الترجمة العلمية

بعض سبل النهوض بالترجمة

تكتسب ترجمة الكتب العلمية أهمية خاصة ذلك لما للكتاب

العلمي من أثر بالغ بنشر المعرفة العلمية وجعلها في متناول

المختصين وسواهم من طالبي العلوم والمعرفة. وحيث إن

الكتب العلمية المترجمة تمثل عينات مختارة بعناية من علوم

وثقافات امم مختلفة تميزت بالرقي والتقدم العلمي والتكنولوجي

في حقول المعرفة المختلفة. لذا ينبغي الاهتمام الفائق بترجمة

91

الكتب العلمية وتيسير سبل النهوض بها كي ترتقي لتلبية

احتياجات الامة كما و نوعا .

ندرج في ادناه بعض سبل ووسائل الارتقاء والنهوض

بترجمة الكتب العلمية:

1. إعتماد خطط علمية للترجمة بعيدة المدى تحدد الاتجاهات

الرئيسة لما ينبغي ترجمته من علوم حديثة وتقانات

متطورة في العلوم الاساسية والعلوم الهندسية والعلوم

الطبية والعلوم الزراعية وعلوم الحاسوب والمعلومات

وغيرها ،على ان تنبثق عنها برامج عمل سنوية لتحديد

الكتب المطلوب ترجمتها لمواكبة حركة تطور العلوم

والتقانات المختلفة وتأمين النهضة العلمية لبلادنا، بعد

رصد التخصيصات المالية المطلوبة.

2. إنشاء قاعدة معلومات تتضمن اسماء ابرز المترجمين

العرب داخل الوطن العربي وخارجه بهدف الاستفادة من

خبراتهم وقدراتهم العلمية وتعزيز اواصر التعاون فيما

بينهم للنهوض بحركة الترجمة بعامة وترجمة العلوم

والتقانات الحديثة بخاصة.

92

3. ان يتم انتقاء الطبعات الحديثة للكتب العلمية ذات

المستوى العلمي الرفيع الصادرة عن دور النشر العالمية

المعروفة التي يؤيد الخبراء في حقل الاختصاص جدوى

ترجمتها.

4. تشجيع اقامة معارض الكتب العلمية للتعريف بالنتاج

العلمي العربي بعامة، والنتاج العلمي المترجم بخاصة بين

اوساط المتعلمين من ذوي الاختصاص بهدف تسهيل اقتناء

هذه الكتب وتداولها على اوسع نطاق ممكن.

5. اعتماد اساليب التسويق الحديثة لإيصال الكتب المترجمة

الى طلبة الجامعات وذوي الاختصاص، وربما يكون

مفيدا اعطاء خصم بنسب معينة للطلبة، واهداء بعض

النسخ الى اعضاء الهيئات التدريسية، وان تعذر ذلك

منحهم خصومات واقتصار الاهداء على كبار الاساتذة

المتميزين مما يساعد على الترويج الاوسع لتداول هذه

الكتب، وهو اسلوب تعتمده الكثير من دور النشر

العالمية.

93

6. وحيث ان عالمنا المعاصر يشهد تدفقا معرفيا هائلا في

جميع التخصصات، لذا يصبح لزاما التفكير الجاد بإيجاد

الية مناسبة للترجمة الآلية.

7. بناء قاعدة معلومات بالمصطلحات المعربة بهدف

الاستفادة منها من قبل المترجمين، بما يوفر المال

والجهد، ويؤمن عدم بعثرة الجهود، بالإطلاع على ما

أنجزه المعربون والمترجمون في حقول المعرفة

المختلفة.

