اللغة العربية - الكفاف - 6

أَمّا

حرف شرطٍ وتوكيد، نحو: [أمّا سعيدٌ فمجتهدٌ]. وقد تفيد التفصيل نحو: [الطلاّب صنوف، فأمّا المجتهد فناجح، وأمّا اللاهي فمخفق، وأمّا...] (1)، وتلزم الفاءُ جوابَها أبداً.

¨ حُكْم:

لا يفصِل بين [أمّا] وفائها، إلا اسمٌ، نحو: [أمّا سعيدٌ فمنطلق](2)، أو شرط نحو: [أمّا إنْ كنت مسافراً فعناية الله تَحُوطُك](3).

* * *

نماذج فصيحة من استعمال [أمّا]

· ]سأُنبِّئُك بتأويل ما لم تستطع عليه صبراً. أمّا السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر... وأمّا الغلام فكان أبواه مؤمنَيْن... وأمّا الجِدارُ فكان لغُلامَيْن... [

(الكهف 18/78-82)

الآيات نموذجٌ جليٌّ للتفصيل والتكرار.

· ]فأمّا الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيُدخِلهمْ في رحمةٍ منه وفضل[

(النساء 4/175)

الآية نموذج لترك التفصيل والتكرار، استغناءً بذكر أحد القسمين. ولولا هذا الاستغناء لَتُوبِع الكلام فقيل مثلاً: [وأما الذين كفروا فسيُفعَل بهم كذا وكذا...]

· ]فأمّا إنْ كان من المقرَّبين فَرَوْحٌ وريحانٌ وجنَّةُ نعيم. وأمّا إنْ كان من أصحاب اليمين فسلامٌ لكَ من أصحاب اليمين. وأمّا إنْ كان من المكذّبين الضّالِّين فنُزُلٌ من حميم[

(الواقعة 56/89-93)

في هذه الآيات مسائل:

الأولى: ما فيها من التفصيل والتكرار: [أمّا... وأمّا... وأمّا...].

والثانية: أنّنا ذكرنا في أثناء البحث أنّ الأسماء هي التي تفصل بين أمّا وفائها، وأمّا الأفعال فلا تفصل بينهما، إلاّ أن يكون ذلك فعلَ شرط، كما ترى في الآيات الثلاث، إذْ جاء في كلٍّ منها أداة الشرط [إنْ] وبعدها فعل شرط هو [كان].

(115/1)

والثالثة: أنّ في كلّ من الآيات الثلاث، أداتين شرطيّتين هما: [أمّا] و[إنْ] وجوابَ شرط واحداً. وتختلف كتب الصناعة هاهنا، ففريق يجعل الجواب لـ [أمّا]، وجواب [إن] محذوف. وآخر يجعله لـ [إنْ]، وجواب [أمّا] محذوف. وفريق ثالث يقول: الجواب لهما معاً. والأكثرون على أنه جواب [أمّا]، وأنّ جواب [إنْ] محذوف.

· ]فأمّا الذين اسودّتْ وجوهُهُمْ أَكَفَرتُمْ بعدَ إيمانكم[ (آل عمران 3/106)

الإجماع منعقدٌ على أنّ [أمّا] تحتاج إلى جواب، وأن الفاء تلزمه أبداً. وليس في الآية جواب ولا فيها فاء، كما يبدو في الظاهر. وسبب ذلك أنّ في الآية حذفاً، إذ الأصل: [فأما الذين... فيقال لهم: أَكفرتم بعدَ إيمانكم؟]. وحذفُ فعل القول في التنْزيل العزيز كثير، منه أيضاً:

· ]وأمّا الذين كفروا أَفَلَم تكن آياتي تُتلى عليكم؟[ (الجاثية 45/31)

فهاهنا حذفٌ، إذ الأصل: وأمّا الذين... فيقال لهم: أَفَلَم تكن آياتي تُتلى عليكم؟

· ]فأمّا اليتيمَ فلا تقهر[ (الضحى 93/9)

من المقرر أنّ الأسماء هي التي تفصل بين [أمّا] وفائها. وأمّا الأفعال فلا تفصل بينهما، إلاّ أن يكون ذلك فعلَ شرط. وقد ذكرنا في الحاشية من البحث أنّ إعراب هذه الأسماء يكون على حسب موقعها من العبارة، وأن إعرابها يسهل إذا تغافلتَ عن [أمّا والفاء]. وبناءً على ذلك تُعرَب كلمة [اليتيم] مفعولاً به مقدّماً على فعلِه: [تقهر]، فكأنما قيل: [لا تقهر اليتيمَ].

· ]أمّا السفينة فكانت لمساكين[ (الكهف 18/79)

[السفينة]: مبتدأ خبره جملة [كانت لمساكين]. ويتبيّن لك الوجه في هذا الإعراب، إذا تغافلتَ عن [أمّا] وفائها، مسترشداً بقولنا: تغافلْ عن [أمّا وفائها] وأَعربْ تصب إن شاء الله.

* * *

(115/2)

1- يدل على شرطيّتها أنّ الفاء تلزم جوابها أبداً. ويدل على التوكيد ما في قولك: [أمّا سعيدٌ فناجح] من قطعٍ بأنّ الجواب لا بدَّ واقع، على حين لا تجد هذا المعنى في قولك: [سعيدٌ ناجحٌ]. ويقول المعربون: [سعيدٌ] مبتدأ، و[ناجح] خبر، والفاء الواقعة في جواب [أمّا] زائدة.

2- الاسم الواقع بين [أمّا] وفائها يُعْرَب على حسب موقعه من العبارة: مبتدأً، مفعولاً به، جارّاً ومجروراً، خبراً، ظرفاً إلخ... وقد رأينا من المفيد هاهنا أن نقبس قول المبرّد في المقتضَب: (...الكلام بعد أمّا على حالته قبل أن تدخل). ويصحّ أن يقال: تغافلْ عن أمّا وفائها وأعربْ تُصِبْ، إن شاء الله.

3- تختلف كتب الصناعة في هذه الحال: فالأكثرون على أن الجواب لـ [أمّا] وجواب [إنْ] محذوف، وآخرون يقولون بالعكس، وفريق ثالث يقول: الجواب لهما معاً.

(115/3)

أَنْ

حرفٌ على أربعة وجوه:

الأوّل: المخفّفة من الثقيلة (انظر: أَنَّ).

الثاني: المصدريّة، وتدخل على الفعل المضارع فتنصبه، وعلى الفعل الماضي أيضاً. ويُسبَك منها ومن الفعل بعدها مصدرٌ مؤوّل نحو: [يسرّني أنْ تدرسَ = يسرّني دراستُك] و [سرّني أنْ نجحتَ = سرّني نجاحُك].

الثالث: التفسيرية، وهي بمنْزلة [أَيْ]، وتأتي بعد ما فيه معنى القول دون حروفه، نحو: [كتبتُ إليه أَنْ أَقْبِلْ = أي: أَقبِلْ] و [صِحْتُ به أَنْ كسَلُكَ مُضِرٌّ بك = أي: كسلك مضرّ بك].

الرابع: الزائدة، وتأتي في موضعين: بعد [لمّا] وقبل [لَوْ]، نحو: [لمّا أَنْ قَدِمَ استقبلتُه = لما قدِم...] و [أُقسم أنْ لوْ صَدَقْتَ لاَحْتُرِمتَ = أُقسم لو صَدَقْتَ...].

¨ حكْم:

يُحذف حرف الجر قبلها قياساً نحو: [أعجبت أنْ نجح زهيرٌ؟ = من أن نجح؟].

* * *

نماذج فصيحة من استعمال [أَنْ]

· ]فلمّا أنْ جاء البشيرُ ألقاه على وجهه فارتدّ بصيراً[ (يوسف12/96)

[لمّا أنْ جاء = لمّا جاء]، وذلك أنّ [أنْ] في الآية زائدة، وزيادتها على المنهاج، إذ القاعدة أنّها تأتي زائدةً في موضعين: بعد [لمّا] وقبل [لَوْ]، والذي في الآية من مجيئها بعد [لمّا]. وأما زيادتها قبل [لوْ]، فمنه قوله تعالى: ]وأَنْ لو استقاموا على الطريقة لأَسْقَيناهم ماءً غَدَقاً[ (الجنّ 72/16)، فـ [أنْ لو استقاموا = لو استقاموا].

· ]ما قُلْتُ لهم إلاّ ما أمرتني به أن اعبُدوا الله[ (المائدة 5/117)

[أن اعبُدوا]: أنْ هاهنا تفسيرية بمنْزلة [أَيْ]، وقد تحقّق لها ما يجب للتفسيرية، وهو أن تأتي بعد ما فيه معنى القول دون حروفه. وذلك أنّ [أَمَرَ] في الآية فيه معنى القول ولكن ليس فيه حروفه، أي: ليس فيه القاف والواو واللام. وعلى ذلك: [أن اعبدوا الله = أي اعبدوا الله].

· ]فأوحينا إليه أن اصنعِ الفلك[ (المؤمنون 23/27)

(116/1)

[أنْ] هنا تفسيرية أيضاً. وذلك أنّها جاءت بعد فِعلِ [أوحينا]، وهو فعل فيه معنى القول دون حروفه. فيكون: [أن اصنع الفلك = أي اصنع الفلك].

· ]وأنْ تصوموا خيرٌ لكم[ (البقرة 2/184)

[أنْ] مصدرية، دخلت على الفعل المضارع فنصبته، وعلامة نصبه حذف النون. والمصدر المؤوّل منها ومن الفعل بعدها، أي: [صيامُكم] مبتدأ، خبرُه [خيرٌ].

* * *

(116/2)

أَنَّ

¨ من الأحرف المشبّهة بالفعل، تنصب الاسم وترفع الخبر، وتفيد التوكيد. (انظر الأحرف المشبهة بالفعل)

¨ تُفتَح همزتُها إذا صحّ أن يُسبَك منها ومما بعدها مصدر، نحو: [سرّني أنّ خالداً قادمٌ = سرّني قدومُه] وتُكسَر إذا لم يصحّ (انظر كسرها وفتحها في: [إنّ]).

¨ إذا خُفِّفت أو اتّصلت بها [ما] الزائدة أُهمِلت فبطل عملها، ودخلت على الجمل الاسمية والفعلية، فالاسمية نحو: [أحزنني أنْ زهيرٌ مسافرٌ، وسرّني أنما هو راجع]، والفعلية نحو: [أحزنني أنْ سيسافرُ، وسرّني أنما يرجع ليُقيم].

¨ إذا سبق المخففةَ فعلٌ، فلا بدّ أن يكون من أفعال اليقين، أو الظنٍّ الراجح، نحو: [علم، أيقن، حسب، ظنّ...]. مثال ذلك: [علمتُ أنْ سيسافرُ زهير].

¨ كثيراً ما يفصلها عن الفعل بعدها أداة تؤنس بأنها [أنْ] المخففة لا الناصبة للفعل المضارع، كالسين وسوف وقد ولن ولو ولم... نحو: [أيقنتُ أن سوف ينجحُ] (1).

¨ يُحذَف حرف الجرّ قبلها قياساً، سواء كانت ثقيلة أو مخفّفة، نحو: [أشهد أنّك صادق = أشهد بأنك صادقٌ] و[أَعَجِبْتَ أنْ نجحَ زهيرٌ؟ = أعجبتَ من أن نجح زهيرٌ؟].

* * *

نماذج فصيحة من استعمال [أنَّ]

· ]وآخر دعواهم أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين[ (يونس10/10)

[أَنْ]: أصلها [أنّ] المشددة، خُفِّفت فقيل: [أنْ]، والقاعدة أنها متى خفِّفتْ أُهملت فلم تعمل، ودخلت على الجمل الاسمية والفعلية. والذي في الآية من دخولها على الاسمية: فـ [الحمد: مبتدأ] و [لله: خبر].

· ]يُوحَى إليّ أَنَّما إلاهكمْ إلهٌ واحد[ (الكهف 18/110)

القاعدة: أنّ [ما] الزائدة إذا اتّصلت بـ [أنّ] كفّتها عن العمل، فأُهمِلت فلم تعمل، ودخلت على الجمل الاسمية والفعلية. والذي في الآية من دخولها على الاسمية: فـ [إلاهُكم] مبتدأ، و [إلهٌ] خبر للمبتدأ.

· ]أوَلم يَكفِهمْ أنّا أنزلنا عليكَ الكتاب[ (العنكبوت 29 /51)

(117/1)

[أنّا أنزلنا]: أنّ - هاهنا - مفتوحة الهمزة، على المنهاج. وذلك أنّ همزتها تُفتَح إذا صحّ أن يُسبَك منها ومما بعدها مصدر. وقد تحقّق ذلك في الآية: فالمصدر المؤوّل هو: [إنزالُنا]. ولو أحللته محلّها هي واسمها وخبرها لاستقام المعنى، فـ [أولم يكفهم أنّا أنزلنا = أو لم يكفهم إنزالُنا]، وهو من الوجهة الإعرابية: فاعل.

· ]قُلْ أُوحِيَ إليَّ أنّه استمَعَ نَفَرٌ من الجنِّ[ (الجنّ 72/1)

[أنه استمع نفرٌ]: أنّ في الآية، مفتوحة الهمزة، على المنهاج. ولقد ذكرنا من قبلُ أنّ همزتها تُفتَح إذا صحّ أن يُسبَك منها ومما بعدها مصدر. وقد تحقّق ذلك هاهنا، فالمصدر المؤوّل هو: [استماع نفر]. ولو أحللته محلّها هي واسمها وخبرها لاستقام المعنى، فـ [أوحي أنه استمع نفر = أوحي استماعُ نفر]، وهو من الوجهة الإعرابية نائب فاعل.

والذي قلناه في معالجة الآيتين السابقتين، منطبق كلّ الانطباق على آيات أخرى من هذه النماذج، ولذلك سنوجز في معالجتها، خشية الإملال.

· ]ولا تخافون أنّكم أشركتُمْ[ (الأنعام 6/81)

[أنّ] مفتوحة الهمزة على المنهاج، فـ [أنّكم أشركتُمْ = إشراككم]، والمصدر المؤوّل مفعول به.

· ]ومن آياته أنّك ترى الأرض خاشعة[ (فُصِّلت 41/39)

[أنّ] مفتوحة الهمزة على المنهاج، فـ [أنّك ترى الأرض = رؤيتُك الأرض]، والمصدر المؤوّل مبتدأ، خبره مقدم [من آياته].

· ]علِمَ أنْ سيكونُ منكم مرضى[ (المزّمّل 73/20)

أنْ: مخففة من الثقيلة، ومتى كان ذلك أُهمِلت فلم تعمل، ودخلت على الجمل الاسمية والفعلية. وقد دخلت في الآية على فعلية: [سيكون]. ولا بدّ من توجيه النظر إلى مسألتين:

(117/2)

الأولى: أنّ المخففة إذا سبقها فعل، فلا بدّ من أن يكون من أفعال اليقين، أو الظنّ الراجح. والذي سبقها في الآية فعلُ يقين هو: [علم]. وأما المسألة الثانية: فأنّ مجيئها ساكنة قد يوهم أنها الناصبة للفعل المضارع، ولذلك كثيراً ما يفصلها عن الفعل بعدها أداة تدفع هذا الوهم، وتؤنس بأنها المخففة لا الناصبة.

والأداة الفاصلة بينهما في الآية هي السين الداخلة على الفعل [يكون]. ومن هنا أنْ أُتِي بالفعل مرفوعاً: [سيكونُ].

· ]ونعلَم أنْ قد صَدَقْتَنا[ (المائدة 5/113)

يمكن أن تقيس هذه الآية، على الآية السابقة وعلى ما قلنا في معالجتها: فـ [أنْ] مخففة من الثقيلة. وقد سبقها فعلُ يقين: [نعلم]. وفصَل بينها وبين الفعل بعدها [قد].

· ]تبيَّنت الجنُّ أنْ لو كانوا يعلمون الغيبَ ما لبثوا في العذاب[ (سبأ 34/14)

وهذه الآية أيضاً تقاس على الآيتين السابقتين: فـ [أنْ] مخففة من الثقيلة. وقد سبقها فعلُ يقين: [تبيّنت]. وفصَل بينها وبين الفعل بعدها [لو].

* * *

1- إذا انتفى احتمال كونها عاملةً في ما بعدها، لم يفصلها عنه فاصل، نحو: [اعلمْ أنْ ليس ينفعك إلاّ الجدّ].

