عقيدة الدروز

الباب الثاني

عقيدة الدروز والرد عليها

الفصل الأول : عقيدة الدروز ...

ويتضمن ما يلي :

1. ألوهية الحاكم عند الدروز .

2. التناسخ والتقمص والحلول .

3. الحدود الخمسة .

4. عقيدتهم في اليوم الآخر والثواب والعقاب .

5. عقيدتهم في الأنبياء .

6. عقيدتهم في التستر والكتمان .

7. رسائلهم وكتبهم المقدسة .

الفصل الثاني : الرد على عقيدتهم ...

ويتضمن ما يلي :

1. إبطال مفهومهم للألوهية ، وحلول اللاهوت في الناسوت .

2. إبطال قولهم بالتناسخ والرجعية .

الفصل الأول

عقيدة الدروز

1 – ألوهية الحاكم عند الدروز :

لعل أهم عقيدة نراها في كتب ورسائل حمزة بن علي وغيره من الدعاة ، أن للحاكم بأمر الله حقيقة لاهوتية لا تدرك بالحواس ولا بالأوهام ، ولا تعرف بالرأي ولا بالقياس ، ومهما حاول الإنسان أن يفكر فيه لمعرفة كنهه فيه فهو محاولة فاشلة لأن لاهوته ليس له مكان ، ولكن لا يخلو منه مكان ، وليس بظاهر كما أنه ليس بباطن .

ولا يوجد اسم من الأسماء يمكن أن يطلق عليه ، لأنه لا يدخل تحت الأسماء ، إذ لا يتصف بصفات ، ولا يمكن التعبير عنه بلغة من اللغات .

وهكذا يتفق ذكر التوحيد في رسائل الدروز ، وحديثهم عن لاهوتية المعبود ، يتفق تمام الاتفاق مع ما ورد في كتب الدعوة الإِسماعيلية عن الله سبحانه وتعالى ، ففي كتاب ( راحة العقل ) لأحمد حميد الدين الكرماني ، الذي كان معاصرًا لحمزة بن علي ، نجد سورًا كاملاً ذا سبعة مشارع في التوحيد والتقديس ، وحديثه في ذلك كله هو حديث رسائل الدروز .

فقد جعل الكرماني المشرع الأول : في بطلان كونه تعالى ليسًا ([1])، والمشرع الثاني : في بطلان كونه تعالى أيسًا ([2])والمشرع الثالث : في أنه تعالى لا ينال بصفة من الصفات وأنه لا بجسم ولا في جسم ولا يعقل ذاته عاقل ... ثم ختم السور بالمشرع السابع : الذي جعله من قبيل نفي الصفات الموجودة في الموجودات وسلبها عنه تعالى ) ([3]).

وكنت قد أوردت في فصل سابق رسالة مهمة تتحدث عن هذا المعتقد هي ( كتاب فيه حقائق ما يظهر قدام مولانا جل ذكره من الهزل ) حيث اتضح لنا من خلافات كيف ينظر حمزة وأتباعه إلى أفعال الحاكم ويظهرونها أفعالاً تدل على الألوهية .

وبما أن عقيدة ألوهية الحاكم ، هي المرتكز الرئيسي لعقيدة الدروز فلابد لنا من استعراض بعض ما كتبوه في رسائلهم حول هذا الأمر .

ومع أن الدروز يحاولون – تسترًا وكتمانًا – أن ينفوا هذا المعتقد أمام الأخرين ، وذلك تجنبًا لثورة الناس عليهم ، وهو ما أمرت به رسائلهم ، والذي يفهم منها أنه يجوز للموحد أن ينفي عبادته للحاكم أمام الضد .

وأبدأ أولاً بـ ( ميثاق ولي الزمان ) ، وهو نص العهد الذي وضعه حمزة بن علي ليؤخذ على الداخلين في دعوته :

(( توكلت على مولانا الحاكم الأحد ، الفرد الصمد ، المنزه عن الأزواج والعدد . أقر فلان بن فلان ، إقرارًا أوجبه على نفسه ، وأشهد به على روحه ، في صحة من عقله وبدنه ، وجواز أمره ، طائعًا غير مكره ولا مجبر .

أنه قد تبرأ من جميع المذاهب والمقالات والأديان والاعتقادات ، كلها على أصناف اختلافاتها ، وأنه لا يعرف شيئًا غير طاعة مولانا الحاكم جل ذكره ، والطاعة هي العبادة ، وأنه لا يشرك في عبادته أحدًا مضى أو حضر أو ينتظر ، وأنه قد سلم روحه وجسمه وماله وولده وجميع ما يملكه لمولانا الحاكم جل ذكره ، ورضي بجميع أحكامه له وعليه ، غير معترض ولا منكر لشيء من أفعاله ساءه ذلك أم سره .

ومتى رجع عن دين مولانا الحاكم جل ذكره الذي كتبه على نفسه وأشهد به على روحه ، أو أشار به إلى غيره ، أو خالف شيئًا من أوامره . كان بريئا من الباري المعبود ، واحترم الإِفادة من جميع الحدود ، واستحق العقوبة من البار العلي جل ذكره .

ومن أقر أن ليس في السماء إله معبود ، ولا في الأرض أمام موجود إلا مولانا الحاكم جل ذكره كان من الموحدين الفائزين .

كتب في شهر كذ وكذا من سنة كذا وكذا من سنين عبد مولانا جل ذكره ومملوكه حمزة بن علي بن أحمد ، هادي المستجيبين ، المنتقم من المشركين والمرتدين بسيف مولانا جل ذكره وشدة سلطانه وحده ) ([4]).

وقد ورد هذا الميثاق أيضًا في مصحف الدروز في ( عرف العهد والميثاق ) بوصفه : ( العهد الذي أمر مولانا الحاكم جل ذكره ، بكتابته على جميع الموحدين الذين آمنوا به ، جل ذكره ) ([5]) .

ولكن ورد في هذا المصحف ، وقبل الميثاق ، عهد جديد ، لا نعرفه إلا من هذا المصحف سمي بـ ( العهد ) ، وهذا يعطي انطباعًا لقاريء مصحفهم أن العهد والميثاق متلازمان في العقيدة الدرزية ، ولذلك نورد فيما يلي نص هذا العهد ، لأهمية ذلك في إيضاح نظرة الدروز وعقيدتهم والباقية للآن في ألوهيتهم للحاكم : ( آمنت بالله ، ربي الحاكم ، العلي الأعلى ، رب المشرقين ، ورب المغربين وإله الأصلين والفرعين ، منشيء الناطق والأساس ، مظهر الصورة الكاملة بنوره ، الذي على العرش استوى ، وهو بالأفق الأعلى ، ثم دنا فتدلى ، وآمنت به ، وهو رب الرجعى وله الأولى والآخرة ، وهو الظاهر والباطن .

وآمنت بأولي العزم من الرسل ، ذوي مشارق التجلي المبارك حولها وبحاملي العرش الثمانية ، وبجميع الحدود ، وأومن عاملاً قائمًا بكل أمر ومنع ينزل من لدن مولانا الحاكم ، وقد سلمت نفسي وذاتي وذواتي ، ظاهرًا وباطنًا ، علمًا وعملاً ، وأن أجاهد في سبيل مولانا ، سرًا وجهرًا بنفسي ومالي وولدي وما ملكت يداي ، قولاً وعملاً ، وأشهدت على هذا الإِقرار جميع ما خلق بمشارقي ومات بمغاربي .

وقد التزمت وأوجبت على هذا نفسي وروحي بصحة من عقلي وعقيدتي ، وإني أقر بهذا ، غير مكره أو منافق ، وإنني أشهد مولاي الحق الحاكم ، من هو في السماء إله وفي الأرض إله ، وأشهد مولاي هادي المستجيبين ، المنتقم من المشركين المرتدين ، حمزة بن علي بن أحمد ، من به أشرقت الشمس الأزلية ، ونطقت فيه وله سحب الفضل : إنني قد برأت وخرجت من جميع الأديان والمذاهب والمقالات والاعتقادات قديمها وحديثها ، وآمنت بما أمر به مولانا الحاكم الذي لا أشرك في عبادته أحدًا في جميع أدواري .

وأعيد فأقول : إنني قد سلمت روحي وجسمي وما ملكت يداي وولدي لمولانا الحاكم جل ذكره ، ورضيت بجميع أحكامه لي أو علي ، غير معترض ولا منكر منها شيئا ، سرني ذلك أم ساءني ، وإذا رجعت أو حاولت الرجوع عن دين مولانا الحاكم جل ذكره ، والذي كتبته الآن وأشهدت به على روحي ونفسي ، أو أشرت بالرجوع إلى غيري ، أو جحدت أو خالفت أمرًا أو نهيًا من أوامر مولاي الحاكم جل ذكره ونواهيه .

كان مولاي الحاكم جل ذكره ، بريئًا مني واحترمت الحياة من جميع الحدود ، واستحقت على العقوبة في جميع أدواري من باريء الأنام جل ذكره ، وعلى هذا أشهدك ربي ومولاي ، من بيدك الميثاق ، وأقر بأنك أنت الحاكم الإِله الحقيقي المعبود ، والإِمام الموجود جل ذكره ، فاجعلني من الموحدين الفائزين الذي جعلتهم في أعلى عليين ، ثلة من الأولين ، وقليل من الآخرين ، مولاي إن تشاء آمين ) ([6]).

وقد أورد القلقشندي نصا غريبا ليمينهم هذا ، لا يتوافق مع معتقداتهم ، وخاصة بالنسبة للدرزي ، الذي يصفه هذا القسم بأنه : الحجة الرضية ، وهذا ما لا يقبله الدروز ويرفضونه ([7]) ، وهكذا فإن هذا الميثاق وغيره يبتر حبل الصلة بين المستجيب وكل ما يؤمن به سواه ، ويدفعه لتلقي كل ما يرويه حمزة وتلاميذه – مرورًا ببهاء الدين وانتهاء بجنبلاط – عن الحاكم بالرضى والتسليم .

ويوضح حمزة في ( الرسالة الموسومة بكشف الحقائق ) لماذا أظهر اللاهوت ناسوته ؟ فيقول :

(( لكنه سبحانه أظهر لنا حجابه الذي هو محتجب فيه ، ومقامه الذي ينطق منه ليعبد موجودًا ظاهرًا ، رحمة منه لهم ورأفة عليهم ، والعبادة في كل عصر وزمان لذلك المقام الذي نراه ونشاهده ونسمع كلامه ونخاطبه ، فإن قال قائل : كيف يجوز أن نسمع كلام الباري سبحانه من بشر ، أو نرى حقيقته في الصور ؟

قلنا له : بتوفيق مولانا جل ذكره وتأييده ، أنتم جميع المسلمين واليهود والنصارى ، تعتقدون بأن الله عز وجل خاطب موسى بن عمران من شجرة يابسة ، وخاطبه من جبل جامد أصم ، وسميتموه كليم الله لما كان يسمع من الشجرة والجبل ، ولم ينكر بعضكم على بعض ، وأنتم تقولون بأن مولانا جل ذكره ملك من ملوك الأرض ، ومن وُلي على عدد من الرجال ، كان له عقل الكل ، ومولانا جل ذكره يملك أرباب ألوف كثيرة ما لا يحصى ولا يقاس فضيلته بفضيله ، شجرة أو حجر ، وهو أحق بأن ينطق الباري سبحانه على لسانه ، ويظهر للعالمين قدرته منه ، ويحتجب عنهم منه . فإذا سمعنا كلام مولانا جل ذكره قلنا : قال الباري سبحانه : كذا وكذا ، لا كما كان موسى يسمع من الشجرة هفيفًا فيقول : سمعت من الله كذا وكذا ، وهذه حجة عقلية لا يقدر أحدكم ينكرها .

وقد اجتمع في القول بأن لمولانا جل ذكره عقول الأمة ، وأن الشجرة والحجر لا تفهم وتعقل عن الله ([8])، ومن يفهم ويعقل عن الله أحق بكلام الله وفعله ممن لا يعقل عنه ، وإن كانت الشجرة حجابه ، فالذي يعقل ويفهم أحق أن يكون حجاب الله ممن لا يعقل ولا يفهم ، وكيف يجوز الباري سبحانه أن يحتجب في شجرة ويخاطب كليمه منها ثم تحرق الشجرة ويتلاشى حجابه ، سبحان الإِله المعبود عما يصفون ، لا يدرك ولا يوصف مولانا الحاكم جل ذكره وحجابه في كل عصر وزمان باختلاف الصور والأسماء ، كما نطق القرآن : ( كل يوم هو في شأن لا يشغله شأن عن شأن ) ([9]).

وفي مصحف الدروز يدعي أن العباد كانوا يتوسلون ظهور الواحد الأحد ، فيقول : ( انظروا ثم انظروا ، واسترجعوا الأيام السالفة ، فكم من العباد كانوا يتوسلون منتظرين ظهور الواحد الأحد ، والحاكم الصمد ، والفرد بلا عدد ، في الهياكل القدسية ، على شأن وصفة يعلمها كل من ألقى السمع وهو شهيد .

ها قد تفتحت أبواب العناية ، وارتفعت غمة المكرمة ، وظهرت شمس الغيب في أفق القدرة .

والآن وبعد الآيات البينات ، قمتم على تكذيب ما تنتظرون ورفض أحكم الحاكمين ، وفوق كل ذلك ، أنكم تبتعدون عن لقائه الذي هو عين لقاء الله ، كما صرح به الكتاب : ( وجاء ربك والملك صفا صفا ) ([10]).

وإلا فقولوا لي أيها الضالون المعاندون : فهل جاء لكم رب غيره مع جنوده ، أروني إن كنتم صادقين ، أو لم تعاهدوه ، وتضعوا أيديكم في يده ، أو لم ينادكم ، وأخذه عليكم ميثاقًا ، وقال : { يد الله فوق أيديهم }([11]) [ الفتح : 10 ] ( وبذلك شهد الكتاب ) ([12]).

لذلك فإنه يعيب على الذين كفروا بالحاكم ، ذلك لأن في قلوبهم مرض ويقول : ( لقد كبر على الذين كفروا ، أن يروا الله جهرة كأمثالهم ، وضلت ألبابهم وظنوه كأجسامهم وهياكلهم .

إن الذين في قلوبهم مرض ، فزادهم الله مرضا ، وأمدهم في طغيانهم يعمهون ([13])، وأما الذين آمنوا ، وسبقت ، منه لهم ، كلمة الحسنى ، فإنه ظهر لهم ليمنحهم نعم الإِيمان ، المكنونة في سدرة المعرفة المخزونة التي استظل بها أولو العزم من الرسل ، حتى لا تحرم الهياكل الفانية من أثمار المشاهدة الباقية عساهم يفوزون ويؤتون الحكمة بتجلي ذي الجلال الحاكم ) ([14]) .

ولهذا فإن لهم عذابًا شديدًا لكفرهم بدعوة الحاكم ، ويقول مصحفهم :( لئن ينتعل أحدكم بنعلين من نار ، يغلي بهما دماغه من حرارة نعليه ، إنه لأهون ، وأدنى عذابًا ، من رافض دعوة مولاه الحاكم ، بعد إذ تبين الرشد من الغي ... إلى أن يقول : ولو أن من في الأرض استغفر لهم لن يغفر الله مولاهم الحاكم الصمد ، والفرد بلا عدد ، والواحد الأحد ، خطيئاتهم ، ولو افتدى أحدهم بما في الأرض جميعًا فلا ينجيه ) ([15]).

والدروز ينفون عن الحاكم أنه ابن العزيز ، أو أبو علي ، أو له أب أو ولد ، وهذا ما ينفيه حمزة في ( رسالة البلاغ والنهاية في التوحيد ) ويقول :

لأن مولانا سبحانه ( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ) ([16]) [ غافر : 16 ] ( وما من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ، ولا أدنى من ذلك إلا هو معهم ) ([17]) [ المجادلة : 7 ] سبحانه وتعالى عن إدراك العالمين والعاليين والملائكة المقربين والناس أجمعين علوا كبيرا .

فالحذر الحذر ، أن يقول واحد منهم بأن مولانا جل ذكره : ابن العزيز ، أو أبو علي ، لأن مولانا سبحانه هو في كل عصر وزمان يظهر في صورة بشرية وصفة مرئية كيف يشاء حيث يشاء ... إلى أن يقول : وهو سبحانه لا تغيره الدهور ولا الأعوام ولا الشهور ، وإنما يتغير عليكم بما فيه صلاح شأنكم ، وهو تغيير الاسم والصفة لا غير ، وأفعاله جل ذكره تظهر من القوة إلى الفعل كما يشاء ( كل يوم هو في شأن ) ([18]) [ الرحمن : 29 ] ، أي كل عصر في صورة لا يشغله شأن عن شأن .

وأما من قال واعتقد بأن مولانا جل ذكره ، سلم قدرته ونقل عظمته إلى الأمير علي ، أو أشار إليه بالمعنوية فقد أشرك بمولانا سبحانه ، غيره وسبقه بالقول ... فمن منكم يعتقد هذا القول فليرجع عنه ويستقيل منه ويستغفر المولى جل ذكره ويقدس اسمه من ذلك ... ولا يجوز لأحد يشرك في عبادته ابنًا ولا أبًا ، ولا يشير إلى حجاب يحتجب مولانا جل ذكره فيه إلا بعد أن يظهر مولانا جل ذكره أمره ، ويجعل فيمن يشاء حكمته ، فحينئذ لا مرد لقضائه ولا عاصيًا لحكمه في أرضه .

ويضيف قائلاً : والنور الشعشعاني التمام ، ومعبود جميع الأنام ، الصورة المرئية الظاهر لخلقه بالبشرية المعروف عند العالم بالحاكم .

وما أدراك ما حقيقة الحاكم ؟ ولم تسمى بالحاكم في هذه الصورة ؟ دون سائر الصور ؟ ومولانا جل ذكره غير غائب عن ناسوته ، فعله فعل ذلك المحجوب عنا في نطقه ذلك النطق ، لا يغيب اللاهوت عن الناسوت إلا أنكم لا تستطيعون النظر إليه ، ولا لكم قدرة بإحاطة حقيقته .

وأراد بالحاكم ، أي يحكم على جميع النطقاء والأسس والأئمة والحجج ويستعبدهم تحت حكمه وسلطانه ، وهي عبيد دولته ومماليك دعوته الحاكم بذاته ... وترك الاعتراض فيما يفعله مولانا جل ذكره ، ولو طلب من أحدكم أن يقتل ولده لوجب عليه ذلك بلا إكراه قلب ، لأن من فعل شيئًا وهو غير راض به لم يثب عليه ، ومن رضي بأفعاله وسلم الأمر إليه ، ولم يراء إمام زمانه ، كان من الموحدين الذين لا خوف عليهم .

واعلموا أن الشرك خفي المدخل ، دقيق الستر والمسبل ، وليس منكم أحد إلا وهو يشرك ولا يدري ، ويكفر وهو يسري ويجحد وهو يزدري ، وذلك قول القائل منكم : بأن مولانا سبحانه صاحب الزمان ، أو إمام الزمان ، أو ولي الله أو خليفته ، أو ما شاكل ذلك من قولكم : الحاكم بأمر الله ، أو سلام الله عليه ، أو صلوات الله عليه ) ([19]).

وبالإِضافة إلى الرسالة – السابق ذكرها – ([20]) ( كتاب ما يظهر قدام مولانا من الهزل ) هناك رسالة أخرى لحمزة هي ( رسالة السيرة المستقيمة ) يعطينا فيها حمزة المزيد من تأويلاته لأفعال الحاكم الغريبة ، ومما يقوله :

ومن رسوم مولانا جل ذكره الركوب في الهاجرة ، والمسير في الرمضاء وفي الشتاء ، إذا كان يوم جنوب صعب وغبار عظيم يتأذون الناس في بيوتهم من ذلك الريح والغبار .

ثم يركب المولى سبحانه في ظاهر الأمر إلى حجر الجب ، ويرجع وما في الموكب أحد إلا وقد دمعت عيناه من الغبار والريح ، وكلت ألسنتهم عن النطق الفصيح ، ونالهم من المشقة والتعب ما لم يقدر عليه أحد ، ومولانا سبحانه على حالته التي خرج بها من الحرم المقدس ، ولم يراه ([21])أحد قط في وقت الهاجرة الهائلة والسموم القاتلة قد اسود له وجه في ظاهر الأمر ، ولا لحقه شيء من تعب ، ولا يقدر أحد منهم يقول بأنه لحقه شيء من ذلك .

ومع هذا فقد ترك خلق كثير ممن هو معه في المواكب وكدهم بالنظر إليه لمثل هذه الأمور ، فلم يروا منها شيئا ، ولا يقدر أحد يقول من حضر مع مولانا سبحانه في ظاهر الأمر في مواضع لا يحصرها كل الناس ، أنه شاهد ([22])يفعل شيئًا مما ذكرناه من تعب أو أكل أو شرب حاشاه سبحانه من ذلك .

وأيضًا ما يزعم المشركون به مما أوراهم ([23])من علة جسم من حيث أعلال قلوبهم ، وهو في ظاهر الأمر يركب في محفة يحملها أربعة من الأضداد المشركين وتشق به أوساط المارقين الناكثين والمنافقين ، وما من العساكر إلا وقد قتل ساداتهم ، والرعية كلهم أعداؤه في الدين ، إلا شرذمة يسيرة موحدين له مؤمنين به راضين بقضائه ، ومن رسوم الملوك أنهم لا يثقوا بأحد من عساكرهم ، ولا من أولادهم خوفًا من غدرهم .

فكيف يزعمون أنه مريض ، وليس يقدر يمشي ، وقد قتل جبابرة الأرض وملوكهم ، ويمشي بينهم في محفة ، وهو الذي ذكرته لكم في هذه السيرة وأصناف هذه الأفعال ليس هي فعل أحد من البشر ، وما هو شيء يستعظم للمولى سبحانه ) ([24]).

إذن فكل هذا القتل ، والسفك ، وغير ذلك من أفعاله ، لم تكن طبيعية ، بل هي مقررة ، تمت بخطة يستوعبها الناس على أن هذا ليس من فعل بشر ، وإنما هو فعل إله : يقتل ، ويحيي ، ويرزق ، ويمنع .

أما لماذا تسمى الإِله المعبود بأسماء العباد ؟ فهذا أيضا ما يوضحه حمزة في ( رسالة السيرة المستقيمة ) بقوله : ( فإن قال قائل : فلم تسمى المولى سبحانه باسم العبد ، وما الحكمة فيه ؟

قلنا له بتوفيق مولانا جل ذكره وتأييده : أن جميع ما يسمون الباري جل ذكره في القرآن وغيره فهو لعبيده وحدوده ، وأجل اسم عندهم في القرآن ( الله ) ، وظاهره خطوط مخلوقة ، وباطنه حدود مرئية مرزوقة وظاهره اسم وباطنه مسمى ، والمعبود غيرهما وهو الاسم الحقيقي ، وهو لاهوت مولانا سبحانه وتعالى عما يصفون .

فلما كانت العبيد عاجزين عن النظر إلى توحيد باريهم إلا من حيث هم وفي صورهم البشرية ، أوجبت الحكمة والعدل أن يتسمى بأسمائهم حتى يدركون بعض حقائقه ) ([25]).

ولكي يبرهن دعاة الدروز على أن عبادتهم وتأليههم للحاكم هي العبادة الصحيحة ، يحاولون أن يثبتوا أن عبادة جميع أهل النحل والأديان الأخرى ، هي عبادة عدم ، لأنها بلا معرفة ولا مشاهدة . يقول المقتني بهاء الدين في ( الرسالة الموسومة بالشافية لنفوس الموحدين ) ما يلي :

وذلك أن جميع أهل النحل والأديان يعترفون بالمعبود وينكرون إذا دعيوا إلى حقيقته – الوجود – كما قال : ( يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها ) ([26])، أي يقرون أن لهم باريا ، فإذا دعيوا إلى معرفة توحيده أنكروا وجوده ، وكلهم أعني من قدمت ذكره من جميع أهل النحل والأديان يوجبون على أنفسهم عبادة يرجون بها ثوابه ويفرون بها من عقابه ، والعقل يقطع ويشهد ويوجب أن الثواب لا يصح ولا يثبت إلا من بعد معرفة المثيب إذ كان الخلق إلى معرفة المثيب هم أحوج منه إلى معرفة ثوابه ، وأيضًا جميع أهل الشرع والمذاهب المتقدمة .