8. تعد الكتب العلمية المترجمة أحد أهم ضمانات ترصين

الحالة العلمية في الجامعات إذا ما أحسن اختيار الكتب

العلمية التي ينبغي ترجمتها بحيث يراعى فيها الحداثة

والرصانة العلمية والشهرة في بلدانها وسمعة مؤلفيها،

وبالتالي نقل علوم ومعارف بالمستوى نفسه الذي تدرس

فيه في أرقى جامعات العالم، ولكن بلغة عربية سهلة

يفهمها الطلبة بيسر، بينما يصعب في الوقت الحاضر

تحقيق هذه الغاية بالنسبة للكتب المؤلفة باللغة العربية

نظرا لقلة أعداد المؤلفين الذين يملكون المادة العلمية

والمقدرة اللغوية في آن واحد، الأمر الذي يؤدي في

الكثير من الأحيان إلى نشر كتب علمية ضعيفة المستوى

94

العلمي وركيكة اللغة في الوقت نفسه. أما الكتب المؤلفة

بلغات أجنبية فأنه في الغالب يصعب فهمها من قبل أعداد

كبيرة من الطلبة، إضافة إلى إنها قد تخلق حالة انبهار

بحضارات أمم أخرى ينجم عنها حالات اغتراب وضعف

انتماء طلبتنا لامتنا المعطاء.

9. إنشاء مراكز لترجمة الكتب العلمية ونشرها في كبرى

الجامعات العربية لما للجامعات من أثر هام وفاعل في

إنماء المعرفة العلمية ونشرها، وبلورة اتجاهات العلوم

والتكنولوجيا، وتعويد الطلبة على التعلم والتعليم باللغة

العربية كحالة طبيعية شأنهم بذلك شأن الطلبة في البلدان

الراقية حيث يجري تعليم الطلبة بلغات أوطانهم.

10 . التفكير جديا بإنشاء دور نشر واسعة لترجمة الكتب

العلمية في كل قطر عربي، والتنسيق بين هذه الدور على

مستوى الوطن العربي بما يحقق التنسيق والتكامل بين

جهودها في إطار سياسية قومية شاملة، ترمي إلى دعم

حركة ترجمة الكتب العلمية إلى اللغة العربية ونشرها

على أوسع نطاق ممكن.

95

11 . دعم أقسام الترجمة في الجامعات العربية بما يمكنها من

تخريج ملاكات علمية عالية التأهيل ورفيعة المستوى

العلمي وبخاصة في مجالات ترجمة الكتب العلمية

والتكنولوجية.

12 . رفد المكتبات الجامعية والمؤسسات العلمية المختلفة

بالكتب العلمية المترجمة قديمها وحديثها كي تكون في

متناول اعضاء الهيئات التدريسية والطلبة والباحثين

بهدف الاطلاع والاستفادة منها بيسر وسهولة.

13 . تنظيم دورات لغوية تتضمن اساسيات قواعد اللغة

العربية وسبل تيسيرها للتعبير بلغة علمية عربية

مبسطة وسليمة لطلبة الجامعات في الكليات العلمية، بما

يسهل تقبل الطلبة مطالعة الكتب العلمية المترجمة

والكتابة بلغة علمية عربية سليمة، اذ يلاحظ ان هناك

ضعفا عاما بالإلمام بقواعد اللغة العربية وحسن التعبير

بها لدى اعداد غير قليلة من العلماء والباحثين العرب

من ذوي التخصصات العلمية والتكنولوجية، يقابله

ضعف عام بالإلمام بالاسس العلمية لدى

المختصين باللغات.

96

14 . يفضل تنويع مصادر الترجمة من لغات مختلفة لما لهذا

التنويع من اهمية في اثراء المعرفة العلمية، وعدم

اقتصارها على لغة معينة كاللغة الانكليزية مثلا.

15 . تخصيص جوائز من قبل المجامع العلمية والجامعات

والمؤسسات العلمية المختلفة لأفضل الكتب العلمية

والتكنولوجية المترجمة في حقول المعرفة المختلفة،

وتقدم هذه الجوائز سنويا في احتفالات يوم العلم او عند

اقامة معارض الكتب او ماشابه ذلك.

