أساليب التجسس وطرق التجنيد للمخابرات الإسرائيلية

السفارة الإسرائيلية تمارس أعمال التجسس. وهذه طرق التجنيد

باختصار. توصلنا إلي تفاصيل جديدة حول أساليب جهاز المخابرات الإسرائيلي - الموساد - في زرع عملاء له داخل مصر والذين يتحولون بعد ذلك إلي قضايا تصنف تحت عدة مسميات تبدأ بالعمالة وتنتهي بالخيانة.

وبعيدا عن الخوض في تفاصيل هذه القضايا أردنا معرفة مواصفات الجاسوس الذي تطلبه إسرائيل وطبيعة المهام التي تطلبها هذه الأيام وكيف يتم تأهيل الجاسوس ليتم تجنيده من قبل الموساد وهل هناك فارق بين الجاسوس الذي يعمل علي نطاق دولي ونظيره الإقليمي وما الدور الاستخباراتي الذي تلعبه السفارة الإسرائيلية وهل هذا الدور يسمح لضباط الموساد بأن يجوبوا شوارع مصر دون حساب؟ كل هذه التساؤلات نجيب عليها بعد أن اقتحمنا عالم الجاسوسية من خلال التحقيق التالي.

- من حين لآخر يتم الإعلان عن قضية جديدة تكشف عن سقوط جاسوس يعمل لصالح جهاز الموساد الإسرائيلي ففي عام 1985 أعلنت مصر عن القبض علي شبكة تجسس مكونة من 9 أفراد من الموساد وفي عام 1986 تم القبض علي شبكة تجسس أخري تورط بها عدد من العاملين بالمركز الأكاديمي الإسرائيلي في القاهرة بالإضافة إلي سيدة أمريكية تعمل في هيئة المعونة الأمريكية حيث ضبطت أجهزة الأمن المصرية بحوزتهم كمية من الأفلام والصور ومحطة إرسال واستقبال ومعمل تحميض وتبين أن هذه الصور تم التقاطها لوحدات من الجيش المصري في أثناء الليل باستخدام أشعة الليزر وفي عام 1987 تم ضبط شبكة تجسس من السائحين في أثناء زيارتهم لشرم الشيخ وفي عام 1990 ألقت أجهزة الأمن القبض علي إبراهيم مصباح عوارة لاشتراكه مع أحد ضباط الموساد في تحريض فتاة مصرية علي القيام بالتخابر ولكنها رفضت التجسس وأبلغت أجهزة الأمن المصرية بمحاولة تجنيدها وتم ضبط العميل وصدر ضده حكم بالسجن 15 سنة وفي عام 1992 سقطت شبكة "آل مصراتي" التي ضمت أربعة جواسيس هم صبحي مصراتي وابناه ماجد وفائقة وجاسوس إسرائيلي يدعي ديفيد أوفيتس وقد اعترفت فائقة في التحقيقات بأن الموساد جندها للعمل لديه منذ سنتين عن طريق ديفيد أوفيتس الذي تولي تدريبها علي جمع المعلومات عن الأهداف العسكرية والاستراتيجية والشخصيات العامة في مصر. وفي عام 2007 تم الكشف عن سقوط شبكة تجسس يتزعمها مهندس مصري يعمل في هيئة الطاقة الذرية ويدعي محمد سيد صابر بالاشتراك مع اثنين من الأجانب هما الأيرلندي براين بيتر والياباني شيرو أيزو والتي استهدفت جمع معلومات عن مشاريع الطاقة الذرية ومنشآتها.

