اللباب علل البناء والإعراب 8

فصل

في حذف الهاء

قد حُذفتْ لاما في مواضعَ وعلّةُ ذلك شَبَهُها بحروفِ العلّة وربّما كانت أضعفَ منها لأنَّها تقعُ وصلاً في الشعر متحركةً وليس كذلك حروف العلّة

فمن ذلك شاة والأصل شَوْهة بسكون الواوِ وهو أقْيَس فحذفت الهاءُ وتحرَّكت الواوُ لتطرُّفها فانقلبت ألفاً وقيلَ الواوُ متحركةٌ في الأصلِ فانقلبت لتلك الحركةِ ويدلُّ على أنَّ الأصلَ الهاءُ قولهم تَشَوَّهْتُ شاةً أي صِدْتُها وقالوا في الجمع شِيَاه وأمَّا قولُهم في الجمعِ شاء فقيلَ قُلبت الواوُ ألفاً والهاءُ همزة مثل ماء وقيل هو أصلُ آخر والمعنى مُتَّحدٌ وقد قالوا أشاويّ وهو أصلٌ ثالثٌ ولا واحدَ له من لفظه

ومن ذلك شَفَةٌ حذفت منها الهاءُ يدلُّ على أنَّ أصلَها ذلك قولهم في التصغير شُفَيْهَة وفي الجمع شِفَاه وفي الفعل شافهته مشافهة

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 379 ]

ومن ذلك فَمٌ والأصل فُوْةٌ لقولك فُوَيه وأفْوَاه ورجلٌ أفوهٌ ومفوّه وتفوهت فَحُذفت الهاء وأُبدِلَ من الواو ميمٌ وقد ذُكر في البدل

ومن ذلك سَنَة وفي المحذوفِ قولان

أحدُهما الهاءُ لقولك عامَلْتُه مُسَانَهة وليست بِسَهْناء

والثَّاني الواو لقولهم سَنَوات ومُسَاناة وابدلوا منها التاء فقالوا أسْنَتُوا فعلى هذا تُصغَّر على سُنَيْهة وسُنَيَّة

ومن ذلك أستٌ والأصل سَتَهةٌ لقولهم سُتَيْهَة واسْتَاه ورجل ستاهى عظيم الاست

ومنهم مَنْ يحذف التاء فيقول سَهْ ومنه الحديثُ عن النبيّ العينان وِكاءُ السَّهْ

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 380 ]

ومن ذلك عِضّةٌ وهي واحدة العِضَاه من الشجر والمحذوف منها الهاءُ لقولهم في الجمع عِضَاه وعَضِهَتِ الإبلُ إذا أكلتِ العِضَاه وبعيرٌ عِضَهيّ وعِضَاهي وقيل المحذوفُ منها الواوُ لقولهم في الجمع عَضَوات وقد جاء في الشعر ومن هذا الأصلِ قولُه تعالى ( الذينَ جعلوا القرآنَ عِضِين ) أي فرَّقوه كما تُفَرَّقُ شُعَبُ الشَّجرة

فصل

في حذف الباء

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 381 ]

قالوا في رُبَّ رُبَ بالتخفيفِ كراهيةَ التضعيف وقد قرئ به

فصل

في حَذفِ النون

قالوا في إنّ الثقيلةِ المفتوحةِ والمكسورةِ إنْ وأنْ بسكون النون وقد ذَكَرْنا عملهما في بابهما

وقالوا في مُنْذُ مُذْ وقد ذكرنا في بابها

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 382 ]

فصل

في حذْفِ الحاء

قالوا في الحرح حِرّ والأصل حِرْحٌ لقولهم حُرَيْحٌ وأحْراح وقد جاء في الشعر

فصل

وقد حُذِفت الخَاءُ من بَخّ فقالوا بَخْ بسكون الخاء وهي كلمةٌ تقالُ عند استعْظام الشيء يُقال بخٍ بخٍ وبَخْ بَخْ

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 283 ]

مَهْدَد ووزنه فَعْلَل مُلْحَق بجعفر إذْ لو كانت الميمُ زائدةً لقال مهدّ فأدغم وكذلك يأججّ ومأْججٌ وزْنُهما فَعْلَل إذْ لو لم يكنْ كذلك لأدغم

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 383 ]

فصل

وقد حُذِفت الفاءُ من سوفَ فقالوا سَوَاْفعلُ حكاها ثعلب وحذفوها من أفٍّ فقالوا أُفْ بالإسكان وهي كلمةٌ تقالُ عند التضجُّر بالشيء وفيها تسعُ لغات أُفٍّ بضم الفاء وتشديدِها وحُرِّكت بالضمِّ إتباعاً وتفتحُ مَيْلاً إلى الخفّة في الحرف المضاعف وتُكْسَر على اصل التقاء الساكنين وإذا كانت معرفةً لم تنوّن وكانَ التقديرُ أتضجَّرُ التضجُّرَ وإنْ كانت نكِرةً نوِّنت على اللغاتِ المذكورةِ ويُقال أُفّي على الإمالة ويقالُ تفُّ بالتاء

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 384 ]

بابُ أبنيةِ الأفعَال

الأفعالُ على ضَرْبين ثلاثية ورباعيّة فالثلاثيّةُ صحيحةٌ ومعتلّةٌ فالصحيحةُ على ثلاثةِ أمثلةٍ ضمُّ العينِ وفتحُها وكسرُها فأمَّا الفاء فلا تكونُ إلا مفتوحةً إلاَّ أنْ تُنْقلَ إليها حركةُ العينِ فتضمّ أو تكسر فالضمُّ كقولك في حَسُن حُسْنَ بضمِّ الحاء وإسكان السّين ويجوزُ فَتْحُ الحاءِ وإسكانُ السّين على التخفيف

والكسرةُ لعب وشهد يجوز كسرُ الفاء وإسكانُ العين وكسرهُما على الإِتباع وفتحُ الأوّل وإسكان الثاني وهذا يكثُرُ في حروف الحَلْق

وأمَّا فِعْل ما لم يُسمّ فاعله فقد ذكر في بابه

وأمَّا الرباعيّةُ فلها مثالٌ واحدٌ وهو فَعْلَل وقد ذُكِرَ في أوّل التصريف

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 385 ]

فصل

وأمّاَ الثلاثيُّ المعتلُّ فعلى ثلاثةِ أضْرُبٍ معتلّ الفاء ومعتلَّ العين ومعتلّ اللام

الأوَّلُ نحو وَعَد ووَرَدَ ومستقبلُه يَعِد بحذف الواو وقد ذَكَرْنا علّتَه وما يَرِد عليه من الإشكالاتِ في باب الحَذْف

ومن المكسور العين وَجِلَ يَوْجَل وفيه أربعُ لغاتٍ أجودُها إثباتُ الواوِ لعدمِ علَّة التغيير والثانيةُ إبْدالها ألفاً إيثاراً للتخفيف لأنَّها لم تُخَفف بالحَذْفِ فَخُففت بالإبدال والثالثة إبدالها ياءً فقالوا يَيْجَلُ إيثاراً للتَّجانُس والرابعة كَسْرُ ياءِ المضارعة مع الياء الثانية إتباعاً

وأمَّا فَعَلَ يَفْعَلُ من هذا البابِ فلا يجيءُ مِنْ هذا أصْلاً وإنَّما تُفْتَحُ عينُه في

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 386 ]

لأجل حَرْفِ الحلقِ ويبقى حُكْم كسرِها وهو حذفُ الواو نحو وَقَع يَقَعُ

فصل

وأمَّا المعتلُّ العين بالواو نحو عادَ يعودُ وجابَ الأرضَ يجوبُها فأصلُه فَعَلَ بفَتْح العين يفعُل بضمِّها ولم يأتِ إلا كذلك وكانَ الأصلُ يَعْوُدُ بسكون العينِ وضمِّ الواو مثل قَتَل يَقْتُل فاسْتُثْقِلت الضمّةُ على الواوِ فَنُقِلت إلى ما قبلها وبقيت ساكِنةً ومن أجلِ ذلك تقولُ في الأمر عُدْ وقُل لأنَّ ما بعدَ حَرْفِ المُضارعة فقد تَحرَّكَ فاسْتُغْني عن همزة الوَصْل وهذا إسكانُ متحركٍ وتحريكُ ساكنٍ وهو المسمَّى تغييراً فإنْ اتصلَ بهذا الفعل تاءُ الضمير نحو قُلْتُ وعُدْتُ نقلتَه من فَعَل بفتح العين إلى فَعُل بضمِّها فصارَ التقدير قَوُلتُ مثل ظَرُفْتُ ثمَّ نقلتَ ضمةَ الواوِ إلى القافِ فَسُكّنتِ الواو وبعدَها ساكن فَحُذِفت الواو لالتقاء الساكنين وبقيت الضمّةُ تدلّ عليها وإنَّما فعلوا ذلك تَوصُّلاً إلى حَذْف الواو فإنْ قيلَ فهلاً أقرّوها ألفاً وحذفُوها مع التَّاء لالتقاء الساكنين وتركوا القافَ بحالها مفتوحةً قيلَ لو فعلوا ذلك لم يُفَرَّقْ بين ذَوَاتِ الياء والواو والفَرْقُ بينهما مطلوبٌ فإنْ قيلَ فهلاً زعمتَ أنَّ أصلَ هذا الفعل فَعُل بضمِّ العين وكنتَ تستغني عن كُلْفةِ التَّغْيير

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 387 ]

قيلَ لا يصحُّ ذلكَ لأنَّ فَعُل لا يجيءُ متعدياً وهذا البابُ جنسُه يتعدَّى نحو عُدْتُ المريضَ وجُبْتُ الأرَض ألا ترى أنَّ ما كانَ منه على فَعُل لازماً نحو طالَ الشَّيءُ ضدّ قصُرَ حكمُه على ما ذكرتُ مِنْ أنَّ ضمّةَ الواو تُقْلَبُ إلى ما قبلَها وحُذِفت ولم يَقُل إنَّها غيَّرتْ من فَعَل إلى فَعُل وأمَّا طاله يَطُوله إذا فَضُلَ عليه في الطُّول وهو الفَضْلُ فمثل جابَ الأرض يجوبُها

فصل

وقد جاءت من هذا البابِ لفظتان مخالفتانِ له وهما ماتَ ودامَ وفيهما ثلاثٌ لُغَات

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 388 ]

1 - الجيّدةُ ماتَ يَمُوتُ ودام يدوم كأخواتها فعلى هذا تقول مُتُّ ودُمت - بضم الأول -

2 - واللغةُ الثَّانيةُ ماتَ يَمَاتُ ودَامَ يَدَام على فَعِل بكسرِ العين في الماضي وفتحِها في المستقبل فعلى هذا تقول مِتَّ تَمَاتُ ودِمتَ تَدَامُ مثل خِفْتَ تخافُ

3 - واللُّغة الثَّالثة مركَّبةٌ من اللُّغتين وهي مِتُّ ودِمْتُ بكسر الميم والدال أموتُ وأدومُ على اللغة الأولى

فصل

وقد جاءَ من الواوِ فعِل يفْعَل نحو خَاف يَخَاف فتحرَّكتِ الواو في الماضي وانفتح ما قبلَها فَقُلبت ألفاً فأمَّا المستقبلُ ففي عِلَّة الانقلاب وجهان

أحدُهما أنَّ الواوَ تحرَّكت في الأصْلِ وسكون ما قبلها عارضٌ بسببِ حرفِ المضارِعَة فأُعلّت نَظراً إلى الأصل

والثَّاني أنَّ الواوَ نُقلت حركتُها إلى ما قبلَها فسُكّنت وانفتَحَ ما قبلَها فقلَبُوها ألفاً حَمْلاً للمستقبلِ على الماضي فإذا رَدَدْتَه إلى نفسِك قلتَ خِفْتُ فَنَقَلْتَ كسرَة

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 389 ]

الواو إلى الحاء كما فعلت في قُلْت وتقول في الأمر خَفْ من غير همزةِ الوصلِ للعلّةِ المتقدِّمة

فصل

فإنْ كانت العينُ ياءً جاءَ على ضربين فَعَل يفعِل مثل ضَرَب يَضْرِبُ ك باعَ يَبِيعُ فتحركتِ الياءُ وانفتحَ ما قبلَها في الماضي فقُلبت ألفاً فأمَّا في المستقبل فَنُقِلتْ كسرةُ الياء إلى الباء لِثقَل الكسرةِ عليها وبقيت ساكنةً فإنْ رَدَدْته إلى نفسِك نَقَلْتَه من فَعَل إلى فعِل توصُّلاً إلى حذف الياء وإبقاء الكسرة دليلاً عليها كما فعلت في قُلْتُ فإن أمرتَ قلتَ بِعْ بغير همزةٍ لما تقدَّم

والضَّرب الثاني جاء على فعِل يفْعَل مثل علم يعلم نحو هاب يهاب والألفُ أصلُها ياء لقولك تهيّبْتُ والهَيْبَة فَفُعِل فيها ما فُعل في خاف وتقول هِبْتُ فتنقلُ كسرةَ الياء إلى الهاءِ كما ذكرنا وتقولُ في الأمر هَبْ فتفْتَحُ الهاءَ كما فُتحت الخاء في خَفْ لأنَّها مفتوحةٌ في يَخَافُ ويهاب وأمَّا كادَه يكيدُه من المكْر فمثل باعَه يبيعُه وأمَّا كاد يكاد التي للمقاربة فمثل هابَ يهابُ وهي من الياء وقد جاء فيهما لغةٌ أخرى كُدْتُ بضمِّ الكافِ أُكاد بضمِّ الألف فالمستقبلُ على الأصلِ والماضي مغيَّرٌ من فعِل إلى فعُل كما جاء فضِل يفضُل على الشّذوذ وهذا نقيض متّ أموتُ

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 390 ]

فصل

في الفعل المُضاعف

وهي تجيء على ثلاثة أضْرُبٍ فَعَل يَفْعُل نحو ردّ يرُدّ وفَعِلَ يَفْعَل نحو عَضَّ يَعَضُّ وفَعَل يَفْعِل نحو فرَّ يفِرُّ والأصلُ في ذلك كلِّه حركةُ الحرفِ الثَّاني إلاَّ أنَّهم استَثْقَلوا الجمعَ بين المِثْلين وسبب ذلك أنَّه إذا نُطِقَ بالحرف ثم نُطِق بمثله عادَ إلى الموضعِ الذي رَفَع لسانَه عنه من غيرِ فصْلٍ وفي ذلك كُلْفَةً وقد شَبَّهوا ذلك بِمَشْي المقيَّد كالذي يتحركُ للمشي ولا يُفارقُ موضعه فعند ذلك سُكِّن الحرفُ الأوَّلُ ولم تُنْقَل حركتُه إلى ما قَبْلَه في الماضي لأنَّ أوَّلَ الماضي مُتَحركٌ فلم يَحْتَمِلْ حركةَ غَيْرِه

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 391 ]

فأمَّا في المستقبل فكلُّهم ينقلُ حركتَه إلى ما قبلَه لأنَّ ما بَعْدَ حرفِ المضارعة ساكنٌ يقبلُ الحركة ثم أدْغَموا العين في اللاّم فصارَ يردُّ ويعضُّ ويفِرُّ هذا إذا كانَ الفعلُ معْرباً بالحركة فإنْ كانَ مجزوماً أو مبنيّاً على السكون نحو لم يَرُدَّ وردَّ ففيه مذهبان

أحدهما الإدغامُ استثقالاً للنّطق بالمِثْلَيْن إلاَّ أنَّ المثلين إذا كانَ مضمومَ الأوَّل جازَ تحريكُ الطَّرَف بالضمِّ إتْباعاً وبالفتحِ إيثاراً للأخفِّ وبالكسرِ على أصْلِ التقاء السَّاكنين ولا بدَّ من التحريك لئلاّ يُجْمَعَ بين ساكنين والأجودُ في المجْزومِ أنْ لا يُحرَّكَ بالضمِّ لئلا يشبه الرفع وإنْ كانَ أوَّلُه مفتوحاً أو مكسوراً نحو عَضَّ وفَرَّ جازَ فيه الكسرُ على الأصلِ والاتباعُ والفتحُ تَخْفيفاً أو إتباعاً وإنَّما سُكِّنَ الأوَّلُ ليصحَّ إغامُه لأنَّ المتحركَ قويٌّ بحركته فلا يصحُّ رفعُ اللِّسانِ عن الحَرْفين رفعةً واحدةً مع تحرّكِ الأوّل لأنَّها تصيرُ كالحاجزِ بينهما ولا يصحّ الإدغامُ فإن

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 392 ]

بُني الماضي لِمَا لَمْ يُسَمَّ فاعلُه فالوجهُ ضمٌّ أوَّله على الأصلِ ويجوز كسره بأن ينقُلَ حركةً المدغم إليه

وأمَّا قالَ وباعَ فالجيّدُ كَسْرُ الأوّل وقلبُ الواو ياءً ويجوزُ أنْ يُشَمَّ الضمّ وأن يُضَمَّ ضمّاً خالصاً فتصير العينُ واواً بكلِّ حال

فإن جعلت هذا الفعلَ لِمَا لَمْ يُسمَّ فاعِلُه واتَّصلت تاءُ الفاعِل كانَ لفظُه كلفظ ما سُمّي فاعله كقولك بعتَ يا عَبْدُ وخِفْتَ يا سلطان بمعنى باعِك غيرُك وخافَك سواك والإشمامُ جائزٌ

ومِنْ مَسائلِ المعتلّ العين صِيدَ البَعيرُ وعَوِرَتْ عَيْنُه وقد ذَكرنا أنَّه صحَّ لأنَّه في معنى ما يَلْزمُ تَصحيحهُ

ومنها سٌوط الألفِ والواوِ والياء في الأمرِ نحو خَفْ وقُمْ وبِعْ لالتقاء الساكنين فإنْ حرِّكت الطَّرَف حركةً لازِمةً ردَدْتَ المحذوف نحو بِيعَتْ وخِيفت