97

الخاتمة

نظرًا لما لترجمة الكتب العلمية والتكنولوجية من اثر بالغ

في تعزيز جهود التنمية العلمية والتكنولوجية في بلادنا، وفي

نشر العلوم والمعارف بين الناس بلغة سهلة ومفهومة تساعدهم

على استيعاب هذه العلوم والمعارف بيسر، مما يكون له اثره

الفاعل في بناء مجتمعنا الناهض المتطلع الى غد افضل

بتوظيف معطيات العلوم الحديثة، واستعادة امجاد امتنا العربية

المجيدة.. امة العلم والايمان، ولأن ترجمة هذه الكتب تعد

الركيزة الاساسية لبناء نهضة الامة وصولا الى رقيها وتقدمها

ووقوفها على قدم المساواة مع الامم الاخرى الاكثر تقدما في

الوقت الحاضر، بحيث تسهم في النتاج العلمي الانساني بفاعلية

اكبر، تستلزم ترجمة هذا النتاج الى لغتها القومية.

لذا ينبغي على الجامعات والمؤسسات العلمية المختلفة

الاهتمام البالغ بترجمة الكتب العلمية الرصينة في التخصصات

المختلفة بموجب خطط علمية تلبي حاجاتها وتواكب اخر

مستجدات العلوم والتكنولوجيا الحديثة.

98

المصادر

1. الترجمة.. قضايا ومشكلات وحلول .

الترجمة بين الإنسان والحاسب الآلي/ دراسات أعدتها مجموعة

. خبراء/ مكتب التربية العربي لدول الخليج الرياض/ 1985

2. البابا، أ.د. محمد زهير.

التعريب بين الماضي والحاضر.

مجلة التعريب، العدد العاشر، المركز العربي للتعريب

. والترجمة والتأليف والنشر/ دمشق/ 1995

3. جريو، داخل حسن، جاسم، اسماء غالب.

واقع تعريب العلوم الهندسية في جامعات العراق وآفاقه.

مجلة التعريب، العدد العاشر، المركز العربي للتعريب

. والترجمة والتأليف والنشر/ دمشق/ 1995

4. فاضل، مؤيد عبدالرزاق.

تصميم معجم لإسناد الترجمة الآلية من الإنكليزية الى العربية،

اطروحة دكتوراه، قسم علم الحاسبات، الجامعة التكنولوجية،

.1997

99

الفصل الرابع

مواصفات المترجم العلمي

وسبل اعداده

مجلة المجمع العلمي ،الجزء الثالث،المجلد السابع

. والأربعون، 2000

100

101

الملخص

يعد المترجم العلمي، سواء أكان أنسانا أم حاسوبا أم الاثنين

معا، المرتكز الأساسي الذي تقوم عليه عملية الترجمة. إذ لابد

أن تبذل جهود حثيثة لتوفير مستلزمات إعداد المترجمين

العلميين إعدادا ممتازا، بحيث يجمع المترجم الإنسان بين

القدرة العلمية والتأهيل العالي في مجال تخصصه، والقدرة

اللغوية الجيدة على التعبير والكتابة بلغته العربية بسلاسة

وسهولة، فضلا عن تمكنه من اللغة المراد الترجمة منها

لضمان أعلى درجات الدقة والعلمية والموضوعية في

الترجمة.

وينطبق الشيء نفسه على الترجمة الآلية التي تتطلب

تضافر جهود فريق من علماء اللغة العربية والحاسوب، ودعم

جهود علماء اللسانيات الحاسوبية للنهوض بالترجمة الآلية التي

نحن بأمس الحاجة إليها في عالم يشهد تدفقا علميا ومعرفيا

هائلا، يتطلب منا أن نواكبه أولا بأول.

تسلط هذه الدراسة الضوء على بعض مواصفات إعداد

المترجمين العلميين ومتطلباتها، وسبل النهوض بالترجمة

العلمية لتحقيق النهضة المنشودة لبلادنا.