وكانت آخر قضايا التخابر لصالح إسرائيل هي قضية طارق عبدالرازق الذي جندته المخابرات الإسرائيلية للتخابر علي مصر من خلال إمداد إسرائيل بمعلومات عن بعض المصريين الذين يعملون في مجال الاتصالات لانتقاء من يصلح منهم للتعامل مع الموساد بخلاف أنه كان علي اتصال بضابطين من الموساد الأول يدعي إيدي موشيه والثاني جوزيف ديمور واللذين طلبا منه دخول سوريا عدة مرات تحت اسم مستعار وبجواز سفر مصري مزور يحمل اسم "طاهر حسن" بزعم استيراد منتجات سورية غير أن الغرض الأساسي كان تسليم مبالغ مالية كبيرة لمسئول أمني يعمل بجهاز حساس وتسلم تقارير حول البرنامج النووي السوري وكيفية دفن النفايات

وقد كشفت هذه القضية عن وجود ثلاث شبكات جاسوسية داخل سوريا ولبنان بعد أن قامت مصر بنقل المعلومات التي اعترف بها المتهم إلي البلدين.

د. عماد جاد - المتخصص في الشئون الإسرائيلية - يقول: لو نظرنا لطبيعة المعلومات التي تتجسس عليها إسرائيل بشكل منفصل قد نجدها لا تعني شيئا ولكن الحقيقة أن إسرائيل تجمع معلومات متنوعة من جهات مختلفة فتكون في النهاية صورة مكتملة فمثلا قد استخدمت في الستينيات نعي الوفيات بجريدة الأهرام في معرفة توزيع القوات المسلحة المصرية ولذلك منذ هذه الواقعة تم منع نشر كل ما له علاقة بالرتب والوحدات العسكرية وبالتالي حينما تؤخذ معلومات من خلال شبكة اتصالات فذلك في منتهي الخطورة حيث إن شركات الاتصالات لديها المعلومات الكاملة عن عملائها من الاسم لرقم البطاقة ومحل الإقامة وطبيعة العمل والديانة والغريب أن مثل هذه المعلومات يتطلب وجودها لدي شركات الاتصالات برغم أن من المفترض أن الجهة التي تطلب مثل هذه البيانات لابد أن تكون جهة سيادية فنحن بذلك نضع معلومات مهمة جدا بطريقة تجعلها متاحة لأكثر من جهة وبالتالي يصبح من السهل شراء جاسوس داخل شركة اتصالات فيحول للموساد كل هذه المعلومات وبالتالي يستطيع من خلالها رسم خريطة كاملة لمستخدمي المحمول في مصر وبالطبع ممكن التجسس علي شركات كاملة ممن تعاقدوا مع إحدي شركات الاتصالات وبالتالي معرفة قوتها وعدد العمال بها وبالتجسس علي مكالماتهم يمكن معرفة نشاطها وطريقة سير العمل بها وهذا طبعا بخلاف إمكانية التنصت علي مكالمات المسئولين والشخصيات القيادية في المواقع المهمة كما أن هذه المعلومات تسهل علي الموساد معرفة من المرتشي ومن المتورط في علاقات جنسية ويتم توظيف كل هذه المعلومات في إسقاط الجاسوس داخل شبكة الموساد بشكل أسهل من تجنيد مواطن عادي ليس لديه عنه معلومات بها نقاط ضعف يستطيع أن يبتزه من خلالها.

وعن طبيعة مهام الجاسوس يضيف جاد قائلا: تختلف في كل حالة عن أخري فمثلا عزام عزام لم تكن تهمته التجسس علي أسرار عسكرية فكانت مهمته جلب معلومات عن شركات ومؤسسات اقتصادية فحينما يتم وضع هذه المعلومات بجانب معلومات عسكرية وسياسية من عملاء آخرين للموساد فبذلك يكون قد تم وضع تصور كامل لطبيعة البلاد والمجتمع المصري ومن قبل قام الأمريكان بالتجسس علي الاتحاد السوفيتي في واقعة شهيرة فكان الجاسوس ليس مطلوبا منه نقل أي معلومات للولايات المتحدة الأمريكية بينما كانت مهمته لها علاقة بطبيعة عمله التي كان من خلالها يحدد من الذي يشغل وظائف مهمة بالدولة فكانت تأتي له السيرة الذاتية للمتقدمين للوظائف وكان يختار أكثرهم سوءا للعمل لتخريب المؤسسات السوفيتية ولم يتم كشفه من خلال المخابرات السوفيتية بينما هو الذي اعترف بعدما تفكك الاتحاد السوفيتي وفي واقعة شهيرة تجسست إسرائيل علي الولايات المتحدة الأمريكية برغم أنها الدولة الصديقة الأولي بالنسبة لها حين جندت جنسون بولاريد الذي كان ضابطاً أمريكياً يهودياً بأجهزة التحليل بالبحرية الأمريكية وقد حصل علي كل المعلومات التي جمعتها البحرية الأمريكية عن الساحل البحري العربي ومنحها لإسرائيل وحينما اكتشف الأمريكان ذلك حكموا عليه بالسجن مدي الحياة ولكن إسرائيل تطالب حتي اليوم بالإفراج عنه بل وذهب له مدير مكتب نيتانياهو في السجن ليعطي له الجنسية الإسرائيلية ووساما شرفيا من طراز رفيع ولكن الأمن القومي الأمريكي يرفض إطلاق سراحه.

