عقيدة الدروز
عقيدة الدروز
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله . فلا مضل له ، ومَنْ يضلّ ، فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسائر من اهتدى بهديهم إلى يوم الدين ، وبعد .
فمنذ أن بزغ فجر الإسلام على هذه الأرض ، وأعداؤه من اليهود والصليبيين والمجوس وغيرهم يحيكون الفتن والمؤامرات ضد هذا الدين الحنيف ، محاولين أن يزعزعوا أركانه ، ويشككوا بفرائضه ، وينتقصوا من رسوله صلوات الله عليه ، ليطفئوا نوره .
ولهذا توالت الخناجر المسمومة من هؤلاء الأعداء ، يحاولون أن يغرزوها في جسم المجتمع الإسلامي ، وكان أول هذه الخناجر حركة الارتداد عن الإسلام بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والذي وقف في وجهها بكل قوة وحسم الخليفة الصديق أبو بكر رضي الله عنه والتي دبرها المجوس واليهود .
ولما وجد هؤلاء الأعداء أن هذه الطريقة لم تجد في تفتيت هذا المجتمع اتخذوا وسيلة أخرى ليزرعوا خنجرهم المسموم ، وكان أن قام بهذا عبد الله بن سبأ اليهودي الحاقد ، والذي حاول من خلال تشيعه لعلي وآل البيت أن ينفث سمومه وأفكاره الهدامة ، بادعاء ألوهية علي بن أبي طالب ، والتحريض على قتل عثمان بن عفان رضي الله عنهما . وبالفعل فقد أصبح ابن سبأ أستاذًا لكل الفرق الأخرى التي ظهرت فيما بعد ، من خلال الأفكار الملحدة التي طرحها ، فظهرت فرق هدامة كثيرة ، كالفرقة الخطابية التي ادعت ألوهية جعفـر الصادق ، ودعت أيضًا إلى الإباحية والتحلل من كل شيء .
وكان من تلامذة هذه الفرقة " ميمون القداح " ، ذلك المجوسي الحاقد على الإسلام والمسلمين ، والذي ادعى حب جعفر الصادق وتشيعه له ، فاستطاع بهذا وبمساعدة ابنه عبد الله أن يبثوا أفكارهم الإلحادية في نفس محمد بن إسماعيل حفيد جعفر الصادق ، فكانت أن ظهرت الباطنية الإِسماعيلية على يد القداح وابنه ، حيث قسمت إلى تسعة مراتب يترقى بها الداخل في هذه الفرقة ، فيتحلل أثناء ذلك من كل ارتباط له بالإسلام .
وادعى عبد الله بن ميمون بعد ذلك أنه من نسل آل البيت ، وبهذا الادعاء استطاع أن يؤسس أحفاده الدولة العبيدية في المغرب ، والتي كانت عونًا لكل مَنْ يكيد للإسلام والمسلمين متسترة بالإِمامة لآل البيت ، ولهذا فقد تَقَوَّى بها القرامطة ، فكانوا يتلقون أوامرهم منها ومن ملوكها ، ومع مرور الزمن زادت هذه الدولة قوة بفتحها لمصر سنة 385 هـ على يد جوهر الصقلي في ملك المعز العبيدي ، فأصبحت منذ ذلك الحين مركزًا لهذه الدولة .
وفي سنة 386 هـ تولى الحكم ملك جديد في هذه الدولة هو الحاكم بأمر الله ، والذي كان عنوانًا للغموض والأفعال الغريبة المنافية للعقل الصحيح ، سفاكًا للدماء ، يقتل بلا حساب ولا روية .
وما كانت هذه الأفعال إلا مقدمة لما كان يعتلج في نفسه بادعائه للألوهية ، فالتف حوله أشخاص حاقدون على الإسلام والمسلمين زينوا له هذه الفكرة الخبيثة ، فكان أن ظهر محمد بن إسماعيل الدرزي أولاً بهذا الادعاء ، وتبعه حمزة بن علي سنة 408 هـ ، الذي يعتبر مؤسس مذهب الدروز – الذي نحن بصدد بحثه - ، ذلك المذهب الذي لا يزال أتباعه للآن موجودين في سوريا ولبنان وفلسطين .
ونظرا لكثرة الفرق الضالة والموجودة بين ظهراني المسلمين ، والمزروعة في جسم المجتمع الإِسلامي ، أمثال هذه الفرقة ، وفرق النصيريين ، والإِسماعيليين ، والبهائيين وغيرهم ، وبسبب جهل أكثر المسلمين بهذه الفرق ، حتى أن بعضهم يعتبرها مذاهب إسلامية ، لذلك رأيت أن يكون عنوان رسالة الماجستير المقدمة مني هو عن ( عقيدة الدروز ) محاولاً فيها أن أبين لعامة المسلمين حقيقة مذهب هؤلاء ليتبين لهم الحق من الباطل .
وعلى هذا لست بالذي يزعم ، أني أسير في طريق لم يسلك من قبل ، فقد كتب في هذا الموضوع الوعر الشاق كثيرون([1])، ولم يخل الأمر من كتابات رائدة أدت دورًا مشكورًا ، ولكن مازال هنالك مجال واسع لمزيد من الدراسات لتتضح جنبات هذا الموضوع الشائك ، وتبرز كل خفاياه .
ومع الأسف الشديد ، فإن كل الدراسات الجيدة التي ظهرت عن الدروز ، كانت تختفي بعد طبعها من الأسواق بسرعة نادرة ، وما هذا إلا طريقًا من طرق الدروز في التعمية والتستر على ما يعتقدون ، فهم يسارعون إلى شراء الكمية من الأسواق ليبقى الناس على جهل بهم .
وكلي تَوَجُّه إلى الله سبحانه وتعالى ، أن يجعل دراستي هذه ، ذات أثر فعال في إعطاء المزيد من الضوء على هذه الطائفة ، بحيث أكون قد قدمت خدمة جليلة إلى المجتمع الإِسلامي ، بعونه تعالى وتوفيقه ، في سبيل أن يظهر الحق من الباطل .
وسيقوم بحثي هذا على دراسة العقيدة الدرزية من كل جوانبها ، متعرضًا لبعض الجوانب الرئيسية فيها بالبحث والنقض ، وخاصة القضيتين الرئيسيتين في هذه العقيدة ، وهما ألوهية الحاكم ، وتناسخ الأرواح .
وقد فرضت عليَّ طبيعة البحث ، أن أقوم بدراسة تاريخية لبعض الجوانب ، وخاصة حياة الحاكم ؛ لأنها الجانب الرئيسي التي استقى الدروز عقائدهم منها ، لذا كان لابد من استعراض جوانب كثيرة من حياة الحاكم لتكتمل الصورة في ذهن القاريء . وكذلك لحياة دعاة الدروز الأوائل ، والذين قام على أيديهم هذا المذهب .
وقد قمت بتقسيم هذا البحث إلى ثلاثة أبواب ، يسبقها تمهيد عن الطائفة الإِسماعيلية الباطنية ، والتي انبثق عنها الدروز وأخذوا منها الكثير من عقائدهم ، وفي نهاية الأبواب الثلاثة خاتمة أتحدث فيها عن نتيجة هذا البحث ، وحكم الإِسلام فيهم وفي معاملتهم ، فيكون الهيكل العام للرسالة على الشكل التالي :
التمهيد : نشأة الدروز وصلتهم بالإِسماعيلية الباطنية :
وهو بحث لابد منه بين يدي دراستنا ، وفيه أتحدث عن نشأة الإِسماعيلية الباطنية ، والظروف التي نشأت فيها ، والعقائد التي تأثرت بها ، وكذلك عن كيفية قيام الدولة العبيدية ، والتي اتخذت عقائد الإِسماعيلية عقائد لها ، وأخيرًا عن كيفية قيام المذهب الدرزي في عهد الحاكم بأمر الله ، على يد الدرزي وحمزة بن علي ، متعرضًا خلال ذلك لكثير من العقائد التي أخذها الدروز عن الإِسماعيلية .
وبهذا تتضح كل الأمور الرئيسية التي لابد من بيانها ، قبل الدخول في هذا البحث .
الباب الأول – شخصية الحاكم بأمر الله ، وأثرها في عقيدة الدروز ، وأشهر دعاة الدروز وآراؤهم :
ويحوي هذا الباب ثلاثة فصول هي :
الفصل الأول : الحاكم بأمر الله : حياته وآراؤه وأثرها في عقيدة الدروز .
أعرض في هذا الفصل ، لتفاصيل كثيرة من حياة الحاكم بأمر الله ، وجوانب هامة من آرائه عند الدروز على أنها أفعال تصدر من إله ، معتمدًا في كل هذا على نصوص كثيرة من رسائلهم وكتبهم المقدسة .
الفصل الثاني – تطور المذهب الدرزي بعد الحاكم :
وأعرض فيه ، عن التطورات التي جدت على عقائد الدروز بعد مقتل الحاكم ، وكذلك عن تطورها في الوقت الحاضر بظهور ما يسمى بـ ( مصحف الدروز ) .
الفصل الثالث – أشهر دعاة الدروز وآراؤهم : أتحدث فيه عن أشهر دعاة الدروز الذين قام المذهب على أيديهم ، وخاصة الدرزي ، وحمزة بن علي ، والفرغاني ، والظروف التي قاموا بها ، والخلافات التي قامت بينهم ، وأشهر العقائد التي نادوا بها .
الباب الثاني – عقيدة الدروز والرد عليها :
ويتضمن فصلين اثنين :
الفصل الأول – عقيدة الدروز :
ويحوي المباحث التالية عن عقائدهم ، والتي أدرسها بتفصيل ، معتمدًا في ذلك على نصوص رسائلهم وكتبهم :
1 – ألوهية الحاكم عندهم .
2 – التناسح والتقمص والحلول .
3 – الحدود الخمسة .
4 – عقيدتهم في اليوم الآخر والثواب والعقاب .
5 – عقيدتهم في الأنبياء .