وأيضًا فإن كان معدومًا فقد سقطت الحجة عن جميع الخلق وكانت الكل معذورين في توقفهم عن طلب الحق ، ويؤيد ما ذكرته ما تقدم به الخلق من أقوالهم ، أن الله لا يحتجب عن خلقه لكن حجبته عنهم أعمالهم ) ([27]).

وفي هذا المعنى أيضًا يقول في ( رسالة من دون قائم الزمان والهادي إلى طاعة الرحمن ) ما يلي : ( وجميع العالم على شك ، والشك هو الكفر لأنهم يعبدون من لا يسمع ولا يُسمع ، ولا يضر ولا ينفع ، ولا يدرون هل عبادتهم مراده ، أو أراد منهم شيئًا مما أجازته عقولهم .

وأيضًا فقد تقدم القول بأن المولى جل ذكره عادل غير جائر ، تعالى وجل عما يقوله الملحدون علوا كبيرا ، فأي عدل يقتضي أن يكون فوق سبع سموات على كرسي فوق السماء السابعة كما يزعم المشركون ([28])، وقد كلفنا مع هذا عبادته ومعرفته ، فهل في وسع أحد أن يعرف ما خلف الجدار الذي هو أقرب إليه من كل قريب إن لم يكشف عنه وينظره بعينه ، فنعوذ بالمولى أن ننسبه أنه احتجب بهذه الحجبة ، ثم كلفنا مع ذلك عبادته ومعرفته ، بل ظهر تعالى بهذه الصورة الناسوتية التي تشاكلنا من حيث المجانسة والمقابلة ، فهذا نفس العدل .

ووجه آخر أن ابن آدم غرض الباري من جميع المخلوقات ، فلما صح عند ذوي العلم والمعرفة والفهم ، أن ابن آدم أفضل الأشياء كلها وجب أن يحتجب الباري جلت قدرته في أجل الأشياء ، واحتجب بأشرف المخلوقات ، واحتجب بأعلم الأشياء ، فنعوذ بالمولى من سوء اعتقاد من يعتقد أنه في الأموات ، وأيضًا فإن العالم كله ما اخلتفوا في أن الباري قادر فأين قدرته لو غاب الدهر كله لا يظهر ، أليس يكون عجز عن الظهور ؟

وأيضًا فلو ظهر الدهر كله ، ثم لم يغب لعجز عن الغيبة ، ولو ظهر في كل الظهورات بصورة واحدة وعلى حالة واحدة لكان ذلك عجزًا ) ([29]).

بهذه الطريقة يحاول حمزة ودعاته أن يثبتوا أن ظهور الاهوت بصورته الناسوتية ( الحاكم ) ، كان رحمة للناس وعدلاً لهم منه ، وفي زعمهم أن أهل الأديان الأخرى لا يعبدون إلا العدم الذي لا يسمع ولا ينفع ولا يضر ، فكان ظهوره هذا رحمة للموحدين .

أما لماذا تسمى الحاكم – ( الإمام ) ؟ فيجيبنا حمزة على ذلك بقوله : ( ولو كان في العالمين شيء أفضل من الإِمامة ، لكان المولى جل ذكره في ظاهر الأمر تسمى به ، فلما لم يظهر في الناسوت إلا باسم الإِمامة علمنا أنه أجل أسماء المولى جلت قدرته ) ([30]).

وعن نهي الحاكم تقبيل الأرض بين يديه ، وتأويل ذلك ، تجيب عنه ( الموسومة برسالة النساء الكبيرة ) إذ تقول : ( ألم تسمعن ما تلي عليكم في السجل المكرم أيضا ، بالنهي عن تقبيل الأرض بين يدي مولانا جل ذكره ، ألم تعلمن أن الأرض هي الأساس ، وأن التقبيل أخذ علمه ، وقد نهاكن عن ذلك ) ([31]).

وفي شرح ( ميثاق ولي الزمان ) يشرح قول حمزة في الميثاق : ( وأنه لا يعرف شيئًا غير طاعة مولانا جل ذكره ) بقوله :

المعرفة ها هنا بالفعل لا بالعلم ، يعني أنه لا يدخل في عبادة الحاكم سبحانه ولا يعتقد سواه ، كقوله : لم أعرف غيره ولم أتوجه إلا إليه ، وكقوله : لم ينطلق في الدعوة الشركية ولا يعرف غير الدعوة اللاهوتية .

والطاعة هي العبادة ، لأن العبادة في هذا الموضع تأليه وتقديس ، وفي غير هذا الموضع العبادة هي الاتباع والطاعة مطلقًا ، ويجوز للعبد أن يقول عن نفسه : أنه يعبد الإِمام أي يتبعه ويطيعه ، كقوله : ( إن كنتم إياه تعبدونه ) ([32])أي تطيعون وتتبعون .

وإنما أظهر لنا الناسوت رفقًا بنا وطمأنينية لقلوبنا ، لأن ليس في طاقتنا مقابلة الأهوة . وقال : ولو انكشف لها معرفة مبدعها من غير تأنيس ولا تدريج لصعقت لقدرته وخرت ، فلو تجلي جل جلاله للخلق من حيث هو لتلاشي كل شيء لعظم إشراق ضوء شعاع نور الأهوة .

ويجب على من أقر بصورة الناسوت أنه يعلم علما يقينا أن اللاهوت فيها غير منفصل عنها كقوله : إن الحجاب هو المحجوب ، والمحجوب هو الحجاب ذلك هو ، وهو ذلك لا فرق بينهما ، وكقوله لا يغيب اللاهوت عن الناسوت ، ومثل الناسوت في اللاهوت مثل الخط من المعنى ، فالخط مثل الناسوت ) ([33]).

ولا يزال الدروز حتى الآن يؤمنون ويقولون بهذه الأقوال ، من هؤلاء الدكتور سامي مكارم الذي يقول :

(( ويمكننا أن نقول : إن الناسوت من اللاهوت كالخط من المعنى ، وكما أن فكر الإِنسان المحدود بالكيفية والإِضافة والزمان وما شابه ذلك لا يستطيع أن يدرك المعاني مجردة من الخط أو الصورة أو الصوت ، كذلك لا يمكن أن يدرك اللاهوت بوجه من الوجوه ، وإنما يتجلي الله في الناسوت ، ويكون هذا الناسوت قد تنزه عن كل ما ليس هو في حقيقته وشموله ، فأضحى تشخيصًا للإِنسان الكامل ، أي ناسوتًا مجردًا متطهرًا مثاليًا متنزلاً بتجرد الباقي السرمدي فيه عن التوهم والفناء .

وهذا هو التأنيس بالنسبة للآخرين بغية التعرف من خلاله إلى حقيقة الموجود في سعي بعضهم ، وتقربهم ، وطلبتهم للمشاهدة والتوحيد الآخر ) ([34]).

والدروز يعتقدون أن الإِله المعبود اتخذ له في الأدوار الماضية صورًا ناسوتية أخرى ، ويعتقدون أيضًا أن هذه الأدوار كانت سبعة أدوار وأن الإِله المعبود قد أظهر ناسوته في هذه الأدوار عشر مرات أو ( مقامات ) ، وفي ( رسالة السيرة المستقيمة ) حديث طويل عن هذه الأدوار ، يقول حمزة في هذه الرسالة :

وهو القسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم ، هو الحاكم جل ذكره نطق بأن مولانا جل ذكره هو القائم على كل نفس بما كسب ، وهو المعز ، وهو العزيز ، وهو الحاكم جل ذكره ، يظهر لنا في أي صورة شاء كيف يشاء ( إن الدين عند الله الإِسلام ) ([35])، أي سلموا أمورهم إلى المولى سبحانه ورضوا بقضائه ، فهم المسلمون له حقا ، والمؤمنون به ، والموحدون له تأليهًا وسدقًا .

وتسمى مولانا جل ذكره بالقائم لأن أول ما ظهر للعالم بالملك والبشرية في أيام النطقاء الناموسية والشركية ، فقام على العالمين بالقوة والقدرة ) ([36]).

فتغيير صور ناسوته إنما كان لصلاح شأن الناس ، لأن ناسوته لا يفارق لاهوته طرفة عين ، لذلك ظهر في مقام القائم باسمه ووصفه ، وظهر في مقام المنصور جلت قدرته ، وهو في مقام المعز جلت عظمته ، وفي مقام العزيز أيضًا جل جلاله ( العزيز والمعز هما أب وجد الحاكم بأمر الله ) ، وكل هؤلاء واحد لا يشغله شأن عن شأن ، يعني لا يشغله ظهوره في صورة عن ظهوره في صورة أخرى ) ([37]).

والمقامات الناسوتية التي ظهر فيها المعبود هي كما يعتقد بها الدروز :

1. العلي .

2. البار .

3. أبو زكريا : ظهر في وقت السماء الثالثة سنة 220 هـ .

4. عليا : ظهر في وقت السماء الرابعة .

5. المُعل : ظهر في وقت السماء الخامسة .

6. القائم : كان طفلاً استودعه مع سر إمامته أبوه المعل برعاية سعيد المهدي الملقب بـ ( عبيد الله ) سنة 280 هـ ، وكان سعيد في العشرين من عمره ، هرب بالقائم من وجه العباسيين إلى مصر سنة 289 هـ ، ثم إلى شمال أفريقية سنة 308 هـ ، وهو مؤسس الدولة الفاطمية .

تلاه المنصور الذي حكم من سنة 334 إلى سنة 341 هـ ، ثم المعز من سنة 341 إلى سنة 365 هـ ، وهما مع القائم يعتبرون في المذهب الدرزي ذاتًا واحدة .

7. العزيز : من سنة 365 إلى سنة 386 هـ ، وأخيرًا الحاكم بأمر الله ) ([38]).

والاعتقاد بهذه المقامات العشرة ، واجب مؤكد على الدرزي ، ففي رسالة درزية مخطوطة ، مجهولة المؤلف وعنوانها ( ذكر ما يجب أن يعرفه الموحد ويعتقد به ويحفظه ويسلك بموجبه ، وهو قول موجز عن كتاب الفرائض ) يقول فيها مؤلفها :

ويجب معرفته تعالى في المقامات العشرة الربانية وهم : العلي ، والبار ، وأبو زكريا ، وعليا ، والمعل ، والقائم ، والمنصور ، والمعز ، والعزيز ، والحاكم ، وكلهم إله واحد لا إله إلا هو .

فالعلي الأعلى كل زمان تجريد ولا إمامة فيه ، ولم يكن قبله شيء وظهر في أول الدنيا ، ثم البار تجريد عن الإِمامة وظهوره في أواخر أدوار الدنيا ، وبين العلي والبار تسع وستون كشفة ، وبين كل كشف وكشف سبع شرائع ، وبين كل شريعة وشريعة سبعة أئمة ، ومدة كل إمام مائة ألف سنة ، فتكون الأدوار والشرائع من العلي إلى البار ثلثمائة ألف سنة .

ثم بعد غيبة مقام البار سبحانه وتعالى ، ظهر آدم الجزي الذي هو أحنوخ بشريعة توحيدية يدعو إلى توحيد البار سبحانه ، وظهر بعده سبعة أئمة من حروف الصدق وحدوا حدوده ، ثم ظهرت بعدهم الشرائع الناموسية بالنطقاء التكليفية الذين هم : نوح ، وإبراهيم ، وموسى ، ومحمد ، وسعيد المهدي ، وكلهم نفس واحدة ، وبين كل ناطق وناطق سبعة أئمة ، ودخل أهل الحق في هذه الشرائع المذكورة ([39]).

وأما ظهور أبي زكريا وعليا ([40])والمعل ، كان بإمامة مستورة في دور محمد بن إسماعيل ، ثم بعد سعيد المهدي ظهر البار سبحانه في مقام القائم والمنصور والمعز والعزيز ، وذلك في الخلافة الظاهرة والإِمامة الباطنة .

وأما مقام الحاكم فظهر بالثلاث منازل المذكورة ، ثم تجرد بالوحدانية وكشف توحيده مدة من السنين ، ثم أعطى الخلافة والإِمامة لعلي الظاهر ([41])، الذي هو الدجال ، وأعطى الإِمامة الحقيقية إلى صاحبها الذي هو القائم المنتظر حمزة بن علي صلى الله عليه ) ([42]).

ومما يذكر أن حمزة أيضًا أيضًا وجميع الحدود الآخرين كانوا يظهرون في هذه الأدوار بأسماء وصور مختلفة .

وفي ( رسالة السؤال والجواب ) هذا الحوار أيضًا عن المقامات الناسوتية التي ظهر بها اللاهوت :

س : وكم مرة ظهر مولانا الحاكم بالصورة الجسمانية ؟

ج : ظهر عشر مرار ، وتسمى بالمقامات وهم : العلي ، البار ، عليا ، المعل ، القائم ، المعز ، العزيز ، أبو زكريا ، المنصور الحاكم .

س : فأول المقامات الذي هو العلي ، أين ظهر ؟

ج : ظهر في الهند في مدينة يقال لها حين ما حين .

س : والبار أين ظهر ؟

ج : بالعجم في مدينة يقال لها أصبهان ([43])ولأجل هذا تقول الفرس بارخدا ، وعليا ظهر في اليمن ، والمعل ظهر بالمغرب ، في صورة رجل مكاري على ألف جمل ، والقائم ظهر بالمغرب في مدينة يقال لها المهدية ([44])، ومنها جاء إلى مصر ، وأبو زكريا والمنصور ظهرا في المنصورة ([45])، والمنصور كان اسمه إسماعيل .

س : وكيف نقول في باقي الملل ، الذين يقولون أننا نعبد الرب الذي خلق السماء والأرض ؟

ج : ولو قالوا ذلك لا يصح معهم ، لأن العبادة لا تصح بلا معرفة ، ولو قالوا عبدنا ولم يعرفوا أن الرب هو الحاكم بذاته فتكون عبادتهم كاذبة ) ([46]).

ويقول الدكتور محمد كامل حسين : ( وليس لنا أن نناقش هذه العقيدة ، إلا أننا نحب أن نسجل أن ظهور أبي زكريا القرمطي كان أسبق من ظهور القائم بأمر الله .

ثم قولهم في ( رسالة السيرة المستقيمة ) : أن القائم كان بمصر وبنى بها بابا يسمى الرشيدية ، كل ذلك بعيد عن الحقيقة التاريخية ، حقيقة حاول القائم بأمر الله فتح مصر أكثر من مرة ولكن لم يوفق ، فكيف أقام بها وشيد بها بابًا ؟ ) ([47]).

والحقيقة أن الدارس لرسائل الدروز وخاصة رسائل حمزة يجد المغالطات التاريخية التي لا تخفي على أحد ، وخصوصًا عندما يتحدث حمزة عن ظهوراته أيضًا في المقامات المختلفة من زمن آدم عليه السلام إلى زمن محمد صلى الله عليه وسلم .

وكل هذا يدل دلالة واضحة على الشعوذات والمغالطات التاريخية التي أتبعها حمزة في إثبات معتقداته .

غير أن هناك نقطة مهمة في هذا الموضوع أحب أن أوضحها ، وهي أن المقام الأخير من ظهور اللاهوت بالناسوت – أعني ظهور الحاكم – كان الظهور الأخير من ظهور المعبود .

لأن المعبود غضب – بعد ذلك – على كل خلقه ماعدا الموحدين ؟! ولذلك أغلق باب دعوته فغاب إلى داخل السور المسمى ( سد الصين ) ليبقى إلى أن يشاء ثم يظهر يوم الدين .

وهذا ما يقوله حمزة في ( رسالة الأسرار ومجالس الرحمة والأولياء ) ، أما متى سيكون يوم الدين فهذا ما تحدث عنه حمزة مرارا بأنه سيكون قريبًا ، وبذلك يكون انتهاء هذا الدور ، كما صرح حمزة : أن الأدوار السابقة سبعون دورًا ومن كل دور واحد سبعون أسبوعًا وكل أسبوع سبعون سنة ، وكل سنة ألف سنة من السنين التي يعدها البشر ([48])، وفي كل هذه الأدوار ظهر المعبود في نفس الصور التي ظهر في هذا الدور الذي نعيش فيه ، وبذلك يكون عدد ظهور المعبود في كل الأدوار حوالي سبعمائة مرة ) ([49]). والغريب أن كمال جنبلاط يحدد ظهور التجلي الإِلهي الجديد في حدود سنة ( 2000 م ) ، حيث يتنبأ بظهور التجلي الإِلهي والحكيم من جديد ، وعندها يفتح الطريق من جديد ويصير بإمكان جميع الناس في كافة أصقاع العالم سلوكها ([50]).

ويقول المقتني بهاء الدين عن يوم الدين حسب وجهة نظره :

وأنتم تعلمون معاشر الإِخوان ، وفقكم المولى لطاعته وسددكم عرضاته ، أن قد صح عندكم أن الدنيا قد أفناها مولانا الحاكم سبحانه ، وأنكم في أوائل الآخرة ودليلكم على ذلك واضح ، وذلك أن مولانا سبحانه أظهر لكم إمام توحيده فنادى بكم وأرشدكم ... واعلموا معاشر الإِخوان ، أن لو كان المعبود سبحانه ينتقل بعد هذا الظهور في الأقمصة المختلفة لكان هذا أمر لا نفاذ له ، وأمد لا آخر له ، وكانت تنفذ الديانة الآن ، ويكون هذا يدل على أن من عمل عملاً لم يجازي عليه من ضد وولي ) ([51]) .

ونختتم هذا المبحث عن ألوهية الحاكم ، بـ ( شعر النفس ) الذي نظمه أحد حدودهم : إسماعيل بن محمد التميمي صهر حمزة ، وهو موجود بين رسائلهم ، يمجد فيه الحاكم الإله المعبود ، يقول التميمي في هذا الشعر :

إلى غاية الغايات قصدي وبغيتي إلى الحاكم العالي على كل حاكم

إلى الحاكم المنصور عوجوا وأتمموا فليس فتى التوحيد فيه ينادم

هو الحاكم الفرد الذي جل اسمه وليس له شبه يقاس بحاكم

حكيم عليم قادر مالك الورى يؤانس بالاسم المشاع بحاكم

هو الحاكم المولى بناسوته يُرى ولاهوته يأتي بكل العظائم

تسمى إمامًا والإِمام عبده يتقظى ولا يصغى إلى كل نائم

وقد ظهر المولى فآنس عبيده بأفعالهم أنسا بحكم حاكم

ظهورا بأفعال العبيد وشكلهم ويؤنسهم والخلق شبه بهائم ([52]).

إن النصوص السابقة وأخرى كثيرة مثلها ، تدل صراحة على تأليه الحاكم من قبل الدروز :

وأمام هذه النصوص الواضحة والجلية ، أتساءل : لماذا يحاول الدروز للآن أن ينفوا ظاهرًا هذا عن معتقدهم ؟ مع أنهم يؤكدونها في مجالسهم الخاصة . يقول الأستاذ عبد الله النجار ( وهو درزي ) : ( وإني لأذكر عتاب كبير الأشياخ الثقات ، لأني ذكرت في أحد الكتب المطبوعة : أن أم الحاكم كانت صقلبية ، إذ قال لي : أن الحاكم لا أم له مرددا ما جاء في الرسالة 26 : حاشا مولانا جل ذكره من الابن والعم والخال ، ( لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ) ([53]) .

ولقد حاولت جهدي أن لا أعلق كثيرًا على ما تضمنته هذه الرسائل ، لأن ما تحويه لا تجعل مجالاً لأي تعليق ؟ وما تضمنته يغني عن أية زيادة ؟!

2 – التناسخ والتقمص والحلول .

يستدل من النصوص الواردة في رسائل الدروز ، بأن الدروز يعتقدون بالتناسخ والتقمص ، أي بانتقال النفس من جسم بشري إلى جسم بشري آخر ، باعتبار أن النفس لديهم لا تموت ، بل يموت قميصها ( الجسم ) ، ويصيبه البلي ، فتنتقل النفس إلى قميص آخر .

وهذا خلاف التناسخ الذي تعتقده فرق أخرى – كالنصيرية - ، والذين لا ينحصر عندهم التناسخ بين الناس ، بل يكون أحيانًا بينهم وبين البهائم – أي بمعنى المسخ - ) ([54]).

وعقيدة الدروز تنكر المسخ في التناسخ إنكارًا صريحًا ، وتنفيه نفيًا قاطعًا ، حتى إنها استبدلت لفظة التناسخ بـ ( التقمص ) ، لأن في انتقال النفس إلى جسم حيوان ظلم له ، ولأن العقاب والثواب بني – حسب ما يزعمون – على قاعدة العدل الإِلهي في محاسبة الأرواح بعد مرورها في الدهر الطويل ، لا في مدى حياة واحدة ، بخيرها وشرها ، وقصرها أو طولها ، بحيث يمنحها الدهر الطويل فرص الاكتساب والتطور ، والامتحان والتبدل ، لكي تحاسب حسابًا عادلاً على مجموع ما كتب ، فلا تكون الأرواح كيانات مبهمة غير واعية ) ([55]).

ولكن الدروز يعتقدون بالمسخ المعنوي أو المجازي ، يقول الأستاذ عبد الله النجار : ( المسخ في اللغة تحويل الصورة إلى أقبح منها ، فيقال مسخه الله قردًا ، وهذا دينيا ، ورد ذكره ، مجازي معنوي ، المقصود منه التحقير ، والذم ، والتوبيخ ، وهو تعبير مجازي وليس حسيا على الإِطلاق .

وإنما تكون الحكمة في عذاب رجل يفهم ويعرف العذاب ، ليكون مأدبة له وسببا لتوبته ... وإنما يكون العذاب الواقع في الإِنسان ، نقلته من درجة عالية إلى درجة دونها في الدين ، وفي قلة معيشته وعمى قلبه في دينه ودنياه ) ([56]).

ومن اعتقادهم في هذا الموضوع : ( أن العالم قد خلق دفعة واحدة ، وأن البشر خلقوا سوية وليسوا بمتناسلين من أب واحد ، بل من حين الخليقة وجد الحايك في نوله ، والبناء على الحائط ، وأن عدد أنفس البشر لا يزيد ولا ينقص ) ([57]).

وفي هذا المعنى جاء في رسالة ( من دون قائم الزمان ) ما يلي :

( أليس قد صح عند كل ذي عقل ومعرفة بالحقيقة والفضل ، أن هذه الأشخاص أعني عالم السواد الأعظم لم يتناقصوا ولم يتزايدوا ، بل هي أشخاص معدودة من أول الأدوار إلى انقضاء العالم والرجوع إلى دار القرار .

والدليل على ذلك أن هذه الخلقة أعني العالم العلوي والسفلي ليس لها وقت محدد ، ولا أمد عند العالم معدود ، أليس لو زاد العالم في كل ألف سنة شخصًا واحدًا لضاقت بهم الأرض .

ثم إنه لو نقص في كل ألف سنة شخص واحد لم يبق منهم أحد ، فصح عند كل ذي عقل راجح ، ومن هو بالحقيقة لنفسه ناصح ، أن الأشخاص لم تتناقص ولم تتزايد ، بل تظهر بظهورات مختلفات الصور على مقدار اكتسابها من خير وشر ) ([58]).

