الترجمة العلمية

واقع تعريب التعليم الجامعي

يعود تاريخ تعريب التعليم الجامعي في العراق في

الدراسات الانسانية والادبية الى البدايات الاولى لتأسيس

الكليات بهذه التخصصات منذ مطلع القرن المنصرم، اذ

اعتمدت كليات الحقوق والآداب ودار المعلمين العالية ( كليات

التربية فيما بعد ) اللغة العربية لغة التدريس في جميع اقسامها

العلمية، واعتمدت الكتب العلمية المؤلفة باللغة العربية ولم

تواجه هذه الكليات أية صعوبات ذات أهمية . الا ان الحال

يختلف تمامًا في الكليات العلمية مثل كليات الطب والعلوم

والهندسة والزراعة اذ ابتدأت جميعها التدريس باللغة الانكليزية

منذ تأسيسها .

ويعتبر عام 1976 منعطفًا هامًا في مسيرة التعليم

الجامعي اذ الزم مجلس التعليم العالي والبحث العلمي الجامعات

ومؤسسات التعليم بالبدء بتعريب التعليم العالي في الصفوف

23

الجامعية الاولى بصورة تامة ابتداء من العام الدراسي 1977

1978 بأستثناء مادة دراسية واحدة تدرس باللغة الانكليزية

على ان يطبق ذلك على الصفوف الثانية في السنة التالية

وهكذا حتى يشمل جميع الصفوف .

ولغرض تنظيم عملية التعريب هذه تم تشكيل لجنة

وطنية عليا برئاسة وزير التعليم العالي والبحث العلمي

وعضوية رؤساء الجامعات وممثل عن المجمع العلمي العراقي

وممثل عن مجلس البحث العلمي لوضع الأسس العامة لتعريب

التعليم الجامعي وتأليف اللجان الاختصاصية .

كما أسس ديوان وزارة التعليم العالي والبحث العلمي

مركزًا خاصًا بالتعريب بأسم مركز التعريب . يتولى هذا

المركز التخطيط لعملية التعريب واعداد الدراسات واختيار

كتب الترجمة والكتب المنهجية ونشر المصطلحات العلمية

المعتمدة من قبل المجامع اللغوية للنهوض بتعريب التعليم

العالي ، وقد اسهم مركز التعريب بإقامة أول مؤتمر لتعريب

التعليم العالي في الوطن العربي عقد في بغداد للفترة بين آذار

وغاية السابع منه عام 1978 ، وشارك فيه نخبة من علماء

وأساتذة الجامعات العربية والمجامع اللغوية العربية وممثلون

24

عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم التابعة لجامعة

الدول العربية والمدير العام للمنظمة العالمية للتربية والعلوم

والثقافة ( اليونسكو )، وقد باشرت جميع هذه الهيئات واللجان

في اختيار الكتب وتوفير المعاجم، وتكليف المؤلفين /

المترجمين، وتسمية الخبراء العلميين لتقويم الكتب المؤلفة /

المترجمة من الناحية العلمية، والمقومين اللغويين لمراجعتها

لغويًا والتوثق من استيفائها لشروط السلامة اللغوية، وإحالتها

الى المطابع وتوزيعها على الجامعات.

وعملية كبيرة كهذه تتطلب تضافر جهود جهات

عديدة، وحركة سريعة ودؤبة، ومرونة عالية بعيدًا عن الرتابة

والتعقيد في الاجراءات من اجل إنجاز عملية التعريب التي

تتطلب توفير الكتب المنهجية والكتب المساعدة وكتب المصادر

والمراجع والمصطلحات، وكذلك إعداد الملاكات التدريسية

المؤمنة بعملية التعريب والقادرة على تنفيذها بكفاية عالية . لذا

تم اعتماد سياسة اللامركزية في التعريب إذ ألغيت جميع

هيئات التعريب واللجان التخصصية في اوائل عقد الثمانينيات

وأنيطت مهامها بالجامعات مباشرة على ان تنسق الجامعات

وتتبادل المعلومات فيما بينها منعًا لبعثرة جهودها وتكرار

ترجمة الكتب نفسها .