6 – عقيدتهم في التستر والكتمان .
7 – رسائلهم وكتبهم المقدسة .
الفصل الثاني – الرد على عقيدتهم .
ويتضمن مبحثين اثنين :
أرد فيهما على عقيدتين مهمتين من عقائدهم ، وهما مفهومهم في الألوهية ، وحلول اللاهوت في الناسوت ، والثاني إبطال قولهم بالتناسخ والرجعة ، معتمدًا في ذلك على كثير من الآيات القرآنية الكريمة التي نقضت هذه المفاهيم من أساسها :
1 – إبطال مفهوم للألوهية ، وحلول اللاهوت في الناسوت .
2 – إبطال قولهم بالتناسخ والرجعة .
وقد اخترت هاتين العقيدتين للرد عليهما ، لأنهما اللبنة الرئيسية في العقيدة الدرزية ، وبإبطالهما يتبين بطلان هذا المذهب .
الباب الثالث – شريعة الدروز وتقسيم المجتمع عندهم وموقفهم من الأديان والفرق الأخرى .
ويحوي فصلين اثنين :
الفصل الأول – شريعة الدروز وتقسيم المجتمع عندهم .
ويتضمن المباحث التالية :
1 – نقضهم أركان الإسلام ، وفرضهم بدلها سبع دعائم تكليفية : وأتحدث فيه عن موقفهم من أركان الإِسلام ، في رسالة حمزة الخاصة بنقض هذه الأركان ، وعن فرضه بدلها ما سماه بسبع دعائم تكليفية ، وفي هذا يتبين موقفهم العام من الإِسلام .
2 – الزواج والطلاق والوصية عندهم : وأتحدث فيه عن أهم الأحكام والشرائع الخاصة بهم ، وخاصة في الزواج والطلاق والوصية وغير ذلك .
3 – تقسيم المجتمع الدرزي : أتحدث في هذا المبحث عن تقسيم المجتمع الدرزي ، إلى عقال ، وجهال ، وطبقاتهم ، وكيفية دخول الجاهل في سلك العقال .
الفصل الثاني – موقف الدروز من الأديان والفرق الأخرى .
وأتحدث فيه عن موقفهم من اليهودية والمسيحية والطائفة النصيرية ، وذلك من خلال رسائلهم التي تتحدث عن ذلك .
وبعد هذه الأبواب الثلاثة ، يصل البحث إلى خاتمته ، وأهم النتائج التي خرجت بها من هذا البحث . وحكم الإِسلام في هذه الطائفة ، وحكم معاملتهم .
وأما بالنسبة للمراجع والمصادر ، فقد اهتممت بكل ما كتب عن هذه الطائفة ما لهم وما عليهم قديمًا وحديثًا ، أما القديم فمن رسائلهم المخطوطة والموجودة في كثير من مكتبات الجامعات الأجنبية ، ومن الكتب التاريخية التي تحدثت عنهم وعن عقائدهم مطبوعها ومخطوطها ، وأما الحديث منها ، فمن كتب عنهم مادحًا أو ذامًا لهم ، وقد يكون فيه فائدة ونفع .
وهذا لا يعني أني أخذت كل ما فيها دون روية وتمحيص ، بل عمدت جاهدًا إلى البحث المستقصى ، ولذلك لم أعتمد على نسخة واحدة من مخطوطات رسائلهم ، بل قارنت بين نسخ كثيرة من رسائلهم الموجودة في أماكن متفاوتة ، لأصل بعد ذلك إلى النتائج السليمة ، بعون الله .
وأخيرًا ... فهذا الجهد هو جهد مُعَرَّضٌ للخطأ والصواب ، فلابد من هفوة أو هفوات ، وإلا لكان الكمال لمن خُلِقَ ضعيفًا وهذا لا يكون .
ولا يفوتني ، في ختام هذه المقدمة ، أن أتقدم بالشكر الجزيل وعظيم الامتنان والتقدير لفضيلة الأستاذ زيد بن عبد العزيز الفياض الذي منحني من وقته وعلمه ما لا أقدر على شكره ، وإلى كل مَنْ مَدَّ إليَّ يد العون والمساعدة وخاصة الأستاذ زهير الشاويش ، راجيًا الله العلي العظيم أن يُوَفِّقَ الجميع لما يحبه ويرضاه .
وختامًا أدعو الله سبحانه وتعالى ، أن يجعل عملي هذا خالصًا لوجهه تعالى ، وأن ينفع به ، وأن يُوَفِّقَ الجميع لما فيه صلاحهم في الدنيا والآخرة .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ...
* * * * *
التمهيد
نشأة الدروز وصلتهم بالإِسماعيلية الباطنية
-1-
الدروز لغة :
جاء في القاموس ما يلي :
(( الدَّرْزُ : واحد دُرُوز الثوب ونحوه ، وهو فارسي معرَّب ، ويقال للقمل والصِّئْبَان : بنات الدُّرُوز )) . وبنو دَرْزٍ : الخياطون والحاكة ، وأولاد دَرْزَةَ : الغوغاء . والعرب تقول للدَّعِيِّ : هو ابن دَرْزَةَ ، وذلك إذا كان ابن أَمَةٍ تُساعي فجاءت به من المُسَاعاة ولا يعرف له أب )) ([2]).
أما طائفة الدروز فهم فرقة باطنية يعتبرون أنفسهم منذ ما يقرب من ألف سنة في دور الستر ، فلا يكشفون أمر عقائدهم بما يلقي الضوء على مذهبهم .
( والباطنية بعامة مذهب خفي اتخذه أصحابه وقاء من نقمة مخالفيهم في الاعتقاد ، شرعة اليونان القدماء ، فهو منسوب إلى أرسطو وأفلاطون وأتباع فيثاغورس . ومن هذه المصادر الثلاثة انحدر المذهب إلى الدروز ، الذين يعتبرون هؤلاء الفلاسفة أسيادهم الروحيين ، ثم طبقوا هذا المذهب على التعاليم الإِسلامية ، ثم أحاطوه بالحذر والكتمان حتى اليوم ) ([3]) .
( واسم الدروز كان – ولا يزال – مثار مناقشات عديدة بين الكُتَّاب والمؤرِّخين ، فالمعروف أن هؤلاء الأقوام لا يحبون أن يلقبوا بهذا اللقب ، ويستنكرون أن ينسبهم أحد إلى الداعي نوشتكين الدرزي ، الذي رأينا أنهم يرمونه بالإِلحاد .
والخروج عن دعوتهم وعقيدتهم ، ويطلقون على أنفسهم اسم ( الموحِّدين ) وهو الاسم الذي عرفوا به في كتبهم المقدسة ) ([4]).
وهذا يوضح أن لقب الدروز ، كان نسبة إلى نشتكين الدرزي ، ولكن الأستاذ سليم أبو إسماعيل يقول : ( إن الدرزية نسبة عسكرية لا مذهبية ، وأنهم ينتسبون إلى القائد الفاطمي أبي منصور أنوشتكين الدرزي ) ([5]) .
ولا شك أن هذا الكلام لا يستند إلى أي واقع تاريخي ، ذلك لأن هذا القائد قد ظهر بعد عصر الحاكم ، ولا يوجد أية علاقة بينه وبين هذه الطائفة .
وهناك مَنْ يقول أن نسبهم يعود إلى ( الكونت دي دروكس ) الفرنسي أحد قادة الصليبيين الذين هربوا إلى جوار الدروز بعد هزيمتهم في عكا ، بينما تقول كاتبة أخرى أن اسم الدروز جاء من حمزة نفسه : ( إذ ثبت تلامذته قائلاً : اذهبوا الآن ، فأنتم لستم بعد الآن ( متدارسَين ) بل ( متدارسِين ) ، لأنكم قد التزمتم علومًا وغرز الإِيهام فيكم كما يغرز الخيط البزوز ) ([6]).
وهذه المزاعم أيضًا لا تؤيدها أية أخبار تاريخية ، وإنما هي تخيلات لا أساس لها من الصحة .
ولا ريب أن المكان الذي انتشرت به العقيدة الدرزية ، هو وادي تيم الذي كانت تقيم فيه قبائل عربية هاجرت من الجزيرة العربية في الجاهلية ، حيث قطنت هذا المكان ، واعتنقوا الإِسلام ، ولكن المذهب الإِسماعيلي انتشر بينهم في أيام الدولة العبيدية ، وكان لاعتناقهم المذهب الإِسماعيلي أثر كبير في سرعة استجابتهم للدرزي ، حينما هربه الحاكم إلى هناك ، والتفافهم حوله وتأليههم للحاكم .
وهذا كله يؤكد لنا أن الدروز من القبائل العربية ، مع أن كمال جنبلاط يرجع أصل طائفته إلى هرمس المثلث الحكمة ، ويعترف أن ذلك يعود إلى خمسة آلاف سنة من التاريخ([7]).
ولكي نتابع تاريخ وعقائد طائفة الدروز ، يجب أن نلم بتاريخ وعقائد الطائفة الإِسماعيلية الباطنية ، والتي استمد الدروز منها الكثير من عقائدهم .
فالمتبع لتاريخ الطائفة الإسماعيلية يجد أن الكثير من الطوائف التي خرجت عن الإسلام وكادت له ، انبثقت وأخذت من هذه الطائفة .
فالقرامطة جزء من الطائفة الإِسماعيلية ، حاربوا الدولة الإِسلامية عشرات السنين ، وكانت الدولة العبيدية في المغرب ومصر تمدها بالعون المادي والمعنوي .
وكذلك نجد أن أخوان الصفاء كانوا إسماعيليين اعتقادًا وسلوكًا ، ورسائلهم كانت تدوينًا لهذا المذهب ودعوة له في وعاء فلسفي .
وطائفة الدروز التي نحن بصدد دراستها ، سنجد أن الكثير من عقائدها أخذته من عقائد الإٍسماعيليين .