(117/3)

النون

تأتي النون على أربعة وجوه:

الأول: نون التوكيد ثقيلةً وخفيفة، وقد اجتمعتا في قوله تعالى ]لَيُسجَنَنَّ ولَيَكونَنْ من الصاغرين[. وتلحقان الأمر والمضارع، ولا تلحقان الماضي مطلقاً.

الثاني: التنوين. وهو نون ساكنة، تُلفظ ولا تُكتب، نحو: [خالِدُن = خالِدٌ]. وإنما تُنوَّن الأسماء، وأما الأفعال والحروف فلا. وقد يكون التنوين تعويضاً من حرف أو اسم أو فعل.

* فمثال التعويض من الحرف: [جوارٍ و عوادٍ] = [جواري - عوادي](1).

* ومثال التعويض من الاسم: ]تلك الرسُلُ فَضَّلْنا بعضَهم على بَعْضٍ[ = [بعضَهم على بعضِهم]

* ومثال التعويض من الجملة - ويكون ذلك بعد (إذْ) -: ]وأَنتم حينئذٍ تَنظُرون[ = [وأنتم حين إذ (بلغت الروح الحلقوم) تنظرون].

الثالث: نون النسوة. نحو: [الطالبات يدرسْنَ].

الرابع: نون الوقاية: وتفصل بين ياء المتكلم وما ينصب هذه الياء، فعلاً كان أو حرفاً من الأحرف المشبهة بالفعل(2) نحو: [أكرَمَني - يُكرمني - أكرِمْني، إنني - أنني - لكنني إلخ...]

ويَفصل أيضاً بين الياء وحرفَي الجرّ [مِنْ و عنْ] فيقال: [منّي - عنّي]،

وبين [لَدُنْ] والمضاف إليه بعدها، نحو: [لدنّي].

* * *

1- لا التفات إلى أنّ ياء الاسم المنقوص من حقّها الحذف هنا، فالمقام مقام تبيين وإيضاح، لا مقام فصاحة وإعراب !!

2- للتذكير بالأحرف المشبهة بالفعل نقول: هي: (إنَّ - أنَّ - كأنَّ - لكنَّ - ليت - لعلّ)، وأما (لا) النافية للجنس فلا تنصب ياء المتكلم أصلاً.

(118/1)

عَسَى

فعلٌ غير متصرّف، من أفعال الرجاء. ولها وجهان:

الأول: ناقصة تعمل عمل [كان]، سواء اتّصلت بضمير، نحو: [عساه عساكم] إلخ... أو لم تتّصل به، نحو: [عسى خالدٌ...]. ويكون خبرُها فعلاً مضارعاً - قولاً واحداً - مسبوقاً بـ [أَنْ]، أو غير مسبوقٍ بها، نحو: [عسى خالدٌ يسافر = عسى خالدٌ أنْ يسافر = عساهُ أن يسافر](1).

والثاني: تامة ترفع فاعلاً، وذلك إذا تجرَّدَت من اسم لها، ظاهر أو مضمر، نحو: [عسى أن نسافر]، فيكون المصدر المؤوّل مِن [أنْ والفعل المضارع بعدها]، هو الفاعل.

تنبيه: جاءت [عسى] بمعنى [لعلّ] عاملةً عملها: ناصبةً للاسم رافعة للخبر. ومنه قول صخر بن جعد:

فقلت عساها نارُ كأسٍ، وعلّها تشكّى فآتي نحوَها فأعودُها(2)

* * *

نماذج فصيحة من استعمال [عسى]

· ]فعسى اللهُ أن يأتيَ بالفتح[ (المائدة 5/52)

[عسى]: في الآية ناقصة، عاملة عمل [كان]. ولفظ الجلالة اسمها، وخبرها المصدر المؤوّل من [أنْ] والفعل المضارع [يأتيَ].

· ]قال عسى ربّي أنْ يَهْدِيَنيْ سواءَ السبيل[ (القَصص 28/22)

[عسى]: ناقصة، عاملة عمل [كان]. و[ربّي] اسمها، وخبرها المصدر المؤوّل من [أنْ] والفعل المضارع [يهديَ].

· قال الشاعر:

عسى الكَرْبُ الذي أمسيتَ فيهِ يكونُ وراءَهُ فَرَجٌ قريبُ

[عسى] في البيت ناقصة عاملة عمل [كان]. و[الكربُ] اسمها مرفوع. ويلاحظ هنا أنّ الفعل المضارع [يكون] غير مسبوق بـ [أنْ]، وينشأ عنه أنّ خبر [عسى] في هذه الحال هو جملة الفعل المضارع: [يكون وراءه فرجٌ].

· ]وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبّوا شيئاً وهو شرٌّ لكم[

(البقرة 2/216)

(119/1)

تكررت [عسى] في الآية مرتين، وهي في كلتيهما فعلٌ تامّ لا يطلب اسماً وخبراً، بل يطلب فاعلاً. وذلك أنها تجرّدت من اسم لها ظاهرٍ أو مضمر. وتلاها [أن] وفعلٌ مضارع منصوب بها: [تكرهوا، تحبوا]، ومتى كان ذلك (أي: متى تجرّدت من اسم لها، وتلاها أنْ وفعل مضارع) كانت تامة، وكان فاعلُها المصدرَ المؤوّل من [أنْ] والفعل المضارع. ومثل ذلك قولُه تعالى:

· ]عسى أنْ يبعثكَ ربُّكَ مقاماً محموداً[ (الإسراء 17/ 79)

فهي هنا تامة، والمصدر المؤوّل من [أنْ يبعثك ربُّك] هو الفاعل. وذلك كثير في القرآن، ومنه أيضاً:

· ]لا يَسخَرْ قومٌ من قومٍ عسى أن يكونوا خيراً منهم[ (الحجرات 49/11)

فإنّ [عسى] هنا تامّة، فاعلها المصدر المؤوّل من [أن يكونوا...].

· ]قال هل عسيتم إنْ كُتِب عليكمُ القتال ألاّ تقاتلوا[ (البقرة 2/246)

[عسيتم]: عسى في الآية ناقصة ترفع الاسم وتنصب الخبر. وذلك أنها اتّصلت بضمير، ومتى اتّصلت به كان هو اسمَها ودليلَ نقصانها. وأما خبرها فهو المصدر المؤوّل من [أنْ] و [تقاتلوا]. ومثل ذلك طِبقاً قولُه تعالى:

· ]فهل عسيتم إنْ تولَّيتُمْ أنْ تُفسدوا في الأرض[ (محمّد 47/22)

فضمير المخاطب المتّصل بها هو اسمُها ودليلُ نقصانها. وأما خبرها فهو المصدر المؤوّل من [أنْ] و [تفسدوا].

* * *

1- إذا سُبِق الفعل المضارع بـ [أنْ] فالمصدر المؤوّل منهما هو خبر عسى نحو: [عسى خالد أن يسافر]. وإذا لم يُسبَق بها فجملة الفعل المضارع هي الخبر نحو: [عسى خالد يسافر].

2- كأس: اسم امرأة.

(119/2)

السِّين

السين: حرف غير عامل. يختصّ بالفعل المضارع، ويخلّصه للاستقبال، نحو: [ستذهب]. والمعنى أنك تذهب فيما يُستقبل من الزمان.

* * *

(120/1)

التاء

التاء حرف ذو وجوه أشهرها:

* حرف جرّ للقَسَم (تاء القسم): مختصة بالدخول على اسم الجلالة دون غيره. ومن ذلك الآية ]تَاللهِ لقد آثَرَكَ اللهُ علينا[ (يوسف 12/91)

* علامة تأنيث: تلحق الاسم للدلالة على تأنيثه، نحو: [طالبة].

* تاء التأنيث الساكنة: وهي من علامات الفعل الماضي، تلحقه للدلالة على أنّ فاعله مؤنّث، نحو: [سافرتْ زينب].

* حرف مضارَعَة: (أحد حروف نأيت)، وهي التي تكون في أول الفعل المضارع، نحو: [أنت تسافر وزينب تودّعك].

* حرف يلحق آخر جمع المؤنث السالم، نحو: [الطالبات مسافرات].

* ضمير رفع يلحق الفعل الماضي: وتتعاورها الحركات الثلاث، نحو: [سافرتُ - سافرتَ - سافرتِ].

* الدلالة على النسب، نحو: [قرامطة - غساسنة - أشاعرة].

* التعويض عن حرف محذوف، نحو: [صِفَة = وَصْف] و [زِنَة = وَزْن] و[عِدَة = وَعْد].

* الزائدة: وتلحق حرف الجرّ: [رُبَّ] وحرف العطف: [ثُمَّ]، فيقال: [رُبَّتَ وثُمَّتَ] ويوقَف عليهما بالتاء. كما تلحق الظرف: [ثَمَّ]، فيقال: [ثَمَّةَ] ويوقف عليها بالهاء.

* * *

(121/1)

أَوْ

[أوْ]: حرف عطف. وبين الأئمة تباينٌ كثير في وجوه معانيها(1). ونورد هاهنا أشهرها:

الأول: الشكّ، نحو: ]قالوا لبثنا يوماً أو بعض يوم[ (الكهف 18/19)

الثاني: الإبهام، نحو: ]إنّا أو إيّاكم لعلى هدى[ (سبأ 34/24)

الثالث: التخيير، نحو: [خُذ ديناراً أو ثوباً] أي: اختْر أحدَهما فخُذْه، ولا تأخذْهما جميعاً.

الرابع: الإباحة، نحو: [جالسِ الصادقَ أو النبيل] أي: مباح لك مجالسة أحدِهما أو كليهما.

الخامس: التقسيم، نحو: [الكلمة: اسم أو فعل أو حرف].

السادس: الإضراب، نحو: ]وأرسلناه إلى مئة ألفٍ أو يزيدون[ (الصافات 37/147) أي: [بل يزيدون].

السابع: بمعنى الواو (الجمع المطلق)، نحو: [هم ما بين مسافرٍ أو مقيم = مسافر ومقيم].

الثامن: بمعنى [إلاّ أنْ]، نحو: [لنقاتلنَّ العدوَّ أو يجنحَ للسلم]. وينتصب بعدها الفعل المضارع.

التاسع: بمعنى [إلى أنْ]،. نحو: [لأجهدنَّ في مطالبته أو يعطيَني حقّي]. وينتصب بعدها الفعل المضارع أيضاً كالتي قبلها.

العاشر: الشرطيّة، نحو: [لأضربنَّه عاش أو مات] أي: إن عاش بعد الضرب وإن مات.

* * *

1- على حين يذكر لها بعضُهم ثلاثة معانٍ، ويقول: إنّ معانيها الأخرى مستفادةٌ من العبارة، يورد لها ابن هشام، اثني عشر معنى. ويورد لها المراديّ ثمانية معان، ثمّ يقول: إنّ من العلماء من يقول إنّ [أو] موضوعة لقدر مشترك بين خمسة منها، هو أحد الشيئين أو الأشياء، وأن هذه المعاني الخمسة تُفهم من القرائن. ولقد أنفق ابن هشام نحو سبع صفحات في دراسة معاني [أو]، حتى إذا أتمّ ذلك قال ما نصُّه الحرفيّ: [تنبيه: التحقيق أنّ (أو) موضوعة لأحد الشيئين أو الأشياء - وهو الذي يقوله المتقدّمون، وقد تخرج إلى معنى (بل)، وإلى معنى (الواو)، وأما بقية المعاني فمستفادة من غيرها]. (مغني اللبيب /70)

(122/1)

أَيْ

على وجهين:

الأول: حرف نداء، نحو قولك في نداء ابنك مثلاً: [أَيْ بُنَيّ = يا بنيّ].

الثاني: حرف تفسير، يفسِّر ما قبله مِن مفردات أو جُمَل؛ فمن تفسير المفردات: [عندي عسجدٌ أَيْ ذهبٌ]، ومن تفسير الجمل:

[وترمينني بالطَرف أَيْ أنتَ مذنبٌ](1)

* * *

1- يُعربون كلمة [ذهبٌ] بدلاً من [عسجد]، وجملةَ [أنت مذنبٌ] تفسيرية، لا محلّ لها من الإعراب.

(123/1)

أَيَا

[أيا]: حرف نداء. ومنه قول المجنون (الديوان / 196):

أيا جَبَلَيْ نَعْمانَ باللهِ خَلِّيا نسيمَ الصَبا يَخْلُصْ إليَّ نسيمُها

وقد تُبدَل همزتها هاءً فيقال: [هَيا]، ومنه قول الحطيئة (الديوان/337):

وقال:هيا ربّاهُ ضيفٌ ولا قِرى بحقِّكَ لا تحرمْهُ تا الليلةَ اللَّحْما

* * *

(124/1)

أَيّ

اسم يأتي على وجوه:

* اسم شرط يضاف إلى اسم ظاهر نحو: [أيُّ تلميذٍ يجتهدْ يستَفِدْ]، فإذا قُطِع عن الإضافة نُوِّن، نحو: [أيّاً تُكرِمْ يحمدْكَ].

* اسم استفهام، نحو: [أيُّكم خالدٌ؟ أيُّكم يُزْمِعُ السفر؟]

* اسم موصول(1)، نحو: [سأزور أيَّهُم أفضلُ] = سأزور الذي هو أفضلُ.

* أن تدلّ على الكمال، نحو: [خالدٌ رجلٌ أيُّ رجل!!] أي: خالد رجل كامل في صفات الرجال.

* أن تكون وُصلةً إلى نداء الاسم المعرّف بـ [ألـ] وتلحقها [ها] التنبيهيّة نحو: [يا أيُّها الرجلُ أقْبِلْ](2).

تنبيه:

يجوز تذكير [أيّ] وتأنيثها: في نداء المؤنث وفي إضافتها إلى المؤنث نحو: [يا أيتها المرأة = يا أيها المرأة] و [أيّة امرأة هذه؟ = أيّ امرأة هذه؟](3).

* * *

نماذج فصيحة من استعمال [أيّ]

· ]في أَيِّ صُورةٍ ما شاءَ رَكَّبَك[ (الانفطار 82/8)

[أيّ]: اسم مذكر مضاف، والمضاف إليه: [صورة]، مؤنث. ولولا أن الكلام قرآن لجاز أيضاً [في أيّة صورة...]. وذلك أنّ [أيّ] يجوز تذكيرها وتأنيثها في الإضافة إلى المؤنث كما ترى هنا في الآية، وفي نداء المؤنث أيضاً. ويحسن توجيه النظر هاهنا إلى أنّ هذه الآية كانت من مؤيّدات اتخاذ مجمع اللغة العربية بالقاهرة قراراً يقضي بإجازة قول من يقول مثلاً: [اشترِ أيَّ كتاب، ولا تُبالِ أيَّ تهديد]، اعتماداً على أنّ (الإبهام) معنىً من معاني [أيّ].

· قال الكميت (شرح هاشميات الكميت 49):

بأيِّ كتابٍ، أم بأيّةِ سُنَّةٍ ترى حُبَّهمْ عاراً عَلَيَّ وَتَحْسَبُ

[أيّة]: اسم استفهام مؤنث، والمضاف إليه: [سنّة] مؤنث، ولو ذَكَّر فقال: [بأيّ سنّة] لكان قوله صحيحاً، بل التذكير في هذه الحال هو الأكثر. وقد اجتمعا في قول البحتري (الديوان 1/78):

رحلوا فأيّةُ عَبرةٍ لم تُسْكَبِ أسَفاً وأيُّ عزيمةٍ لم تُغْلَبِ

فـ [أيّة عبرة] مؤنث أضيف إلى مؤنث. و[أيّ عزيمة]: مذكر أضيف إلى مؤنث. وكلاهما جائز.

(125/1)

· ]أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الأَسماءُ الحُسنَى[ (الإسراء 17/110)

[أيّاً] اسم شرط، مفعول به لـ [تدعوا]، والأصل: [تدعون]، ولكنه جُزم بـ [أيّ] فحُذفتْ نونُه. وجواب الشرط جملة [فله الأسماء الحسنى].

· ]أَيُّكُم يأْتيني بعَرشِها[ (النمل 27/38)

[أيّ]: اسم استفهام، مبتدأ، خبره جملة [يأتيني].

· ]ثُم لَنَنْزِعَنَّ مِن كُلِّ شِيعةٍ أَيّهُمْ أَشَدُّ على الرحمنِ عِتِيّاً[ (مريم 19/69)

للآية قراءتان: [أيَّهم] و[أيُّهم]، ولكلّ قراءة إذاً إعراب:

[أيَّ] بالفتح: اسم موصول، منصوب بالفتحة، مفعول به.