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 393 ]

كانت الحركةُ عارضةً لم تَرْدُدْهُ لأنَّه غيرُ لازمٍ نحو خَفِ الله وقُمِ الليلَ وسِرِ اليومَ

ومنها انقلابُ الواوِ والياء ألفاً في المضارعِ نحو يَخاف ويَهاب والأصلُ يَخْوَف ويَهْيَبُ فنُقِلت حركةُ العينِ إلى الفاء وأُبْدِلت الواوُ والياء ألفاً فإنْ قيلَ ولِمَ كان كذلك وهُما ساكنان ففيه وجهان

أحدهما أنَّ سكونَ الفاءِ هُنا عارِضٌ لحرفِ المضارعة فلم يُعتدَّ به وكأنَّها تحرَّكت وانفتح ما قبلَها وهي معنى قولهم قُلبت لتحرِّكها الآن وتحرّكِ ما قبلها في الأصلِ

والثَّاني أنَّ الواوَ والياءَ هنا يَثْقُلُ النطقُ بهما وإنْ سُكِّنا فأُبدلا ألفاً لأنَّه أخفُّ منهما ومثله أقام واستبانَ وأما يُقيم فَنُقِلَتْ فيه كسرةُ الواوِ إلى القافِ وابدلتْ ياءً لِسُكونها وانكسارِ ما قبلها وكذلك مُقيم

وأما لَيْسَ فلا تكونُ في الأصْل مضمومةَ العَين لأنَّ ذواتِ الياءِ لا يجيءُ فيها ذلكَ ولا مفتوحةً إذْ لو كانت كذلك لأُبْدِلت ألفاً أو لَمَا سُكِّنت فيلزمُ أنْ تكونَ في

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 394 ]

الأصلِ مكسورةُ سُكِّنت للتخفيف وقد ذكرنا علّة جمودِها في بابها

ومن مسائل المعتلّ اللاّم أنَّ فَعَل من ذَواتِ الواو لم يأتِ مستقبلُه إلاّ يَفْعُل بضمِّ العين نحو غَزَا يَغْزُو وعَلا يَعْلُو

وأمّاَ فَعِل فعلى يَفْعَلُ نحو رَضِيَ يَرْضَى الأصلُ رضِوَ لأنَّه من الرِّضْوان فأُبدلت الواوُ ياءً لانكسار ما قبلها

وأمَّا فَعُلَ مثل ظَرُف فتصيرُ الياءُ فيه واواً نحو قَضُوَ الرجلُ ورَضُو الثوبُ لئلا تقعَ الياءُ بعد ضمَّةٍ فلو سكّنت العينُ لم يُرْدَدِ الأصلُ بل تقولُ قَضْو الرجُلُ ورَضْيَ زَيدُ بسكون الضَّاد لأنَّ السكون في الضَّادِ عارضٌ

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 395 ]

وفيها أنَّك إذا بَنَيْتَ من ذواتِ الواو أفْعَل نحو غزا قلبتَها في المضارع ياءً فقلت يُغْزِي لوقوعِها بعد كسرةٍ وكذلك اسْتُغْزِي فأمَّا إبْدالُها في تَغَازَيْت مع انفتاحِ ما قبلها فمحمولٌ على أُغزي لئلا يختلف الباب

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 396 ]

باب يجمع مسائل تنعطف على الأصول المتقدِّمة

مسألة

قد يتفق لفظُ اسم الفاعل والمفعول ويختلفان في التقدير نحو مختار ومجتاز وهو محتمل لهما وسبب ذلك أن عين الكلمة ياء متحرك ما قبلها فإن كان للفاعل فهي مكسورة فتقديره مخْتَيِر مثل مختَرِع وإن كان للمفعول فتقديره مخْتَيَر مثل مُخْتَرع وعلى كلا التقديرين تنقلب الياء ألفاً ولفظهما واحدٌ ولكن تقدّر على الألف كسرةٌ للفاعل وفتحةٌ للمفعول وكذلك مُحمّر إن جعلته للفاعل كانت الراء الأولى مكسورةً وإن جعلته للمفعول كانت مفتوحةً فتسكّن الراءُ الأولى وتُدغَم في الثانية ويكون اللفظُ واحداً والتقدير مختلفاً وكذلك مقشعرّ

مسألة

الأصل في مَقَام ومَعَاش مقْوَم ومَعْيَش فتحرَّكت الواوُ وانفتح ما قبلَها في

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 397 ]

الأصلِ فقُلِبت ألفاً وقد ذكرنا تتمَّةَ هذا التعليل في يُقال ويُباع

مسألة

الأصلُ في مَعيشَة مَعْيشَة بكسر الياء على قول سيبويه وقد أجازوا أن يكونَ أصلُها الضمّ فعلى تقديرِ الكَسْر قد نُقِلت كسرةُ الياء إلى العينِ إيثاراً للتَّخفيفِ وأمَّا على تقديرِ الضمِّ فإنْ حركةَ الياء نُقِلت إلى العين وأُبْدِلت مِنْ ضمةِ العينِ كسرةً فانقلبت الواوُ ياءً لمجاورتها الطَّرَفَ وأنَّ التَّاء غيرُ معتدٍّ بها فصارتْ مثل أدلٍ وأحْقٍ وقال الأخفش لو كانَ الأصلُ الضمَّ لبقيت الواوُ مثل مَعُونة ومَصُوفَة وإن كانَ هذا الاسمُ جمعاً مثل مَعَايش جمع مَعِيشة فالحكم كذلك

وقال الأخفشُ يجوزُ في الجمعِ أن يكونَ الأصلُ الضمَّ فحوِّل إلى الكسر والياء لِثقل الجمع ومثلُ ذلك مَحِيص في أنَّ الأصل مَحْيِص بالكسر مثل مَنْزِل وأمَّا بيض فأصلُها بُوض مثل سُود وحُمْر إلاَّ أنَّ الياءَ في القياس نُقِلت واواً لِسُكونها وانْضِمام ما قبلها ولكنّهم خالفوا القياسَ فكسروا ليحصَل الفرقُ بين بيضٍ جمع أبْيَض وبيضاء وبينَ قولهم دَجَاجٌ بُيُضٌ جَمْعُ بَيُوض إذا سكّنوا الياء قلبوها واواً

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 398 ]

مسألة

إذا وقعتِ الواوُ رابعةً قُلبتْ ياءً ثم قُلبتْ الياءُ ألِفاً لتحرُّكها وانفتاحِ ما قبلَها وأصلُ ذلك أنْ الفعلَ المعتلَّ اللام إذا كانت لامُه واواً وانكسرَ ما قبلَها قُلبت ياءً للكسرة قبلها ثم يُحملُ البابُ كلُّه على ذلك نحو أغْزَى يُغْزِي وادَّعى تدَّعي والمصدر مَغْزَىً ومَدْعَىً فالألف منقلبةٌ عن ياءٍ مُنْقلبةٍ عن واو وتقولُ في تَراجى وتَغَازَى أصلُ الألفِ ياءٌ مُبْدَلَةٌ من واوٍ وإنْ لم يكَسِر ما قبل الطَّرف لأنَّ الأصل رَجَّى يُرجّي ثم دخلت الزيادةُ عليه بعد استمرارِ الإبدال وكذلك تغازى وتعاطى

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 399 ]

مسألة

قد ذكرنا حكْمَ الفعلِ المشدّد نحو مَدَّ وشدَّ ورَدَّ وعلى قياسِه يجبُ أن يكونَ استردَّ واقشعرَّ لأنَّ الأصلَ اسْتردَد واقشعْرَر فَنُقِلت حركةُ المثل الأوّلِ إلى السّاكن وأدغم في الذي بعده فإن وجبَ تسكينُ الثاني انفكَّ الإدغامُ وعادت حركةُ الأوَّل إليه نحو استرْدَدْتُ واقْشَعْرَرْتُ فإنْ كانَ المثلان للإلحاق لم يُدْغَم لئلا يَبْطُل حكم الإلحاق وذلك نحو قَرْدَد وهو مُلْحَق بجعفر فلو أدغمتَ لسكّنتَ الأوَّلَ وبطلتْ مماثلةً هذا البناء لجعفر وكذلك اسْحَنْلَك واقَعْنسَسَ هو ملحق باحْرَنْجَم

مسألة

قد تنقل الحركةُ إلى ما بعدَها لضرب من التخفيف أو المجانسةِ فمن ذلك قوله تعالى ( ويَخش الله ويتقه ) تقرأ بكسر القاف وإسكان الهاء والأصل كسر

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 400 ]

لأنَّها هاءُ الضمير إلاّ أنَّهم سكَّنوا القافَ والهاءَ أمَّا الهاءُ فوقَفُوا عليها فسكّنت وأمَّا القافُ فخفَّفوها كما سكَّنوا التاءَ في كَتِف وشَبَّهوا المُنْفَصِلَ بالمتَّصل فالتَّاءُ والقافُ والهاء مثل كَتِف فلَمَّا اجتَمَعَ ساكنان حرَّكوا القافَ بالكسر وقد جاء في الشّعر والنثر فمنَ الشّعر قولُ الراجز

( قالت سُلَيْمى اشْتَرْ لَنَا سَوِيقاً )

بسكون الراء كأنّه كان تَرِل مثل كَتِف ففُعل ما ذكرنا وقيل نَوى الوقف على اشتَرْ ثم جَعَلَه في الوصلِ كذلك وقال آخر من - الطويل -

( ألا رُبَّ مَوْلودٍ وَليسَ له أبٌ وذِي وَلَد لم يَلْدَاهُ أَبَوان )

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 401 ]

وإنْ كان الاسمُ على أكثر من أربعةِ أحرفٍ لزم الحذفُ نحو كَيْنُونة ودَيْمُومة من كانَ ودامَ وذلك لطولِ الاسم وقد جاء تاماً في الشعر قال الراجز

( يا ليت أنّا ضَمَّنا سَفِنهْ ... حَتَّى يَعُودَ الوَصْلُ كَيْنُونَة )

والأصلُ سكونُ الدّالِ للجزم إلاَّ أنَّه حَذَف حركة اللاّم فسكنت فانفتحت الدال لالتقاء الساكنين فمنه قوله تعالى ( وأرْنا مَنَاسِكَنا ) على قراءة من سكَّن الراء ومن النثرِ قولُهم مُنْتَفْخٌ ومنْتَصْبٌ بسكون الفاء والصاد

مسألة

إذا اجتمعتِ الواوُ وسكِّنتِ الأولى قُلبت الواوُ ياءً وأدغمت في الياء

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 402 ]

الأخرى وقد ذكرنا عِلّة ذلك في البدل إلاّ أنَّ الاسمَ إذا كانَ على أربعةِ أحرف نحو سَيِّد ومَيِّت جازَ فيه التَّشديدُ وهو الأصلُ والتَّخفيفُ بحذفِ الياء المنقلبةِ عن الواو لأنَّها قد غُيِّرت أولاً بالإبدال فكانت أوْلى بالحذفِ لأنَّ التغيير يُؤنس بالتغيير

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 403 ]

وهذا يكْثُر فِيما عَيْنُه واوٌ لِثِقَلها وقد جاءَ منه شيءٌ في الياء فأمَّا رَيْحَان ففيه وجهان

أحدهما أصلُه رَوْحان فقُلبت الواوُ الساكنةُ ياءً تخفيفاً لانفتاحِ ما قبلها وشبهوها بالمتحركة في القلب كما فَعَلوا ذلك في آيةٍ وطائيّ

والثَّاني أصلُه رَيِّحان فَيْعَلان من الرَّوْح ففُعِل فيه ما ذكرنا وأمَّا شَيْبَان ففيه الوجهان

وقد جاءت الواوُ والياء غير مغيّرة قالوا ضَيْون في السَّنَّوْر فتركوا القياسَ فيه تنبيهاً على الأصل ولقلّة استعمالِهم إيَّاه وقالوا في الأعلام حَيْوَة

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 404 ]

والقياسُ حيّة والأعلامُ يكْثُر فيها التغييرُ على ما بُيّن في موضعه من النّداء والحكايةِ وغيرهما

مسألة

إذا وقعت الواوُ ثانيةً بين ألفٍ وكسرةٍ في جمع أو مصدَرٍ قلبتْ ياءً فالجمعُ مثل حَوْض وحِيَاض وقدذكَرْنا علّتَه في البَدَل وأمَّا المصدرُ فأُبْدِلت منه الواوُ مثل حِيال لأنَّه قد أعلَّ في الفعل نحو حَالَ فَسَرى الإعْلالُ إلى المصدرِ فإنْ تحرّكتِ الواوُ في الواحد نحو طويل لم تُقْلَب في الجمع لقوّتِها بحركتها في الأصل وقد جاء إبدالُها في الشِّعر فقالوا طِيال

مسألة

إذا وقعت ألفُ التكسير بينَ وَاوين وجاورت الواوُ الطرفَ أُبْدِلت همزةً كقولك في جمع أوّل أوائل وفي ذلك وَجْهان

أحدهما أنَّه لَمَّا اجتمعت ثلاثةُ أحْرُفٍ معتلّةٍ غيَّروا أحدَها فِراراً من الثِّقل واجتماعِ

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 405 ]

ذزاتِ العِلل فكانت الأخيرةُ أوْلى بالتغيير لقربها من الطَّرف ووقوعِ الثِّقل بها لتكررها

والثَّاني أنَّ الواوَ لوْ وَقَعَتْ طَرَفاً لغُّيّرت فكذلك إذا جاورته لأنَّ الجارَ يُحكَم عليه بحكم المجاور فإنْ اضطرّ شاعرٌ إلى زيادة ياءٍ بعد هذه الهمزةِ أقرّها لأنَّ الزِّيادةَ عارِضةٌ فحكمُ المجاورةِ باقٍ

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 406 ]

وإنْ كانت الياءُ بعد الواوِ الثانيةِ غيرَ زائدةٍ لم تُهْمَز الواوُ لبُعْدها من الطَّرَف نحو طَوَاويس فإنْ حَذَفْتَ هذه الياءَ لضرورةِ الشِّعر لم تُهْمَزِ الواوَ لأنَّ الحذْفَ عارضٌ فَحُكْمُ البُعْدِ عن الطَّرَفِ باقٍ

واختلفوا فيما اذا وقعت ألفُ التكسير بين ياءين أو ياءٍ وواوٍ نحو عيلة وعيائِل وسيّقة وسيائِق فمذهب سيوبية همزُ الأخير كما ذكرنا في الواو وقال الأخفش لا تهمز هنا لأنَّ الياءَ أخفُّ من الهمزةِ ومعها من جِنْسِها والياءُ لم تُبْدَل همزةً بخلافِ الواو فإنَّها قد أُبْدِلت في وُجوه وصَحْرَاوات وحُجَّةُ سيبويه السَّماعُ والقياسُ فالسَّماعُ ما رواه المازِني أنَّه سأل الأصمعي عن جمع عُيّل فجمعَ وهمزَ والظَّاهر أنَّه سَمِعَه وأمَّا القياسُ فإنَّ العلّةَ التي أوجبتِ الهمزَ في الواوين موجودةٌ ههنا

مسألة

إذا جمعتَ صحيفةً ورسالةً وعَجُوزاً على صَحائف ورَسائِل وعَجَائِز همزتَ حرف المدَّ لأنَّه جاورَ الطَّرفَ وقبله ألفٌ والإعلال لازِمٌ فكأن همزَها جعلَها حرفاً صحيحاً وكان ذلك تَغْييراً لحرفِ العلّةِ وأشْبَه في ذلك العينَ في قائِل وبائِع

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 407 ]

مسألة

نقولْ في جمع خَطيئة خَطَايا وفي كيفيّة التغيير أقوال

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 408 ]

أحدها أنَّك ليَّنْتَ همزةَ خَطيئة فبقي مثل عَطِيَّة فلَمَّا جمعتَ زِدْتَ الفَ التكسير وهمزتَ الياءَ الأولى ووقعت الياءُ بعدها فصارَ اللفظُ خطاْأي مثل عذراء وعذاري ثم أبدلْتَ من الكسرةِ فتحةً فانقلبتِ الياءُ ألِفاً ثم أُبْدِلت الهمزةُ ياءً وإنَّما فعلوا ذلك فِراراً من وُقوعِ الهمزة بينَ ألفين لأنَّ ذلك يُصيِّرها في تقدير ثلاث الفات أو ثلاث هَمْزات وذلك مَهْرُوبٌ منه وكانت الياءُ أوْلَى مِنَ الواوِ لأنَّها أخفُّ منها أوْ لأنَّ أصلَها الكسرُ وهو أشْبَه بالياء

وقالَ الخليلُ تُجْمَعُ خَطيئة على خَطَاأِئى أي بهمزتين مثل سفائن فالهمزةُ الأولى مُبْدَلةٌ من الياء الزائدة والثانية لام الكلمة ثم قُدِّمت لامُ الكلمةِ على الهَمْزةِ الزائدة لتعودَ إلى اصلها وهي الياء ثمَّ أُبْدِلَ من الفتحة كسرةً ومن الياء الفاً لتحركها وانفتاحِ ما قبلها ومن الهمزةِ ياءً لِمَا تقدَّم ووزنه فَعَالى وفيه نَقْلٌ وإبْدالُ الهمزة المنقولَة ياءً وفتحُ المكسور وقلبُ الياءِ المتطرِّفةِ ألفاً وقلبُ الهمزةِ ياءً وقالَ سيبويه كذلك إلا أنَّه لم يقدّم شيئا على شيء

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 409 ]

