول مثلاً: يجب أن نُحدِّدَ مجال تَغَيُّرِ المتحول س، وإلاّ يكن الحسابُ متعذراً. أي: وإلاّ نُحدِّد… يكن… لا يصحّ أن يقال هنا: وإلاّ يكون الحساب….