25

وقد الفت في الجامعات لجان بأسم لجان التعريب تتولى

الاشراف على عملية تأليف الكتب باللغة العربية او ترجمتها

وفق تعليمات مركزية وضعتها وزارة التعليم العالي والبحث

العلمي تعرف بأسم تعليمات تعضيد البحث العلمي وتأليف

الكتب العلمية وترجمتها .

تقوم مجالس الأقسام العلمية ومجالس الكليات باختيار

الكتب المراد تأليفها وترجمتها تبعًا للمناهج الدراسية

المعتمدة،واختيار أعضاء الهيئة التدريسية لتأليفها او ترجمتها

بعد موافقة مجلس الكلية المعني بذلك، ولجنة التعريب،

وتصديق رئاسة الجامعة للبدء بالتعريب، وفق صيغة تعاقدية

واضحة تحدد فيها التزامات الطرفين، وإنجاز الكتاب وفق مدة

زمنية معينة ، ويلتزم عضو الهيئة التدريسية بإنجاز الكتاب

طبقًا للمنهج المقرر وبالمواصفات المحددة بعد خضوعه للتقويم

العلمي واللغوي، وتلتزم الجامعة بطبع الكتاب على نفقتها

وتسويقه لحسابها وامتلاك حقوق الطبع والنشر لعدة سنوات

مقابل صرف مكافآت مجزية للمؤلف او المترجم .

ويمكن لعضو الهيئة التدريسية الاستفادة من الكتاب المؤلف

او المترجم لغرض الترقية العلمية كجزء من نتاجه العلمي

26

بهدف تشجيع عملية التعريب . وقد ألزمت التعليمات ان يتم

التدريس باللغة العربية حتمًا ، كما ألزمت تعليمات الدراسات

العليا كتابة رسائل الدبلوم العالي والماجستير والدكتوراه باللغة

العربية إلا في الحالات الاستثنائية التي يصعب فيها الحصول

على المصادر والمراجع باللغة العربية ، عندها يلزم الحصول

على موافقة مجلس الكلية في كتابة الرسائل باللغة الانكليزية .

وتجدر الاشارة الى القانون 64 لسنة 1977 قانون

الحفاظ على سلامة اللغة العربية الذي الزم المؤسسات التعليمية

في مراحل الدراسة كافة اعتماد اللغة العربية لغة للتعليم ،

وعليها ان تحرص على سلامتها ، لفظًا وكتابة ، وتنشئة

الطلاب على حسن التعبير والتفكير بها ، وإدراك مزاياها

والاعتزاز بها .

كما حدد القانون ان يكون المجمع العلمي العراقي المرجع

الوحيد في وضع المصطلحات العلمية والتقنية وعلى الاجهزة

المعنية الرجوع إليه بشأنها .

وقد شهد تعريب التعليم العالي منذ ذلك الحين تقدمًا

كبيرًا اذ تم تأليف العشرات من الكتب العلمية او ترجمتها،

27

واصبح التدريس باللغة العربية مقبو لا ومألوفًا لدى أعضاء

الهيئة التدريسية والطلبة على السواء بأستثناء كليات المجموعة

الطبية التي تؤمن أغلب ملاكاتها التدريسية بعدم جدوى

التعريب اطلاقًا، بدعوى ان ذلك يؤثر على المستوى العلمي

للطلبة، وبأن الكتب والمراجع العلمية لا يمكن توفيرها باللغة

العربية، وعليه فأنه لا يمكن مواكبه التطورات العلمية في

مجال العلوم الطبية .

ومما يؤسف له حقا ان عملية التعريب بدأت تشهد في

السنوات الاخيرة في جميع التخصصات انحسارًا شديدًا

وعزوفًا من قبل أعضاء الهيئة التدريسية تحت ذريعة المساس

بالمستوى العلمي وعدم القدرة على مواكبة التطور العلمي

والتقني وتجديد العلوم والمعارف المختلفة ، وقد زادت ظروف

الحصار الاقتصادي الجائر المفروض على قطرنا المشكلة

تعقيدًا اذ لم يعد بالامكان الحصول على الكتب والدوريات

العلمية الحديثة بسهولة .