مسألة

نقول في عطيّة ومَطِيّة عَطَايا ومطايا وقد أشرنا إلى كيفية تغييره وعلّة ذلك

مسألة

تقولُ في جمع شَاوية ورَاوية شَوَايا وروايا وكيفيّةُ ذلك أنَّك جمعتَه على مثال فَعَائِل مثل قَائِمة وقَوائم فابْدَلتَ من الألفِ واواً وزِدْتَ بعدَها ألفَ التَّكسير وقلبت الواو التي هي عينٌ همزةً كما فعلتَ في عَين قائمة فوقعت اللامُ وهي ياءٌ هنا بعد الهمزة فصار شَوَاأِي ثم أبْدلتَ الكسرةَ فتحةً ثم أتممتَ العملَ كما ذكَرْنا في خطيئة فصارت شَوَايا على فَوَاعِل وهُنَا اتّفقَ الخليلُ وسِيبويه لأنّ اللامَ لا زائدَ قَبْلَها

مسألة

تقول في معيشة معايش بغير همز ووزنه مفاعل وإنما لم يهمزوا لأن

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 410 ]

الياءَ أصلٌ وإنّما يُهْمَزُ الزّائدُ للفَرْق وقد هَمَزَها بعضُ القُرّاء شبَّهها بالزائدةِ وقد خَطَّؤُوه

مسألة

فأمّا مدينة فإنْ أخذتَها من دَان يَدين إذَا أطاعَ فَكأنَّ أهلَ المدينةِ أطاعوا رئيسَها فههنا لا تُهْمَزُ لأنّها مثلُ مَعِيشة وإنْ أخذتَها من مَدَن بالمكانِ إذا أقامَ هَمَزْتَ لأنّ ياءها زائدةٌ ومثلها مَعِين إنْ أخذتَه من عايَنْتُ الشيءَ لم تَهْمِزْ بل تقول مَعَاين وإنْ أخذتَه من مَعَن إذَا أقامَ هَمَزْتَه لِمَا تَقدّم

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 411 ]

مسألة

الياءُ في مُصيبة عينٌ مُبْدَلةٌ من واوٍ لأنَّه من صاب يَصُوب فجمعُها يجبُ أن يكونَ على مَصَاوِب بغيرِ هَمْزٍ مثل مَقَام ومقاوِم إلاَّ أنَّ العربَ همزَتها على خِلافِ القِياس وهذا خلافُ تَرْكهم الهمزَ في بَرِيَّة وخَابية والنَّبيّ فإنَّ الأصلَ في ذلك كلَّه الهمزُ وقد تَركوه فكذلكَ هَمَزَوا في مَصَائِب ما ليس أصلُه الهمزُ

مسألة

إذا اعتلّت عينُ فِعْل نحو قَالَ وبَاعَ وخَافَ ثمَّ بَنَيْتَ منه اسمَ فاعلٍ زِدْتَ عليه ألِفاً

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 412 ]

لتفرّقَ بين الاسمِ والفعل فتقع الألفً المبْدَلة بعدَها وهما ساكنتان وحذْفُ إحداهما يُخلّ بمعنىً وتحريكُ الاولى يخرجُها عن المدِّ ولأنَّه لا حظَّ لها في الحركة فحرّكتَ الثانيةَ لأنَّها تَسْتَحِقُّ الحَرَكةَ في الأصل وكُسِرتْ على اصلِ التقاء السَّاكنين وإذا حُرِّكتِ الألفِ انقلبت هَمْزَةً لِمَا ذكرنا في غير مَوْضع فصارَ اللفظُ به بائعاً وقَائلاً وخَائِفاً ويجوزُ تليينُ هذه الهمزةِ لتحرّكها ولا يجوزُ أن تُجْعَل ياءً خالصةً ولا واواً لأنَّ ذلك من حُكْمِ الحروف التي لَمْ تُعَلّ نحو قولك في صِيدَ البعيرُ وعَوِرَت عينُه لأنَّها صَحَّت في الماضي فتَصِحُّ في اسم الفاعل

مسألة

إذا أُدْغِمت الواوُ والياءُ فيما بَعْدَهما ولم تكُنْ مجاورةً للطَّرف تحصّنت من القلْبِ نحو اخروَّطَ اخرِوَّطاً واجلَوّذَ اجلوَّذاً وكذلك فلانٌ من صُيَّابَة قومِه أي مِنْ خِيارهم ولو بَنَيْتَ من صَادَ يصيدُ فُعّالاً لقلت صُيّادُ ولم تغيّر لأنّها تحصّنت لدخولها في حِمى حرفٍ متحرِّكٍ ممتنعٍ عن التَّغْيير وقَدْ أُبْدِل في بعضِ المواضع نحو دِيوان وقد ذَكَرْناه في البَدَل فإن جاورَ الطَّرفَ فقد جاءَ فيه الوَجْهانِ قالوا صُيِّم وقُيِّم وصُوِّم وقُوِّم والإبْدّال أقوى لمجاورةِ الطَّرف وهو محلّ التغيير والتصحيح

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 413 ]

على الأصلِ فقد قالوا فيما بَعُدَ عن الطَّرف نُيَّام والجيّدُ نوّام وطريقُ القلْب أنّهم أبدلوا الواو الثانيةَ ياءً لقُرْبها من الطَّرف ولأنَّها قد أُبْدِلت في الفعل نحو صَام فاجتمعت الياءُ والواو وسَبَقت الأولى بالسكون فأُبدلت ياءً لِمَا ذكرنا في مَوْضِعه وهذا البدلُ إنَّما يَجيءُ في الجمْعِ لِثِقَله وليسَ كذلك الواحدُ نحو اخروّاط

مسألة

إذا كانت عَيْنُ الكلمةِ ولامُها وَاوين نَحْو جَوِيَ وَدَوِي والأصل جَوِوَ ودَوِوَ لأنَّه من الجوِّ والدوِّ قُلبت الثانيةُ ياءً لئلا يجتمعَ المِثْلان ولم تُدْغَم لِثِقَل الواو والتَّضْعيف ولم تُقلبِ الياءُ ألفاً لأنَّ ما قبلَها مكسورٌ فصارَ هذا الحكمِ مثلَ شَقِيَ ورَضِيَ وهما من الوَاو لقولِكَ في المصدر الشقوة والرِّضْوان وتقولُ في التَّثْنية جَوِيا وفي الجمع جَوُوا فَتَحْذِفُ اللامَ هنا لأنَّ أصلَه جَوِيوا فاسْتُثْقِلت الضمّةُ على الياء فسكّنت وبعدها واوُ الجمعِ ساكنةً فَحُذِفت الياءُ لالتقاءِ السكاكين وبقيتِ الواوُ لتدلّ على الجَمْع ثم ضمّت الواوُ التي هي عَيْنٌ تَبَعاً لواوِ الضمير ولأنَّها حُرِّكت بحركةِ الياء المحْذُوفةِ ونَطيرُها من الصَّحيح العينِ عَمُوا ونَسُوا ورَضُوا

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 414 ]

مسألة

فإنْ كانتِ العينُ واللاّم ياءين نحو حَيِيْ وعَيِيْ ففيه وجهان التَّصحيحَ

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 415 ]

الأصلُ والإدغام نحو حَيّ وعَيّ فِراراً من اجتماعِ الأمثالِ وطريقُه أنَّه سُكّن الأوَّلُ ليصحَّ إدْغامُه وحُمِلَ على الصَّحيح نحو ضَنَّ بالشيء وأصلُه ضَنِنَ مثل بَخِل فعلى هذا إنْ لحقتَه ألفُ التَّثنيةِ أو واوُ الجمع قلتَ على الوجه الأوّل حَيِيا فجمعتَ بينهما لأنَّه موضعٌ يجبُ فيه تحريكُ الحرْفين ومع الواو حَيُّوا وعَيُّوا فتحذِفُ الثانيةَ لِثِقَل الضمَّةِ عليها كما ذكرنا في جووا وعلى اللغة الثانيةِ وهو الإدغام حَيَّا وعَيَّا وحيُّوا وعَيُّوا بالتَّشديد فيهما مثل شَدّا وشَدُّوا فإنْ بَنَيْتَ هذا الفعلَ لِمَا لَمْ يُسمَّ فاعلُه انبنى ذلك على اللغات الثلاث في قيل فتقول على اللغة المشهورة حِيّ وعِيّ فتنقل كسرة الياء الأولى إلى الحرف الأوَّل وتُدغم وإنْ أشرت هناك أشرت ههنا وإنْ جعلَته مثل قُوْل قلتَ حُيَّ وعُيَّ فالأوَّل مضموم والياءُ الأولى سُكِّنت وأُدْغمت في الثانية فإنْ عُدّي هذا الفعلُ بالهمزةِ وهو لِمَا لَمْ يُسمَّ فَاعلُه قلتَ على لغة التصحيح أُحْيِيَ وأُعْيِيَ وفي الجمع أُحيّوا وأُعَيّوا فحذفت الياءُ الثانيةُ لِمَا تقدَّم وعلى لغةِ مَن أدغم أحِيّ مثل أُقِرّ ومع واو الجمع أُحِيّوا مثل أُقِرّوا فإنْ سمّيتَ الفاعلَ قلت أحيى فأبدلتِ الياءُ الثانيةُ ألفاً لتحركها وانفتاحَِ الياء الأولى وتقولُ مع واوِ الجمع أحْيَوا فتحذفُ الألفَ لسكونِها وسكونِ واوِ الجمعِ وتَبقى فتحةُ الياء تدلُّ عليها

ومثلُ ذلك استَحْيَى وتَحيّى وتقول في مستقبله يَسْتَحيي بياءين من غَيْرِ حذفٍ ولا إدْغام أمَّا الحذف فلا حاجةَ إليه لأنَّ الياءَ الثانية ساكنةً مثل ياء

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 416 ]

يرمي وأمَّا الاولى فَقَبْلها ساكنٌ فلم تَثْقُل وأمَّا الإدغامُ فممتنعٌ أيضاً لأنَّه لو أدغمتَ لضممت فكنتَ تقول تَسْتَحِيّ مثل تَسْتَعِدّ وهذا مُسْتَثْقَلٌ جدّاً فتحرّزوا منه بفكِّ الإدغام وقد قال بعضُهم استحيت منك بياءٍ واحدةٍ ساكنةٍ وفتح الحاء وهو ضعيف ووجهه من طريقين

أحدهما أنَّه نَقَلَ فتحةَ الياءِ الأولى إلى الحاء فانفتحت الحاءُ وسُكِّنت الياء وقَلْبَها ألفاً وبعدها ياءٌ ساكنةٌ فَحُذفتِ الألفُ لالتقاءِ السَّاكنين ومنهم مَنْ قال اجتمعت الياءان ساكنتين فحذفت الأولى ونظيرُه قولهم مِسْت وظِلتُ وحِسْتُ في مَسِسْتُ وظَلِلْتُ وحَسِسْتُ فسكّن السينَ الأولى واللامَ الأولى ثم حذفَها

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 417 ]

لالتقاء الساكنين وبقيّ الأوّل مفتوحاً ومنهم مَنْ ينقلُ هذه الكسرةِ إلى الأوّل فيكسِره فيقول مِسْتُ

والطريقُ الثَّاني أنْ تكونَ الياءُ الأولى قُلبت الفاً لتحرِّكها الآنَ وانفتاح ما قبلَها في الأصل كما ذكرنا في استقامَ فإذا سكّنتِ الياءُ الثانيةُ من أجل الضَّمير حُذِفت الألفُ لالتقاء السَّاكنين فقال اسْتَحْيتُ مثل اسْتَقَمْتُ وهذا أضعف الوجهين

مسألة

قد جاءَ من الأفْعالِ ما عينُه ولامُه ياءان نحو حَيِيّ وعَيِيّ لا خلاف في ذلك وهذا عُلَم بالسَّبْر والتقسيم

فأمَّا السَّبْرُ فإنَّا سَبَرْنا جميع أبنية الفعلِ فلم نجدْ فيها ما عينُه ولامُه واوٌ بل وجدنا عكسَ ذلك وهو ما عينُه واوٌ ولامُه ياءٌ نحو طَوَيْت وشَويتُ ولو كان حَيِيَ منه لقلت حَوَيت ووجدنا ما عينُه ولامُه واوان ولو كانت حييتُ منه لقلت حَوِيت أيضاً كما قالوا قَوِيت من القُوَّة فثبتَ بهذا أنَّ الياءَين أصْلان

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 418 ]

فأمّا الحَيَوانُ فقال المازنيّ الواو أصلٌ غذ لا مُوجبَ لانقلابِها عن شيءٍ وزَعَم أنَّ هذا الأصلَ لم يُشتقّ منه فِعْلٌ بل هو كقولهم فَاضَ الميتُ فَيْضاً وفوضاً فالياء توحّد في التصريف والواو لم يجيء منها فعِل وقال الباقون اصل الواو ياءٌ

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 419 ]

قُلبت واواً لئلا تلتبسَ بالمثنّى وهو مثل جبيت الخراجَ وجَبَوته لغتان والياء هي المتصرّفة وأمّا حَيْوَة ففيه شذوذٌ من وجهين

أحدهما قلبُ الياء واواً والثَّاني تركُ الإدغام وقد ذكرنا وجه ذلك في موضعه

مسألة

وممّا جاءَ عينُه ولامُه واوان الحُوَّة والقُوَّة فَلَوْ بنيتَ من هذا فِعْلاً ثُلاثياً قلتَ حوِيَ وقَوِيَ فأبدلت الواوَ الثانيةَ ياءً لانكسارِ ما قبلَها فإنْ بنيتَ منه افعلّ مثل احمرّ قُلْتَ حوّى بواوٍ مشدّدةٍ مثل قوّى وسوّى وأصلُه احوَوْوَ مثل أصل احمرّ فنقلتَ فتحةَ الواوِ الأولى إلى الحاء واسْتُغْني بذلك عن همزةِ الوصل وأدْغمتَ الواوَ المسكّنةَ في الثانية وأبْدَلتَ الثالثةَ ألِفاً لتحركها وانفتاحِ ما قبلها فصارت حوَّى وإنما فَعَلوا ذلك لأنّهم لو بَقَّوا الكلمة على أصلها لقالوا يَحوَوٌّ في المضارع فضمّوا الواو وهذا لا يجوزُ في الأفعالِ فأصاروه بالتغييرِ إلى ما يجوزُ

فأمّا مصدر هذا الفعل فقياسُهُ أنْ يُفَكَّ فيه الإدغامُ وتُقلبَ الألفُ همزةً لأنَّ الواوَ وقعتْ طَرَفاً بعد ألفٍ زائدةٍ وهي الحادثةُ في المصدر فصار احْوِوَاء فنُقِلت كسرةُ الواوِ الأولى إلى الحاءِ واسْتُغْني عن همزةِ الوصل ففيه بعد هذا مذهبان

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 420 ]

أحدهما حِيواء قُلبتِ الواوُ السَّاكنةُ ياءً لوقوعها بعد كسرةٍ ولم تُدْغَمْ فيما بعدها لانَّ سكونَها عارضٌ

والمذهبُ الثاني حِوّاء لأنّ الواوَ لما سُكّنت أُدْغِمت في الأخرى فإنْ بنيتَ منه أفعالَ مثل احْمَارٌ قلت احْواوى لأنَّكَ لو أخرجتَه على الأصل لضممتَ الواوَ في المستقبل وذلك مرفوضٌ فقلبتَ الواوَ الأخيرةَ ألفاً لتحرّكها وانفتاحِ ما قبلَها ولم يُحتَجْ إلى تغييرٍ آخر فالواو الأولى عينُ الكلمةِ والألفُ بعدَها الزائدةُ والواوُ الثانيةُ لامُ الكلمة والألفُ الأخيرةُ منقلبةٌ عن الواوِ المكرَّرةِ فأمّا مصدرُ هذا الفعل ففيه وَجْهان

أحدهما احْوِيْوَاء فالواوُ الأولى عينٌ والياءُ منقلبةٌ عن الألفِ الزائدةِ ولم تُدْغَم فيما بعدَها لأنّها غيرُ لازمةٍ والواوُ الثانيةُ لامٌ والأالفُ التي بعدَها الزائدةُ في المصدرِ قبل الطَّرفِ والهمزةُ بدلٌ من الواوِ المتطرِّفةِ

والوَجْهُ الثَّاني احْويّاء لأنَّ الواوَ والياءَ اجتَمعا وسبقت الأولى بالسّكونِ فَفُعِل فيها ما هو القياسُ في نظائرها

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 421 ]

مسألة

إذا كانتِ العينُ واللاّمُ معتلّتين ودعتِ الحاجةُ إلى التَّغْييرِ فالقياسُ تصحيحُ الأوّل لِبُعْدِه عن الطَّرف وإعلالُ الثَّاني لِتَطرّفه وذلك مثل حَوَى يَحْوى وطَوَى يَطْوِي وقد جاء عكسُ ذلك قالوا غايةٌ والأصل غيبة فأعلّوا العين وصَحّحوا اللامَ وكذلكَ ثَايةٌ ورايةٌ وكأنَّهم راعوا الطَّرَفَ من أجلِ الإعراب

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 422 ]

مسألة

في أصلِ آية أربعةُ أقوالٍ

أحدها قولُ سيبويه هي فَعْلَةٌ بسكون العين فلو خرجَ على الأصلِ لكانَ أيّة فَقُلبت ألفاً لِثِقَل التَّضعيف ولئلا تلتبس ب أيّة التي للاستفهام عن المؤنث

والقول الثَّاني أصلها فَعَلَةٌ بفتحِ العينِ فقُلبت ألفاً لوجودِ علّة ذلك

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 423 ]

والقولُ الثالث أصلُها آييَة مثْلُ ضَارِبَة فكانَ القياسُ أنْ تقولَ آيَّة مثل دَابّة فَحُذِفت الياءُ الأخيرةُ تَخْفيفاً وهو قول الكسائيّ ووزنُها على هذا فَاعَة

والقولُ الرّابع أصلُها أيِيِة مثل كلمة فَقُلِبت ألفاً لتحرّكها وانفتاحِ ما قبلَها