وكذلك نجد في ( رسالة ذكر الرد على أهل التأويل الذين يوجبون تكرار الإِله في الأقمصة المختلفة ) ما يلي :

عرفوني يا شيوخ التجريد هذه القوى التي تفارق الأجسام أين مستقرها ؟ وأين يكون ثباتها ؟ فإن قلتم : فيما بين الأرض والسماء ، فهي لكثرة النشوء تسد ما بين العالمين ، وتخالط الهوى وتأتي عليها الطبائع ويدخل عليها من التضاد والفساد ما يدخل على غيرها ، وإن أوجبتم أن ثباتها فوق السماء فهي تملأ الأفق ) ([59]).

والملاحظ في رسائل حمزة أن العذاب الواقع بالإِنسان يكون بنقلته من درجة عالية إلى درجة دونها من درجات الدين ، ويستمر تنقله من جسد إلى جسد بتناسخ روحه وتقمصها في الأجساد ، وهو كلما تنتقل روحه من جسد إلى جسد تقل منزلته الدينية .

أما الجزاء في الثواب مادام يتكرر في الأجساد فهو زيادة درجته في العلوم الدينية وارتفاعه من درجة إلى درجة ) ([60]).

وهكذا تمر النفس في دورانها بحالات مختلفة وتظل كذلك حتى تتطهر – إن كانت صالحة - ، وبعد هذا التطهير يكون الزمن الذي يعقب قيام القيامة التي يترقبها الدروز ، أما النفس الشريرة فتظل معذبة بجميع أنواع العذابات المعروفة .

والعذاب الأكبر هو عذاب الضمير ، وعذاب الندم على ما فات ، لأنها لم تنتفع من أدوارها الماضية ) ([61]).

وهم يعتقدون أنه : ( كلما مات إنسان انتقلت روحه لمولود جديد ، ويسمى ذلك عندهم الفرقة والخلقة ، ويشبهون النفس بالسائلات التي تحتاج إلى إناء يضبطها فإذا كسر فلابد من تلقي السائل في إناء غيره لئلا يهرف ويضيع ) ([62]).

وبناء على ذلك فإذا مات أحد من مذهبهم فإنه يولد ثانية على نفس هذا المذهب ، ولهذا فلا يقبلون أحدا في مذهبهم حتى ولو اطلع الإِنسان على كتبهم وعرف ديانتهم واعتقد صحتها وسلك بموجبها فلا فائدة من ذلك ، بل حين موته ترجع روحه إلى مذهبه القديم .

وكذلك إذا انتقل أحد من مذهبهم إلى غيره ، فإنهم لا يعترفون بذلك ، لأن روحه في النقلة الأخرى ستعود إلى مذهبه القديم ([63]).

يقول الدكتور سامي مكارم عن هذه النقطة : ( ففي عقيدتهم أن الذين نقلوا الدعوة وتعرضوا إلى الحقيقة في الماضي لا يزالون يولدون من تقبل الدعوة .

كذلك فإن التقمص في معتقد التوحيد ليس تطورًا للروح في هذا الدور ، بل هو تقلب الروح في شتى الأحوال ، لكي يتسني لها أن تختبر هذه الأحوال .

فمن لم يتقبل نداء الحق ، حسب معتقد التوحيد ، لا يمكنه إلا أن يحصد نتيجة أعماله في حيواته التالية ، وكذلك هي الحال بالنسبة لمن تقبل هذا النداء وتعرف إلى الحقيقة .

والتقمص يتضمن – عند الدروز أيضًا – تمييزًا جنسيًا ، فالذكر يولد ذكرًا ، والأنثى أنثى ) ([64]).

ونتيجة لهذه النظرية عندهم ؛ فإنهم يقولون : ( عن ذوي العاهات والمصابين كالأعمى والأعرج والفقير والجاهل ، أن مصابهم هو قصاص عن ذنوبهم في مدة حياتهم السابقة ، ويحتجون بذلك على النصارى فيما ورد بالإِنجيل حينما سأل الرسل السيد المسيح : عن ذلك الأعمى هل هو أخطأ أم أبواه ؟ حتى ولد أعمى ، ويقولون : إنه إذا كان قد أصيب بالعمى وقت ميلاده لخطيئته ظهرت منه .

ويعتقدون أيضًا : أن إيليا النبي هو يوحنا المعمدان ، وأن المسيح أي حمزة أخبر عنه في إنجيل متى : بأن يوحنا هو إيليا ، ويجعلون هذا برهانا على التقمص ، وهكذا يجعلون الغني والعالم والجاهل ، إنما استحقوا ذلك مكافأة لهم ) ([65]).

ويتسدل الدروز بآيات من القرآن الكريم ليثبتوا فيها اعتقادهم بالتناسخ ، مؤولين معناها ليتفق مع ما يزعمون ، ومن ذلك ما استدل به الأستاذ فؤاد الأطرش من آيات القرآن الكريم ، زاعمًا أنها تدل على التناسخ :

{ كلما نضجت جلودهم ، بدلناهم جلودًا غيرها }([66]) [ النساء : 56 ] .

{ كيف تكفرون ( بنعمة ) الله ، وكنتم أمواتًا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون } ([67]).

لا ينفع نفسًا إيمانها ( إن ) لم تكن آمنت من قبل وكسبت في إيمانها خيرًا ) ([68]).

{ منها خلقناكم ، وفيها نعيدكم ، ومنها نخرجكم تارة أخرى }([69]) [ طه : 55 ] .

{ يخرج الحي من الميت ، ويخرج الميت من الحي ، ويحي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون } ([70]) [ الروم : 19 ] .

ويزعم الأستاذ الأطرش أيضًا : ( أن تشبيه النفس بالأرض إثبات مادي على التقمص لا يقبل الجدل ، فلنتأمل في أدوار الأرض ومواسمها وموتها ثم حياتها .

والإِنسان يرفض هذه الفكرة لأنها تناقض مبدأ الذاتية وتحطم أحلامه ، ويضع الإِنسان أمام الواقع الروحي موضع المنافح في سبيل خلاصه من أسر مادية التفكير والحياة ) ([71]).

وبسبب اعتقادهم بالتقمص ، يعتقدون أيضًا بالنطق ، ( والنطق هو : أن الروح حين تنتقل من جسد إلى جسد تحمل معلومات عن دورها في الجيل السابق – يعني في الجسم الذي كانت تتقمصه قبل قميصها الحالي ، وفي هذه الحالة تتحدث أو تنطق بما تذكره من وقائع عن حياتها السابقة ) ([72]).

ولكن هناك من الدروز مثل الأستاذ عبد الله النجار ، من ينفي نظرية ( النطق ) هذه من أساسها ، ويعتبرها خرافات ومن سذج العامة ويستشهد على ذلك بنصوص من رسائلهم ، ومما ذكره نقلاً عن الرسالة 67 : ( فإن قال قائل : ما لنا لا نعرف ما مضى من الأدوار ؟ قال له المحتج بالحقيقة : إنك لو ذكرت ، وعرفت ، لشاركت المبدع في غيب حكمته ، ولكان ذلك عجزًا من الباري ، ولكان يفسد النظام ) ([73]).

غير أن الدكتور سامي مكارم يقول في معرض ردِّه على الأستاذ النجار : ( ويمكننا القول أن منطق عملية التقمص لا يتعارض مع تذكر الماضي ، خاصة عندما ندرك أن نزعات الفكر اللطيفة ، حسب عقيدة التوحيد ، تنطوي عند الموت ، في أعماق النفس المتنقلة من جسد إلى جسد .

وهذه النزعات والأفكار اللطيفة ، كبذور انطلاقة الحياة التالية ، هي التي تحدد وضع التقمص المقبل ، فلابد لبعض الأذهان إذا صادفت بعض الحالات المناسبة ، أن تتذكر الماضي المباشر الذي كانت تعيش فيه ) ([74]).

ولابد لنا – بعد ذلك – إلا أن نرجح الرأي الذي يقول باعتقاد الدروز بـ ( النطق ) ، ذلك لأن كتاب أضواء على مسلك التوحيد ، كان في الحقيقة ردًا من مشيخة العقل عندهم على الأستاذ عبد الله النجار .

أما الحلول : فهو نوع من التقمص ، لكنه يختلف عنه في أن النفس المنتقلة من جسم إلى آخر ، تنتقل معها أحيانًا جميع صفاتها ، أو بعض صفاتها البارزة .

ومن ذلك نشأ الاعتقاد أن نفوس الأنبياء والمرسلين تنتقل من دور إلى دور ، مستكملة أروع صفاتها ، فحمزة بن علي في دور الحاكم هو نفس سلمان الفارسي في دور النبي صلى الله عليه وسلم ) ([75]).

وقد استنتج الدكتور محمد كامل حسين من نظرية التناسخ هذه : ( أن لهذه العقيدة علاقة بمذهب التناسخ في الديانة البوذية ، والديانة الهندوكية ، ففي الديانة البوذية ظهر بوذا على هيئة حيوانات وطيور وشجر وصور أنسية حوالي ألف مرة ([76]) .

وفي الديانة الهندوكية ظهر شيفا على صور أنسية عديدة ، كذلك ظهر مذهب التناسخ عند فلاسفة اليونان وقدمائهم ، ففي ديانة قدماء اليونان تظهر آلهتهم في صور مختلفة ، وعند فلاسفة اليونان التناسخ عندهم عدة أقسام : نسخ ومسخ وفسخ ورسخ ) ([77]).

وهكذا نستطيع أن نربط هذا الاعتقاد ، بهذه الاعتقادات التي كانت سائدة في فارس والهند واليونان .

3 – الحدود الخمسة :

في العقيدة الإِسماعيلية مبدأ أساسي في التوحيد والإِيمان ، (( هو أن توحيد الله لا يكمل إلا بمعرفة مراتب الحدود الروحانية ، والحدود الجسمانية ، والإِيمان بهم وطاعتهم طاعة تامة ، وهذه الحدود هي : ( العقل ، والنفس ، والجد ، والفتح ، والخيال ) . وهذه الحدود العلوية ممثولات لحدود الدين الجسمانية الذين هم النطقاء ، والأوصياء والأئمة والحجج والدعاة ) ([78]) .

وذهب الفاطميون كذلك إلى أن الله تعالى أبدع العقل الكلي وبوساطته وجدت النفس الكلية ، وبوساطتها وجدت المخلوقات كلها .

فالعقل الكلي عند الإِسماعيلية هو الخالق الحقيقي ، ومن هنا قالوا أن أسماء الله الحسنى الواردة في القرآن الكريم هي أسماء للعقل الكلي ، واعتبروا أن الإِمام الفاطمي ممثل للعقل الكلي ، وأن جميع مناقب العقل الكلي وصفاته تطلق أيضًا على الإِمام ) ([79]).

وجاء دعاة الدروز وأخذوا آراء الفاطميين في الحدود ، وحوروها حتى تتفق مع مبادئهم وآرائهم ، فخالفوا بذلك آراء الفاطميين مخالفة جوهرية .

من ذلك : (( أن الحدود الروحانية هم نفسهم الحدود الجسمانية ، فلا يوجد عندهم مثل وممثول ، أي أن الحدود الجسمانية هم أنفسهم الحدود العلوية ، فذهبوا إلى أن المعبود أبدع من نوره العقل الكلي ، وهو الإِرادة ، وهو علة العلل ، وهو القلم ، هو القضاء ، وهو ألف الابتداء وألف الانتهاء ، وهو قائم الزمان حمزة بن علي ) ([80]).

ويناقش حمزة رأي الفاطميين في حدود الدين في ( رسالة كشف الحقائق ) فيقول :

(( اعلموا معاشر الموحدين رحمكم البار العزيز الجبار ، بأن جميع المؤمنين والشيوخ المتقدمين تحيروا في أمر السابق وضده التالي ونده ، فبعضهم قالوا : بأن السابق هو الغاية والنهاية ، والعبادة له وحده دون غيره في كل عصر وزمان ، وهذا نفس الكفر .

وقالت طائفة منهم : إن السابق نور الباري ، لكنه نور لا تدركه الأوهام والخواطر ، وهذا نفس الشرك بأن يكون الباري سبحانه لا يدرك ، وعبده لا يدرك ، فأين الفرق بين العبد والمعبود ، وهذا محال ونفس الشرك والضلال ) ([81]).

وهكذا أظهر حمزة الحدود في صور تختلف عما عهده أصحاب العقيدة الفاطمية ، فحمزة بن علي هو نفسه العقل الكلي ، وهو الإِرادة ، وهو علة العلل ، وهو القلم ، وهو القضاء إلى غير ذلك من الألقاب التي منحها لنفسه ، وهذا العقل الكلي ليس هو السابق ، إنما السابق مرتبته أقل بكثير من مرتبة العقل الكلي ، فإنه في المرتبة الرابعة من مراتب الحدود عند حمزة .

كذلك عن التالي ، وهو النفس الكلية عند الفاطميين ، فقد جعل حمزة مرتبة التالي في المرتبة الخامسة ، وجعل الفاطميون – الكلمة – مكونة من السابق والتالي ، بينما جعل حمزة – الكلمة – هي المرتبة الثالثة من مراتب الحدود ) ([82]).

(( وجميع هؤلاء الحدود مشخصون ليس في زمن الحاكم وحسب ، بل في جميع العصور ) ([83]). فقد زاروا العالم بظروف وأدوار مختلفة . إذ هم ليسوا مولودين بل موجودين ، لا يمسهم الموت ، إذ هم الروح الحقيقي الذي لا يخلوا منه عصر ، وهم رسل الحاكم في كل دور وإن أخذوا أسماء مختلفة وأقمصة متعددة .

ويوضح إسماعيل التميمي في ( الرسالة الموسومة بالشمعة ) مراتب الحدود وأسمائهم فيقول :

الحمد لمن أبان توحيده بإقامة حدوده ، وكشف عن مجيده بمراتب آياته ، وضرب بذلك الأمثال ليعبدوه ذوي الألباب ([84])، فقال : ( وما يتذكر أولو الألباب ) ([85]).

والشمعة أقيمت كاملة بجميع آلاتها على التوحيد المحض ، فشمعة : خمسة أحرف دليل على الخمس جواهر المكنونة وهم : الإِرادة ، والمشيئة ، والكلمة ، والسابق ، والتالي ، فهؤلاء شمعة التوحيد .

وعلى بعض الوجوه ، إن الشمع لا يقد إلا بالقطن ، والقطن لا تقد إلا بالشمع ، ولم يقع عليها اسم شمعة كاملة يستضاء بنورها إلا بتعلق النار فيها ، والنار الذي يتعلق فيها فهو لطيف وكثيف ، فاللطيف فيه لسان العالي الأحمر الذي تعتريه زرقة يختفي مرة ويظهر مرة ، فذلك دليل على قائم الزمان حمزة بن علي بن أحمد ، والنار الذي يوقد الشمع دليل لعلى حجته : إسماعيل بن محمد بن حامد ، والشمع دليل على الكلمة محمد بن وهب ، والقطن دليل على السابق سلامة بن عبد الوهاب ، والطست الذي هو الحسكة دليل على التالي على بن أحمد السموقي فهذه الخمسة حدود .

كذلك من عدم معرفة هذه الخمسة حدود لم يعرف التوحيد في وقتنا هذا ، وكان توحيده دعوى ، فليعلموا الموحدون ذلك ويعتقدون ولا يعبدون المولى بلا معرفة ، فقد قال : { وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه }([86]) [ الطلاق : 1 ] .

ويصف ( كتاب النقط والدوائر ) الحدود بما يلي :

فالأصلان القديمان : هما العقل الكلي والنفس الكلية ، والكلمة البسيطة هو مولاي الكلمة سلام الله عليه ، والنور البسيط هو مولاي أبو الخير ، والحكمة اللطيفة هو مولاي بهاء الدين سلام الله عليهما . فصارت أربعة جوانب ، أي الحدود الأربعة جوانب حول العقل الكلي ، لأنهم له بمحل الأجنحة ، كما قال : ( أولي الأجنحة مثني وثلاث ورباع ) ([87]).

وعلى ضوء ما ورد في رسالة ( ذكر معرفة الإِمام وأسماء الحدود العلوية روحانية وجسمانية ) نستطيع أن نرتب حدود الدروز الخمسة على الشكل التالي :

أولا : النفس ، وهو ذو معة ، علة العلل ، والآمر قائم الزمان ، وهو الإِرادة ، وهو الإِمام الأعظم حمزة بن علي بن أحمد هادي المستجيبين .

ثانيا : النفس ، وهو ذو مصة ، وهو المشيئة ، إدريس زمانه ، وأحنوخ أوانه ، هرمس الهرامسة ، الحجة الصفية الرضية ، الشيخ المجتبى ، أبو إبراهيم إسماعيل بن محمد بن حامد التميمي ، صهر حمزة بن علي .

ثالثًا : الكلمة ، وهو سفير القدرة ، ذو مصة فخر الموحدين ، وبشير المؤمنين ، وعماد المستجيبين ، الشيخ الرضى ، أبو عبد الله محمد بن وهب القرشي .

رابعا : السابق ، وهو الجناح الأيمن ، نظام المستجيبين وعز الموحدين ، أبو الخير سلامة بن عبد الوهاب السامري .

خامسًا : التالي ، وهو الجناح الأيسر ، لسان المؤمنين وسند الموحدين ، ومعدن العلوم ، الذي يقوم بالأفعال الصحيحة المعلومة ، والناصح لكافة الخلق أجمعين ، الشيخ المقتني بهاء الدين أبو الحسن علي بن أحمد السموقي المعروف بـ ( الضيف ) ([88]).

والحدود الأربعة الذين يلون العقل الكلي ، هم الأربعة الحرم ، وهؤلاء الحدود يظهرون في كل عصر في صور مختلفة وأسماء متباينة ، فمثلاً عندما ظهر المعبود في صورة أبي زكريا ، ظهر حمزة في صورة قارون ، وظهر إسماعيل التميمي النفس الكلية في صورة أبي سعيد الملطي ) ([89]).

وعندما ظهر حمزة في صورة سلمان الفارسي في زمن محمد صلى الله عليه وسلم ، ظهرت الحدود الأربعة الأخرى بصورة أربعة من الصحابة وهم : المقداد ، وأبو ذر ، وعمار بن ياسر ، والنجاشي ) ([90]).

ومما يذكر أن التالي – أي بهاء الدين – له ثلاثة حدود هم :

1. الجد : وهو أيوب بن علي .

2. الفتح : وهو رفاعة بن عبد الوارث .

3. الخيال : وهو محسن بن علي .

وهؤلاء الثلاثة يتلقون أوامرهم من بهاء الدين ، وليس لهم المكانة التي للحدود الحرم ) ([91]) .

وسمي الحدود الأربعة حرما ، لأن حمزة مقامه منهم مقام الرجال ، وهم نساؤه ، ولأنهم عنده بمنزلة النساء في طاعتهم له ) ([92]).

وحتى يكون التوحيد شاملاً ، جعلوا لمرتبة العقل سبعين حجة ، وعن هؤلاء الحجج السبعين تفرعت الحدود جميعا بين دعاة ومأذونين ومكاسرين .

وجميع الحدود الحرم وغير الحرم كلهم من قبل العقل ، يسقط من يريد ويرفع درجة من يشاء ، والحدود السبعون هم الذين أتى على ذكرهم القرآن الكريم بقوله تعالى : { ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعًا فاسلكوه }([93]) [ الحاقة : 32 ] ، يعني حدود دعوة التوحيد سلسلة بعضها في بعض وهم سبعون رجلاً موزعين ومنظمين حسب الشكل التالي :

أولاً : النفس الكلية ، ولها اثنا عشر حجة في الجزائر ، وسبعة دعاة للأقاليم .

ثانيا : الكلمة ، ولها اثنا عشر حجة وسبعة دعاة .

ثالثًا : السابق ، وله اثنا عشر حجة فقط .

رابعًا : التالي ، وله اثنا عشر حجة فقط .

خامسًا : الداعي المطلق ، وله مأذون واحد ومكالبان – أو مكاسران - ) ([94]).

وقد أوضحت ( الرسالة الموسومة بكشف الحقائق ) هذه الحدود بقولها : ( فهؤلاء الحدود السبعون التي ذكرناهم ، هم أذرع السلسلة الذي قال في القرآن : { خذوه فغلوه }([95]) [ الحاقة : 30 ] ، أي ضد الإِمام إذا بلغ غايته وتمت نظرته ، خذوه بالحجج العقلية وغلوه بالعهد وهو الذبح الذي قالوا بأن القائم يذبح إِبليس الأبالسة ، {ثم الجحيم صلوه }([96]) [ الحاقة : 31 ] ، أي غوامض علوم قائم الزمان الذي يتحتم العلماء والفهماء عند علمه ، أي يصمتوا ويتخيروا ، { ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعًا فاسلكوه } أي ميثاق قائم الزمان الذي هو سلسلة بعضها في بعض ، وهم سبعون رجلاً في دعوة التوحيد .

فهذه السلسلة الحقيقية ، ومعانيها كما ذكره الجهال الحشوية([97])، ولو كان كما قالوا الظاهر لم يكن قولهم حكمة لأن من كان في غل جهنم وعليه متوكلون الزبانية لا يحتاج إلى سلسلة ، لأنه لا يستطيع الخروج من النار ، ولو كان نسيا ، فكيف وقد غلوه ؟ فإن قالوا : بأن الله أراد بالسلسلة تهديد أهل النار والتعظيم عليهم ، فقد بطلت حجتهم هاهنا لأنه قال سبعون ذراعًا ، ولو كان بسبب التعظيم لكان يجب أن يكون ألف ذراع ، فلما لم يذكر غير سبعين ذراعًا ، أعلمنا أنه أراد بذلك أشخاصًا معروفة دينية توحيدية لا يجوز لأحد أن يتجاوز حدهم ولا يزيد ولا ينقص ) ([98]).

وقالوا في تأويل ( بسم الله الرحمن الرحيم ) أنها : ( تسعة عشر حرف إشارة إلى حدود حمزة تسعة عشر رجلاً ، فلذلك عندما يكتبون ( بسم الله الرحمن الرحيم ) يلحقونها بقولهم : حدود عبده الإِمام ) ([99]).

فعندهم ( بسم الله ) سبعة أحرف دليل على سبعة دعاة أصحاب الأقاليم السبعة ، و ( الرحمن الرحيم ) اثنا عشر حرفا دليل على اثني عشر دعاة الجزائر ) ([100]).

وقد ورد هذا التأويل في ( الرسالة الموسومة بسبب الأسباب ) التي كتبها حمزة حيث يقول : ( وفي السطر الرابع صفات العلة ( بسم الله الرحمن الرحيم ) وهم صفات هذه العلة المذكورة الذي هو الإِمام ، لأن ( بسم الله ) سبعة أحرف دليل على سبعة دعاة أصحاب الأقاليم السبعة ، و ( الرحمن الرحيم ) اثنا عشر حرفا دليل على اثنا عشر داعيًا ، أصحاب الاثنا عشر ([101]) جزيرة ، وأيضًا دليل على سبعة أفلاك ، واثنا عشر برجًا ، وهم كلهم موجودون في عصر مولانا جل ذكره مستخدمون تحت أمر هذا الإِمام ) ([102]).

ولهذا نجد في مقدمة كثير من رسائل الدروز ذكر ( بسم الله الرحمن الرحيم ) على أنها حدود عبده الإِمام ، من ذلك ( الموسومة برسالة النساء الكبيرة ) حيث يقول : ( توكلت على مولانا البار العلام العلي الأعلى على جميع الأنام ، جل ذكره عن وصف الواصفين وإدراك الأنام حروف ( بسم الله الرحمن الرحيم ) عبده الإِمام ) ([103]).

(( واحترام الحدود عندهم ، معتقد أكيد ، لأنهم وسائط الله تعالى وأبوابه وسفراؤه ، ومنهم الوصول إليه ، ولا مطمع لأحد من الخلق في الوصول إلى الخالق أبدا إلا بهم ومنهم وعلى يدهم وبتعليمهم وإرشادهم )) ([104]).