102

مقدمة

تبذل بلادنا جهودا حثيثة لامتلاك ناصية العلم والتقانة

الحديثة بأشكالها المختلفة، وحيث أن العلوم المعاصرة تشهد

تدفقا معرفيا هائلا في جميع التخصصات وشتى الاتجاهات،

الأمر الذي يتطلب من جامعاتنا ومؤسساتنا التعليمية ومراكزنا

البحثية مواكبتها ونقل ما هو مفيد ونافع منها إلى فئات المجتمع

المختلفة.

ولأن الترجمة إحدى أهم سبل نقل المعارف والعلوم بين

الأمم والشعوب، لذا ينبغي أيلاء الترجمة بصورة عامة،

والترجمة العلمية بصورة خاصة اهتماما كبيرا لنقل تلك العلوم

والمعارف إلى بلادنا من جهة، ولنقل النتاج العلمي العربي

لكبار علمائنا ومفكرينا وادبائنا إلى الشعوب الأخرى من جهة

أخرى، لتحقيق التواصل العلمي فيما بينها.

ومما يؤسف له حقا تزايد الدعوات لإعتماد لغات أجنبية

وفي مقدمتها اللغتان الإنكليزية والفرنسية أكثر فأكثر في

التدريس الجامعي في أكثر من قطر عربي، بدعاوى الارتقاء

بالمستوى العلمي، وقصور لغتنا العربية بالإيفاء بمتطلبات

العلوم والمعارف الحديثة، وهي دعوات تطلق دون وجه حق.

103

وإذا ما استمرت الحال على هذا المنوال بعدم التصدي الحازم

لهذه الاتجاهات المريبة، فان أجيالا مشبعة بالفكر المعادي

للغتنا العربية أو في الأقل مشبعة بالنظرة الدونية لهذه اللغة

باعتبارها لغة أدب أكثر منها لغة علم ، ستكون هي الحاكمة

لمفاصل حركة العلوم واتجاهاتها في بلادنا إلى الحد الذي قد

يصعب معه النهوض بالتنمية العلمية لبلادنا على وفق رؤية

عربية واسلامية قوامها واساسها اللغة العربية.

لذا يتطلب الامر تضافر جهود علمائنا وادبائنا ومفكرينا

للنهوض ثانية بحركة تعريب العلوم عامة، وترجمتها الى لغتنا

العربية خاصة، لتأمين اطلالة علمية قوية لبلادنا على نتاجات

الامم والشعوب المختلفة من منطلق حوار الثقافات والشعوب.

واخيرا لابد من تأكيد حقيقة هامة، هي ان الترجمة

العلمية لايمكن ان تزدهر الا في بيئة علمية متطورة ومسندة

بارادة سياسية مؤمنة ايمانا مطلقا بحتمية التعريب والترجمة

للحفاظ على هوية بلادها القومية، وتراثها في عالم يشتد فيه

الصراع والغزو الثقافي لسلب ارادة الامم وروحها المتطلعة

لبناء غدها الافضل على وفق اختياراتها في الحياة الحرة

الكريمة بعيدا عن مداخلات الدول الكبرى التي تسعى بكل

104

الوسائل لطمس معالم حضارتها في اطار ما يدعى بالنظام

الدولي الجديد، وتجاوز الخصائص الحضارية والثقافية للأمم

والشعوب تحت دعاوى العولمة.

وحيث أن اللغة هي إحدى أهم مقومات الأمم والشعوب،

لذا فأن ازدهارها مسألة في غاية الأهمية، ولأن ازدهار اللغة

يرتبط ارتباطا أساسيا بقدرتها على الإيفاء بمتطلبات الحياة

العصرية، ولاسيما ما يتعلق منها بالعلوم والتقانة، لذا تكتسب

عملية تعريب الكتب العلمية وترجمتها أهمية خاصة ذلك إنها

السبيل الوحيد لمواكبة التطورات العلمية والتقنية في عالم

سريع التطور، وبناء القدرات العلمية الوطنية والقومية برؤى

علمية عربية على وفق حاجات بلادنا في التنمية والتطور.