مسألة

إذا كانت عينُ الثُّلاثي ياءً ساكنةً وجعلْتَها صفةً أقْرَرْتَها نحو طَيْبَى وكَيْسَى وإنْ جعلْتَها اسماً ضممتَ الأوّل فصارت الياءُ واواً مثل طُوبى وكُوسى ليفرقَ بين الاسم والصفة وكان التغييرُ بالاسم أولى لأنّه أخفُّ من الصفة فإنْ كانت اللامُ ياءً وكان ذلك صفةً على فَعْل بفتح الأول أقررتَها نحو الخَزْيا والصَّدْيا وإن كانت اسماً مثل التَّقْوى والشَّرْوَى قلبت الياءَ واواً للفَرْقِ أيضاً فإنْ

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 424 ]

كانت الكلمةُ على فُعْلَى بضمِّ الأوّل واللامُ واوٌ أقررتَها في الاسم مثل حُزْوَى وأبدلتَها في الصِّفةِ نحو الدُّنيا والعُلْيَا للفَرْق أيضاً فإنْ قيل قلم غيَّرتَ هنا في الصفةِ وهُناكَ في الاسمِ قيل فُعِلَ ذلكَ إيثاراً للتخفيفِ وبيانُه من وجهين

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 425 ]

أحدهما أنْ فُعْلى مضمومة الأوّل

والثَّاني أنَّ الواوَ أثْقَلُ من الياء فَجُعِل في الاسم لأنّه أخفُّ

وأمّا الصّفةُ فثقيلةٌ حوّلت فيها الواوُ إلى الياء لأنّها أخفُّ بخلاف فُعْلى فأمّا قُصوى فهي صفةٌ وقد خَرَجَتْ على الأصلِ وهو شاذٌّ مُنبِهٌ على الأصلِ في الجميعِ ومثله في المفتوح ريّا وكان القياس في الاسم روّى وفي الصفة ريا ولكنه جاءَ بالعكسِ على الشّذوذِ

وكذلكَ العوّى وهيَ من عَوى يَدَه يعويها إذا لَوَاها فالعوّى نجومٌ مجتمعةٌ

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 426 ]

فهيَ مِنْ هذا الأصلِ وكانَ القياسُ عَيَّاً في الصفة فسوى بينهما هذا على لغة من قصر ومنهم مَنْ يمدّها وكان قياس ذلك أن يقول عياء لأنَّ الاسمَ هُنا تُقْلبُ فيه الواوُ ياءً وأجْوَدُ ما قيلَ فيه أنْ تكونَ الألفُ نائةً عن إشباعِ فتحةِ الواو فوقعت ألفُ التأنيث بعدها فقلبت همزة

مسألة

إذا كانت لامُ فَعْلاء الممدودةِ واواً صحَّت في الصّفةِ نحو القَنْوَاء والعَشْوَاء وإنْ كانت اسماً قُلبتْ ياءً نحو العَلْياء اسم موضع وفعلوا ذلكَ لِلفَرْق أيضاً فأخْرَجوا الصّفة على الأصل مثل خَزْيَا وغيَّروا في الاسم مثل تَقْوَى وليست العلياء تأنيثَ الأعلى لتكونَ صفةً لأنَّ تأنيثَه عُلْيَا بالضمّ والقصْر الفُضلى والوُسْطَى ولو كان صفةً لكان عَلْوَاء مثل قَنْوَاء

مسألة

ليسَ في الكلامِ ما فاؤه ولامَه واوان إلاَّ قولُهم وَاوٌ وهذا الحرفُ اخْتُلِفَ في

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 427 ]

الألفِ التي بينَهما فقال قومٌ أصلها وَوَو فتكون الكلمةُ كلُّها من مكرّرِ الواو كما جاء في بيّة وفي قولهم هذا الشيء بَبّانٌ فإنَّ الكلمةَ مركَّبةٌ من تكريرِ الباء وحجَّةُ هذا القائلِ أنَّه وجدَ الألفَ في قولِكَ كاف ودال ونحوهما منقلبةٌ عن واو لقولهم كَوّفت كافاً ودوّلت دالاً وهذا القياسُ في مِيم وجِيم إلاّ أنّ الواوَ قُلبت ياءً لسكونِها وانكسار ما قبلها

وقال آخرون أصلُ الألف في الواو ياءٌ فراراً من تَجانس الثَّلاثة وليس كذلكَ في بقية الحروف فإنّه لا يَلْزَمُ مَنْ جَعل الألف عن واوٍ اتّحادُ الحَرْف وقد جاءتِ الفاءُ واللامُ ياءين مثل يَدَيْتُ وقد تقدّم ذِكْرُه وقد جاءت العينْ

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 428 ]

واللاّم ياءين على ما ذَكَرْنا في حَيِيَ وقد جاءتا واوين نحو قُوّة وحُوّة وقد جاءت العينُ واواً واللامُ ياءً نحو طويت وشَوَيْتَ وهو الأكثر وقد جاءت الفاءُ واواً واللامُ ياءً نحو وَقَيتُ وَوَفَيْتُ ولم يأتِ ما عينُه ياءً ولامُه واوٌ البتةَ إلاّ ما قاله أبو عثمان في الحَيَوان وقد ذكرناهُ قبلُ

مسألة

إذا وَقعتِ الواوُ والياءُ طَرَفاً بعدَ ألفٍ زائدة قُلبتا همزةً وقد ذكرنا علّة ذلك وكيفيَّتَه في باب الإبدال فإنْ وقعت تاءُ التَّأنيثِ بعدَها فَمِنَ العربَ مَنْ يُبْقي الهمزةَ لِوَجْهَيْنِ

أحدهما أنَّه شبَّه ذلك بقائل وبائع لِمجاوَرَتِه الطّرَف

والثَّاني أنّه أبْدَل قبلَ دُخول تاء التأنيث ثُمَّ أدخلَ تاء التأنيث بعد ذلك فلم يُغيِّر ومنهم مَنْ يَجْعَلُها واواً أو ياءً عَبَاية وشَقَاوَة لأنَّها ليست الآن طَرَفاً

مسألة

الأصلُ في طاغوت طغيوت لأنّه من طغى يطغى طُغْياناً ثمّ قُدِّمت الياءُ قبل العين وقُلبت ألفاً لوجودِ شرط القلب فوزنه الآن فَلَعُوت مُحوّلٌ عن

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 429 ]

فَعَلوت مثل ملكوت وقيلَ أصلُ الألف واوٌ وهيَ لغةٌ في طغا ولذلك تقولُ في الجمع طَوَاغيت وعلى القولِ الأوّل تكون الواوُ مبدلةً من الألف لأنَّها في اللفظ تشبه ألف فاعل

وأمّا طَالوت فوزنُه إذا جُعِل عربياً فَعَلوت من طال يطول فلا قَلْبَ فيه

وأمّا جَالوت فَيَحْتَمِلُ وجهين

أحدهما أنْ يكونَ من جالَ يَجُولُ فيكونُ وزنُه فَعَلُتاً فَعَلُوتا

والثَّاني أنْ يكونَ من جَلا يَجْلُو فيكونُ مقلوباً ووزنُه فَلَعُوت مثل طاغُوت

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 430 ]

بابُ ما يُمْتَحَنُ فيه من الأبنية

اعلم أنّ التصريفيين ذَكَروا من هذا الفنِّ أمثلةً كثيرةً قَصَدوا بها إثباتَ عِلمِ التَّصريف في الأذهان بالرِّياضة والعملِ وذلك أدْعَى إلى ترسِّخ هذا العلم في القلب كما أنّ الحاسبَ لا يُحْكِمُ علمَ الحساب إلاّ عَمِل وتَدَرَّب على العمل والأصلُ في ذلك أنَّك إذا قلت ابن مِنْ كَذَا مثلَ كَذَا معناه أنْ تأخذَ الحروف الأصول من الكلمةِ المطلوب بِناؤها فتقابلَ بها الفاءَ والعينَ واللامَ ثم تُغَيّرَ الكلمةَ المذكورة بالحركةِ أو السّكون أو الزيادةِ ما تُماثِلُ به الكلمةَ المطلوبَ مماثَلَتُها وما كان فيها من زِيادةٍ تأتي به في المثالِ بعينها

فصل

ولا يُبْنى من الشّيء مِثْلُه من كلِّ وجْهٍ فلو قالَ ابنِ مِنْ غَزَا مثل ضَرَب لم يَجُزْ لأنَّ مثالَ غزا ضربَ فهو مبنيٌّ على مثاله قبل سؤاله ويجوزُ أن يُبْنى من الثلاثيّ ثلاثياً يُخالِفُه في شيءٍ ما ومِنَ الثُّلاثي رُباعياً وخُماسياً وتكرّر فيه ما تكرّر في المطلوب مثاله ولا يُبْنى من رباعيّ ولا خماسيّ أقلُّ منه لأنَّ ذلك نَقْضٌ لا بِناء وسنذكر على ذلك أمثلةً تكْشِفُ المقصودَ إنْ شاء اللّه تعالى

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 431 ]

مسألة

إذا قيلَ ابنِ من ضَرَب مثل علِم أو ظَرُف أو كلَّم قلت ضَرِب وضَرُب وضَرّب فإنْ قال ابنِ منه مثل دَحْرَج قلت ضَرْبَبَ فكررت الباءَ لأنّها لامُ الكلمة كما أنَّ دحرجَ مكرَّر اللاّم فإنْ بنيتَ منه مثل دِرْهَم قلت ضِرْبَب فجعلتَ حركاتِ البناء وسَكَناته مثل حَركاتِ درهم وسكناته وإنْ بنيتَ منه مثل سِبَطْر قلت ضِرَبّ ومثل زبْرِج ضِرْبِ ومثل جُخْدُب ضُرْبُب فأمّا جُخدَب بفتح الدال فعلى الخلاف يجوزُ عند الأخفش أن تقول ضُرْبَبَ ولا وجودَ لهذا المثالِ عند سيبويه وإنْ بنيتَ منه مثل سَفَرْجَل قلت ضُرْبَبَ هذا تسوقُ بقية الأمثلة

وتقول في مثال جَوْهَر وصَيْرَف وحَاتم ضَرْوَب وضَيْرَب وضَارب وهكذا في جميعِ الزِّيادات تأتي بها بعيِنها إلاّ أنْ يمنَع من ذلك مانع مثاله إذا قيل ابنِ من ضَرَبَ مثل عَنْسَل لم تَقُلْ ضَنْرَب لأنَّ النُّونَ الساكنةَ تُدغم في الرَّاءِ لقربها منها في المخرج وإذا أدْغَمتَها لم يكن فصلٌ بين ما تُزاد فيه النونُ وبين ما تكررتْ فيه العين وكذلكَ إنْ قال ابنِ من عَلِم مثل عَنْسَل لأنّك لو فعلتَ ذلك لقلت عَلّم وإنْ أظهرتَ النُّونَ خالفتَ باب الإدغام وكذلك إنْ بنيت منه مثل عمل لأنَّ النون الساكنة تدغم في الميم وهذا يتضح كل الاتضاح في باب الإدغام وسنذكره إن شاء الله تعالى وإنِّما تقع الصّناعة فيما بُنيَ من المعتلّ وما يُشْبِهه وعليه أكثرُ المسائل

مسألة

في الهمز

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 432 ]

إذا قيلَ ابنِ من قَرَأ مثل دَحْرَجَ أو جَعْفَرَ قلت قَرْأا فقلبتَ الهمزةَ الثانيةَ ألفاً لِثِقَل الجمع بين الهمزتين وكانت الألف أَوْلى لسكونِها وانفتاح ما قبلها فإن بنيت مثل درهم أبدلت الهمزة أيضاً إلاّ أنك تكسر أوله فإنْ بنيت منه مثل زِبْرِج قلبتَ الثانيةَ ياءٌ لانكسار ما قبلها فتصيرُ في الإعرابِ مثل قاضٍ

وإنْ بنيتَ مثلَ بُرْثُن فقلبتَ الثانيةَ ياءٌ وكسرت الهمزة الأولى لِتَصيرَ إلى مثل أدْلٍ ولو قيلَ تُبْدَلُ الثانيةُ واواً ثمّ تغيّرُ تَغْييرَ أدْلٍ لكانَ وجهاً من أجلِ الضمّة الأولى فإنْ بنيتَ منه مثلَ جِرْدَحْل صارَ معكَ ثلاثُ هَمْزات الأولى مفتوحةٌ والثانيةُ ساكنةٌ والثالثةُ طرفٌ فَتُدْغَمُ الساكِنةُ في التي بعدَها ثم تغّيرُ ذلكَ لاجتماع الهمزات بأنْ تقلِبَ الهمزةَ السَّاكنةَ ياءٌ لتحجُزَ بين الهمزتين وتكسرَ الأولى تبعاً للياءِ ولا تغيّر الأولى ولا الثانية لأنّك أيُّهما غيَّرتَ بقيت همزتان لا فاصلَ بينهما

وإنْ بنيتَ مثلَ سَفَرْجَل قلت قَرَأْيَأ فأبدلتَ الوسطى المفتوحة ياءً وبقيت قبلَها همزةٌ ساكنةً ولم يغيّر غيرُها لِما تقدَّم فإنْ بنيتَ منه مثل جَحْمَرِش قلت قَرْأَإء فأبدلتَ الثَّانيةَ ياءً ثم قلبتَها ألفاً لتحرّكها وانفتاحِ ما قبلَها فإنْ بنيتَ منه مثلَ جَحَنْفَل قلت قَرَأْيَأ فقلبتَ الثانيةَ ياءً ثم ألِفاً لِمَا تقدَّمَ

مسألة

إذا بِنيتَ من قالَ وباعَ مثل كَتِف قلت قَالَ وبَاعَ فقلبتَهما ألفاً لتحركهما وانفتاحِ ما قبلَهما وإنْ جعلْتَهما على قولِ مَنْ سكّن التّاءَ من كَتْف قلبتَهما أيضاً لأنَّ التَّغييرَ عارضٌ

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 433 ]

وإنْ بنيتَ منهما مثلَ جَعْفَر قلتَ قَوْلَل وبَيْعَع فلم تغيّر

وإنْ بنيتَ من غَزا ورَمَى مثلَ كتِف قلتَ غَزٍ ورَمٍ فقلبتَ الواوَ ياءً لانكسارِ ما قبلَهما فصارَ مثل شَجٍ وعمٍ

وإن بنيتَ منهما مثلَ دِرْهَم قلت غِزْوَا ورِمْيَا فقلبتَ الثانية ألفاً لتحركها وانفتاحِ ما قبلَها ولم تغيّر الأولى لسكونِ ما قبلهما ومثلُه إنْ بنيت منهما مثلَ جَعْفَر

فإنْ بنيتَ منهما مثلَ سَفَرْجَل قلبتَ الأخيرةَ ألفاً لتحرّكها وانفتاحِ ما قبلها ولم تغيّر الأولى ولا الثَّانية للتحصُّنِ بالإدغام فتقول غزوّا فإنْ بنيتَ مثل جَحْمَرِش ففيه وجهان

أحدهما : غَزْوَو فقلبتَ الثالثة ياءً لكونِها طَرَفاً بعد كسرةٍ

والثاني غَزْوَاوٌ فتقلبُ الوُسْطى ألفاً لتحركها وانفتاحِ ما قبلَها ولم تغيّر الأولى لسكونِ ما قبلَها وما بعدَها وإلاّ تجمعُ بينَ إعلالين وكلٌّ من هذه علّةٌ مُسْتَقِلّة فكيف إذا اجتمعت ولم تُغيّر الاخيرةُ لأن قبلَها ألفاً أصليةً فليست مثلَ كِسَاء ورِدَاء

مسألة

إذا بنيتَ من غَزَا وعَفَا مثل صَمَحْمَح قلت غَزَوْزَى وعَفَوْفَى فكرّرت العين واللام وقلبتَ الواوَ الأخيرةَ الفاً لتحرّكها وانفتاح ما قبلها

فإنْ بنيتَ من غزا مثل عَنْكَبُوت قلت غَزْوَوُوت على الأصل ثم تقلبُ الواوَ الوسطى المضمومةَ ياءً وتحذفُها لئلا تجتمع ثلاثُ واوات ومثلُ ذلكَ لو بنيتَ مثلَه من رميت لقلت رَمَيُوت فحذفت الياء الثانية لئلا تجتمعَ ياءان بعدهما واو وإن شئتَ حذفتَ واوَ غزْوَوُوت من غير قلبٍ وهو أوْجَهُ

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 434 ]

مسألة

فإنْ بنيتَ من أَوَى مثل عَنْكَبوت كان في الأصل أَوْيَيُوت فتكرّر الياءُ وقد اجتمعتِ الواوُ والياءُ وسبقتِ الاولى بالسّكون فتقْلبُها ياءً وتُدْغِمُها في الياء الأخرى فتصير أَيَّيُوت ثم تحذفُ الياءَ الأخيرةَ لئلا تجتمعَ ثلاثُ ياءات فبقيَ أيّوت فإنْ بنيتَ مثلَه من وأى كان الأصل وأْيَيُوت فتحذفُ الياءً الثانيةَ فيبقى وأيُوتا فإن بنيتَ مثلَه من آءة وهي شجرةٌ فالأصلُ أن تقولَ أوءؤوت بهمزتين بعدَ الواوِ الأولى فتقلِبُ الهمزةَ الآخرةَ ياءً ثمّ تحذفها فيبقَى أوْءَوْت

مسألة

فإنْ بنيتَ من حَيِيَ مثلَ عُصْفُور قلت حُيويّ على لفظ النسب والاصل حُيَّوي بثلاثِ ياءات فأدْغَمْت الأولى في الثانيةِ لسُكونها واجتمعتِ الواوُ والياءُ الأخيرةُ وشرطُ القلْبٍ فيها موجودٌ فصارَ اللفظ بها حُيّيّا بياءين مشدّدتين فقلبتَ الثانيةَ واواً فصار حُيُوِيّاً مثل أمُوِيّ فإنْ بنيتَ مثلَها من وأى فالأصلُ أنْ تقولَ وُيْؤوي فلامُ الكلمة ياءٌ فتجتمع الواو والياءُ والأولى ساكنةٌ فتصيرُ إلى الياء المشددة والياءُ الأولى خفيفةٌ مضمومة فيصير وُيْؤيٌّ فإن بنيتَ مثلَها من أوَى قلتَ أُيَّيّ ثم تصيرُ إلى لَفْظِ النسبِ فتقول أُيويٌّ