ويشير الدكتور عماد جاد إلي أن قضايا الجاسوسية لها أكثر من شق قائلا: دور جهاز الاستخبارات في أي دولة أولا أن يجمع المعلومات وزرع العملاء في كل دول العالم وثانيا مواجهة أنشطة أجهزة الاستخبارات من باقي الدول علي أراضيك وبالتالي فهناك جزء هجومي وآخر دفاعي ولكن الجزء الأهم والذي يعكس قوة جهاز المخابرات هو ما يتعلق بالجانب الهجومي وبالتأكيد هناك عمليات هجومية للمخابرات المصرية ولكن من المفترض أن هناك فترة زمنية ليتم الإعلان عن عملائنا في إسرائيل حتي لا يتم تصفيته جسديا أو قطع فرص أخري لعملاء آخرين يكملون من بعده وحتي لا يتم الكشف عن أساليب الاستخبارات المصرية ولكن هذا ليس معناه أنه ليس لدينا عملاء في إسرائيل ولا يوجد شك أن كل يوم يوجد تجسس لنا وضدنا لأن مصر بها حوالي 170 سفارة لدول أجنبية كلها بها عناصر استخباراتية بداية من السفارة الأمريكية وحتي السفارة الإريترية ولكن الأجهزة الأمنية لا تصفي بعضها حيث إن هناك كوداً في العمل فك شفرته يقول إنه لو قام جهاز أمني بتصفية عناصر جهاز آخر فيقوم الأخير بالرد علي ذلك بنفس الطريقة ولذلك فقوة الجهاز الأمني هو معرفة من هم الجواسيس المزروعون في البلد داخل إطار دبلوماسي لتثبيت حركته حينما يبدأ في ممارسة أعمال الجاسوسية وبالتالي تكون المعركة عبارة عن لعبة مفتوحة للطرفين ولن تأتي الحماية الكاملة من التجسس إلا من خلال أكثر من خطوة منها القضاء علي الفقر والبطالة ولابد من وجود قدوة ونموذج وطني فنحن لدينا شباب يضع نفسه في مراكب صيد ويعرض نفسه للموت للخروج من البلاد فهذه البيئة مؤهلة للتجنيد فكلما قلت نقاط ضعفك قلت فرص زرع الجواسيس داخل البلد ولكن المشكلة أن شبابنا الآن قدوته إما لاعب كرة أو فنانا أو راقصة حتي الصورة النمطية الموجود لرجال الأعمال مقتصرة علي السرقة والتهليب وتراكم الثروات الفجائية فحلم الثراء السريع هو ما يدفع الناس لبيع بلدهم ولكن بالنظر إلي المبالغ التي أصبح يتحصل عليها الجواسيس المصريون فسنجد أننا رخصنا أنفسنا حتي في الجاسوسية ويرجع السبب في ذلك إلي ما قاله أساتذة الاقتصاد بأن كل شيء عرض وطلب فلو لدي سلعة نادرة يتم رفع سعرها وبالتالي معني رخص سعر الجاسوس المصري أنه لم يعد سلعة نادرة.

