حملات التنصير حقيقتها وخطرها ووسائلها

حملات التنصير

حقيقتها وخطرها ووسائلها

مقدمة:

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:

فبينما يواجه دين الإسلام أنواعاً من الهجوم الظالم إذ طلعت علينا "النصرانية" بوجهها القبيح تريد أن تثبت وجودها في زحمة هذا الهجوم، وخابوا وخسروا والله، فدين الإسلام هو دين الإسلام، كما أنزله الله عظيماً شامخاً، لا تزيده الأيام والليالي إلا انتصاراً فوق انتصاراته، وعلوا فوق علوه، لأنه دين الله الذي تعهد بحفظه وإظهاره على الدين كله ولو كره الكافرون.

وهذه محاضرة كنت قد ألقيتها في "مسجد أبي هريرة" في مدينة خور مكسر في محافظة عدن وذلك قبل خمس أو ست سنوات، وكان سببها أن أحد الموظفين أخبرني أن لبنانياً من نصارى لبنان جاء عندهم مكان الوظيفة فأخذ حاجته ثم وزع بعض منشورات النصارى، فخطبت الجمعة في هذا الموضوع، وحاضرت في الليلة نفسها في المسجد المذكور.

وإن بعض المنصرين هذه الأيام قد نشطوا بعض الشيء في مجالات متعددة، فكان الواجب على طلبة العلم أن يقوموا بواجبهم أمام الله وتجاه دينه العظيم دين الإسلام، وتجاه هؤلاء الناس من المسلمين الذين أصبح كثير منهم في غفلة عما يدبر له أعداؤه، فقمت بجهد المقل فأقمت محاضرة مساء الخميس ليلة الجمعة بتاريخ 26/ شوال / 1430هـ الموافق 16/ أكتوبر/ 2009م، في مسجد "الإيمان" عند أخينا الفاضل عبد الله بن سعيد حفظه الله ورعاه، وهذه المحاضرة مختصرة من هذا المقال المكتوب، تناسب المقام لأن غالب الحاضرين من المبتدئين والعوام.

ويتكون من عدة فصول:

الفصل الأول: حقيقة التنصير.

الفصل الثاني: أهداف التنصير.

الفصل الثالث: الوسائل والطرق.

الفصل الرابع: قدرات المنظمات التنصيرية المالية والبشرية.

الفصل الخامس: التنصير في اليمن.

الفصل السادس: كيف نواجه خطر التنصير.

الفصل الأول: حقيقة التنصير:

المبحث الأول: تعريف التنصير:

1- تعريف التنصير:

ذكر ابن منظور في "لسان العرب": (والتنصُّر: الدخول في النصرانية)، ومنه الحديث الذي في "الصحيحين" عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من مولود يولد إلا على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه).

ونستطيع أن نقول: إن التنصير هو إدخال بعض الناس في النصرانية، فإن لم يدخل أحد فيها فهم يحرصون على أن يخرجوه من دينه ولاسيما المسلم.

ونحن بهذا التعريف نستفيد أموراً أحدها: أن غاية التنصير ليست إخراج المسلمين فقط من دينهم، بل تشمل غيرهم من ذوي الملل، والثاني: أن غاية التنصير في الأساس هي دخول الناس في النصرانية، فإن لم يقدروا على ذلك قاموا بإخراجهم من الدين ولو إلى غير دين.

1- يقول القس "صاموئيل زويمر" أحد واضعي "أسس التنصير العالمي الحديث": (لكن مهمة التبشير التي ندبتكم إليها الدول المسيحية في البلاد الإسلامية ليست إدخال المسلمين في المسيحية، فإن في هذا هداية لهم وتكريما لهم، وإنما مهمتكم في أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقاً لا صلة له بالله، وبالتالي لا صلة له بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها).

2- ومنها "المؤتمر التنصيري" الذي عقد بـ"جبل الزيتون" في القدس في فلسطين المحتلة سنة 1346 هـ 1927م، وحضرته أربعون دولة من الدول الغربية الصليبية، حيث قام أحد أقطاب هذا المؤتمر قائلا: (أتظنون أن غرض التنصير وسياسته إزاء الإسلام هو إخراج المسلمين من دينهم ليكونوا نصارى ؟! إن كنتم تظنون هذا فقد جهلتم التنصير ومراميه، لقد برهن التاريخ من أبعد أزمنته على أن المسلم لا يمكن أن يكون نصرانياً مطلقاً، والتجارب دلتنا ودلت رجال السياسة النصرانية على استحالة ذلك، ولكن الغاية التي نرمي إليها هي إخراج المسلم من الإسلام فقط، ليكون مضطرباً في دينه، وعندها لا تكون له عقيدة يدين بها ويسترشد بهديها، وعندها يكون المسلم ليس له من الإسلام إلا اسم أحمد أو مصطفى) أ.هـ

3- وفي الخطاب السري ألقاه البابا شنودة في الكنيسة المرقصية في "الاسكندرية" في صفر/ 1393 هـ الموافق مارس/ 1973م ذكر فيه أنه: (يجب مضاعفة الجهودالتبشيرية التي وضعت وبنيت على أساس هدف اتفق عليه للمرحلة القادمة وهو زحزحة أكبر قدر من المسلمين عن دينهم والتمسك به، على ألا يكون من الضروري اعتناقهم المسيحية، فإن الهدف هو زعزعة الدين في نفوسهم، وتشكيك الجموع الغفير منهم في كتابهم وصدق محمد) أ.هـ

2- تنصير لا تبشير:

ويخطئ كثير من الناس عندما يطلق لفظ التبشير على التنصير، لأنهم هم الذين أطلقوه ولهم في هذا المعنى غرض وهو التعمية وخداع المساكين الذين لا يعرفون حقيقة هذه الدعوة.

3- حقد النصارى:

والنصارى قد امتلأت قلوبهم غيظاً وحقداً على الإسلام وأهله، بسبب ما خص الله بها المؤمنين، من النور المبين، والدين القويم، والهـداية التامة.

قال تعالى إذ يقول: (ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم) وقال سبحانه: (ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق) وقال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين0 وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله، ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم0) وقال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين) وقال تعالى: (ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم وما يشعرون) وقال تعالى: (قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر) وقال تعالى: (ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم فيميلون عليكم ميلةً واحدة) وقال تعالى: (ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً)، وقال تعالى: (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم).

وستبقى هذه العداوة قائمةً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وإن أظهروا محبة السلام، وحب الخير للناس جميعاً.

المبحث الثاني: تاريخ التنصير:

1- الفرق بين التنصير والدعوة إلى النصرانية:

الدعوة إلى النصرانية موجودة منذ قرون طويلة وليست هي وليدة هذا العصر، ولكن التنصير شيء آخر أوسع بكثير من الدعوة إلى النصرانية فقط، بل دخلت فيه أهداف هي أوسع بكثير من الدعوة إلى النصرانية، فهي تستهدف من وراء ذلك بسط الهيمنة النصرانية على العالم أو أغلب العالم على الأقل، واحتلال الأراضي الإسلاميةوغيرها والهيمنة عليها دون الحاجة إلى سفك الدماء، والحيلولة دون رفع راية الجهاد التي تعيد إلى المسلمين بإذن الله عزهم ومجدهم، بل أضيف شيئاً جديداً وهو أنه لميعد التنصير اليوم من وظيفة القسيسين والرهبان فقط، بل أصبح المنصرون يضمون اليوم المهندسين والأطباء وغيرهم ممن يدعو إلى النصرانية.

2- التخفي بعد الظهور:

ولقد كان اتجاههم في البداية إلى الحروب والقتال ليستأصلوا الإسلام ويبيدوا أهله، ولكن رأوا أن الإسلام لم يزد المسلمين إلا تمسكاً بدينهم، وتماسكاً فيما بينهم، فلجأوا إلى طريقة المكر لأن في هذه الطريقة من الإضرار بالمسلمين ما ليس في السابقة.

ومما يدل على ذلك أنه في عام 1920م أصدرت "لجنة التبشير الأمريكي" كتاباً ذكرت في مطلع مقدمته ما يلي: (من أبرز الأمور المتعلقة بدخول الولايات المتحدة في الحرب العالمية الأولى أن الآراء والمبادئ التي كانت تهدف إليها الإرساليات التبشيرية قد تبنتها الأمة الأمريكية، ثم أعلنت أنها هي أهدافها الأخلاقية وغايتها من خوض تلك الحرب، وهذه المبادئ قد سميت الآن أسماء سياسية فقط) أ.هـ

فحقيقة التنصير استعمار جديد لبس ثوب الدعوة إلى النصرانية، ولا أجد كلمة أترجم للقارئ الكريم هذه الحقيقة بمثل قول أحد الأفارقة: (عندما جاء النصارى إلى بلادنا كان لديهم الإنجيل ولدينا الأرض، واليوم لدينا نحن الإنجيل ولديهم الأرض).

الفصل الثاني: أهداف التنصير:

وحينما ننظر فيما كتبه الدعاة عن المنصرين وعن مقاصد دعوتهم وأهدافها، نجد أنه أهداف كثيرة متنوعة منها:

1- القضاء على الإسلام في نفوس المسلمين وواقعهم، ولاشك أن هذا داخل دخولاً أولياً في معنى الآيات التي تقدم ذكرها قبل، فهو أول الأهداف والمقدم عليها، فإن انسلخ المسلم من دينه إلى النصرانية وإلا يبقى بدون دين فكلاهما مطلوب.

ويقول المستشرق "شاتلي": (إن أردتم أن تغزوا الإسلام وتكسروا شوكته وتقضوا على هذه العقيدة التي قضت على كل العقائد السابقة واللاحقة، فعليكم أن توجهوا جهود هدمكم إلى نفوس الشباب المسلم والأمة الإسلامية بإماتة روح الاعتزاز بماضيهم المعنوي وكتابهم القرآن).

يقول أحد كبار المنصرين واسمه "زويمر": (مهمتكم أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقاً لا صلة له بالله، وبالتالي لا صلة تربطه بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها، ولذلك تكونون أنتم بعملكم هذا طليعة الفتح الاستعماري في الممالك الإسلامية) إلى أن قال: (إنكم أعددتم نشئا لا يعرف الصلة بالله ولا يريد أن يعرفها، وأخرجتم المسلم من الإسلام ولم تدخلوه في المسيحية، وبالتالي فقد جاء النشء الإسلامي طبقا لما أراده الاستعمار لا يهتم بالعظائم ويحب الراحة والكسل، فإذا تعلم فللشهوات، وإذا جمع المال فللشهوات وإن تبوأ أسمى المراكز ففي سبيل الشهوات) أ.هـ من رسالة: "تنصير المسلمين" عبد الرزاق ديار بكر لي.

2- وقف المد الإسلامي وتبطئة انتشار الدين على مستوى الأقاليم والبلدان، والحيلولة دون دخول الأمم الأخرى غير النصرانية كالهندوس والبوذيين في الإسلام، والوقوف أمام انتشار الإسلام بإحلال النصرانية مكانه، أو بإبقائهم على عقائدهم.

ينقل عن "جون قرنق" المتمرد الصليبي في "جنوب السودان" قوله: (السودان هو بوابة الإسلام والعروبة إلى إفريقيا فلتكن مهمتنا الاحتفاظ بمفتاح هذا الباب حتى لا تقوم للإسلام والعروبة قائمة في "جنوب الصحراء الكبرى"). انظر: "الزحف إلى مكة" لعبد الودود شلبي.

يقول "جاير دنر" في مؤتمر التنصير المنعقد في القاهرة عام 1910م: (فإننا نجد أنفسنا وجهاً لوجه أمام نهضة إسلامية تعليمية ودينية تحتم علينا هذا التقدم التبشيري، إذا كان علينا أن نحافظ على الاعتبار الذي اكتسبناه في الماضي، ولهذا السبب فإنه من المؤكد أن الوقت قد حان لتحريك العمل إلى الأمام بتخطيط حكيم وتنفيذ واع وجدية مكثفة بين المسلمين في سوريا وفلسطين، وتوجيه انتباه كل الجمعيات "التنصيرية" التي تعمل حالياً في هذا المجال نحو الإنجاز السريع لذلك التحرك المتقدم) أ.هـ

ويقول أيضا: (وهؤلاء الطلاب الذين يتم إعدادهم للقيام بالتنصير بين المسلمين يجب أن يضيفوا إلى برامجهم مهمة مراقبة ودراسة ومواجهة هذا الإسلام الجديد بكل مظاهره، ولا يمكن أن تجرى هذه الدراسة إلا في الدول العربية، وذلك المكان بدون جدال هو القاهرة).

3- تدمير المرأة من حيث المناداة بما يسمى بحقوق المرأة، والتركيز على إخراج المرأة المسلمة من بيتها لأمرين أحدهما: أنه يترتب من وراء ذلك انهدام المجتمع وفساد الأخلاق، والثاني: لأنها إن خرجت واستجابت لهم كانت واسطة سريعة لنقل ما يريدون إلى الأسرة، فإن المرأة سرعان ما تتأثر بما تقرأ وبما تسمع.