وبرغم كل هذه الصعوبات فما زالت التدريسات في

معظم الكليات تتم باللغة العربية في معظم المواد الدراسية،

وتعتمد كتب معربة وكتب أجنبية في آن واحد مع بروز اتجاه

28

وميل واضح الى اعتماد اللغة الانكليزية اكثر فأكثر من ذي

قبل . واذا ما استمرت الحال على هذا المنوال فلا ريب عودة

سيادة اللغة الانكليزية في التدريسات الجامعية كما كانت عليها

الحال سابقًا، ما لم يتم التصدي لهذه الحالة بحزم وقوة من قبل

أعلى الجهات المسؤولة عن التعليم العالي تخطيطا" و تنفيذا"،

والعمل على خلق بيئة جامعية سليمة اللغة وأصيلة الجذور و

صادقة الانتماء الى محيطها العربي والإسلامي، والمعتدة

بنفسها و بإِنجازاتها العلمية، والوقوف بحزم بوجه التيارات

الشعوبية ومحاولات التغريب بدعاوى العولمة

والانفتاح المزيف.

وحيث ان العلوم المعاصرة تشهد تدفقا" معرفيا" هائلا "في

جميع التخصصات وشتى الاتجاهات، الامر الذي يتطلب من

جامعاتنا و مؤسساتنا العلمية ومراكزنا البحثية مواكبتها ونقل

ماهو مفيد و نافع منها الى فئات المجتمع المختلفة، ولأن

الترجمة أحد أهم سبل نقل المعارف و العلوم بين الأمم

والشعوب ، لذا ينبغي إيلاء الترجمة بصورة عامة

والترجمة العلمية بصورة خاصة إهتمامًا كبيرًا لنقل تلك

العلوم والمعارف الى بلادنا من جهة ، وكذلك نقل النتاج

29

العلمي العربي لكبار علماؤنا ومفكرينا وأدباؤنا الى الشعوب

الاخرى من جهة اخرى لتحقيق التواصل العلمي فيما بينهم .

ومما يؤسف له حقًا تزايد الدعوات لاعتماد لغات اجنبية وفي

مقدمتها اللغتين الانكليزية والفرنسية اكثر فأكثر في التدريس

الجامعي في اكثر من قطر عربي بدعاوى الارتقاء بالمستوى

العلمي وقصور لغتنا العربية بالايفاء بمتطلبات العلوم

والمعارف الحديثة دون وجه حق . واذا ما استمرت الحال

على هذا المنوال بعدم التصدي الحازم لهذه الاتجاهات المريبة،

فإن اجيا لا مشبعة بالفكر المعادي للغتنا العربية او في الاقل

مشبعة بالنظرة الدونية لهذه اللغة بأعتبارها لغة ادب اكثر منها

لغة علم ، ستكون هي الحاكمة لمفاصل حركة واتجاهات

العلوم في بلادنا الى الحد الذي قد يصعب معه النهوض

بالتنمية العلمية لبلادنا على وفق رؤية عربية واسلامية قوامها

وأساسها اللغة العربية.

لذا يتطلب الامر تضافر جهود علماؤنا وأدباؤنا ومفكرينا

للنهوض ثانية بحركة تعريب العلوم بعامة، وترجمتها الى لغتنا

العربية بخاصة لتأمين إطلالة علمية قوية لبلادنا على نتاجات

الامم والشعوب المختلفة من منطلق حوار الثقافات والشعوب .