وعن الجانب التكنولوجي يقول عمرو رشاد - مهندس الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات: التكنولوجيا يمكن شراؤها ولكن بالطبع كلما كنت متقدما تكنولوجيا أصبح لديك إمكانية لصنع أشياء خاصة بالدولة والعمل علي تطويرها فإسرائيل دولة متقدمة جدا في هذا المجال ويكفي أن نقول إن أجهزة الرؤية الليلية الموجودة في الجيش الأمريكي صناعة إسرائيلية فهي خامس دولة في ترتيب الدول المصدرة للسلاح في العالم هذا بخلاف أن لهم دوراً رئيسياً في تصنيع المكونات الرئيسية للحاسب الآلي بخلاف الأقمار الصناعية وغيرها ولكن إذا بحثنا عن الدور التجسسي الذي تلعبه إسرائيل من خلال الإنترنت بداية من موقع الموساد الإسرائيلي الذي يعلن بشكل واضح عن ترحيبه بالعملاء الجدد ففي كلمة رئيس الموساد مائير داغان علي الموقع حيث يقول "يستمد الموساد قوته بصورة أساسية من منتسبيه، الذين يشكلون جوهره، بصفتهم القوة المحركة للموساد كما يقف منتسبو الموساد في الخط الأول من نشاطه العملي" وبخلاف هذا يوجد مواقع إسرائيلية مشبوهة والتي تعلن عن جوائز مالية أو طلب وظائف من حين لآخر مثل موقع فرفش وبانيت وترافيان وفوز وكلها مواقع واسعة الانتشار بين المصريين والعرب حيث إنها تدس هذه الإعلانات وسط مادة منوعة بين الأخبار والأغاني والفيديوهات بخلاف المواقع الإباحية وعن كيفية اكتشاف هذه المواقع فهذا بسيط فيأتي في تلميح في الجزء الخاص بالتعريف عن الموقع أو في العنوان حيث أن معظم المواقع الإسرائيلية تشمل في عنوانها امتداد رابط يحصل علي حروف il مثل http://fozo.co.il/web/ وتوجد مواقع تظهر كل يوم غير قابلة أن تخضع للتحكم من قبل الدولة المتجسس عليها فما الفائدة من حجب موقع أو أثنين أو أكثر حيث إن إسرائيل كل يوم تقوم بعمل موقع باللغة العربية وأخري إباحية بهدف التجسس فلا يمكن منع الناس من الدخول عليه.

ويضيف القاضي محمد محمد الألفي - رئيس الجمعية المصرية لمكافحة جرائم الإنترنت - قائلا: أعمال الجاسوسية علي الإنترنت تتم في شكل خفي مثل سؤال يتم طرحه علي أحد المواقع يقول كيف تربح مليون دولار ومن يدخل عليه ليتعرف علي كيفية ذلك يجد الإعلان يقول له إنه يريد بعض المعلومات من أجل التواصل وغيرها فهو يتصيد الشباب من خلال فكرة تحقيق الطموحات والأحلام فتجده يعرض وظيفة مرموقة أو ربح سيارة فخمة ويدخل لهم من هذا المدخل والمشكلة أننا ليس لدينا ثقافة التعامل بشكل آمن مع شبكة الإنترنت فتجد الكثيرين ممن ليس لديهم مانع من الإفصاح عن بعض البيانات الخاصة أو البيانات التي تخص المجتمع والدولة والتي يوظفها الطرف الآخر في العثور علي مداخل لتجنيد عملاء له فمن المفترض أن يحذر كل المتعاملين مع الإنترنت من التعامل مع الطرف الخفي الذي قد يجسد نفسه في شخص يريد تقوية اللغة معنا أو أنه سائح أو حبيب حيث إن الهدف الرئيسي من وجود شبكة الإنترنت هو تبادل المعلومات مع من نعرفهم وليس مع أطراف نجهلها فمن الخطأ طرح القضايا المصرية علي شبكة الإنترنت من خلال المواقع الاجتماعية وغرف الدردشة حيث إنها ليست آمنة من الاختراق ومن تحليل هذه القضايا يتم كشف واقع المجتمع المصري للعدو كما تسهل له العثور علي جواسيس يزرعها داخل الوطن خصوصا مع تقدم إسرائيل تكنولوجيا أما عن عقوبة التجسس من خلال شبكة الإنترنت فتبدأ من 3 سنوات وتصل إلي السجن المؤبد.