[أيُّ] بالضم: وضمتها هي مبعث الاختلاف بين النحاة، فهي موصولة مبنية على الضمّ عند سيبويه ومَن تابعه، وهي استفهامية - أو موصولية - معربة تتعاورها الحركات عند غيره. ولكلٍّ وجهة نظر، ولكلٍّ إعراب، وقد حفظت ذلك أمّهات كتب النحو.

· ]يا أيُّها الرسولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إليك مِن ربِّك[ (المائدة 5/67)

· ]يا أيَّتها النَّفْسُ المطمَئِنَّةُ ارجِعي إلى ربِّك[ (الفجر 89/27)

المنادى في الآية الأولى: [الرسول] وفي الثانية: [النفس]. ولما كان المعرف بـ [ألـ] لا يُنادى، إلاّ إذا جيء بأيّ أو أيّة وصلةً إلى النداء، قيل: [ياأيها] و[ياأيتها]. و[ها] بعدهما للتنبيه. وذلك في العربية كثير يتعذّر إحصاؤه.

· قال عليّ كرّم اللّه وجهه: [اِصحبِ الناسَ بأيِّ خُلُقٍ شِئْتَ، يَصحبوكَ بِمثْلِه].

· وقال الشاعر:

إذا حاربَ الحجّاجُ أيَّ منافِقٍ عَلاهُ بسيْفٍ كلّما هُزَّ يَقْطَعُ

وتلاحظ معنى الإبهام في قوله عليه السلام: [بأيِّ خلق]، وفي قول الشاعر: [أيَّ منافق].

(125/2)

ولم يكن النحاة من قبل نصّوا على أن الإبهام هو أحد معاني [أيّ]، وأنه وجه من وجوهها. ولذا نظر مجمع اللغة العربية بالقاهرة في هذا الاستعمال، وكان هذان الشاهدان اللذان نحن بصددهما من مسوّغات إجازة استعمال [أيّ] بمعنى الإبهام. وعلى ذلك يجوز لك أن تقول: [اقرأ أيّ كتاب] مثلاً، و[زُرْ أيّ بلد](4)...

* * *

1- [أيّ]: اسم معرب، يُرفع بالضمة وينصب بالفتحة ويجرّ بالكسرة، على حسب موقعه من الكلام. ولكنهم قالوا - على اختلاف عظيم بينهم -: إذا كانت اسماً موصولاً جاز مع إعرابها بناؤها على الضمّ أيضاً.

2- المعرّف بـ [ألـ] في العربية لا ينادى، فإذا احتيج إلى ندائه، جيء بـ [أيّ] وُصلة إلى ذلك، فقيل مثلاً: [يا أيُّها الرجل]، وتكون [ها] للتنبيه.

3- وقس على هذا المثنى والجمعَ: [يا أيتها المرأتان = يا أيها المرأتان] و [يا أيتها النسوة = يا أيها النسوة]. و[أيّتهما زينب = أيّهما زينب] و[أيّتهنّ زينب = أيّهنّ زينب].

4- انظر مجلة مجمع اللغة العربية بالقاهرة العدد (25) الصفحة (195) العام (1969).

(125/3)

بَعْض

[بعض]: لفظها مفرد، يُجمَع على [أبعاض] ومعناها الجمع. ولذلك يجوز في الكلام الإفرادُ مراعاةً للفظها، والجمعُ مراعاةً لمعناها. فمن الإفراد قولك: [بعض الرجال حضر] و[بعض النساء حضر]، ومن الجمع قولك: [بعض الرجال حضروا] و [بعض النساء حضرن].

ومن المجمع عليه أنّ بعض الشيء طائفة منه. ثمّ قد تكون هذه الطائفة جزءاً أقل من الباقي كالثلاثة من العَشَرة، أو أعظمَ من الباقي كالثمانية من العَشَرة.

وتدخلها الألف واللام خلافاً للأصمعي. قال الجاحظ: [هذا فرقُ ما بينَ مَنْ بُعِثَ إلى البعض ومَنْ بُعِثَ إلى الجميع].

وأما إعرابها فعلى حَسَبَ موقعها من الكلام: تكون مفعولاً ومبتدأً وفاعلاً إلخ... نحو: رأيت بعضَ المتسابقين (مفعول به)، فبعضُهم سبق (مبتدأ)، وقصَّر بعضُهم (فاعل)...

* * *

(126/1)

بَل

هي: حرف إضرابٍ عمّا قَبْلَها، وإثباتٍ لِما بعدَها. وتأتي على وجهين:

· الأول: حرف عطف، وذلك إذا تلاها مفرد(1).

ثمّ إمّا أن يكون الكلام قبلها غلطاً أو نسياناً، فيكون ما بعدها إصلاحاً لهما نحو: [شرب زهيرٌ ماءً بل حليباً] و[اِشربْ ماءً بل حليباً].

وإما ألاّ يكون غلطاً أو نسياناً، فيكون ما بعدها ضدَّ ما قبلها نحو:

[لا تصاحبِ الأحمقَ بل العاقلَ] و[لا نزورُ العدوَّ بل الصديقَ].

· والثاني: حرف ابتداء(2)، وذلك إذا تَلَتْها جملة.

ثمّ إمّا أن يُبطِلَ الذي بعدها الذي قبلها، ويسمّونه: [الإضراب الإبطالي] نحو: [قيل: زيدٌ شجاعٌ، بل هو جبان].

وإما أن يُترَك ما قبلها على ما هو عليه فلا يُنقَض ولا يُبطَل، بل يُنتَقَل إلى غرضٍ آخر غيرِه، ويسمّونه: [الإضراب الانتقالي] نحو: [إنّ زهيراً جاهل. بل تشغَلنا شؤونُنا].

حُكْم: قد تُزاد [لا] قبل [بل] للتوكيد، نحو: [خالدٌ متعلّمٌ، لا بل عالم] و[ما ودّعت زهيراً يوم سفرِه، لا بل ودّعت الأُنس والطمأنينة].

* * *

نماذج فصيحة من استعمال [بل]

· ]لَبِثتُ يوماً أو بعضَ يوم... بل لبِثتَ مئةَ عام[ (البقرة 2/259)

[بل]: هنا حرف ابتداء لدخولها على جملة [لبثتَ]. وكذلك هي كلما دخلت على جملة. ثم هاهنا إضراب يسميه النحاة إضراباً إبطالياً. وإنما سمَّوه بذلك لأنّ ما بعدها وهو: [لبثتَ مئة عام] قد أَبطَل ونَقَض ما قبلها وهو: [لبثتُ يوماً].

· ]أم يقولون به جِنَّة بل جاءهم بالحقّ[ (المؤمنون 23/70)

ما في هذه الآية، يطابق ما في الآية السابقة. فـ [بل] حرف ابتداء لدخولها على جملة [جاء]، والإضراب هاهنا هو الإضراب الذي يسميه النحاة إضراباً إبطالياً. لأنّ ما بعد [بل] وهو: [جاءهم بالحقّ]، يُبطِل ويَنقض ما قبلها وهو قولهم [به جِنَّة].

· ]وقالوا اتَّخذ الرحمانُ ولداً سبحانه بل عبادٌ مُكْرَمون[ (الأنبياء 21/26)

(127/1)

لا بدّ قبل البحث في [بل]، وما قبلها وما بعدها، من الوقوف عند كلمة [عبادٌ] فإنّها خبر لمبتدأ محذوف تقديره [هم]، أي: [هم عبادٌ]. ولا وجه لإعرابٍ آخر يستقيم معه الكلام. فهي خبرٌ، ليس غير. وإنما عرضنا لإعرابها لنُبيِّن أنّ ما بعد [بل] هو جملة لا مفرد.

وإذ قد كان الأمر كذلك، فإنّ [بل] إذاً حرف ابتداء. وكذلك تكون، كلما دخلت على جملة. ثم إنّ هاهنا إضراباً إبطالياً، لأنّ مابعد [بل] وهو: [هم عبادٌ مكرمون]، يُبطِل ويَنقض ما قبلها وهو قولهم [اتّخذ الرحمانُ ولداً].

· ]ولا تحسبنّ الذين قُتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياءٌ عند ربّهم يرزقون[

(آل عمران 3/169)

عمَدنا إلى إيراد هذه الآية بعد آيةِ: ]وقالوا اتَّخذ الرحمانُ ولداً... [ لما فيهما من التطابق في الأحكام. فـ [أحياءٌ] هنا، خبر - بالضرورة - لمبتدأ محذوف تقديره: [هم]، أي: [هم أحياءٌ]. والذي بعد [بل] إذاً، هو جملة لا مفرد.

ومن ثمّ تكون [بل] حرف ابتداء لدخولها على جملة، ويكون الإضراب في الآية إضراباً إبطاليّاً، لأنّ ما بعد [بل] وهو: [هم أحياءٌ]، يُبطِل ويَنقض ما قبلها وهو [حُسبان القتلى في سبيل الله أمواتاً].

· ]قد أفلح مَن تزكّى وذكر اسم ربّه فصلّى بل تُؤثرون الحياة الدنيا[

(الأعلى 87/14-16)

[بل]: في الآية حرف ابتداء، لدخولها على جملة هي [تؤثرون]. لكنّ الإضراب هاهنا ليس إضراباً إبطالياً، بل هو الإضراب الذي يسمّيه النحاة: [إضراباً انتقاليّاً]. وبيان ذلك أنّ ما بعد [بل] وهو: [تؤثرون الحياة الدنيا] لم يَنقُض ولم يُبطِل الذي قبلها وهو: [قد أفلح مَن تزكّى... فصلّى] بل تركه وأبقاه على ما هو عليه، ثم انتقل إلى غرضٍ آخر غيره هو: [إيثار الحياة الدنيا]. ومن هنا أن النحاة يسمّون هذا النوع من الإضراب: إضراباً انتقاليّاً.

· ]ولدينا كتابٌ ينطق بالحقّ وهم لا يُظلمون بل قلوبُهم في غَمرة[

(المؤمنون 23/62-63)

(127/2)

[بل]: هاهنا على المنهاج، حرف ابتداء، لدخولها على جملةٍ، هي: [قلوبهم في غمرة]. وأما الإضراب فإضرابٌ انتقاليّ. وبيان ذلك أنّ ما بعد [بل] وهو: [قلوبُهم في غَمرة] لم يَنقُض ولم يُبطِل الذي قبلها وهو: [لدينا كتابٌ ينطق بالحقّ...] بل تركه وأبقاه على ما هو عليه، ثم انتقل إلى غرضٍ آخر غيره، وهو أنّ: [قلوبُهم في غَمرة]، ومن هنا أنْ قلنا: الإضراب في الآية إضراب انتقاليّ.

· قال الشاعر (المغني /120):

وما هجَرْتُكِ، لا، بل زادني شَغَفاً هَجْرٌ وبُعْدٌ تراخَىْ لا إِلى أَجَلِ

[بل] في البيت حرف ابتداء، لدخولها على جملة، هي: [زاد...]. ويلاحَظ في البيت زيادة [لا] قبل [بل]. وإنما يكون ذلك لتوكيد ما قبلها.

· وقال الآخر (المغني /120):

وَجْهُك البَدْرُ، لا، بل الشمسُ لو لم يُقْضَ للشمسِ كَسْفَةٌ أو أُفُولُ

في البيت مسألتان:

الأولى: أنّ [بل] في البيت حرف عطف، إذ دخلت على اسم مفرد هو [الشمسُ] فعطفته على [البدرُ]، وكذلك هي كلما دخلت على اسم. ومتى كانت حرف عطف، كان الكلام قبلها كأنه غلطٌ أو نسيانٌ، وكان ما بعدها إصلاحاً لهذا الغلط والنسيان.

والثانية: أنّ [لا] زِيدَت قبل [بل]، وإنما يكون ذلك لتوكيد ما قبلها.

* * *

1- المراد بـ [المفرد] هنا، ما ليس جملة.

2- المراد من تسميتها ابتدائية، أنّ لها صدر الكلام، لا أنّ بعدها مبتدأً.

(127/3)

بَلى

حرفٌ يُجاب به عن سؤال منفيٍّ فيُبْطِل نَفْيَه. كنحو أنْ تُسأَل وقد نجحتَ: [أما نجحتَ؟] فتجيب: [بلى]، والمعنى: بلى نجحتُ. ولو قلتَ: [نعم]، لكان المعنى: نعم ما نجحتُ !! وذلك أنّ [نعم] لا تُبطِل النفي، بل تُثبِته فيظلّ المنفي منفيّاً(1).

* * *

نماذج من استعمال [بلى]

· أليست كل نفس ذائقة الموت؟ بلى. [أي: بلى كل نفس ذائقته].

ولو قيل: [نعم] لكان المعنى: نعم، كل نفسٍ ليست تذوقه !!

· ألم يَنْقَضِ عامُ الفيل؟ بلى. [أي: بلى انقضى].

ولو قيل: [نعم] لكان المعنى: نعم، لم ينقضِ عامُ الفيل !!

· ]ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير[ (الملك 67/8-9)

ولو قالوا: [نعم]، لكان المعنى: نعم،لم يأتنا نذير!!

· ]زعم الذّين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثنّ[ (التغابن 64/7)

ولو قال لهم: [نعم]، لكان المعنى: نعم، وربّي لن يُبعثوا !!

· ]ألستُ بربّكم قالوا بلى[ (الأعراف 7/172)

(أي: بلى أنتَ ربّنا).

ولو قالوا: [نعم]، لكفروا؛ إذ يكون المعنى: نعم، لستَ ربّنا !!

* * *

1- من اللطائف أن العامّة تستعمل [بلى] استعمالاً صحيحاً على السليقة، غير أنها تُدخِلُ عليها ميماً ساكنة فتقول: [مْ بَلى] !!

(128/1)

بَيْدَ

أداةٌ تجيء في الكلام على صورة واحدة لا تعدوها، وفي تركيب واحد لا تعدوه. فهي دوماً منصوبةٌ وبعدها أنّ واسمها وخبرها، نحو: [خالد عالم بيْد أنه متعجّل].

قال الجوهريّ في الصحاح وهو يترجمها ويمثّل لها: [وبَيْدَ: بمعنى غير، يقال: إنه كثير المال بيد أنّه بخيل]. (الصحاح 2/450)

* * *

(129/1)

إلى

* من حروف الجرّ، معناها انتهاء الغاية الزمانية أو المكانية. فالزمانية نحو: ]ثُم أتموا الصيام إلى الليل[ (البقرة 2/187). والمكانية نحو: ]سبحان الذي أَسْرَى بعبده ليلاً مِنَ المسجد الحَرامِ إلى المسجد الأَقْصَى[ (الإسراء 17/1)

ولها معانٍ أخرى أشهرها:

* المصاحبة (بمعنى: مع): ومن ذلك المثل العربي: [الذَّوْدُ إلى الذَّوْد إبِل].

(الذود: ثلاثة إلى عشرة من الإبل. يريدون بذلك أن القليل مع القليل يغدو كثيراً).

* ومعنى [عند]، ومنه قول أَبِي كثير الهذليّ:

أمْ لا سبيلَ إلى الشباب، وذِكْرُ هُ أشهى إليّ من الرحيق السَّلسَلِ

(أي: أشهى عندي مِن الرحيق).

* ومعنى [في]، نحو: ]لَيجمعنَّكم إلى يوم القيامة[ (النساء 4/87)

(أي: في يوم القيامة).

* ومرادفة اللام نحو: ]والأمرُ إليك[ (النمل 27/33)

(أي: والأمر لكِ).

* والتبيين، وهي التي تبيّن أن مجرورها هو الفاعل نحو: ]قال ربِّ السجنُ أَحَبُّ إليّ مما يدعونني إليه[ (يوسف 12/33)

(أي: أُحِبُّ السجنَ أكثر من دعوتهنّ).

* * *

(130/1)

إِلاّ

على وجهين:

الأول: حرف استثناء(1)، فيكون ما بعدها مخالفاً ما قبلها، ويسمّى: [المستثنى بـ (إِلاّ)].