أما الحشَّاشُون الذين ظهروا في زمن صلاح الدين الأيوبي بعد انهيار الدولة العبيدية ، فقد عانى المجتمع الإِسلامي الكثير منهم ومن كيدهم حيث كانوا عونًا للتتار والصليبيين على المسلمين ، والذي أود قوله أن الحشاشين فرقة من فرق الإِسماعيليين .
هذا قليل من كثير لتاريخ هذه الطائفة ، إذن علينا أن نبدأ مع بداية ظهورها . فالطائفة الإِسماعيلية الباطنية ، فرقة من فرق الشيعة ، أخذت أصولها المذهبية عن الأصول الشيعية التي وجدت قبل ظهور الإِسماعيلية . ( وكان الخلاف في أول الأمر بسيطًا لا يعدو أن يكون حول الإِمامة ، ولكنه استفحل بعد ذلك ، وبمضي الزمن أدخلت آراء جديدة وأصول للعقيدة تبعد عما كانت عليه الطائفة قبل خروجها عن حلبة التشيع العامة ) ([8]).
وقد انقسمت الشيعة بعد وفاة جعفر الصادق([9]) لى فرقتين ، فرقة نادت بإمامة موسى الكاظم بن جعفر الصادق . وسلسلوا الإِمامة في الأكبر سنًا من عقبه ، ولذلك لقبوا بالإِمامية الأثني عشرية . أما الفرقة الثانية التي تفرعت عن الشيعة فهي فرقة الإسماعيلية ، الذين قالوا بإمامة إسماعيل بن جعفر ، والذي تنسب إليه هذه الفرقة .
(( ومُؤَرِّخو الإِسماعيلية يقولون : إن سبب انشقاق أتباع جعفر إلى هاتين الفرقتين ، أن جعفر نص على أن يتولى إسماعيل الإِمامة من بعده ، ولكن إسماعيل توفي في حياة أبيه ، وبذلك انتقلت الإمامة إلى ابنه محمد بن إسماعيل بن جعفر ، لأن الإِمامة لا تكون إلا في الأعقاب ، ولا تنتقل من أخ إلى أخيه إلا في حالة الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب فقط . أما الأئمة بعد الحسن والحسين فلابد أن تنتقل من أب إلى ابن ، وأَوَّلوا الآية الكريمة { وجعلها كلمة باقية في عقبه } ([10]). بأن معنى الكلمة هي الإِمامة ، وأنها لابد أن تكون في الأعقاب دون غيرهم . هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فقد كان محمد بن إسماعيل أكبر سنًا من عمه موسى الكاظم ، فبناء على التقليد الشيعي الذي يوجب تسلسل الإِمامة في أكبر أهل البيت سنًا ، كان محمد بن إسماعيل إذن أحق من عمه موسى الكاظم بالإِمامة )) ([11]).
على أن هناك روايات كثيرة تفيد أن جعفر لم يكن راضيًا عن تصرفات ابنه إسماعيل ، (( وأنه قد تَبَرَّأَ من أعمال إسماعيل ، وعزله عن الإمامة ، قبل موت إسماعيل ، لأنه كان مدمنًا على شرب الخمر ولوعًا بالنساء )) ([12]) .
(( غير أن أنصار إسماعيل أنكروا على جعفر هذا التصرف ، وقالوا أن إسماعيل معصوم ، وأنه إن كان قد شرب الخمر فإن هذا لا يفسد عصمته )) ([13]).
وهناك من المؤرخين المعاصرين من يجعل لهذا التبدل من جعفر نحو ابنه عللاً وأسبابًا أخرى أهم من شرب الخمر والولوع بالنساء . (( ذلك أن إسماعيل كان من أصدقاء الأسدي الفاسق الملحد([14])الذي ادَّعَى ألوهية جعفر – وتنسب إليه الحركة الخطابية – مما جعل جعفر يتبرأ منه وتلعنه ولا يرضى عن الصلة التي كانت بينه وبين إسماعيل )) ([15])
وهذا يؤيده ما نقله برنارد لويس أن كنية أبي الخطاب كانت ( أبو إسماعيل ) . وذلك يشير إلى أن أبا الخطاب كان المتبني لإِسماعيل والأب الروحاني له ([16]).
ومن ادعاءات ومزاعم أبي الخطاب هذا : (( أن الأئمة أنبياء ، ثم آلهة ، وقال بإلهية جعفر ، وإلهية آبائه وهم أبناء الله وأحباؤه ، والإلهية نور في النبوة ، والنبوة نور في الإِمامة ، ولا يخلو العالم من هذه الآثار . وأن الجنة هي التي تصيب الناس من خير ونعمة وعافية ، وأن النار هي التي تصيب الناس من شر وبلية ومشقة ، واستحل الخمر والزنا وسائر المحرمات ، وأباح ترك الصلاة وجميع الفرائض )) ([17]).
(( وادّعى أيضًا التناسخ , وأن الإيمان سبع درجات )) ([18])
ونستطيع أن نستنتج من كل هذا ، أن إسماعيل كان ذا صلة وثيقة بالملاحدة والفساق ( أمثال أبي الخطاب ) ، والذين أوجدوا الفرقة المسماة باسمه ، وبأن عزل جعفر له كان لهذه الصلة الغريبة . ( ويعزز هذا الرأي العلاقة القوية التي كانت تربط بين محمد بن إسماعيل وميمون القداح ([19])وريث أبي الخطاب ) ([20])في الدعوة الباطنية .
ويؤكد المستشرق برنارد لويس على خطورة حركة ( أبي الخطاب ) ودوره الذي اضطلع به ، فيورد مجموعتين من التصانيف .
أولاهما : ( أم الكتاب ) وهو كتاب سري مقدس عند الإِسماعيليين في آسيا الوسطى ([21])، وهذا الكتاب يجعل لأبي الخطاب مقامًا خطيرًا في هذه الحركة فيعتبره مؤسس المذهب إذ يقول : ( إن المذهب الإسماعيلي هو ما أوجدته ذرية أبي الخطاب الذين شروا أنفسهم بحب أحفاد جعفر الصادق وإسماعيل ) .
وثانيهما : كتابات النصيرية ([22]) وفيها فقرات وعقائد شبيهة بتلك ، وهي أيضًا تعتبر أبا الخطاب مؤسس الفرقة وميمونًا القداح تابعًا له ، وتعزو إليه أغلب العقائد التي يختص بها المذهب الإسماعيلي ([23]) .
أما بالنسبة لارتباط الإِسماعيلية بالنصيرية ، فإن عارف تامر ( الإِسماعيلي ) ينفي هذا الارتباط أو أي علاقة أخرى ويقول : ( ونحن إذ ننفي هذا القول نفيًا قاطعًا نقول : إن النصيرية فرقة من الشيعة الأثني عشرية ، افترقت عن الإِسماعيلية بعد وفاة الإِمام جعفرالصادق ، فالإِسماعيليون تبعوا إسماعيل ، بينما سارت النصيرية وراء موسى الكاظم ، وبعد هذا لم يحدثنا التاريخ عن أي التقاء ) ([24]).
وبعد موت أبي الخطاب تحولت فرقة من الخطابية إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق ، وجعلوه الإِمام وأعلنوا ولاءهم له ، فكانت فرقة الإِسماعيلية هي الخطابية نفسها ، أو بمعنى أصح نشأت الإِسماعيلية من الخطابية ) ([25]).
وهكذا نجد أن أصول الإِسماعيلية ترجع إلى الغلاة الملاحدة ، وأن الحركة الإِسماعيلية استمرار للحركة الباطنية الإِلحادية التي خلعت ربقة الإِسلام من عنقها .
ولقد كان لتزعم الإِسماعيلية لحركة الباطنية هذه ، أثر كبير في معتقداتها . حيث تشكلت هذه العقائد وتأصلت في وعاء فلسفي ، والذي يتابع العقيدة الإِسماعيلية يمكنه أن يربط بينها وبين الأفلاطونية ([26])في أكثر أفاقها .
(( فنظرية أفلاطون تقول بأن ما في العالم الحسي أشباح لمثل ما في العالم العلوي ، و الإِسماعيلية تقول أن ما في عالم الدين مثل لممثولات في العالم الروحاني )) .
وأيضًا أخذ الإِسماعيلية عن الأفلاطونية الحديثة رأيهم في الإِبداع ، وظهور النفس الكلية عن العقل الكلي ، وأن العالم خلق بواسطة اللوجوس ( الكلمة ) ([27]). فقال الإِسماعيلية : إن الكلمة التي خلق عنها العالم هي كلمة ( كن ) التي وردت في الآية الكريمة { إنما أمره إذا أراد شيئًا أن يقول له كن فيكون }([28]) [ يس : 82 ] . وأن كلمة ( كن ) مكونة من الكاف والنون ، فالكاف رمز على القلم أو العقل الكلي ، والنون رمز على اللوح أي النفس الكلية ، ولذلك فسَّر الإِسماعيلية قوله تعالى { ن والقلم }([29]) [ القلم : 1 ] ، أن الله يقسم بأعز مخلوقين عنده وهما اللوح والقلم )) ([30]).
ولذلك فإن الدكتور محمد البهي يقول عن أفلاطون : ( أنه قد وضع بدل الحلول اتصال النفس الكلية بالعالم ، وبدل الاتحاد العودة والرجوع ) ([31]).
والكثير من المؤرخين عندما يذكرون اسم ( الباطنية ) يقرنونه ( بالإِسماعيلية ) . ( وإنما لزمهم هذا اللقب لحكمهم بأن لكل ظاهر باطنًا ، ولكل تنزيل تأويلاً ) ([32]).
والتأويل حسب المفهوم الإِسماعيلي – وكما يوضحه مصطفى غالب الإِسماعيلي – يختلف تمام الاختلاف عن التفسير ، فالتأويل يقصد به باطن المعنى أو رموزه وإشاراته . وهو من اختصاصات الإِمام عليّ والأئمة من بعده إلى يوم الدين ) ([33]).