فهم أشرف خلق الله تعالى بعد سيدهم الإمام الأعظم ، وهم معصومون عن الزواج والخطايا ) ([105])

والحدود الخمسة – عندهم – بالإضافة إلى الجد والفتح والخيال ، هم الثمانية الذين يحملون العرش ) ([106]).

ولذلك يقول حمزة في ( رسالة التحذير والتنبيه ) : ( واعرفوا الحدود بأسمائهم وصفاتهم ، ونزَّلوهم في رتبهم ، ومنازلهم ، فإنه أبواب الحكمة ، ومفاتيح الرحمة ) ([107]).

وبعد هذا التعريف العام عن الحدود ومكانتهم عند الدروز ، نتحدث عن كل واحد منهم على انفراد :

العقل : هو أول الحدود ، وإمامهم ، ظهر في جميع الأدوار بأسماء مختلفة :

1. في دور آدم كان اسمه شطنيل .

2. في دور نوح كان اسمه فيثاغورس .

3. في دور إبراهيم كان اسمه داود .

4. في دور موسى كان اسمه شعيب .

5. في دور عيسى كان اسمه المسيح يسوع ، وهو المسيح الحقيقي صاحب الإنجيل .

6. في دور محمد - صلى الله عليه وسلم - كان اسمه سلمان الفارسي .

7. في دور الحاكم ، كان اسمه حمزة ([108]).

وقد خص حمزة نفسه بعدة ألقاب وصفات ، لم يسبغها نبي من الأنبياء على نفسه ، فهو الآية الكبرى ، والعقل الكلي ، والإِرادة ، وعلة العلل ، وذومعة . ووصف نفسه في ( رسالة التحذير والتنبيه ) : بأنه أصل المبدعات ، وأنه سراط المولى المعبود ، والعارف بأمره ، وأنه الطور والكتاب المسطور والبيت المعمور ، وأنه صاحب البعث والنشور والنافخ في الصور ، وأنه ناسخ الشرائع ومهلك العالمين ، والنار الموقدة التي تطلع على الأفئدة ، وأنه هو الذي أملى القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم إلى غير ذلك من النعوت التي أسبغها على نفسه وزخرت رسائله بها ) ([109]).

وفي رسالة ( السيرة المستقيمة ) حديث عن النطقاء والأسس ، وعن تأويل قصص الأنبياء ، ويتساءل الدكتور محمد كامل حسين عن مصدر ما أتى به حمزة في هذه القصص ويقول : ( هل هناك علاقة بين اسم شطنيل – الذي يأتي به حمزة – واسم شانطي الذي يطلقه الصينيون على القديسين المسيحين ؟

ويقول : ربما سمع حمزة بهذه الكلمة من أحد الصين ، أو أحد الذين سافروا ، فاستغلها بعد أن حرفها إلى شطنيل ... وبعد أن يذكر – الدكتور محمود كامل حسين – بعض الأمثلة للأكاذيب التاريخية التي يطلقها حمزة ، يضيف قائلاً : كل هذه مسائل كان حمزة هو الوحيد بين الكتاب في ذكرها على هذا النحو ، ولاشك أنه أدرى بكل شيء لأنه علة العلل ؟! ) ([110]).

وعن شنطيل هذا يقول حمزة في ( رسالة السيرة المستقيمة ) أنه ( وجد في ابتداء دورنا الحالي ثلاثة رجال ، كل واحد منهم اسمه آدم ، كانوا يعيشون في وقت واحد في بلد واحد ، وهم آدم الصفا ، وآدم العاصي ، وآدم الناسي ، وجميعهم ولدوا من ذكر وأنثي ، أما آدم الصفا ، فهو آدم الصفا الكلي ذومعة – أي حمزة بن علي – وكان أحد حدود دعوة التوحيد في الدور الذي كان قبل دورنا هذا ، وقد ولد آدم الصفا الكلي في بلدة آرمينية ببلاد الهند ، وكان اسم شطنيل واسم أبيه دانيل ) ([111]).

ولحمزة – كما سبق ذكره – أعظم ذكر وأجله بعد الحاكم حتى اليوم عند الدروز ، باعتباره العقل الكلي والإِمام وقائم الزمان ، يقول الدكتور سامي مكارم عن هذا الإِجلال ما يلي : ( إن العقل الأرفع أو الكلي ، حسب عقيدة التوحيد ، هو مصدر انبثاق جميع الكائنات ، وهو عين بقائها في هذا الوجود الظاهر ، ومنه ابتدعت ، فهي لا تنفصل عنه ولا ينفصل عنها من حيث العلة والمعلول ، فالعقل الأرفع هو واسطة الكشف والمعرفة ، أداة المشاهدة في كل نفس مؤمنة ) ([112]).

وفي رسالة ( من دون قائم الزمان ) يستدل على إمامة قائم الزمان بأنه : دعا إلى عبادة موجود ظاهر وإله في جميع الأمور قادر ويقول :

(( وأول دليل على إمامة القائم أنه أتى بضد العالم ، لأن جميع النطقاء والأسس وأصحاب الأدوار والأكوار أشاروا إلى عدم موهوم ، وأبعدوه عن حواس العالم ، وأن قائم الزمان والهادي إلى طاعة الرحمن عليه من المولى السلام دعا إلى موجود ظاهر وإله في جميع الأمور قادر ، وكل من دعا إلى الحاكم المعبود الإِله الموجود فقد أنصف من نفسه .

ووجه آخر أنه أظهر أغراضه في دفعة واحدة ، وقد علم أهل الشرق والغرب أنه دعا إلى توحيد مولانا جل ذكره ، ثم بعد ذلك خيروا العالم ومكنوا من أديانهم وإظهارها فصح أن ذلك لأهل التوحيد ... وأيضًا فإن عمارة الكنائس ، وإزالة حمل الصلبان ، وعزهم على المسلمين في كل مكان أدل دلالة على أن الإِسلام قد اضمحل وبطل وأنه الحق قد أنار واشتعل ، والحق هو توحيد مولانا جل ذكره الحاكم بذاته المنفرد عن مبدعاته )) ([113]).

(( ومن أدلة إمامته – أيضًا - : أنه صاحب القيامة والجزاء ، لأنه الملك المظفر المسعود ، ديان القيامة أي القهار والقاضي والحاكم والسايس والمحاسب والمجازي )) ([114]).

أما الحد الثاني من الحدود الخمسة فهو :

النفس : وهو أبو إبراهيم ، إسماعيل بن محمد التميمي ، ثاني الحدود ، (( باعتبار أن النفس فيض من العقل ، وجزء متمم له انبثقت عنه ، فنسبت إلى العقل كنسبة العقل إلى الخالق )) ([115]).

وقد وجه إليه حمزة مرسوم تقليد أسماه ( سجل المجتبى ) جاء فيه : (( إلى أخيه وتاليه ، وذي مصة علمه ، وثانيه آدم الجزوي ، الذي اجتباه بعلمه وهداه بحلمه ، وغداه بسلمه أحنوخ الأوان ، وإدريس الزمان هرمس الهرامسة أخي وصهري أبو إبراهيم إسماعيل بن محمد التميمي ... إلى أن يقول : إني نظرت إليك بنور مولانا جل ذكره ، وبما أيدني به مولانا علينا سلامه ورحمته ... فجعلتك خليفتي على سائر الدعاة والمأذونين والنقباء والمكاسرين ... وأسميتك بصفوة المستجيبين وكهف الموحدين وذي مصة علم الأولين والآخرين ، وجعلت لك الأمر والنهي على سائر الحدود ، فتولى من شئت وتعزل من شئت )) ([116]).

وللتميمي – كما ذكرت سابقًا – عدة رسائل من رسائل الدروز ، منها : ( رسالة في تقسيم العلوم ) ، و ( رسالة الزناد ) و ( رسالة الشمعة ) ، و ( رسالة الرشد والهداية ) .

ومع أن – للتميمي – هذه القيمة عند الدروز ، إلا أنه بعد اختفاء حمزة ، إثر مقتل الحاكم سنة 411 هـ ، لم تذكره لنا رسائل الدروز مطلقًا ، ولم يقم بأي نشاط ، غير أن الأستاذ عبد الله النجار يفترض أنه بقى حيًا حتى سنة 427 هـ ([117])، وهذا يعنى أنه اختفى مع حمزة وباقي الدعاة حتى مات في هذه السنة .

أما الحد الثالث فهو :

الكلمة : وهو أبو عبد الله محمد بن وهب القرشي ، ثالث الحدود ، وأول الثلاثة الذين أضيفوا إلى العقل والنفس .

(( ومعلوماتنا عنه نجدها في تقليده الذي قلده إياه حمزة واسمه : ( تقليد الرضى سفير القدرة ) ، وذلك حين رفعت درجته ، وعين خلفا لسلفه ( المرتضى ) المتوفي )) ([118]).

إذ أن التقليد يقول : (( هي المنزلة التي كانت للشيخ المرتضى قدس الله سره ، وأنت تسلمت علومه وحده ، وقد سلمت إليك جميع كتبه التوحيدية ، وجعلتك مقدمًا على جميع الدعاة والمأذونين والنقباء والمكاسرين والمستجيبين الموحدين ، لا فوقك أحد أعلى منك غير صفوة المستجيبين وكهف الموحدين ، ([119]).

وكما أن التميمي ليس له ذكر بعد الحاكم ، كذلك ابن وهب لم يصلنا عنه أي خبر بعد هذا التقليد .

والحد الرابع هو :

السابق : وهو أبو الخير سلامة بن عبد الوهاب السامري ، رابع الحدود ، ولم نجد في رسائل الدروز الموجودة الآن ، تقليد خاص للسابق أسوة بسواه ممن قُلِّدوا مِن قِبَلِ حمزة .

ويقول الأستاذ عبد الله النجار : ( ولكن لا شك أن السابق قلد السلطة بمرسوم لم ينقل إلينا ، دليلنا في ( تقليد المقتني ) عبارة : تالي السابق بن عبد الوهاب السامري ، وقوله : إذ كان الأيمن قد تقدمك ، وهو سلامة بن عبد الوهاب المصطفى ) ([120]).

والسابق هو الجناح الأيمن في الحدود ، وهو والتالي يعتبران الينبوع الذي يجري بالمعرفة الإِنسانية .

أما الحد الأخير والخامس فهو :

التالي : هو أبو الحسن علي بن أحمد السموقي ، خامس الحدود ، اشتهر باسم بهاء الدين ، بالإِضافة إلى الأسماء والنعوت التي أطلقت عليه مثل : ( لسان المؤمنين ) ، ( وسند الموحدين ) ، ( والعبد المقتنى ) ، وغير ذلك من الألقاب التي أطلقها عليه حمزة .

ويعتبر بهاء الدين ، من أخطر دعاة الدروز بعد حمزة ، إذ قام بأعظم قسط في نشر المذهب الدرزي بعد اختفاء حمزة ، فلولا جهوده لما بقي لهذا المذهب أثر يذكر .

ومما يذكر أن الكثير من رسائل الدروز هي من تأليف بهاء الدين هذا ، ومن هذه الرسائل : ( التنبيه والتأنيب ) ، ( ومثل ضربه بعض حكماء الديانة ) ، ( والإِيقاظ والبشارة ) ، ( ورسالة اليمن ) . ( ورسالة الهند ) وغير ذلك من الرسائل .

وقد جاء في نسخة تقليده ما يلي : ( فاخدم ببركة المولى في الحد الجليل الذي أهلت له ، واستعد لك كأخيك الجناح الأيمن ثلاثين حدا دعاة مأذونين ونقباء ومكاسرين ، واعلم أن أول السبعة المفترضات : سدق اللسان ، والسدق هو المولى وضده الكذب ، والسدق والكذب يتشابهان في التخطيط ، كذلك الصدق يتشبه بالمولى ، لأن المولى جل اسمه لا ضد له .

وكذب ثلاثة أحرف ، وسدق ثلاثة أحرف ، فإذا أحسبناها في حساب الجمل افترقا ، لأنك تقول : ( ك ) عشرون ، ( ذ ) أربعة ، ( ب ) اثنتان ، الجميع ستة وعشرون حرفًا ...

والسدق : ( س ) ستون ، ( د ) أربعة ، ( ق ) مائة ، فذلك مائة وأربعة وستون حرفا دليل على مائة وأربعة وستين حدًا ، يكون للإِمام منها تسعة وتسعون حدًا ، كما قال ([121]) : ( إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة ) ، أي لإِمام التوحيد تسعة وتسعين داعيًا من عرفهم دخل حقيقة دعوته ) ([122]).

ويبدو أن بهاء الدين ، كان على اتصال مع حمزة ، أثناء غيابه بعد مقتل الحاكم ، وكان أيضًا على معرفة بمقره السري الذي يختبئ به ، وكان يتلقى منه الأوامر والتوجيهات ، وقد قام بهاء الدين بجهود كبيرة لإِبعاد من حاولوا أن يغيروا شيئًا من المذهب من أمثال سكين وغيره ، من الذين انقلبوا على أراء حمزة ، لذلك نجد بهاء الدين يبعث إليهم برسائل التأنييه والتأنيب والتوبيخ ، على ما حاولوا تغييره في المذهب .

وهو لهذا أعلن غيبته سنة 434 هـ في منشور الغيبة ، والذي أعلن فيه إقفال باب الاجتهاد في المذهب ، وذلك ليحافظ على آراء حمزة ، وآراء الحدود والدعاة الآخرين مثل حمزة والتميمي .

ومما يذكر في هذا المقام أن لكل حد من الحدود الخمسة لون مخصص له ، فاللون الأخضر مخصص لحمزة ، والأحمر مخصص للتميمي ، والأصفر مخصص للقرشي ، والأزرق لسلامة بن عبد الوهاب السامري ، أما الأبيض فهو لبهاء الدين ، ولهذا عندما أعلن الاستعمار الفرنسي قيام ( إمارة جبل الدروز المستقلة ) ارتفع علم ذو ألوان خمسة مكون من الأخضر والأحمر والأصفر والأزرق والأبيض على المراكز الرسمية في الجبل ، ولايزال هذا العلم يرتفع على بيت الطائفة الدرزية في بيروت ([123]).

4 – عقيدتهم في اليوم الآخر والثواب والعقاب :

اليوم الآخر في المذهب الدرزي ليس يوم القيامة ، إذ ليس فيه موت للأرواح ، ولا قيامة لها ، ولا بعث .

(( فالأرواح لا تموت لتبعث ، ولا تنام لتوقظ بل إن يوم الحساب نهاية مراحل الأرواح وتطويرها ، إذ يبلغ التوحيد غايته من الانتصار من العقائد الشركية ، وينتهي الانتقال والمرور في الأقمصة المختلفة )) ([124]).

(( وفي هذا اليوم – كما يزعمون – يظهر المعبود ( الحاكم بأمر الله ) في الصورة الناسوتية ، ولم تحدد رسائل الدروز تاريخ هذا اليوم ، ولكنها تقول أنه سيكون في شهر جمادى أو رجب ، وعلامة قرب هذا اليوم : هو عندما يتسلط المسيحيون واليهود على البلاد ، ويستسلم الناس إلى الآثام والفساد والآراء الفاسدة ، ويتملك شخص من ذرية الإِمامة يعمل ضد شعبه وأمته ، ويضع نفسه تحت سلطان المخادعين ، ويتملك اليهود بيت المقدس ، إلى غير ذلك من علامات الساعة التي يذكرونها )) ([125]).

أما مكان ظهوره ، ( فكما تقول رسالة الأسرار سيكون في بلاد الصين يخرج وحوله قوم يأجوج ومأجوج – ويسمونهم القوم الكرام – ويكونون مليونين ونصف من العساكر مقسومة إلى خمسة أقسام ، كل قسم منها يترأس عليها أحد الحدود ، فيدخلون مكة المكرمة .

وفي صباح ثاني يوم وصولهم ، يتجلى لهم الحاكم بأمر الله على الركن اليماني من الكعبة ، ويتهدد الناس في سيف مذهب ، يسده ويدفعه إلى حمزة فيقتل فيه الكلب والخنزير – يريدون فيهما الناطق والأساس .

ثم يدفع حمزة السيف إلى محمد ( الكلمة ) ، الذي هو أحد الحدود الخمسة ، وحينئذ يهدمون الكعبة ويفتكون بالمسلمين والنصارى في جميع جهات الأرض ويستولون عليها إلى الأبد ، ومن بقي يكون عندهم في الذل والهوان .

وتصير الناس إلى أربعة فرق :

أولا : الموحدون ، وهم عقال الدروز ، وهم الوزراء والحكام والسلاطين .

ثانيا : أهل الظاهر ، وهم المسلمون واليهود .

ثالثا : أهل الباطن ، وهم النصارى والشيعة .

رابعا : المرتدون ، وهم جهال الدروز .

ويجعل حمزة لكل طائفة غير أصحابه سيمة في جبينه أو يده ، وعذابا يتأذى به ، وجزية يؤديها كل عام ، ونحو ذلك من الهوان )) ([126]).

وعن قوم يأجوج ومأجوج يقول ( مصحف الدروز ) .

(( حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج ، وهم من كل حدب ينسلون ، واقترب الوعد الحق ، فإذا هي شاخصة أبصارهم ، أبصار الذين كفروا ، ياويلنا قد كنا في غفلة من هذا ، بل كنا ظالمين ، لقد نسي هؤلاء هذا اليوم ، وقد وقع لهم ، ووقعوا فيه ، وهم لا يشعرون وكبكبوا على وجوه قبلتهم ، حتى غشيتهم الغاشية .

أولم ير هؤلاء كيف مد لهم مولانا الحاكم الحياة أمدا ، الآن حصحص الحق )) ([127]).

وفي ذلك اليوم ، كما ورد في ( رسالة الزناد ) الذي ألفها التميمي ينادي حمزة : (( أين شركائي الذين زعمتم أنهم فيكم شفعاء ، لقد انقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون ([128])، يعني يوم قيامة القائم صاحب القيامة بالسيف ، فيناديهم : أين شركائي ، يعني رؤساء أهل الظاهر وشياطيهم ، الذين أضلوهم بغير علم ، وأحلوهم دار البوار التي هي الشريعة ، وما ألقوه من التكاليف الشرعية ، التي هي من حيث العقل والنار بالفعل ، وما تمسكوا به من زخارف أهل الجهل وأباطيلهم ، فلم يستطيعوا جوابًا ، إلا أن يقولوا : ربنا غلبت علينا شقوتنا ، وكنا قوما طاغين ) ([129]).

وحمزة في هذا اليوم ، هو صاحب الجزاء والقصاص ، ولذلك يخاطب في ( الرسالة الموسومة بالأعذار والإِنذار ) أتباعه بقوله :

(( يوم قيامي بسيف مولانا الحاكم سبحانه ومجازاتي للخلائق أجمعين ، وأخذي لكم الحق والقصاص ، وإنالة إحساني لأهل الوفاء منكم والإِخلاص ، وانتزاعي النفوس من الأجساد ، من أهل الفسوق والعنادة وقتلى الوالدين والأولاد وأنيلكم أموالكم )) ([130]).

(( أما الثواب والعقاب ، فيفهم من كتابات حمزة أن العذاب الواقع بالإِنسان نقلته من درجة عالية إلى درجة دونها من درجات الدين ، وقلة معيشته وعمى قلبه في دينه ودنياه ، ويستمر تنقله من جسد إلى جسد بتناسخ روحه في الأجساد ، وهو كلما تنتقل روحه من جسد إلى جسد ، تقل منزلته الدينية .

أما الثواب فهو زيادة درجته في العلوم الدينية وارتفاعه من درجة إلى درجة إلى أن يبلغ إلى درجة حد – المكاسر - )) ([131]).

وهم ينكرون وجود الجنة والنار ، ويسخرون من القائلين بهما ، يقول التميمي في ( رسالة الزناد ) :

(( وأما زعمهم بأن الجنة عرضها السموات والأرض ([132])، فقد جهلوا معنى هذا القول ، فإذا كان عرضها السموات والأرض ، فكيف يكون طولها ؟ وأين تكون النار فيها ؟ ولو عرفوا الطول عرفوا العرض ، وكل شيء طوله أكثر من عرضه ، وإذا رجعنا إلى المعاني الحقيقية ، التي بها يتخلصون الموحدون من جهلهم من داء الشرك .

وأما معنى الطول والعرض ، فإن طولها هو العقل الكلي ، الذي هو قائم الزمان إمام المتقين بالحق ، ومجرد سيف التوحيد ، ومفني كل جبار عنيد ، وكان عرضها مثل النفس القابل لبركات العقل والتأييد .

وأما النار فهي من حيث المحسوس المحرقة للأجسام ، ومن أسمائها ما يحمد ومنها ما يذم ، وأما النار الكبرى والنار الموقدة التي تطلع على الأفئدة ، فإنها مثل العقل لأنه مطلع على سرائر العالم ، وأما المذموم منها نار العذاب وهي الهاوية ، والجحيم ، وهذه الأسماء معنى الشريعة التي هو وأهلها غووا ولقحوا فيها العذاب )) ([133]).

إلى هذا الحد ، تذهب العقيدة الدرزية في اليوم الآخر ، وفي الثواب والعقاب ، وهي كما نرى لا تؤمن بالغيبيات وترفضها جميعها ، ولهذا فهم ينكرون وجود الملائكة والجن ، فالملائكة في نظرهم هم أتباع المذهب الدرزي ، والشياطين هم مخالفي هذه العقيدة .

ومن المفارقات العجيبة والمضحكة ما رواه مؤلف ( أيها الدرزي عودة إلى عرينك ) عن أحد مشايخ الدروز ويدعى الشيخ داود أبو شقرا والذي أعلن أن يوم القيامة سيكون في 6 آب 1952 وهو يوم القيامة التي وعدت به الرسائل المخطوطة معتمدًا في ذلك على مستند الحروف والجمل ، وبالفعل فقد اقتنع بذلك بعض شيوخ لبنان وحوران وذاع الخبر ، ولكن مع الأسف فإن هذه القيامة لم تقم كما توقعوا ؟! ([134]).

5 – عقيدتهم في الأنبياء :

(( الدروز ينكرون جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وينسبونهم إلى الجهل ، ذلك أنهم كانوا يشيرون إلى توحيد العدم ، وما عرفوا المولى – أي الحاكم - )) ([135]).

ويرون أن المعجزة يمكن أن يصل إليها كل إنسان ذي نزاهة إزاء نفسه ([136]) .

وحمزة يرى وجوب محاربة جميع الأنبياء ، أصحاب الشرائع الظاهرة آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد ، ووجوب البراءة من شرائعهم وعقائدهم الفاسدة وأديانهم المضللة ، إذ هي النار والهاوية .

فالناطق والأساس عندهم هما إبليس والشيطان ، فالأول – أي إبليس – ظهر في جسم آدم ثم انتقل إلى نوح ، ثم إلى إبراهيم ، ثم إلى موسى ، ثم إلى عيسى ، ثم إلى محمد ، ثم إلى سعيد .

وأما الثاني – أي الشيطان – فظهر أولاً في جسم شيت بن آدم ، ثم في سام ، ثم في إسماعيل ، ثم في يشوع بن نون بعدها رون ، ثم شمعون الصفا ، ثم في علي بن أبي طالب ، ثم في قداح ) ([137]) .

ولذلك فهم يقذفون الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بأسماء وألفاظ فاحشة ، كالقبل والدبر والغائط والبول ، ولا يتركون مجلسًا من التشنيع عليهم ، وأكثر كراهيتهم متجه نحو المسلمين ) ([138]).

فيقولون عن النبي صلى الله عليه وسلم وآله : ( بأنهم حروف الكذب ، هي ستة وعشرون وهم : دليل إبليس وأولاده وزوجاته وهم : محمد وعلي وأولاده الإثنى عشر إمامًا ) ([139]).