30

واخيرًا لا بد من تأكيد حقيقة هامة هي ان التعريب الجامعي لا

يمكن ان يزدهر إلا في بيئة علمية متطورة ومسندة بإرادة قوية

مؤمنة ايمانًا مطلقًا بحتمية التعريب للحفاظ على هوية الأمة

القومية وتراثها في عالم يشتد فيه الصراع والغزو الثقافي

لسلب إرادة وروح الامم المتطلعة لبناء غدها الافضل على

وفق اختيارها في الحياة الحرة الكريمة بعيدًا عن مداخلات

الدول الكبرى التي تسعى بكل الوسائل لطمس معالم حضارتنا

في إطار ما يدعى بالنظام الدولي الجديد وتجاوز الخصائص

الحضارية والثقافية للامم والشعوب تحت دعاوى العولمة .

وحيث ان اللغة هي أحد أهم مقومات الامم والشعوب ، لذا

فأن ازدهارها مسألة في غاية الاهمية ، ولأن ازدهار اللغة

يرتبط ارتباطًا اساسيًا بقدرتها على الايفاء بمتطلبات الحياة

العصرية وبخاصة ما يتعلق منها بالعلوم والتقانة ، لذا تكتسب

عملية التعريب اهمية خاصة ذلك إنها السبيل الوحيد لمواكبة

التطورات العلمية والتقنية في عالم سريع التطور، وبناء

القدرات العلمية الوطنية والقومية برؤى علمية عربية على

وفق حاجات بلادنا في التنمية والتطور .

31

ولعل الترجمة في الوقت الحاضر اكثر اهمية من التعريب ،

ذلك ان الترجمة تؤمن لبلادنا نقل مستجدات العلوم والتقانة

او لا بأول اذا ما احسن تنظيمها . لذا فأن جهودًا حثيثة يجب ان

تبذل للارتقاء بأعتماد اساليب حديثة ومتطورة . ولعل الترجمة

الآلية بأستخدام الحواسيب الالكترونية تقع في مقدمة أساليب

الترجمة الحديثة لذا ينبغي ايلاء الترجمة الآلية اهتمامًا خاصًا

لتأمين مواكبة بلادنا لمستجدات العلوم والمعارف الانسانية

المختلفة .

معوقات التعريب الجامعي

تواجه عملية التعريب الجامعي صعوبات ومعوقات عديدة

نوجزها بالآتي :

1. إيمان أعداد كبيرة ممن يتولون مواقع قيادية هامة في

الجامعات والمؤسسات التعليمية ان تعريب التعليم

الجامعي يؤثر سلبًا على التعليم الجامعي في الوقت

الحاضر بدعوى المساس بالمستوى العلمي وعدم القدرة

على مواكبة التطورات العلمية في التخصصات

المختلفة ، الامر الذي يدفعهم بأستمرار الى إعاقة اية

محاولة جادة للبدء بالتعريب تحت أسباب وذرائع شتى .

32

2. الضعف الشديد والواضح في قدرات الكثير من اعضاء

الهيئات التدريسية في الجامعات والمؤسسات التعليمية

في اساسيات اللغة العربية التي يفترض إتقانها لكونها

لغة القرآن الكريم ، وإنها اللغة القومية التي يتخاطبون

بها شأنهم بذلك شأن أفراد الامم الاخرى .

3. عدم كفاية الدوريات والكتب العلمية والمراجع في اللغة

العربية قياسًا على ما هو عليه الحال في اللغات الاخرى .

4. عدم إشاعة المصطلحات العلمية في الاوساط الجامعية

بهدف الإفادة منها والعمل على استخدامها وإشاعتها في

أوساط الطلبة.

5. قلة أعداد أعضاء الهيئة التدريسية القادرين على إعداد

او تأليف الكتب العلمية باللغة العربية في الكثير من

التخصصات العلمية والتقنية بالمستوى العلمي المطلوب

قياسًا الى مستوياتها باللغة الاجنبية .

6. قلة أعداد اعضاء الهيئة التدريسية القادرين على ترجمة

الكتب العلمية ، اذ ان الترجمة تتطلب قدرات علمية

33

جيدة في التخصص العلمي من جهة وقدرات جيدة

بلغتين ، لغة الكتاب المراد ترجمته ، واللغة المراد

ترجمة الكتاب اليها من جهة اخرى، الامر الذي لا

يتوفر بسهولة في معظم الاحيان .