ومن أجل ذلك اهتم المنصرون بالمرأة اهتماماً شديداً فقلما عقد مؤتمر تنصيري دون أن يكون موضوع تنصير المرأة المسلمة هو أحد الموضوعات الرئيسة لهذا المؤتمر، وكشاهد على ذلك فقد كان أحد الأبحاث المقدمة إلى مؤتمر التنصير المنعقد في ولاية "كولورادو" في أمريكا عام 1978م، هو موضوع "المداخل النصرانية للمرأة المسلمة وأسرتها".

أما "مؤتمر القاهرة التنصيري" المنعقد عام 1906م فقد وجهت المنصرات المشاركات فيه النداء التالي: (لا سبيل (أي: إلى نجاح مهمتنا) إلا بجلب النساء المسلمات إلى المسيح، إن عدد النساء المسلمات عظيم جداً لا يقل عن مائة مليون، فكل نشاط مجد للوصول إليهن يجب أن يكون أوسع مما بذل إلى الآن).

4- تقوية الأقليات غير المسلمة ولاسيما النصارى منهم، وحمايتهم من أي دين أو فكر غير الفكر النصراني ولاسيما دين الإسلام ، فبلد مثل مصر نجدأنالمسيحيين مايقارب 8% من عدد سكانها، ولكنهم يملكون ما يقارب 50% من اقتصادها كما ذكرت بعض المواقع، وفى بعض القطاعات يملكون 70%فمثلاًشركة "موبنيل" للاتصالات هي مسيحية والقائمون عليها مسيحيون،فهي أحد شركات "نجيب ساويرس" وهو من أكبر ممولين التنصير في مصر، وهي تمول الكثير من الأنشطة التنصيرية باعتراف المنصرين أنفسهم.

5- تشكيك المسلم في الإسلام وقذف الشبه في قلبه، وقد تكرر هذا الهدف في محاولات المنصر المعروف السموءل "صاموئيل زويمر" الذي خاض تجربة التنصير في البلاد العربية بعامة وركز على منطقة الخليج العربية بخاصة، وقد أرسل إلى "لو شاتليه" رسالة في 7 / 8 / 1329 هـ - 2 / 8 / 1911م قال فيها: (والأمر الذي لا مرية فيه هو أن حظ المبشرين من التغيير الذي أخذ يدخل على عقائد الإسلام ومبادئه الخلقية في البلاد العثمانية والقطر المصري وجهات أخرى، هو أكثر بكثير من حظالحضارة الغربية منه، ولا ينبغي لنا أن نعتمد على إحصائيات التعميد في معرفة عدد الذين تنصروا رسمياً من المسلمين، لأننا هنا واقفون على مجرى الأمور ومتحققون من وجود مئات من الناس انتزعوا الدين الإسلامي من قلوبهم واعتنقوا النصرانية من طرف خفي) أ.هـ

6- تقليل المسلمين من حيث تحديد النسل، ولذلك نجد أن ما يتعلق بتحديد النسل كحبوب منع الحمل، والواقيات الذكرية ونحو ذلك هي من أرخص ما يكون في مستوصفات "الأمومة"، ومنظمة الصحة العالمية هي أسخى ما تكون في هذا الباب.

7- تسفير من يقدرون على تسفيره إلى دول كندا وأمريكا وغيرهما ولاسيما من الصومال اللاجئين، أو من الشباب المتعلق بما عليه الغرب، ويدخلون على شخص من الباب الذي يحب، فهم كالسفراء الذين يرحلون من قدروا على ترحيله.

8- تغيير المناهج الدراسية في هذه الدول الفقيرة التي هم فيها، أو على الأقل حذف الآيات التي تتعلق بالجهاد في سبيل الله أو بكفر أهل الكتاب أو تأمر بعداء الكفار أو نحوها.

9- من أهدافهم استرداد ما استطاعوا أن يردوه من أراضي المسلمين التي كانت في أياديهم قبل المسلمين كالشام وغيرها.

10- القضاء على معالم اللغة العربية لغة القرآن الكريم.

11- تأييد دعاة الفساد الفكري والأخلاقي في بلاد المسلمين، وإخراج جيل ضعيف علمياً ودينياً من بين المسلمين يقومون بالسيطرة على الإعلام وغيرها من وسائل التسلط على عقول المسلمين.

بل لو قدر التنصير على صناعة رئيس ولو من بين أوساط المسلمين يتنصر ثم يحكم بلاد المسلمين لفعلوا، فهذا الرئيس "سنجور" الحاكم السابق للسنغال الذي نصّرته مدرسته - بينما لا يزال أهله مسلمين والداه وإخوته – وقد تولى النصارى إعداده ليتولى حكم دولة مسلمة بنسبة 99% ويحارب فيها الإسلام ويعمل الأسلحة في المسلمين، وبعد أن افتضح أمره تفرغ للتنصير، وأقيمت جامعة تحمل اسمه لإعداد المنصرين في بلاد المسلمين.

12- المطالبة بحرية الاعتقاد وحرية الرأي، ليبقى المسلمون متفرقين ومنشغلين فيما بينهم.

13- نشر الأفكار والمذاهب الأوروبية، وقد قال "شاتليه" أحد منظري التنصير: (ومن هذا يتبين لنا أن إرساليات التبشير الدينية التي لديها أموال جسيمة، وتدار أعمالها بتدبير وحكمة تأتي بالنفع الكثير في البلاد الإسلامية من حيث إنها تبث الأفكار الأوروبية).

وهناك غيرها من الأهداف الخطيرة لكن هذه هي أخطرها، على أن التنصير قابل لإدخال أهداف جديدة مع مرور الأيام والليالي.

الفصل الثالث: الوسائل والطرق:

1- الوسائل العامة لحملات التنصير:

ووسائل المنصرين في التنصير كثيرة حتى أوصلها بعضهم إلىسبعمائة طريقة أو خطة للتنصير، ويجمعها أن ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب، حيث تدعي القيام بأعمالإنسانية كبناء مستشفيات وعلاج المرضى فيها أو مدارس أو حفر آبار في الأرياف أو نحوها بحجة المساعدات الإنسانية، لكنها تحمل التآمر على الإسلام والمسلمين.

وسنذكر من هذه الوسائل ما يناسب هذا المختصر، فمن ذلك:

1- الطب والعلاج، فالمنظمات التنصيرية كلما سمعت بمكان فيه فقراء أو مرضى هبت إليه على جناح السرعة ليس رحمة بهم ولكن طمعاً في إدخالهم في النصرانية، وسيأتي شيء من وسائلهم في هذا الباب فقط.

2- إثارة الفتن والحروب، ليأتي هؤلاء المنصرون على صورة المنقذ ليتحول هؤلاء الناس إلى النصرانية.

يقول ديفيد أ . فريزر (ولكي يكون تحول فلا بد من وجود أزمات معينة ومشكلات وعوامل تدفع الناس أفرادا وجماعات خارج حالة التوازن التي اعتادوها، وقد تأتي هذه الأمور على شكل عوامل طبيعية كالفقر والمرض والكوارث والحروب، وقد تكون معنوية مثل التفرقة العنصرية أو الحساسية بسبب تسامح المجتمع تجاه النفاق أو الوضع الاجتماعي المتدني).

3- تدبير الانقلابات العسكرية على من ترى أن نشاطها سيقوى بسقوطه، فتلجأ "المنظمات التنصيرية" إلى تدبير الانقلابات العسكرية والتواطؤ مع منفذيها لتحقيق أغراضها في تعذر عليها فيه التنصير، أو ترى فيه نشاطاً للدعوة إلى الإسلام الصحيح، فيبدأ التخطيط لقلب نظام هذا الحكم، وإحلال نظام آخر بديل عنه يأذن لهم بممارسة التنصير.

فقد جاء في إحدى "النشرات التنصيرية" بأن "الأمير النيجيري أحمد بلو" رحمه الله يعتبر أكبر عقبة في شمال نيجيريا ضد التنصير، بل هو الذي يفتح الباب للإسلام في نيجيريا، وبعد ذلك كان انقلاب "أورنس" الذي تربى على أيدي المنصرين، وتولى خلال الانقلاب تلامذة المدارس التنصيرية المراكز القيادية هناك.

بل إن بعض من كتب عن التنصير في مصر كتب عن الإعداد العسكري للنصارى فمؤخرًا أفرجت الدولة عن بعض الأدبيات التي تتحدث عن وجود تنظيمات أرثوذكسية مسلحة بمصر منها ما سمي بـ : "جماعة الجهاد النصراني" , وغيرها

4- إنشاء المدارس الأجنبية لتعليم اللغات أو غيرها في بلاد المسلمين، فتعليم اللغة الإنجليزية يستخدم كطعم، وهذا الطعم ممزوج بالدعوة إلى الإباحية والدعوة إلىالأخلاق النصرانية، فقد جاء في بحث "الإرسال الإذاعي الحالي الموجه إلى المسلمين" المقدم من فريد د. أكورود إلى مؤتمر التنصير المنعقد في كلورادو ما يلي: (إن اللغة الإنجليزية مهمة لكل عربي يرغب في متابعة دراسته أو يود الهجرة، ولقد كتبنا إلى "هيئة الإذاعة البريطانية" التي لديها سلسلة ممتازة من برامج تعليم الإنجليزيةللناطقين بالعربية ولقد منحتنا السلسلة وأذنت لنا بتقديمها عبر إذاعتنا، وقد أجرينا بالفعل تعديلات على السلسلة استخدمناها" كطعم" وفي الختام كنا نتوجه بالسؤال: عما إذا كان المستمع يرغب في نسخة مجانية من كتاب يحتوي على العربية والإنجليزية جنبا إلى جنب، وعندئذ نرسل له نسخة من الإنجيل بالعربية والإنجليزية).

أقول: نقلوا هذه البرامج إلى إذاعاتهم ليستمعها الناس فيدخلوا عليهم النصرانية من هذا الباب، نعوذ بالله من هذا المكر.

ولقد أرسل "شاتليه" يرد على رسالة "زويمر" التي تقدم ذكرها بقوله: (ولا شك أن إرساليات التبشير من بروتستانتية وكاثوليكية تعجز عن أن تزحزح العقيدة الإسلامية من نفوس منتحليها، ولا يتم لها ذلك إلا ببث الأفكار التي تتسرب مع اللغات الأوروبية ، فبنشرها اللغات الإنجليزية والألمانية والهولندية والفرنسية يتحكك الإسلام بصحف أوروبا وتتمهد السبل لتقدم إسلامي مادي، وتقضي إرساليات التبشير لبانتها من هدم الفكرة الدينية الإسلامية التي تحفظ كيانها وقوتها إلا بعزلتها وانفرادها).

يقول المستشرق "جب": (إن التعليم هو أكبر العوامل الصحيحة التي تعمل على الاستغراب، وإن انتشار التعليم (أي: على الطريقة الغربية) سيبعث بازدياد - في الظروف الحاضرة - على توسيع تيار الاستغراب وتعميقه) أ.هـ

5- البعثات الدراسية، فهم يستغلون "البعثات الدراسية" للطلبة المسلمين خارج البلاد الإسلامية، فهناك مجموعات من أبناء المسلمين في أوربا وأمريكا تتلقي التعليم، قدذهبوا مبعوثين من حكوماتهم ومؤسساتهم داخل بلادهم، وتتعرض هذه الفئات من الطلبة إلى حملات قوية من المنصرين.

6- بناء أكبر عدد من الكنائس في البلاد الإسلامية والاهتمام بمظهرها، حتى في الأماكن التي لا يعيش فيها أي نصراني، لتكون مكاناً ينطلق منه العمل التنصيري في المنطقة، ولتحقق بعض ما أنشئت من أجله ولذلك يحرص المنصرون أن تكون مباني الكنائس والإرساليات والمدارس شاهقة غريبة المظهر حتى تؤثر في عقول الزائرين وفي عواطفهم وخيالاتهم، إن ذلك في اعتقاد المنصرين يقرب غير النصارى إلى النصرانية.

7- الدعوة إلى التنصير من خلال بعض القنوات والإذاعات، وقد قال فريد أكورود: (يبدو أن الإذاعة اليوم هي إحدى الوسائل الرئيسة التي يمكن بواسطتها الوصول إلى المسلمين في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المغلقة، حيث إن الإذاعة يمكنها كما نعلم أن تخترق الحواجز الحدودية وأن تعبر البحار وتقفز الصحاري وأن تنفذ إلىمجتمعات المسلمين المغلقة) أ.هـ

وقد أنفقوا على هذه الوسائل قرابة: (11865) مليون دولار كما نشرت "مجلة الدعوة" السعودية.

8- استغلال حاجة الناس للعلاج وحاجة الناس وقت النكبات والكوارث، وفقر كثير من هذه الدول، في الوقت الذي تعجز فيه الدول عن القيام بكفاية هؤلاء الناس، فقداستغلت هذه "المنظمات الإغاثية" مصائب الشعوب وأمراضها ومآسيها، لتدعوها إلى ضلالتهم، فما تحل كارثة بأمة من حرب أو زلازل أو فيضانات إلا ورأيت "الجمعيات التنصيرية" تنتقل إلى الموقع المنكوب لتقدم للمحتاجين العقيدة النصرانية مع قرص الدواء ولقمة العيش وقطعة الكساء، ولا تظن أن هذا التدافع النصراني على مواقع الأحداث هو رحمة بالشعوب، ولكنها الفرصة المناسبة للتبشير، ويقدمونها على أنها نعمة من عيسى عليه السلام، ويشير أحد المختصين في هذا لمجال إلى أن ميزانيات المنصرين في هذا المجال تجاوزت المائة وثمانين مليار دولار.