وكما سبق – ذكره فإنهم يعتقدون أن حمزة ظهر بصور مختلفة في جميع الأدوار ، وكان في زمن محمد صلى الله عليه وسلم بصورة سلمان الفارسي ، ( ولهذا فإنهم يزعمون أن القرآن قد أوحي حقيقة إلى سلمان الفارسي ، وأنه كلامه ، وأن محمدًا أخذه وتلقاه عنه ، حتى زعموا بأن خطاب لقمان الذي خاطب به ولده :

يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر ([140]) هو خطاب سلمان لمحمد ([141]) .

وهم لهذا يحاولون أن يؤولوا من آيات القرآن ما يمكنهم تأويله حسب معتقدهم وينكرون ما عداه .

وبسبب كراهيتهم للرسول صلى الله عليه وسلم يقولون عنه :

(( فهذه الدعامة – يقصدون شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله – المقدم ذكرها هي تكليفية ناموسية ، لأن العبادة للمعدوم تكليف ، وما أحد قط نصح له عبادة معدوم ، ولا تصح رسولية لكافر مشرك منافق ابن مشرك – يقصدون محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ثم أقام دعامة الجهاد ، به قام إبليس لعنه الله وجعله فرضًا على المسلمين ، فالحاكم جل ذكره أبطله وحرمه ... ثم أقام دعامة الولاية لقوله ( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول ) ([142]) على زعمهم أن الله فوق السماء ، ومحمدًا رسول الله ، كذبوا لعنهم الله فما في السماء ولا في الأرض إله إلا الحاكم جل ذكره ([143]).

ويزعمون أيضًا أنه : ( عندما يتجلى الحاكم في الركن اليماني – من الكعبة – وفي يده السيف ، ينادي على المشركين بالغضب والزجر ، ويعطي السيف حمزة فيقتل شخصين لا غير أحدهما متقمص فيه محمد بن عبد الله صاحب دين الإِسلام ، والثاني علي بن أبي طالب ، ثم يرسل الصواعق على الكعبة فتدك دكا ) ([144]).

ويقولون كذلك : ( إن الفحشاء والمنكر هما أبي بكر وعمر ، وأن الآية الكريمة التي تقول : ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان ) ([145]).

يراد بذلك الخفاء الراشدين الأربعة ، وأنهم من عمل محمد بن عبد الله ) ([146]).

وأما موقفهم من آدم عليه الصلاة والسلام ، فإنهم لا يعتبرونه أول الخلق وأبو البشر ، بل كان أكثر من آدم في ذلك الدور ، ولهذا فهم ينكرون أن آدم بلا أب وأم وأن آدم وباقي البشر قد خلقوا من تراب ، وعن هذا يقول حمزة في ( رسالة السيرة المستقيمة ) : ( وأما قولهم أنه بلا أب ولا أم ، فهو من المحال أن يكون جسمًا ناطقًا إلا من جسم مثله ذكر وأنثى . وأما التراب الطبيعي فما يظهر منه خلق غير الحيات والعقاب والخنافس وما شاكل ذلك ، وأما بشر فلا يجوز أن يكون من التراب ولو كان كما قالوا بأنها فضيلة لآدم حيث لا يخرج من ظهر ولا يدخل في رحم ، ولا يتدنس بدم ، فقد كان يجب بأن يخلق محمدًا من التراب ، ولم يخرجه من ظهر كافر ، ولم يدنسه بدم جاهلة كافرة .

والمسلمون كلهم يعتقدون بأن والدي محمد كانا وماتا كافرين ، وأن محمدًا لا يقدر يشفع في أمته إلا بعد أن يترك أمه وأباه ويتبرأ منهما ، ويختار أمته على والديه ويتركهما في جهنم ، وهذا كلام قبيح ظاهر وضيع باطنه ، ولا يليق بالعقل ولا يقبله عاقل .

وآدم هم ثلاثة : آدم الصفا الكلي ، ومن قبله آدم العاصي الجزوي ومن دونه آدم الناسي الجرماني ، وجميعهم من ذكر وأنثى لا كما قالوا أهل الزخاريف الحشوية بأنهم من التراب ، حاشا الباري سبحانه وعز سلطانه أن يخلق صفيه وخليفته من التراب وهو من أهون الأشياء ) ([147]) .

وأما عن حواء ، فهي ليست زوجته ، وإنما هي حجته وأحد دعاته ولقبت بحواء لأنها احتوت على جميع المؤمنين .

وقد سبق أن ذكرنا أيضًا موقفهم من موسى عليه السلام ، فهم ينكرون عليه أنه ( كليم الله ) لأنه كلم الشجر والجبل ، وهذا ما لا يليق بالله في نظرهم ) ([148]).

أما عن كلمة ( الضد ) ومفهومها عند الدروز فقد كثرت في رسائل حمزة هذه الكلمة وقصد بذلك الرسل عليهم الصلاة والسلام ، وقد يطلقها بصورة صريحة على رسول الله محمد صلى صلى الله عليه وسلم .

أما كلمة ( عجل ) فيقول صاحب مذكرة ( أيها الدرزي عودة إلى عرينك ) عن مدلولها عند الدروز وما ترمي إليه بقوله : ( إن هذه الكلمة تحمل معنى لا يدركه إلا الراسخون في الحمزوية ، إذ هي مشتقة من الاستعجال ، ولذا حاول ( العجل ) أن يشبه نفسه بحمزة ، أي حاول رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم أن يأتي بشريعة كشريعة حمزة .

ويضيف قائلاً : ولا ريب أن الحمزوي العميق يدرك المقصود من هذه الكنايات ، إذ لا يخفى أن حمزة سار بالنظر لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وسيدنا علي رضي الله عنه تدريجيًا ، إذ رآهما أولاً مستخدمين عند الحاكم دالين على مدلول هذا المقصود ، ثم حرمهما من هذه المنزلة ( منزلة العبودية للحاكم ) ...فدعا محمدًا ( ضدا وعجلا ) ، وسلب من علي درجة الأساس ودعاه اللعين ... بل كثيرًا ما أردف تلاميذه هاتين الكلمتين أو ( لعنة الله ) أو ( أبعده الله من الرحمة ) كما نرى هذا في النقط والدوائر ص 12 ) ([149]).

ويبدو أن حقيقة هذه الكلمة وما ترمز إليه قد جعل بعض الناس يضعون إشارات استفهام على مدلولها ، ولهذا يقول صاحب مذكرة ( أيها الدرزي عودة إلى عرينك ) : ( هذه حقيقة العجل التي كاد ذوو الأنوف السليمة يستنشقونها فاندفعت مجلة الضحى عدد كانون الثاني 1966 تضاعف حولها الغبار وتكثف الغيوم وتحدثنا عن العجل بالعهد القديم والقرآن الكريم وتفيض بأمجاد قبيلة بني عجل الذين اشتركوا بموقعة ذي قار ) ([150]).

6 – عقيدتهم في التستر والكتمان :

(( السرية والكتمان عند الدروز ليستا من باب التقية ، وإنما هي سرية مشروعة في أصول عقيدتهم ، وأصول عقيدتهم – كما هو معروف – خليط من نظريات وأفكار الفلاسفة القدامى من يونان وفرس وهنود وفراعنة ، ولعل الدروز قد عمدوا إلى السرية التي ضربوها على مذهبهم تمشيًا مع بعض آراء الفلاسفة القدامى الذين كانوا يوصون بحجب آرائهم وسترها عن جمهور الناس )) ([151]) .

ويقول الدكتور سامي مكارم في معرض رده على الأستاذ عبد الله النجار : (( لقد أصاب باعتبار أفلاطون ، وأتباع فيثاغورس من مصادر السرية في مسلك التوحيد ، ولكن لم يصب في تجاهله مصادر أخرى لهذه السرية كان لها من الأهمية ما لأفلاطون وفيثاغورس وأتباعه ، فهناك هرمس ، وهو معروف بصيانته الشديدة للأسرار ، وهو مكرم عند الدروز ، ينظرون إليه بعين التقديس ويجعلونه في مصاف الأنبياء ) ([152]).

(( ولذلك فالدروز يحرصون أشد الحرص على كتمان عقائدهم السرية ، وينكرون ما يؤخذ منها ، بل قد يذمونها أمام المعترضين رياء واستتارا ، وقد حرص الدروز على هذا الكتمان المطبق لأصول مذهبهم وعقائدهم طيلة القرون ، ولم تعرف خفايا مذهبهم إلا منذ قرن حينما غزا إبراهيم باشا مناطقهم الجبلية ) ([153])، ووقع الغزاة على بعض كتبهم المقدسة ، وعرفت محتوياتها )) ([154])، وهكذا نرى أن الكتمان لا يعني إلا التظاهر بشيء أو تفسير الرموز بشيء والاحتفاظ بشيء آخر ، فأصبح عادة مستحكمة تحمل على النفاق ، وتفرض على الشخص أن يغاير ما بنفسه ، ويتظاهر بما لا يؤمن فهو درس في وجوب الكذب الصريح .

يقول حمزة في ( رسالة الموسومة بحفظ الأسرار ) : (( أن أكثر الآثام وأعظمها إظهار سر الديانة وإظهار كتب الحكمة ، والذي يظهر شيئًا من ذلك يقتل حالاً اتجاه الموحدين ولا أحد يرحمه ... ويقول : عليكم أيها الإِخوان الموحدون في دفن هذه الأسرار ولا يقرأها إلا الإِمام على الموحدين في مكان خفي ، ولا يجوز أن تظهر كتب الحكمة الذي كلها رسم ناسوت مولانا سبحانه ، وإن وجد شيء من هذه الأسرار في يد كافر فيقطع إربًا إربا ، فأوصيكم أيها الموحدون بكنة الأسرار )) ([155]).

ويقول أيضًا في ( رسالة التحذير والتنبيه ) : (( وصونوا الحكمة عن غير أهلها ، ولا تمنعوها لمستحقها ، فإن من منع الحكمة عن أهلها فقد دنس أمانته ودينه ، ومن سلمها إلى غير أهلها فقد تغير في اتباع الحق بيقينه ، فعليكم بحفظها وصيانتها عن غير أهلها والاستتار بالمألوف عند أهله ، ولا تنكشفوا عند من غلبت عليه شقوته وجهله ، فأنتم ترونهم من حيث لا يرونكم ، وأنتم بما في أيديهم عارفون ، وعلى ما ألقوه من زخرف قولهم مطلعون ، وهم عما في أيديكم غافلون ، وعما اقتبستموه من نور الحكمة محجوبون ، ولقد أخرسوا ونطقتم ، وأبكموا وسمعتم ، وعموا وأبصرتم ، وجهلوا وعرفتم )) ([156]).

وفي شرح الميثاق ، يعتبر – كاتبه – التستر والكتمان من صحة العقيدة ، ويقول : (( حتى ولو أخر الإِنسان بعض رسائل الحكمة بلا حفظ ، ويحفظ عوض ما يقيم المساترة ، كان ذلك واجب ، لأن الإِنسان إذا غرس بستان ولم يصنه بشيء لم يسلم أبدًا ، وإذا غرسه ونقص بعض غراسه ، وجعل عوض ذلك النقص حاجزًا يصونه كان ذلك أرب لسلامته وأنتج فيه .

وكذلك مذهب التوحيد ما يصح لأحد كاملة إلا بالاستتار ، والاستتار بالمألوف هو : إن كان المحق ساكنًا بين أهل الظاهر التنزيلية ([157])فليتساتر بمذهبهم من صلاة وصيام وحجج وتقديم أبي بكر وعمر وعثمان على علي بن أبي طالب وغيره .

وإن كان ساكنًا بين التأويلية في بلاد غالب عليه الشيعة ، فليتساتر في مذهب التأويل ، ويتزايا بزيهم ويقدم علي بن أبي طالب على الصحابة كلهم ، ويسب أبا بكر وعمر وعثمان وعائشة ، ويكون موافقهم في دينهم في ظاهر الأمر .

وإن كان بين النصارى فيتزايا بزيهم وهذا الحال رحمة من الله على أهل التوحيد ، أن يكون توحيده في قلوبهم ، ويتزايوا بزي كل طائفة ([158]) في ظاهرهم ([159]) .

ويورد الدكتور عبد الرحمن بدوي شرحا آخر للميثاق ([160]) ، ومما جاء فيه عن هذا الموضوع ما يلي :

لا يحل لأحد يتمسك بدين التوحيد أن يهمل المساترة ، بل يجب عليه أن يعرف موجبات الصلاة والوضوء ونواقضه ، ويقرأ ما تيسر من القرآن قراءة صحيحة على شيخ ، وإن كان ذا يسر فيزكي من ماله ، ويعرف أمر الصيام ومفطراته ، بحيث لا ينكشف عند الشرائع أمر دين التوحيد ) ([161]) .

وإنكار ألوهية الحاكم – في ظاهر الأمر – يعتبر أيضًا من المساترة ، وهذا ما تضمنه شرح الميثاق كذلك حيث يقول : ( إن أنكر ألوهية الحاكم سبحانه بحضرة الضد فيجوز له ذلك ، وليس يقع في ذلك ارتداد في الحقيقة ، لأن المقر بألوهية الحاكم تعالى ، الكاتب على نفسه الميثاق أمر بالمساترة عند الشرائع ، وإنكار ألوهية الحاكم سبحانه باللسان ، وهذا مشروع في الدين من غيبة الحاكم سبحانه إلى يوم القيامة .

ولا جناح على الموحدين في إنكار الحاكم بحضرة الشرائع ، إذ سئل وطلب منه مثل ذلك ، وأما من تلقاء نفسه ، أعني نفوس الموحدين بلا طلب ولا سبب فلا يجوز اللفظ بالإنكار ألبتة ، كما لا يجوز اعتقاد بشريته ) ([162]) .

وكذلك سب ولعن ( حمزة ) ظاهرًا لا بأس به ، يقول بهاء الدين في منشور الغيبة : (( فمن وقعت به منكم محنة ، وطلب منكم سب هذا العبد ( حمزة ) فتبرءوا منه وسبوه ، وإن طلب منكم لعنه فالعنوه ، هذا عند الاضرار ، والله يعلم بما تظهرون وتكتموه ) ([163]).

ويتحدث تقرير قدمته الاستخبارات الفرنسية أثناء الاستعمار الفرنسي على سوريا ولبنان عن طبيعة الدروز فيقول : ( إن الدروز مرنون بحق ، فهم يتبعون حرفيًا نصيحة مؤسس دينهم : اتبعوا كل أمة أقوى من أمتكم ، وحافظوا علي داخل قلوبكم . لذلك فعندما يحتكون بطوائف أقوى من طائفتهم كالمسلمين أو المسيحيين فإنهم يتظاهرون بالتسليم ببعض معتقداتهم وهكذا ، فمثلاً يرددون بكل طيبة خاطر الشهادتين ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) .

مما تقدم يتضح أن التستر والكتمان نهج أساسي من أصول عقيدتهم ، فهم دوما مع القوي والمتمكن ، يتظاهرون بالدين الغالب في أي قطر ، ومصداق ذلك ما نراه منهم في فلسطين المحتلة بإخلاصهم التام لليهود هناك .

كذلك فهم في كثير من الأحيان لا يناقشون من يكتب عن ديانتهم مناقشة موضوعية بل يحاولون أن يلصقوا به الصفات القبيحة ويشتمونه بأقدح الشتائم متسترين بهذه الألفاظ على حقيقة دينهم وما يحويه من كفر ، وهذا ما حدث مع الشيخ زيد بن عبد العزيز الفياض عندما بدأ بكتابة حلقات عن حقيقة مذهبهم في مجلتي المنهل وراية الإِسلام ([164]) اللتين كانتا تصدران في جدة والرياض ردًا على فتوى شيخ الأزهر باعتبارهم مسلمين ([165]).

فقامت حينئذ ضجة شديدة بين الدروز وقدم كبارهم الاحتجاج ، وأصدر شيخ العقل في لبنان فتوى ضده ، وردوا على الشيخ الفياض بأقذع الألفاظ والشتائم في عدة صحف ومنها صحيفة الصفاء التي كانت تصدر في بيروت سنة 1961 م والتي كان مدير تحريرها شخص اسمه محمد آل ناصر الدين ، حيث لم يستطيعوا أن ينفوا هذه الحقائق عن دينهم ، فما كان منهم إلا أن يناقشوه بالسب والشتم ليتستروا بذلك على الحقيقة المرة فاتهموه بالإِلحاد والزندقة والصهينة وغير ذلك من الاتهامات التي لا يجوز ذكرها ([166]).

وكان أن قام الأستاذ عبد الله النجار وهو من طائفة الدروز بعد هذه الحادثة بسنوات قليلة بإصدار كتابه ( مذهب الدروز والتوحيد ) والذي يبين بقلم درزي حقيقة هذا المذهب ، وقامت ضجة أشد من الأولى على هذا الكتاب وصاحبه ، وحاكمه مشايخ الدروز لفضحه أسرار المذهب وجمعوا نسخ الكتاب من الأسواق وأحرقوها ، وصدر بأمر من مشيخة العقل كتاب ألفه الدكتور سامي مكارم وقدم له الأستاذ كمال جنبلاط يرد فيه على كتاب الأستاذ النجار ([167]).

ويظهر أن الدروز قد غيروا هذه المرة من استراتيجيتهم فعملوا بشيء من الموضوعية ، ولكن للأسف كانت هذه الموضوعية ستارًا يتسترون به على ما يريدون القيام به ، حيث يقال أنهم استغلوا أحداث لبنان الأخيرة وقاموا باغتيال الأستاذ النجار .

وهذه الأمثلة تدل دلالة ساطعة على خطورة موضوع التستر في عقيدتهم ، وعن كيفية تعاملهم مع من يكشف عن حقيقة دينهم .

ومما يذكر في هذا المجال أن أقلامًا عديدة من الدروز طالبوا بشدة مشيخة عقل الدروز بالإِفراج والإِعلان عن حقيقة العقيدة الدرزية ، ولكن مشيخة العقل أصمت أذنيها عن كل هذه الأصوات وخاصة أصوات الدروز في المهجر وفي مقدمتهم الدكتور نجيب العسراوي الذي ما فتأ يطالب بذلك ، وعندما يئس من ذلك أصدر كتابًا عن هذه العقائد باللغة البرتغالية حتى لا يقرأه كل إنسان .

وقد ذكر هذا الموضوع بتفصيل صاحب مذكرة ( أيها الدريّ عودة إلى عرينك ) ومما قاله : ( الدكتور نجيب العسراوي رئيس الرابطة الدرزية بالبرازيل استشار الأمير شكيب أرسلان عام 1927 بشأن الإِفراج عن العقائد الدرزية المدفوعة بالرسائل فأجابه : بعدها عجرا ؟

وكأن العسراوي وأمثاله كعدنان بشير رشيد رئيس الرابطة الدرزية في استراليا وجدوا تلك العجرا أصبحت سائرة في طريق النضوج ، فأخذوا يكاتبون مشيخة العقل طالبين شيئًا يعرضونه على أطفالهم الذين يعرفون الدرزية بـ ( ليست إسلامية ولا مسيحية ولا يهودية ) ، كتبوا هذا وطالبوا وأصروا بل وتذمروا ... إلى أن يقول : خشى نجيب العسراوي – أحد لامعي المهاجرين في البرازيل وعدنان بشير رشيد رئيس الرابطة الدرزية في أستراليا عاقبة هذا البعد وألحا عن مشيخة العقل طالبين تأليف ما يستطيع منه الدروز فهم دينهم ، ولكن هذه اعتصمت بالمواعيد ، فاضطر العسراوي أن يصدر كتابه ( الدرزية ) باللغة البرتغالية ، ومنه عرف الناس شيئًا .

جعلت مشيخة العقل أصابعها في آذانها واستهانت بأصوات المنادين بوجوب التأليف حول الدرزية ، ولم تعترف بجهود العسراوي رغم أنه سد ثغرة كانت هي الأجدر بسدادها ، وبعد أن صدر عبد الله النجار كتابه تزحزحت وكلفت سامي مكارم بتأليف كتاب ( أضواء على مسلك التوحيد ) بعد اعتذار عجاج نويهض .

ألف مكارم وجنبلاط ولكن لا ليسدا فراغا بل ليردوا على عبد الله النجار في كتابه المحجوز الذي سد فراغا أو بعض الفراغ ، وباركا الكتمان والتمسا عذرا للدرزية ، ورأياها نابعة عن العقل الأرفع الذي لا يحتمل الخطأ ... أما سواها من أهل المذاهب والأديان فمن العقل الطبيعي المعرض للخطأ ) ([168]).

7 – رسائل الدروز وكتبهم المقدسة :

للدروز مجموعة من الرسائل المقدسة عندهم ، إذ منها يستمد عقالهم مباديء مذهبهم ، وتسمى أحيانًا باسم ( رسائل الحكمة ) وعدد هذه الرسائل 111 رسالة ، مقسمة إلى أربعة مجلدات ، ( تتوالى فيها الرسائل بصورة مطردة في جميع المخطوطات قديمها وحديثها ، ومثل هذا الاطراد لا يمكن أن يكون قد تم عرضا ، إذ الرسائل منسوبة إلى أكابر أصحاب المذهب القدماء ، وهذا يدل على أن تقتنيها في هذه الصورة المنتظمة الموحدة قد تم في وقت لاحق ) ([169]) .

والملاحظ في هذه الرسائل ، أن بعضها يحتوي على سجلات صدرت في عصر الحاكم ، وبعضها يحتوي على رسائل بعث بها حمزة بن علي إلى أشخاص كانوا يحتلون مكانه في الدولة مثل ولي العهد عبد الرحيم بن إلياس ، والقاضي أحمد بن العوام ، أو رسائل بعث بها لدعاة الدعوة ، ومنها ما كتبه حمزة عن العقيدة نفسها ، ثم نجد بعد ذلك رسائل للداعي محمد بن إسماعيل التميمي ، ورسائل لبهاء الدين المعروف بالمقتني ) ([170]).

وللدروز أيضًا مصحفا يسمونه ( المنفرد بذاته ) ، كتب حديثا ، ويعتقد أن كاتبه هو الأستاذ كمال جنبلاط الزعيم اللبناني المعروف والذي اغتيل قبل سنوات . ويقال أنه تعاون في وضعه ووضع رسائل أخرى مع عاطف العجمي وبخط الشيخ عبد الخالق أبو صالح ([171]).

ويتألف هذا المصحف – كما ذكرت سابقًا – ([172]) من أربع وأربعين عرفا ، يحاكي فيه كاتبه القرآن الكريم بترديد ما في رسائل الدروز ، ولذلك فقد حاول أن يقلد أسلوب القرآن الكريم في أكثر أعرافه ، وكذلك فإنه أخذ من آيات القرآن الكريم ما يناسب بغيته ومرماه ، وخاصة آيات النعيم والعذاب ، حيث جعلها خاصة بمن يعبد الإِله المعبود عندهم – الحاكم بأمر الله – فمن عبده فله النعيم ، ومن كفر به فقد حق عليه العذاب . ( ويعلق عاطف العجمي على هذا المصحف وغيره من الرسائل التي وضعوها بقوله : تكاد تفوق القرآن بلاغة ) ([173]).

ولا يزال هذا المصحف يتداول بين الدروز بشكل سري ، لذلك لا يعرف بينهم إلا بشكل محدد جدًا ([174])، ولا يستغرب أن ينكروا وجوده ([175]).

ومن كتب الدروز الدينية أيضًا : ( كتاب النقط والدوائر ) ، والذي يتحدث عن الكثير من العقائد الدرزية ، وقد طبع هذا الكتاب في البرازيل سنة 1920 م بإشراف الأستاذ منير اللبابيدي ، ويقول مؤلف ( أيها الدرزي عودة إلى عرينك ) أنه من تأليف الشيخ عبد الغفار تقي الدين البعقليني المقتول سنة 900 هـ ([176]).