7. ضعف التنسيق بين الجامعات في مجالات التعريب

المختلفة على نطاق القطر الواحد من جهة، وبين هذه

الجامعات وجامعات الاقطار العربية من جهة اخرى،

الامر الذي ينجم عنه بعثرة الجهود وتشتتها .

8. ضعف التنسيق والتعاون بين المؤسسات المعنية

بالتعريب الممثلة بالمجامع اللغوية ومراكز التعريب

وسواها الامر الذي يضعف حركة التعريب كثيرًا .

9. انعدام التعاون بين مؤسسات ودور النشر العربية .

10 . غياب دور وسائل الاعلام المختلفة وعدم ممارستها

لدورها المطلوب في نشر الوعي بين أوساط المتعلمين

بأهمية التعريب .

11 . عدم اهتمام الجامعات والمؤسسات التعليمية المختلفة

بحركة الترجمة والتعريب ، بل العكس هو الصحيح إذ

34

ان سياساتها وممارساتها جميعها تسير في الاتجاه

المعاكس ، اذ باتت تعتمد الكتب والدوريات الأجنبية اكثر

فأكثر ، وتشجيع استخدام اللغة الانكليزية في تدريس

المواد الدراسية في برامج الدراسات الاولية والعليا ،

وكذلك كتابة ونشر البحوث بهذه اللغة .

12 . ما زالت أساليب وطرق الترجمة المعتمدة بدائية قوامها

الجهد الفردي للاشخاص وعدم الإفادة من أساليب

الترجمة الآلية الحديثة الامر الذي يجعل حركة الترجمة

بطيئة جدًا ولا تلبي الاحتياجات المتزايدة من الكتب

العلمية والمجلات والدوريات باللغة العربية .

13 . قلة الحوافز التي يحصل عليها مؤلفو أو مترجمو الكتب

العلمية قياسًا الى الانشطة الجامعية الاخرى .

14 . عدم وجود سياسة واضحة وثابتة لتعريب التعليم

الجامعي ، وعدم كفاية التخصيصات المالية المرصدة

لهذا الغرض .

15 . عدم إيلاء اللغة العربية ما تستحقه من اهتمام في

الدراسات الجامعية المختلفة .

35

بعض سبل النهوض بالتعريب الجامعي

ولكي تزدهر عملية التعريب بعامة وحركة التعريب

الجامعي بخاصة نقترح الآتي:

1. إلزام جميع طلبة الدراسات الجامعية الأولية بتعلم إحدى

اللغات الاجنبية الحية نطقًا وكتاب ة واعتبار ذلك جزءًا من

متطلبات منح الشهادة الجامعية . ولهذا الغرض لا بد ان

تسعى الجامعات الى إنشاء مراكز لتعليم هذه اللغات في

إطار برامج التعليم المستمر لمنتسبيها ولسواهم من

المواطنين الراغبين بتعلم هذه اللغات تواص لا مع حضارات

الامم والشعوب الاخرى . ولكي تؤدي هذه المراكز مهامها

لا بد من توفير مستلزماتها المادية من اجهزة ومختبرات

لغوية حديثة ، وكذلك توفير التدريسيين من ذوي الخبرة

والاختصاص ، واعتماد أساليب وطرائق التدريس الحديثة.