د. عمرو أبوخليل - مدير مركز الاستشارات النفسية بالإسكندرية - يقول: ان يتخذ الإنسان قرارآ بالتجسس فهذا لا بد أن يكون له عوامل معينة لها علاقة بالزمان والمكان والضغوط النفسية التي يتعرض لها والجاسوس ليس شخصا غير سوي نفسيا ولكن يعاني حالة انكسار نفسي في اللحظة التي يوافق فيها علي التجسس والتي أدت به إلي نوع من الغضب الشديد والنقمة نتيجة لأن وطن هذا الجاسوس لم يستوعبه أو ضيق عليه فرص العمل والكسب المشروع ويبدأ يتعامل مع حالة الغضب بشكل خاطئ فتكون لديه دوافع للانتقام من هذا الوطن بأسوأ صورة وهي الخيانة وبالتالي فالجاسوسية في كل الأحوال هي موقف نفسي ومن جانب آخر هناك دوافع نفسية مستشرية داخل المجتمع الإسرائيلي تدفعه نحو التخابر علي دول العالم فالخوف الدائم الذي تعيش فيه إسرائيل يدفعها نحو الارتياب والشك في كل من حولها حتي ولو كانت الولايات المتحدة الأمريكية برغم أنها الدولة الحليفة الأساسية لها ولهذا فإسرائيل تعيش حالة من البارانويا من كثرة شكها في كل شيء وهو ما يدفعها لتأمين نفسها بكل الطرق التي من بينها التجسس علي دول العالم فتحول كل مواطن إسرائيلي إلي ضابط في الجيش.

السفير حسن عيسي - المدير السابق لإدارة إسرائيل بوزارة الخارجية المصرية - يقول: السفارات الإسرائيلية تلعب دورا أساسيا في ممارسة الجاسوسية بالدول التي تتواجد بها وعنصر المخابرات الذي يتواجد في السفارة يحمل جواز سفر دبلوماسيا ويتم تقديمه كدبلوماسي في السفارة وبالتالي يتحتم علينا أن نتعامل معه في هذا الإطار ولكن الأمن المصري سريعا ما يتبين عناصر المخابرات الإسرائيلية من طريقة تحركاته داخل البلاد والأماكن التي يتواجد فيها وحينما ينكشف أمر عنصر المخابرات المتخفي في صورة دبلوماسية فأول شيء يقوم بعمله هو مغادرة البلاد حتي لا يتعرض لمضايقات أمنية ولكن في حالة انه لم يفعل ذلك ويوجد أدلة كافية لدي السلطات الأمنية المصرية تدينه كجاسوس فكل ما بأيدينا أن نفعله هو إبعاده تحت مسمي"شخص غير مرغوب فيه" لأن جواز السفر الدبلوماسي الذي يحمله يمنحه حصانة ولكن حتي مجرد إبعاده يشكل أزمة في العلاقة بين الدولتين وإمكانيات الجاسوس هي التي تحدد إن كان يعمل علي مستوي إقليمي أو مستوي دولي بالإضافة إلي الهدف الذي يريد اختراقه ولكن في جميع الأحوال إذا كان الجاسوس له صفة دبلوماسية ويقوم بتجنيد شخص غير مصري فوقتها لن تكون لدينا سلطة علي المجند بينما نستطيع إثبات الواقعة علي الدبلوماسي أما إذا كان يقوم بتجنيد مواطن مصري فوقتها نستطيع أن نتخذ الإجراءات القانونية لدي الطرفين وتجنيد الجاسوس عموما يبدأ بعملية الفرز وهي المرحلة الأولي التي يقوم ضابط المخابرات بموجبها باختيار العميل وتليها عملية الاقتراب والتجنيد وأخيرا عملية التشغيل وهي ثلاث مراحل متتالية مدروسة في كتب وعلم يتم تدريسه داخل فرق عسكرية ويطبقها الجميع وما يفرق هو أسلوب كل شخص عن الآخر أما بالنسبة للأجهزة المستخدمة في أعمال المخابرات فتكاد تكون معروفة للجميع ولكن اليوم في إسرائيل يوجد سلسلة من المحلات التي أصبحت تبيع أجهزة تجسس عالية التقنية والتي كانت في البداية مقصورة علي أجهزة المخابرات ولكن كل جهاز مخابرات يضيف علي هذه الأجهزة لمسته ونتاج بحثه المستمر في تطوير الأجهزة المخابراتية سواء كانت أجهزة اتصال أو إرسال أو تصوير لتتواءم مع طبيعة عمله.