الثاني: أداة تفيد الحَصْر، لا أثر لها في إعراب ما بعدها(2)، نحو: [ما أنت إلاّ بشرٌ]. ومنه قوله تعالى: ]وما محمدٌ إلاّ رسولٌ] (3) (آل عمران 3/144)

حُكْم:

إذا تكرّرت [إلاّ] في نحو قولك: [يزورني الأصدقاء إلاّ المريضَ وإلاّ المسافرَ]، فالواو عاطفة، و[إلاّ] الثانية توكيد لفظي للأولى.

* * *

1- انظر بحث [المستثنى بـ (إِلاّ)].

2- [الحَصْر] ويسمّونه [القَصْر] أيضاً: مصطَلَحٌ يريدون به تخصيص موصوف بصفة. وأما إعراب ما بعدها فينكشف لك إذا تغافلتَ عنها. فهو في نحو: [ماجاء إلاّ خالدٌ] فاعل، وفي: [ما رأيت إلاّ خالداً] مفعول به، وفي [ما مررت إلاّ بخالدٍ] مجرور بالباء.

3- أي: محمّد صلى الله عليه وسلّم رسول، مقصور على الرسالة، لا أنّ [رسولٌ] مستثنى من [محمّد]!! ومن الغريب أنّ كتب الصناعة تجعل هذا الصنف من التراكيب فرعاً من فروع الاستثناء، وتسميه: الاستثناء المفرَّغ.

(131/1)

إِمّا

حرفٌ لتعليق الحُكم بأحد الشيئين نحو: [زُرْ إمّا دمشقَ وإمّا بيروتَ] أو الأشياء نحو: [زُرْ إمّا دمشقَ وإمّا بيروتَ وإمّا القاهرة](1). وتُلازِم التكرار، كما جاء في المثالين، ولكنْ قد يُستغنى عن تكرارها بـ [أو] نحو: [زُرْ إمّا دمشقَ أو بيروتَ أو القاهرة]، أو بـ [إلاّ]، نحو: [إمّا أن تقول الصدقَ، وإلاّ فاسكُتْ].

حُكْم: يُعرَب ما بعدها على حسب موقعه من العبارة: فاعلاً أو مفعولاً أو حالاً أو...(2).

معانيها: لها خمسة معان:

الأول: التخيير، نحو: [كُلْ إمّا سمكاً وإمّا تمراً]، أي: اِختَرْ أحدَهما، ولا تجمَعْهما.

الثاني: الإباحة، نحو: [يا بُنَيَّ، اِقرأ إمّا كتاباً وإمّا ديوان شِعر]، أي: قد أبحتُ لك قراءتَهما.

الثالث: الشكّ، نحو: [غاب خالدٌ عن المدرسة إمّا مرّةً وإمّا مرّتين]، إذا لم يُعلَم: أمرّةً غاب أم مرّتين.

الرابع: الإبهام، نحو: ]وآخرون مُرْجَوْنَ لأمر الله إمّا يعذبهم وإمّا يتوب عليهم[

(التوبة 9/106)

الخامس: التفصيل، نحو: ]إنّا هديناه السبيل إمّا شاكراً وإمّا كفوراً[ (الإنسان 76/3)

* * *

نماذج فصيحة من استعمال [إمّا]

· ]قلنا ياذا القرنين إمّا أنْ تعذِّبَ وإمّا أن تتَّخذَ فيهم حُسناً[ (الكهف18/86)

هي في الآية للتخيير.

· ]وإمّا تخافنّ من قوم خيانة فانبذْ إليهم[ (الأنفال 8/58)

[إمّا]: في الآية مركبة من حرفين هما: [إنْ الشرطية + ما الزائدة] وليست هي [إمّا] التي للتفصيل والتخيير. يدلّك على ذلك: هذه النون المؤكّدة في [تخافنّ]، فإنها تلحق فعل الشرط إذا كانت [ما] زائدة داخلة على [إنْ] الشرطية. ولا تأتي بعد [إمّا] التي للتفصيل والتخيير. ثمّ هذه الفاء الرابطة لجواب الشرط في [فانبذْ]، فإنّها لا تصحب [إمّا] التفصيلية. كلّ هذا فضلاً على أنها في الآية غير مكررة.

(132/1)

· قال عليّ كرّم الله وجهه يوصي ابنه الحسن: [واعلمْ أنّ أمامك عقبةً كَؤُوداً، ... وأنّ مَهبِطَكَ بها لا محالةَ إمّا على جنّةٍ أو على نار] (نهج البلاغة /398)

كنّا ذكرنا في أثناء البحث، أنّ [إمّا] تتكرّر فيقال: [إمّا ... وإمّا...]، وأنه قد يُستغنى عن تكرارها بـ [أو] فيقال مثلاً: [زُرْ إمّا دمشقَ أو بيروتَ]؛ وقول عليّ: [إمّا على جنّةٍ أو على نار] شاهد على ذلك.

· قال الجاحظ: [وتكلّم رجلٌ عند الحسن (أي: الحسن البصري/110هـ)... فقال الحسن: إمّا أن يكون بنا شَرٌّ أو يكون بك] (البيان والتبيين 4/29)

وقد استغنى هاهنا بـ [أو] عن تكرار [إ مّا].

· قال المثقِّب العَبْديّ (الديوان /211، 212):

فإمّا أنْ تكون أخي بحقٍّ فأَعرفَ منك غَثِّي مِن سَمِيني

وإلاّ فاطَّرِحني واتّخِذْني عدوّاً أتَّقِيكَ وتتَّقِيني

كنّا ذكرنا في أثناء البحث، أنّ [إمّا] تتكرّر فيقال: [إمّا... وإمّا...]، وأنه قد يُستغنى عن تكرارها بـ [إلاّ] نحو: [إمّا أن تقول الصدقَ، وإلاّ فاسكُتْ]. وقولُ المثقّب: [فإمّا... وإلاّ...] شاهد على ذلك.

* * *

1- [إمّا] في نحو قوله تعالى ]فإمّا ترَيِنَّ مِن البشر أحداً فقولي[ (مريم 19/26) مرَكَّبة من حرفين هما [إنْ] الشرطية الجازمة، و [ما] الزائدة، وليست هي [إمّا] التفصيلية التي نحن بصددها هنا.

2- ينجلي للمعرب إعراب ما بعدها، إذا تغافل عنها. ففي نحو: [سيسافر إمّا زهيرٌ وإمّا سعيدٌ]، زهيرٌ: فاعل. وفي نحو: [نودّع إمّا زهيراً وإمّا سعيداً]، زهيراً: مفعول به. وفي نحو: [يذهب خالدٌ إلى العمل إمّا راكباً وإمّا ماشياً]، راكباً: حال. وهكذا...

(132/2)

إِنْ

إِنْ: تأتي على أربعة وجوه:

الأول: شرطية، نحو: [إِنْ تدرسْ تنجحْ].

الثاني: نافية مهملة، وتدخل على الجمل الاسمية والفعلية:

فالاسمية نحو: [إنْ زهيرٌ مسافرٌ](1).

والفعلية نحو: ]إنْ أردنا إلاّ الحسنى[ (التوبة 9/107) و ]إنْ يقولون إلاّ كذباً[ (الكهف 18/5) أي: [ما أردنا إلاّ الحسنى، ما يقولون إلاّ كذباً].

الثالث: مخففة مِن [إِنَّ] فتُهمَل(2) في هذه الحال ويُؤتى بعدها في الكلام بلام تسمّى: اللامَ الفارقة، نحو: [إنْ خالدٌ لَمجتهدٌ، وإن نظنه لمن الناجحين] (انظر: إِنَّ).

الرابع: زائدة، وتدخل على الجمل الفعلية والاسمية، نحو: [ما إنْ جاء زهيرٌ حتى انصرف] و [ما إنْ أنت مسافرٌ].

* * *

نماذج فصيحة من استعمال [إِنْ]

· ]إنْ ينتهوا يُغفرْ لهم[ (الأنفال 8/38)

[إِنْ] في الآية شرطية جازمة، جزمت الفعلين: [ينتهوا] و [يغفرْ]، على المنهاج. وكانا لولا الجزم [ينتهون] و [يغفرُ]. ومثل هذا طِبقاً: ]وإنْ تَعُودُوا نَعُدْ[ (الأنفال 8/19) فقد جَزمَت الفعلين: [تعودوا] و [نعدْ] وكانا لولا الجزم [تعودون] و [نعودُ].

· ]وإلاّ تغفرْ لي وترحمْني أكنْ من الخاسرين[ (هود 11/47)

[إلاّ = إنْ لا]: إنْ شرطية، و لا نافية. والفعلان المجزومان بها هما: [تغفرْ]

و[أكنْ]. وكانا لولا الجزم: [تغفرُ] و [أكونُ].

· ]إنْ أدري أقريب ما توعدون[ (الجنّ 72/25)

[إنْ]: نافية لا عمل لها، وقد دخلت على جملة فعلية، على المنهاج. والمعنى: [ما أدري...].

· ومثل ذلك: ]إنْ أردنا إلاّ الحسنى[ (التوبة 9/107)

[إنْ] نافية لا عمل لها، دخلت على جملة فعلية، والمعنى: [ما أردنا إلاّ الحسنى].

· ]إنِ الكافرون إلاّ في غرور[ (الملك 67/20)

[إنْ] نافية دخلت على جملة اسمية: [الكافرون في غرور] على المنهاج.

· ومثل ذلك قوله تعالى: ]إنْ أنا إلاّ نذيرٌ وبشير[ (الأعراف 7/188)

[إنْ] نافية، والجملة الاسمية هي: [أنا نذير].

(133/1)

· ]وإنْ كلُّ ذلك لَمَا متاعُ الحياة الدنيا] (3) (الزخرف 43/35)

[إنْ]: مخففة من [إنّ] الثقيلة، فهي إذاً مهملة لا عمل لها، وقد دخلت على جملة اسمية. والإعراب يبيّن المسألة: [كلُّ] مبتدأ، واللام من [لَمَا] هي الفارقة، و[ما] زائدة، و [متاعُ] خبر المبتدأ. (قال ابن هشام: وحيث وجدت إنْ وبعدها اللام المفتوحة... فاحكم عليها بأنّ أصلها التشديد).

· ]وإنْ كانت لَكبيرةً إلاّ على الذين هدى الله[ (البقرة 2/143)

[إنْ]: مخففة من [إنَّ] الثقيلة، فهي إذاً مهملة غير عاملة. وقد دخلت على جملة فعلية: [كانت كبيرة]. واللام من [لَكبيرة] هي الفارقة. [وحيث وجدت إنْ وبعدها اللام المفتوحة فاحكم عليها بأنّ أصلها التشديد].

· ]وإنْ يكادُ الذين كفروا لَيُزْلِقونكَ بأبصارهم[ (القلم 68/51)

[إنْ]: مخففة من الثقيلة، لا عمل لها. وقد دخلت على جملة فعلية. [يكاد]: فعل مضارع، وجملة: [يزلقونك]: خبر يكاد، واللام الداخلة على [يزلقونك] هي الفارقة. [وحيث وجدت إنْ وبعدها اللام المفتوحة فاحكم عليها بأنّ أصلها التشديد].

· قال فَرْوة بن مُسَيْك (الخزانة 4/112):

فما إنْ طِبُّنا جُبْنٌ ولكنْ منايانا ودَوْلَةُ آخَرينا

(طبّنا: عادتنا - الدَولة: الغلبة في الحرب)

[إنْ]: زائدة، ومتى كانت كذلك دخلت على الجمل الاسمية والفعلية، وقد دخلت في البيت على جملة اسمية، إذ تلاها مبتدأٌ: [طبُّنا] وخبرٌ: [جبنٌ].

· وقال النابغة الذبياني يعتذر إلى النعمان بن المنذر (الخزانة 8 /449):

ما إنْ أتيتُ بشيءٍ أنت تكرههُ إذاً فلا رَفَعَتْ سَوْطي إليَّ يدِي

[إنْ]: في البيت زائدة، والزائدة تدخل على الجمل الاسمية كما في البيت السابق، وعلى الجمل الفعلية كما في هذا البيت، إذ تلاها فعلُ: [أتيتُ].

* * *

(133/2)

1- ذكروا أنّ أهل العالية (منطقة في جزيرة العرب)، كانوا يُعملونها عملَ [كان] فيرفعون المبتدأ اسماً لها، وينصبون الخبر خبراً لها، شريطة ألاّ يتقدم خبرها على اسمها، وألاّ ينتقض نفيها بـ [إلاّ]. فإنْ تخلّف أحد الشرطين بطل عملها نحو: [إنْ خالدٌ إلاّ بشرٌ].

2- تقول كتب الصناعة: قد تخفَّف [إِنّ] وتظلّ تنصب الاسم وترفع الخبر على قلّة !! وطرد القاعدة واطّراح هذه القلّة أفضل.

3- للآية قراءة أخرى بتشديد [لَمَّا] وليست غايتَنا هاهنا، وإنما غايتنا قراءة التخفيف: [لَمَا].

(133/3)

عِنْد

على وجهين:

عندَ: ظرفٌ للمكان وللزمان، تلازم الإضافة أبداً، نحو: [نِمتُ عندَ زهيرٍ وسافرت عندَ الصباحِ]. وقد تُجَرّ بـ [مِنْ] نحو: [أتاني كتابٌ مِنْ عندِ خالدٍ] (1).

عندَك: اسم فعل أمر، بمعنى: [اِلْزَمْ]، نحو: [عندَكَ الفُضَلاءَ](2).

* * *

نماذج فصيحة من استعمال [عند]

· مِن أمثالهم: عندَ الصباح يَحمَدُ القومُ السُّرَى (السرى: سَيْر الليل): ظرف للزمان.

· ]آتيناه رحمةً مِنْ عندِنا[ (الكهف 18/ 65): مجرورة بـ [مِن].

· ]فلمّا رآه مستقِرّاً عندَه قال هذا من فضل ربّي[ (النمل 27/40) ظرف للمكان.

· ]وما النصرُ إلاّ مِنْ عندِ الله[ (الأنفال 8/10) مجرورة بـ [مِنْ].

· [الصبرُ عندَ الصدمةِ الأولى]. (حديث شريف) ظرف للزمان.

· ]قال الذي عندَه عِلْمٌ من الكتاب أنا آتيك به[ (النمل 27/40) ظرف للمكان.

· ]ولو كان مِن عندِ غيرِ اللهِ لَوَجَدُوا فيه اختلافاً كثيراً[ (النساء 4/78) مجرورة بـ [مِنْ].

* * *

1- في نحو قولك [أُكرمه عندما يحضر]: [عند] ظرف للزمان، و[ما]: مصدرية، يتألّف منها ومن الفعل بعدها مصدر مؤوّل، مضاف إليه = أُكرمه عندَ حضوره.

2- مِن تطوّرها اللغوي التاريخي، استعمال الناس لها اليوم بمعنى: [قفْ]، وبمعنى الإغراء بالمجرم والعدوّ، فيقولون مثلاً: [عندَك اللّصّ].

(134/1)

إنَّ

من الأحرف المشبهة بالفعل(1) ينصب الاسم ويرفع الخبر، ويفيد التوكيد، نحو: [إنّ خالداً مسافرٌ]. (انظر الأحرف المشبهة بالفعل)

* إذا اتصلت بها [ما] الزائدة، كفَّتها عن العمل، فعاد الكلام مبتدأً وخبراً، نحو: [إنّما أنت بَشَر].

* إذا دخلت على مبتدأ مقترن بلام التوكيد(2) زُحلِقت اللام فأُخِّرت وجوباً، سواء كان ما تُزَحلَق إليه اسماً، نحو: [إنّ زهيراً لمسافر]، أو فعلاً مضارعاً، نحو: [إنّه ليحب العلم]، أو فعلاً ماضياً جامداً، نحو: [إنّه لنعم التلميذ]. وقد يتقدّم خبرها وهو شبه جملة، فلا تتقدّم اللام معه، بل تظل على تزحلقها فتلزم اسمَ [إنّ] المؤخّر، نحو: [إنّ في النفس لَتساؤلاً].

* قد تُخّفَّف فيقال: [إِنْ]، فتُهمَل عندئذٍ فلا تعمل، ويؤتى في الكلام بعدها - وجوباً - بلامٍ تسمّى اللام الفارقة(3) نحو: [إنْ خالدٌ لَمسافرٌ] و[إنْ كاد زيدٌ لَيَهْلِكُ] و [إنْ نظنه لَمن المسافرين] و[إنْ سالمتَ لعدوّاً](4).