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 435 ]

باب ما يُعرف به المَقْصور من الممدود

قد ذكرنا في أوّلِ الكتاب أنَّ المقصورَ لا يكونُ إلا في المعرب فإنْ سُمِّي شيء من المبنياتِ مقصوراً أو ممدوداً فعلى التجوّز لوجود مدِّ الصوت فيه أو قصره واعلم أنّ كثيراً من الممدود والمقصور لا يُعرف إلاّ سَمَاعاً والمرجعُ في ذلك إلى كُتب اللغة وإنما يذكر في هذا الباب ما يعرف به المقصور والممدود من المقاييس والأصل في ذلك أن تُحْمَلَ الكلمة التي تشكّ في قصرها أو مدِّها على نظيرها من الصحيح فإن كان قبل الحرف الصحيح المقابل لألف الكلمة التي يشكّ فيها ألفٌ فهي ممدودة وإلا فهي مقصورة إلاّ أن يردّ السّماع بذلك وإن لم يجز أن تكون قبله ألف فهو مقصور البتة

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 436 ]

أمثلةُ ما يعرف به المقصور وهي أربعة

الأوّل المصدر وشرطه أن يكون فِعْلُه على فَعِل يفْعَل فهو أفعل أو فَعِل أو فعلان فالأوّل العشي والعمى لأنَّ فعلَهما عَشِيَ وعَمِي يعشى ويعمى فهو أعشى وأعمى

والثاني الصَّدَى والطَّوى لأنَّ فعلهما صَدِي وطَوِي يصْدَى ويَطْوى فهو صديان وطيّان

والثالث الهَوَى والرَّدَى لأنَّ فعلَهما هَوِيَ ورَدِيَ يهوى ويَرْدَى فهو هَوٍ ورَدٍ ونظيرُ ذلك كلّه من الصحيح قَرِع يَقْرَعُ قَرَعاً فهو أقرع وعطش يعْطَش عطشاً فهو عطشان ونصِب ينصَب نصباً فهو نصب

ومن شُروط المصدرِ المقصورِ أيضاً أنْ يكونَ على مَفْعَل بفتح الميم ثُلاثياً كان أو أكثر نحو المَسْرى والمَدْعى لأنَّ نظيرَهُ من الصَّحيح المضرب والمقتل ومن الزائد أعطى مُعطى واستدعى مُسْتَدْعَى ونظيره من الصحيح أخرج

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 437 ]

مُخْرَجاً واستكرمَ مُستكْرَماً ولفظُ هذا المصدر على لَفْظِ اسمِ المفعول ومن شروطه أنَّ كلَّ مصدرٍ كانَ على فِعّيْلى فهو مَقْصور نحو الخِلِّيفى والخِطِّيبى وأما أي الخلافة والخَطابة وأمَّا الخِصّيصى فمقصورة وحكى الكسائي فيها المدّ وهو بعيدٌ والله أعلم

فصل

والقسم الثاني من أقسام المقصورِ اسمُ المفعول وهو كلُّ معتلِّ اللام زائد على ثلاثة أحرف فاسم المفعول منه مقصور نحو أُعْطي فهو مُعطىً وحُلّي هو مُحلّىً وعُوفي فهو معافىً واستُدعي فهو مُستدعىً واشتُري فهو مُشترىً لأنّ نظائر هذه المصادر من الصحيح ليس قبل آخره ألف

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 438 ]

فصل

وأمّا القسمُ الثّالثُ فمما جاءَ من الجموع مقصوراً

أمّا ما كان من المفردات على فُعْلَة مثل عُرْوة أو على فِعْلَة مثل لِحْيَة وكِسْوَة فجمعُه مقصورٌ نحو عُرَىً ولِحىً وكُسَىً ومن الجموع المقصورةِ ما كانَ واحدُه على فَعِيل أو فاعل أو فَعِل أو أفْعَل ما كان آفة أو علّة نحو جريح وجرحى ومريض ومرضى وأسير وأسرى وهالِك وهَلْكى ومائق ومَوْقَى وزَمِنٌ وزَمْنى ووجِع ووَجْعَى وأحمق وحَمْقى وأنْوَك ونَوْكَى نعوذ بالله منها

فصل

وأمّا القسم الرابع فمما جاء من نحو القَهْقَرى والْجَمزي والبَشَكى والْخَوْزَلى وهذا أكثر ما يكون فيما كانت حروفُه الصحيحةُ كلّها متحركةً لأنّه جاءَ في المصادرِ على نحو مجيء النَّزَوَان والغَلَيان

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 439 ]

فصل

وأمّا الممدودُ المعروفُ من جِهَةِ القياس

اعلم أنَّ الممدودَ كلُّ اسمٍ آخرُه همزةٌ قَبْلَها ألفٌ وهذه الهمزةُ على أربعةِ أوْجه

أحدها أنْ تكونَ أصلاً نحو قُرّاء ووُضّاء لأنّه من قَرَأ ووَضُؤ

والثّاني أن تكونَ مُبْدَلةً من أصل نحو كساء ورداء لأنّه من الكِسوة والرَّدية

والثّالثُ أنْ تكونَ بَدَلاً من مُلْحَق نحو حِرْباء وعِلْباء هو ملحق بِسِرْداح وسِرْبال

والرّابع أنْ تكونَ للتأنيثِ نحو حمراء وصحراء

والممدود من هذا الباب على أربعة أقسام

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 440 ]

أحدها في المصادرِ وهو كلُّ مصدرٍ ماضيه أربعةُ أحرفٍ على أفعل معتلّ اللام فهو ممدودٌ نحو أعطى إعطاءً وأغنى إغناءً لأنَّ نظيره من الصحيح أحسن إحساناً وأكرم إكراماً فقبْل آخرِه ألفٌ زائدةٌ

ومن المصادر الممدودةِ ما كان فِعْلُه على أكثرَ من أربعةِ أحرفٍ وفي أوّله همزةُ وصْلٍ ومن معتلِّ اللاّم نحو اعتلَى اعْتِلاءً وارعوى ارْعِواءً وانْشَوى اللحمُ انشواءً واستدعَى استدعاءً واحْرَنْبى الديكُ احرنباءً واقلولي اقْلِيلاءٌ وكذلك الباقي لأنَّ نظيرَها من الصحيح قبل آخره ألفٌ نحو الانطلاق والاحمرار وما أشبهها

ومن المصادر الممدودة ما كانَ فِعْلُه المعتلُّ اللام على فاعل نحو رامى رِماءً وَوالى وِلاءً لأنّ نظيرَهما من الصحيح قاتَلِ قِتالاً ومِنَ المصادرِ الممدودةِ ما كانَ صَوْتاً معتلاً على فُعال نحو الدُّعاء والثُّغاء والعُواء لأنَّ نظيرَها من الصحيحِ الصُّراخ والنُّباح وعلى فِعال النِّداء والنِّزَاء فأمَّا البُكَاءُ فهو صوتٌ وقد جاءَ فيه المدُّ والقَصْرُ

ومِنَ المصادرِ الممدودةِ ما كانَ على تَفْعَال نحو التَّقضاء والتَّشْراء لأنّه نظيرُ التكرار والتِّسْيار

فصل

والقسمُ الثاني من الممدود ما يستدلُّ عليه بالجمع

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 441 ]

كلّ جمع على أفعلة من المعتلّ اللام فواحده ممدود نحو هواء وأهوية وخِبَاء وأخْبِيَة لأنّ نظيرَهما من الصحيح قبل آخره ألف نحو حمار وأحْمِرَة وقَذال وأقْذِلة فأما أندية في جمع ندىً فالوجه فيه أنه جمع ندىً على نداء مثل جَبَل وجبال ثم جُمع الجمع على أفْعِلة

ومن الجموعِ الممدودةِ ما كانَ على فِعال وأفْعَال نحو ظَبْي وظِبَاء واسمٍ وأسماء وحيٍّ وأحْياء لأنّ نظيرَها من الصحيح أجْمَال وأكْبَاد وأحْمَال

ومن الجموعِ الممدودةِ كلُّ ما كانَ واحدُه على فَعِيل مضاعفاً أو معتلاً فجمعه على أفْعِلاء وهمزتُه للتأنيثِ نحو شَديد وأشدّاء وغنيّ وأغنياء وصفيّ واصْفياء ونبيّ وأنبياء

ومن الجموعِ الممدودةِ ما كانَ على فُعَلاء نحو عُلَماء وظُرَفاء فهذا مختصّ بما كان واحدُه مذكراً نحو فعيل غير مضاعف ولا معتلّ نحو عليم وظريف وقد جاء منه في المؤنث حرفان قالوا امرأة سفيهة وسُفهاء وفقيرة وفُقراء فأمّا خليفة فقد يجمع على خُلفاء وهو للمذكر وفيه وجهان

أحدهما أنّه لما اختصّ بالمذكَّر كان بمنزلة ما لا تاء فيه

والثّاني أنّه يجمع على خليف ثم يقال خُلفاء فعلى هذا هو من الباب وأمّا خَلائف فجمع خليفة أيضاً وهو القياس نحو كريمة وكرائم

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 442 ]

فصل

والقسمُ الثّالثُ من الصّفات كلّ مؤنث مذكّره أفعل لا تلزمه الألفُ واللامُ ولا تدخل عليها تاء التأنيث ولا هو بمعنى أفعل من كذا فهو ممدود نحو أحمر وحمراء وأصفر وصفراء

فصل

والقسمُ الرّابعُ من الأسماء الخارجة عمّا ذكرنا نحو صحراء وخُنفساء وما أشبه ذلك كلّها ممدودة

وأمّا ما يدرك بالسّماع فما عدا ما ذكرنا والله أعلم

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 443 ]

باب الهمز

اعلم أنَّ الهمزةَ نبرةٌ تخرجُ من أقصى الحلقِ يشبه صوتُها التهوّعَ ومن هنا شَقَّ النطقُ بها والنطقُ بحروف الحلْقِ أخفّ من النُّطْقِ بها واشقُّ من النطق بحروف الفم والشفتين ولهذا السبب جوّزت العربُ في الهمزة ضُروباً من التخفيفِ وهو التخفيفُ القياسيّ والإبدالُ على غير قياس والحذفُ واعلم أنَّ الهمزةَ حرفٌ صحيحٌ يَثْبُتُ في الجزم نحو لم يخطئ ولم يقرأ

فصل

ولا تخلو الهمزةُ من أن تكونَ مفردةً أو تلقاها همزةٌ أخرى فإن كانت مفردةً أولاً جازَ تخفيفُها وقد أُبدلت في مواضع ذكرناها في باب الإبدال فأمّا جعلُها وهي أوّل بينَ بينَ فلا يجوز لأن ذلك تقريبٌ لها من الألف والألف لا يُبْتَدأ بها

فصل

فإنْ وقعتْ حَشْواً ساكنةً جازَ تخفيفُها على الأصلِ وتخفيفُها بأن تُبْدَل حرفاً مجانساً لحركة ما قبلها فتبدل بعد الفتحة ألفاً نحو راسٍ وباس وبعد الكسرة ياءٌ نحو الذِّيب والبير وبعد الضمّة واواً نحو بُوس ومُوس

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 444 ]

فصل

في الهمزة المتحركة وهو على ضربين

أحدهما أن يسكّن ما قبلَها

والثَّاني أنْ يتحركَ

والأول على ضربين

أحدهما أن يكونَ الساكنُ قبلَها حرفَ مدٍّ وما جرى مجراه

والثَّاني غير حرف مدّ

فحرف المدّ الواوُ الزائدة المضموم ما قبلها والياء الزائدةُ المكسورُ ما قبلها والهمزة بعدهما يجوزُ تخفيفها وتخفيفهما وبأنْ تبدلَ واواً بعد الواوِ لأنها تجانس ما قبلها وما قبل قبلها وهو الضمّة نحو مقروءةٍ وقُروء وتقولُ فيهما مقروّة وقروٍّ وإن وقعتِ بعد الياء قلبْتَها ياءٌ للعلّة المتقدِّمة تقول في نحو خطيئة خطيّة وفي النسيء نسيّ وما جرى مَجرى حرفِ المدِّ ياء التصغير لأنّها زائدةٌ لا تتحرك وهي نظيرُ ألف التكسير تقول في تصغير أفْؤس جمع فاس أُفَيِّسْ

فصل

فإنْ وقعتِ الهمزةُ المتحرّكةُ بعد الألف جازَ تخفيفُهاوتخفيفها هو أن تجعل بين

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 445 ]

بين ومعنى ذلك أنَّها تُليّن فَتُجْعَل بين الهمزةِ والحرف الذي منه حركتُها فتُجعلُ المكسورةُ بين الياء والهمزة والمفتوحةُ بين الألف والهمزةِ والمضمومةِ بين الواوِ والهمزة وهي في كلِّ ذلك متحرِّكة تؤذنِ بالمتحرك ومثالُ أن تقولَ في مسائل مسايل وفي هَبَاءة هَبَايَة وفي جزاؤه جزاوه وقال سيبويه لا تجعل الهمزةَ بينَ بينَ إلا في موضع يقعُ موقِعَها الساكن لئلا يُفضى إلى الجمع بين الساكنين والألفُ يصحّ أن يقع الساكن بعدها نحو شابّة ودابّة

فصل

فإنْ كان قبلَ الهمزةِ المتحركةِ حرفٌ ساكن ليسَ من حروف المدّ فتخفيفها أن تُنقلَ حركتُها إلى الساكن ويُحذف كقولك في المتصل مَرَة في مرأة وسل في اسأل وفي المنفصل كم بِلُك ومن مّك ومنَ بُوك فتحذف الهمزة في هذا كلّه وتحرّك الساكن بحركتها وكذلك تفعلُ في لامِ المعرفة نحو النُّثى والحَمر والايْمان ومن العربِ مَنْ إذا حذفَ الهمزةَ وحرِّك لامَ المعرفة حذفَ همزةَ الوصلِ قبلها لاستغنائه عنها بحركتها فيقول لَحْمَرٌ ولنثى ولْيمان يجعل العارضَ كاللازم لأنَّه منقول عن لازم وتقول في قوله تعالى ( يُخرِجُ الخَبَ في السَّماواتِ ) يخرج الخَبَ

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 446 ]

فتحذف الهمزة ومن العرب مَنْ قالَ في تخفيف امْرَأة وكمأة مراة وكماة مثل قَنَاة والوجه فيه أنّه خفَّف الهمزةَ بِنَقْلِ حركتها إلى ما قبلها فصار ما قبلها مفتوحاً وبعده همزةً ساكنة فقلبها ألفاً كما يفعل في راس وهو قليل في اللغة

فصل

ومما خفَّفوه بالحذف والإلقاء مضارع رأى فقالوا يرى والأصل يرأى ففعلوا به ما ذكرنا فعلى هذا تقول في الأمر رَ يا زيدٌ فلا تُدخلُ همزةٌ الوصْل لتحرّك الأوّل وفي المؤنَّث ريْ وفي التثنية رَيَا وفي الجمع رَوْا

فصل

فإنْ كانَ قبلَ الهمزةِ المتحركة حرفٌ متحركٌ فتخفيفُها يختلفُ بحسبِ اختلاف حركَتِها وحركة ما قبلها فإنْ كانت مفتوحةً قبلها فتحةٌ فتخفيفها أنْ تُجْعَل بينَ بينَ كقولك في سألَ سالَ وإن كانَ قبلَ المفتوحة ضمةً أو كسرةً لم تُجْعَل بينَ بينَ لأنَّ جَعْلَها كذلك مُقَرِّبٍ لها من الألف والألفُ لا تقعُ بعد ضمّةٍ ولا كسرةٍ ولكنْ تُبْدِلها واواً بعد الضمّ وياءً بعد الكسرة كقولك في تَؤدَة تُوَدَة وفي مئر مِير

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 447 ]

فصل

فإن انضمَّتْ وقبلَها ضمّةً أو فتحةً جُعلت بين الهمزةِ والواو نحو قام غلامُ أختك ورأيت غلامَ أختك وإن كان قبل المضمومة كسرةٌ جُعلت بين الياء والهمزة كقولك من عندِ أختك ومنه يستهزئون ويسهزيون وإن وقعت مكسورة بعد ضمّة نحو سُيل ومن عند إبلك جعلت بين بين أيضاً وهذا مذهب الخليل وسيبويه وقال الأخفش لا يجوزُ تخفيفُها في الموضعين لأنَّ وقوعَ الواو الساكنة بعد كسرةٍ والياء الساكنة بعد ضمّةٍ متعذِّر فهو كتخفيفِ المفتوحةِ بعد الضمّةِ والكسرةِ وذلك مُحال وَوقوعُ الواوِ بعد الكسرة والياء بعد الضمّة مُمكِنٌ ولكنّه شاقّ والحاصِلُ أنَّ الهمزةَ المتحركةَ المتحركُ ما قبلَها إمّا أنْ تتَّفقَ حركتاهما فيقعَ منهما ثلاثة أضرب ضمتان وفتحتان وكَسْرتان وإمّا أنْ يختلفا فيقعَ منهما سِتّةُ أضْرب ضمّة بعد فتحة وكسرة وكسرة بعد فَتْحة وفَتْحة بعد ضمّة وكسرة وكسرة بعد ضَمة وفتحة والمختَلفُ فيها ضمّةً بعد كَسْرة وكسرةٌ بعد ضمّة فالأخفش يُبْدِلُ الهمزةَ فيهما ياءً بعد الكسرة واواً بعد الضمّة

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 448 ]

فصل

في اجتماع الهمزتين في كلمةٍ واحدة

قد ذكرنا في باب البَدَل أنّ الهمزتين إذا اجتمعتا وسُكّنت الثانيةُ أُبدلت من جِنْس ما قبلها فتُبدل بعد الفتحة ألفاً نحو آدم وآمن وبعد الكسرة ياءً نحو إيمان وإيلاف وإيذَن لي وإيتني وبعد الضمّة واواً نحو اوتمن اومرني