9- فتح الفرص للتعليم المهني، وفي هذا المجال يقول "بيزوز" الذي تسلّم رئاسة "الجامعة الأمريكية" في بيروت سنة 1369 هـ - 1948 م، وكانت تسمّي حينئذ بـ"الكلية البروتستانتية الإنجيلية": (لقد أدى البرهان إلى أن التعليم أثمن وسيلة استغلّها المبشرون الأمريكيون في سعيهم لتنصير سورية ولبنان، ومن أجل ذلك تقرّر أن يُختار رئيس الكلية البروتستانتية الإنجيلية من مبشري الإرسالية السورية).

10- المرأة: وما يتعلق بها من مواضيع، كالكلام على تحرير المرأة، ونبذ مظاهر العنف ضدها، ونحو ذلك من المسائل التي يتسللون بها على المسلمين، ويستغلونها للطعن في الإسلام.

11- الإساءة إلى القرآن الكريم فهم يستخدمون ذلك كأسلوب يقيسون به نسبة الغيرة عند المسلمين، ومعرفة من تأخذه العاطفة ممن دخل في نصرانيتهم، ففي اليمن وفي محافظة إب/ مديرية جبلة وفي "مستشفى جبلة" بالذات حدث عام 1419هـ تمزيق للمصاحف ووضعت أوراقها في أماكن نجسة، والذي قام بهذا بعض من ارتد عن الإسلام وتنصر، على يد جماعة من المنصرين الذين ينشرون التنصير في اليمن تحت غطاء الخدمات الطبية وتقديم العون من العلاج المجاني أو الرخيص.

وقد انتهت هذه القصة بقضية قتل مشهورة حيث قام رجل بقتل الرجل والمرأة الأمريكيين.

2- وسيلة التطبيب والعلاج:

حملات التنصير لها وسائل غريبة وخبيثة، تدل على مدى حقد هؤلاء الناس وأنهم يستخدمون كل طريقة يتوصلون بها إلى غاياتهم.

وأنا أنقل لكم شيئاً من هذه المؤامرات في باب الطب والعلاج فقط ليكون المسلم على بينة، فمن هذه الوسائل:

1- إضعاف المسلمين من حيث بتر أعضائهم، وإصابتهم بالعاهات المستديمة التي يعسر عليهم الخروج منها، ليبقى المسلمون ضعفاء عاجزين عن إقامة أي نوع من أنواع الجهاد أو الدعوة إلى الله أو غير ذلك، وتبقى الأسر محتاجة لهم في كثير من الأحيان.

2- ومنها أنهم يمدون مراكز "الأمومة والطفولة" بالملايين من حبوب منع الحمل، وعشرات الآلاف من الواقيات الذكرية المجانية أو الرخيصة الثمن، والتي يسعون من خلالها إلى تقليل عدد المسلمين.

3- ومنها كثرة العمليات القيصرية في الولادة فقد كثرت بصورة مستغربة تشد الانتباه، وللشيخ محمد بن صالح العثيمين فتوى في هذه المسألة أفادنا بها الأخ الحبيب عبد الله بن سعيد حفظه الله عبر شبكة سحاب الطيبة، حيث سئل الشيخ العثيمين رحمه الله: يرى الزوج تأخير الحمل لزوجته لمصلحة، ما حكم ذلك ؟ وأيضاً ما حكم موانع الحمل من الحبوب واللولب وغيرها ؟

فأجاب قائلاً: (لا شك أن موانع الحمل من الحبوب أو العقاقير خلاف المشروع، وخلاف ما يريده النبي صلى الله عليه وسلم من أمته، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يريد من أمته تكثير النسل، كما قال صلى الله عليه وسلم: (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم)، وقد امتن الله عز وجل على بني إسرائيل بالكثرة، فقال: (وجعلناكم أكثر نفيراً)، وذكّر شعيب قومه بالكثرة، فقال: (إذ كنتم قليلاً فكثركم)، وما محاولة تقليل النسل في الأمة الإسلامية إلا خدعة من أعداء المسلمين سواء كانوا من المنافقين الذين يتظاهرون بالإسلام، أو من الكفار الذين يصرحون بالعداوة للمسلمين.

لكن أحياناً تدعو الضرورة إلى التقليل من الولادة لكون الأم لا تتحمل ويلحقها الضرر، فحينئذٍ نقول: لا بأس بذلك، ويُسْلك أخفُّ الضررَين، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يعزِلون في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولَمْ يُنْهَوا عن ذلك، وإن كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد سئل عن العزل؟ فقال: (هو الوأد الخفي) فهذا يدل على أنه وإن كان جائزاً فإن فيه شيئاً من الكراهة.

وبهذه المناسبة أود أن أشير إلى ظاهرة ذُكِرت لنا، وهي: أن كثيراً من المولِّدين أو المولِّدات في المستشفيات يحرصون على أن تكون الولادة بطريقةِ عملية، وهي ما تسمى بالقيصرية، وأخشى أن يكون هذا كيداً للمسلمين، لأنه كلما كثرت الولادات على هذا الحال ضَعُفَ جِلْدُ البطن وصار الحمل خطراً على المرأة، وصارت لا تتحمل، وقد حدَّثني بعض أهلِ المستشفيات الخاصة بأن كثيراً من النساء عُرِضْن على مستشفيات فقرر مسئولوها أنه لا بد من قيصرية، فجاءت إلى هذا المستشفى الخاص فوُلِّدت ولادة طبيعية، وذَكَرَ أكثرَ من ثمانين حالة من هذه الحالات في نحو شهر أو أقل أو أكثر قليلاً، وهذا يعني أن المسألة خطيرة، ويجب التنبُّه لها، وأن يُعْلَم أن الوضع لا بد فيه من ألم، ولا بد فيه من تعب، (حملته أمه كرهاً ووضعته كرهاً)، وليس لمجرد أن تحس المرأة بالطَّلْق تذهب وتُنْزِل الولد حتى لا تحس به، فالولادة الطبيعية خير من التوليد، سواء عن طريق القيصرية أو غيرها؛ لكن إذا وُجِدَت مشقةُ غيرَ عادية فحينئذٍ تذهب، وتَحْذَر من القيصريات بقدر ما تستطيع). ("لقاء الباب المفتوح" لابن عثيمين رحمه الله).

4- قال أبو عمار: وقد حدثني أحد الإخوة السلفيين من مسجدنا أنه تابع لعلاج ولده، للقيام بعملية استئصال ورم خبيث في ظهره أو مكان آخر فوجد معاناة شديدة، ولم يجد العلاج المطلوب الذي يريده إلا عند "البعثة الألمانية" والتي وافقت على تسفيره إلى ألمانيا والقيام بمستلزمات العلاج وغير ذلك غير أن لها شرطاً واحداً وهو أنها لا تريد أي مرافق معه حيث يسافر إلى ألمانيا، فسألني ما هي نصيحتك لي ؟! فحذرته من هذا السفر، وبينت له ما فيه من الخطورة على الولد في دينه ودنياه.

4- ومن عجائب المنصرين ما ذكره بعضهم في كتاب له حول "التنصير" من أن هذه البعثات الطبية التنصيرية تستغل في إجراء التجارب حول مدى صلاحية الأدوية التي ترفض هيئات الأغذية والأدوية إجراءها على المجتمع الغربي، قبل أن تثبت فعاليتها في الأرانب أو الفئران، فيؤتى بها إلى المناطق التي تتركز فيها مستشفيات ومستوصفات ومختبرات تنصيرية، فتجرى فيها التجارب على البشر، ثم يكتب بها تقارير إلى هيئات الأغذية والأدوية الغربية لإقرار استخدامها لتركب وتصنع ثم تصرف للناس.

الفصل الرابع: قدرات المنظمات التنصيرية المالية والبشرية:

1- ميزانية الأموال التي ينفقها المنصرون مذهلة:

ميزانية التنصير في العالم كانت عام 1411هـ - 1990م حوالي مائة وأربعة وستين مليار دولار أمريكي [ 164000000000 ] سنوياً، وقد أفاد بهذا أحد العاملين في الساحة الإفريقية، ونشر هذا الرقم في مجلة "الدعوة" السعودية.

ثم إن الميزانية قد قفزت عام 1413 هـ - 1992 م إلى مائة وواحد وثمانين مليار دولار أمريكي [181000000000 ]، وقد أفاد بهذا أحد المحاضرين في أحد الدروس العامة التي تحدث فيها عن التنصير، والفارق الزمني بين الرقمين هو سنتان، أما الفارق الرقمي بينهما فهو سبعة عشر مليار دولار [17000000000 ]، وهو الزيادة في غضون سنتين فقط.

ومثل هذا التفاوت في الأرقام ينطبق على أعداد المنصرين والمنصرات، والمتنصرين والمتنصرات، والمعاهد التنصيرية، والجمعيات القديمة والحديثة، واللقاءاتوالمؤتمرات وغيرها من وسائل "تنصيرية".

2- وذكر أنه يبلغ عدد "المنظمات التنصيرية" في العالم أربعة وعشرين ألفا وخمسمائة وثمانين (24580) منظمة، وعدد المنظمات العاملة في مجالات الخدمة يزيد عن عشرين ألفاً وسبع مائة (20700) منظمة، ويبلغ عدد المنظمات التي تبعث منصرين متخصصين في مجالات التنصير والإغاثة ثلاثة آلاف وثماني مائة وثمانين (3880) منظمة.

3- ويزيد عدد المعاهد التنصيرية على ثمانية وتسعين ألفاً وسبع مائة وعشرين (98720) معهداً تنصيرياً، ويبلغ عدد المنصرين المتفرغين للعمل خارج إطار المجتمع النصراني أكثر من مئتين وثلاثة وسبعين ألفا وسبع مائة وسبعين (273770) منصراً.

4- ويزيد عدد الكتب المؤلفة لأغراض التنصير عن اثنين وعشرين ألفا ومائة (22100) كتاب في لغات ولهجات متعددة، وبلغ عدد النشرات والمجلات الدورية المنتظمةألفين ومئتين وسبعين (2270) نشرة ومجلة، توزع منها ملايين النسخ بلغات مختلفة.

5- ويزيد عدد محطات الإذاعات التنصيرية على ألف وتسع مائة (1900) إذاعة، تبث إلى أكثر من مائة (100) دولة وبلغاتها.

ويذكر كرم شلبي في رسالته: "الإذاعات التنصيرية الموجهة إلى المسلمين العرب" أكثر من خمس وثلاثين محطة إذاعة منتشرة حول العالم، ومنها "إذاعة الفاتيكان" التي ثبت إرسالها بأكثر من سبع وأربعين لغة أربع وثلاثون منها أساسية، وثلاث عشرة لغة تستخدم في مناسبات خاصة: ويزيد عدد الساعات المبثوثة باللغة العربية عن ألف وخمس مائة (1500) ساعة في الأسبوع، أي: ما يقارب ثمانين ألف 80.000) ساعة في السنة.

6- عام 1984م طبعت أربعة وستون مليون نسخة من الإنجيل، وقد دخلت الجزائر باخرة مليئة بالأناجيل فرفضت الحكومة دخولها.

2- عدد المسلمين الذين نصرتهم هذه المنظمات:

ودعوة مثل هذه الدعوة وبمثل هذه الجهود الجبارة والأموال الطائلة لا شك أنه سيكون لها ضحايا، وأرى من المهم ذكر عدد الضحايا لأن هذا تترتب عليه الكثير من المصالح والتي منها أن ينتبه الدعاة إلى الخطر القادم، فنقول وبالله التوفيق:

1- الدعوة إلى التنصير قامت بتنصير 500,000 مسلم من مسلمي كازاخستان في أقل من عشرين عاماً.

2- وقامت بتنصير أكثر من 2000 مغربي في عام 2004م، ويقومون بمراسلة ما يقارب هذا العدد عبر البريد الإلكتروني.

3- قامت بتنصير 120 مسلم يمني من محافظة واحدة، وهذا غير العدد نفسه الذي تنصر أثناء التنصير في "مستشفى جبلة" فالمجموع ما يقارب 240 يمني.

4- قاموا في مصر بتنصير أكثر من 3000 مسلم كما ذكرت بعض المتنصرات، وقال متنصر آخر: إنهم أكثر من 10000 متنصر كما في بحث: "تقرير ميداني عن التنصير في مصر".

5- أثر التنصير على المسلمين في أندونيسيا حتى أصبح عدد المسلمين من 95% إلى 86% وهذا يدل على تزايد النصارى، نسأل الله السلامة والعافية.

3- دور المنظمات العالمية:

الواقع أن الأحداث تثبت أن المنظمات الدولية على اختلاف مهماتها تسير حسب التوجيهات الغربية في التعامل مع الآخرين.

وقد كتبت بعض الجهات في تقرير لها صدر عام 1995م عن خطورة نشاط "المنظمات الدولية التنصيرية" في إفريقيا خلال 15 سنة مضت، إذ كانت ترفع الشعار التالي: (تخلوا عن دين الإسلام وسوف نقوم نحن بتحريركم من الجوع والفقر والخوف والمرض) كما ذكر التقرير أن جيوش "الإرساليات التنصيرية" عبرت أفريقيا تحملالغذاء في يدها اليسرى والصليب في يدها اليمنى.