و الإِسماعيلية تنكر صفات الله جميعها الواردة في القرآن الكريم ويقولون : ( بأنه لا يصح أن نصف الله بصفات مما نصف بها البشر ، فلا يقال أنه عالم ، وجاهل ، أو أنه موجود ، أو لا موجود ، فإن ذلك يجعلنا نقع في خطأ تشبهه بالمخلوقات ) ([34]) .
وأيضًا فإن الإِثبات الحقيقي للصفات يقتضي شركة بينه وبين سائر الموجودات ، وذلك تشبيه ، فلم يمكن الحكم بالإِثبات المطلق ، والنفي المطلق ، بل هو إله المتقابلين ، وخالق الخصمين ، والحاكم بين المتضادين ) ([35]).
وهم في سبيل برهان هذه الأقوال يزعمون : ( أن النصوص الدينية والآيات القرآنية ، رموز وإشارات إلى حقائق خفية وأسرار مكتوبة ، وأن الطقوس والشعائر ، بل والأحكام العملية هي رموز وإشارات وأسرار ، وأن عامة الناس هم الذين يقنعون بالظواهر والقشور ، ولا ينفذون إلى المعاني الخفية المستورة ) ([36]) .
ونعود إلى محمد بن إسماعيل بن جعفر ( الذي اضطر إلى ترك مسقط رأسه المدينة المنورة ، وهاجر إلى خوزستان ( جنوب غرب إيران ) ، ثم تركها إلى بلاد الديلم ( جنوب بحر قزوين ) ، ولم يسمع عنه شيء بعد ذلك ) ([37]) .
وبعد اختفاء محمد بن إسماعيل ، تولى أمور الدعوة ميمون القداح ، وميمون هذا مولى جعفر الصادق ، وهو من المتسترين بالتشيع والدعوة لآل البيت ، وقد قبض عليه مع جماعة من أصحابه وسجنوا بالكوفة ، وفي السجن وضع ميمون وأصحابه دعوتهم ، وأسسوا مذهبهم الشهير بمذهب الباطنية ، ولما خرج من السجن ادَّعى أنه من ولد محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق ([38]).
وحمل الدعوة بعد ميمون ، ولده عبد الله ، وكان مثله في الذكاء ، والبراعة ، والتبحر في المباحث الفقهية والكلامية . والنظريات الفلسفية ، فنظم الدعوة الباطنية الإِسماعيلية ، وصاغها في تسع مراتب ، ودعا لإِمامة آل البيت الذين يزعم الانتساب إليهم . وكان يدَّعي علم الغيب والأسرار الروحية ، والعلوم الخفية ، ويزعم أنها انتهت إليه من جده محمد بن إسماعيل بن جعفر ) ([39]).
وهكذا حمل عبد الله بن ميمون دعوة أبيه ونظمها ، واتخذ بلدة ( ساباط ) ([40])مركزًا لدعوته حينًا من الدهر مستترًا بثوب عميق من التشيع والورع والدعاء لآل البيت . وكان عبد الله بارعًا في طب العيون وعلاجها ، وفي أعمال التنجيم والكيمياء ، وكانت براعته في هذه الشؤون وسيلة للتأثير في العامة .
ولما شعر أولو الأمر بخطورته ، هموا بمطاردته ففرَّ إلى البصرة ، ومعه حسين الأهوازي من أقطاب شيعته ، فلما طورد فرَّ مع الحسين إلى الشام ونزل ببلدة ( سلمية ) ([41])، واتخذها مركزًا لدعوته ، وحمل الدعوة بعده ولده أحمد ، وسير الحسين إلى العراق . وكان مجيئه البصرة سببًا في ثورة القرامطة ([42])، وخلف أحمد في حمل الدعوة ابنه الحسين ، ثم أخوه محمد بن أحمد – المعروف بأبي الشلعلع - ، وبعث محمد بدعاته إلى المغرب وعلى رأسهم أبو عبد الله الحسين ([43])– المعروف بالشيعي – فنشر الدعوة هناك ، وأخذ يبشر بالإِمام المنتظر ([44]) ثم قام بالدعوة سعيد بن الحسين .
ويقول بعض المنكرين لنسبهم إلى السيدة فاطمة الزهراء ، ( إن سعيدًا هذا ليس ولد الحسين ، وإنما هو ولد زوجته اليهودية ، رباه ولقنه أسرار الدعوة واختاره للزعامة والإِمامة من بعده ) ([45]).
وسعيد هذا هو الذي فرَّ إلى المغرب وتسمى بعبيد الله المهدي ، وأسس دولة العبيدين أو الدولة الفاطمية ، ومن هناك استطاع أحد ملوكهم وهو المعز أن يفتح مصر سنة 359 هـ ، ويتخذها مركزًا للدولة .
ولكن فخر الدين الرازي يأتي برواية أخرى عن نسب هؤلاء ويقول : ( إنه لما هرب محمد بن إسماعيل إلى مصر مع عبد الله بن ميمون القداح ، كانت لكل منهما جارية ، قد حملتا منهما ، فلما مات محمد بن إسماعيل قتل ابن القداح جارية محمد بن إسماعيل أيضًا . فلما ولدت جاريته قال للناس : إنه قد ولد لمحمد بن إسماعيل ابن ، ولما كبر ، علمه الزندقة ، وقال للناس إن الإِمامة صارت من محمد إلى ابنه هذا ) ([46]).
والمهم هنا أن كثيرًا من المؤرخين يشك في نسب هؤلاء ، وذلك ما تؤكده دعاويهم ومزاعمهم بالعصمة ومعرفة الغيب والتأويل وغير ذلك .
وينقل الدكتور عبد العزيز الدوري عن المستشرق دوزي في مقدمته لكتاب ( أصول الإٍسماعيلية ) ، ( أن عبد الله بن ميمون كان فارسيًا في الصميم ، ينظر إلى آل علي كنظرته إلى سائر العرب ، وإنما استخدمهم وسيلة لتحقيق غاياته ) .
وكان يعتقد أن إنشاء دولة علوية لن يحقق للفرس شيئًا ، ولذا فإنه لم يبحث عن أنصاره الحقيقيين بين الشيعة ، بل بين المانوية ([47])، والكفار ، ووثني حران ([48])، وأهل الفلسفة اليونانية ([49]).
ولهؤلاء وحدهم يمكن الإفضاء تدريجيًا بالسر ، وهو أن الأئمة والأديان والأخلاق ليست إلا ضلالاً وسخرية . أما بقية الناس – أو الحمير – كما يسميهم عبد الله ، فليسوا بقادرين على فهم هذه المبادئ .
ولكنه في سبيل التوصل إلى غايته لم يستهن بمساعدتهم ، بل كان يلتمسها ، ولاحظ أن يحشد المؤمنين في المراحل الأولى للدعوة ، وكان دعاته – الذين أفهمهم بأن أول واجباتهم إخفاء حقيقة ميولهم ومجاراة عقائد من يدَّعون – يظهرون في أثواب مختلفة ، ويكلمون كل شخص بلغة خاصة ، فيجذبون العامة الجاهلين البسط لشعوذات يجعلونها تظهر كمعجزات ، أو بأحاديث مبهمة خفية تثير حب استطلاعهم ، ويتظاهرون أمام المؤمنين بمظهر الفضيلة والتعبد ، ويتظاهرون بالتصوف أمام الصوفية ويشرحون المعاني الخفية للأمور الظاهرة ) ([50]) .
ولذلك فإن الدعوة الإِسماعيلية صادفت هوى في نفوس – بعض أفراد من جماعات مختلفة في العنصر والدين ، ليكيدوا من خلالها للإِسلام .
ومن ثم وجد الزرادشتية ([51])، والمانوية ، والمزدكية ([52])، والصابئة ([53])، واليهود ، والنصاري ، - وغيرهم في المذهب الإِسماعيلي كل ما يهدفون إليه من هدم لأركان الإِسلام - ، وقد قلد الإِسماعيلية في ذلك جماعة العيسوية الأصفهانية اليهودية ([54])، التي كانت تنادي بصحة نبوة موسى ومحمد عليهما السلام ) ([55]).
وخير تعبير عن هذا نجده في رسائل أخوان الصفاء ([56])، ومنها نقتبس الفقرة التالية ، التي تمثل التعمة العامة للحرية الدينية : ( وينبغي لإِخواننا – أيدهم الله – أن لا يعادوا علماً من العلوم ، أو يهجروا كتابًا من الكتب ، ولا يتعصبوا على مذهب من المذاهب ، لأن رأينا ومذهبنا يستغرق المذاهب كلها ، ويجمع العلوم جميعها ) ([57]).
هذه هي وسيلتهم في نشر مذهبهم الباطني ، أما عن عقائدهم ، فإنها تقوم كما ذكرت على : ( تنزيه الله سبحانه وتعالى عن الصفات ، والأسماء ، فهو ليس أيسًا ([58])، ولاليسًا ([59])، لأنه ليس من جنس العقول ، وليس بجسم حتى يراه البصر .
وأنه سبحانه أبدع العقل الكلي الذي أطلق عليه الفاطميون اسم السابق واسم المبدع الأول ، واسم القلم - ، ثم بواسطة المبدع الأول وجدت النفس الكلية التي أطلقوا عليها اسم التالي ، واسم المبدع الثاني ، واسم اللوح المحفوظ . وبواسطة السابق الثاني وجدت المخلوقات كلها العلوية والجسمانية ، وتمسكوا بالحديث المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم : ( أول ما خلق الله العقل ، فقال له : أقبل فأقبل ، وقال له : أدبر فأدبر ، فقال : بعزتي وجلالي ما خلقت خلقًا هو أعز منك ، بك أثيب ، وبك أعاقب ) ([60]) .
وذهبوا إلى أن العقل هو أرفع مبدعات الله وأقربهم إليه ، وهو عندهم الخالق الحقيقي ، وأولوا أسماء الله الحسنى وصفاته الواردة في القرآن الكريم إلى أنها أسماء وصفات العقل الكلي هذا ) ([61]).