* إذا تمّت جملتها كان العطف بعدها عطف جمل، نحو: [إنّ خالداً مسافرٌ، وزهيرٌ] = [وزهيرٌ مسافرٌ أيضاً] و[إنّ سعيداً مسافر، ومحمداً] = [وإنّ محمداً مسافر أيضاً](5).

* تُفْتَح همزة: [إنّ] إذا صحّ أن يُسْبَك منها ومما بعدها مصدر، نحو: [علمت أَنّك مسافرٌ = علمت سفرك]. وتُكسَر إذا لم يصحّ ذلك نحو: [إنّ خالداً مسافرٌ](6).

* * *

نماذج فصيحة من استعمال [إنَّ]

· ]إنّ ربي لَسَميع الدعاء[ (إبراهيم 14/39)

(135/1)

إذا دخلت [إنّ] على مبتدأ مقترن بلام التوكيد، زُحلِقت اللام فأُخِّرت وجوباً. وقد تحقّق ذلك في الآية، إذ كان الكلام مبتدأً وخبراً: [ربي سميع]. ثمّ أُكِّد بلام الابتداء [لَرَبي سميع]. ثم أُكِّد مرة أخرى بـ [إنّ] فاجتمع أداتا توكيد هما: [إنّ + اللام] وهذا ممتنع. فزُحلقت اللام إلى الخبر: [إنّ ربي لسميع]، على المنهاج. إذ القاعدة أنّهما إذا التقتا زُحلِقت اللام إلى الخبر، اسماً كان الخبر كما جاء هاهنا، أو فعلاً كما يجيء في الآية التالية:

· ]إنّ ربك لَيَحكم بينهم[ (النحل 16/124)

الكلام لو لم يكن قرآناً هو: [ربُّك يَحكم]. ثمّ أُكِّد بلام الابتداء [لَرَبُّك يحكم]. ثم أُكِّد مرة أخرى بـ [إنّ] فاجتمع أداتا توكيد هما: [إنّ + اللام] وهذا ممتنع. فزُحلقت اللام - على المنهاج - إلى الخبر وهو هنا جملة فعلية: [إنّ ربك ليحكم].

· ]إنّ في ذلك لَعِبرةً[ (النازعات 79/26)

الكلام لو لم يكن قرآناً، وقبل التقديم فيه والتأخير والتنكير هو: [العبرة في ذلك]، ثمّ أُكِّد باللام: [لَلْعِبرةُ في ذلك]. ثمّ أُكِّد بـ [إنّ] أيضاً فاجتمع مؤكِّدان هما: [إنّ + اللام] فوجبت زحلقة اللام إلى الخبر وهو شبه جملة: [في ذلك]، فقيل: [إنّ العبرة لفي ذلك]. ثم أريد تقديم الخبر - مع جواز تنكير المبتدأ - فصار النظم: [إنّ لفي ذلك عِبرة] وعاد اجتماع [إنّ + اللام] مرة أخرى، ووجبت الزحلقة فقيل: [إنّ في ذلك لعبرةً].

ومثل ذلك طِبقاً قوله تعالى: ]وإنّ لنا لَلآخرةَ والأولى[ (الليل 92/13). وقد عبّرنا عن ذلك في المتن فقلنا: قد يتقدّم خبر [إنّ] وهو شبه جملة، فلا تتقدّم اللام معه، بل تظلّ على تزحلقها فتلزم اسم [إنّ] المؤخّر.

· ]قل إنّما أنا بشر مثلكم يوحى إليّ أنّما إلاهكم إلَهٌ واحد[

(الكهف 18/110)

(135/2)

إذا اتصلت [ما] الزائدة، بالأحرف المشبهة بالفعل كفّتها عن العمل فعاد الكلام مبتدأً وخبراً(7). وفي الآية نموذجان من ذلك: الأول: [إنما أنا بشر]، فقد اتصلت [ما] بـ [إنّ] فكفّتها عن العمل، فعادت كلمة [أنا] مبتدأً، وكلمة [بَشَر] خبراً للمبتدأ. والثاني: [أنما إلاهكم إلهٌ]، والشيء نفسه هنا - ما عدا فتح الهمزة: [أنّ] - فالمبتدأ [إلاهُكم]، والخبر [إلهٌ].

· ]يقول إنّها بقرة صفراء[ (البقرة 2/66)

من القواعد المقرَّرة أنّ همزة [انّ] تُفتَح إذا صحّ أن يُسبَك منها ومما بعدها مصدر، وتُكسَر إذا لم يصحّ ذلك. وعلى هذا يكون كَسْر همزة [انّ] هنا واجباً. إذ لا يصحّ سبك مصدر منها ومما بعدها، فلو قلت: [يقول: صُفرتها] لكان المعنى ناقصاً.

· ]وآتيناه من الكنوز ما إنّ مفاتحه لتنوء[ (القصص 28/76)

[ما] في الآية اسم موصول وكسر همزة [انّ] بعده واجب. إذ لا يصحّ هنا سبك مصدر منها ومما بعدها، فلا يقال: [آتيناه ما نَوء مفاتحه]، ولو قيل ذلك لكان المعنى ناقصاً.

· ]أَلاَ إنّهمْ هم السفهاء[ (البقرة 2/13)

[أَلاَ]: استفتاحية، فبعدها إذاً كلام مستأنف. والكسر هنا واجب، إذ لا يصحّ سبك مصدر بعد [أَلاَ]، لأنه يَؤُوْل إلى: [أَلاَ سفاهتُهم]، وهذا معنىً ناقص، ولو قيل، لم يكن كلاماً.

· ]وإنْ يكاد الذين كفروا لَيُزلِقونك بأبصارهم[ (القلم 68/51)

[إنْ] مخففة مِن [إنّ] ومتى خُفِّفت أُهمِلت ولزمتها اللامُ الفارقة، ومن هنا أن قيل: [ليزلقونك]. وذلك في العربية كثير جداً. ومنه قوله تعالى:

· ]وإنْ وجدنا أكثرهم لفاسقين[ (الأعراف 7/102)

فـ [إنْ] مخففة، ودخلت اللام الفارقة على [فاسقين].

ومثله من القرآن: ]وإنْ نظنّك لمن الكاذبين[ (الشعراء 26/186)

[إنْ] مخففة، واللام هي الفارقة.

· والآية: ]وإنْ كانت لكبيرة[ (البقرة 2/143)

[إنْ] مخففة، واللام هي الفارقة.

· ومن الشعر قول عاتكة زوجة الزبير، تدعو على قاتله (الخزانة10/378):

(135/3)

شَلَّتْ يمينُك إنْ قتلتَ لَمسلماً حَلَّتْ عليك عقوبةُ المتعمِّدِ

[إنْ] في البيت مخففة، واللام الداخلة على [مسلماً] هي الفارقة. والبيت شاهد على أن اشتراطهم أن يكون الفعل بعد [إنْ] من النواسخ، شرط غير لازم.

· قال النابغة (الأزهية /47):

وإنْ مالِكٌ لَلْمُرتَجَى إنْ تَقَعْقَعَتْ رَحَى الحربِ أو دارتْ علَيَّ خُطوبُ

[إنْ مالِكٌ لَلْمُرتَجَى]: لولا أن يجنح الشاعر إلى التخفيف لقال: [إنّ مالكاً المرتجى]. فيُعمِل [إنّ] فتنصب اسماً وترفع خبراً. ولكنه جنح إلى التخفيف فالإهمال فقال: [إنْ]؛ فـ [مالكٌ] - إذاً - مبتدأ، و[المرتجى] خبر المبتدأ دخلت عليه اللام الفارقة.

· قال الطِّرِمّاح بن حكيم (الجنى الداني /134):

أنا ابنُ أباةِ الضيمِ من آل مالكٍ وإنْ مالكٌ كانت كرامَ المعادِنِ

قول الطرماح:[إنْ مالكٌ كانت...]، فيه نكتة يحسُن أن يتوقّف المرء عندها. وهي أنّ الشاعر استعمل [إنّ] مخففة مهملة فقال: [إنْ مالكٌ]، ومع ذلك لم يأت باللام الفارقة بعدها. والسرّ هنا أنّه يمدح قبيلته، ومدحه لها يمنع من أنْ تكون [إنْ] هي النافية التي تُعَدّ من أخوات [ليس]، لأنّ اعتدادها كذلك يقلب مدحه لقبيلته ذمّاً !! إذ يكون المعنى: [ليست قبيلة مالكٍ كرام المعادن] !!

ولما كانت هذه القرينة مانعة من أن يُظَنّ به إرادة الذم لقبيلته، جنح إلى التخفيف فقال: [إنْ مالكٌ]، مستغنياً بالقرينة، عن الإتيان باللام الفارقة.

· ]إنّ فيها قوماً جبّارين[ (المائدة 5/22)

[قوماً] اسم إنّ وقد تأخر، وتقدّم عليه خبرها، وهو شبه الجملة (الجار والمجرور): [فيها]. والقاعدة أن أخبار الأحرف المشبهة بالفعل لا تتقدم على أسمائها، إلاّ أن يكون الخبر شبه جملة فيجوز.

* * *

1- زعموا أنها تكون حرف جواب بمعنى [نَعَمْ].

(135/4)

2- [لام الابتداء ولام التوكيد واللام المزحلقة] ثلاثة أسماء لمسمّى واحد. فهي: لام الابتداء، لأنها تقترن بالمبتدأ. وهي: لام التوكيد، لأنها تؤكّد المبتدأ. وهي: اللام المزحلقة، لأنها هي و [إنّ] لا تجتمعان، فإذا التقتا زُحلِقت اللام فاُخِّرت.

3- سمّوا هذه اللام فارقةً، لأنها تفرق بين (إنْ) المخفّفة التي نحن بصددها، و(إنْ) النافية التي هي من أخوات ليس.

4- تشترط كتب الصناعة أن يكون الفعل بعدها من النواسخ، أي: (كان وأخواتها، وظنّ وأخواتها). وهو شرط غير لازم.

5- أما قبل إتمام جملتها فالعطف عطف مفردات، فيقال مثلاً: [إنّ خالداً وسعيداً مسافران].

6- بيان ذلك أن جملة [إنّ خالداً مسافرٌ] لو أُوِّلتْ بمصدر - جدلاً - فقيل: [سفرُ خالدٍ] لكان المعنى ناقصاً. ومما لا يصحّ تأويله بمصدر أيضاً - على سبيل المثال - جملة مقول القول، نحو: [قال خالدٌ: (إنّ زهيراً مسافرٌ)]. فلا يصحّ: [قال خالد: سفرُ زهيرٍ]، ومنه: [والله، إنّ خالداً مسافرٌ، أو والله إنّ خالداً لمسافرٌ]، إذ لا يصحّ في الحالتين: [والله سفرُ خالدٍ]، ومنه كذلك: [جاء الذي إننا نكرمه]، فلا يصحّ: [جاء الذي إكرامه]. ومما لا يصحّ تأويله بمصدر أيضاً، وقوع [إنّ] وما بعدها، بعد [ألا] الاستفتاحية، نحو: ]ألا إنّهم هم السفهاء[.

7- قولُ المعربين في مثل هذه الحال: [كافة ومكفوفة]؛ يريدون به أنّ: [ما] كافّة للحرف المشبه بالفعل عن العمل، وأن [الحرف المشبه بالفعل] مكفوف.

(135/5)

إذْ

مبنية على السكون. وهي على وجوه(1):

1- ظرف زمان، يضاف إلى جملة بعده، نحو: ]إلاّ تنصروه فقد نصره اللهُ إذْ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذْ هما في الغار إذْ يقول لصاحبه لا تحزن إنّ اللّهَ معنا](2)

(التوبة 9/40)

2- مضاف إليه، نحو: ]ربّنا لا تُزغْ قلوبنا بعد إذْ هديتنا[ (آل عمران 3/8): [بعدَ] مضاف، و [إذْ] مضاف إليه.

3- حرف تعليل، نحو: ]ولن ينفعكم اليومَ إذْ ظلمتم أنّكمْ في العذاب مشترِكون[ (الزخرف 43/39)، أي: لن ينفعكم بسبب ظلمكم في الدنيا... ومنه قول الشنفرى

(قطر الندى /188):

وإن مُدَّتِ الأيدي إلى الزاد لم أكنْ بأجشعهمْ إذْ أجشعُ القومِ أَعْجَلُ

4- حرف للمفاجأة، وتأتي بعد [بينا] و [بينما]، نحو قول حُرَيْث بن جَبَلَة العذري (شرح شواهد المغني للسيوطي /86):

اِستقدِرِ اللّهَ خيراً وارْضَيَنَّ بِهِ فبينما العسرُ إذْ دارتْ مَياسيرُ

وقول سليمان بن داوود القُضاعي (المعجم الكبير 1/160):

وبينا نِعْمةٌ إذْ حالَ بؤسٌ وبؤسٌ إذْ تَعَقَّبَهُ ثَراءُ

تنبيه: تلزم [إذ] الإضافة إلى جملة، فإذا حُذِفت الجملة، نُوِّنت [إذ] بالكسر(3)، نحو: ]فلولا إذَا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذٍ تنظرون](4) = (وأنتم حينَ إذ بلغتِ الروحُ الحلقوم تنظرون).

* * *

1- يذهب فريق من النحاة إلى أنها تكون مفعولاً به (15)، وبدلاً (29) منه أيضاً.

2- تكررت (إذ) في الآية ثلاث مرات وبعدها ثلاثة أنواع من الجمل: ماضوية ثم اسمية ثم مضارعيّة.

3- يسمي النحاة هذا التنوين اصطلاحاً: [تنوين عِوَض].

4- الواقعة 56/83-84

(136/1)

إذاْ

على وجوه:

¨ فجائية: وتختصّ بالجمل الاسمية نحو: ]فألقاها فإذا هي حية تسعى[ (طه 20/20) وقد تكون بمنْزلة الفاء الرابطة لجواب الشرط نحو: ]وإنْ تصبهمْ سيّئةٌ بما قدّمت أيديهم إذا هم يقنطون] (1) (الروم 30/36)

¨ ظرفية غير متضمنة معنى الشرط، فتكون بمعنى [حين] نحو: ]والنجم إذاْ هوى[ (النجم 53/1)

¨ ظرفية متضمنة معنى الشرط،(2) فيكون فعل الشرط بعدها ماضياً أو مضارعاً، وقد اجتمعا في بيت أبي ذُؤيْب (المغني /97):

والنفسُ راغبةٌ إذا رَغَّبْتَها وإذا تُرَدُّ إلى قليلٍ تَقْنَعُ

ويقترن جوابها بالفاء الرابطة، إذا كان مما يحتاج إلى رابط(3)، نحو: ]وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له[ (الأعراف 7/204)

- قضيّة: تدخل [إذاْ] على الاسم نحو: ]إذا السماءُ انشقّت[ (الانشقاق 84/1) فيذهب المعربون في إعرابه مذاهب ثلاثة:

1- مبتدأ.

2- فاعل مقدّم على فعله: [انشقّت].

3- فاعل لفعل محذوف يفسره الفعل الظاهر، والتقدير: [إذا انشقت السماء انشقت].

* * *

نماذج فصيحة من استعمال إذا

· ]إذا جاء نصر اللهِ والفتح. ورأيتَ الناس يدخلون في دين الله أفواجاً. فسبّح بحمد ربك... [ (النصر 110/1-3)

[فسبّح]: أمر، وهو جواب [إذا] الشرطية. وقد اقترن بالفاء، لمّا كان لا يصلح أن يكون فعل شرط.

· قال ابن أحمر الكنانيّ (الأزهية /185):

وإذا تكون كريهةٌ أُدعى لها وإذا يُحاسُ الحَيسُ يُدعى جُندُبُ

(جندب: من أسمائهم. الحيس: تمرٌ ولبنٌ مستحجرٌ مدقوق، يُعجَنان بالسمن عجناً شديداً).

[تكون]: فعل الشرط وهو مضارع، على المنهاج. ويجوز أن يكون ماضياً.

· ]وإذا رَأَوْا تجارةً أو لهواً انفضّوا إليها[ (الجمعة 62/11)

[رأوا]: فعل الشرط وهو ماض، على المنهاج. ويجوز أن يكون مضارعاً.

· ]ونزع يدَه فإذا هي بيضاءُ للناظرين[ (الأعراف 7/108)

[إذا] فجائية، وبعدها جملة اسمية، على المنهاج.