وذكر الدكتور محمد السلومي في كتابه "ضحايا بريئة" ما تقوم به "جامعة كولمبيا الدولية الأمريكية" ودورها المتخصص في إعداد خريجين يعملون بعد التخرج لتنصير العالم الإسلامي، سواء من خلال "المؤسسات الإغاثية العالمية"، أو تحت أي غطاء، إذ تقوم هذه الجامعة بتقديم دروس خاصة في التنكر والتخفي لتيسير تنصير المسلمين، وهو ما تسمية بعض المجلات الأمريكية: (الحرب الصليبية الحذرة) هذا ما نشرته مجلة "الأم جونز" عام 2002م.

ومن ذلك ماتناقلته الأخبار من وجود أسلحة داخل أكياس القمح المرسلة من "منظمة دولية" إلى جنوب السودان، حيث المتمردون بقيادة جون جرنج ورفاقه، ومن انشق عنه أخيراً، وكذا الحال في المجتمعات المسلمة الأخرى.

4- صورة من خطورة التنصير:

ولكي نعطي صورة واضحة عن خطر التنصير وأثره على مجتمعات المسلمين وأفرادهم نضرب مثالاً بما أحدثه التنصير في أراضي السنغال وكيف أثره على شعبها المسلم، فالسنغال لا يزيد عدد النصارى فيها عن 1% ومع هذا فللنصارى اليوم دولة تحكم الأغلبية المسلمة.

فمن آثار التنصير هناك:

1- التنصير في السنغال قائم على قدم وساق، فالمئات من "المنظمات التنصيرية" تعمل في السنغال، ولا تجد هذه المنظمات أدنى صعوبة، فالأغنياء من أبناء المسلمين يذهبون إلى هذه المدارس لتلقي علومهم، وهناك إقبال على المستشفيات التي تحمل شعار الصليب الأحمر، في وقت لا توجد المستشفيات التي تحمل شعار الهلال الأحمر.

2- يوم الجمعة هو يوم عمل في السنغال، أما يوما الإجازة الرسمية فهما السبت والأحد، حيث يحصل المسلمون على ساعتين راحة يوم الجمعة لأداء الصلاة، على أن يتم تأخير ميعاد الدوام من الثالثة إلى الخامسة لتعويض الساعتين اللتين يؤدون خلالها الصلاة.

3- الأعياد المسيحية تحولت إلى أعياد رسمية، وليس عيدي الفطر والأضحى، وعلى الرغم من ذلك فإن التنصير في السنغال يعمل على فصل المسلم عن دينه الحنيف،بحيث لا يكون للدين دور في حياته، وهو ما يعد أفضل لديها من أن يكون مسيحياً.

4- كانت العربية هي اللغة الأولى والرسمية في السنغال قبل الاستعمار الذي حاصرها ومنع انتشارها في السنغال لعقود طويلة.

5- كذلك ينتشر المنصرون بين القبائل الوثنية، فهم يفضلون استمرارها في عبادة الأصنام دون اعتناق الإسلام الذي يعد الدين الأكثر اعتناقاً في أوساط الوثنيين.

6- تحدث مراقبون كثيرا عن تحول داكار العاصمة السنغالية إلى مركز للنفوذ الصهيوني في الغرب الإفريقي.

الفصل الخامس: التنصير في اليمن:

والكلام على التنصير في اليمن مهم بالنسبة لنا، لكني سأختصر لكم الكلام عليه في نقاط:

1- أول عمل تنصيري منظمبدأ في "اليمن" في العصر الحاضر كان في مدينة عدن جنوبي اليمن في السبعينات من القرن الهجري الماضي أي: ما يوافق الخمسينات من القرن الميلادي الماضي، أما في الجهات الشمالية فكان حوالي عام 1390هـ أي: ما يوافق عام 1970م وذلك من خلال منظمة فدائية تدعى "فريق البحر الأحمر الدولي" التي أسسها المنصر (ليوني قرني) عام 1951 م، وكان يطلق عليها (الخيامون) وهم النصارى القادمون للعمل في البلاد الإسلامية في مجالات مختلفة كالطب والتعليم والتمريض وشعار هذه المنظمة: (الإسلام يجب أن يسمعنا) وهدفها نشر الإنجيل بين المسلمين، ومركزها الرئيسي إنجلترا، وتحصل على الدعم من الكنائس والأفراد ومنظمات العون النصراني ويشرف هذا الفريق على عدد من "المشاريع التنموية" في عدد من البلاد الإسلامية والأفريقية منها: مالي وجيبوتي وباكستان واليمن وتنزانيا وهذا بموافقة الدول المضيفة.

2- قام يمنيان في عام 1992م في "منطقة جبلة" التابعة لمحافظة "إب" جنوبي العاصمة صنعاء، بتمزيق القرآن الكريم ورميه في حمامات مسجد الأشرفية، وقد كانت هذه الفعلة جريمة اهتز لها المجتمع اليمني، وبعد التحقيق معهما اعترفا أمام المحاكم بأنهما ارتدا عن الإسلام، ودخلا في الديانة النصرانية من خلال شخص ثالث، وعند استدعاء الأخير أقر باعتناق المسيحيه نتيجة قراءته واطلاعه على الكتاب المقدس (الإنجيل).

3- وأشار أحد الثلاثة إلى أن المحور الرئيسي لحركة التنصير أحد الأطباء العاملين في مستشفى جبلة المعمداني وجنسيته أجنبية، وتحدثوا عن وعود بتلقي مبالغ مالية مقابل ما يقومون به من جهد تنصيري داخل المديرية.

4- تنصر مسلم صومالي يقيم في عدن كلاجئ بسبب "الحرب الأهلية" في بلاده على يد قس أجنبي يعمل في إحدى كنائس المدينة وطلب تغيير اسمه إلى اسم آخر أمام الجهات اليمنية المهتمة بشؤون الهجرة والجوازات والإقامات، فقامت بتوقيفه وتمت محاكمته، ولكن قبل النطق بالحكم تم تسفيره إلى دولة أوروبية، بحجة حصوله على حق اللجوء الإنساني فيها من خلال متابعة القس، وهناك موضوع مشابه، وهو اعتناق صومالي آخر النصرانية مؤخراً.

5- يتحرك نشاط التنصير في اليمن من خلال الكنائس وإن كانت نادرة، ومن خلال المستشفيات والجمعيات المهتمة بـ"الأمومة والطفولة" و"المعوقين" و"البيئة" و"تعليم اللغات" و"الابتعاث الدراسي" و"السياحة"، سواء في أوساط اليمنيين أم أوساط اللاجئين الأفارقة، وأغلبهم من الصوماليين.

وهناك أكثر من 150 ألف صومالي مقيم في اليمن، منهم ما يزيد على 50 ألفاً مسجلين لدى "المفوضية العليا لشؤون اللاجئين" التابعة للأمم المتحدة، وهو ما يعطي النشاط التنصيري مساحة واسعة وأرضا خصبة للتحرك.

ويذكر بعض المهتمين أن هذا النشاط حقق لهم عدة طموحات كانوا يحلمون بها ولاسيما بعد عام 1990 والسبب يعود إلى ما يلي:

أ- الاستفادة من الأجواء التي وجدت بعد وحدة اليمن عام 1990م والسماح بوجود وعمل المنظمات الأهلية والطوعية بصورة أكبر، مع وجود رقابة قليلة على أعمالهاوحركتها.

ب- تدهور الأوضاع الاقتصادية في اليمن إثر أزمة الخليج الثانية لأسباب منها: عودة مئات الآلاف من العاملين اليمنيين في دول الخليج، وازدياد معدلات الفقر.

ج- نزوح مئات الآلاف من الصوماليين عن بلادهم، إثر الحرب الأهلية إلى اليمن، ولا تزال موجات النزوح مستمرة وإن كانت بمعدلات أقل.

د- وثمة أسباب أخرى مثل: ضعف مستويات الرعاية الصحية، وكثرة الأمراض والأوبئة، وتدني مستويات التعليم.

6- ويتحرك التنصير في اليمن على محورين:

الأول: القيام بالتنصير وحمل بعض اليمنيين ضمناً على ترك الإسلام، وتقديم النصرانية على أنها "المخلص" و"المنقذ" لأحوال البشرية.

ويساعد على ذلك استغلال فقر الناس وحاجتهم، وتقوم بعض الجهات بضمهم لصالح جهات تنصيرية من خلال تعبئة استمارات خاصة بهذا الغرض.

الآخر: محاولة إفساد الشباب وزعزعة ثقتهم وعقيدتهم من خلال إغراءات مختلفة منها الرحلات والحفلات وعرض الأفلام وبعثات تعلم الإنجليزية في الخارج، وعلى سبيل المثال فقد زارت عدن قبل أكثر من ثمان سنوات امرأة تدعى "سوزان اسكندر" من أصل مصري وعضوة في "الجمعية الإنجيلية الفنلندية" وركزت في زيارتها على شريحة الشباب والفتيات، تحت ستار تلمس احتياجاتهم وأحوالهم، وقد قامت بإجراء استبيان لصالح "جامعة هلسنكي" في فنلندا تضمن أسئلة مشبوهة من ضمنها أنها تخاطب الفتيات:

أ- ماذا ترتدين خارج المنزل: (شيذر أو بالطو أو حجاباًً أو منديلاً أو نقاباً أو بدون نقاب) ؟

ب- هل ترغبين في العمل خارج المنزل ؟ متى تستيقظين ومتى تذهبين إلى الفراش ؟

وقد زارت هذه المرأة مدارس إعدادية وعرضت على الطلاب صوراً خليعة وطلبت من بعضهم التعليق عليها، وسألت بعض الطلبة عما إذا كانوا قد رأوا أفلاماً جنسية أو أنهم يمارسون العادة السرية !!

7- أبرز الكنائس والمنظمات:

هناك جهات متعددة تتبنى التنصير في اليمن وسوف نكتفي بالإشارة إلى أهمها:

أ- الكنيسة الكاثوليكية بالتواهي: أهم موقع كنسي تم افتتاحه في الخمسينيات إبان الوجود البريطاني في محمية عدن، وربما تكون أهم كنيسة تم بناؤها في شبة الجزيرة العربية، أعيد افتتاحها مع مركز طبي ملحق بها عام 1995م من قبل السفارة الأمريكية بصنعاء، يستغل هذه الملحق لإجراء العمليات الجراحية وإعطاء بعض المرضى ما يحتاجون إليه من أشياء كالنظارات وغيرها بأسعار رخيصة.

أقول: وهذه الكنيسة تبعد من مسجدنا قرابة نصف كيلو أو أقل، والناس يتدفقون عليها لغرض العلاج، ولا زلت أذكر أنه في عام 1417هـ جاءني أخ ومعه كتابان أحدهما بعنوان: (الإنجيل كلمة الله) والآخر كتاب بعنوان: (العالم يحترق) ويقول: إنه يوزع في هذه الكنيسة على من يوثق به من الناس.

ب- البعثة النصرانية المعمدانية الأمريكية بإب: تنشط من خلال مستشفى جبلة التابع لها والكنيسة الملحقة بالمستشفى بصورة قوية ويمتد نشاطها إلى محافظة تعز تحت شعار الاهتمام بالفقراء ودور الأيتام وسجون النساء.

وذكرت بعض الإحصاءات أنه عن طريق البعثة المعمدانية الأمريكية "مستشفى جبلة" تم تنصير 120 مسلماً، وتعتمد بعض الكنائس توزيع الانجيل والمجلات النصرانية والأشرطة المسموعة والمرئية.

وعلى سبيل المثال قامت سفينة سياحية زارت عدن عام 1999 بتوزيع "الانجيل"، ومجلة واسمها "فيشرز" تدعو إلى اعتناق النصرانية، وهناك نشرة اسمها "الأشبال" تصدر من أسبانيا يتم تداولها في أوساط بعض الشبان اليمنيين.

ج- أطباء بلا حدود: بعثة طبية تدعو إلى اعتناق المسيحية بالإغراء بالمال، مستغلة حاجة الناس وفقرهم.

د- وبعثة الإحسان: لها نشاط في تعز والحديدة وخصوصاً في أوساط المصابين بالجذام والأمراض العقلية وكان لها ارتباط مباشر بالمنصرة الهندية المعروفة بـ (الأم تريزا).

ولهذه البعثة مقر ملحق بأحد المستشفيات المشهورة في العاصمة صنعاء، وفيه عشر راهبات، وتشرف على دار للرعاية النفسية بمحافظة الحديدة الساحلية ودارين للعجزة في صنعاء وتعز.

هـ- المعهد الكندي بصنعاء: يتخذ من تعليم الإنجليزية غطاء لأنشطته، وتتميز دوراته بقلة التكلفة مقارنة بتكلفة دورات المعاهد الأجنبية الأخرى، ويعتمد على الرحلات وحفلات نهاية الدراسة المختلطة، ويستمر التواصل بين المدرسين الكنديين مدة إعارة كل منهم سنة واحدة وطلابهم حتى بعد عودة المدرسين لبلادهم وكثيراً ما يثير هؤلاء مع طلابهم نقاشات تتضمن إثارة الشبهات حول الإسلام.