فأمّا الهمزةُ في جَائي فاعِل من جاءَ فهما هَمْزَتان الأولى مبدلةٌ من عين الكلمةِ وهي ياءٌ في الأصْلِ هُمزت لمّا وقعتْ في فاعِل والثانيةُ لامُها أُبْدِلت ياءً للكسرة قبلَها فصار من المنقوص ولو بَنَيْتَ من جاء مثل جَعْفَر قلت جَيْأَاْ فأبدلت الثانية ألفاً وقد ذكر

فصل

فإن التقتْ الهمزتانِ من كلمتين مُنْفَصِلتين فهما تجيئانِ مُتَّفقتين أو مختلفتين فالمتفقتان ثلاثٌ مَضْمومتان كقوله تعالى ( أولياءُ أُولئك ) فبعضُ العربِ

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 449 ]

وهو قليلٌ ومنهم مَنْ يحذفُ الأولى ويُحقِّقُ الثانية ومنهم مَنْ يعْكِسُ ذلك ومنهم مَنْ يحقِّقُ الأولى ويجعل الثانيةَ واواً والمفتوحتان كقوله تعالى ( جاءَ أشراطُها ) وفيه المذاهب المذكورةُ إلا أنّ مَنْ خفّفَ الثانية وحقّق الأولى جعل الثانيةَالفاً والمكسورتان كقوله تعالى ( هَؤلاءِ إنْ كنتم صادقين ) وفيه المذاهبُ المذكورة إلاّ أنّ الثَّانيةَ تصيرُ ياءً من أجلِ الكسرةِ قبلَها ومنهم مَنْ يجعلُها ياءً ساكنةً وأمّا المختلفتان فعلى ستة أضرب

1 - مضمومة بعد مفتوحةٍ كقوله ( جاءَ أُمّةً رسُولها ) فمنهم مَنْ يحقّقُ الأولى ويجعل الثانيةَ واواً لانضمامها ومنهم من يجعل الأولى بينَ بينَ والثانيةَ واواً ومنهم مَنْ يحقِّقُهما

2 - وبعد مكسورة كقولك من خباءٍ أُختك

3 - ومفتوحة بعد مضمومة كقوله تعالى ( السفهاءُ ألا ) ففيهما التحقيقُ وقلبُ الثانية واواً

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 450 ]

4 - ومفتوحة بعد مكسورة كقوله ( النساء أوْ أكْنَنْتُمْ ) ففيهما التحقيق وقلب الثانية ياء

5 - ومكسورة بعد مضمومة كقوله ( يشاءُ إلى ) فيهما التحقيق وجعل الثانية واواً

6 - ومكسورة بعد مفتوحة كقوله ( شهداء إذ ) ففيهما التحقيقُ وتجعل الثانية ياءً . والله أعلم

مسألة

في قوله تعالى ( قالوا لان ) ففيها أربعة أوجه

أحدها حذفُ الواوِ والوقفُ على اللاّم وقفةً يسيرة

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 451 ]

والثّاني : كذلك إلاّ أنّه من غَيْر وقْف

والثّال كذلك إلاّ أنّه من غير هَمْزٍ مع فتحِ لام المعرفة

والرابع كذلك إلاّ أنّه بإثباتِ الواو في اللفظ

مسألة

قوله تعالى ( عاداً الأولى ) فيها أوجه

أحدها إثباتُ التنوين وكسرها

وسكون لام المعرفة وهمز ما بعدها من غير وقف

وبِوَقْف بإلقاء حركة الهمزة على اللام وضمّ اللام

وبإدغام التنوين مع ضمِّ اللام

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 452 ]

باب الإمالة

الإمالة إلى الشيء التقريبُ منه وهي في هذا الباب تقريب الألف من الياء والفتحة قبلها من الكسرة والغرض من ذلك تجانس الصوتين لسبب وللإمالة أسباب وموانع فأسبابها ستةً

الياء والكسرة والانقلاب وما في حكمه وكون الحرف ينكسر في حال والإمالة للإمالة

السَّبب الأول الياء الكائنة قبل الألف بحرفٍ أو حرفين نحو شيبان وغيلان وشيال فأهل الحجاز لا يميلون وتميم تُميل الألف في هذا كلّه ليقرب من صوت الياء

السَّبب الثاني الكسرةُ وقد تكون بعد الألف نحو عائد وقد تكون قبلها

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 453 ]

وبينهما حاجز نحو جبال وحبال وقد يكون بينهما حرفان ومن شرطه أن يكون ما بعد الكسرة ساكناً نحو سِرْبال وجِلْباب فإن كان ذلك مفتوحاً أو مضموماً فلا إمالة وقد يشبّه المنفصل بالمتَّصل كقولك للرجل من مالهِ

السَّببُ الثَّالث كونُ الألفِ منقلبةٌ عن ياءٍ وذلك قولُك في رمي رَمِي وفي باع بِاع فإنْ كانت الألف رابعةً فصاعداً أُمِليت من أيّ أصلٍ كانت كقولك في مَرْمَى مَرْمِى وفي مغزى مَغْزِى وفي تُدعى وتدعى وهذا حُكْمٌ ألفِ التَّأنيث نحو حبلى وبُشْرى السَّببُ الرّابع ما شُبِّه بالمنْقَلب عن الياء وذلك نحو غزا ودَعا فإنَّه يُمالُ لأنَّ الياءَ تقع هنا كثيراً ولأنَّ هذه الألفَ تصيرُ إلى الياء إذا جاوزتْ ثلاثةَ أحرف نحو يُدْعى ومُستدعى

السَّببُ الخامسُ كَسْرُ ما قبل الألف في بعض الأحوال وذلك في الفعل خاصّةً نحو خافَ وطابَ وجاء لأنَّك تقولُ خِفْت وما أشبهها فأمَّا في الأسماء

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 454 ]

يجوزُ نحو باب ودار وقد أمال بعضهم فلانٌ مِاش في الوقفِ وهو قليل

السَّببُ السَّادس الإِمالةُ كقولك رأيتُ عماداً وكتبتُ كِتاباً فتُميلُ ألفَ التَّنوين من أجلِ الإمالة الأولى فإنْ قلتَ زيدٌ يَضْرِبها لم تُمِل الألفَ لأنَّ بينها وبين كسرة الرَّاء حاجزين قويين وهما الضمَّةُ والهاءُ فإنْ كانت الباءُ مفتوحةً نحو يريدُ أنْ يضرِبها فأكثَرُهم لا يُميلُ ومنهم مَنْ أمالَ لضعْفِ الحاجز لأنَّ الفتحةَ خفيفةٌ والياءَ خفيّة ومنهم مَنْ يقول على هذا رأيت يدِها وهو بيننا وفينا وعلينِا فيُميل من أجل الياء

فصل

في موانعِ الإمالة

وهي حروفُ الاستعلاء والرّاء فحروف الاستعلاء سبعةٌ وهي الخَاء والغَين والقَافُ والصَّاد والضَّاد والطَّاء والظَّاء وهذه إذا وقعت قبل الألف سواء أو بعدَها بحرفٍ أو أكثر منعت الإمالة والعلّةُ في ذلك أنَّ الحرفَ المستعلي يُنحَى به إلى أعْلى الفم والإمالةُ تَحْرِفُ الحرفَ إلى مَخْرَجِ الياء وهي من اسفل الفم والصّعود بعد التسفُّل شاقّ فلذلك مُنِع وهذا نحو قَاعِد وغَالِب ونحو نَافِخ ونَاشِط

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 455 ]

وهذا مذهبُ كلّ العرب إلاّ ما حُكي عن بعضهم إمالة مَنَاشيط وذلك لِبُعْد الطَّاء من الألف وكون الياء معها

فصل

فإن كان حرفُ الاستعلاء قبلَ الحرف الذي يليه الألفُ مكسوراً جازت الإمالةُ نحو خِفاف وقِباب وضِراب ونحو ذلك لأنَّ الصوتَ أخذَ في التسفُّل والتحدّرِ فاستمرَّ فس المُسْتَعْلي إلى أن بلغ الألف على التسفُّل وذلك سَهْلٌ وكذا إن كان بينهما حرفان نحو مِصْبَاح ومِقْلات ومنهم مَنْ لا يُميل هنا لأنَّ حرف الاستعلاء ساكن والكسرةُ في غيره فإنْ كانَ حرفُ الاستعلاء هنا مفتوحاً أو مضموماً لم تجِز الإمالةُ لأنَّ الصوتَ لم يكنْ متسفِّلاً حتى يجانسَ ما بعده

فصل

فإنْ كانَ حرفُ الاستعلاء مع الألف المبدَلة التي يجوزُ إمالتها مع غير المستعلي جازَت مع المُسْتعلي نحو سقَى وأعطَى ومعطَى وخاف ويشفى وما أشبه ذلك لأنَّ سبب الإمالة قويّ فغلب المستعلي

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 456 ]

فصل

وإذا كان الحرفُ بعد الألف مشدّداً لم يُمَلْ نحو مادّ وجادّ إذ لا كسرةَ تليه والحرفُ الأوَّل من المشدَّدِ سكّن فراراً من الحركة مع المثلين فأوْلَى أنْ يُهربَ من الإمالةِ معه وقد أماله قومٌ في الجرِّ وهو قليل

فصل

فأمَّا الرَّاء فتمنع الإمالةَ إذا كانت مفتوحةً أو مضمومةً وانفردت نحو هذا سِراجٌ وفِرَاشٌ ورأيت حماراً فإن كانت مكسورة جازت الإمالة وإنما منعت الراء الإمالة لأنَّها بمنزلةِ الراءينِ إذْ كان فيها تكريرٌ وإذا كُسرت قَرُبت من الياء ولذلك لم تمنع مع الحرف المستعلي نحو ضَارب وقَادِر ومنهم مَنْ يُجيز الإمالة إذا كانت الكسرةُ والرّاء قبل الألف نحو هذا فِرَاش فإنْ كان بعد الرّاءِ راءٌ مكسورة جازت الإمالة وغلبت المكسورة المفتوحة نحو ( القرار ) و ( الأبرار )

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 457 ]

وأمَّا ( الكافر ) فإمالته جائزة في الجر فأما في الرفع والنصب فأكثرهم لا يميله من أجل الرّاء وكذلك ( الكافرين ) و ( الكافرون )

فصل

والهاءُ المبدَلة من تاء التأنيث في الوقف تجوز إمالتُها لأنَّها تشبه ألفَ التأنيث في حصول التأنيث بها وخفائها وانقلابها وذلك نحو ( الحكمة ) و ( مبثوثة ) ويمنعُها ما يمنعُ الإمالةَ

فصل

وقد شذَّت أشياءُ في بابِ الإمالة ولها وُجَيْه من القِياس فمن ذلك ذا وهو

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 458 ]

اسم إشارة والجيِّد تفخيمه والأوائل يسمُّون التفخيم نَصْباً لأنَّه فتحٌ وقد أمالَه قومٌ لأنَّه يشبه الأسماءَ المعربَة في الوصف به وفي وصفه وجمعه وتصغيره ولأن ألفَه منقلبة عن ياء

ومن ذلك أنَّى ووجه إمالتها أنَّها اسمٌ تامّ وألفُها تشبه ألفَ التأنيث والنونُ فيها تشبه حروفَ العلّة

ومن ذلك أسماءُ حروف التهجّي بي تي ثي لأنَّها أسماءٌ يكثُرُ استعمالها

ومن ذلك الحجّاج والعجّاج والنَّاس والوجْهُ تفخيمُها لأنَّ الألفَ زائدةٌ أو منقلبةٌ عن واو ومَنْ أمالها حَمَلَها على تصرّف الأسماءِ وإمالَتُها في الجرِّ أقربُ لِمكان الكسرة

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 459 ]

والأسماءُ المبنيّةُ الأصلُ أنْ لا تُمال لعدمِ تصرّفها واشتقاقِها وإنَّما أُميلَ منها ما أشْبَه المتصرّف كما ذكرنا في ذا

وهكذا حُكْم الحروفِ بل أبعدُ إلاَّ أنَّهم أمالوا منها لا لأنَّها تقومُ بنفسها في الجواب وبلى كذلك وحرفُ النداء لأنَّه قامَ مقامَ الفعل وقد ذُكر في بابه ولم يُميلوا حتّى لأنَّها لا تقوم بنفسها وأمّا كذلك

فصل

قد أمال بعضُ العربِ الفتحةَ نحو الكسرةِ نحو ضرر وبقر وأقرب ذلك

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 460 ]

ما كانت فيه راء وإذا قربت هذه الفتحة من الكسرة قرّبت ما بعدها من الحروف من الكسرة أيضاً

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 461 ]

باب مخارج الحروف وعددها وصفاتها

اعلم أنَّ مخرجَ كلّ حرف ما ينقطعُ الحرف عنده من الحلق والفم والشفتين وإذا أردتَ أن تختبر ذلك فزدْ على الحرف الذي تريدُ معرفة مخرجه همزة الوصل مكسورةً ثم انطقْ به ساكناً فعندَ ذلك تجد جَرْسَ الحرفِ منقطعاً هناك فَثَمَّ مخرجه نحو اِعْ اِقْ اِصْ اِمْ ومن ههنا لم يكنِ للألف مخرج لأنَّ صوتها لا ينقطعُ عند جُزْءٍ مما ذكرنا بل هي نَفَسٌ مستطيلٌ بحيثُ يُمكِنُ مدّه من غيرِ حَصْر

فصل

والحروف الأصول تسعة وعشرون وهي الهمزة والألف والهاء والعين والحاء والغين والخاء والقاف والكاف والضاد والجيم والشين والياء والرّاء واللام والنون والصاد والسين والزاي والطاء والتاء والدال والظاء والثاء والذال والفاء والميم والباء والواو

ولهم ستةُ أحْرُفٍ فروعٌ مُسْتَحْسَنةٌ وإنما كانت فُروعاً لقربها من الأصولِ وامتزاجها بها وهي النونُ الساكنة والألفُ الممالة وهمزة بين بين وألف التفخيم والصاد المشمّة صوت الزاي والشين المشمّة صوت الجيم

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 462 ]

ولهم سبعة أحرف أُخر مستقبحة وهي

1 - الكاف التي تقرب من الجيم

2 - والجيم التي تقرب من الكاف والجيم التي تقرب من الشين

3 - والضاد الضعيفة التي تقرب من الذال

4 - والصاد التي تقرب من السين

5 - والطاء التي تقرب من التاء

6 - والظاء التي تقرب من الثاء

7 - والباء التي تقرب من الفاء

ومخرج كلّ حرفٍ منها بين مخرج أصلها الصحيح وبين الحرف الذي يقاربه ولا يقرأ بها البتةَ إلا مضطرٌ

فصل

في عددالمخارج

وهي ستةَ عشرَ ثلاثةٌ في الحلق

1 - فأقصاها وأقربُها من الصدر مَخْرَجُ الهمزة والألف والهاء

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 463 ]

2 - وأوسطُها من الحلق مخرج العين والحاء

3 - وأدناها إلى الفم مخرج الغين والخاء

والرابع أقصى اللسان وما فوقَه من الحنك مخرج القاف

والخامس دون مخرج القاف وما يليه من الحنك مخرج الكاف

والسادس من وسط اللسان بينه وبين وسط الحنك مخرجُ الجيم والشين والياء

والسابع ما بين أوّل حافّة اللسان وما يليها من الأضراس الضَّاد فإن شئت أخرجتها من الجانب الأيسر وإن شئت من الأيمن

والثامن ما بين أوّل حافّة اللسان ومن أدناها إلى منتهى طَرفَ اللسان ما بينها وبين ما يليها من الحنك الأعلى ومما فويق الضاحك والناب والرباعية والثنية مُخرج اللام

والتَّاسع النونُ وهي من طرف اللسان بينه وما بين ما فوق الثنايا مخرج

والعاشر ومن مُخرج النونِ غيرَ أنَّه أدْخل في ظَهْر اللسان قليلاً لانحرافه إلى اللامِ مخرج الراء

والحادي عشر مما بين طَرَفِ اللِّسان وأصول الثنايا مُخرج الطَّاء والدَّال والتَّاء

والثَّاني عشر مما بين طَرَفِ اللِّسان وفُويق الثَّنايا مَخْرج الزَّاي والسين والصاد

والثالثَ عَشر مما بينَ طرفِ اللِّسان وأطراف الثَّنايا مخرجُ الظَّاء والثَّاء والذَّال

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 464 ]

الرابعَ عشرَ من باطِنِ الشِّفة السُّفلى وأطراف الثنايا العليا مخرج الفاء

الخامسَ عشرَ مما بين الشفتين الباء والميم والواو

والسادسَ عشرَ من الْخَياشِيم مخرج النون الخفيفة

فصل

في صفاتِ الحروف وأجناسِها وهي أحدُ عشرَ جِنْساً وهي

المجهورة والمهموسة والشَّديدة والرَّخوة والمنحرفة والشَّديدة التي يخرج معها الصوت والمكررة والليِّنة والهاوية والمطبَقَة والمنفتحة

فالمجهورةُ تسعةَ عشرَ حرفاً الهمزةُ والألف والعين والغين والقاف والجيم والياء والضاد واللام والزاي والراء والطاء والدَّال والنون والظاء والذال والباء والميم والواو وسمّيت مجهورة لأنَّها أُشْبِع الاعتماد في موضعها ومُنِع النَّفَسُ أنْ يجريَ معها حتى ينقضي الاعتماد عليه ويجريَ الصوتُ إلاَّ أنَّ النونَ والميم قد يعترض لهما في الفم والخياشيم فيصير فيهما غنّةً ودليلُ ذلك أنَّك لو أمسكت طرفَ أنفك اختلَّ صوتهما حين سددت الخيشوم