فلذلك فإن معبـود الإِسماعيلية الحقيقي هو العقل ويعتبرونه الصورة الخارجية لله ولهذا يقولون :
( إذا كان لا يصلي لكائن لا يدرك ، فإن الصلاة تتجه نحو صورتها الخارجية وهي العقل ) ([62]).
و الإِسماعيلية يسمون العقل ( الحجاب ) أو ( المحل ) أو ( الصلة ) ، ولبلوغ السعادة عندهم ينبغي على الإِنسان تحصيل العلم ، ولا يمكن تحصيل السعادة التي هي العلم إلا بحلول العقل الكلي في إنسان هو النبي ، وفي الأئمة الذين يخلفونه .
والعقل الحال يسمى ( ناطقًا ) ، والنفس الحالة تسمى ( أساسًا ) ، والناطق هو النبي الذي يبلغ الكلام المنزل ، و ( الأساس ) هو الإِمام الذي يفسره ( أي الكلام المنزل ) معتمدًا على التأويل ، ولذلك يقولون : إن محمدًا هو الناطق ، وعليًا هو الأساس ) ([63]).
ويقول الدكتور محمد كامل حسين : ( وبتطبيق نظرية ( المثل والممثول ) نستطيع أن نعرف ، أن الإِمام الفاطمي هو ممثل للعقل الكلي ، وأن جميع مناقب وصفات العقل الكلي تطلق على الإِمام ، فهو الواحد الأحد ، والفرد الصمد ، المحيي والمميت ) ([64]).
وأن الإِمام هو ( وجه الله ) و ( يد الله ) و ( جنب الله ) ، وأنه هو الذي يحاسب الناس يوم القيامة فيقسمهم بين الجنة والنار .
وأنه هو ( الصراط المستقيم ) و ( الذكر الحكيم ) و ( القرآن الكريم ) إلى غير ذلك من الصفات .
ولهم في ذلك كله أدلة – كما يزعمون – يسوقونها لكل صفة من الصفات ، فمثلاً يقولون : إن الإِنسان لا يعرف إلا بوجهه ، ولماكان الإِمام هو الذي يدل العالم على معرفة الله ، فبه إذن يعرف الله ، فهو وجه الله ، أي الذي به يعرف الله .
وأن اليد هي التي يبطش بها الإِنسان ويدافع بها عن نفسه ، والإِمام هو الذي يدافع عن دين الله ويبطش بأعدائه ، فهو على هذه المثابة يد الله .
وهكذا يقولون عن بقية الصفات التي خلعوها على الإِمام ([65]) .
وتتفرع من هذه العقيدة آراء أخرى ، نذكر منها : ( انبعاث العقول الروحانية من العقل الكلي والنفس الكلية ، وأهم هذه العقول هي تلك التي أطلقوا عليها : الجد ، والفت : والخيال . وهؤلاء عندهم الملائكة الروحانية الذين يعرفهم العالم الإِسلامي باسم إسرافيل ، وميكائيل ، وجبرائيل ، وهؤلاء مع العقل الكلي والنفس الكلية يكونون الأشباح الخمسة العلوية أو الحدودية العلوية ، وجعلوهم ممثولات للقائمين على الدعوة الإِسماعيلية . فالعقل الكلى ( السابق ) ممثولاً للناطق في عصره ، والوصي والإِمام والنفس الكلية ( التالي ) ممثولاً للوصي في حياة الناطق أو باب الأبواب .
والجد : ممثول للحجة .
والفتح : ممثول للداعي المأذون .
والخيال : ممثول للداعي المكالب ( المكاسر ) .
ومن ثم جعل الفاطميون مراتب الدعاة من المراتب الروحية التي تقام عليها دعوتهم ، وعلى كل من يعتنق مذهبهم أن يعترف بهؤلاء الدعاة ، على أن يكون هذا الاعتراف من صميم العقيدة . وتجب طاعتهم طاعة عمياء وتصديق كل ما يقولون ، والاقتداء بما يفعلون ، وأطلقوا على هؤلاء الدعاة اسم الحدود الجسمانية ، إمعانًا في تقديسهم ورفع شأنهم ) ([66]).
وينقل مصطفى غالب ( الإِسماعيلي ) عن الداعي حميد الدين الكرماني ([67]) مراتب الدعوة كما يلي :
1 – الناطق : وله رتبة التنزيل .
2 – الأساس : وله رتبة التأويل .
3 – الإِمام : وله رتبة التأويل .
4 – الباب : وله رتبة فصل الخطاب .
5 – الحجة : وله رتبة الحكم فيما كان حقًا أو باطلاً .
6 – داعي البلاغ : وله رتبة الاحتجاج وتعريف المعاد .
7 – الداعي المطلق : وله رتبة تعريف الحدود العلوية ، والعبادة الباطنية .
8 – الداعي المحدود : وله رتبة تعريف الحدود السفلية ، والعبادة الظاهرة .
9 – المأذون المطلق : وله رتبة أخذ العهد والميثاق .
10 – المأذون المحدود : وله رتبة جذب الأنفس المستجيبة ، ويعرف بالمكاسر .
11 – لاحق . 12- جناح ، ولهما رتبة مؤازرة المأذون المحدد والقبام بمهمته أثناء غيابه ([68]).
والإِسماعيلية يعظمون هؤلاء الدعاة ويجلونهم ويزعمون : ( أن هؤلاء الدعاة كانوا مع النطقاء والأئمة في كل دور من الأدوار الكبرى والصغرى ، وذلك أنهم يعتقدون بظهور الأنبياء والأئمة في صور متعددة ، ولكن أصلهم واحد ، فآدم ، ونوح ، وإبراهيم ، وعيسى ، ومحمد ، وهم الأنبياء عند الفاطميين ظهروا في هذه الصور الآدمية المختلفة وفي عصور متفاوته ، ولكنهم جميعًا شخص واحد في الحقيقة .
ولما كان أوصياؤهم وأئمتهم في كل دور ورثة الأنبياء ، ولهم كل خصائص الأنبياء ، فهم والأنبياء شخص واحد ، فالجميع مثل للعقل الكلي ، ففكرة التناسخ ظهرت في العقيدة الفاطمية في صورة جديدة هي ( نظرية الدور ) ، وكان لهذه الفكرة أثر كبير عند الدروز . والدور الكبير – في نظرهم – هو الدور الذي من ظهور بآدم ( النبي ) الناطق ، وظهور قائم القيامة ( المهدي المنتظر ) ، لأن آدم عندهم ليس أول الخلق بل هو أول ناطق في دوره ) ([69]).
( وإنما كان قوم عاش آدم بينهم ، وآدم هذا كان له حجة ، رمز القرآن إليه ( بحواء ) ، فحواء هذه لم تك أنثى ولم تتزوج بآدم ، وإنما كانت أقرب دعاته إليه ، وكان كلاهما ينعم في دعوة الإِمام الذي كان سابقًا لآدم ، وكانت دعوته إسماعيلية ، وهي التي عبر عنها القرآن ( بالجنة ) ، ثم تطلع آدم إلى مرتبة أعلى فأخرجه الإِمام من الجنة أي ( الدعوة ) ([70]) .
أما الأدوار الصغرى في نظرهم ( فهي التي بين ظهور ناطق وناطق ، فالدور الذي بين ظهور آدم ، وظهور نوح هو الدور الصغير لآدم ، ونحن الآن في دور محمد وسينتهي دوره بظهور قائم القيامة ، وكذلك ينتهى دور آدم الكبير ، ويأتي بعده دور آدم آخر .
ولأثبات أن ما حدث في دور كل نبي ، حدث مثله في جميع الأدوار الأخرى : فمثلاً قصة الطوفان في التأويل الباطن عند الفاطميين تدل على كثرة الأضداد المخالفين لمن أقامه الله وصيًا لنوح وتغلبهم عليه ، وأن المؤمنين هم الذين اتبعوا الوصي الذي رمز إليه ( بسفينة نوح ) ، وفي كل دور من أدوار النطقاء ، ظهر هذا الطوفان وجرت السفينة .
وبهذا يؤولون الحديث المنسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم : ( مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح ، من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق في الطوفان ) ([71]).
وللأعداد والحروف وحساب الجمل في عقيدة الإِسماعيلية أصول دينية واسعة ولهذا فقد :
اتخذ الإسماعيلية الأعداد أصولاً دينية يثبتون بها عقيدتهم في الإِمامة ، وجعلوا محور المذهب يقوم على العدد سبعة ([72])، أما ما دون ذلك فيقوم على العدد ( اثني عشر ) ، وهم يستدلون على ذلك بأمور منها : أن الله تعالى خلق النجوم التي بها قوام العالم سبعة ، وجعل أيضًا السموات سبعا ، والأرض سبعًا ، والبروج اثنى عشر ، والشهور اثنى عشر ، ونقباء بني إسرائيل اثنى عشر ) ([73]).
وكذلك أول الإِسماعيلية الفرائض والأركان تأويلاً خاصًا ([74])، ( فالنية للصلاة هي ولاية الأئمة ، والطهارة هي أخذ علم الباطن لتطهير النفوس ، والصلاة هي الدعوة الفاطمية ، والكعبة هي الإِمام الذي يتوجه إليه المستجيبون ) ([75]).
وهكذا جعل الإِسماعيليون لكل فريضة وركن تأويلاً باطنًا لا يعلمه إلا الأئمة وكبار الدعاة .
ومن هذا التعريف السريع بعقائد الإِسماعيليين ، نستطيع بعدها أن نصل إلى طائفة الدروز ، لنعرف كيفية قيامها ، ومن أين استقت عقائدها ؟ .