وتعتبر الجهود ضئيلة في الكشف عن هذه المؤسسات وتعريف الرأي العام بها وبأخطارها والأهداف الخفية لعملها، لأن هذه الجهود هي في الغالب جهود فردية قائمة على أفراد من أهل العلم وطلابه، ومن خلال النشاط المضاد للتبشير بالإسلام وهديه في أوساط الجاليات الأجنبية والأفريقية والآسيوية العاملة في اليمن، وتوجد في هذا الصدد لجنة اسمها: (لجنة التعريف بالإسلام) مقرها صنعاء ومركز الدراسات الشرعية ومقره مدينة إب.

و- بعض المواقع في "شبكة المعلومات":

وقد استفدت المعلومات الآتية من "موقع الحقيقة الدولية" الذي نقلها عن "موقع مأرب برس"، قد ذكروا أن من هذه المواقع التنصيرية موقع "اليمن من أجل المسيح" والذي يهدف إلى توصيل هذا النشاط التنصيري إلى الناس، ومدير تحرير الموقع يمني يكتب في الموقع المشار إليه بإسم "ابن صنعاء" وهو شاب في العشرينات منعمره، يكتب بهذا الاسم خوفاً من تطبيق حكم الردة عليه.

ويقول: (تزوجت من مسيحية عربية وأعمل في دولة غربية، اعتنقت المسيحية وأنا في اليمن وتعمدت أيضا في اليمن)، وذكر أن التعميد هو أن تشهد باسم الأب والابنوروح القدس.

ويذكر ابن صنعاء أن عدد المسحيين اليمنيين يصل إلى 2500 شخص وأن هناك 700 مسيحي خارج اليمن، ويقول: (هناك عائلات يمنية مسحية في اليمن وأولادهم ولدوا مسيحيين ونحن نتواصل فيما بيننا باستمرار سواء عبر الهاتف أو الانترنت"، ويشير إلى أن المسيحيين يمارسون شعائرهم الدينية كمجموعات "كل أسبوع فيبيت احد المسيحيين سواء كان يمني أو أجنبي"، كما أنهم "أي المسيحيون" يسعون لنشر دينهم عن طريق التبشير بين أوساط الشباب والنساء".

ويستدرك قائلاً: (صعب أن نغير القوانين اليمنية لأن الأكثرية مسلمة، ونحن ليس لدينا أي طموح سياسي، مشيراً إلى أنه واثنين من أصدقائه صمموا موقعاً علىالانترنت).

وأوضح أن الهدف من إنشاء موقع على شبكة الانترنت هو تعريف أهل اليمن بالديانة المسيحية وإنقاذهم من الموت الروحي، ويقول: نأمل أن نرى بيت الرب على أرض الواقع في اليمن" أ.هـ نقلاً من موقع: "الحقيقة الدولية" عن "موقع مأرب برس".

نعوذ بالله من الكفر وأسبابه.

ز- بعض المنظمات التنصيرية:

1- مثل: (منظمة ملنيوم للإغاثة): وهي منظمة أمريكية تنصيرية هدفها الأول والأخير هو التنصير، وتتخذ من العمل الإنساني ستاراً لنشر أهدافها المشبوهة وتدار هذه المنظمة عالمياً، ويدير هذه المنظمة في اليمن والتي يقع مقرها في صنعاء حده الحي السياسي أمام معهد مالي، مجموعة من المنصرين الأجانب على رأسهم المدعو: دنس كوكس المعروف بأبي داؤد والمقيم في اليمن منذ 25 عاماً حيث يعتبر الرأس المدبر لعملية التنصير في اليمن وأكبر الحاقدين على الإسلام والمسلمين، وهو المخططالرئيسي لحملة التشكيك والطعن في النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن الكريم حيث بدأ هذا البرنامج منذ ثلاث سنوات وقام بإدخال العديد من الكتبوالسيديهات والأشرطة التي تسيء للإسلام ونبيه العظيم.

2 – (منظمة شريك التعاون العالمي): وهي منظمة تنصيرية تعمل في اليمن ويديرها المنصر الأمريكي (ألن باسكوفتش) وزوجته الالمانية صوفيا ومقر المنظمة صنعاء "عصر".

3 – (منظمة الخدمات الاجتماعية الدولية): وهذه المنظمة التنصيرية تتبع الكنيسة المعمدانية التي كانت تدير "مستشفى جبلة المعمداني" وتنشط هذه المنظمة في العديد من المحافظات اليمنية ولديها معهد لتعليم اللغة الانجليزية في جزيرة سقطرى ويديرها في اليمن المبشر الأمريكي المدعو (درو واطسن).

نقلت هذه المعلومات المتعلقة بالمنظمات من "موقع طريق الحقيقة".

ح- حملات تنصير في نواحي أخرى:

ونقلت المواقع المشار إليها سابقاً أن يمنياً له محل فضيات في إحدى نواحي مدينة صنعاء يقول: إن النشاطات التنصيرية أصبحت ظاهرة، خاصة مع وجود الكثير من الأجانب الذين يفضلون السكن في مباني المدينة التراثية.

ويقول: إن السكان الأجانب يقومون بتوزيع الكتاب المقدس "الإنجيل" على المواطنين إضافة إلى الكثير من المنشورات الدينية التي تحفز على اعتناق المسيحية وترك الإسلام، منوهاً بأن هذا الأمر لا يلقى استجابة من قبل الشباب اليمني سوى تلك الشريحة المحتاجة والمتمردة.

ويقول الموقع المشار إليه: إن هذا الرجل قال: إن هناك علامة استفهام حول الثراء السريع لبعض الشباب وامتلاكهم منازل وسيارات وسفريات، منوهاً بأن هؤلاء الشباب على علاقة مستمرة مع الأجانب.

وأضاف قائلاً: (حاول بعض الأجانب إقناعي باعتناق المسيحية لكني رفضت وأجريت مناقشات كثيرة معهم حول الدين الإسلامي).

مترجم يعمل في مؤسسة رسمية أكد أنه تعرض قبل ثلاث سنوات وأثناء دراسته الجامعية لمحاولة تنصيره عن طريق إغرائه بالأموال والدراسة في الخارج.

وقال أحد اليمنيين: إن محاولات تنصيره لم تكن بواسطة مبشرين مسيحيين أجانب فحسب بل كانت برفقة بعض الشباب اليمنيين.

8- نصارى يمنيون:

وقبل أن نختتم هذا الموضوع نشير إلى وجود أقلية نصرانية في اليمن تحمل الجنسية اليمنية، وهم عدد قليل من الأسر تعود إلى أصول هندية مقيمة في عدن منذ عدة عقود، قدموا من بلادهم مع الاحتلال البريطاني لجنوب اليمن، وهناك بعض اليمنيين من قد تنصر بعد أن كان مسلماً، وبقي على ردته حتى مات نصرانياً بل ودفن معالبريطانيين في مقبرتهم في "المعلا حافون" والتي تضم رفات كثير من نصارى الإنجليز، وتشرف كنيسة المسيح بالتواهي على هذه المقبرة.

وذات مرة طرق علي الباب رجل كبير في السن بعد منتصف الليل، وأخبرني أنه جاء يسأل عن زوج ابنته الذي كان يعمل في "المملكة العربية السعودية" ثم ذهب من "المملكة" إلى دولة خليجية مجاورة ليعود بعد ذلك متنصراً على دين النصرانية نعوذ بالله من الكفر وأسبابه، فهذا يدل على أن هناك من يدخل في النصرانية بأسباب وعوامل خارجية وليست من المنصرين في اليمن فقط.

9- وفيما يخص أماكن عبادات النصارى فتوجد في "مدينة التواهي" بعدن الكنيسة الأنجليكانية الكاثوليكية (كنيسة المسيح) وهي كنيسة قديمة يعود بناؤها إلى خمسينيات القرن العشرين إبان الوجود البريطاني في عدن وتتبع هذه الكنيسة المجمع الكنسي في لارنكا بقبرص، لكنها ومنذ إعادة افتتاحها عام 1995 ما تزال تدار مؤقتاً من قبل الإدارة الإنجليكانية في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، ويوجد في الكنيسة مركز طبي كنسي ملحق بها يقدم الخدمات الصحية، وقد تعرضت لتفجير في إبريل/ 2002م.

وحتى فترة قريبة كانت توجد كنيسة معمدانية في مدينة كريتر بعدن ولكنها ألغيت وتحول مبناها إلى منشأة حكومية.

وتخلو المحافظات الشمالية من أية كنيسة، لكن الأجانب المسيحيين يقيمون صلواتهم يوم الأحد بانتظام في بيوت خاصة مستخدمة دورا عبادة خصوصا في صنعاء.

10- وبوجه عام فالنصارى اليمنيون ممنوعون من القيام بعمليات تنصير، وللغرض نفسه تشير بعض المصادر إلى تعرض الرسائل الخاصة برجال الدين المسيحيين للمراقبة بانتظام.

الفصل السادس: كيف نواجه خطر التنصير:

نحب أن نبين أولاً أن مهمة مواجهة التنصير هي مهمة الجميع، فالكل مسئول عن دين الإسلام حكاماً ومحكومين، وذكوراً وإناثاً، ودعاة وغيرهم.

ولكن هناك أشياء مهمة ينبغي السير عليها لمواجهة هذا التنصير هي من أنفع ما تكون، منها:

1- نشر العقيدة الصحيحة وبيان ما عليه النصارى من الضلال والانحراف والكفر المبين، وبيان ما هم عليه من المكر الكبير بالمسلمين.

2- إحياء عقيدة الولاء والبراء.

3- الخروج للدعوة إلى الله إلى القرى والأرياف التي يمكن أن يدخل الخلل منها، ويمكن أن يدخل علينا الشر من خلالها، لأن تلك الأماكن هي بيت القصيد عند النصارى.

4- علينا أن نعرف خطر الأمر وعظم المسئولية أمام الله تعالى وأن الله تعالى سائلنا جميعاً رعاة ورعية وحكاماً ومحكومين عن هذا الدين وعن النفوس التي تخرج من التوحيد إلى هذه الكفر والظلام الدامس، فعلينا أن نقف موقف الجد من هذا الخطر، وأن نمنع هذا المد الزاحف على بلاد المسلمين بكل ما أوتينا، وعلى ولاة الأمر وفقهم الله لمرضاته أشياء:

أ- أن يدققوا مع هؤلاء المنظمات فمن شعروا به أنه يفكر في أن يدعو إلى النصرانية فعليهم أن يضربوا بيد من حديد حتى لا تسول لهم أنفسهم أن يدعوا أحداً مرة أخرى، نسأل الله أن يحفظ دينه وأن يعلي كلمته.

ب- وأيضاً على ولاة الأمر وفقهم الله أن يعلموا أن اتجاه كثير من المسلمين إلى هذه الحملات التنصيرية إنما هو بسبب الحاجة الماسة ولاسيما في باب الطب كما قدمنا، فعليهم أن يسدوا الباب وأن يغنوهم عن التوجه إليهم وذلك ببناء المستشفيات وتوفير كل مستلزمات العلاج حتى لا يطمعوا فيما عندهم.

ج- أن يحجبوا ما استطاعوا حجبه من المواقع التنصيرية التي هي أخبث من المواقع الإباحية بكثير، وسواء كانت هذه المواقع يمنية أو غيرها، كموقع: "اليمن من أجل المسيح" وموقع: "منتديات الكنيسة" والتي خصصت فيها صفحات بعنوان: "كنيسة أبناء اليمن" فإن الحفاظ على دين المسلمين من أعظم مقاصد الشريعة.

خاتــــــــمة:

وفي الأخير نؤكد أن المنصرين مهما فعلوا فهم فاشلون، نسأل الله أن يهديهم إلى الإسلام وإلا فيخيب سعيهم، وأن يردهم كيدهم في نحورهم.

ومما يؤكد فشل أساليبهم:

1- ما ورد في الخطاب الذي قدمه "ستانلي مونيهام" إلى المؤتمر التنصيري المنعقد في أمريكا عام 1978م إذ جاء فيه: (إن مطبوعات الإرساليات التنصيرية التي تعمل في صفوف المسلمين مليئة بإشارات وعبارات مثل: "عدم الاستجابة" أو "منطقة صعبة" أو "نمو بطيء " أو "أرض وعرة").

وجاء فيه أيضاً: (كنا منذ شهور في حملة تنصير في أرجاء مدينة " شينك ماي" وكانت الحملة جزءا من احتفال يشمل البلاد برمتها بذكرى مرور (150) عاماً على بدء التنصير فيها، وتعتبر هذه المدينة المركز النصراني في شمال تايلاند، وقد وصلها الكتاب المقدس منذ (110) أعوام ومع ذلك فإن النصارى في هذه المدينة لازالوا أقلية صغيرة مكتئبة) أ.هـ

2- ومن ذلك أنهم وإن ظفروا بفريسة من الفرائس التي يتم تنصيرها على أيديهم، فإن الله يأبى إلا أن يخرج من دينهم الكثير ممن يرغب عن دينهم إلى دين التوحيد والإيمان فلله الحمد، مع الفارق بين الداخل في الإسلام الذي دخل عن قناعة متأثراً بعظمة الإسلام وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن دخل في ضلالهم افتقاراً وحاجة وتمرداً على دينه وربه، حتى أصبحوا يرون أنه من الضروري تنفير المسيحيين الذين معهم من الإسلام لكثرة ما يرون من الذين دخلوا فيه.