· قال البرج بن مسهر (لسان العرب 10/243):

(137/1)

ونَدمانٍ يزيد الكأسَ طيباً سقيتُ إذا تغوّرَت النجومُ

[إذا تغوّرت]: إذا ظرفيةٌ بمعنى [حين]، غير متضمنة معنى الشرط.

· قال الأصمعي (زهر الآداب 1/182):

مررت بدار الزبير بالبصرة فإذا شيخٌ قديم... جالس بالباب. فسلّمت عليه.

[إذا]: فجائية، وتختص في هذه الحال بمجيء الجملة بعدها اسمية، وقد تحقق ذلك هنا، فكلمة [شيخ: مبتدأ] و [جالسٌ] خبر.

· قال نصر بن مزاحم (مقاتل الطالبيِّين /427):

حدثني رجل... قال: إني لَعِندَ قبر الحسين... إذا بفرسانٍ قد أقبلوا.

[إذا]: فجائية، والباء بعدها زائدة. أي: إذا فرسان قد أقبلوا.

· ]فلما نجّاهم إلى البرّ إذا هم يُشرِكون[ (العنكبوت 29/65)

[إذا] في الآية فجائية. ومتى كانت فجائية اختصت بالدخول على الجمل الاسمية، وكانت كالفاء في ربط جواب الشرط. وكذلك هي في الآية، فقد ربطت جواب [لما]. وجملة [هم يشركون] اسمية، على المنهاج.

* * *

1- مجيء مبتدأ وخبر بعدها نحو: [خرجت فإذا خالدٌ واقفٌ]، هو الأصل. ولكن قد يحذفون الخبر فيقال: [فإذا خالدٌ...]، وقد يزيدون بعدها الباء فيقال: [فإذا بخالدٍ] فيكون الاسم مجروراً لفظاً.

2- يقول المعربون: [إذا: ظرف لما يستقبل من الزمن، خافض لشرطه]، أي: الجملة بعده مضاف إليه، هو خافضُها، أي: هو الذي جَرَّها. وأما قولهم: [متعلّق بجوابه] فيريدون به أنّ [إذا] باعتباره ظرفاً، يحتاج إلى متعلَّق هو جواب الشرط.

3- يقترن جواب الشرط بالفاء إذا كان غير صالح لأن يكون شرطاً. (انظر بحث جزم الفعل المضارع).

(137/2)

إذاً

حرف جواب وجزاء لا عمل لها(1). وقد اختلف الأئمة في كتابتها فمنهم من يكتبها بالألف: [إذاً]، ومنهم من يكتبها بالنون: [إذنْ]، ولكلٍّ حججٌ ومؤيّدات.

* * *

1- سمَّوها [حرف جواب] لأنها تأتي جواباً لكلام يسبقها، و [حرفَ جزاء] لأن ما تدخل عليه يكون جزاءً لما يسبقها من كلام. نقل سيبويه عن عيسى بن عمر أنّ من العرب مَن لا يُعْمِلُها. قال سيبويه (الكتاب - هارون 3/16): [فأخبرتُ يونس بذلك - وكلا الرجلين من شيوخ سيبويه - فقال:لم يكن ليروي إلاّ ما سمِع].

(138/1)

إذْما

لا يكاد المرء يقع على هذه الأداة مستعملَةً في كلام العرب، وبين الأئمة اختلاف فيها، ونرى الأسهل اعتدادها كلمتين: [إذْ] ظرف زمان، و [ما] زائدة، أخذاً برأي المبرد وابن السرّاج وأبي عليّ الفارسي.

* * *

(139/1)

إِيْ

حرف جواب بمعنى [نَعَمْ]، لا تجيء في الكلام إلاّ وبعدها قسَمٌ بـ [الربّ، أو الله، أو لعَمْري]. يقال: [إِيْ وربّي، إِيْ والله، إيْ لَعَمْري]، وفعل القسم في جميع ذلك محذوف دوماً، فلا يقال مثلاً: [إِيْ أُقسِم بالله]، أو: [إِيْ أُقسم بربّي]، قال تعالى: ]ويَسْتَنْبِئُونكَ أحقٌ هو قل إي وربي إنه لَحَقّ[ (يونس 10/53)

* * *

(140/1)

فَقَطْ

كلمة مبنية على السكون، تدلّ على الاكتفاء، نحو: [قرأت صفحة فقطْ - زارني زهيرٌ فقط - اشتريت ثلاثة كتب فقط...].

* * *

(141/1)

في

حرف جرٍّ، ولها معانٍ أشهرها:

* الظرفية المكانية أو الزمانية، وقد اجتمعتا في قوله تعالى ]غُلِبَت الروم في أدنى الأرض وهم مِن بعدِ غَلَبِهمْ سيغلِبون. في بضع سنين[ (الروم30/2-4)

* السببية: ومن ذلك [دخلت النارَ امرأةٌ في هرَّةٍ حبستها]، (أي: بسبب هرّة).

* الاستعلاء (بمعنى على)، نحو: ]ولأُصَلِّبَنَّكمْ في جذوع النخل[ (طه 20/71) (أي: على جذوع النخل).

* المصاحبة، نحو: ]قال ادخلوا في أُمَمٍ قد خَلَتْ مِن قبلكم[ (الأعراف 7/38) (أي: ادخلوا مع أُممٍ).

* * *

(142/1)

غَيْر

اسم متوغّلٌ في الإبهام. نكرةٌ أبداً، لا يتعرَّف بالإضافة، ولا يُحلّى بـ[ألـ](1).

حُكمان:

¨ يلازم الإضافة أبداً، ولا يُقطَع عنها إلاّ أنْ تتقدّم عليه كلمةُ [ليس]، فيضمّ آخره، نحو: [قبضتُ عشرةَ دراهم ليس غيرُ](2).

¨ يُعرَب في الكلام على حسب موقعه(3):

زارني غيرُك : فاعل

سألتُ غيرَك : مفعول به

نظرتُ إلى غيرِك : مجرور بحرف جرّ

اشترِ كتاباً غيرَ هذا : نعت

سافر زهيرٌ غيرَ راضٍ : حال

نجح الطلاّبُ غيرَ زيدٍ : منصوب على الاستثناء

ما نظرتُ إلى الطلاّبِ غيرَِ زيدٍ : إذا جاء بعد جملة منفية، جاز مع نصبه على الاستثناء، إتباعُه على البدلية مما قبله.

فائدة: مِن التراكيب الفصيحة قولهم مثلاً: [قرأت غيرَ كتابٍ]، ومعناه: قرأت أكثرَ من كتاب.

* * *

نماذج فصيحة من استعمال [غير]

· ]ربَّنا أخرجنا نعمل صالحاً غير الذي كنا نعمل[ (فاطر 35/37)

[غير] مضافة في الآية إلى اسمٍ معرفة هو: [الاسم الموصول: الذي]، ومع ذلك وَصَفَتْ كلمةً نكرة هي: [صالحاً]، فدلّ هذا على أنّ [غير] لا تكتسب التعريف مما تُضاف إليه، بل تظلّ نكرة. ولو أنها اكتسبت التعريف مما أُضيفت إليه لما جاز أن تصف نكرة. إذ النكرة لا توصَف بمعرفة.

· ]ومَن أضلُّ مِمّن اتّبع هواه بغير هدى[ (القصص 28/50)

[بغيرِ]: جارّ ومجرور، وذلك وجهٌ من وجوهها، إذ تُعرَب في الكلام على حسب موقعها فيه.

· ]وهو في الخصام غيرُ مبين[ (الزخرف 43/18)

[غيرُ]: خبرٌ للمبتدأ: [هو]، وورودها خبراً، هو وجهٌ من وجوهها.

· ]تقولون على الله غيرَ الحقّ[ (الأنعام 6/93)

[غيرَ]: مفعولٌ به.

· ]ويستبدل قوماً غيرَكم[ (التوبة 9/39)

[غيرَ]: صفة لكلمةٍ نكرة هي: [قوماً]، و إنما كان ذلك مع أنها أُضيفت إلى الضمير [كم]، والضمير معرفة، لأنها لا تكتسب التعريف مما تُضاف إليه.

· قال أبو قيس بن الأسلت يصف الناقة:

لم يَمنعِ الشُّربَ منها غيرَ أن نطقتْ حمامةٌ في غصونٍ ذاتِ أوقالِ

(143/1)

(الأوقال: نبات؛ يقول الشاعر: لم يمنع الناقةَ من الشُّرب إلا تصويت حمامةٍ غنَّتْ على هذه الغصون).

فِعلُ [يمنع] فاعله [غيرَ]، والأصل في الفاعل أن يُرفع. لكنّ [غير]، إذا تلاها مبني، كما هي الحال في البيت، جاز إعرابها وبناؤها. وقد اختار الشاعر البناء، فقال: [لم يمنع الشربَ غيرَ]، فـ [غير] مبنية على الفتح في محل رفع فاعل للفعل [يمنع]؛ ولو شاء الشاعر أن يُعرب فيقول: [لم يمنع الشربَ غيرُ...] لكان جائزاً.

* * *

1- يقال مثلاً: [زرتُ رجلاً غيرَك]. ولو أنّ [غير] اكتسبت التعريف بإضافتها إلى الضمير [الكاف] لما نعتت [رجلاً] وهو نكرة. وأما دخول [ألـ] على [غير]، فلم يُسمَع من العرب قطّ، لا في شعر ولا في نثر.

2- أي: ليس غيرُها مقبوضاً. فحُذِف المضافُ إليه وخبرُ [ليس] أيضاً.

3- إذا تلاه مبنيٌّ، جاز-مع إعرابه-بناؤه على الفتح نحو: [لم يَسُؤني غيرَُ أن غضبتَ]، فالضمّ إعراب، والفتح بناء.

(143/2)

ها

على وجوه:

الأوّل: اسم فعل أمر (12)، معناه: [خُذْ]، نحو: [ها كتابَك] أي: خُذْه. ويجوز أن تلحق به الهمزةُ، نحو: [هاءَ وهاءِ وهاؤما وهاؤم...] أو الكافُ أيضاً، نحو: [هاكَ وهاكِ وهاكما وهاكم...].

الثاني: المتّصلة بـ [أَيُّ وأَيّةُ] ليصحّ نداء المحلَّى بـ [ألـ]، نحو: [يا أيّها الرجل ويا أيّتها المرأة]. وذلك أنّ المحلَّى بـ [ألـ] لا ينادى مباشرة، فيؤتى بـ [أيّ وأيّة] وصلة إلى ندائه.

الثالث: حرف تنبيه، يُنَبَّه به المخاطَب، على ما يُحَدِّثه به مخاطِبُه، نحو: [ها إنّك تعود بعد التوبة !!] و [ها قد شُفي خالدٌ وكنت لا ترجو شفاءَه] و[ها أنت ذا تدرس فتنجح]

و]يا بُشرى هذا غُلام[ إلخ...

* * *

(144/1)

حبَّذا

حَبَّذا: تركيبٌ يستعمل في المدح (1). مؤلف من ثلاثة عناصر يمثلها قولك: [حبّذا زهير رجلاً]. ويختلف المعربون في إعراب هذه العناصر. ولعل أسهل ذلك ما يلي: [حبذا: فعل]، و [زهير: (المخصوص بالمدح) فاعل]، [رجلاً: تمييز].

أحكام:

¨ يلزم [حبذا] صيغةَ الإفراد والتذكير أبداً في كل حال، فيقال مثلاً:

[حبذا الرجل، وحبذا المرأة، وحبذا التلميذان، وحبذا التلميذتان، وحبذا الرجال، وحبذا النساء].

¨ إذا دخلت [لا] النافية على [حبذا] تحول معناه إلى الذم نحو: [لا حبّذا الجهلُ].

¨ يجوز تقديم التمييز على الفاعل وتأخيرُه عنه، نحو: [حبذا زهير رجلاً، وحبذا رجلاً زهير].

* * *

نماذج فصيحة من استعمال [حبّذا]

· قال الشاعر (الدرر اللوامع 2/117):

ألا حَبَّذا قوماً سُلَيْمٌ فإنهم وَفَوْا، إذ تواصَوْا بالإعانة والصبرِ

[قوماً]: تمييز تقدم على الفاعل [سليم]، وهو جائز، بل هو الأكثر في كلامهم.

· قال الحطيئة (الديوان /64):

ألا، حَبَّذا هندٌ وأرضٌ بها هندُ وهندٌ أتى مِن دونها النأيُ والبُعْدُ

[هند]: هي المخصوص بالمديح، فاعل. ولم ير الشاعر في نفسه حاجةً إلى تمييز، فاطّرحه، ولو ذكره لقال مثلاً: حبذا هندٌ امرأةً. وتأنيث الفاعل لم يغيّر من [حبذا] شيئاً، لأنه يلزم صيغة الإفراد والتذكير أبداً في كل حال.

· وقال جرير (الديوان /165):

يا حبَّذا جَبَلُ الرَّيّان مِن جبلٍ وحبذا ساكنُ الريان مَنْ كانا

وحَبَّذا نفَحاتٌ مِن يَمانية تأتيكَ مِن قِبَلِ الرَّيَّانِ أحيانا

(يمانية: أراد ريحَ الجنوب).

استعمل الشاعر [حبذا] مراتٍ ثلاثاً على اختلاف ما تلاها من مفرد مذكر أو جمع مؤنث، وذلك أن [حبذا] لا يغيّر منها اختلاف الفاعل بعدها تذكيراً وتأنيثاً وإفراداً وتثنيةً وجمعاً، بل تلزم حالة واحدة هي: الإفراد والتذكير أبداً في كل حال.

· قال ذو الرمّة (2):

ألا، حبّذا أهلُ المَلا غيرَ أنهُ إذا ذُكِرَتْ مَيٌّ فلا حبّذا هِيَا

في البيت مسألتان:

(145/1)

- الأولى: ثبات صيغة [حبذا]، سواء أجاء الفاعل بعدها مذكّراً معناه الجمع: [أهل الملا] أم مفرداً مؤنثاً: [هي].

- الثانية: اجتماع المدْح والذمّ في البيت: فـ [حبّذا أهلُ الملا]: للمدح، على المنهاج. و[لا حبّذا هي]: للذمّ، وذلك أنهم إذا أرادوا الذمّ أدخلوا [لا النافية] على حبّذا.

* * *

1- تعريف [حبّذا] في كتب الصناعة شديد الاضطراب. فعند فريق فعل و[ذا] فاعله، وعند فريق آخر: اسم مركب من [حبّ] و [ذا]، وعند فريق ثالث: فعلٌ مركب من [حب و ذا]، فاعلُه المخصوص بالمدح إلخ... وقد آثرنا أنْ نقول: هو تركيب يستعمل في المدح.

1- ملحق ديوان ذي الرمة 3 /1920، وفيه أن البيت يُعزى أيضاً لكنْزة بنت برد المنقريّ.

(145/2)

حَيْثُ

¨ ظرف مكان مبنيّ على الضمّ. يلازم الإضافة إلى الجُمل نحو: [وقفتُ حيثُ وقف خالدٌ، وجلستُ حيثُ الجلوسُ مريحٌ]. فإن تلاها مفردٌ فهو مبتدأ محذوف الخبر نحو: [مكثنا حيث الظلُّ... = مكثنا حيثُ الظلُّ ممدودٌ].

¨ قد تُجَرّ بأحد حروف الجرّ الآتية: [مِن - إلى - في - الباء].

¨ إذا اتصلت بها [ما] الزائدة، ضُمِّنت معنى الشرط فجزمت فعلين نحو: [حيثما تجلسْ أجلسْ].

تنبيه: الأصل أن تُكسر همزة [انّ] بعد [حيثُ] فيقال مثلاً: [تنَزّهت حيثُ إنّ الزهر كثيرٌ]، لكنّ فريقاً من النحاة - ولهم حجّتهم - أجازوا الفتح أيضاً، فيقال: [تنَزّهت حيثُ أنّ الزهر كثيرٌ].

* * *

نماذج فصيحة من استعمال [حيث]

· ]فكُلاَ منها رَغَداً حيثُ شئتما[ (البقرة 2/35)

[حيثُ]: ظرف للمكان مبني على الضم، وقد أُضيف إلى الجملة الفعلية [شئتما]. ومثل هذا طِبقاً قولُه تعالى:

· ]نتبوَّأ مِن الجنة حيثُ نشاء[ (الزمر 39 /74). وقولُه:

· ]وامضُوا حيثُ تُؤمَرون[ (الحجر 15/65)

· ]ومِن حيثُ خرجتَ فَوَلِّ وجهَكَ شطر المسجد الحرام[ (البقرة 2/149)

[مِن حيثُ]: مِن حرف جرّ، يجوز دخوله على [حيثُ]، فتكون اسماً مبنياً على الضم في محل جرّ بـ [من]، مضافةً إلى جملة فعلية هي: [خرجتَ].

