1. حرب بني أسد :
أقدم بنو أسد على قتل حجر بن أوس الكندي ( أكل المرار ذي القروح) والد امرئ ألقيس ، وعندما وصل الخبر إلى امرئ ألقيس كان غارقا في شرب الخمر ، فثار لتوه طالبا ثأر أبيه ، وقال المقولة المشهورة : ” ضيعني أبي صغيرا وحملني دمه كبيرا ” , واقسم على نفسه أن لا يشرب الخمر وألا يأكل اللحم ولا يغازل النساء حتى يثأر من بني أسد وقتل قتلة أبيه وألبسهم الدروع المحماة على النار ، مثل بهم وقال فيهم قصيدة طويلة نذكر منها :
قولا لدودان عبيد العصا ما غركم بالأسد الباسل
وقد قرت العينان من مالك ومن بني عمرو ومن كاهل
2. حرب البسوس :
أقدم كليب زعيم قبيلة بكر بن وائل فطلبت البسوس من جساس قتل كليب فأقدم على قتله ثارا للناقة ، أي : إهدار دم إنسان ثأرا لحيوان ، وهناك رواية أخرى تقول أن البسوس أنذرت جساس وقالت له : لك أن تقوم بواحدة من ثلاث : ” إما أن تملا ردني من السماء نجوم ، وإما أن تجعل ناقتي على أربعتها تقوم ، وإما إن تجعل رأس كليب بدمه يعوم ، فختار الثالثة ، وقتل كليبا ، فوصل الخبر إلى المهلهل شقيق كليب وكان هو وهمام ( شقيق جساس ) يعاقران الخمر فقام المهلهل بتقصير ثيابه وقص شعره وهجر النساء والخمر والقمار حتى يثأر لأخيه كليب من جساس وقبيلته ، وقد هاجت شاعريته فرثى أخاه كليبا بقصيدة طويلة نقتطف منها هذه الأبيات :
كليب لا خير في الدنيا ومن فيها إن أنت خليتها فيمن يخليها
نعى النعاة كليبا لي فقلت لهم مادت بنا الدنيا أم مادت رواسيها
ليت السماء على من تحتها وقعت وانشقت فانجابت بمن فيها
كما ورثاه بقصيدة أخرى مبالغا بالانتقام والثار قائلا :
كأني إذ نعى الناعي كليبا تطاير بين جنبي الشرار
ولست بخالع درعي و سيفي إلى أن يخلع الليل النهار
و إلا أن تباد سراه بكر فلا يبقى لها أبدا أثار
وقد استمرت حروب طاحنه بين القبيلتين ، وأزهت الأرواح البريئة وكانت خسارة الطرفين جسيمة ، وطلبت قبيلة بكر الصلح من المهلهل فرفض وقال :
لا أصلح الله منا من يصلحكم ما لاحت الشمس في أعلى مجاريها
وقد دامت الحرب بينهم أربعين عاما .
3. حرب داحس والغبراء :
وهما جوادا سباق ، ونشبت الحرب بين عبس وذبيان ، واستمرت أربعين سنة لسبب تافه وهو أن الحصان داس سبق الفرس الغبراء ، وقد أزهقت الأرواح البريئة واشتهر بها الفارس عنترة بن شداد العبسي رمز الفروسية عند العرب وأحد أصحاب المعلقات السبع التي علقت على ستار الكعبة ومن أشعاره :
لا تسقني ماء الحياة بذلة بل فاسقني بالعز كأس الحنظل
ماء الحياة بذلة كجهنم وجهنم بالعز أطيب منزل
أما مطلع معلقته فهو:
هل غادر الشعراء من متردم أم هل عرفت الدار بعد توهم
يخبرك من شهد الوقيعة أنني أغشى الوغى واعف عند المغنم
وقد تدخل بين القبلتين كل من حارث بن عوف وهرم بن سنان من حكماء الجاهلية وامتداحهما حكيم شعراء الجاهلية زهير بن أبي سلمى أحد أصحاب المعلقات السبع للعمل الذي قاما فيه وإصلاح ذات البين إذ قال :
يمينا لنعم السيدان وجدتما عن كل حال من سجيل ومبرم
تداركتما عبسا وذبيان بعدما تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم
4. الخنساء ترثي أخاها صخر :
لقد أبدعت تماضر بنت عمرو من قبيلة سليم في رثاء أخيها صخر ، حيث بكته ثلاثين عاما ولبست عليه السواد حدادا وقالت فيه الشعر المفعم بالحزن واللوعة والمرارة والأسى في سوق عكاظ وقد هاجت شاعريتها وتفجرت
عبقريتها في شعرها حيث قالت :
أعيني جودا ولا تجمدا إلا تبكيان لصخر الندى
إلا تبكيان الجريء الجميل إلا تبكيان الفتى السيدا
طويل النجاد رفيع العماد ساد عشيرته أمردا
5. الشموس من قبيلة طسم :
تذكي الحماس بين فرسان القبيلة لأخذ الثار و الانتقام وإطالة الحرب لمدة أطول ، ونقول :
لو كنا الرجال وكنتم النساء لكنا لا نقر على ذل
فموتوا كراما واصبروا لعدوكم بحرب تلظى في الغرام من الجزل
ولا تجزعوا للحرب يا قوم إنما تقوم بأقوم كرام على رجل
6. هند بنت عتبة :
وهذه هند بنت عتبه هند الهنود أكله الكبود ، تمثل في جثه حمزة ابن عبد المطلب سيد الشهداء وتخرج كبده وتلوكها في معركة أحد وذلك ثارا لأبيها وعمها وأخيها الذين قتلوا في معركة بدر وكانت عادة العرب في الجاهلية التمثيل بالقتلى والمبالغة بالثأر والانتقام ، وساد اعتقاد أسطوري عندهم أيضا إن القتيل يخرج من رأسه طائر اسمه (الهامة ) ويحلق فوق قبره وينعق قائلا : اسقوني اسقوني ، أي :اسقوني من دم قاتل ، حتى يأخذ بثأره وقد أشار احد حكماء الجاهلية وهو ذو الإصبع العدواني لذلك بقوله :
يا عمرو إن لم تدع شتمي ومنقصتي أضربك حتى تقول الهامة اسقوني وإن هذا الطائر يتردد على ذوي القتيل ويخبرهم إن القتيل يطلب منهم اخذ ثأره ويعود الطائر ويخبر الميت عن كل شيء وأشار أميه بن السلط إلى ذلك فيقول :
هامتي تخبرني بما تستشعروا فتجنبوا الشنعاء والمكروهان
ولما جاء الإسلام أبطل الرسول ، (صلى الله عليه وسلم) هذا الاعتقاد الخرافي إذ قال : ” لا طيره ولا هامه في الإسلام “ ، وقال أيضا : ” الإسلام يجب ما قبله ” صدق رسول الله ، كما أبطل الإسلام كل العادات والمعتقدات الفاسدة التي كانت سائدة لدى العرب أيام الجاهلية وجاء بالهدى والنور للبشرية جمعاء لينفذها من الظلمات إلى النور.