ويختتم عيسي حديثه قائلا: يوجد هاجس أمني طوال الوقت لدي المواطن الإسرائيلي فمن قبل قيام دولة إسرائيل عاش اليهودي طوال عمره في حارات يهود متفرقة حول العالم كأقليات لها سمات محددة ومعروفة منها أنها أقلية مغلقة علي نفسها ولا تسمح للغير بالدخول وكانوا يعيشون من وراء السلطة التي ترتاب من وجودهم وهذا شكل في نفس الإنسان اليهودي هذا الهاجس الأمني واستنشط بداخله حاسته الأمنية حتي علي مستوي المواطن اليهودي العادي ومازال المواطن الإسرائيلي منغلقا علي نفسه حتي الآن حتي في إسرائيل حيث إن المشهد هناك عبارة عن دولة مليئة بالحارات اليهودية التي أتت من مختلف دول العالم فستجد إسرائيل المصرية والروسية واليمنية والأمريكية إلي آخره وكل حارة من هؤلاء إذا دخلتها ستشعر أنك زرت البلد التي أتوا منها فالحارة المصرية تقع علي منطقتين حولون وباتيام في جنوب يافا علي البحر الأبيض المتوسط والتي تشبه مدينة الإسكندرية وخلف هذه المنطقة ستشعر بأنك في العباسية ومنطقة الضاهر ويتبين من ذلك أن المواطن الإسرائيلي اليهودي انتقل من البلد الذي كان به ومازال محتفظآ بشعوره بالريبة والتوجس والتهديد الدائم وبالإضافة إلي ذلك علمهم بأنهم وفدوا علي أرض كانت في الأساس فلسطينية رغم كل ما يقولونه عن أنها أرض أجدادهم إلا أنهم يعلمون جيدا أنهم سرقوها من الفلسطينيين وبالتالي هذا يزيد من شعورهم بالخطر وهو ما يجعلهم متوجسين من كل الدول العربية بما فيها الدول الموجودة علي الحدود والتي لديها مع إسرائيل معاهدات مثل مصر والأردن ولذلك يلجأ للتجسس الدائم لعدم شعوره بالأمن ولكن التجسس حق ومسئولية تمارسها كل الدول ومنها مصر وليس هناك ما يمنع ذلك علي الإطلاق فجهاز المخابرات المصري أكثر قدرة من جهاز المخابرات الإسرائيلي حيث إنه علي مدار تاريخ المخابرات المصرية لم تنكشف لها عملية علي الإطلاق كما أن الطريقة التي انكشفت بها عملية الموساد باغتيال المبحوح القيادي بحركة حماس حققت فشلا مدويا فبالفعل قتلوا الرجل ولكن من مهام أعمال المخابرات أن تنزل إلي موقع العملية وتنفذها وترحل دون أن تترك أثرا لها وما حدث يثبت أن جهاز المخابرات الإسرائيلي لا يتمتع بالاقتدار الفني ولكن الموساد أسلوبه في العمل يعتمد علي الدعاية والمبالغة في قدرة ضباطه ولكن المخابرات المصرية أسلوبها مختلف حيث لا تتحدث عن أساليبها بنفس الطريقة فقضية رفعت الجمال التي تم عرضها بمسلسل رأفت الهجان كانت قضية كبيرة ولم يعرض منها في المسلسل إلا أشياء بسيطة حتي لا تنكشف أساليب المخابرات المصرية.