ومثل هذا طِبقاً، قولُه تعالى:

· ]سنستدرجهم مِن حيثُ لا يعلمون[ (الأعراف 7/182)

· مِن شواهدهم التي يُجمِعون على إيرادها قولُ القائل:

حيثُما تَستقمْ يُقَدِّرْ لك اللّـ ـهُ نجاحاً في غابرِ الأيامِ

[حيثُما]: اتصلتْ [ما] الزائدة بـ [حيث]، ومتى كان ذلك تضمّنت [حيثُ] معنى الشرط فجزمت فعلين، كما في البيت إذ جزمتْ [تستقمْ + يُقَدِّرْ].

* * *

(146/1)

هَلْ

حرف استفهام، يدخل على الجمل الاسمية والفعلية، للاستفهام عن العلاقة بين جزأيها(1) نحو: [هل سافر خالدٌ - هل يسافر خالدٌ - هل خالدٌ مسافرٌ - هل خالدٌ يسافر - هل خالدٌ سافر(2)]، ولذلك يكون الجواب في كلّ حال: [نعم] أو [لا]، سواء أجاءت بعدها [أو] - مكررة أو غير مكررة - أم لم تجئ(3)، نحو:

- هل سافر خالدٌ؟ - [نعم]، [لا].

- هل سافر خالدٌ أو زهيرٌ؟ - [نعم]، [لا].

- هل سافر خالدٌ أو زهيرٌ أو عليّ أو محمد؟ - [نعم]، [لا].

أحكام:

* لا تدخل [هل] على [إنّ]، فلا يقال: [هل إنّك مسافرٌ].

* ولا تدخل على شرط، فلا يقال: [هل إنْ نزُرْكَ تُكرِمْنا].

* ولا تدخل على منفيّ، فلا يقال: [هل لم يذهب خالدٌ].

* يراد بها النفي، إذا جاء بعدها [إلاّ]. نحو: [هل أنت إلاّ بشر = ما أنت إلاّ بشر].

مسألة ذات خطر، فافهم كل كلمة مما يلي:

* لا تأتي بعدها [أَمْ] في حيّز الاستفهام. فلا يقال مثلاً: [هل جاء زهير أم سعيد؟]. وإنما تأتي بعدَ تمام الاستفهام، فتكون بمعنى [بل] التي للإضراب، ولهذا يسمّيها النحاة [أم] المنقطعة ويُعرِبونها حرف استئناف. ومنه قوله تعالى ]هل يستوي الأعمى والبصير - أم هل تستوي الظلمات والنور[ (الرعد 13/16)

* * *

(147/1)

1- يستعمل النحاة هنا مصطلح: [التصديق]، ويريدون به [الإسناد]، كإسناد السفر إلى زيدٍ في قولهم: [سافر زيدٌ]، أو إسناد الوقوف إلى خالد في قولهم: [خالدٌ واقف]... وقد يستعملون مكان ذلك، مصطلح: [الحُكْم] إلخ... وقد آثرنا استعمال: [العلاقة بين جُزأي الجملة]، أي بين رُكنيها، لتقريب معنى مصطلحهم إلى الذهن. ثمّ هم يَقسمون أدوات الاستفهام أقساماً ثلاثة، الأوّل: [هل] وهي لطلب التصديق، وقد بيّنّا معناه. والثاني: أدوات الاستفهام الأخرى جميعاً - ماعدا الهمزة - وهي للتصوّر، ويريدون بالتصوّر: طلب التعيين، في نحو قولهم: [أجاء خالدٌ أم سعيد؟] فيكون الجواب تعييناً: [خالدٌ] مثلاً، أو [سعيدٌ]. والثالث: [الهمزة] وهي لطلب التصديق والتصوّر جميعاً، فيصح التصديق في نحو: [أسافر خالدٌ؟] فيقال في الجواب: [نعم] أو [لا]. ويصحّ التصوّر [أي: التعيين] في نحو: [أسافر خالدٌ أم زهيرٌ] فيقال في الجواب مثلاً: [زهير] أو: [سعيدٌ].

2- إذا جاءت [أو] بعد [هل]، نحو: [هل جاء سعيدٌ أو خالدٌ] فحذارِ أنْ تعيّن فتقول: [خالدٌ] أو [سعيدٌ]. وذاك أنّ [هل] لا يُؤتى بها للتعيين، بل يُؤتى بها للاستفهام عن العلاقة بين رُكنَي الجملة. ولذلك أجبْ بـ [نعم]، أو [لا].

3- بيْن النحاة اختلاف في صحّة دخول [هل] على اسمٍ بعدَه فعل، نحو: [هل زهيرٌ يجتهد]. فمنهم مَن منع ذلك، ومنهم مَن قال: إنه لا يمتنع، ومنهم مَن قال إنه لا يمتنع لكنه قبيح !! ولما لم يكن في قواعد اللغة: [هذا قبيح وهذا جميل]، وكان يجب أن تتبرّأ من مثل هذا الاضطراب والتقلقل، فإننا نرى أنّ في اطّراحها الخير.

(147/2)

هَلاّ (1)

حرف تحضيض له صدر الكلام. لا عملَ لها، وتدخل على الفعل، نحو: [هلاّ سافرتَ وهلاّ تسافر]، أو على اسمٍ مقدَّم على فعله، نحو: [هلاّ زيداً ضربتَ وهلاّ زيداً ضربتَه] (2).

* * *

1- تُبدَل هاؤها همزةً فيقال: [ألاّ]، ومن النحاة من يقول بالعكس. ومهما يَدُرِ الأمر فإنّ [ألاّ] هذه حرفٌ واحد، وهي غير [ألاّ] المؤلفة من [أنْ] و [لا] النافية.

2- قال الرضي: [جاءت الاسمية بعدها - يريد الجملة الاسمية المؤلفة من مبتدأ وخبر - في ضرورة الشعر نحو قوله:

يقولون ليلى أرسلت بشفاعةٍ إليَّ، فهلاّ نفسُ ليلى شفيعُها

ولقد اطّرحنا ذلك اطّراحا، لأنّ الضرورة لا تبنى عليها قاعدة، فضلاً على أنّها في آخر المطاف شهادة على أنّ الشاعر عَجَز أن يعبّر عما في نفسه بلغة أمّته، فعبّر عن ذلك بلغة اخترعها من عند نفسه، ما أنزل الله بها من سلطان.

(148/1)

حاشا

أداةٌ يستثنى بها، لتضمّنها معنى [إلاّ]. والاسمُ بعدها يُنصَب ويُجَرّ(1):

فمن النصب قول الفرزدق (شرح ابن عقيل 1/622):

حاشا قريشاً فإنّ الله فضّلهمْ على البريّة بالإسلامِ والدينِ

ومن الجرّ قولُ عمر بن أبي ربيعة (لسان العرب 14/182)

مَنْ رامَها حاشا النبيِّ وأهلِهِ في الفخر غَطْمَطَهُ هناك المُزْبِدُ

وبيت الشاعر (الجنى الداني /563):

حاشا أبي ثَوْبانَ، إنّ أبا ثَوْبانَ ليس بِبُكْمَةٍ فَدْمِ(2)

له روايتان: الجرّ، وهي الرواية المذكورة آنفاً: [حاشا أبي ثوبان...]، والنصب، وهي رواية: [حاشا أبا ثوبان...].

فائدتان:

1- يَكثر مجيء اللام بعدها، ومن ذلك قول أبي نواس (الديوان /7):

حاشا لِدَرَّةَ أنْ تُبْنَى الخِيامُ لها وأنْ تَروحَ عليها الإبْلُ والشاءُ

(أراد بالدرة: الخمرة).

2- قد يُحذف حرفها الأخير (الألف) اختصاراً، لكثرة الاستعمال. ومنه قوله تعالى: ]وقلن حاشَ للّهِ ما هذا بشرًا[ و]حاشَ للّهِ ما علمنا عليه من سوءٍ[.

* * *

1- يذهب النحاة إلى أنه في حالة الجرّ حرفُ جرّ، وفي حالة النصب فِعل.

2- البكمة: من البكم وهو الخرس، والفدم: العَيّ.

(149/1)

حتّى

معناها انتهاء الغاية، نحو: أدرسُ حتى الصباحِ = إلى الصباح، وتأتي للتعليل، نحو: أدرسُ حتى أنجح = كي أنجح.

ولها وجوه ثلاثة:

1- حرف عطف، يعطف الأسماء فقط. ومنه المثال الشائع: [أكلتُ السمكةَ حتى رأسَها]، أي: أكلتَ السمكةَ ورأسَها أيضاً(1).

2- ابتدائية(2)، وتدخل على الجمل الاسمية والفعلية، نحو: [فوائد الكتاب لا تنتهي، حتى اقتناؤه زينةٌ في البيت] و[عمَّ استعمال الحاسوب حتى دخل كلَّ ميدان].

3- حرف جر، نحو: [قرأت الكتاب حتى خاتمتِه].

تنبيهٌ عظيم الخطر: ينتصب الفعل المضارع بعد حتى الجارّة، إذا كان زمانه للمستقبل، نحو: [أدرسُ حتى أنجحَ]. فإذا لم يكن للمستقبل وجب رفعه، نحو: [فلان في الرمق الأخير، حتى ما يُؤمَلُ أنْ يعيش إلى الغد].

* * *

نماذج فصيحة من استعمال [حتى]

· ]ثمّ بدا لهم من بعدِ ما رأَوُا الآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حتى حِين[ (يوسف12/35)

[حتى حينٍ]: حتى في الآية حرف جرّ، يَجرّ الاسم الظاهر (أي لا يجر الضمير)، ومعناها انتهاء الغاية. أي: ليسجننه إلى حين.

· قال الشاعر:

قَهرْناكمُ حتى الكماةَ فأنتمُ تَهابونَنا حتى بَنِينَا الأَصاغِرا

[حتى الكماةَ]: حتى هنا في البيت هي العاطفة. والعاطفة تعطف الأسماء على الأسماء فقط. لكن الشاعر هنا عطف [الكماةَ] على الضمير [كم]، الذي هو في محل نصب. ويقال الشيء نفسه طِبقاً، في قوله: [حتى بنينا]. فـ [حتى] هنا عاطفة، و[بني]: (حُذفت النون منه للإضافة، والأصل بنين) اسم ملحق بجمع المذكر السالم منصوب بالياء، لأنه معطوف على الضمير [نا] قبله الذي هو في محل نصب. ويحْسن أن نذكر هاهنا أنّ الاسم المعطوف بعد [حتى] يكون غاية لما قبلها تعظيماً أو تهويناً. وقد اجتمعا في البيت. ففي الصدر تعظيم [قهرناكم حتى الكماةَ]، وفي العَجُز تهوين [تهابوننا حتى بنينا الأصاغرَ].

· قال جرير:

فما زالتِ القتلى تَمُجُّ دماءَها بدجلةَ حتى ماءُ دجلةَ أشْكَلُ

(150/1)

[حتى ماءُ دجلة أشكل] (الماء الأشكل: المختلط بالدم): حتى ابتدائية(3). والابتدائية إنما تدخل على الجمل اسميةً وفعلية، وقد دخلت في البيت على جملة اسمية، مؤلفة من مبتدأ هو [ماء] وخبر هو [أشكل].

· وقال الفرزدق:

فواعجبا، حتى كُلَيْبٌ تَسبُّني كأنّ أباها نَهْشَلٌ أو مُجاشِعُ

[حتى كليب تسبّني]: يقال هنا في بيت الفرزدق، ما قيل في بيت جرير آنفاً، فـ [حتى] ابتدائية، والابتدائية إنما تدخل على الجمل، وقد دخلت في البيت على جملة اسمية، مؤلفة من مبتدأ هو [كليب] وخبر هو جملة [تسبّني].].

· وقال الراعي النميري:

وما هجرتُكِ حتى قلتِ معلنةً لا ناقةٌ لِيَ في هذا ولا جَمَلُ

[حتى قلتِ]: حتى ابتدائية، والابتدائية تدخل على الجمل اسميةً وفعلية. وقد دخلت في البيت على جملة فعلية: [قلتِ].

· ]لن نَبْرَحَ عليه عاكِفينَ حتى يَرجعَ إلينا موسى[ (طه 20/91)

[حتى يرجعَ...]: حتى في الآية حرف جرّ لانتهاء الغاية، والمعنى: [إلى أن يرجع]. والقاعدة أنّ الفعل المضارع ينتصب بعد حتى إذا كان زمانه للمستقبل، وقد تحقق ذلك هنا، وذلك أنّ رجوع موسى هو بعد قولهم: (لن نبرح...)، وبتعبير آخر: إنّ زمن رجوع موسى هو مستقبَلٌ بالقياس إلى زمن قولهم: (لن نبرح). ومن هاهنا كان انتصاب الفعل المضارع بعد حتى.

ويتّضح هذا إذا تأمّلت بيت حسان بن ثابت، الذي وردت فيه [حتى] وبعدها فعل مضارع لا يدلّ على زمنٍ مستقبل. فارتفع ولم ينتصب. وهو:

يُغْشَوْنَ حتى ما تَهِرُّ كلابُهمْ لا يَسألون عنِ السَّوادِ المقْبِلِ

فقوله: [ما تهرُّ كلابهم] بضمّ الراء، لا يدل على حدث سيقع في المستقبل، أي لا يدلّ على أنّ كلابهم تهرّ في وقتٍ آتٍ في المستقبل، وإنما يدلّ على أنها اعتادت رؤية الضِّيفان يغشون حيّهم، وأَلِفَتْ ذلك فهي لا تهرّ. ولذا جاء فِعْلُ [تهرّ] بعد [حتى] مرفوعاً لا منصوباً.

* * *

(150/2)

1- لاحظ العلماء - بالاستقراء - أنّ [حتى] العاطفة، تقع في التعظيم والتهوين (التحقير). مثال التعظيم قولُك: [يموت الناس حتى الأنبياءُ]، ومثال التهوين قولُك: [صام الناس حتى الصبيانُ].

2- المقصود بمصطلح [ابتدائية] أنّها حرف ابتداء، وما بعدها مستأنَف. لا أنها تدخل على المبتدأ والخبر.

3- نذكّر بأن مصطلح ابتدائية هنا، مقصود منه أنها حرف ابتداء، وبعده جملة مستأنفة.

(150/3)

هُوَ

ضمير، وله فروع:

الأول: ضمير رفعٍ منفصل، للغائب نحو: [هو مسافرٌ].

الثاني: ضمير فصل لا محلّ له من الإعراب، يفصل بين المبتدأ والخبر، أو ما أصله المبتدأ والخبر نحو: [خالدٌ هو المسافرُ، كان خالدٌ هو المسافرَ](1).

الثالث: ضمير الشأن، ولا يكون إلاّ مبتدأً خبرُه الجملة بعده، نحو: ]قلْ هو اللهُ أحد] (2) .

* * *

1- من النحاة من يجعل له إعراباً. انظر بحث [الضمير].

2- يُؤتَى بضمير الشأن قبل الجملة لتعظيمها وتفخيمها والرمز إلى شأنها، ثمّ تأتي هذه الجملة بعده فتكون خبراً عنه وتفسيراً له. وإنما تكون تفسيراً له، لأنه ضميرٌ لا مرجع له.

(151/1)

كأيِّنْ(1)

كأيّنْ: تفيد الكثرة، وتختص بالماضي. وفيها لغات، أشهرها: [كائِنْ].

أحكام:

¨ مبنية على السكون أبداً.

¨ لها الصدارة وبعدها اسم مفرد مجرور بـ [مِنْ]، يتعلق بها.

¨ يجوز الفصل بينها وبين شبه الجملة بعدها، نحو: [كائن ترى من ظالم يَحيق به ظلمه].

¨ إعرابها: يختلف إعرابها على حسب موقعها من العبارة(2). فتكون ظرفاً أو مفعولاً به أو مفعولاً مطلقاً أو مبتدأ إلخ... ودونك الأمثلة:

[كَأَيِّنْ مِن كتابٍ قرأت]: مفعول به. [كأيّن مِن ليلةٍ سهرت]: ظرف زمان.