- 3 –
ذكرنا فيما سبق ، كيف استطاع عبيد الله المهدي أن يؤسس الدولة العبيدية في المغرب ([76])، بدعوى أنه من نسل آل البيت ، حيث استطاعت هذه الدولة أن توطد أركانها هناك ، وتتطلع إلى فتح مصر ، وتم لها ذلك على يد القائد الفاطمي جوهر الصقلي عام 358 هـ في عهد المعز لدين الله الفاطمي ، وبقي المعز على سدة الملك حتى توفى سنة 365 هـ . وخلفه ولد العزيز بالله الذي بقي في الملك إحدى وعشرين سنة حتى توفي عام 386 هـ ، وهو في طريقه لمحاربة الخارجين على الدولة بالشام . فخلفه ولده وولي عهده أبو علي منصور ، ولقب بالحاكم بأمر الله ، وكان عمره آنذاك أحد عشر سنة ، حيث عهد والده إلى ثلاثة من كبار رجال الدولة برعايته وتولى شؤون الدولة ، وبقي الأمر كذلك حتى سنة 390 هـ حينما استطاع الحاكم قتل أحد الأوصياء عليه ، وتولى منذ ذلك الحين زمام الأمور هناك ([77]).
وقد بدأ الحاكم حكمه بقتل عدد من كبار رجال الدولة ، وإصدار سجلات غريبة شاذة يحرم فيها أشياء كثيرة ، ثم يعود بعد ذلك إلى إباحتها بشكل متناقض . واتبع ذلك بقتل الكثير من خدم قصره والكتبة ومن عامة الناس . وكان كل هذا تمهيدًا لإِعلان ما يعتلج في نفسه من ادعاء بالربوبية ([78]).
والحاكم بأمر الله ، هو محور عقيدة الدروز ، وقد أنشأ سنة 395 هـ معهدًا رسميًا خاصًا لبث الدعوة الفاطمية السرية ، ويكون مركز الإِعداد والتوجيه ، وسماه : ( دار الحكمة ) ، ولهذه التسمية مغزى يدل على الاتجاه الفلسفي الذي أُريد أن يتخذه هذا المعهد ، وقد استقطبت هذه الدار الدعاة الفاطميين من كل مكان ) ([79]).
فاحتشد في ذلك الوقت طائفة من الدعاة الملاحدة ، فالتفوا حول الحاكم بأمر الله ، وزينوا له فكرة ( ألوهيته ) ، مما جعله وراء هذه الدعوة يرعاها ، ويرقب تطوراتها ، ويتصرف على ضوئها .
ومع أن بداية الدعوة إلى ألوهية الحاكم ظهرت بشكل جلي سنة 408 هـ ، إلا أن الدكتور محمد كامل حسين يذكر : ( أن هناك نصوصًا من رسائلهم تفيد أن الحاكم أظهر ألوهيته أول مرة سنة 400 هـ ) ([80]).
ويقول مصطفى غالب ( الكاتب الإِسماعيلي المعاصر ) : ( بأن حمزة بن علي بن أحمد الزوزني ([81])، وفد على مصرسنة 405 هـ ، وانتظم في سلك دعاة الفرس الذين كانوا يختلفون إلى دار الحكمة لحضور مجالس الحكمة التأويلية . وما عتم أن أصبح ممثلاً لدعاة الفرس ، وهمزة وصل بينهم وبين الحاكم بأمر الله ، الذي ضمه إلى حاشيته ، وأسكنه في قصره . ويضيف قائلاً : وفي بعض الوثائق الإِسماعيلية السرية ما يشير إلى أنه أصبح من الدعاة الذين يكونون دائمًا في معية الإِمام ، ولا يفارقون مقر قيادته أبدًا . وسرعان ما أصبحت له حظوة عند الحاكم ، بعدما أظهره من إخلاص ، وما بذله من جهد في تقوية أواصر الدعوة وتركيز دعائمها في فارس كما أنه ساهم مساهمة فعالة في خوض غمار الجدل الديني ، وفلسفة المذهب الذي يبشر به ، واستطاع أن يجمع حوله بعض الدعاة ، ويتفقوا سرًا للدعوة إلى تأليه الحاكم بأمر الله ، معتمدًا في دعوته هذه على أصول وأحكام جديدة استنطبها من صميم الأصول والأحكام الإِسماعيلية ) ([82]).
وكان على رأس هؤلاء الدعاة الذين التفوا حول حمزة : محمد بن إسماعيل الدرزي ([83])، والحسن بن حبيدرة الفرغاني ([84])، والظاهر من رسائل الدروز ، أن حمزة ابن علي – وكما يتضح من رسائله – قد اتفق مع دعاته ألا يجهرُ أحد أو يكشف عن مضمون المذهب ، إلا بعد تلقى الأوامر من حمزة نفسه ، ولكن الداعي الدرزي المعروف ( بنشتكين ) تسرع في الكشف عن أسرار الدعوة ، مما أثار حفيظة حمزة وغضبه ، ومما دفع عامة الناس لمحاربة الدعوة الجديدة ، ومحاولة الأتراك أنفسهم – الذي ينتسب إليهم الدرزي – قتله ، لولا حماية الحاكم له ، حيث فر إلى قصر الحاكم ، وهربه من هناك إلى بلاد الشام ، فدعا إلى المذهب الجديد ، واستمال الكثير من سكان وادي تيم ([85])الذي نزل فيه ولكنه انحرف بعد ذلك عن مبادئ حمزة ، مما دفع – حمزة – إلى الأمر بقتله . ورغم قتله إلا أن تعاليم الدرزي كانت على درجة من الإِغراء في إتباعها ، وهكذا فالإنقسام لم يستأصل بتاتًا ولم يزل الدروز حتى اليوم قسمين ، ومع أنهم جميعهم متفقون في الاعتقاد بالحاكم وحمزة فمنهم من هم عاملون بموجب تعاليم حمزة ، ومن هم عاملون بموجب تعاليم الدرزي المتساهلة ([86]).
( وأما حمزة ، فقد هاجمه الناس أيضًا في مقر إقامته في مسجد ريدان ، وكان معه اثنا عشر رجلاً فقط ، وكادوا يقتلونه لو لم يصدر أمر الحاكم بوقف القتال ) .
ويبدو أن الخلافات ما بين حمزة والدرزي إنما كانت بسبب زعامة المذهب وقيادته ([87]).
أما الداعي الآخر الحسن بن حيدرة الفرغاني ، المعروف بالأخرم أو الأجدع ، ( فقد كان يبعث بالرقاع إلى الناس يدعوهم فيها إلى العقيدة الجديدة ، وكان يطلب من العلماء وكبار الدعوة أجوبة على رقاعه ، مما جعل الحاكم أن يخلع عليه ويركبه فرسًا مطهمًا ، ويسيره في موكبه ، ويوليه عطفه ورعايته . غير أنه لم تمض على ذلك عدة أيام حتى وثب على الفرغاني رجل من السنة وقتله وقتل معه ثلاثة رجال من أتباعه ، بينما كان يسير معهم بالقاهرة ، فغضب الحاكم بأمر الله ، وأمر بإعدام قاتله ، ودفن الأخرم على نفقة القصر ) ([88]).
وممن كتب إليهم الأخرم : ( الداعي الإِسماعيلي أحمد حميد الدين الكرماني ، يعرض عليه نظريته الجديدة ، فرد عليه الكرماني في رسالة عنوانها ( الرسالة الواعظة ) ، ومما طرحه – الأخرم – من ألقاب وصفات على الحاكم قوله : ( من عرف منكم إمام زمانه حيًا فهو أفضل ممن مضى من الأمم من نبي أو وصي أو إمام ...وأن من عبد الله من جميع المخلوقين ، فعبادته لشخص لا روح فيه ... وقد قامت قيامتكم ، وانقضى دور ستركم ... ) ([89]).
وبعد اختفاء الدرزي ، والأخرم ، صار أمر الدعوة كله إلى حمزة بن علي ، ولقب نفسه بعدة ألقاب مثل ( هادي المستجيبين ) و ( قائم الزمان ) إلى غير ذلك من ألقاب يجدها الباحث في رسائله ، التي تتضمن أصول وعقائد دعوته .
هذا وصف موجز لبداية نشأة الدروز ، وفي ظل هذه الأجواء والمعتقدات الإِلحادية انبثقت عقيدتهم ، فكانت – عقيدتهم – تعطي بالفعل انطباعًا تامًا عما يحاك لعقيدة الإِسلام من فتن ومؤامرات .
ويمكننا أن نقدم ملخصًا للأصول والقواعد التي يقوم عليها مذهبهم – حتى اليوم – لنستطيع من خلاله أن نتعرف على عقيدتهم :
فهم على ما دعا إليه حمزة منذ أكثر من تسعة قرون ينكرون الألوهية في ذاتها ، ويعتقدون بألوهية الحاكم بأمر الله ، وفي رجعته آخر الزمان ، وينكرون الأنبياء والرسل جميعًا .
بيد أنهم ينتسبون ظاهرًا إلى الإِسلام ، ويتظاهرون أمام المسلمين بأنهم مسلمون ([90])، وذلك لأنهم عاشوا في وسط إسلامي ، ودول مسلمة ، غير أنهم يتظاهرون أمام النصارى أيضًا بأنهم قريبون منهم ، لأن المسيح في نظرهم هو حمزة بن علي .
وهم الآن في الأرض المحتلة ( إسرائيل ) يتظاهرون بالتقرب إلى اليهود ، وقد رأينا أيضًا كبار مفكريهم المعاصرين يحجون إلى الهند متظاهرين بأن عقيدتهم نابعة من حكمة الهند .
والحقيقة أنهم يبغضون في الباطن جميع أبناء الأديان الأخرى ، ولاسيما المسلمين ، ويعتقدون أن الشياطين هم باقي الملل ، وأن العقال ([91])هم الملائكة ولا يأخذون بشيء من أحكام وعبادات الإِسلام ، كالصلاة ، والصوم ، والزكاة ، والحج ، بل ينكرون أصول الإِسلام جميعها ، والشريعة الإِسلامية كلها .
وقد جعل الدروز بدل أركان الإِسلام ، سبع خصال توحيدية ، وهم يعتقدون بتناسخ الأرواح ، وانتقالها إلى الأجساد الإِنسانية ، ويقولون في القرآن الكريم ، أنه من صنع سلمان الفارسي ، وكذلك فإنهم لا يعتقدون بالجنة والنار ، والثواب والعقاب . وإنما يكون الثواب بانتقال النفس إلى منزلة أرفع حينما تنتقل من جسد إلى جسد ، ويكون العقاب بتدني منزلتها .