الثَّاني المهموسة وهي بقيةُ الحروفِ التسعة والعشرين وسُمِّيت بذلك لأنَّ الهمسَ صوتٌ خفيّ وهذه كذلك لأنَّ اعتمادها ضعف حتّى جرى معه النَّفَس

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 465 ]

والثالث الشديدة سُمِّيت بذلك لقوَّتها وامتناع مدِّ الصوت معها وهي ثمانية الهمزة والقاف والكاف والجيم والطّاء والتّاء والباء والدّال ويجمعها أجدت طَبَقَك الرابعُ الرَّخْوَة وهي تسعةٌ الهاء والحاء والغين والخاء والشِّين والظَّاء والثَّاء والذَّال والفاء وسُمِّيت بذلك لأنَّها خلافُ الشديدة فأمَّا العينُ فبين الرَّخوة والشديدة تصل إلى الترديد فيها لشبهها بالحاء

والخامسُ المنحرفةُ وهي اللاّم وحدها سمي بذلك لانحرافِ اللسان مع صوته من ناحيتي مُستَدَقِّ اللسان فُوَيْق ذلك وبهذا خالَف الشديدة والرخوة

والسادس الشديدةُ التي يخرجُ معها الصوتُ وهي النُّون والميم وسُمِّيت بذلك لغُنَّتها الخارجة من الألف

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 466 ]

والسابع المكرَّر وهو الرَّاء سُمِّيت بذلك لتكرير صوتها وانحرافها إلى مخرج اللاّم

الثَّامن اللينةُ وهي الواو والياء سُمِّيت بذلك لأنَّ مخرجهما يتَّسع لهواء الصَّوت أشدَّ من اتِّساع غيرهما

التَّاسع الهاوِي وهو الألف سُمِّيت بذلك لزيادة اتِّساع هواء صوته على الواو والياء

العاشر المطْبَقة وهي أربعةٌ الصَّاد والضَّاد والطَّاء والظَّاء سُمِّيت بذلك لشدَّةِ التصاق ظَهْرِ اللِّسان بما يُلاقيه من أعلى الحَنَك

الحادي عشر المنفتحة وهي ما عدا المطبقة سُمِّيت بذلك لأنَّ موضعها لا ينطبق مع غيره ولا ينحصر الصوت معها كانحصاره مع المطبقة

فصل

فيما يجتمع لكل حرفٍ من الصِّفات

الهمزةُ حرفٌ مَجْهورٌ شديدٌ مُسْتَعْل منفتح

الألف حرفٌ هوائي مجهور شديد

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 467 ]

الهاء حرف مهموس رخو خفيّ ضعيف

العين حرفٌ مجهور شديد متسفل رخو منفتح

الحاء حرف مهموس مستفل رخو منفتح

الغين حرف مجهور مستعل رخو منفتح

الخاء حرف مستعلٍ شديد منفتح

القاف حرف مستعل شديد منفتح

الكاف حرفٌ مهموس شديد متسفِّل منفتح الجيم حرف مجهور شديد متسفِّل منفتح

الشِّين حرف مهموس رخو متسفِّل متفشٍّ

الياء حرف مجهور شديد متسفّل منفتح ثقيل خفيّ

الضاد حرف مستطيل مجهور مستعلٍ منطبق رخو

الصاد حرف مهموس رخو مستعلٍ مطبق

السين حرف مهموس متسفّل رخوٌ منفتح

الزاي حرف مجهور متسفّل رخو منفتح وهذه الثلاثة الأخيرة فيها صفير

الظاء حرفٌ رِخوٌ مجهور مستعل مطبق

الذال حرف مجهور مستفل رخو منفتح

الطّاء حرف مهموس متسفّل رخو منفتح

الثاء : حرف مهموس متستفّل رخو مطبق

الدّال حرف مجهور شديد متسفّل منفتح

التّاء حرفٌ مهموس شديدٌ متسفّل منفتح

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 468 ]

الرّاء حرف مكرر مجهور شديد متسفّل منفتح

اللام حرف مجهور منحرفٌ شديد متسفّل منفتحٌ مرقق

النون حرف مجهور شديد متسفِّل منفتح ذو غُنّة

الفاء حرف مهموس رخو متسفّل متفشٍّ

الباء حرف مجهور شديد متسفِّل

الميم حرف مجهور شديد متسفِّل منطبق

الواو حرف مجهور شديد ممتد منطبق ليّنٌ

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 469 ]

باب الإدغام

الإدغامُ وصْلُك حرفاً ساكناً بحرفٍ مثله من موضعه من غير فاصلٍ بينهما بحركةٍ ولا وَقْفٍ فتصيِّرهما بالتداخل كحرفٍ واحدٍ تَرفعُ لسانَك بهما رفعةً واحدةً وتشددِّه وهو مقدَّرٌ بحرفين الأوَّل منهما ساكن

وأصلُ الإدغام في اللغة الإخْفاءُ والإحكَام

والعلّةُ في الإِدغام أنَّ الحرفين إذا كانا مثلين كان مخرجُهما واحداً فيثقل على اللسان أن يرفَعه ثم يعيدَه في الحال إلى موضعه وهذا شبّه بمشْي المقيَّد لأنَّه كانَ لا يُزايِل موضِعَه ويقع في الكلام على ضربين

أحدهما إدغام حرفٍ في مثله قبل الإدغام

والثَّاني أنْ يكونَ الأوَّلُ مقارباً للثاني فَيُبْدلَ حرفاً مثله ليمكن إدغامه

فالضَّرب الأوَّل على ضربين

أحدهما أن يكون في كلمة واحدة فإن كانت فعلاً ثلاثياً لزم الإدغام نحو شدَّ ومدَّ وفرَّ وقصَّ وعضَّ وقد سبق ذكره وإن كانت اسماً على وزن الفعل فكذلك نحو رجل ضفّ الحال أي ضفِف بكسر الفاء الأولى ولا يُسْتَثْنى من ذلك إلاَّ الاسمُ المفتوحُ العين نحو طَلَل وشَرَر

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 470 ]

فأمَّا المضمومُ نحو سُرُر جمع سَرير وسُرَر جمع سُرّة فلا يدغم إذ ليسَ في الأفعال له نظير وقد يجيء في الشذوذ فكُّ الإدغام بالقياس نحو لَحِحَتْ عينُه وقوم ضَفِفُوا الحال والقياس إدغامه

فأمَّا قصُّ الشاة وقَصَصُها فليس من فكِّ الإدغام بل هما لغتان سكونُ العين وفتحها وقد يفكُّ الشاعر الإدغام للضرورة وقد ذُكر في موضعه

مسألة

فإن بنيتَ من المضاعَف بناءً في آخره ألفٌ ونون فقال الخليل وسيبويه إنْ كان مصدراً فككتَ الإدغام نحو الردَدَان وإن كانَ مكسورَ العين أو مضمومَها لم يفكّ يُحْمَل كل واحدٍ منهما على بابه فالمصدرُ هنا مثل الغَلَيان والنَّزَوَان وقال الأخفش يفكّ الإدْغام في الجميعِ فأمَّا الملْحَقُ فلا يُدْغم لأنَّ ذلك يُبْطِل معنى الإلحاق وقد سبق ذكرُه فأمَّا اقتتلوا فالأكثرون لا يُدغمون لأن التاء زيدت لمعنى فلا تُذْهبُ بالإدغام وليسَ هنا حرف علّة ومنهم مَنْ يدغم فيقول قِتَّلوا بكسر القاف وفتح التاء ومنهم مَنْ يكسرُ التّاء ويقول في المستقبل يُقِتِّلون وفي اسم الفاعل مُقِتّلين ومنهم مَنْ يضمّ فيقول مُرُدُّفين فيُتْبع ومنهم مَنْ يكْسرُ الميمَ إتباعاً لكسرة الراء

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 471 ]

والضرب الثّاني أن يكونا من كلمتين وهو على ضَرْبين أيضاً جائزٍ ولازم

فالجائزُ أن يكونَ الأوّلُ متحرِّكاً والإظهارُ أجْود لئلا يلزمَ الإسكان والتغيير فيما ليسَ بلازم لأنَّ الكلمتين قد تفترقان والإدغامُ جائزٌ للتخفيف وأحسنُ ذلك أنْ يتوالى فيه اربعُ متحركات فصاعداً نحو ( جعلْ لكم ) وضربْ بكر

فصل

فإنْ كانَ قبل الحرف الأوَّل ساكنٌ لم يجز الإدغامُ لئلا يُجْمَعَ بين ساكنين إلاَّ أنْ يكونَ ذلك الساكنَ حرف مدّ كقولك اسم موسى وبكر رافع هذا لا يُدغم ومثال حرف الحدّ ( الرحيم ملك ) والمال لك والغفور ربّنا ومثله في المتَّصل تمودّ الثوب

فصل

فإن كان قبل الياء والواو فتحة نحو جيب بكر والقول لك جاز الإدغام أيضاً لأنَّ المدَّ الجاري مجرى الحركة موجود فأمّا مثل ( آمنوا وهاجروا ) فلا يُدغم لأنَّ الواو الأولى تامّةُ المدِّ فهو فيها كالفاصل بالحركة ولا يصح زوال مدّها كما لا يصحّ تسكين المتحرك فأمّا مثل قوله تعالى ( ولا تَيَمَّمُوا الخَبِيثَ )

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 472 ]

فأصله تتيمموا فيجوز إدغام التاء في التاء لأنَّ قبلها ألف لا ومنهم من يحذف التاء فأمّا قوله تعالى ( فلا تَنَاجوا ) فيجوز الإدغام وترك الإدغام

فصل

وأمّا الإدغام اللازم فأن يكون الأوّل ساكناً والثاني مماثلٌ له كقولك ( وقد دخلوا ) و ( هل لكم )

فصل

فإنْ أُدغم في حرف المدّ لم يجز إدغامه في مثله نحو وليّ يزيد وعدوّ وليد لأنَّ المدَّ قد بطل بالإدغام فيه وصار كالحروف الصحيحة التي قبلها ساكنٌ نحو خَبرْ رجل ولكنْ إنْ شِئْتَ أخفيت وهو في حكم المظهر

فصل

في إدغام الحروفِ المتقاربة

ونحن نذكرها حرفاً فحرفاً

أوّلها الهمزةُ وليسَ يدغم فيها شيءٌ ولا تُدغم في شيءٍ إلاّ أن تكون همزة مثلَها

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 473 ]

نحو اقرأإنا أنزلنا وقد قيل ليسَ هذا إدغاماً بل هو حذفٌ وإنَّما تدغم حقيقةً في كلمة واحدة وهو فعّال نحو رأاس وسأال ولأّال

وأمَّا الألفُ فلا يُدْغَم فيها

وأمَّا الهاءُ فتدغم في مثلها نحو وجّهْ هِبةً وتدغم في الحاء نحو اجْبَهْ حَمَلاً والإظهارُ أحسن ولا تدغم الحاءُ في الهاء لأن الحاءَ أقوى وأظهرُ من الهاء فلا تحوّل إليها

العينُ تُدْغَم في مثلها نحو اسمعْ عمراً وتدغَم في الحاء نحو اقطع حبلاً والإظهارُ أحسن وتدغَمُ في الخاء بأن تجعلا حاءين نحو اقطع خلالاً لأن الخاء أقرب إلى العين في مخرجها وصفتها فتحوّلان جميعاً إليها وقد قال بنو تميم كنت محم يريدون معهم وكلَّ ما قرب من حروف الحلق إلى الفم لا يدغم فيما قبله فإن أردت إدغام الحاء في العين جاز بأن تجعل الحاء عيناً نحو امدعّ رفة تريد عرفة

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 474 ]

الغين تدغم في الخاء والخاء فيها نحو ادمغ خلفا واسلخ غنمك تحوّل الأول إلى مثل الثاني

القاف تدغم في الكاف والكاف فيها نحو الْحَقْ كَلَدة وانْهَكْ قَطَناً

الجيم تدغم في الشين والشين فيها نحو اخرجْ شطرك واعطش جحدراً

النون تدغم في مثلها وفي الرّاء نحو مَنْ راشدٌ بغنّة ولا غنة

فأمّا إدغام الراء فنذكره فيما بعد

وتدغم النون في اللاّم نحو مَنْ لك بغنّةٍ ولا غنّة ولا تدغم اللام فيها نحو هل نحن

وتدغم النون في الميم بغنّة نحو من مّعك ولا تدغم الميم فيها نحو اسلم نافعاً فإن وقعت الباء بعدها أُبدلت ميماً نحو عنبر و ( فُسوقٌ بكُم ) وقد ذكر في البدل فإن وقعت الفاء بعدها كانت غنة لا مظهرة ولا مدغمة نحو من فيها وإن وقعتِ الواوُ بعدها أُدغمت فيها بغنّة وبغيرها نحو من وعدك وتدغم في الياء بغنّة وغير غنّةٍ نحو مَنْ يقول ولا تدغم الياء فيها نحو في نفسي

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 475 ]

ولا تدغمُ في حروف الحلْق لبُعدِ مَخْرجِها منها وتبيّن بياناً تاماً وبعض العرب يُخْفيها عند الخاء والغين كما يفعل ذلك عند القاف والكاف نحو ( من خلق ) ومَنْ غيرك ولا تدغم فيهما بحال

مسألة

إذا كانت النونُ ساكنةً قبل الميم والياء والواو في كلمة واحدة لَزِم تبيينها كقولك شاة زَنْماء وشِياه زُنم وكذلك قُنية وقَنواء وكُنية ومُنية لا تدْغِم شيئاً من ذلك ولا تُخفيه لئلا يلتبس بمضاعف الميم والياء والواو لأن في الكلام مثلَه ألا ترى أنَّك لو قلت زَنْماء فأدغمت لجازَ أن تكون من الزمّ ولو قلت قِيّة وقوّة لجاز أن يكون من الأرض القيّ فأمّا قولهم امْحى الشيء فجاز إدغامه لأنّ اللبس مأمون إذا كانت الميم هنا فاء الكلمة والفاء لا تكون مضاعفة ولذلك لو بنيت من وجل ورأى انفعل جاز الإدغام اوَّجل وارَّأى

مسألة

لا تُعْرَفُ في اللغة كلمةٌ فيها نونٌ ساكنةٌ بعدها راءٌ ولا لامٌ فلم يقولوا مثلَ قِنْر

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 476 ]

ولا عِنْل وسببُ ذلك أنَّ النونَ الساكنة فيها غُنّة وهي تقاربُ الحرفين جداً فلَمّا تقاربت في المخرج واختلفت في الصفة ثقل الجمع بينهما

مسألة

يجوزُ إدغامُ اللاّم في النون نحو هل نرى لتقاربهما وأنَّ النون أبينُ من اللاّم ويُقوَي ذلك إدغامُ النون فيها إلاَّ أنَّ إظهارَ اللاَّمِ عند النونِ أحسنُ وإدغام النون في اللام أحسن والفرق بينهما أنّك إذا أدغمت اللاّم في النون أبطلت قّوة اللاّم وإذا أدغمت النّون في اللاّم راعيت قوّة اللاّم

مسألة

لا تُدغم الميم في النون نحو لم نكن لأنَّها لمَّا لم تُدغم في الباء وهي من مخرجها فإدغامها في النون مع بعدها منها أبعد

مسألة

وتدغم لام المعرفة في حروف الفم وهي ثلاثة عشر حرفاً وهي التّاء والثّاء والدّال والذّال والرّاء والزّاي والسّين والشّين والصّاد والضّاد والطّاء والظّاء والنّون وعلّة ذلك كونها مقاربة لهذه الحروف فإنَّ جميعها من حروف طرف اللسان إلا الضّاد والشّين فإنَّهما يبعدان عن طرفه إلاّ أنّ الشين فيها تفشٍّ وانتشارٌ يقربّها من اللاّم والصّاد من حافة اللسان فيها انبساط يكاد يقرب من اللاّم واختصّ ذلك بلام المعرفة لكثرة الاستعمال

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 477 ]

فأمّا لام هل وبل فيجوز إظهارها وهو الأقوى وقد أدغموها في التّاء والثّاء والرّاء والزّاي والشّين والصّاد والضّاد والطّاء والظّاء والنّون إلاّ أنّ إدغامها في الرّاء حسنٌ وفيما عداها ضعيف وذلك نحو ( هل ترى ) ( هل ثوِّب ) وهل رأيت وكذلك الباقي

مسألة

تدغم الطّاء في الدّال ويَبْقى إطباقُ الطّاء نحو اضبط دُلامة وبعض العرب يُذْهِب الإطباق وهو ضعيف

وتُدغم الدالُ فيها قيّد طرفة ويبقى الإطباق أيضاً

وتدغم الطّاءُ في التّاء مع بقاء الإطباق نحو انقُط توأماً والتّاء فيها تدغم نحو أفلت طرفة

مسألة

تدغم التّاء في الدّال والدّال فيها نحو انعت دُلامةَ وقيد تلك والإظهار في هذا كلّه مستثقل

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 478 ]

مسألة

الصّاد والسّين والزّاي يُدغم بعضُها في بعضٍ لتقاربها كقولك لم تفحص سالماً ويبقى إطباقُ الصّاد وتقول خلّص زيداً واحبسْ صابراً واحفزْ صابراً واحفز سالماً والإدغام في هذا كلّه قويّ

مسألة

الظّاء والذّال والثّاء يُدغَم بعضُها في بعض كقولك احفظْ ذلك واحفظ ثابتاً وابعثْ ظالماً وابعث ذلك

مسألة

إدغامُ مَخْرجٍ في مَخْرجٍ يقاربه جائزٌ كإدغام الظّاء والثّاء والصّاد والسّين والزّاي وكذلك إدغامُ الطّاء والتّاء والدّال فيهنّ ولا تدغم الصّاد والسّين والزّاي في الحروف الستة لئلا يذهب الصفيرُ الذي فيهنّ وتدغم الطّاء والثّاء والذّال والظّاء والدّال والتّاء في الضّاد نحو احفظ ضابطاً وكذلك الباقي وتُدغَم الضّادُ فيهنّ ولا تدغم الضّاد في الصّاد وأختيها لاستطالتها