ومنها كذلك ( شرح ميثاق ولي الزمان ) ، ويصف كاتبه نفسه بـ ( الحقير محمد حسين ) ، وهذا الشرح – كما يستدلون من أسلوبه – كتب قبل فترة ليست بالطويلة ، ويدل على حقيقة اعتقادات الدروز التامة وبشكل أوضح من الرسائل أحيانًا .

ومن الكتب الدرزية التي لم أستطع العثور عليها وذكرها مؤلف ( أيها الدرزي عودة إلى عرينك ) ، على أنها من وضع كمال جنبلاط بالتعاون مع عاطف العجمي ما يلي :

أ – الصحف الموسومة بالشريعة الروحانية في علوم البسيط والكثيف ، وهو كتاب آخر كالمنفرد بذاته مؤلف من نحو 360 صفحة وهو مؤلف من عدة رسائل منها :

1. رسالة ركز العاجلة .

2. رسالة شرعة الإِبداع .

3. رسالة شرعة المثالات .

4. رسالة شرعية استبانة الشريعة .

5. شرعة الأمة الواحدة .

وملخص في هذه الرسائل :

1. إثبات كل ما جاء عن حمزة .

2. حض قوي جدا على الكتمان ، ورؤية منكري الحكمة معرضين لتقمصات مختلفة .

3. إثبات قصة الدينونة .

4. فرض العبادة ليلة الاثنين مع المحافظة على فرضها ليلة الجمعة .

5. إدخال الفكر البوذي ونظام البوكا والاعتماد على التعاويذ لشفاء الأمراض .

ب – رسائل الجام الجاحدين وما بعدها ، وهو كتاب كالمنفرد بذاته والبسيط والكثيف وضعا وخطا واقتباسا من القرآن ) ([177]).

ويعلق مؤلف هذه المذكرة بقوله : ( وكأن جنبلاط الذي لا أكاد أرتاب بأنه مؤلف هذه الرسائل ، كأنه أحس أن كل شيء لدى الدروز أصبح كاملاً ولم يعد ينقصهم إلا النصائح الطبية والاعتماد على معرفة أنباء المستقبل من الكواكب والأفلاك ومعرفة ما يضمر الناس بواسطة سحن وجوههم ولذا كتب نحو مئة صفحة حول الطب والفراسة وأسند آراءه كعادته إلى حمزة ... ويضيف قائلاً في صفحة أخرى : ( وهكذا نرى حمزة كبهاء الدين قديما وكمال جنبلاط حديثًا يسيرون في طريق يفضي للإِجهاز على الأديان ، لاسيما الإِسلام ، تنفيذًا لتصاميم يهودية مجوسية ) ([178]).

وفيما يلي سرد لأسماء رسائل الدروز ، والتي تتكون من أربعة مجلدات :

المجلد الأول من رسائل الدروز :

1. نسخة السجل الذي وجد معلقًا على المشاهد في غيبة الحـــــــــــــــــاكم وتاريخه سنة 411 هـ ([179]) .

2. السجل المنهي فيه عن الخمر ([180]).

3. خبر اليهود والنصارى : وهو بدون تاريخ ، ومروي عن الذين كانوا مع الحاكم بأمر الله ، حينما جاءه وفد من اليهود والنصارى يطلبون منه الأمان ([181]).

4. نسخة ما كتبه القرمطي إلى الحاكم بأمر الله ، وجواب الحاكم عليه .

5. ميثاق ولي الزمان : وهو الذي يؤخذ على كل مستجيب للمذهب الدرزي .

6. الكتاب المعروف بالنقض الخفي ، وتاريخ شهر صفر سنة 408 هـ السنة الأولى من سنوات حمزة ، وهو الكتاب الذي نقض به حمزة الشرائع جميعًا ، وخاصة أركان الإِسلام الخمسة .

7. الرسالة الموسومة ببدء التوحيد لدعوة الحق : من كتابات حمزة ، وتاريخها شهر رمضان سنة 408 هـ ، السنة الأولى من سنوات حمزة ، وتتضمن الخصال السبعة التي فرضها على أتباعها ، وإسقاط الفرائض الأخرى عنهم .

8. ميثاق النساء : وهي من كتابات حمزة أيضًا ، وليس لها تاريخ ، وفيها تقرير قواعد الأداب التي ينبغي على الدعاة أن يتبعوها في تعليم النساء ، وكذلك العهود التي تؤخذ عليهن حتى يحتفظن بعفافهن ومكارم أخلاقهن .

9. رسالة البلاغ والنهاية في التوحيد إلى كافة المتبرئين من التلحيد ، من تأليف حمزة ، وتاريخها شهر المحرم سنة 409 هـ ، وفيها عن مآل الكافرين ومصير الموحدين ، ويوم القيامة .

10. رسالة الغاية والنصيحة ، من تأليف حمزة ، وتاريخها شهر ربيع الآخر سنة 409 هـ ، وفيها يتحدث عن الخلاف بينه وبين الدرزي ([182]).

11. كتاب فيه حقائق ما يظهر قدام مولانا الحاكم جل ذكره من الهزل ، من كتابات حمزة ، وبدون تاريخ ، ويرجح أنه كتبها في سنة 409 هـ أثناء اختفائه ، وفي هذا الكتاب تأويل لجميع أفعال الحاكم اليومية ([183]).

12. السيرة المستقيمة ، من كتابات حمزة ، كتبها في جمادي الأولى سنة 409 هـ ، وهي سيرة الحاكم وحياته ، ويراد من إيرادها البرهنة على ألوهيته .

13. كشف الحقائق ، من كتابات حمزة ، وتاريخها شهر رمضان سنة 409 هـ ، وهي من حدود الدين عندهم ومراتبهم .

14. الرسالة الموسومة بسبب الأسباب وكنز لمن أيقن واستجاب ، من كتابات حمزة وبدون تاريخ ، ويتحدث فيها عن سبب تسميته علة العلل ، ويتحدث فيها عن سبب تسميته علة العلل ، وتأويل ( بسم الله الرحمن الرحيم ) .

المجلد الثاني من رسائل الدروز :

15. الرسالة الدامغة في الرد على الفاسق النصيري ، لعنه المولى في كل كور ودور : من كتابات حمزة ، ومن أهم الرسائل في هذا المجلد ، وهي تعطي فكرة عن آراء بعض الفرق التي طرحت الأديان كلها ، واتجهت إلى الإِباحية الجنسية ، وأيضًا عن الثواب والعقاب عند النصيرية والدروز .

16. الرسالة الموسومة بالرضى والتسليم ، من كتابات حمزة ، وتاريخها سنة 409 هـ ، ويتحدث فيها عن خلافه مع الدروز .

17. رسالة التنزيه : كتبها حمزة ، وتاريخها جمادى الآخرة سنة 409 هـ ، وفيها يتحدث عن الحدود الخمسة ومراتبهم وأضدادهم .

18. رسالة النساء الكبيرة : لم يذكر فيها الكاتب ولا التاريخ ([184])، وتتضمن تأويلاً للسجلات التي أصدرها الحاكم ، وكذلك تأويل لأركان الإِسلام .

19. رسالة الصبحة الكائنة ، من كتابات حمزة ، وتاريخها شعبان سنة 409 هـ ، بعثها إلى أصحاب الدرزي الذين قبض عليهم الحاكم ، وفيها عتاب لهم وكيف حذرهم ليلة ثورة المصريين ضد دعوة تأليه الحاكم ، وكيف هرب هو والتجأ إلى مخبأ .

20. نسخة سجل المجتبى : من رسائل حمزة ، وهي تقليد وتعيين إسماعيل التميمي في حده ومرتبته الدينية .

21. تقليد الرضى سفير القدرة ، من رسائل حمزة ، وتاريخها شوال سنة 409 هـ ، وفيها تعيين محمد بن وهب في مرتبته .

22. تقليد المقتني ، من رسائل حمزة ، وتاريخها شعبان سنة 410 هـ ، وهي خاصة بتعيين علي بن أحمد السموقي ( بهاء الدين ) في مرتبته .

23. مكاتبة إلى أهل الكدية البيضاء ( حسن بن هبة ) عما يعن لهم من أمور دينهم .

24. رسالة حمزة إلى الموحدين من أهل أنصنا ([185])، وتاريخها جمادى الآخرة سنة 410 هـ ، ويدعوهم فيها إلى الصبر .

25. شرط الإِمام صاحب الكشف : لم يذكر كاتبها ولا تاريخها .

26. الرسالة التي أرسلت إلى ولي العهد ، عهد المسلمين ، عبد الرحيم بن إلياس : وهي من رسائل حمزة بعثها إلى ولي عهد الحاكم ويدعوه فيها إلى الاعتراف بألوهية الحاكم .

27. رسالة إلى خمار بن جيش السليماني العكاوي ، وهي من رسائل حمزة ، يحذر فيها خمار من القول بأنه شقيق الحاكم .

28. الرسالة المنفذة إلى القاضي : وقد بعث بها حمزة إلى قاضى القضاة أحمد بن العوام ، وتاريخها ربيع الأول سنة 409 هـ ، ويدعوه فيها إلى خلع نفسه من ولاية القضاء على الموحدين ، لأنه لا يؤمن بألوهية الحاكم .

29. المناجاة ، مناجاة ولي الحق : الموجهة من ولي الحق ( حمزة ) إلى الحاكم .

30. الدعاء المستجاب ، وهي مناجاة أخرى .

31. التقديس ، دعاء السادقين : دعاء لنجاة الموحدين العارفين .

32. ذكر معرفة الإِمام ، وأسماء الحدود العلوية روحانيًا وجسمانيًا ، لم يذكركاتبها ، وهي عن أسماء وألقاب الحدود .

33. رسالة التحذير والتنبيه ، من رسائل حمزة ويتحدث فيها عن عظيم المهمة الموكولة إليه ، ويبشر الموحدين بما ينتظرهم من جزاء ، وما ينتظر العصاة من عقاب .

34. الرسالة الموسومة بالإعذار والإِنذار ، الشافية لقلوب أهل الحق من المرض والاختيار : من رسائل حمزة ، ويتحدث فيها عن ضرورة التمسك بعقيدة التوحيد ، ويحاول فيها اجتذاب أتباع خصومه وهو ابن البربرية .

35. رسالة الغيبة ، التي وردت على يد أبي يعلى ، وهي التي بعث بها حمزة إلى الدعاة في الشام بعد غيبة الحاكم ، يحضهم فيها على التمسك بالعقيدة وعدم التخاذل ، فيكون تاريخها على هذا سنة 411 هـ .

36. كتاب فيه تقسيم العلوم ، من تأليف إسماعيل التميمي ، وتاريخه شهر المحرم سنة 410 هـ ، وفيه تقسيم العلوم إلى خمسة أقسام والتفريق بين اللاهوت والناسوت ، والحدود في كل دور .

37. رسالة الزناد : من تأليف التميمي أيضًا ، ولا تاريخ لها ، وفيها تأويل لكثير من آيات القرآن الكريم .

38. رسالة الشمعة ، كذلك من تأليف التميمي ، وكتبت في عهد الحاكم لأنه يذكر فيها أنها ( رفعت إلى الحضرة اللاهوتيه ) ، وعنونت بالشمعة ، لأن حدود الدعوة خمسة ، ويشبهون في هذا أجزاء الشمعة المضيئة .

39. رسالة الرشد والهداية ، من كتابات التميمي ، وفيها تمجيد لمرتبته ودعوة الموحدين إلى المثابرة وعدم الاستسلام .

40. شعر النفس : قصيدة نظمها التميمي ، يمجد بها الحاكم ( الإِله ) . المجلد الثالث من رسائل الدروز :

41. الجزء الأول من السبعة الأجزاء : وفيه عرض للفرض الأول من فرائض ديانة التوحيد .

42. الرسالة الموسومة بالتنبيه والتأنيب والتوبيخ والتوفيق ، كتبها بهاء الدين سنة 422 هـ ، إلى معد بن محمد ، وطاهر بن تميم الداعيين لتثبيت إيمانهما .

43. مثل ضربه بعض حكماء الديانة توبيخًا لمن قصر عن حفظ الأمانة .

44. رسالة إلى بني أبي حمار ، من كتابات بهاء ، ويتحدث فيها عن أن الألوهية لم تنتقل من الحاكم إلى ابنه علي .

45. تقليد لاحق ، من كتابات بهاء ، وفيه يقلد الشيخ المختار ، سنة 408 هـ .

46. تقليد سكين : من كتابات بهاء ، وتاريخه سنة 418 هـ ، وفيه يقلد سكين رئيسًا للمذهب في ( سورية ) ، ومما يذكر أن سكين هذا ادعى فيما بعد أنه الحاكم .

47. تقليد الشيخ أبي الكتائب : مرسوم تعيين أبي الكتائب داعيًا في البيضاء .

48. تقليد الأمير ذي المحامد ، كفيل الموحدين أبي الفوارس ، معضاد بن يوسف ، الساكن بفلجين ، وكان هذا داعيًا تحت إمرة سكين .

49. تقليد بني جراح : وهم الذين ثاروا على الحاكم في حياته ، ثم استمالهم بالأموال حتى عادوا إلى طاعته ، ثم آمنوا بألوهيته بعد ذلك ، ويصدر لهم بهاء الدين تقليدًا بذلك .

50. الرسالة الموسومة بالجميهرية : كتبها بهاء الدين ، وتاريخها سنة 418 هـ ، وموجهة إلى الدعاة والشيوخ في قبيلة تنوخ بوادي تيم .

51. الرسالة الموسومة بالتعنيف والتهجين لجماعة من سنهور من كتامة الكاتمين العجيسيين ، من كتابات بهاء الدين سنة 418 هـ ، وبعث بها إلى قوم من كتامة يدعوهم فيها إلى الحذر .

52. رسالة الوادي : من رسائل بهاء الدين .

53. الرسالة الموسومة بالقسطنطينية ، المنفذة إلى قسطنطين متملك النصرانية : من رسائل بهاء الدين ، بعث بها إلى امراطور الروم سنة 419 هـ ، يدعوه فيها وشعبه إلى الدخول في مذهب التوحيد .

54. الرسالة الموسومة بالمسيحية وأم القلائد النسكية ، وقامعة العقائد الشركية : بعث بها بهاء الدين إلى المسيحيين جميعًا ، وفيها يثبت أن حمزة هو المسيح حقًا .

55. الرسالة الموسومة بالتعقب والافتقاد لآراء ما بقي علينا من هدم شريعة النصارى الفسقة الأضداد ، بعث بها بهاء الدين إلى الأمير ميخائيل صهر إمبراطور الروم ، وفيها تأويل لآيات الإِنجيل يتفق مع عقيدة تأليه الحاكم .

56. الرسالة الموسومة بالإِيقاظ والبشارة لأهل الغفلة وأهل الحق والطهارة : من رسائل بهاء الدين وتاريخها سنة 423 هـ ، بعث بها إلى أهل العراقين وفارس ، يبشرهم بقرب ظهور حمزة ([186]) .

57. الرسالة الموسومة بالحقائق والإِنذار والتأديب لجميع الخلائق : من رسائل بهاء الدين ، وتاريخها سنة 425 هـ ، أرسلت للذين اعتنقوا الدعوة في وادي التيم .

58. الرسالة الموسومة بالشافية لنفوس الموحدين ، الممرضة لقلوب المقصرين الجاحدين : وهي في وعظ أتباع المذهب .

59. رسالة العرب ، من رسائل بهاء الدين ، بعث بها إلى أهل سورية والحجاز واليمن والعراقين ، يدعوهم فيها إلى مذهبه ، وتاريخها سنة 422 هـ .

60. رسالة اليمن وهداية النفوس الطاهرات ، ولم الشمل وجميع الشتات : رسالة بهاء الدين إلى أهل اليمن المعتنقين لمذهبه .

61. رسالة الهند الموسومة بالتذكار والكمال إلى الشيخ الرشيد المسدد المفضال : رسالة بهاء الدين إلى أتباعه في الهند ، وتاريخها سنة 425 هـ .

62. الرسالة الموسومة بالتقريع والبيان وإقامة الحجة لولي الزمان : أرسلها بهاء الدين إلى أهل القاهرة والفسطاط لعدم تصديقهم ألوهية الحاكم .

63. الرسالة الموسومة بتأديب الولد العاق من الأولاد ، الغافل عن تغيير السور ( الصور ) العاصية عند الانتقال في دار المعاد ، ورجوع أنفسها إلى الانسفال بعد العلو بمصاحبة الأضداد : وهي عن تناسخ الأرواح .

64. الرسالة الموسومة بالقاصعة للفرعون الدعي ، الفاضحة لعقيدة الكذاب المعتوه الشقي ، وتاريخها سنة 426 هـ ، وهي رد على من يدعى بـ ( ابن الكردي ) ، الذي ادعى أنه روح الحاكم .

65. كتاب أبي اليقظان ، وما توفيقي إلا بطاعة حدود ولي الزمان : من رسائل بهاء الدين بعث به إلى أبي اليقظان .

66. الرسالة الموسومة بتمييز الموحدين الطائعين من حزب العصاة الفسقة الناكثين .

67. رسالة من دون قائم الزمان والهادي إلى طاعة الرحمن : يعتقد أنها من كتابات بهاء الدين .

68. رسالة السِفر إلى السادة في الدعوة لطاعة ولي الحق الإِمام القائم المنتظر ، من كتابات بهاء الدين سنة 430 هـ ، وأرسلت إلى شيوخ العرب في الإِحساء . المجلد الرابع من رسائل الدروز :

69. الرسالة الموسومة بمعراج نجاة الموحدين ، وسلم حياة المعرفين .

70. رسالة في ذكر المعاد ، والرد على من عبر بالغلط والإِلحاد .

71. الرسالة الموسومة بالتبيين والاستدراك ، لبعض ما لم تدركه العقول في كشف الكفر المحجوب من الإِلحاد والإِشراك : وهي في شرح عقائد بعض الفرق .

72. الرسالة الإِسرائيلية الدامغة لأهل اللدد والمجون ، أعني الكفرة من أهل شريعة اليهود : وهي في الرد على عقائد اليهود .

73. الرسالة الموسومة بأحد وسبعين سؤالا ، سأل بها بعض المدعين الفسقة الجهال وأئمة الجور والضلال : وهي أسئلة من مخالفي العقيدة والرد عليها .

74. الرسالة الموسومة بإيضاح التوحيد لمن تنبه من سنة الغفلة وعرف الحق وانتصر ، وإثبات الحجة ببرهان الدين ، والرد على من أشرك بالباري وشك فيه وجحد الحد والحق وأنكره : من كتابات بهاء الدين سنة 430 هـ ، وهي في الرد على من أنكر ألوهية الحاكم .

75. ذكر الرد على أهل التأويل الذين يوجبون تكرار الإِله في الأقمصة المختلفة .

76. توبيخ ابن البربرية ، الرسالة الموسومة بالدامغة للفاسق النجس ، الفاضحة لأتباعه أهل الردة والبلس .

77. توبيخ لاحق : لما نسب إليه من تصرفات مخالفة لقواعد ديانة التوحيد .

78. توبيخ ابن أبي حصية : من كتابات بهاء الدين ، ويحذر فيها أتباعه من آراء هذا الشخص الذي أباح كثيرًا مما حرمه حمزة .

79. توبيخ سهل .

80. توبيخ حسن بن معلا .

81. توبيخ الخائب محلى : الذي كان يدعو إلى الإِباحة ، ويبيح لغيره الاتصال بزوجته .

82. رسالة البنات الكبيرة .

83. رسالة البنات الصغرى .

84. المقالة في الرد على المنجمين .

85. الرسالة الموسومة ببدء الخلق ، ومؤلفها بهاء الدين .

86. الرسالة الموسومة بالموعظة ، ومؤلفها ، بهاء الدين ، وتاريخها سنة 428 هـ .

87. المواجهة : بعث بها بهاء الدين إلى حمزة يوصي فيها ببعض الأشخاص الذين أرسل معهم نسخًا من كتب مختلفة ألفها بهاء الدين عن ديانة التوحيد ([187]) .

88. مكاتبة الشيخ أبي الكتائب .

89. منشور إلى آل عبد الله .

90. جواب كتاب السادة : وفيه يبشر بقرب ظهور حمزة ( قائم الزمان ) .

91. الكتاب المنفذ على يد سرايا : ويتحدث فيه عن أمور تجارية ، أظن أنها ألغاز .

92. مكاتبة تذكرة .

93. مكاتبة نصر بن فتوح .

94. السجل الوارد إلى النصر .

95. منشور الشيخ أبو المعالي طاهر .

96. منشور إلى جماعة أبي تراب .

97. رسالة جبل السماق : مؤلفها بهاء الدين سنة 429 هـ ، بعث بها إلى الموحدين في جبل السماق ، يبشرهم بقرب ظهور حمزة ([188]) .

98. منشور إلى آل عبد الله ، وآل سليمان .

99. منشور أبا علي التنوخي .

100. منشور رمز لأبي الخير سلامة .

101. منشور الشرط والبط : ويعني الحجامة .

102. مكاتبة إلى الشيوخ الأوابين .

103. منشور في ذكر إقالة سعد : من تأليف بهاء الدين .

104. مكاتبة رمز إلى الشيخ أبو المعالي : تتكلم هذه الرسالة عن الحراثين والبذور والأوقاف ، وهذه الألفاظ رموز وإشارات تؤول على أساس الدعوة .

105. منشور إلى المحل الأزهر الشريف : في تبرئة بعض الموحدين ، مما شاركوا به في وضع الضلالات في ديانة التوحيد .

106. منشور نصر بن فتوح : وينصحه بهاء الدين بالسرية التامة .

107. مكاتبة رمز إلى آل أبي تراب : يحذر فيها بهاء الدين من ابن الكردي .

108. الرسالة الواصلة إلى الجبل الأنور ، من كتابات بهاء الدين سنة 433 هـ ، ويوضح فيها الذين أفسدوا ديانته .

109. مكاتبة الشيخ أبي المعالي ، من كتابات بهاء الدين سنة 433 هـ .

110. رسالة منسوبة بالغيبة : مؤلفها بهاء الدين ، ويودع فيها أتباعه ، ويعلن عزمه على الغيبة ، ويوصيهم التمسك بالآراء التي علمهم إياها . ويلاحظ في هذه الرسائل ، أن أكثر رسائل حمزة كتبت في سنة غيابه عام 409 هـ ، وهي السنة التي أراد بها أن يقوي مذهبه ، ويلاحظ أيضًا أن غالبية الرسائل كتبت من قبل بهاء الدين ، الذي قاد المذهب بعد اختفاء حمزة سنة 411 هـ .

أما عناوين الأعراف التي يتألف منها مصحف الدروز فهي كما يلي :

1. عَرفُ الفتح : فيه حديث عن هذا المصحف ، وتمجيد بما يحويه .

2. عَرفُ الأمر والتقديم : فيه دعوة إلى الإِيمان ، بألوهية الحاكم ، والتهديد لمن لا يؤمن به بالعذاب والويل ، وفيه آيات من القرآن الكريم حُرفت بشكل واضح .

3. عَرفُ نداء الحضرة : فيه حديث عن نداء الإِله في أدواره وظهوراته المختلفة للأيمان به ومشاهدته .

4. عَرفُ النزلة والتجلي .

5. عَرفُ التنبيه والهداية : وفيه توبيخ لمن أنكروا أن يروا الله جهرة كأمثالهم ( أي أن يروا الحاكم ) . وفيه أيضًا تحريف لآيات من القرآن الكريم .

6. عَرفُ الإِنذار والحساب : وفيه تهديد بالعذاب لمن رفض دعوة الحاكم .

7. عَرفُ الجحود والتوبة .

8. عَرفُ المظاهر القدسية .