[كأيّن مِن مِيلٍ مشيت]: ظرف مكان. [كأيّن مِن زيارةٍ زرناك]: مفعول مطلق.

فإن وقعت مبتدأً، فخبرُه حتماً جملة أو شبه جملة، فالجملة نحو: [كأيّن من كتاب صاحبني] وشبهها نحو: [كأيّن مِن كتابٍ عندي].

* * *

نماذج فصيحة من استعمال [كأين]

· ]وكأَيِّنْ مِنْ دابّةٍ لا تَحملُ رِزقَها اللّهُ يرزقُها وإيّاكم[ (العنكبوت29/60)

مِن أحكام استعمال [كأيّنْ] أن يتعلّق بها اسمٌ مفردٌ مجرور بحرف الجر [مِن]. وقد تحقق ذلك في الآية. والجار والمجرور متعلّقان بـ [كأيّن].

وفي الآية مسألة أخرى هي أنّ [كأيّن] مبتدأ، وجملة [لا تحمل رزقها] صفة لـ [دابّة] . وأما خبر المبتدأ فهو: جملة [اللهُ يرزقها].

والقاعدة أنّ [كأيّن] إذا وقعت في الكلام مبتدأً، كان خبرها حتماً جملةً - كما ترى في الآية - أو شبه جملة. والمعنى: [كثير من الدوابّ لا تحمل رزقها يرزقها الله]. وقولنا: [كثير من الدوابّ] إنما هو مِن معنى [كأيّن]، فإنها تفيد الكثرة.

· ]وكأيِّنْ مِن نبيٍّ قاتَل معه رِبِّيّون كثير[ (آل عمران 3/146)

[كأيّنْ]: مبتدأ، خبره جملة [قاتل]، وقد ذكرنا آنفاً أنّها حين تكون مبتدأً يكون خبرها حتماً جملة - كما ترى في الآية - أو شبه جملة.

· قال الشاعر:

وكائنْ-ترى- مِنْ صامتٍ لكَ مُعْجِبٍ زيادتهُ أوْ نَقْصُهُ في التكلُّمِ

(152/1)

يجوز الفصل بين [كائن] وشبه الجملة [من...]. ويُعدّ البيت شاهداً على ذلك. فقد فصل الشاعر، بين [كائن] وشِبه الجملة بعدها [مِن صامتٍ]، بكلمةِ: [ترى]. ومثلُه أيضاً في جواز هذا الفصل قول الآخر:

وكائن-رأينا- من فروعٍ طويلةٍ تموت إذا لم تُحْيِهِنَّ أصولُ

فقد فصل الشاعر بينهما بكلمةِ [رأينا]، وذلك جائز كما قدّمنا.

* * *

1- تُكتب: [كأيِّنْ]، وهو رسم المصحف، وتكتب: [كأيٍّ] أيضاً.

2- يسهل عليك إعرابها إذا تغافلت عنها وعن [مِن] بعدها، وجعلت إعرابَ الاسم الذي بعد [مِن] إعراباً لها، كما ترى: [كأين من كتاب قرأت: قرأت كتاباً (مفعول به)] و [كأين من ليلة سهرت: سهرت ليلةً (ظرف زمان)] و [كأيّن من مِيل مشيت: مشيت مِيلاً (ظرف مكان)]، و [كأيّن من زيارة زرتك: زرتك زيارةً (مفعول مطلق)]، و [كأيّن من كتاب صاحبني: كثيرٌ من الكتب صاحبني (مبتدأ)]، و [كأيّن من كتاب عندي: عندي كتابٌ (مبتدأ)].

(152/2)

كَأَنَّ

من الأحرف المشبهة بالفعل، تنصب الاسم وترفع الخبر، وتفيد التشبيه نحو: [كأنّ النجاحَ قريبٌ]. (انظر الأحرف المشبهة بالفعل).

- إذا خُفِّفَت أو اتّصلت بها [ما] الزائدة أُهملت فلم تعمَل، ودخلت على الجمل الاسمية والفعلية نحو:

[كأنْ فَوْزُ سعيدٍ محتومٌ]: خففت فأهملت ودخلت على جملة اسمية.

[وكأنْ قد هنّأناه بفوزه]: خففت فأهملت ودخلت على جملة فعلية.

[كأَنما خالدٌ مسافرٌ]: اتصلت بها [ما] فأهملت ودخلت على جملة اسمية.

[وكأنما يريد العودة]: اتصلت بها [ما] فأهملت ودخلت على جملة فعلية.

تنبيه: إذا دخلت المخففة على فعلٍ، وجب أن يفصل بينهما [قد] أو [لم] نحو: [كأنْ قد رضي زهيرٌ، وكأنْ لم يغضب].

* * *

نماذج فصيحة من استعمال [كأَنّ]

· ]كأنْ لم تغنَ بالأمس[ (يونس 10/24)

[كأنْ]: أصلها [كأنّ] مشددة، ثم خففت. والقاعدة أنها متى خفِّفت أهمِلت فلم تعمل، ودخلت على الجمل الاسمية والفعلية. ويشترط عند دخولها على فعلٍ أن يفصل بينها وبينه [قد] أو [لم]. وهو ما تراه متحققاً في الآية، فقد خففت فأهملت ودخلت على جملة فعلية، وفُصِل بينها وبين الفعل [تغن] بـ [لم].

· قال الشاعر (شرح ابن عقيل 1/391):

وصدر مشرق اللونِ كأنْ ثدياهُ حُقّانِ

[كأَنْ]: مخففة من [كأنَّ]، وقد دخلت على جملة اسمية مؤلفة من مبتدأ وخبر، فلم تعمل في أيّ منهما، فظلاّ مبتدأً وخبراً. وذلك أنها حين تخفف تهمل.

· ]كأنّما يساقون إلى الموت وهم ينظرون[ (الأنفال 8/6)

[كأنّما]: اتّصلت [ما] بـ [كأنّ]، فكفّتها عن العمل، فلم تنصب اسماً ولم ترفع خبراً، وذلك جرياً مع قاعدة أنها إذا اتصلت بها [ما]، أُهملت فلم تعمل، ودخلت على الجمل الاسمية والفعلية. وقولُه تعالى: [كأنما يساقون] من دخولها على الجمل الفعلية.

· قال النابغة الذبياني (الديوان / 89):

أفِدَ الترحُّلُ، غيرَ أَنّ رِكابَنا لمّا تَزُلْ برحالنا، وكأَنْ قَدِ

(أفد الترحّل: دنا الرحيل - الركاب: الإبل).

(153/1)

في البيت مسألتان:

الأولى: أنّ الأصل أنْ يقول الشاعر [لما تزُل برحالنا وكأنْ قد زالت]. غير أنه حَذَف كلمةَ: [زالت]. والقاعدة: أنّ ما يُعلَم جائزٌ حذفُه.

والثانية: أنّ الشاعر خفّف [كأنّ] فقال: [كأنْ]. والقاعدة: أنها متى خُفِّفت زال اختصاصها بالأسماء، فدخلت على الجمل الاسمية والفعلية. وقول النابغة [كأن قد...] من دخولها على الجمل الفعلية، ولا بد عند دخولها على فعلٍ، من أن يفصل بينهما [قد] كما في البيت، أو [لم].

· قال عمرو بن الحارث بن مُضاض (لسان العرب 13/109):

كأَنْ لم يكن بينَ الحَجونِ إلى الصَّفا أنيسٌ، ولم يَسمُرْ بمكّةَ سامِرُ

(الحجون والصفا: موضعان في مكّة).

خفّف الشاعر كلمة [كأنّ] فقال: [كأنْ لم يكن]، وقد ذكرنا آنفاً أنّها متى خُفِّفت زال اختصاصها بالأسماء فدخلت على الجمل الاسمية، وعلى الفعلية أيضاً. ولا بد عند دخولها على فعلٍ من أن يفصل بينهما [قد] أو [لم]. وهوشرط حقّقه الشاعر إذ أتى بـ [لم] فاصلةً بين [كأنْ] والفعل: [يكن].

· قال امرؤ القيس:

ولكنّما أسعى لمجدٍ مؤثّلٍ وقد يدرِك المجدَ المؤثَّلَ أمثالي

[لكنّما]: اتّصلت [ما] بـ [لكنّ] فكفّتها عن العمل، فدخلت على فعل [أسعى].

* * *

(153/2)

كي

كي: حرف مصدري ينصب الفعل المضارع ويخلّصه للمستقبل نحو: [سافرت كي أستجمّ]. وقد تقترن به اللام الجارّة فيقال: [سافرت لكي أستجمّ](1).

* * *

1- إذا اقترنت به اللام كان المصدر المؤوّل من [كي والفعل المنصوب بعدها] في محل جر باللام: [سافرت لكي أستجمّ = سافرت للاستجمام]. وإذا لم تقترن به كان المصدرُ المؤوّل في محل نصب على نزع الخافض.

(154/1)

كَيْفَ

لها وجهان:

الأوّل: اسم استفهام مبني على الفتح. لها صدْر الجملة، ويُستَفهَم بها عن حالة الشيء، نحو: [كيفَ أنت؟ وكيف ذهبت؟] أي: على أيّ حالة أنت؟ وعلى أيّ حالة ذهبت؟

وتكون:

خبراً: إن كان ما بعدها محتاجاً إليها نحو: [كيف أنت، وكيف كنت؟].

وحالاً: إن كان مُستغنياً عنها نحو: [كيف سافر سعيدٌ؟].

ومفعولاً به ثانياً مقدَّماً لـ [ظَنَّ وأخواتها]: نحو: [كيف تظنّ زهيراً، وكيف تحسَبه؟].

الثاني: أداة شرْط غير جازمة سواء اتصلت بها [ما] أو لم تتصل نحو: [كيف تجلسُ أجلسُ، وكيفما تقومُ أقومُ](1)، ولا بدّ من أن يكون الفعلان بعدهما متفقَين لفظاً ومعنى.

فائدة: مِن التراكيب الفصيحة قولُهم مثلاً: [كيف بِكَ يومَ الرَّوع؟](2).

* * *

1- يختلف النحاة فيها سواء اتصلت بها [ما] أو لم تتصل، أهي شرطية جازمة ؟ أم مهملة لا تجزم ؟ وإذ لم يكن للقائلين بالجزم بهما شاهد، فقد آثرنا مذهب مهمليهما.

2- الباء في التركيب زائدة، والمعنى: كيف أنت يومَ الرَّوع؟

(155/1)

كَلاّ

لها معانٍ، منها:

¨ الزَّجْر: ومنه قوله تعالى: ]واتَّخَذوا من دون اللهِ آلهةً ليكونوا لهم عزّاً كلاّ سيكفُرون بعبادتهم[ (مريم (19/81-82)

¨ والنفي، بمعنى: [لا]، ومنه قول الشاعر (اللسان 11/597):

قريشٌ جهازُ الناس حيّاً ومَيِّتاً فمَن قال: كلاّ، فالمكذِّبُ أكذَبُ

¨ والاستفتاح، بمعنى: [أَلاَ]، ومنه قوله تعالى: ]اِقرأْ وربُّك الأكرم. الذي علّم بالقلم. علّم الإنسان ما لم يعلم. كلاّ إنّ الإنسان ليطغى[ (العلق 96/3-6)

¨ وبمعنى: [حقّاً] ومنه قوله تعالى: ]كلاّ إنّ كتابَ الأبرار لَفِي عِلِّيِّين[

(المطففين 83/18)

حُكْم: إذا تَلَتْها [انّ] كانت همزتها مكسورة: [إنّ]، وقد تقدّم من أمثلة ذلك: [كلاّ إنّ الإنسان...] و[كلاّ إنّ كتابَ...].

* * *

(156/1)

كَمَا

أداة مؤلفة من كلمتين هما: كاف التشبيه(1)، و[ما] المصدرية. وتختصّ بالدخول على الجمل اسميةً وفعليةً، نحو: [اُدرسْ كما درس خالد] و[أنت مجتهد كما خالدٌ مجتهد].

* * *

نماذج فصيحة من استعمال [كما]

· قال زياد الأعجم:

فإن الحُمْر مِن شرِّ المطايا كما الحبِطاتُ شَرُّ بني تميمِ

(الحبطات: هم بنو الحارث بن عمرو بن تميم).

[الحبطاتُ] مبتدأ، و[شرُّ] خبره. وقد دخلت [كما] على جملة اسمية.

· وقال نهشل بن حرِّي، يرثي أخاه:

أخٌ ماجدٌ لم يَخْزُني يوم مشهدٍ كما سيفُ عمرولم تَخُنْهُ مَضارِبُهْ

(عمرو: هو عمرو بن معديكرب، واسم سيفه: الصمصامة).

[سيفُ] مبتدأ، وجملة [لم تخنه...] خبره. وقد دخلت [كما] على جملة اسمية.

· ]فاصبِرْ كما صَبَرَ أُولُو العَزْمِ مِن الرُّسُل[ (الأحقاف 46/35)

[صبر أولو...] جملة مؤلفة من فعل ماضٍ وفاعل، دخلت عليها [كما]، وذلك من دخولها على الجمل الفعلية.

· ]فإنَّهُم يألَمُونَ كما تألَمُون[ (النساء 4/104)

[تألمون] جملة مؤلفة من فعلٍ مضارع وفاعلٍ هو واو الضمير. دخلت عليها [كما]، وذلك من دخولها على الجمل الفعلية.

· ومن أمثالهم السائرة: [كما تَدين تُدان] (مجمع الأمثال 2/155)

وفيه دخول [كما] على جملة فعلية.

* * *

1- انظر: [الكاف] في قسم الأدوات.

(157/1)

[كَمْ] الاستفهاميّة(1)

اسمٌ غامض مبهم، مبنيٌّ على السكون، يُستفهم به عن العدد، نحو: [كم طالباً نجح؟]. وتفتقر دوماً إلى موضِّح(2) يُزيل إبهامها وغموضها، ولها حكمٌ واحد، وأمّا الموضِّح، الذي يُزيل إبهامها وغموضها فله أربعة أحكام.

أوّلاً: حكمُها:

* لها الصدارة، فلا يتقدّم عليها إلاّ حرفُ جرّ أو مضافٌ، نحو: [بكم درهماً اشتريت الخاتَم؟] و [رأيَ كم خبيراً أخذت؟](3) .

ثانياً: أحكامُ الاسم الذي يوضِّحها:

* لا يكون إلاّ نكرةً مفرداً منصوباً، كما جاء في الأمثلة الثلاثة آنفاً: [طالباً - درهماً - خبيراً] ويُعرَب تمييزاً.

* ويجوز جرّه بـ [مِن]، إذا جُرَّتْ هي بحرف جرّ، نحو: [بكم مِنْ درهمٍ اشتريتَ الكتاب؟].

* ويجوز فصله عنها نحو: [كم عندك كتاباً؟] و[كم اشتريتَ كتاباً؟](4).

* ويجوزحذفه للعلم به (وحذفُ ما يُعلَم جائز)، نحو: [كم ... لبثتُم؟ = كم يوماً لبثتم؟].

تنبيه:

يقترن البدل بعدها بالهمزة، نحو: [كم كتاباً اشتريت؟ أخمسةً أم عشرة؟].

ملاحظة:

تجد نماذج استعمال [كم] الاستفهامية مع نماذج [كم] الخبرية. وإنما فعلنا ذلك ليكون التقابل والتلاقي والتباين، أعون على الجلاء والوضوح.

* * *

1- إعراب [كم] الاستفهامية و [كم] الخبرية سواء. ويَسهُلُ إعرابهما، إذا تغافل المرء عنهما، وجعل إعرابهما هو إعراب الاسم الذي بعدهما؛

ففي نحو: [كم ساعةً انتظرتَ ؟] و [كم ساعةٍ انتظرتَ !!] يُتغافَل عن [كم] فيبقى [ساعةً انتظرت]، فتُعرب [كم] إعراب [ساعةً] أي: ظرف زمان.

وفي: [كم كتاباً قرأتَ ؟] و [كم كتابٍ قرأتَ !!] يُتغافَل عنهما فيبقى [كتاباً قرأت]، فتُعرب [كم] إعراب [كتاباً] أي: مفعولاً به. وهكذا...

2- تسمّيه كتبُ الصناعة: (المميِّز)، وهي نسبة تلتبس بكلمة (التمييز) فتُنشئ تشويشاً، وقد استعملنا مكانها كلمةَ: (الموضِّح) لصحّتها ولما تنفيه من اللبس والتشويش.

(158/1)