بل أنهم يرجعون أصول مذهبهم إلى مسالك الحكمة والعرفان المتقدمة في أدوار التاريخ حيث يقول كمال جنبلاط ([92])في مقدمته لكتاب ( أضواء على مسلك التوحيد – الدرزية ) : ( وفي رأينا أنه لا يمكن النظر إلى مسلك التوحيد منفصلاً ومستقلاً عن مسالك الحكمة والعرفان المتقدمة في أدوار التاريخ المعروف والمجهول ، والتي عمرت بها حياة المؤمنين الأولين الموحدين في مصر الفرعونية القديمة وفي الهند ، وإيران ، وبلاد التبت ، وما وراء الواحات ، وفي بابل وأشور وفي اليونان وجزر البحر الأبيض المتوسط وعلى انفراج شواطئه ، ثم بعد ذلك في الإِسلام مرورًا بالنصرانية الأولى ، وما قبلها ([93])، فيما تكشف عنه مغاور البحر الميت في فلسطين ([94])، وبالمذاهب العرفانية التي انتشرت في كل صقع من صقاع العالم القديمة ، فالحكمة لا تنفصل ، في أي زمان أو مكان ) ([95]).
ولم يقف جنبلاط ، وهو الدرزي المثقف عند هذا الحد ، بل أرجع أصول هذا المذهب إلى حكماء الهند حيث يقول : ( ومن أغرب ما عثرنا عليه في هذه المخطوطات ، صلة هذا المسلك التوحيدي بحكماء الهند والسند ، وكنا نعتقد ولا نزال أن الحكمة واحدة في كل مثوى وزمان ، لا تتجزأ ولا تختلف في الجوهر ، لوحدة الحقيقة ، ووحدة الكشف عنها ، ووحدة الروح والعقل البشري .
وكنا نعلم ارتباط الموحدين بحكماء الهند ، وتقديرهم إياهم وتنويههم ببعض هذه الوجوه المباركة ، وكنا خاصة تتبعنا قصة كتاب ( بلوهر الحكيم ) ، المنتشر بين الموحدين وهو من كتب وعظهم ، وإذا بالموحدين ، على حق فيما يعتقدون بأنهم في هذه الديار ، هذا الوجه الباطن الظاهر للحكمة الإِنسانية الشاملة ) ([96]).
هذا ملخص لمذهب الدروز ، وإنها لصفحة من أغرب صفحات الثورة على الإِسلام ، بل وعلى العقل والمنطق ، وأشدها غلوًا وإغراقًا .
وفي بداية حديثنا عن هذا المذهب ، لابد لنا أن نستجلي غوامض شخصية الحاكم بأمر الله ، تلك الشخصية التي كانت وراء دعاة هذا المذهب ، يرعاهم بالمال والرجال ، فدعونا نتعرف على هذه الشخصية وآرائها ، وآراء دعاته ، وهو عنوان الباب الأول .
*******
(1) من أمثلة ذلك : الدراسة الجيدة عن الدروز التي كتبها الدكتور محمد كامل حسين بعنوان ( طائفة الدروز ) سنة 1962 م وما كتبه من قبل الشيخ زيد بن عبد العزيز الفياض بحلقات في مجلتي المنهل وراية الإسلام الصادرتين بجدة والرياض في 1379 ، 1380 ، 1381 هـ
(2) ابن منظور / لسان العرب ج 5 ص 348 .
(3) عبد الله النجار / مذهب الدروز والتوحيد ص 28 .
(4) محمد كامل حسين / طائفة الدروز ص 8 .
(5) سليم أبو إسماعيل / الدروز ـ وجودهم مذهبهم وتوطنهم – ص 64 , 65 .
(6) بول هنري بوردو / أمير بابلية لدى الدروز ص 29 .
(7) كمال جنبلاط / هذه وصيتي ص 46 .
(8) محمد كامل حسين / طائفة الإِسماعيلية ص 3
(9) و جعفر بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، سادس الأئمة الأثني عشر عند الامامية . كان من أجلاء التابعين ، ولقب بالصادق لأنه لم يعرف عنه الكذب . ولد بالمدينة المنورة سنة 80 هـ وتوفي فيها سنة 148 هـ
(10) سورة الزخرف : آية 28
(11) محمد كامل حسين / طائفة الإِسماعيلية ص 12 .
(12) محمد كامل حسين / طائفة الإِسماعيلية ص 13 .
(13) د . مصطفى الشكعة / إسلام بلا مذاهب ص 217 .
(14) هو محمد بن أبي زينب الأسدي الأجدع ، مؤسس الحركة الخطابية .
(15) الشهر ستاني / الملل والنحل ح ص 15 – ومحمد كامل حسين / طائفة الإِسماعيلية ص .
(16) برنارد لويس / أصول الإِسماعيلية ص 110.
(17) الشهر ستاني / والملل والنحل ج 2 ص 16.
(18) د . محمد السعيد جمال الدين / دولة الإسماعيلية في إيران ص 20.
(19) هو المؤسس الحقيقي للدعوة الباطنية الإسماعيلية ، مجوسي العقيدة والأصل ، تبنى محمد بن إسماعيل وعلى يديه قامت أسس الإسماعيلية ، والواقع أنه كان ذا دهاء وذكاء استغله بالكيد للإسلام وتحطيم عقيدته.
(20) برنادر لويس / أصول الإسماعيلية ص 111 .
(21) ) والمقصود في شبة القارة الهندية ، حيث ينقسم الإسماعيليون إلى قسمين ، قسم يسمى الإسماعيلية ، والقسم الآخر هم البهرة .
(22) النصيرية : فرقة باطنية ، تعتقد بألوهية علي بن أبي طالب ، وبتناسخ الأرواح حتى إلى الحيوانات ، ويطلق عليهم الآن ( العلويين ) ويقطن أكثرهم في شمال سوريا في جبل العلويين قرب اللاذقية ، وفي الفترة الأخيرة أخذوا ينزحون إلى أكثر المدن السورية ، وهم أيضا يتسترون على مذهبهم ، ويزعمون أنهم مسلمون .
(23) برنارد لويس / أصول الإسماعيلية ص 104 .
(24) ) عارف تامر / القرامطة .
(25) ) د . محمد السعيد جمال الدين / دولة الإسماعيلية في إيران ص 21 .
(26) نسبة إلى أفلاطون ، أحد فلاسفة اليونان المشهورين ، والذي قال أن للعالم محدثا مبدعا أزليا واجبا بذاته ، فأبدع العقل الكلي ، وبتوسط العقل انبعثت النفس الكلية انبعاث الصورة في المرأة .. وبعده بقرون جاء أفلاطون وأخذ مبادئه ودونها وتنسب إليه الأفلاطونية الحديثة .
(27) وكذلك أخذ النصارى مفهوم ( الكلمة ) التي جاءت في الانجيل وحوروها إلى هذا المفهوم.
(28) يس : 82 .
(29) القلم : 1 .
(30) د . مصطفى الشكعة / إسلام بلا مذاهب ص 247 .
(31) د . محمد البهي / الجانب الإلهي من التفكير الإسلامي ص 326 .
(32) الشهرستاني / الملل والنحل ج 2 ص 29 – ومحمد فريد وجدي / دائرة معارف القرن العشرين ج 2 .
(33) مصطفى غالب / الحركات الباطنية في الإسلام ص 93 .
(34) دائرة المعارف الإسلامية ج 3 ص 290.
(35) الشهرستاني / الملل والنحل ج 2 ص 29.
(36) د . عبد الرحمن بدوي / مذاهب الإسلاميين ج 2 ص 7 .
(37) محمد كامل حسين / طائفة الإِسماعيلية ص 14 .
(38) عبد القادر البغدادي / الفرق بين الفرق ص 266.
(39) عمر الدسوقي / أخوان الصفا ص 20 .
(40) بلدة معروفة بما وراء النهر ، على بعد عشرين فرسخا من سمرقند – انظر ياقوت الحموي / معجم البلدان ج 3 ص 166 وهناك موضع آخر قرب المدائن بالعراق ، ويعرف بساباط كسرى .
(41) بفتح أوله وثانية ، وأصلها تسلم مائة ، ثم حرف الناس اسمها فقالوا : سلمية ، وهي بلدة من أعمال حمص – في سورية – انظر : ياقوت الحموي / معجم البلدان ج 3 ص 240 .
(42) نسبة إلى حمدان القرمطي ، وقد عرف في الكوفة عام 258 هـ ، وأظهر دعوته عام 265 هـ ، ودعوتهم تعد خطوات الإسماعيلية ، ولهم غاية أساسية هي القضاء على الإسلام . ولذلك عملوا على إشعال الفتنة في الدولة الإسلامية بمقاتلتها ، وأسسوا دولة لهم بعد مدة من ظهورهم وبقيت فترة طويلة مصدر فتنة حتى قضى عليهم سنة 476 هـ ، انظر : ابن الجوزي / القرامطة ص 13 ومحمود شاكر القرامطة ص 8 .
(43) ويلقب بالمعلم ، وهو الذي مهد الطريق لقيام دولة العبيديين – الفاطميين – بنشر الدعوة الإسماعيلية هناك ، حتى جاء عبيد الله المهدي وأقام الدولة عام 296 هـ ، وقد قتله المهدي نفسه عام 298 هـ .
(44) ) عقيدة رئيسية وهامة عند كل فرق الشيعة ، والإمام في نظرهم معصوم عن الأخطاء ، ولا شك في كون هذا المعتقد سببا رئيسيا في بقاء الشيعة إلى الآن ، وكذلك كان سببا لظهور الفتن بادعاء كثيرين أنهم الإمام.
(45) ابن تغري بردى / النجوم الزاهرة ج 4 ص 75 ومحمد عبد الله عنان / الحاكم بأمر الله ص 32 .