9. عَرفُ الإِيمان والردة : وفيه تهديد للذين يرتدون عن هذا الدين .

10. عَرفُ النيزين .

11. عَرفُ الجيش العجيب المجر : وفيه عن مهاجمة جموع الناس لمقر حمزة أثناء اختفائه بعد ثورتهم ، وعن نصر الحاكم ( الإِله ) له بعد ذلك وحمايته .

12. عَرفُ الزلزلة .

13. عَرفُ الأمثال : وفيه وصف لعذاب الذين كفروا بالحكم .

14. عَرفُ صلاة اللقاء : فيه دعاء موجه إلى الحاكم ، على أنه صلاة .

15. عَرفُ صلاة الرواح : فيه كذلك حدث عن العذاب الذي سَيحل بمن كفروا بالحاكم بعد أن رأوه جهرة .

16. عَرفُ كتاب أبي إسحق أو مراتب العباد : موجه إلى شخص اسمه : أبي إسحق محمد اللدي ، وفيه حديث عن ظهور المعبود ، وعن يوم القيامة وقوم يأجوج ومأجوج .

17. عَرفُ صلاة الفجر : وفيه دعاء ومناجاة للحاكم .

18. عَرفُ تجلي شمس الحقيقة وتغريد الحمامة الأزلية .

19. عَرفُ العهد والميثاق : وفيه نص العهد والميثاق .

20. عَرفُ صلاة الشكر والحمد على الإيمان .

21. عَرفُ الرحمة .

22. عَرفُ الوصية : وفيه عن أحكام الوصية في مذهبهم .

23. عَرفُ صلوات الشرائع : وفيه تحذير لأتباع المذهب من الاستماع إلى المسلمين ، ويتحدث فيه أيضًا عن فرائض الإِسلام بشكل استهزائي ؟

24. عَرفُ أنباء الأولين والتجلي في بلاد السند والهند .

25. عَرفُ طلائع الموحدين .

26. عَرفُ مشارق التوحيد .

27. عَرفُ المحرمات : وفيه حديث عن المحرمات التي حرمها مولاهم الحاكم عليهم .

28. عَرفُ صلاة التسبيح .

29. عَرفُ فرائض الأحكام : وفيه عن تحريم الزنا على أتباع المذهب .

30. عَرفُ المشاهدة وكوثر التجليات .

31. عَرفُ خلائف العدل : وفيه عن تحريم الرشوة بينهم .

32. عَرفُ برازخ الكاف والنون أو الشفع والوتر : وفيه عن شكر مولاهم لأنه أخرجهم من عبادة العدم إلى أنوار المشاهدة .

33. عَرفُ حقيقة الصلاة والايمان .

34. عَرفُ الثِقلين .

35. عَرفُ الدعوة والعدل والتوكل والرحمة والفيض .

36. عَرفُ كتاب البيان إلى دولة الموحدين .

37. عَرفُ صلاة التجلي .

38. عَرفُ شمس المغيب

39. عَرفُ الأكسير .

40. عَرفُ الأمم في السموات والأرضين .

41. عَرفُ مائدة الكمال أو ألواح المقادير والإِثبات والمحو والتنزيل .

42. عَرفُ عاقبة المكذبين : ويعتبر فيه القرآن صحف كتبت من قِبل آباء الجاحدين لحكمة التوحيد ، فهم لذلك في ضلال مبين .

43. عَرفُ الأعراف أو تسبيح مؤذني نواقيس الأختام .

44. بلاغ المحرمات وعَرفُ مسك الختام .

هذا وهناك أيضًا رسالة صغيرة مخطوطة بعنوان ( دعاء سيدنا الشيخ الصالح ) ويبدو أنها لأحد مشايخهم المتأخرين ، على شكل دعاء يناجي به الحاكم ، وقد بدأ بما يلي :

( اللهم لك الحمد على نعمة وجودك ، ولك الحمد على معرفة وليك وحدودك ، ولك الحمد على معرفة ظهوراتك ) ([189]).

وهناك كذلك رسالة أخرى بعنوان ( ذكر ما يجب أن يعرفه الموحد ويعتقد به ويسلك بموجبه ) ، وهو موجز عن كتاب الفرائض ، وهو عبارة عن تفصيل لكثير من عقائد الدروز .

ويؤكد كمال جنبلاط أن الدروز ورثوا في كتبهم المقدسة المستورة فلسفة فيثاغورس وسقراط وأفلاطون ، وكذلك الأفلاطونية الحديثة ، وهذه الفلسفات والأفكار هي التي يجب أن يعتد بها ، لأن أساس عقيدتهم قائم على طلب الحكمة لذا لا يستيطع أي كان أن يقرأ كتب الدروز المقدسة سوى الحكماء ([190]) .

*******

الفصل الثاني

الرد على عقيدتهم

ويتضمن ما يلي :

1 – إبطال مفهومهم للألوهية ، وحلول اللاهوت في الناسوت .

2- إبطال قولهم بالتناسخ والرجعة .

1 – إبطال مفهومهم للألوهية ، وحلول اللاهوت في الناسوت :

عقائد الدروز – كما بينت سابقًا – تقوم أساسًا على الاعتقاد بتجسد الإِله في صورة الحاكم بأمر الله ، وأن اللاهوت حل في الناسوت على هذه الصورة .

وهذا الاعتقاد هو اللبنة الرئيسية التي تقوم عليها أركان العقيدة الدرزية ، وفكرة الحلول أصلاً مستقاة من الفلسفة اليونانية ، وتكاد تكون عنصرًا رئيسيًا في الفلسفة الهندية ، ( والمسيحية استمدت هذه الفكرة من الهندوكية ) ([191]).

يقول شيخ الإِسلام ابن تيمية عن هذه الفكرة ما يلي :

ولا ريب أن هذا القول – الحلول والتجسيد – كفر صريح باتفاق المسلمين ، فقد ثبت في صحيح مسلم ، أن النبي ^ قال : ( واعلموا أن أحدًا منكم لن يرى ربه حتى يموت ) ([192])، فإذا قيل : ظهر في صورة إنسان وتجلى فيه ، فإن اللفظ يصير مشتركًا بين أن تكون ذاته فيها ، وأن تكون قد صارت بمنزلة المرآة التي يظهر فيها ، وكلاهما باطل ، فإن ذات الله ليست في المخلوقات ، ولا في نفس ذاته ترى المخلوقات كما يرى المرئي في المرآة ) ([193]).

وينقل الأستاذ أنور الجندي أيضًا عن شيخ الإسلام ابن تيمية ما يلي :

إن الاتحاد بين الخالق والمخلوق ممتنع ، لأن الخالق والمخلوق إذا اتحدا ، فإما أن يكونا بعد الاتحاد اثنين كما كانا قبله ، وهذا تعدد وليس باتحاد ، وإما أن يستحيلا إلى شيء ثالث كما يتحد الماء واللبن والنار والحديد فيلزم أن يكون الخالق قد استحال وتبدلت حقيقته كسائر ما يتحد مع غيره ، وهذا ممتنع على الله ، إذ الاستحالة تقتضي عدم ما كان موجودًا والله تعالى واجب الوجود بذاته وصفاته الملازمة له والتي هي كمال ، والتي إذا عدمت كان ذلك نقصًا يتنزه الله تعالى عنه ) ([194]).

ولاشك أن الإِله الخالق من فوق هذا الكون ، وليس هو أي جزء فيه ، ( ولو كان جزءًا من الكون لكان من الممكن أن يكافئه جزء آخر منه ، وقد يكون ذلك المكافيء – ولو من جهة من الجهات – أصغر منه وأضعف بوجه عام . ومتى وجد المكافيء أمكن أن يحتال عليه ويغلبه ، أو أن تتعارض قواهما تعارضًا يعطل كل طـرف منها الآخر وبذلك يتعرض الكون للفساد والدمار ) ([195]).

ولهذا فوجود الله كامل ذاتي ( بمعنى أنه موجود لذاته لا لعلة مؤثرة فيه ، ومن خصائص الوجود الذاتي أنه لا يقبل العدم ، وأما وجود ما عداه فوجود ناقص وتبعي ، يمعنى أنه مستمد من غيره ، وأنه متوقف على القوة الموجدة له ) ([196]).

(( وعقيدة ( الألوهية ) ، عقيدة وظيفتها خلق الإِيمان ، وإشعال وقده الشوق والحب لذات الله ، وإثارة عواطف الإِجلال والإِكبار له ، وعقيدة هذا شأنها وخطرها ، وتلك وظيفتها وعملها ، يجب أن تبقى بحيث تكون قادرة على أن تمد الإِنسان بهذه المعطيات التي تجعل لله ما يجب أن يكون له ، من تقديس وإجلال ، ولن تحقق هذا المعنى إلا إذا ظلت متأبية عن أن تنزل إلى عالم الحس )) ([197]).

وبسبب ذلك فإن الذي يرجح الإيمان في القلوب ، ويحتفظ به حيا في النفوس ، هو هذا الحاجز الذي يحجز الناس من مشاهدة الله .

ذلك أن الإنسان يهدف بتقديسه لله إلى حقيقة خارجة عن نطاق الأذهان ، وإن كانت تعبر عنها الأذهان ، فإنها في هذا التعبير تشير إلى ذات مستقلة قائمة بنفسها ، ليست مجرد عوض من الأعراض أو لقب من الألقاب .

ثم إن هذا التقديس ليس تقديسًا لذات أيا كانت ، وإنما هو تقديس لذات لها صفات خاصة ، وأهم مميزاتها أنها ليست مما يقع عليه حس الإنسان ، ولا مما يدخل في دائرة مشاهداته الدنيوية ، وإنما هي شيء غيبي لا يدركه إلا بعقله ووجدانه )) ([198]).

وكيف تستطيع حواس الإِنسان المحدودة التي تدور في مجال محدود من مجالات الوجود المحسوس ، أن تحيط بذات الله لو تجلي لها ؟

وكيف تستقيم حياة الإِنسان ، وهو يرى الله – عيانا – وهو قائم عليه ؟

وكيف يكون سلـوك الناس وهـم يشهدون الله شهودًا صريحًا محسوسًا في كل زمـان ومكان ؟

إنها أسئلة كثيرة تقف فورًا عند طرح هذه الفكرة ، التي لا يستسيغها عقل ولا يقبلها منطق ، يقول أبو حامد الغزالي :

(( إن الحلول لا يمكن تصوره بين عبدين ، فكيف يكون تصوره بين العبد وربه ؟ )) ([199]).

والحلول محال على الله لأسباب كثيرة ، ذلك لأن القديم يختلف عن الحادث لاختلاف الماهية في كل منهما ، وهذا الاختلاف يوجب استحالة حلول القديم في الحادث .

ثم إن الله واجب الوجود ، وهذا الوصف ينفي الحلول لأنه في حالة حدوثه يصبح الحال تابعًا لما حل فيه ، كما يصبح معلولاً لهذا المحل ومتأثرًا به ، بل إنه ليصبح في غير الإِمكان تصور الحال إلا بتصور المحل ، إذن ينتفي الحلول في هذه المرة كما استحال في الأولى .

وينقل الأستاذ أنور الجندي عن أبي حامد الغزالي قوله عن فكرة الاتحاد بين الله والإِنسان : (( إن قول القائل : إن العبد صار هو الرب كلام يتناقض مع نفسه ، بل ينبغي أن ينزه الرب سبحانه عن أن يجري اللسان في حقه بأمثال هذه المحاولات .

وطريقة البرهنة على فساد ذلك عند الغزالي ، هي أن يورد ثلاثة احتمالات لمثل هذا الاتحاد المزعوم :

1 – إما أن تظل كل ذات من الذاتين موجودة .

2 – وإما أن تفنى إحداهما وتبقى الأخرى .

3 – وإما أن تفنيا معا .

وفي الحالة الأولى لا يكون هناك اتحاد ، وفي الثانية كيف يمكن الزعم بأن هناك اتحادًا بين موجود ومعدوم ؟ وفي الثالثة : لا يكون هناك محل للحديث عن الاتحاد ، بل الأولى أن نتكلم عن الانعدام ، والتناقض واضح في جميع هذه الاحتمالات .

والعقل هو الذي يقرر وجود هذا التناقض ، بعد أن جاء الشرع يبين فساد فكرة الاتحاد عند النصارى )) ([200]).

وفي القرآن الكريم مواقف كثيرة تكشف عظم هذا القول ، واجتراءه على الله ، يقول تعالى عن اليهود : (( وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة ، فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون )) ([201]).

ولهذا جاءت الآية الكريمة التالية كاشفة كفر اليهود والنصارى بما قالوا واعتقدوا في هذا الموضوع : (( وقالت اليهود عُزير ابن الله ، وقالت النصارى المسيح ابن الله ، ذلك قولهم بأفواههم يُضاهئون قول الذين كفروا من قبل ، قاتلهم الله أنى يؤفكون . اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابًا من دون الله والمسيح ابن مريم ، وما أمروا إلا ليعبدوا إلهًا واحدًا لا إله إلا هو سبحانه عما يشركون )) ([202]).

وتكذيبًا لما قالوا وزعموا بين تعالى حقيقة ذاته : (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) ([203]).

(( وذات الله – مع أنها فوق أن تُدرك وأن تُحد – قد وصفت في القرآن بصفات كثيرة كالإِرادة والعلم والقدرة وغيرها ، وهي صفات كاملة الكمال المطلق )) ([204]). وبهذه الطريقة تقبل السلف الصالح موضوع الذت الإلهية .

وإرسال الرسل والأنبياء من قبل الله تعالى ، يدحض كل مزاعمهم بالحلول والاتحاد ، إذ بظهوره أو اتحاده في الإنسان ، ما كانت هناك حاجة للرسل والأنبياء .

ونستنتج مما تقدم أن فكرة تجسد الإِله في صورة إنسانية ، هي اجتراء على الله الذي ( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) ، وضرب من المستحيلات لاختلاف ماهية كل منهما ، وكذلك فهي زعزعة ليقظة الإِيمان في النفوس .

لهذا أستطيع أن أقول : أن ادعاء الحاكم الألوهية بالإِضافة إلى مظهر الكفر والإِلحاد فيه وفي مباديء مذهبه التي روجت فيما بعد كان كذلك ما يسمى بـ ( جنون العظمة ) والرغبة بالحكم والسلطان ، وشهوة الظلم والقتل والاعتداء على الآخرين ، حتى تخيل أنه الإِله ، وزين له ذلك الأذناب الذين كانوا حوله من أمثال حمزة بن علي والدرزي والفرغاني وغيرهم ، فازداد قتله وبطشه بالناس ، وأخذه أموال الناس بغير حق ، وإعطاؤها بغير حق أيضًا ، ليقال عنه : المميت والمحيي ، والرزاق والمانع .

ولو أن هؤلاء الذين لازالوا يعتقدون بألوهية الحاكم ، ومازالوا في الضلالات والمتاهات التي وضعها حمزة بن علي ، أصغوا إلى نداء عقولهم ما بقى واحد منهم على هذا الاعتقاد الواهي ، الذي لا يصدقه عقل ، ولا تستسيغه نفس .

2 – إبطال قولهم بالتناسخ والرجعة :

وهو قولهم : بأن الجسد قميص للروح ، فعندما يموت الجسم ، تنتقل إلى جسم آخر ، باعتبار أن الروح لديهم لا تموت ، بل يموت قميصها الجسم ويصيبه البلى .

وتصور التناسخ بهذا الشكل ، من الأوهام التي جاءت من قدماء اليونانيين ، ( والتي كان يعتقد بها الفراعنة ، وظهرت في زمن فرعون الذي كان فيه موسى عليه الصلاة والسلام ) ([205])، ( وهي العقيدة التي نجدها أيضًا في إنجيل بوذا ) ([206]).

ودليل بطلان هذا الاعتقاد يثبت بالشرع والعقل والحس المشاهد :

وأما ما ثبت بالشرع فقد ورد به القرآن الكريم ، والسنة النبوية الشريفة ، فما جاء عن سؤال الملكين ، وعذاب القبر ، يدل بوضوح على بطلان ما يتوهم به البعض من أن الأرواح تظل متنقلة بين الأجساد ، كلما انتسخ وجود واحدة منها في جسدها التي هي فيه ، انتقلت منه إلى جسد آخر ، وهكذا دواليك .

(( فالله سبحانه وتعالى يرسل ملكين إلى الإِنسان عقب وفاته ، يسألانه عن دينه الذي عاش عليه ، وعما علمه من أمر محمد صلى الله عليه وسلم ، فأما أن يتعرض إلى لون العذاب ، أو لون النعيم ، ولقد ثبت الخبر المتواتر من الكتاب والسنة عن سؤال القبر وعذابه ، وأنهما واردان على روح الميت بيقين ، إذ لا يتصور بدون ذلك خطاب ولا نعيم أو عذاب ، إذا فالروح مشغولة بصاحبها محبوسة له أو عليه .

كما قال الله عز وجل : ( كل نفس بما كسبت رهينة ) ([207])، ولا يمكن أن تتصرف مولية عنه لتسكن جسدًا آخر تستقبل فيه سلوكًا جديدًا ووجودًا آخر )) ([208]).

قال تعالى مخبرا عن حياة البرزخ – هذه – (( فلولا إذا بلغت الحلقوم ، وأنتم حينئذ تنظرون ، ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون ، فلولا إن كنتم غيرَ مدينين ، ترجعونها إن كنتم صادقين ، فأما إن كان من المقربين ، فروح وريحان وجنة نعيم ، وأما إن كان من أصحاب اليمين ، فسلام لك من أصحاب اليمين ، وأما إن كان من المكذبين الضالين ، فنُزلٌ من حميم ، وتصلية جحيم ) ([209]).

وقوله ( وجاءت سكرة الموت بالحق ) ([210])أي جاءت بما بعد الموت من ثواب وعقاب ، وهو الحق الذي أخبرت به الرسل . وقوله : ( واعبد ربك حتى يأتيك اليقين ) ([211])، واليقين ما بعد الموت ، كما قال ^ : ( أما عثمان بن مظعون فقد جاءه اليقين من ربه ) .

وذكر تعالى عذاب القيامة والبرزخ معا في ذكره قصة آل فرعون فقال : ( وحاق بآل فرعون سوء العذاب ، النار يعرضون عليها غدوا وعَشيا ، ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ) ([212]). وقد ثبت في الصحيحين أن النبي^لما أتى المشركين يوم بدر في القليب ناداهم : ( يا فلان ، يا فلان ، هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ، فقد وجدت ما وعدني ربي حقًا ) ([213]).

وهذا دليل على وجودهم وسماعهم ، وأنهم وجدوا ما وعدوه بعد الموت من العذاب . وقال تعالى : ( ولا تحسبن الذين قُتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون ) ([214]) [ آل عمران : 169 ] ، وأيضًا قال تعالى : ( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها ، فيُمسك التي قضى عليها الموت ، ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى ) ([215]) [ الزمر : 42 ] ، وهذا بيان لكون النفس تُقبض وقت الموت ، ثم منها ما يمسك فلا يرسل إلى بدنه وهو الذي قُضي عليه بالموت ، ومنها ما يرسل إلى أجل مسمى .

وقال تعالى : { حتى إذا جاء أحدَهم الموت قال : رب ارجعون ، لعلي أعمل صالحًا فيما تركت ، كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون }([216]) [ المؤمنون : 99 – 100 ] .

وقد أخبرنا تعالى أيضًا بأن هذه الأبدان التي فيها أرواحنا ستشهد علينا يوم القيامة بما عملت ، قال تعالى : { ويوم يُحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون ، حتى إذا ما جاؤوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم .. مما تعملون }([217]) [ فصلت : 19 – 22 ] .

مما تقدم من الآيات والأحاديث ، دليل خبري حاسم على بطلان التناسخ ، إذ بذلك ينتفي العدل الإلهي عن بني الإِنسان ([218]).

يقول ابن حزم الظاهري : ( ويكفي من الرد عليهم ، إجماع جميع أهل الإِسلام على تكفيرهم ، وعلى أن من قال بقولهم فإنه على غير الإسلام ، وأن النبي ^ أتى بغير هذا ، وبما المسلمون مجمعون عليه من أن الجزاء لا يقع إلا بعد فراق الأجساد للأرواح بالنكر أو التنعيم قبل يوم القيامة ، ثم بالجنة أو النار في موقف الحشر فقط إذا جمعت أجسادها مع أرواحها التي كانت فيها ) ([219]).

وهذه الدعوى لا تعتمد على برهان حسي أو عقلي ، وقد قامت الأدلة على حدوث العالم ، وما كان حادثًا فلابد له من نهاية ) ([220]).

وانتفاء تساوي نفسين في جميع الخصائص أمر حقيقي يقول ابن حزم :

( إن تساوي نفسين في جميع الخصائص أمر غير ممكن ، فليس في العالم كله شيئان متشابهان بجميع أعراضهما اشتباها تامًا من كل وجه ، يعلم هذا من تدبير اختلاف الصور واختلاف الهيئات وتباين الأخلاق ، وإنما يقال هذا الشيء يشبه هذا على معنى أن ذلك في أكثر أحوالهما لا في كلها ، ولو لم يكن ما قلنا ما فرَّق أحد بينهما ألبتة ) ([221]).

هذا من ناحية النفس الإِنسانية أما من ناحية الأخلاق ( فإن الأخلاق تتباين ، والأخلاق محمولة على النفس التي هي محل لها . ومتى تباينت الأخلاق تباينت النفوس من ناحيتها ، وإذا تباينت النفوس كانت نفس كل بدن من الأبدان من أي نوع كان خلاف التي في غيره من أبدان ذلك النوع بالضرورة ، وإذا يبطل القول بانتقال نفس من بدن هي مستعدة له إلى آخر من نوع ذلك البدن تصلح له نفس أخرى له خصائصها وأخلاقها ) ([222]).

وينقل ابن حزم عن القائلين بالتناسخ قولهم : ( إلى أن التناسخ هو على سبيل الجزاء ، ذلك أن الله تعالى عدل حكيم رحيم كريم ، فإذا هو كذلك فمحال أن يعذب من لا ذنب لهم بالجدري والقروح ، فعلمنا أنه تعالى لم يفعل ذلك إلا وقد كانت الأرواح عصاة مستحقة للعقاب بكسب هذه الأجساد لتعذب فيها ) ([223]).

وهذا مشابه لاعتقاد الدروز أن من يولد أعمى وبه عاهة ، إنما كان ذلك لعصيان هذه الأرواح في حيواتها السابقة .

ويرد ابن حزم على ذلك بقوله : ( ويكفي بطلان هذا الأصل الفاسد أن يقال لهم أن الحكيم العدل الرحيم على أصلكم لا يخلق من يعرضه للمعصية حتى يحتاج إلى إفساده بالعذاب بعد إصلاحه ، وقد كان قادرًا على أن يظهر كل نفس خلقها ولا يعرضها للفتن ويلطف بها ألطافًا فيصلحها بها حتى تستحق كلها إحسانه والخلود في النعيم ، وما كان ذلك ينقص شيئًا من ملكه . وحكم الشريعة أن كل قول لم يأت عن نبي تلك الشريعة فهو كذب وفرية ، فإذا لم يأت عن أحد من الأنبياء عليهم السلام القول بالتناسخ فقد صار قولهم به خرافة وكذبًا وباطلاً ) ([224]).

ويقول الأستاذ سعيد حوى عن هذه العقيدة أنه لا يقبلها عقل سليم ، ويضيف قائلاً : ( لأجل هذا فإن الإنسان على قدر ما نال من التقدم والرقي في ميدان العقل والعلم صارت تبطل في نظره عقيدة تناسخ الأرواح ، إلا أنها ما بقيت الآن إلا في أمم همجية أو متخلفة جدًا في ميدان الرقي العلمي والعقلي ، ومن الحقيقة – مع هذا – أن هذه العقيدة مثبطة للهمم ، ومميتة لروح التقدم ، بحيث أن أمة إذا أصبحت قائلة بها انعدمت فيها روح الإِقدام والجرأة والشجاعة والجندية ، ويكون نتيجة هذا الضعف المضاعف أن تضرب عليها الذلة والمسكنة ولا تحيا في الدنيا إلا مغلوبة على أمرها ، أو تنضم إلى أمم غالبة قوية أخرى .