ولعل الترجمة في الوقت الحاضر أكثر أهمية من غيرها،

ذلك أن الترجمة تؤمن لبلادنا نقل مستجدات العلوم والتقانة

أولا بأول إذا ما أحسن تنظيمها.

تتناول هذه الدراسة بعض سبل النهوض بالترجمة بصورة

عامة والترجمة العلمية على وجه التحديد ولاسيما ما يتعلق

منها بسبل إعداد المترجمين العلميين.

105

مواصفات المترجم العلمي

أن المترجم العلمي هو الأساس الذي تقوم عليه عملية

الترجمة العلمية ،عليه، لابد أن يتصف بخصائص ومزايا

عديدة، ومن أهم هذه الخصائص والمزايا:

-1 يفضل أن يكون المترجم من كبار العلماء والباحثين

وأساتذة الجامعات المشهود لهم بالكفاية والتميز ممن

مارسوا التدريس أو البحث في موضوع الكتاب المراد

ترجمته وممن يجيدون لغة الكتاب وخلفيته العلمية .

2 أن يكون المترجم قادرا على التعبير والكتابة بلغة عربية

علمية سهلة ومبسطة ومفهومة لدى قطاعات واسعة من

الناس.

3 أن تكون للمترجم دراية واسعة بالكتب العلمية الرصينة

المتداولة والمواكبة لحركة تطور العلوم والتقانة الحديثة

والملبية لحاجات جامعاتنا ومؤسساتنا التعليمية العلمية .

4 أن تكون للمترجم دراية كافية بالمصطلحات العلمية

المعتمدة من المجامع العلمية ومجامع اللغة العربية ،

106

واعتماد المصطلحات الشائعة الاستعمال كلما أمكن ذلك ،

وكذا الحال بالنسبة للرموز والمعادلات لتكوين رؤية

موحدة لصياغة لغة علمية عربية ، ويفضل الأخذ

بالمعنى الأقرب للمصطلح في حقله الخاص به بدل

الترجمة الحرفية، إذ إن الكلمة الأجنبية قد يكون لها أكثر

من معنى واحد في حقول المعرفة المختلفة . أي إعطاء

مرونة كافية للتصرف بما لا يفسد المعنى الحقيقي للنص

المراد ترجمته بدقة تامة باختيار المصطلح العربي

المناسب الذي يعبر بدقة وموضوعية عن المحتوى

العلمي للمصطلح الأجنبي .

5 ان يكون المترجم قادرا على التعبير والكتابة باللغة

الاجنبية المراد ترجمة الكتب العلمية منها بصورة جيدة ،

وعلى اطلاع كاف باجوائها وخلفياتها العلمية.

6 يفضل ان يكون المترجم ملمًا قدر المستطاع ببعض

تقانات البرمجيات واللسانيات الحاسوبية، ذلك ان هذه

التقانات باتت تلعب دورا متزايدًا في عمليات الترجمة

العلمية ، لاسيما في الترجمة الآلية في عالمنا

المعاصر.

107

7 ان يحدد المترجم بوضوح الهدف من ترجمة الكتاب

وتحديد نوعية قراء الكتاب ومستوياتهم ومدى علمية

الكتاب وبيان خصائصه ومدى الافادة منه.

8 ان يسعى المترجم الى اخراج الكتاب العلمي المترجم

بطباعة انيقة واخراج جيد، يتناسب مع مضمون الكتاب،

ولايقل عن شكل الكتاب الاجنبي ومضمونه، ان لم يتفوق

عليه، وان يكون الكتاب المترجم خاليا من الاخطاء العلمية

واللغوية والطباعية.