3- أن كل من يقع في حبائلهم فعليهم وزره إلى قيام الساعة.

وصدق الله: (إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله، فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون).

هذا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

بحث علمي عن التنصير

المقدمة

الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .

أما بعد :

أخبرنا الله جل وعلا منذ أكثر من أربعة عشر قرناً عن نوايا أعدائنا من اليهود والنصارى ، فقال جل شأنه : ((ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ..))(1) ، ولا زلنا نشاهد في الواقع المعاصر مصداق ذلك ، من هجمات شرسة على الإسلام وأهله ، تهدف للقضاء عليهم نهائياً وإن لم يكن فصرف المسلمين عن دينهم إن استطاعوا حسداً من عند أنفسهم .

ومن الهجمات التي يواجهها العالم الإسلامي ، حركات التنصير الواسعة ، والتي يسعى فيها النصارى إلى نشر المسيحية بين المسلمين ، وتشكيكهم في دينهم ، سالكين في ذلك كل وسيلة ممكنة لتحقيق أهدافهم ومرادهم .

أسباب اختيار الموضوع :

1. أهمية الموضوع كما سيأتي في الحديث عن أهمية البحث .

2. عدم وجود دراسة مختصرة وشاملة لموضوع التنصير .

أهمية البحث :

يستمد البحث أهميته لأنه يعّرف بالتنصير تعريفاً مختصراً وشاملاً ، لأننا نحتاج إلى تكوين تيار مضاد للتنصير ، ولا بد أن ينطلق من معرفة شاملة بكل ما يتعلق به ، لأن مواجهة أي أمر لا يكون إلا بمعرفته أولاً معرفة شاملة ، ثم الانطلاق لمحاربته وصده .

تساؤلات البحث :

س/ ما معنى التنصير ، وما هي جذوره التاريخية ؟

س/ ما أهداف التنصير ؟

س/ ما الوسائل والأساليب التي استخدمها التنصير لتحقيق أهدافه ؟

س/ ما إمكانيات التنصير ؟

س/ ما المؤتمرات التنصيرية ؟

س/ ما آثار التنصير على العالم الإسلامي ؟

أهداف البحث :1.

1. التعريف بالتنصير ، وذكر تاريخه وجذوره .

2. توضيح أهداف التنصير .

3. إبراز أهم الوسائل والأساليب التي استخدمها التنصير لتحقيق أهدافه .

4. ذكر الإمكانيات التي يمتلكها المنصرون .

5. التعريف بالمؤتمرات التنصيرية ، وذكر أهم هذه المؤتمرات .

6. ذكر آثار التنصير على العالم الإسلامي .

مكونات البحث :

وقد ناقشت في هذا البحث قضية التنصير بشكل عام ، وقسمته بعد المقدمة إلى أربعة مباحث :

المبحث الأول : مفهوم التنصير وتاريخه ، وفيه مطلبين :

المطلب الأول : تعريف التنصير .

المطلب الثاني : تاريخ التنصير .

المبحث الثاني : أهداف التنصير .

المبحث الثالث : وسائل التنصير وأساليبه .

المبحث الرابع : حقائق عن التنصير ، وفيه مطالب :

المطلب الأول : إمكانيات التنصير .

المطلب الثاني : المؤتمرات التنصيرية .

المطلب الثالث : آثار التنصير على العالم الإسلامي .

الخاتمة متضمنة أهم النتائج .

ثم التوصيات .

ثم إني حاولت جاهدة أن أضم في بحثي هذا أهم النقاط المتعلقة بالتنصير ، مع الحرص على أن يكون مختصراً اختصاراً شاملاً غير مخل بالموضوع ، أسأل الله أن يكون ما بذلته مستوفياً للمطلوب ، وخادماً للموضوع.

ـــــــــــــــــــــ

المبحث الأول : مفهوم التنصير وتاريخه :

المطلب الأول : تعريف التنصير :

التنصير في اللغة : مأخوذ من مادة (نصر) ، والتَّنصُّر هو الدخول في النصرانية ، ... ، ونَصَّره : جعله نصرانياً(2) ، وفي الحديث : (( كل مولود يولد على الفطرة ، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه ))(3).

والتنصير :

هو حركة دينية سياسية استعمارية بدأت في الظهور إثر فشل الحروب الصليبية ، بغية نشر النصرانية بيم الأمم المختلفة في دول العالم الثالث بعامة وبين المسلمين بخاصة بهدف إحكام السيطرة على هذه الشعوب(4) .

يطلق البعض على حركة التنصير (التبشير) كما يزعم المسيحيون ، والتبشير في اللغة : مأخوذة من مادة (بشر) يقال بشره تبشيراً من البشرى(5) .

والتبشير : هو الدعوة إلى النصرانية ومحاولة دفع الناس إلى الدخول فيها بشتى الوسائل المشروعة وغير المشروعة(6).

المطلب الثاني : تاريخ التنصير :•

بدأت الحركة التنصيرية بالظهور إثر الانهزامات التي مني بها الصليبيون طوال قرنين من الزمن -القرن الحادي عشر والثاني عشر للميلاد- وكانوا إذ ذاك يعملون على الاستيلاء على بيت المقدس ونزعه من المسلمين ولكنهم لم يفلحوا أمام صلابة المسلمين ، وثمة شخصيات مهمة ذات جهود كبرى في حركة التنصير وأهم هذه الشخصيات :

1. الملك لويس هو أول من حدد مهمة المنصِّر ، حددها وهو في الزنزانة كأسير حرب بالمنصورة –آخر الحملات الصليبية- فكان من أفكاره المهمة : تحويل الحملات الصليبية العسكرية إلى حملات سلمية تستهدف الغرض نفسه ، ولا فرق بين الحملتين إلا من حيث نوع السلاح ، فسلاح التنصير : إعداد جند من المنصرين لمحاربة الإسلام ووقف انتشاره والقضاء عليه معنوياً ، واعتبر هؤلاء المنصرين في معاركهم هذه جنوداً رسميين للغرب الصليبي المستعمر(7) ، (وأشار على البابا أنوسنت الرابع بإنشاء أول جمعية للتبشير سنة 1253م) ( 8 ) .

وبعد ذلك بدأ التنصير ينمو ويتسارع وينتشر حتى عم العالم الإسلامي كله .

2. روجر بيكون : دعى إلى ضرورة تعليم اللغة العربية من أجل تنصير المسلمين(9) .

3. ريموند لول : أول نصراني تولى التنصير بعد فشل الحروب الصليبية ، تعلم العربية بكل مشقة ، وأخذ يجول في بلاد الشام يناقش علماء المسلمين( 10 ) .

4. البارون دوبيتز : حرك ضمائر النصارى منذ عام 1664 م إلى تأسيس كلية تكون قاعدة لتعليم التبشير المسيحي .

5. هنري مارتن : كان له أيادي طويلة في إرسال المبشرين إلى بلاد آسيا الغربية ، وقد ترجم التوراة إلى الهندية والفارسية والأرمينية .

6. صموئيل زويمر : رئيس ارسالية التبشير العربية في البحرين ، ورئيس جمعيات التنصير في الشرق الأوسط ، كان يتولى إدارة مجلة العالم الإسلامي الإنجليزية التي أنشأها عام 1911م ، ولا تزال تصدر إلى الآن من هارتيفورد. دخل البحرين عام 1890م ، ومنذ عام 1894م قدمت له الكنيسة الإصلاحية الأمريكية دعمها الكامل . وأبرز مظاهر عمل البعثة التي أسسها زويمر كان في حقل التطبيب في منطقة الخليج ، وتبعا لذلك فقد افتتحت مستوصفات لها في البحرين والكويت ومسقط وعمان . ويعد زويمر من أكبر أعمدة التنصير في العصر الحديث وقد أسس معهداً باسمه في أمريكا لأبحاث تنصير المسلمين.

7. لويس ماسينيون : قام على رعاية التبشير والتنصير في مصر ، وهو عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة ، كما أنه مستشار وزارة المستعمرات الفرنسية في شؤون شمال افريقيا(11).

8. في سنة 1810م أنشئ المجلس الأمريكي للتبشير ، وقد أرسل أول بعثاته إلى مالطة ، وأسس أول مطبعة تبشيرية عام 1815م ثم اتجهوا إلى القدس وبيروت وأنشأوا بها مطبعة أخرى عام 1834م قامت بطبع الكتاب المقدس ونشره في أنحاء العالم الإسلامي ، ثم أنشأت البعثة الأمريكية أخطر مراكز التبشير في العالم الإسلامي على الإطلاق وهي (الكلية السورية الإنجيلية) والتي عرفت فيما بعد باسم الجامعة الأمريكية .

9. وفي سنة 1819م اتفقت جمعية الكنيسة البروتستانتية مع النصارى في مصر ، وكونت هناك إرسالية عهد إليها نشر الإنجيل في أفريقيا .

وقد استمرت حركة التبشير بعد ذلك إلى أوائل القرن العشرين حيث تفرع منها أسلوب آخر وهو الاستشراق بعد أن انكشفت وفشلت في تحقيق كثير من أهدافها .

وهكذا أخذ التبشير ينتشر حتى عم أغلب العالم الإسلامي وصار مصدر خطر حضاري على قيم أمتنا ، وأصالتها وتراثها(12) .

فهي حرب مستمرة وأسلحتها متنوعة ، والهدف واحد : القضاء على الإسلام العظيم ، فالواجب التحرك المنظم من أبناء المسلمين ، لدفع هذه الهجمات الشرسة المنظمة .

المبحث الثاني : أهداف التنصير:

الباحث في أهداف التنصير يجد أن هناك أهدافاً معلنة ظاهرة ، وأخرى حقيقية توضحها أقوال المستشرقين وأفعالهم ، فالغاية مكشوفة ( يجاهر بها بعض ساستهم ورجال الدين والفكر والاقتصاد مجاهرة لا مواربة فيها ، كما يحاول بعض هؤلاء أن يكتموا حقيقة أهدافهم بضروب من المراوغة تأخذ طابع الدعاوي العريضة ، مثل : الرسالة الإنسانية ، ونشر الحضارة وبث المدنية ، والنهوض والتقدم ، ونحو ذلك ..)(13).

لقد تكاثفت جهود الأوربيين النصارى لتحقيق الأهداف المرسومة للخطط التنصيرية ، وأعلنوا أنهم لن يستطيعوا الوصول إليها إلا عن طريق هذا الجهد المتعاون ، يقول لويس التاسع : (إنه لم يعد في وسع الكنيسة أو فرنسا مواجهة الإسلام ، وإن هذا العبء لا بد أن تقوم به أوروبا كلها لتضييق الخناق على الإسلام ثم تقضي عليه ، ويتم لها التخلص من الحائل الذي يحول دون تملكها لآسيا وأفريقيا)(14).

وبالإمكان إيجاز الأهداف الحقيقية للتنصير فيما يلي :

(1) القضاء على الإسلام في نفوس المسلمين :

يقول زويمر في مؤتمر تبشيري أقيم بالقدس عام 1928م والذي جمع فيه خلاصة أعمال المبشرين في العالم الإسلامي : ( ... مهمة التبشير التي ندبتكم دول المسيحية للقيام بها في البلاد المحمدية ، ليست إدخال المسلمين في المسيحية ، فإن هذا هداية لهم وتكريم ، وإنما مهمتكم أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقاً لا صلة له بالله ، وبالتالي فلا صلة تربطه بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها ، وبذلك تكونون أنتم بعملكم هذا طليعة الفتح الاستعماري في الممالك الإسلامية )(15) .

وقد أخبرنا بذلك العليم الحكيم في قوله تعالى : ((ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم)) (16)

(2) التمهيد للاستعمار :

ويتضح ذلك من حديث زويمر السابق ذكره في الهدف الأول حين قال : ( وبذلك تكونون أنتم بعملكم هذا طليعة الفتح الاستعماري في الممالك الإسلامية ).

(3) القضاء على وحدة العالم الإسلامي :

يقول المبشر لورانس براون : ( إذا اتحد المسلمون في امبراطورية عربية أمكن أن يصبحوا لعنة على العالم وخطراً ، أو أمكن أن يصبحوا أيضاً نعمة ، أما إذا بقوا متفرقين ، فإنهم يظلون حينئذ بلا وزن ولا تأثير )(17) ويقول القس سيمون : ( إن الوحدة الإسلامية تجمع آمال الشعوب الإسلامية ، وتساعد على التملص من السيطرة الأوروبية ... ، ويجب أن نحول بالتبشير مجاري التفكير في هذه الوحدة حتى تستطيع النصرانية أن تتغلغل في المسلمين )(18).

لذلك نجدهم يسعون جاهدين لإثارة الفتن ، وخلخلة الصف الإسلامي ، والبلاد المسلمة ، ولإثارة الفتن الطائفية ، ويذكر أن زويمر اندس بين طلبة الأزهر في زي طالب علم وأخذ يوزع نشرات تثير الفتنة بين المسلمين والأقباط عام 1919م(19).