2. وفي الوقت نفسه لا بد من إلزام جميع طلبة الدراسات

الجامعية الاولية بدراسة مقرر واحد في الاقل في اللغة

العربية وآدابها في السنتين الجامعتين الاوليتين ، على ان

يتم التركيز فيهما على تدريب الطلبة على التعبير والكتابة

36

بلغة عربية سليمة، إذ يلاحظ ضعف أعداد غير قليلة من

طلبة الجامعات وعدم قدرتهم على التعبير بلغة عربية جيدة

الى الحد الذي لا تخلو فيه بعض كتاباتهم من أخطاء لغوية

وإملائية فادحة، على الرغم ان دراستهم ما قبل الدراسة

الجامعية قد تمت باللغة العربية على مدى اثنتا عشر عامًا،

اضافة الى تدريسهم اللغة العربية وآدابها وقواعدها طوال

هذه المدة ، الامر الذي يستدعي إعادة نظر جادة وشاملة

بمفردات مناهجها وطرائق تدريسها لإكساب الطلبة

المهارات اللغوية والقدرة على التعبير بلغة عربية سهلة

وسليمة بعيدًا عن المبالغة وتفخيم الألفاظ وأساليب الكتابة

المعقدة التي لا تنسجم مع روح العصر ومتطلبات التطور

العلمي والتقني ، المتمثلة بالدقة والبساطة والوضوح وعدم

التأويل والأختصار الشديد .

3. إلزام جميع الدراسات العليا بدراسة مقرر واحد في الاقل

بالترجمة من احدى اللغات الاجنبية الحية الى اللغة العربية

وبالعكس في مجال تخصصه ، وعد ذلك شرطًا اساسيًا من

شروط الايفاء بمتطلبات الدراسة الجامعية لنيل الشهادة

المطلوبة في حقل تخصصه .

37

4. مطالبة كل عضو هيئة تدريسية في التخصصات العلمية

والتقنية بتقديم بحث علمي واحد في الاقل منشورًا باللغة

العربية في مجلة علمية محكمة في مجال تخصصه في

كل مرحلة من مراحل الترقية العلمية ، وكذلك مطالبة كل

عضو هيئة تدريسية في التخصصات الانسانية بتقديم

بحث علمي واحد في الاقل منشورًا بلغة أجنبية حية في

مجلة علمية محكمة في مجال تخصصه في كل

مرحلة من مراحل الترقية العلمية .

5. تنشيط حركة تعريب الكتب العلمية الجامعية بعد ان تعثرت

في السنين الاخيرة ليس بسبب الحصار فقط ، وانما لتزايد

دعاوى زائفة مفادها ان التعريب ينجم عنه تدني المستوى

العلمي وعدم التواصل مع تطورات العلوم والتقانة الحديثة

خلافًا للحق والحقيقة اذ أثبتت تجارب الأمم والشعوب

قديمها وحديثها ان تدريس العلوم والمعارف الانسانية

المختلفة بلغة الام كما يقال أجدى وأنفع وأكثر كفاية

واستيعابًا للطلبة في المراحل الدراسية المختلفة ، ولا يمكن

لأية أمة حية تحترم نفسها ان تتخلى عن لغتها الوطنية

والقومية بمحض إرادتها لتعليم أبنائها بلغة أخرى، وإلا

فإنها تكون قد فقدت روحها ونبض حياتها الانسانية ، لا

38

نسوق هذا الكلام بدافع التعصب القومي ، وانما لتثبيت

حقيقة إنسانية أدركتها وتدركها كل الشعوب الحية المتطلعة

الى الرقي والتقدم على أساس التفاعل الحي مع ثقافات

وحضارات الشعوب الاخرى والإفادة من تجاربها

أخذًا وعطاءً .

6. مطالبة كل عضو هيئة تدريسية جامعية بتدريس مقرر

دراسي واحد في الأقل باللغة العربية كجزء من واجباته

التدريسية في حالة تعذر تعريب التعليم الجامعي لأي سبب

من الاسباب ، اذ انه أمر طبيعي ان يتم التدريس الجامعي

بأكمله وفي جميع تخصصاته العلمية ومراحله المختلفة

باللغة العربية بعد تأمين جميع مستلزماته من ملاكات

تدريسية مدربة ومؤمنة إيمانًا مطلقًا بأهمية التعريب

وجدواه العلمية وفوائده التربوية والوطنية ، وتوفير

احتياجاته من كتب ودوريات ومجلات علمية معربة ،

واعتماد طرائق تدريس وتقنيات تربوية حديثة ، ومفردات

ومناهج دراسية متطورة مواكبة لمستجدات العلوم والتقانة

الحديثة ، وملبية لحاجات بلادنا ونزوعها المشروع نحو

التقدم وامتلاك ناصية العلم على وفق رؤية عربية

وإسلامية .