وفي جميع الاحوال ، لابد من مراجعة الكتب المترجمة من

قبل خبراء ومختصين ممن سبق لهم ان قاموا بترجمة كتب

علمية في موضوع الكتاب المترجم، او ممن سبق لهم التدريس

في موضوع الكتاب باللغة العربية، وممن يجيدون في الوقت

نفسه لغة الكتاب الاصلي اجادة تامة، وكذلك مراجعة الكتاب

من قبل خبراء لغويين لضمان سلاسته وسلامته اللغوية طبقا

لقواعد اللغة العربية ، والتاكد من حسن اسلوب كتابته

وجماليته.

108

ويفضل وضع معايير علمية ولغوية واضحة ومحددة

للاهتداء بها من قبل المقومين اللغويين والخبراء العلميين عند

احالة هذه الكتب اليهم مع ضمان صرف مكافآت مجزية

لقاء ذلك .

ولكي تزدهر الترجمة العلمية في بلادنا لابد من العمل

على خلق مدارس علمية للترجمة في كل قطر عربي،

والتنسيق قدر المستطاع بين هذه المدارس على مستوى الوطن

العربي وصولا الى خلق مدارس ترجمة علمية عربية شاملة

في جميع التخصصات العلمية والتقنية، ذلك ان الجهود الفردية

على اهميتها لايمكن ان تحقق متطلبات الترجمة العلمية اذ انها

غالبا ما تنتهي بانتهاء اصحابها .

وبذلك نضمن ديمومة عملية الترجمة العلمية وازدهارها ونقل

الخبرات من قطر الى اخر وتواصلها من جيل الى اخر، فضلا

عن منع التكرار وبعثرة الجهود بالافادة من افضل الامكانات

المتوفرة في كل قطر عربي.

109

متطلبات الترجمة العلمية

تتطلب الترجمة العلمية تهيئة بيئة علمية مناسبة في مقدمتها

إعداد المترجمين العلميين ، ذلك أن المترجم هو الأساس في

عملية الترجمة، إذًا لابد من إعداد المترجمين إعدادا علميا

سليما بحيث يجمع المترجم بين القدرة العلمية والتأهيل العالي

في مجال تخصصه والقدرة اللغوية الجيدة بلغته العربية أولا،

وفي لغة أجنبية واحدة في الأقل ثانيا.

ولأجل تحقيق بيئة الترجمة العلمية المناسبة نقترح الآتي:

1.الإهتمام بموضوع اللسانيات الحاسوبية و العمل على ادخاله

ضمن المناهج الدراسية في كليات اللغات و المعلومات

و الاعلام، بوصفه علم متخصص في دراسة ومعالجة

اللغات، ومرتكز اساسي من مرتكزات الترجمة الآلية.

2.تطوير أقسام الترجمة في الجامعات و تزويدها بمختبرات

اللغة الحديثة ،وإعتماد أساليب و طرائق التدريس اللغوية

الحديثة بمعاونة الحواسيب،والافادة من شبكات المعلومات.

110

3.السعي لإنشاء صندوق عربي لدعم جهود الترجمة الآلية

بالتعاون مع المنظمات العربية والدولية المهتمة بنشر العلوم

والمعارف ،وفي مقدمتها منظمة اليونسكو ،و المنظمة

العربية للتربية و الثقافة و العلوم ، ومنظمة المؤتمر

الاسلامي و غيرها.

4.إنشاء جمعية عربية للمترجمين العرب لتبادل الخبرات

وتعزيز جهود الترجمة في الاقطار العربية.

5.تبني مشروعات رائدة للترجمة الآلية على مستوى الوطن

العربي في إطار خطة علمية بعيدة المدى.

6.عقد ندوات وحلقات دراسية و مشاغل عمل و مؤتمرات

علمية في مواضيع الترجمة المختلفة، و ذلك في إطار

خطط علمية سنوية تنفذها الجامعات والمؤسسات العلمية و

الثقافية المختلفة على وفق أهداف واضحة و محددة.