(46) فخر الدين الرازي / اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص 77 .
(47) أصحاب ماني بن فاتك ، وهي من ديانات فارس ، وأخذت أصولها عن المجوسية والنصرانية وتؤمن بأن العالم مصنوع من مركب من أصلين قديمين ، أحدهما نور ، والآخر ظلمة ، وأنهما أزليان . انظر الشهرستاني / الملل والنحل ص 81 ج 2 .
(48) بتشديد الراء ، وهي على طريق الموصل والشام ، وتطلق أيضًا على قريتين بالبحرين ، وعلى قرية بغوطة دمشق ، انظر ياقوت الحموي : معجم البلدان ج ص 235 ، 236 . وتعتبر مجمع بقايا الديانات من الصابئة والنصارى وغيرهم . وهي في شمال شرق تركيا الآن .
(49) والمقصود أتباع فلاسفة اليونان مثل أرسطو وأفلاطون وغيرهم .
(50) ) برنادر لويس / أصول الإسماعيلية ص 12 ، 13 – وانظر ما قاله ابن الجوزي في القرامطة ص 51 ، 52 ، 53.
(51) أصحاب زرادشت بن بورشب ، وزعموا أن الله عز وجل خلق من وقت ما في الصحف الأولى ، وأنه جعل روح زرادشت في شجرة أنشأها في أعلى عليين ، وأن النور والظلمة متضادان ، وقد أتبعه الملك بشتاسب ، وقهر الناس على اتباعه ، وبنى في عهده بيوت النيران . انظر الشهرستاني / الملل والنحل ج 2 ص 77.
(52) أصحاب مزدك ، وقولهم كقول المانوية في الكونين والأصلين ، إلا أن مزدك يقول أن النور يفعل بالقصد والاختيار ، والظلمة تفعل على الخبط والاتفاق . ويدعون أيضًا إلى شيوعية المال والنساء لأنهما سبب الشرور . انظر الشهرستاني / الملل والنحل ج 2 ص 86 .
(53) قوم يقولون أن مدير العالم وخالقه هذه الكواكب السبعة والنجوم ، فهم عبدة الكواكب . انظر كتاب فخر الدين الرازي في اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص 90 .
(54) أتباع أبي عيسى بن يعقوب الأصفهاني ، وهم فرقة يهودية يثبتون نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، ولكن إلى العرب فقط ، وكانوا أيضا يوجبون تصديق المسيح ، وقد حرموا الذبائح كلها ، وخالفوا اليهود في أكثر أحكامهم . انظر الشهرستاني في الملل والنحل ج 2 ص 55 / والفخر الرازي في اعتقادات فرق فرق المسلمين والمشركين ص 83 .
(55) ) د . حسين إبراهيم / طه أحمد شرف – عبيد الله المهدي إمام الشيعة الإسماعيلية ص 292 – بتصرف - .
(56) جماعة ظهرت في منتصف القرن الرابع الهجري ، باطنية إسماعيلية تأثرت بالشيعة والفلسفة والوثنية ، كتبوا هذه الرسائل . ولكن الإسماعيليين في الوقت الحاضر يزعمون أن مؤلفها إمام مستور من أئمتهم هو أحمد بن عبد الله بن محمد ، وينسبونها إليهم.
(57) رسائل أخوان الصفاء / الرسالة رقم 45 / ج 4 ص 105.
(58) والمقصود أنه ليس موجودا مثل سائر الموجودات المخلوقة ، متعلق بغيره مستند في وجوده إلى آخر .
(59) والمقصود أنه لا معلوم بدون علة ، والموجودات يستند وجودها إلى موجود آخر وهكذا تستند هذه الموجودات إلى ( الله ) ، إذ لو كان ليسا ، لكانت الموجودات أيضا ليسا ، فلما كانت الموجودات موجودة كان ليسيته باطلة . انظر الكرماني / راحة العقل .
(60) ) حديث موضوع ، والصحيح ما رواه أحمد والترمذي ( أول ما خلق الله القلم ) . انظر العجلوني في (( كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث )) ج 1 ص 263 .
(61) محمد كامل حسين / طائفة الدروز ص 87 .
(62) محمد كرد علي / خطط الشام ج 6 ص 257 .
(63) د . مصطفى الشكعة / إسلام بلا مذاهب ص 236 .
(64) محمد كامل حسين / طائفة الدروز ص 87 .
(65) محمد كامل حسين / طائفة الإسماعيلية ص 157 .
(66) محمد كامل حسين / طائفة الدروز ص 88 .
(67) ) أحمد بن عبد الله الكرماني حميد الدين ، ويلقب بحجة العرافين ، من دعاة الإسماعيلية وكتابهم . كان داعي الدعاة للحاكم بأمر الله الفاطمي ، له رسالة ( مباسم البشارات بالإمام الحاكم ) يرد بها على الذين ألهوا الحاكم من الدروز ، وله أيضا مجموعة رسائل أخرى ، توفي بعد سنة 412 هـ . انظر الأعلام للزركلي ج 1 ص 149 وديوان المؤيد في الدين داعي الدعاة ص 9 .
(68) مصطفى غالب / الحركات الباطنية في الإسلام ص 121 ، 122 وانظر دولة الإسماعيلية في إيران ص 35 .
(69) محمد كامل حسين / طائفة الدروز ص 89 – وسنجد ذلك فيما بعد عند التحدث عن عقائد الدروز أثر هذه النظرية في عقائدهم وكيف استمدوها من الفاطميين ؟ .
(70) د . مصطفى الشكعة / إسلام بلا مذاهب ص 246 .
(71) محمد كامل حسين / طائفة الدروز ص 89 ، 90 .
(72) وهذا الاعتقاد سنجد أثره أيضا في عقائد الدروز ، عند تحدثهم عن الأدوار السبعة .
(73) د . محمد السعيد جمال الدين / دولة الإسماعيلية في إيران ص 27.
(74) وأيضا أول الدروز كل هذه الأركان ، بل نقضوها ، في إحدى رسائل حمزة واسمها ( النقض الخفي ) ، والتي أوردتها فيما بعد .
(75) محمد كامل حسين / طائفة الدروز ص 91 .
(76) تأسست هذه الدولة – كما ذكرنا سابقا – سنة 296 هـ على يد عبيد الله المهدي في المغرب ، وسقطت سنة 567 بعد موت العاضد الفاطمي على يد صلاح الدين الأيوبي – انظر الروضتين في أخبار الدولتين ج / ص 193 .
(77) انظر القرماني في أخبار الدول وآثار الأول ص 189 – 191 ، وكذلك العصامي المكي في سمط النجوم العوالي ج 3 ص 414، 415 ، 424 .
(78) انظر المصدرين السابقين ، الأول ص 191 ، والثاني ص 424 – 429.
(79) محمد عبد الله عنان / الحاكم بأمر الله وأسرار الدعوة الفاطمية ص 164 .
(80) محمد كامل حسين / طائفة الدروز ص 75 .
(81) المؤسس الرئيسي لمذهب الدروز ، من كبار الدعاة الباطنيين ، ومن أكثرهم التصاقا بالحاكم بأمر الله ، توفي على الأرجح سنة 433 هـ ، وسيفصل الكلام عنه عند الكلام عن دعاة الدروز / انظر الأعلام للزركلي ج 2 ص 310 .
(82) مصطفى غالب / الحركات الباطنية في الإسلام ص 241.
(83) أحد أصحاب الدعوة لتأليه الحاكم ، وإليه نسبة الطائفة الدرزية ، مع أن الدروز يتبرأون منه بسبب انشقاقه عن حمزة ، تركي الأصل على الأرجح ويقال فارسي ، هرب إلى الشام بعد مهاجمته من قبل الناس ، ومات هناك سنة 411 هـ . انظر الأعلام للزركلي ج 6 ص 259
(84) ) أحد الذين جاهروا بتأليه الحاكم بأمر الله ، وهو الذي سلم القاضي ابن العوام رفعة تطلب منه الاعتراف بألوهية الحاكم ، وقد قتل على يد أهل السنة عام 409 هـ . انظر النجوم الزاهرة ج 4 ص 183 .
(85) هو ما يعرف الآن بالشوف وكذلك المناطق المجاورة لها في لبنان .
(86) تشارلز تشرشل / بين الدروز والموارنة ترجمة فندي الشعار ص 15 .
(87) مصطفى غالب / الحركات الباطنية في الإسلام ص 244 .
(88) المصدر السابق ص 245 .
(89) المصدر السابق ص 246 .
(90) ولكنهم في الوقت الحاضر ، وبسبب تغيير الظروف . يحاولون جهدهم في الابتعاد عن لفظ ( الإسلام ) ويبرزون تسمية أنسفهم بـ ( الموحدين ) .
(91) لفظ يطلقه الدروز على مشايخهم ودعاتهم . وهم الذين يعرفون أسرار العقيدة الدرزية ، ولا يسمحون لغيرهم بالاطلاع عليها ، والمجتمع الدرزي ينقسم إلى قسمين عقال ، وجهال ، فالجهال لا يعرفون شيئا من مذهبهم إلا الأمور الرئيسية فيه ، ولا يدخل أحدا منهم في العقال إلا بعد امتحان طويل .
(92) زعيم درزي معاصر ، وهو من السياسيين اللبنانيين ، معروف بثقافته واطلاعه على ديانات الهند القديمة ، ويحاول كثيرا أن يقارب بينهما وبين عقيدة الدروز ، وقد قتل في لبنان عام 1397 هـ 1977 م .
(93) يعني اليهودية ، غير أنه تجنب ذكر اسمها لأسباب سياسية محلية .
(94) مع أن ما نشر عن أوراق البحر الميت لا يدل على شيء من ذلك.
(95) د . سامي مكارم / أضواء على سلك التوحيد ( الدرزية ) ص 26 .
(96) د . سامي مكارم / أضواء على مسلك التوحيد ( الدرزية ) ص 51.