مسألة

من حكْمِ الحرفِ النّاقص أنْ يدغم في الزّائد ولا يُدغم الزّائد في الناقص كالسّين

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 479 ]

لا تُدْغَم في الجيم وتدغم الجيم فيها كقولك احبس جامعاً هذا لا يدغم واخرج سالماً هذا يُدغم

مسألة

إذا سُكّنت الصّادُ وبعدها دالٌ فمن العرب من يُخْرِجها على أصلها وهو أوْلى ومنهم مَنْ يقرّبها من الزّاي لأنّه لمّا لم يكن إدغامُ الصّادِ في الدّال قرَّبَها منها ليحصلَ التشاكل ومنهم مَنْ يجعلها زاياً خالصةً وهو قليل وذلك نحو يصدر والمصدر والقصد فإنْ تحرّكت الصّاد لم يغيّرها لأنَّ الحركةَ كالحاجز

وأمّا الصّراط فالأصلُ فيه السّينُ لأنه من سَرَطْت الشيء وإنّما أُبدلت صاداً لِتُجانِسَ الطاء ومنهم مَنْ يجعلُها زاياً ومنهم مَنْ يجعلها بينهما والسّين مع الدّال كالصّاد معها نحو يُرْذل ثَوْبَهُ

وأمّا الشّين قبل الدال فتضارع بها الزّاي نحو رجل أشْدق ولا تُجعل زاياً خالصةً وقد قالوا اجدّمعوا واجدرؤوا في اجتمعوا واجترؤوا

مسألة

من العربِ من يقولُ في بني العنبر بِلْعَنْبر وفي بني الحارث بلْحَارث فيحذف النونَ والياء ووجه ذلك أنَّ النون تدغم في اللام ولكن لمّا حالت الياء بينهما لم يمكن الإدغام فخففوا بالحذف

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 480 ]

وقد قالوا : ( عَلْماءِ ) يريدون : على الماء ولا يجوز ذلك في غير اللام فلا تقول في ( بني النجار ) : بنجار لأنَّ النون مشددة بسبب إدغام لام المعرفة فيها فلم تحذف النون لئلا يجتمع إعلالان بخلاف بلعنبر فإنه ليس فيه إلا إعلال واحد

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 481 ]

باب الخطّ

اعلم أنَّ الحاجة الى ذكر هذا الباب أنّ الكتّاب اصطلحوا على كتابة حروف ليست في اللفظ وحذف ما هو في اللفظ وعلى قطع ما يمكن وصله ووصل ما يمكن قطعه فهذه أربعة أقسام ينشعب منها أكثر من ذلك وقد ذهب جماعة من أهل اللغة الى كتاب الكلمة على لفظها إلاّ في خطّ المصحف فإنّهم اتّبعوا في ذلك ما وجدوه في الإمام والعملُ على الأوّل

فصل

في القسم الأول وهو على ضربين إبدالٌ وزيادة

فالإبدالُ كجعل الألفِ ياءً في الخط وهذا له شرطان

أحدهما أن تكون الكلمةُ ثلاثيةً آخرُها ألف فلا تخلو تلك الكلمةُ من أن تكونَ مبهمةً أو معربة فالمبهم مثل هذا وإذا والمعربة مثل العَصَا والرحى هذا في الأسٍماء فأمّا الأفعال الثلاثية نحو رمى وغزا

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 482 ]

والثاني : أن تكون الألف مبدلةً والضّابطُ فيه أنّ الألف إذا انقلبت عن واوٍ كُتبت ألفاً وإنْ كانت منقلبةً عن ياءٍ كُتبت ياء وإنما فرقوا بينهما لينبّهوا على أصلِ الحرف وجملةُ ما يُستدلّ به ههنا على أصلِ الألف عشرة أشياء

أحدها التثنيةُ فإن انقلبت الألف فيها واواً كتبت بالألف وإن انقلبت ياءً كتبت بالياء فالأول نحو العصا تكتب بالألف لأنّها عن واو لقولك عَصَوان والثاني نحو الفتى والهُدى تكتب ياءً كقولك فَتَيان وهُدَيَان وأمّا الرحى فالاكثر في اللغة رحَيَان بالياء فعلى هذا تكتب الرحى بالياء ومنهم من يقول رَحَوان فيكتبها بالألف

والثاني من الأدلّة الجمعُ بالألف والتاء نحو القنا والحصى فالقنا من الواو لقولهم قَنَوات فتكتب بالألف والحصى جَمْعُه حَصَيَات فتكتب بالياء

والدليلُ الثالث ما كانت عينُه واواً وآخرُه ألفٌ نحو الطّوى والشّوى يكتبُ بالياء لكثرة ما جاءَ من ذلك ولامُه ياءٌ ومن ههنا كتب الهَوى المقصور بالياء وكذلك هو في الفعل نحو طوِي وشوِي وهوِي

والدليل الرابعُ ظهورُ الياء والواو في المستقبل نحو يرمي ويغزو ف رمى تكتب بالياء لكون الألف منقلبة عنها وغزا بالألف لأنَّها من الواو والدَّليل الخامسُ المصدر كقولك الغَزْوُ والرّميُ فمن ههنا تكتب غزا بالألف ورمى بالياء

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 483 ]

والدليلُ السَّادسُ أن تكون فاءُ الكلمة واواً ولامُها معتلّة فلا تكون ألفها إلاّ عن ياء فعلى هذا تكتب وفَى وَوعى بالياء

والجليلُ السّابعُ الفَعْلَةُ نحو الغزوةُ والرَّميةُ

والدَّليلُ الثَّامنُ أن تعودَ اللاّمُ إذا أضفتَ الفعلَ إلى نفسك ياءً أو واواً وقبلها فتحة نحو غزوتُ ورميتُ فأمّا شقِيت ورضِيت فلا يدلّ ذلك على أنّ الأصل الياءُ لأجل الكسرة

والدليلُ التَّاسعُ إمالةُ الألف متى حَسُنَت فيها كُتبت ياء نحو الهدى والتّقى ةمن ههنا كتبت متى وبلى بالياء

والدليل العاشر أن تنقلبَ مع المضمرِ ياءً نحو إلى وعلى ولدي كقولك عليه وإليه ولديه فأمّا كلا إذا أُضيفت إلى المُظْهَرِ كُتبت ألفاً عند الأكثرين لأنّه يقول هي بدلٌ من الواو ومنهم مَنْ يكتبها ياءً ويقول هي من الياءِ فإنْ أضفتَ إلى مُضْمَر كانت في الرفعِ بالألف لأنَّها دليلُ الرفع وأمَّا كلتا فتكتب بالياء إذا أضيفت إلى مظْهَر لكون الألف رابعة

فصل

فإنْ كانت الكلمةُ أربعةَ أحرفٍ فصاعداً وآخرها ألفٌ كتبتَ جميع ذلك بالباء

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 484 ]

لأنّه إذا رُدَّ فعلُه إلى نفسِك كان بالياء نحو تغازى وتعاطى لقولك تَغَازَيْتُ وتَعَاطَيْتُ وكذلك في التثنية نحو المَوْلى والأعْلى لقولك مَوْلَيان وأعْلَيان وقد استُثْنى من ذلك ما قبل ألفه ياءٌ نحو العُليا والدُّنيا فإنَّه كُتب بالألف لئلا تتوالى ياءان إلا أنَّهم كتبوا يحيى اسم رجل وريّى اسم امرأة بياءين فأمّا يحيا ويَعْيَا فعلين فيكتبان بالألف على قياس الباب

فصل

فإن أُضيفَ المقصور إلى مضمرٍ يكتب بالألف ثلاثياً كان أو زائداً عليه نحو عصاه وهداك وإحداها وأُخراهنّ ومنهم مَنْ يكتبها بالياء على ما كانت عليه قبل الضمير

فصل

في الهمزة

إذا كانت الهمزة أولاً كتبت على القياس إلا أنهم كتبوا يا أوخيّ بالواو لانضمامها وليفرِّقوا بين المصغّر والمكبّر في قولك يا أَخِي

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 485 ]

وإنْ كانتْ وسطاً ساكنةً كتبت ألفاً نحو رأس وبأس وإن كانت قبلها ضمّةٌ كُتبتْ واواً نحو البؤس واللؤم وإنْ كانَ قبلها كسرةٌ كتبت ياءً نحو البئر والذئب

وإن كانت طرفاً ساكنةً دبّرها ما قبلها أيضاً فتكتب بعد الكسرة ياءً نحو لم يخطئ وبعد الفتحة ألفاً نحو اقرأ وبعد الضمّة واواً نحو لم يَوْضُؤ

فصل

فإن كانت الهمزةُ متحركةٌ قبلها ساكنٌ نحو الخبء والجُزء فالأكثرون يحذفون الهمزة لأنَّ تخفيفَها أن تُلْقى حركتُها على ما قبلها وتحذف والخط علىالتخفيف ومنهم مَنْ يكتبها ألفاً إذا انفتحت وياءً إذا انكسرت وواواً إذا انضمّت فإنْ أضيفت إلى المضْمَر ففيه هذان الوجهان نحو هذا خَبؤك وقرأت جُزْأَك فتكتب المضمومة واواً والمفتوحة ألفاً والمكسورة ياءً ومنهم مَنْ يحذفُها فإنْ كانت وسطاً مضمومة وقبلها فتحة أو ضمّة كتبت واواً نحو جُؤن وياء إن كانت قبلها كسرة نحو مير وفيما عدا ذلك تدبّرها حركتها فتكتب المكسورةُ ياءً نحو سَئِم والمفتوحةُ ألفاً نحو سَأل وفي هذا الباب مواضع قد ذكرناها في تخفيف الهمز فتكتب على مذهب التخفيف

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 486 ]

فصل

في الممدود

الممدود إذا لم يُضَفْ كُتب في الخط بألفٍ واحدة نحو الكساء والدُّعاء وتُجعل للهمزة علامة للخطّ ومنهم مَنْ يكتبه ألفين فإن أضيف إلى مضمرٍ كتبت المفتوحة ألفاً والمضمومة واواً والمكسورة ياءً نحو هذا كساؤه ورأيت كساءه ومررت بكسائه

فصل

إذا كان قبلَ الهمزة واوٌ زائدةٌ نحو مَقروءة كتبتَها بواوٍ واحدة لأنَّ تخفيفها كذلك وإنْ كان قبلها ياءٌ زائدة كتبتها ياءً واحدة نحو خطيئة فإنْ كانت الواوُ بعدها نحو مَسْؤول ففيه وجهان أحدهما تكتبه بواو واحدة والثاني بواوين

فصل

فإن كانت الواو ضميراً نحو يَسْتَهْزِئون أو علامة رفع نحو مستهزؤون كُتبت بواوٍ واحدةٍ ومنهم مَنْ يكتب المكسورة ياءً وتقع الواو بعدها وهو ضعيف

فصل

فإن كانَ المدودُ منصوباً منوّناً نحو قوله تعالى ( إلاّ دعاءاً ونداءاً ) فالاختيار أن يكتبَ بألفين لأنَّ الثانيةَ بدلُ التنوين يُوقف عليها بالألف كذلك الخط

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 487 ]

وكذلك تكتب برآءات بألفين الأولى قبل الهمزة للمدّ والتي بعد الهمزة للجمع ولا تكْتَب الهمزةُ ألفاً لئلا تجتمعَ ثلاثُ ألفات وتكتب وجدت ملحاء بألف واحدة

فصل

في الضَّرب الثَّاني وهو الزِّيادة

اعلم أنّهم يزيدونَ في الخطِّ حروفاً للفَرْق وكان ذلك يحتاج إليه قبل حدوثِ الشَّكل والنقط ثم استمرّ أكثُرهم عليه ومنهم مَنْ يقول يُزاد للتوكيد

فَمما زيد للفَرْق كتابتهم عمراً بالواو في الرفع والجرّ إذا لم يُضفْ ليفرّق بينه وبين عُمر

ومن ذلك كتابتهم كفروا وَرَدُوا بالألف لئلا تشتبه واو الجمع بواو العطف ثم طَردوا ذلك في جميع واوات الجمع ومنهم مَنْ لا يكتبها البتة

ومن ذلك زيادتُهم الألف في مائة لئلا تلتبس ب منه

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 488 ]

ومن ذلك الربوا تكتب بالواو لئلا تشتبه ب الزنا

ومن ذلك الصلوة والزكوة والحيوة تكتب بالواو إذا لم تُضف ولا يقاس عليه اتباعاً للمصحف

فصل

في القسم الثاني وهو الحذْف

وهو كثير من ذلك بسم الله تكتب بغير ألفٍ لكثرة الاستعمال فإن قلت لاسم الله بركةً أو باسم ربّك أثبتَ الألف

ومن ذلك الرحمن تكتبُ بلا ألف تخفيفا مع أمن اللَّبس

ومن ذلك الحرثُ والقسم علمين يُكتبان بغير ألف لكثرة الاستعمال فإنْ لم يكنْ فيهما ألفٌ ولامٌ أو كانا صِفَتَيْن كُتبا بالألف وكذا صالحٌ ومالكٌ وخالدٌ تكتبُ أعلاماً بغيرِ ألف وإنْ لم يكن فيهما ألف ولام وتكتب بالألف صفات

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 489 ]

ومن ذلك ابرهيم وإسمعيل وهرون وسليمن ومُعوية وسُفْين ومرون فتكتب ذلك كلّه بغير الألف لاشتهارها وربّما كتبوا بعض ذلك بالألف فأمّا إسرافيل وميكائيل والياس فتكتب بالألف لأنَّها لم تشتهر وأما السموات والصالحات فتكتب بألف وبغير ألف

فصل

وأمّا ألف ابن فتثبت في الخطّ في كل موضع إلا إذا كان ابن صفةً مفرداً واقعاً بين علمين أو كنيتين على ما هو شرط فتح ما قبله في النداء فإنَّه يُكتب بغير ألفٍ فعلى هذا تكتبه بالألف إذا كان مثنّى أو كان خبراً لمبتدأ

وتكتب ابنة تأنيث ابن بالألف في كلِّ حال

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 490 ]

فصل

وتكتب فيمَ جئْتَ وعلامَ فعلت وحتّام تقول ذاك ومِمَّ خُلِقَ كلُّ ذلك بغير ألفٍ على اللفظ

فصل

في اللاّم

إذا دخلت لامُ التعريف على لامٍ أخرى نحو اللَّيل واللَّحم كتبت بلامين إلا التي والذي والذين في الجمع فإنها تكتب بلامٍ واحدة وكذلك اللَّتان واللاّتي ومنهم من يكتب هذه التثنية والجمع بلامين وأما اللذان في التثنية فبلامين وإذا أدخلت لام الخبر على لام الأصل نحو للّوم ولَلّيلُ كتبت بلامين وإن دخلت اللام المفتوحة أو المكسورة على لام المعرفة وبعدها لام نحو للّه وللّحم كتبتْ بلامين لئلا تجتمع ثلاث لامات وإن أدخلت اللام المفتوحة أو المكسورة على لام المعرفة لم تثبت ألفها في الخط كقولك لَلْرجل خيرٌ من المرأة وللرجل أفضل وللّهُ أفرح بتوبة عبده بغير ألف بين اللامين

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 491 ]

باب الموصول والمقطوع

وفيه فصول

أحدها في النون اعلم أنّ النونَ الساكنةَ إذا لقيها ميمٌ من كلمةٍ أخرى حُذفت النّون في الخطّ من أجل الإدغام في اللفظ كقولك سلْ عمّ شئت و ( عمّ يَتَساءلون ) و ( عمّا قليل لَيُصْبِحُنَّ نادمين ) ومن ذلك ( مَمَّ خُلِق ) ( مَمَّن حولَكُم ) سواءٌ أكانت استفهاماً أو خبَراً وقد فعل بعض ذلك في المصحف وهو شيء بليغ

فصل

في إنْ وأنْ

إذا لقيتها لا كتبتها بغير نونٍ إذا كانت عاملةً في الفعل الذي بعدها كقولك أريدُ ألا تذهبُ وفي الشرط إلاّ تذهبْ أذهبْ وإن لم تكن عاملة كتبته بالنون كقوله تعالى ( لئلا يعلم أهل الكتاب أنْ لا يقدرون ) لأن التقدير أنَّهم لا يقدرون لأنَّ بينهما فاصلاً مقدّراً ومثله علمت أنْ لا خير فيه

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 492 ]

فأمّا لئلا فتكتب بغير نونٍ إذا لم يكن هناك اسم مقدّر وبالنون إذا كان

فصل

في الميم

إذا لقيت ميمٌ أمْ ميماً من كلمةٍ أخرى كتبت ذلك بميمٍ واحدةٍ كقوله تعالى ( أمّن هو قَانتٌ ) ( أهُم أشدُّ خَلقاً أمّن خَلَقنا )

فصل

إذا كانت فيمن استفهاماً وصلتها وإنْ كانت خبراً قطعَتها كقولك فيمن رغبت ورغبتُ في مَنْ رغبت ومثله ما في الموضعين

وتكتب كي لا ولكي لا مقطوعة

اللباب علل البناء والإعراب [ جزء 2 - صفحة 493 ]

وتكتب هلا بلام واحدة موصولاً

وتكتب بل لا بلامين مقطوعاً

وتكتبْ أيْنَما إذا كانت ما فيه كافةً أو زائدةً موصولاً كقوله تعالى ( فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمًّ وجهُ اللهِ ) وإن كانت ما بمعنى الذي كتبت مقطوعةً كقوله تعالى ( إنَّ ما تُوعَدُون ) وتكتب كلّما أتيتُك أكرمتني موصولاً

فإن كانت ما بمعنى الذي فَصَلْتَ كقولك كلّ ما تأتيه حسنٌ

وهذا حكم إنّما وأيّما

وتكتب حيثما موصولة وهو المختار وقد فصلها بعضهم وفي نعمّا وبئسما الوجهان