(4) محاولة وقف انتشار الإسلام :

يدرك قادة الغرب أن الإسلام قوة غالبة ، وأنه متى عرض على الناس عرفوا فيه الحق والهدى ، فيقبلون عليه ، ويقبلونه ، لذلك فهم يحاربون الإسلام خشية توسعه وانتشاره(20) ، ويسلكون لذلك كل السبل فتراهم في الوقت الذي يهدمون فيه الكنائس في الغرب ، يسارعون في إنفاق الأموال الطائلة لبنائها في بلاد المسلمين(21) ، وأما عن بلادهم فيسعون جاهدين لتشويه صورة الإسلام والمسلمين في نظر الشعوب الأوروبية ، سالكين كل طريقة ممكنة في ذلك ، كنشر المعلومات المغلوطة عن ديانة الإسلام و أتباعه سعياً بذلك لتعميم صورة نمطية واحدة مشوهة عن الإسلام وأهله وعلى رأسهم رمز الإسلام نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وما أمر الرسوم الكاريكاتورية الدنماركية عنا ببعيد.

ومع ذلك كله يظل الإسلام الديانة الأسرع في الانتشار على مستوى العالم أجمع(22) ، بالرغم من التقصير الشديد من قِبل المسلمين في نشره .

(5) بث الهزيمة النفسية بين المسلمين :

أدرك المستشرقون عظمة الثقافة الإسلامية وما تكسبه لأفرادها من قوة وعزة وثقة ، فوجهوا سهامهم نحوها ، يشوهونها ويحطون من شأنها حتى يتخاذل المسلمون عنها وعن الدفاع عن دينهم(23) .

(6) خدمة الصهيونية العالمية :

المستعرض لتاريخ المنصرين يجد أنهم ( عقدوا عدة مؤتمرات لاغتصاب فلسطين وتسليمها لليهود ، وإماتة الروح الإسلامية عند المسلمين ، ... ، فكان هدف المنصرين : القضاء على وحدة الإسلام ، وهدف اليهود : إقامة دولتهم وهيكلهم المزعوم ، ووسيلتهما : الخديعة والمكر والتجسس ، والوقيعة بين المسلمين )(24).

(7) الربح المادي والمكسب التجاري :

وهذا هدف لا ينفك عن الغرب أبداً ، وذلك لثقافتهم التي ترتكز على المادة ، فنجد أن من أهداف المنصرين الاستيلاء على خيرات المسلمين ( بما يصدرون لهم من وسائل الترف والزينة ، وبما يسهل لهم سبلاً محرمة تمتص مختلف طاقاتهم الفكرية والجسدية والنفسية )(25) .

المبحث الثالث : وسائل التنصير وأساليبه:

1. التطبيب :

يقول بول هايسون في كتابه ((الطبيب في بلاد العرب)) : (لقد وجدنا نحن في بلاد العرب لنجعل رجالها ونسائها نصارى)(26).

لذا يسعى المنصرون لبذل الخدمات الطبية وخاصة في الأوساط الفقيرة ، استغلالا لحاجة الناس وعوزهم ، ومن خلال هذه الخدمات يحاولون تحقيق أهدافهم التنصيرية .

2. التعليم :

والتنصير يضع كل ثقله لاستغلال التعليم وتوجيهه بما يخدم أهدافهم ، ولذلك فهم ينشئون المدارس والمعاهد ورياض الأطفال ليتسلموا فيها أبناء المسلمين ويربوهم التربية التي يريدونها .

يقول زويمر : (إن أهم الأساليب إلى تدمير أخلاق المسلم وشخصيته يمكن أن يتم بنشر التعليم العلماني).

ويقول في موضع آخر : (ما دام المسلمون ينفرون من المدارس المسيحية فلا بد أن ننشئ لهم المدارس العلمانية ونسهل الالتحاق بها ، هذه المدارس التي تساعدنا على القضاء على الروح الإسلامية عند الطلاب).

لذلك انتشرت المدارس التبشيرية في أنحاء العالم الإسلامي عامة ، وفي الخليج على وجه الخصوص حتى أن دولة الإمارات يوجد بها عشر مدارس تبشيرية ظاهرة وما كان في الخفاء فالله أعلم به.

وانتشرت الجامعات التي يديرونها منصرون في العالم الإسلامي كالجامعات الأمريكية في القاهرة وبيروت واستانبول.

ومن الوسيلتين الأولى والثانية نجد أن المنصرين يعمدون إلى (استغلال الكوارث الطبيعية والحروب الأهلية : وما ينتج عنها من دمار وخراب وأوضاع مأساوية ... ، فضلاً عن أوضاع المسلمين المأساوية في بعض البلاد الإسلامية الفقيرة ، وما يحتاجون إليه من طعام وكسوة ومسكن بالإضافة إلى التعليم والعلاج مما يجعلهم فريسة سائغة لاستغلال المنصرين الذين يتظاهرون بمواساتهم مادياً ومعنوياً ، ويدّعون الاهتمام بهم صحياً وتعليمياً ، وصولاً إلى اكتساب قلوب هؤلاء المسلمين البسطاء ، ومن ثم السيطرة على عقولهم وإقناعهم بأن في النصرانية خلاصهم من عذاب الآخرة وفقر الدنيا ، ويشترط هؤلاء المنصرون على أولئك المسلمين الذهاب إلى الكنيسة لأداء قداس الأحد مثلاً ، أو يشترطون عليهم عدم المشاركة في الأنشطة الإسلامية نظير خدماتهم تلك.)(27).

3. الأعمال الاجتماعية :

مثل ايجاد بيوت الطلبة المختلطة والأندية الرياضية والثقافية ودور الأيتام والمكتبات العامة والمراكز الثقافية والمخيمات الكشفية ، وغير ذلك من مجمعات يقطفون من ورائها أكبر الثمرات والنتائج(28).

4. استغلال المناصب السياسية والإعلامية :

بالرغم من أن الكنيسة ترفع شعار الابتعاد عن السياسة إلا أنها تدفع بالرهبان والقسس لتقلد المناصب السياسية ، ليتسنى من خلالها خدمة التنصير ، ففي خمسة دول إفريقية هي : توغو ، بنين ، الكونغو ، الغابون ، زائير يترأس المجالس النيابية في هذه البلدان قسس ورهبان(29) .

5. إثارة الفتن والحروب في البلاد الإسلامية :

ويسعون لذلك من لأجل إضعاف الشعوب الإسلامية ، وذلك بإذكاء القوميات وإشعال الطائفية بين المسلمين(30).

6. تشجيع تحديد النسل بين المسلمين :

وفي المقابل تشجيع النصارى على التكاثر ، ويدل على ذلك المؤتمر الذي عقده البابا شنوده مع القساوسة والأثرياء من نصارى مصر في الكنيسة المرقسية بالإسكندرية عام 1971م وكان من مقرراته : تحريم تحديد النسل أو تنظيمه بين شعب الكنيسة وتشجيع الإكثار منه بوضع الحوافز والمساعدات المادية والمعنوية . مع تحديد النسل بين المسلمين(31).

7. تشويه صورة الإسلام ورموزه بطريقة مباشرة أو غير مباشرة فكثيراً ما يلصقون بالإسلام تهماً كالهمجية والرجعية والإرهاب ، ولذلك أمثلة(32) :

• تقرير الكنيسة الهولندية والذي تم نشره على نطاق واسع إذ جاء فيه : (أن الإسلام دين كاذب ، وأنه خطر على العالم ).

• منظمة تنصيرية تنشر صور لمسلمين يصلون في المساجد وتكتب تحتها : ( من أوكار الإرهاب ).

• الحملات الإعلامية والدعائية التلفزيونية لحرب المراكز الإسلامية العاملة في تلك الدول واتهامها بالعمالة لدول معادية ، أو التخطيط لحرب دينية ونحو ذلك .

• نشر رسوم كاريكاتورية في صحيفة يولاندس بوستن الدنماركية ، وتبعتها الصحيفة النرويجية ماجازينت ، والصحيفة الألمانية دي فيلت ، والفرنسية فرانس سور ، وصحف أوروبية أخرى . كل ذلك ضمن أطر الحملات التشويهية للإسلام ورموزه .

8. الأدب التنصيري :

ويشمل كل فنون الأدب : كالقصة ، والمسرحية ، والقصيدة ، والخاطرة ، والنصوص السنيمائية ، والمقالة ، وكلها تحمل رسالة مفادها : اعتناق النصرانية والتنفير من الإسلام .

وقد حذر الأديب نجيب الكيلاني (حذّر من الأدب التنصيري الذي استخدم الإمكانات الفنيّة بدهاء وحنكة بالغين، فمزجت فنونه السم بالدسم، ولجأت إلى التلميح بدلاً من التصريح، واستخدمت الرمز وألوان الإثارة والتشويق، ونأت بجانبها عن السرد الأجوف، والتعبير المباشر الممل، ووظّفت الإيحاءات توظيفاً ماكراً، ورسمت حركة الحياة والأفراد وأنماط السلوك رسماً يتّفق ومعتقداتها)(33).

(والأدب التنصيري الغربي ليس في الحقيقة مجرد تبيان لمحاسن أخلاق المنصرين والقساوسة والرهبان فحسب ، ولكن هناك ما هو أخطر من هذا التصور ؛ إذ يهدف هذا الأدب إلى أمرين خطيرين هما :

1. تشويه صورة الإسلام والنيل منه ، وتوهين عرى الالتقاء بين المسلم وتراثه العقدي والسلوكي .

2. التمهيد لمفاهيم غربية أشد التصاقاً بالاتجاه الديني النصراني ، ولعل هذا يفسر السلوك الغربي المنافي لعقيدتنا في السهرات والاختلاط ، وتجاهل القيام بالفرائض ، والتخلي عن السنن والآداب الإسلامية .

وقديماً كتب كل من ( إسكندر دوين ) و ( بريدو ) و ( روسّو ) و ( فولتير ) قصصاً تنصيرية أوسعوا الإسلام وأشبعوه فيها سباً وقذفاً ، ولنسمع ما قاله توفيق الحكيم عن مسرحية ( محمد ) التي كتبها ( فولتير ) حيث قال : « قرأت قصة فولتير التمثيلية ( محمد ) فخجلت أن يكون كاتبها معدوداً من أصحاب الفكر الحرّ ؛ فقد سَبّ فيها النبي صلى الله عليه وسلم سباً قبيحاً عجبت له ، وما أدركت له علة ؛ لكن عجبي لم يطل ؛ فقد رأيته يهديها إلىالبابا ( بنوا الرابع عشر ) » ، ويضيف توفيق الحكيم : « لقد قرأت فيما بعد رَدّ البابا على فولتير فألفيته ردّاً رقيقاً كيِّساً لا يشير بكلمة واحدة إلى الدين ، وكله حديث في الأدب »)(34).

9. استخدام التكنولوجيا الحديثة في التنصير :

كاستخدام البريد الالكتروني ، وشبكة الانترنت ، وقد زودت شركة مايكروسوفت لبرامج الكمبيوترات العالمية المؤسسات التنصيرية ببرامج مجانية بقيمة خمسة ملايين دولار خلال عام 1993م(35) .

ولا يزال المنصرون يطرقون كل وسيلة تساعدهم على نشر النصرانية ، أو تشكيك وخلخلة المسلمين في دينهم ، ومن طرقهم التي لا تنطلي إلا على السذج والبسطاء ما كان منهم من نشر الإنجيل باللغة العربية في عدد من الدول الإفريقية وقد كُتب بطريقة تشبه القرآن الكريم ، ويحوي على زخارف ، ويبدأ فيه كل فصل ببسم الله الرحمن الرحيم ، مع تشكيل كلماته ، واختيارهم لكلمات من القرآن في ترجمة الإنجيل .

ومن طرقهم أيضا قراءة الإنجيل بطريقة تشبه تلاوة القرآن ، وإقامة القداس الأسبوعي يوم الجمعة بدلاُ من يوم الأحد ، بطريقة تشبه صلاة المسلمين في حركاتهم ، وتزيي المنصرين بأزياء الدعاة والمشايخ ، وبناء الكنائسالجديدة بتصاميم تشبه المساجد فتقام لها قباب ومآذن ، الموافقة على بعض الأحكام والشعائر التي من العسير أن يتركها من يدعونهم إلى النصرانية كالتعدد والختان(36).

ولابد من الإشارة إلى أن مما يساعد على نجاح هذه الوسائل والأساليب قيامها على دراسات منظمة وتحديث هذه الوسائل والأساليب وتطويرها ، إلى جانب قلة الثقافة والوعي عند المسلمين بما يدور حولهم من خطط تنصيرية وعمل دؤوب لصرف المسلمين عن دينهم ، ولتساهل أصحاب الحل والعقد في قبول المؤسسات التنصيرية واستقبال المنصرين في بلاد المسلمين أثر في نجاح التنصير ، ولا ننسى عامل الفقر المدقع في بعض الدول الإسلامية والتي يجد فيها المنصرون التربة الخصبة لنشر النصرانية فيها بوسائلهم الإغاثية كما يحدث في بعض دول القارة الإفريقية(37) .

المبحث الرابع : حقائق عن التنصير :

المطلب الأول : إمكانيات التنصير :

(بلغت القدرات المالية التي تملكها الكنيسة أرقاماً مذهلة ، فقد أنفقت المسيحية العالمية المنظمة في الثمانينات من القرن العشرين 145 بليون دولار سنوياً ، ويعمل في أجهزتها 4,1 مليون عامل متفرغ ، وهي تدير 13000 مكتبة عامة كبرى ، وتنشر 22000 مجلة بمختلف اللغات عبر العالم ، كما تنشر 4 بلايين نسخة من الكتب في العام الواحد ، وتدير 1800 محطة إذاعية وتليفزيونية في أنحاء العالم ، وتستخدم المنظمات الكنسية أجهزة الكمبيوتر ، ويوصف أخصائيو الكمبيوتر المسيحيون بأنهم جيش مسيحي من نوع جديد .