7.الإهتمام ببحوث و دراسات الترجمة العلمية عامة ،

والترجمة الآلية خاصة، لما لها من أثر بالغ بتطوير عملية

الترجمة و تقدمها.

111

8.العمل على ادخال اساليب و تقنيات الترجمة الحديثة الى

دور النشر العربية، والعمل على الإفادة من تقنيات الترجمة

الآلية كلما أمكن ذلك لمواجهة تدفق الكم الهائل من

الإصدارات العلمية المختلفة.

9. تنشيط حركة ترجمة الكتب العلمية الجامعية بعد أن تعثرت

كثيرا في السنين الأخيرة ليس بسبب الحصار فقط، وانما

لتزايد دعاوى زائفة مفادها ان التعريب ينجم عنه تدني

المستوى العلمي وعدم التواصل مع تطورات العلوم

والتقانة الحديثة خلافا للحق والحقيقة حيث اثبتت تجارب

الامم والشعوب قديمها وحديثها ان تدريس العلوم

والمعارف الانسانية المختلفة بلغة الام اجدى وانفع واكثر

كفاية واستيعابا للطلبة في المراحل الدراسية المختلفة.

ولايمكن لاية امة حية تحترم نفسها ان تتخلى عن لغتها

الوطنية والقومية بمحض ارادتها لتعليم ابنائها بلغة اخرى،

والا فانها تكون قد فقدت روحها ونبض حيانها الانسانية،

لانسوق هذا الكلام بدافع التعصب القومي، وانما لتثبيت

حقيقة انسانية ادركتها وتدركها كل الشعوب الحية المتطلعة

الى الرقي والتقدم على اساس التفاعل الحي مع ثقافات

112

وحضارات الشعوب الاخرى والافادة من تجاربها

اخذًا وعطاءًا.

10 . تأليف لجان علمية للترجمة على مستوى الكليات

والجامعات من كبار الأساتذة الجامعيين لاقرار الخطط

السنوية للتعريب والترجمة والعمل على تنفيذها.

11 . التنسيق بين المجامع العلمية واللغوية والجامعات إذ

يلاحظ ضعف هذه العلاقة في معظم الأقطار العربية.

12 . إتشاء دار وطنية للترجمة والتعريب والنشر تتولى

ترجمة أمهات الكتب العلمية والمراجع والدوريات

والتنسيق مع دور الترجمة المماثلة في الأقطار العربية

المختلفة. منعا للتكرار وبعثرة الجهود، وأن تتولى هذه

الدار اعداد الملاكات اللازمة وتدريبها للإلمام بتقنيات

الترجمة ومواكبة تطوراتها المختلفة.

13 . تنظيم معارض الكتب العلمية المترجمة للتعريف بها

على اوسع نطاق ولاسيما في الجامعات.

113

14 . رصد جوائز سنوية تمنح في المناسبات لافضل الكتب

العلمية المترجمة في التخصصات العلمية المختلفة ولاسيما

تلك التخصصات التي تلامس حافات العلوم المتقدمة.

وبذلك نكون قد هيئنا البيئة العلمية المناسبة لإزدهار حركة

الترجمة العلمية التي يمكن ان يبدع فيها المترجمون لرفد

مكتباتنا وجامعاتنا ومؤسساتنا العلمية والتعليمية بالكتب العلمية

المختلفة التي تعزز الجهود المبذولة لتحقيق تنمية علمية شاملة

في جميع التخصصات.

ولابد من الاشارة هنا الى ان الترجمة العلمية لاتقتصر على

نقل العلوم والمعارف من اللغات الاجنبية الى اللغة العربية

فقط، وانما ينبغي ان تهتم بنقل النتاج العلمي العربي الى

اللغات الاخرى.