39

7. إشراك أعضاء الهيئات التدريسية بدورات وحلقات دراسية

في اللغة العربية في إطار برامج التعليم المستمر بهدف

رفع قدراتهم اللغوية واطلاعهم على مستجدات تعريب

العلوم والإفادة من تجارب الآخرين . اذ يلاحظ ان هناك

ضعفًا واضحًا لدى أعداد غير قليلة من أعضاء الهيئات

التدريسية في الجامعات ليس بين أوساط المتخرجين منهم

من جامعات أجنبية ، بل وبين الكثير من المتخرجين من

جامعات عربية ، وينبغي ان يراعى في إعداد هذه

الدورات مواكبتها للتطورات الحديثة في أساليب وطرائق

تدريس اللغات بالإفادة من تقانات المعلومات والاتصالات

وما الى ذلك .

8 . تأليف لجان علمية للتعريب على مستوى الكليات

والجامعات من كبار الأساتذة الجامعيين لاقرار الخطط

السنوية للتعريب والترجمة والعمل على تنفيذها .

9. التنسيق بين المجامع العلمية واللغوية والجامعات اذ يلاحظ

ضعف هذه العلاقة في معظم الأقطار العربية .

40

10 . إنشاء دار وطنية للترجمة والتعريب والنشر تتولى ترجمة

أمهات الكتب العلمية والمراجع والدوريات والتنسيق مع

دور الترجمة المماثلة في الاقطار العربية المختلفة ، منعًا

للتكرار وبعثرة الجهود . وان تتولى هذه الدار إعداد

وتدريب الملاكات اللازمة للإلمام بتقنيات الترجمة ومواكبة

تطوراتها المختلفة .

11 . العمل على الإفادة من تقنيات الترجمة الآلية كلما أمكن

ذلك لمواجهة تدفق الكم الهائل من الإصدارات العلمية

المختلفة .

12 . اعتماد أساليب وطرائق تدريس حديثة لتعليم اللغة العربية

بصورة سهلة للطلبة الامر الذي يتطلب تحديث أساليب

ومناهج تعليم اللغة العربية بما يتفق والنظريات اللغوية

والتربوية الحديثة والإفادة من القدرات الحاسوبية الهائلة

في مجال اللسانيات الحاسوبية .

13 . الإهتمام بمواضيع اللسانيات الحاسوبية في أقسام اللغات

وأقسام علوم وهندسة الحاسوب على السواء .

41

14 . الاهتمام ببحوث ودراسات الترجمة الآلية واللسانيات

الحاسوبية .

15 . تنظيم معارض الكتب العلمية المعربة والمترجمة

للتعريف بها على أوسع نطاق وبخاصة في الجامعات .

16 . رصد جوائز سنوية تمنح في المناسبات لإفضل الكتب

العلمية المترجمة أوالمؤلفة باللغة العربية في التخصصات

العلمية المختلفة وبخاصة تلك التخصصات التي تلامس

حافات العلوم المتقدمة .

17 . تنظيم الندوات والمؤتمرات العلمية التي تتناول قضايا

التعريب والترجمة بصورة دورية ومنتظمة في الأقطار

العربية المختلفة .

وبذلك نكون قد هيئنا البيئة العلمية المناسبة لازدهار حركة

التعريب والترجمة العلمية لرفد مكتباتنا وجامعاتنا ومؤسساتنا

العلمية والتعليمية بالكتب العلمية المختلفة التي تعزز الجهود

المبذولة لتحقيق تنمية علمية شاملة في جميع التخصصات .

42

ولا بد من الاشارة هنا الى أن الترجمة العلمية لا تقتصر

على نقل العلوم والمعارف من اللغات الاجنبية الى اللغة

العربية فقط ، وإنما ينبغي أن تهتم بنقل النتاج العلمي العربي

الى اللغات الاخرى .