وفي إحصائية أخرى تبين أن عدد المنصرين العاملين في التنصير في عام 1985م بلغ ربع مليون منصر غربي في آسيا وإفريقيا ، يمثلون 3500 منظمة وجمعية تبشيرية في الغرب ، يساعدهم 5,3 مليون مبشر)(38) .

ثم إن الكنيسة تهيءُ للمنصر كل المساعدات التي تجعله متفرغاً لعمله التنصيري ، فهي تهتم بأهل المنصرين وإجازاتهم وتأثيث بيوتهم ، وتقديم العلاج لهم حتى لا ينشغل المنصر عن عمله.

ومن الخدمات التي تقدم للمنصرين والتي تدل على الإمكانيات الهائلة التي يمتلكها المنصرون أن هناك أكثر من 600 مدرسة في الولايات المتحد الأمريكية تتولى تدريس أبناء المنصرين الذين يعيشون في أفريقيا وآسيا وغيرها ، وهناك شركات لتدريب المنصرين على كيفية التصرف في الأزمات مثل الانقلابات العسكرية ، والاضطرابات الأمنية ، إضافة إلى المستشفيات النفسية التي تتكفل بعلاج القسس والمنصرون الذين يحتاجون إلى العلاج النفسي ، وهناك شركات متخصصة في نقل احتياجات القسس والمنصرين إلى أي مكان في العالم بسعر زهيد(39) .

المطلب الثاني : المؤتمرات التنصيرية :

يعقد المنصرون المؤتمرات الإقليمية والعالمية ، لتنظيم الجهود ، وشحذ الهمم ، والإطلاع على كل جديد ، ومن هذه المؤتمرات :

1. مؤتمر القاهرة عام 1906م وقد دعا فيه زويمر الإرساليات التبشيرية البروتستانتية للبحث في مسألة نشر الإنجيل بين المسلمين ، وقد بلغ عدد المؤتمرين 62 شخصاً ، وكان زويمر رئيسا للمؤتمر .

2. المؤتمر التبشيري العالمي في أدنبره باسكوتلنده عام 1910م وقد حضره مندوبون عن 159 جمعية تبشيرية .

3. مؤتمر التبشير في لكهنؤ بالهند عام 1911م وحضره زويمر .

4. مؤتمر الكنائس البروتستانتية عام 1974 في لوزان بسويسرا.

5. مؤتمر جاكرتا 1975 وقد اشترك فيه 3000 مبشر نصراني .

6. المؤتمر السادس لمجلس الكنائس العالمي عام 1980م في كاليفورنيا بالولايات المتحدة ، وقد حث المؤتمر على ضرورة زيادة البعثات التنصيرية بين مسلمي الشرق الأوسط ، خاصة في دول الخليج.

7. المؤتمر العالمي للتنصير بالسويد عقد عام 1981م تحت إشراف المجلس الفيدرالي اللوثراني ، والذي خرج بدراسة مستفيضة عن التنصير لما وراء البحار ، بهدف التركيز على دول العالم الثالث(40).

المطلب الثالث : آثار التنصير على العالم الإسلامي :

اخفق المنصرون في العالم الإسلامي في تحقيق أهم أهدافهم وهو نقل المسلمين إلى النصرانية اعتقاداً وعملاً . فقد كان الإسلام هو العدو الأول للمبشرين كما قال المبشر بلس : (إن الدين الإسلامي هو العقبة القائمة في طريق التبشير بالنصرانية في أفريقيا ، والمسلم فقط هو العدو اللدود لنا ، لأن انتشار الإنجيل لا يجد معارضاً لا من جهل السكان و لا من وثنيتهم وخصمنا الوحيد هو الشيخ أو الدرويش صاحب النفوذ في افريقيا) ، ويقول المفكر الألماني باول شمتز : (حينما حل الإسلام ضاعت جهود المبشرين المسيحيين وفقدوا الأمل في تحويل روح وثنية إلى المسيحية) ، ولا ينكر الدارس لحركة التنصير أن المنصرين قد نجحوا في تنصير بعض المسلمين في سوريا ولبنان ، وبعض أفراد في دول أخرى من العالم الإسلامي ، ولكن هؤلاء الذين تنصروا باعتراف المنصرين أنفسهم لم يكونوا مسلمين حقيقة وإنما كانوا واحداً من ثلاثة :

1. إما صغيراً لم يكن له من أهله من يعرفه ما هو الإسلام ؟ وهؤلاء هم الذين تربوا في الحضانة وفي الملاجئ النصرانية من أبناء الإسلام.

2. وإما رجل مستخف بالأديان لا يبغي غير الحصول على قوت يومه وقد اشتد به الفقر وعزت عليه لقمة العيش.

3. وإما صاحب مصلحة يبغي الوصول إلى غاية من الغايات الشخصية .

إذا فشل المنصرون في تنصير مسلم واحد من المسلمين المتمسكين بإسلامهم ، ولكن التنصير ليس هدفه الوحيد تنصير المسلمين بل له أهداف أخرى تم ذكرها سابقاً ، كمحاولة إبعاد المسلمين عن دينهم ، وطبع المجتمعاتالإسلامية بالطابع الغربي ، ونحوها مما يضعف أمة الإسلام(41) .

الخاتمة

بعد الاستعراض السريع لحركة التنصير ، يتضح لنا مدى الخطر الذي يهدد العالم الإسلامي ، ويظهر لنا مدى الجهد الذي يتوجب على المسلمين القيام به من أجل حماية الإسلام والحفاظ عليه في نفوس المسلمين .

وقد توصلت بعد إتمام هذا البحث -بفضل من الله ومنّه- إلى النتائج التالية :

1. للتنصير جذور عميقة ، وتاريخ ضارب في القدم ، بدءاً بالحملات العسكرية فالانتقال إلى الطريق السلمي غير المباشر .

2. إن المنصرين يسيرون وفق خطط منظمة لبلوغ أهدافهم التي يسعون من أجلها .

3. يمتلك المنصرون إمكانيات مالية هائلة تمكنهم من هذه التحركات الواسعة والإنفاق اللامحدود على كل الوسائل التي يستخدمونها .

4. يبذل المنصرون كل الجهد ويطرقون كل السبل للوصول إلى أهدافهم المنشودة .

5. التنصير في العالم الإسلامي لم يحقق الهدف الأعلى له وهو إخراج المسلمين من دينهم إلا مع فئة ذات صفات معينة .

6. التنصير ليس الهدف الوحيد منه تحويل المسلم من الإسلام إلى النصرانية وإن كان هو الهدف الأعلى ، ولكنه عند إثارة الشبهات والفتن ، وتشويش الدين الإسلامي على المسلمين يكون قد حدد بعضاً من أهدافه .

7. يسعى المنصرون لعمل دراسات جادة تُقدم في مؤتمراتهم للوصول إلى الطرق المثلى التي يسلكونها في التنصير.

التوصيات

1. تكثيف البرامج الدعوية من خلال الإعلام الواعي وبعدد من اللغات .

2. تخصيص مراكز بحوث في دراسة خطط التنصير وإبطالها فكرياً وعملياً ، وعمل دراسات وخطط منظمة للقيام بحملات لنشر الدين الإسلامي.

3. إنشاء جمعيات خيرية تضاهي جمعيات التنصير ، تقوم بالأعمال الإغاثية والاجتماعية مع العمل الحثيث على نشر الدين الإسلامي .

4. توعية العامة وطلاب المدارس والجامعات بأساليب التنصير ووسائله للحذر منها ، مع كشف الشبهات التي يثيرها الأعداء وبطلانها.

5. زيادة المبالغ المالية المخصصة لخدمة الأهداف الدينية الإسلامية الساعية لنشر الدين الإسلامي ، وتوفير امتيازات لمن يعمل في هذا المجال .

6. زيادة المواقع الإلكترونية التي تهدف إلى إصال الصورة الصحيحة للإسلام ، وتفضح مخططات التنصير وتكشف شبههم وترد عليها .

7. دعم الجهود المتفرقة التي تحارب التنصير وتجتهد في نشر الإسلام ، لتجتمع الكلمة وتقوى الجهود .

ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ

1- سورة البقرة ، آية 120.

2- انظر : لسان العرب ، ابن منظور ، ( 50 / 4441 ).

3- صحيح البخاري ، رقم الحديث (4475).

4- الموسوعة الميسرة ، ( 2 / 665 ).

5- انظر : مختار الصحاح ، محمد الرازي ، ص 64.

6- احذروا الأساليب الحديثة في مواجهة الإسلام ، سعد الدين صالح ، ص 35.

7- ثقافة المسلم بين الأصالة والتحديات ، موسى الإبراهيم ، ص 182.

8- احذروا الأساليب الحديثة في مواجهة الإسلام ، مرجع سابق ، ص36.

9- السابق ، ص 36.

10- الموسوعة الميسرة ، مرجع سابق ، ( 2 / 665 ) - وانظر : احذروا الأساليب الحديثة ، مرجع سابق ، ص36.

11- الموسوعة الميسرة ، مرجع سابق ، ( 2 / 666 – 667 ).

12- انظر : الثقافة الإسلامية والتحديات المعاصرة ، إيمان عبدالمؤمن ، ص 128 – 129.

13- الثقافة الإسلامية بين الأصالة والتحديات ، أشرف عبدالرزاق ، ص 133 ، 134.

14- حقيقة التبشير ، أحمد عبدالوهاب ، ص 153 – وانظر : الموسوعة الميسرة ، مرجع سابق ، ( 2 / 669 ).

15- حقيقة التبشير ، مرجع سابق ، ص 160 ، 161.

16- سورة البقرة ، آية 109.

17- الثقافة الإسلامية بين الأصالة والتحديات ، مرجع سابق ، ص 131.

18- الثقافة الإسلامية والتحديات المعاصرة ، مرجع سابق ، ص 134.

19- انظر: السابق ، ص 134.

20- انظر : نحو ثقافة إسلامية أصيلة ، د.عمر الأشقر ، ص 127 – و الثقافة الإسلامية والتحديات المعاصرة ، مرجع سابق ، ص 134.

21- انظر : نحو ثقافة إسلامية أصيلة ، مرجع سابق ، ص 127.

22- ربحت محمداً ولم أخسر المسيح ، د.عبدالمعطي الدالاتي ، ص 78.

23- انظر : الثقافة الإسلامية والتحديات المعاصرة ، مرجع سابق ، ص 135 – و الثقافة الأسلامية بين الأصالة والتحديات ، مرجع سابق ، ص 131.

24- الثقافة الإسلامية والتحديات المعاصرة ، مرجع سابق ، ص 136.

25- الثقافة الإسلامية بين الأصالة والتحديات ، مرجع سابق ، ص 133.

26- ثقافة المسلم بين الأصالة والتحديات ، مرجع سابق ، ص 190.

27- مقال : التنصير يغزو العالم الإسلامي ، أحمد عبدالله الرفاعي ، مجلة البيان ، العدد (153) ، 1421هـ-2000م.

28- انظر : ثقافة المسلم بين الأصالة والتحديات ، مرجع سابق ، ص 190 – 191.

29- انظر : نحو ثقافة إسلامية أصيلة ، مرجع سابق ، ص 130.

30- انظر : الموسوعة الميسرة ، مرجع سابق ، (2 / 674).

31- انظر : ثقافة المسلم بين الأصالة والتحديات ، مرجع سابق ، ص 192 – والموسوعة الميسرة ، مرجع سابق ، (2 / 674).

32- انظر: نحو ثقافة إسلامية أصيلة ، مرجع سابق ، ص 130-131 ، الموسوعة الحرة (ويكيبيديا).

33- مجلة الغرباء الإلكترونية ، مقال : الأديب الذي خرج من المعتقل ليتسلّم جائزة على مستوى الجمهوريّة ثم أعيد إليه في نفس اليوم ، لمحمد علي شاهين.

34- مقال : التنصير يغزو العالم ، مرجع سابق.

35- انظر : مقال :التنصير يغزو العالم ، مرجع سابق.

36- انظر : نحو ثقافة إسلامية أصيلة ، مرجع سابق ، ص 133 – 134.

37- انظر : الثقافة الإسلامية المعاصرة ومرتكزات الثبات المعاصرة ، يوسف صديق و ابتسام الجابري ، ص 153.

38- نحو ثقافة إسلامية أصيلة ، مرجع سابق ، ص 135 – وللاستزادة بالتفصيل انظر : ملف التنصير الذي قدمته مجلة البيان في عددها 153.

39- انظر : نحو ثقافة إسلامية أصيلة ، مرجع سابق ، ص 136.

40- انظر : الموسوعة الميسرة ، مرجع سابق ، (2 / 670 – 671).

41- انظر : احذروا الأساليب الحديثة في مواجهة الإسلام ، مرجع سابق ، ص 81 – 83.

Ayman Abu Saleh

أيمن أبو صالح – معسكر دير البلح

قطاع غزة - فلسطين

Phone: +358 44 290 9535

E-Mail: absayman (at) gmail.com

Skype: absayman

Google Talk: absayman