والمضرة الأخرى لعقيدة تناسخ الأرواح ، أنها تعادي المدينة والحضارة ، وتجر الإِنسان جرا إلى الرهبانية وترك الدنيا . أنه لمما يعتقده القائلون بهذه العقيدة أن الشهوة هي أصل كل فساد في الأرض ، وهي التي تلوث الروح بالذنوب والآثام ، ولأجلها تنتقل الروح من قالب إلى قالب ، وتذوق وبال أعمالها مرة بعد مرة ، فالإِنسان أذا أودي بها وقضى عليها ولم يشغل نفسه بمشاغل الدنيا وشواغبها فلروحه أن تنال الخلاص من دورة التناسخ ) ([225]).

ومن مزاعم واعتقادات الدروز أيضًا ، أن أنفس العالم لا تزيد ولا تنقص ، ولا أجد ردًا على هذا الزعم ، إلا الإحصاءات السكانية التي تتوالي من جميع بلاد العالم عن الانفجار السكاني ، وتزايد أعداد السكان في العالم يوما بعد يوم .

وهو ما تحذر منه الأمم المتحدة ، لقلة الغذاء في العالم ، وموت الكثير من الناس جوعًا ، وأتساءل لماذا لايزال الدروز إلى الآن يؤمنون بهذا الاعتقاد والذي يدحضه العقل والمنطق السليم ؟ .

وبعد هذا نقول : ( إن تصور التناسخ إنما هو شيء يتعلق بالمغيبات ، والأمور الغيبية لا سلطان للعقل عليها طالما أن بينه وبينها حجابًا ، فالخيال قد يذهب في تصور هذه المغيبات كل مذهب ، ولكن العقل لا يصدق أي مذهب منها ما لم يقم عليه البرهان السليم ، ولولا أن أخبارًا يقينية متواترة قد وردت عن الله عز وجل أو عن رسوله صلوات الله عليه بشأن بعض المغيبات لكان موقف العقل منها نفس الموقف ، أي الإِنكار والجحود طالما أنه لا برهان عليها ، ولكن لما ورد الخبر اليقيني على وجوده وصدقه ، كان ذلك موجبًا للتصديق والإِذعان ) ([226]).

* * * * *

(2) أي محال ليسيته ، إذ لو كان ليسا لكانت الموجودات أيضا ليسا ، فلما كانت الموجودات موجودة ،كانت ليسيته باطلة.

(3) أي موجود مثل سائر الموجودات المخلوقة.

(3) محمد كامل حسين : طائفة الدروز ص 104 ، 105.

(4) ميثاق ولي الزمان.

(5) مصحف الدروز : عرف العهد والميثاق ، ص 111.

(6) مصحف الدروز : عرف العهد والميثاق ، ص 107 – 110.

(7) انظر القلقشندي : صبح الأعشى ، ج 13 ، ص 294.

(8) وقد تعامي عن أن الله قادر على إنطاق الحجر والشجر.

(9) الرسالة الموسومة بكشف الحقائق : وهنا يشير إلى الآية الكريمة ( يسأله من في السموات والأرض كل يوم هو في شأن ) سورة الرحمن : 29.

(10) سورة الفجر : آية 22.

(11) سورة الفتح : آية 10 ، وهل يعني بهؤلاء صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيعة الرضوان ؟!.

(12) مصحف الدروز : عرف الأمر والتقديم ، ص 10 – 11.

(13) يلاحظ هنا كيفية اقتباسه الآيتين الكريمتين في سورة البقرة : ( في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ) آية 10 ، وقوله تعالى ( الله يستهزيء بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون ) آية 15.

(14) مصحف الدروز : عرف التنبيه والهداية ، ص 18.

(15) المصدر السابق : عرف الإنذار والحساب ، ص 19 – 25.

(16) سورة غافر : آية 19.

(17) يشير إلى الآية الكريمية ( ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في الأرض ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيء عليم ) سورة المجادلة : آية 7.

(18) سورة الرحمن : آية 29.

(19) رسالة البلاغ والنهاية في التوحيد.

(20) وردت في فصل ( الحاكم بأمر الله حياتة وآراؤه ).

(21) كذا في الأصل.

(22) كذا في الأصل.

(23) كذا في الأصل.

(24) رسالة السيرة المستقيمة.

(25) رسالة السيرة المستقيمة.

(26) يشير إلى الآية الكريمة ( يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون ) سورة النحل : آية 81.

(27) الرسالة الموسومة بالشافية لنفوس الموحدين.

(28) لقد حرصت منذ بداية البحث حتى الآن على ضبط النفس . والمناقشة الهادئة ، على كثرة ما مر بي من مخالفة للعقل أو النقل . وأما هاهنا ، فإن هذا الكلام لا أجد مجالا للسكوت عنه ، وإلا فكيف يعتبر شركا من أثبت لله جل وتعالى ما أثبت هو لنفسه من العلو المطلق فوق سبع سماوات ، والأيات في كتاب الله صريحة الدلالة ، كما أن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تثبت هذا في المواضع الكثيرة . وأي مخالفة للعقل في قول ذلك ؟ إذا قلنا أن الله سبحانه وتعالى منزه عما نسبتم إلى عبد من مخلوقاته الحاكم أو غيره ؟ وجعلتم ذلك شركا ، فيا سبحان الله ( إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) المؤلف .

(29) رسالة من دون قائم الزمان والهادي إلى طاعة الرحمن .

(30) رسالة الصيحة الكائنة .

(31) الموسومة برسالة النساء الكبيرة .

(32) يشير إلى الآية الكريمة ( ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر ، لا تسجدوا للشمس ولا للقمر ، واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون ) سورة فصلت : آية 37.

(33) شرح الميثاق : كاتبه محمد حسين . مخطوط في جامعة شيكاغو رقم 3737 : ويوجد شريط عنه في الجامعة الأردنية رقم 29.

(34) د . سامي مكارم أضواء على مسلك التوحيد ، ص 128.

(35) سورة آل عمران :آية 19.

(36) رسالة السيرة المستقمية.

(37) مخطوط في تقسم جبل لبنان . مؤلف مجهول ، مخطوط في الجامعة الأمريكية رقم 31 ، ويوجد عنه شريط في الجامعة الأردنية رقم 699.

(38) عبد الله النجار : مذهب الدروز والتوحيد ، ص 95 – 96.

(39) يقصد بأهل الحق . الدروز.

(40) كذا بالأصل.

(41) يقصد خليفة الحاكم وابنه علي.

(42) مخطوط ذكر ما يجب أن يعرفه الموحد ، مخطوط في مكتبة القديس بولس في الجامعة الأمريكية ببيروت رقم 206 ويوجد شريط عنه في الجامعة الأردنية رقم 715.

(43) مدينة عظيمة مشهورة في بلاد فارس .

(44) مدينة اختطها المهدي عبد الله ، وهي في أفريقية قرب القيروان.

(45) وهي في موضعين ، الأول في أرض السند ، والثانية أيضا قرب القيروان في أفريقية استحدثها المنصور بن القائم بن المهدي بالمغرب سنة 337 هـ.

(46) رسالة السؤال والجواب : مخطوط في مكتبة القديس بولس في الجامعة الأمريكية ببيروت رقم 206 ، وعنه شريط في الجامعة الأردنية رقم 715.

(47) محمد كامل حسين : طائفة الدروز ، ص 107.

(48) بعملية حسابية بسيطة تكون عدد السنين هذه ( 343 ) مليونا ، وهذا ما يرجعنا إلى ما قاله كمال جنبلاط أن الموحدين ظهوروا منذ ( 343 ) مليونا من السنين ، ويبدو أنه اعتمد على ما قالته هذه الرسالة وجعلها حجة ؟! انظر ص 99.

(49) محمد كامل حسين : طائفة الدروز ، ص 109.

(50) كمال جنبلاط / هذه وصيتي ص 50.

(51) رسالة بني أبي حمار.

(52) شعر النفس : إسماعيل التميمي.

(53) عبد الله النجار : مذهب الدروز : والتوحيد : 105 ، 106 ، وهنا يشير إلى الآيتين الكريمتين في سورة الإخلاص : آية 3 – 4.

(54) مخطوط في تقسم جبل لبنان : مخطوط في الجامعة الأمريكية ببيروت رقم 31 ، ويوجد شريط عنه في الجامعة الأردنية رقم 699.

(55) عبد الله النجار : مذهب الدروز والتوحيد ص 62.

(56) الله النجار : مذهب الدروز والتوحيد ص 61 - 62.

(57) كريم ثابت : الدروز والثورة السورية ، ص 34.

(58) رسالة من دون قائم الزمان والهادي إلى طاعة الرحمن.

(59) رسالة ذكر الرد على أهل التأويل الذين يوجبون تكرار الإله في الأقمصة المختلفة.

(60) مصطفى غالب . الحركات الباطنية في الإسلام ، ص 263.

(61) سعيد الصغير : بنو معروف ( الدروز ) ، ص 239.

(62) كريم ثابت : الدروز والثورة السورية ، ص 34.

(63) المصدر السابق ، ص 47.

(64) د . سامي مكارم : أضواء على مسلك التوحيد ، 121 – 122.

(65) كريم ثابت : الدروز والثورة السورية ، ص 48.

(66) سورة النساء : آية 56.

(67) سورة البقرة : آية 28 ، وقد وردت الآية هكذا ، ويلاحظ أن ( كلمة نعمة ) غير موجودة في الآية ، والصحيح ( كيف تكفرون بالله ).

(68) سورة الأنعام : أية 158 ، وقد زاد في الآية أيضا كلمة ( إن ) والصحيح ( لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن ... ).

(69) سورة طه : آية 55.

(70) سورة الروم : آية 19.

(71) فؤاد الأطرش : الدروز – مؤامرات وتاريخ وحقائق ، ص 187 – 188.

(72) د . مصطفى الشكعة : إسلام بلا مذاهب ، ص 280.

(73) عبد الله النجار : مذهب الدروز والتوحيد ، ص 69 – 71 .

(74) د . سامي مكارم : أضواء على مسلك التوحيد ، ص 127.

(75) أمين طايع : أصل الموحدين الدروز : ص 100 – 101 .

(76) راجع كتاب البوذية وتأثيرها في الفكر والفرق الإسلامية المتطرفة – محمد على الزغبي – وعلى زيعور ، ص 147 – 149.

(77) محمد كامل حسين : طائفة الدروز ، ص 109.

(78) محمد كامل حسين : طائفة الدروز ، ص 110.

(79) أحمد الفوزان : أضواء على العقيدة الدرزية ، ص 35.

(80) محمد كامل حسين : طائفة الدروز ، ص 110.

(81) رسالة كشف الحقائق.

(82) محمد كامل حسين : طائفة الدروز ، ص 112.

(83) عبد الله النجار : مذاهب الدروز والتوحيد ، ص 138.

(84) كذا في الأصل.

(85) سورة الزمر : آية 9 ، ولكن الصحيح ( إنما يتذكر ... ).

(86) الرسالة الموسومة بالشمعة ، وهنا يشير إلى الآية الكريمة في سورة الطلاق : آية.

(87) كتاب النقط والدوائر . وهنا يشير إلى الآية الكريمة ( الحمد لله فاطر السموات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع ... ) سورة فاطر : آية 1.

(88) رسالة ذكر معرفة الإمام وأسماء الحدود العلوية روحانية وجسمانية.

(89) محمد كامل حسين : طائفة الدروز ، ص 114.

(90) كريم ثابت : الدروز والثورة السورية ، ص 36 ، واعتبار النجاشي صحابيًا لا يصلح بالتعريف المعتمد لأنه لم يشاهد النبي صلى الله عليه وسلم.

(91) محمد كامل حسين : طائفة الدروز ، ص 114.

(92) مخطوط ، ذكر ما يجب أن يعرفه الموحد ويعتقد به : مكتبة القديس بولس في الجامعة الأمريكية ببيروت رقم 206 ، ويوجد شريط عنه في الجامعة الأردنية رقم 715.

(93) سورة الحاقة : آية 32 .

(94) مصطفى غالب : الحركات الباطنية في الإسلام ، ص 262 – 263.

(95) سورة الحاقة : آية 30.

(96) سورة الحاقة آية 31.

(97) يقصد المسلمين.

(98) الرسالة الموسومة بكشف الحقائق.

(99) مخطوط في تقسم جبل لبنان : الجامعة الأمريكية في بيروت رقم 31 ، ويوجد شريط عنه في الجامعة الأردنية رقم 699.

(100) محمد كامل حسين : طائفة الدروز ، ص 115.

(101) كذا في الأصل.

(102) الرسالة الموسومة بسبب الأسباب.

(103) الموسومة برسالة النساء الكبيرة.

(104) شرح الميثاق : محمد حسين ، مخطوط في جامعة شيكاغو رقم 3737 ، ويوجد شريط عنه في الجامعة الأردنية رقم 29.

(105) ذكر ما يجب أن يعرفه الموحد ويعتقد به : مخطوط في الجامعة الأمريكية ، مكتبة القديس بولس رقم 206 ، ويوجد شريط عنه في الجامعة الأردنية رقم 715 .

(106) محمد كامل حسين : طائفة الدروز ، ص 115.

(107) رسالة التحذير والتنبيه.

(108) عبد الله النجار : مذهب الدروز والتوحيد ، ص 123 – وذكر ما يجب أن يعرفه الموحد ويعتقد به مخطوط في الجامعة الأمريكية ببيروت – مكتبة القديس بولس رقم 206 ، ويوجد شريط عنه في الجامعة الأردنية رقم 715.

(109) محمد كامل حسين : طائفة الدروز ، ص 115.

(110) محمد كامل حسين : طائفة الدروز ، ص 116 – 117.

(111) المصدر السابق ، ص 116.

(112) د . سامي مكارم : أضواء على مسلك التوحيد ، ص 123 – 124.

(113) رسالة من دون قائم الزمان والهادي إلى طاعة الرحمن.

(114) شرح الميثاق : محمد حسين ، مخطوط في جامعة شيكاغو رقم 3737 – ويوجد شريط عنه في الجامعة الأردنية رقم 29.

(115) أمين طليع : أصل الموحدين الدروز ، ص 94.

(116) سجل المجتبى.

(117) عبد الله النجار : مذهب الدروز والتوحيد ، ص 140.

(118) عبد الله النجار : مذهب الدروز والتوحيد ، ص 140.

(119) تقليد الرضى سفير القدرة.

(120) عبد الله النجار : مذهب الدروز والتوحيد ، ص 141.

(121) يقصد النبي صلى الله عليه وسلم.

(122) تقليد المقتنى.

(123) انظر بتفصيل مذكرة ( أيها الدرزي عودة إلى عرينك ) ، ص 112.

(124) عبد الله النجار : مذهب الدروز والتوحيد ، ص 81.

(125) محمد كامل حسين : طائفة الدروز ، ص 124.

(126) مخطوط في تقسيم جبل لبنان : مكتبة الجامعة الأمريكية في بيروت – ويوجد شريط عنه في الجامعة الأردنية رقم 699.

(127) مصحف الدروز : عرف كتاب أبي اسحق أو مراتب العباد ، ص 85.

(128) يشير إلى الآية الكريمة ( أين شركائي الذين كنتم تزعمون ) سورة القصص : آية 62 ، والآية الكريمة ( لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون ) سورة الأنعام : آية 94.

(129) مخطوط في تقسيم جبل لبنان : مكتبة الجامعة الأمريكية في بيروت رقم 31 – ويوجد شريط عنه في الجامعة الأردنية 699 ، ويشير هنا إلى الآية الكريمة ( قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ) سورة المؤمنون : آية 106.

(130) الرسالة الموسومة بالإعذار والإنذار.

(131) محمد كامل حسين : طائفة الدروز ، ص 125.

(132) يشير إلى الآية الكريمة ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين ) سورة آل عمران : آية 133 ، والآية الكريمة ( سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتية من يشاء ... ) سورة الحديد : آية 21.

(133) رسالة الزناد.

(134) أيها الدرزي عودة إلى عرينك ، ص 90.

(135) محمد كرد على : خطط الشام ، ج 6 ، ص 264 .

(136) كمال جنبلاط / هذه وصيتي ص 41 .

(137) مخطوط في تقسيم جبل لبنان : الجامعة الأمريكية ببيروت رقم 31 – ويوجد شريط عنه في الجامعة الأردنية رقم 31 – ومخطوط بعنوان ( لبعضهم قول وجيز ) مؤلف مجهول – الجامعة الأمريكية – مكتبة القديس بولس رقم 206 – ويجد شريط عنه في الجامعة الأردنية رقم 715.

(138) مخطوط في تقسيم جبل لبنان السابق ذكره .

(139) مخطوط ذكر ما يجب أن يعرفه الموحد : الجامعة الأمريكية ببيروت رقم 206 ، ويوجد شريط عنه في الجامعة الأردنية رقم 715.

(140) سورة لقمان : آية 17.

(141) محمد كرد على : خطط الشام ، ج 6 ، ص 265 – 266.

(142) سورة التغابن : آية 12.

(143) مخطوط في تقسيم جبل لبنان السابق ذكره.

(144) مخطوط ( حصر اللثام عن الإسلام ) رزق حسونة الحلبي : الجامعة اليسوعية في بيروت رقم 967 – ويوجد شريط عنه في الجامعة الأردنية رقم 749.

(145) سورة المائدة : آية 90.

(146) مخطوط ( في تقسيم جبل لبنان ) السابق ذكره.

(147) رسالة السيرة المستقيمة.

(148) راجع مبحث ألوهية الحاكم في هذا الفصل.

(149) أيها الدرزي عودة إلى عرينك ، ص 77 – 78 .

(150) أيها الدرزي عودة إلى عرينك ، ص 78.

(151) د . مصطفى الشكعة : إسلام بلا مذاهب ، ص 276.

(152) د . سامي مكارم : أضواء على مسلك التوحيد ، ص 145.

(153) مع أن الكتب التي كتبت عنهم ، قبل حملة إبراهيم باشا ، ذكرت شيئا من عقائدهم.

(154) محمد عبد الله عنان : الحاكم بأمر الله وأسرار الدعوة الفاطمية ، ص 203.

(156) مخطوط ( لبعضهم قول وجيز ) مكتبة القديس بولس في الجامعة الأمريكية ببيروت رقم 206 – ويوجد شريط عنه في الجامعة الأردنية رقم 715 .

(156) رسالة التحذير والتنبيه.

(157) يقصد المسلمين.

(158) يلاحظ هنا مطاطية هذا التعبير ، والذي يمكن أن يؤخذ على تأويلات كثيرة.

(159) شرح الميثاق : محمد حسين ، مخطوط في جامعة شيكاغو رقم 3737 – ويوجد شريط عنه في الجامعة الأردنية رقم 29.

(160) نقلا عن مخطوط في المكتبة الأهلية بباريس رقم 1436 عربي.

(161) د . عبد الرحمن بدوي : مذاهب الإسلاميين ، ص 688 ، ج 2 .

(162) شرح الميثاق : محمد حسين – الذي ورد ذكره سابقا.

(163) منشور الغيبة.

(164) انظر المنهل جزء 3 مجلد 20 شهر ربيع ثاني 1379 هـ ، وراية الإسلام ، الأعداد الثامن والتاسع والعاشر والحادي عشر من السنة الأولى عام 1380 هـ ، والعددان الأول والثاني من السنة الثانية عام 1381 هـ.

(165) كان شيخ الأزهر قد أعلن عام 1379 هـ الموافق 1959 م أن الدروز موحدون مسلمون مؤمنون ؟! فقد نقلت جريدة السياسة اللبنانية بلسان صاحبها أسعد المقدم في العدد 810 تاريخ 26 محرم 1379 هـ ، آب 1959 م ما يلي : بعد أن تحدث فضيلة شيخ الأزهر عن اقتراح تقدم به لسيادة الرئيس جمال عبد الناصر بإنشاء مجمع علمي أكاديمي يضم علماء الشيعة والسنة يلتقون فيه لتحقيق الوحدة المنشودة . سأله أسعد المقدم : هل ستدعون علماء الدروز إلى المجمع الذي ذكرتموه ، وهل تشمل دعوتكم إلى الوحدة إخواننا أبناء الطائفة الدرزية ؟ .أجاب : لقد أرسلنا من الأزهر بعض العلماء كي يتعرفوا أكثر على المذهب الدرزي وجاءت التقارير الأولى : تبشر بالخير فالدروز موحدون مسلمون ؟! نقلا عن مجلة المنهل الصادرة في جدة ، ج 3 مجلد 20 ربيع ثاني 1379 هـ.

(166) انظر صحيفة الصفاء البيروتية العدد رقم 3185 وتاريخها 31 كانون الثاني 1961 م.

(167) انظر كتاب ( أضواء على مسلك التوحيد (( الدرزية )).

(168) أيها الدرزي عودة إلى عرينك ، ص 123.

(169) د . عبد الرحمن بدوي : مذاهب الإسلاميين ، ج 2 ، ص 514.

(170) محمد كامل حسين : طائفة الدروز ، ص 92.

(171) انظر ( أيها الدرزي عودة إلى عرينك ) ص 49 .

(172) راجع فصل تطور المذهب الدرزي بعد الحاكم.

(173) أيها الدرزي عودة إلى عرينك ، ص 52.

(174) هناك نسخة من هذا المصحف في المكتبة الخاصة لأحد الأشخاص ببيروت.

(175) سنذكر بعد سردنا لأسماء رسائلهم . أسماء الأعراف التي يتضمنها هذا المصحف ، وما يتضمنه بعضها.

(176) أيها الدرزي عودة إلى عرينك ، ص 54.

(177) أيها الدرزي عودة إلى عرينك ، ص 49 – 50.

(178) أيها الدرزي عودة إلى عرينك ، ص 50 – 53.

(179) يقول الدكتور محمد كامل حسين : أن هذا السجل لا يمت لعقيدة الدروز بشيء ، لأنه يظهر من السجل أنه فاطمي العقيدة ، فالحاكم ليس بمعبود في هذا السجل ، إنما هو ولي الله وخليفته ، وهذا ما رفض حمزة أن يعترف به . راجع طائفة الدروز ، ص 93.

(180) وهو أيضا من سجلات الدولة الفاطمية التي أصدرها الحاكم بأمر.

(181) هذا اللقاء المزعوم لم يثبت تاريخيا ، ولم يروه مؤرخ من قبل.

(182) كذلك يتحدث عن هذا الخلاف في رسالة الرضى والتسليم.

(183) ذكرت كاملة في الفصل الأول من الباب الأول ( حياة الحاكم بأمر الله وآراؤه ).

(184) ولكن الدكتور محمد كامل حسين يقول أنها من أسلوب التميمي : طائفة الدروز ، ص 95.

(185) يقول الدكتور عبد الرحمن بدوي أنها ( أسنا ) في صعيد مصر : مذهب الإسلاميين ، ج 2 ، ص 525.

(186) وهذا يعني أن بهاء الدين حتى هذا الوقت ، كان على اتصال بحمزة ، وأن حمزة كان مختفيا ويهيء نفسه للظهور.

(187) ينقل الدكتور عبد الرحمن بدوي عن المستشرق دي ساسي أنه : يستدل من هذه الرسالة أن حمزة حتى تاريخ هذه الرسالة كان يوجه الطائفة من مخبأه . مذاهب الإسلاميين ، ج 2 ، ص 543.

(188) وينقل الدكتور عبد الرحمن بدوي أيضا عن المستشرق دي ساسي : أنه يستدل من هذه الرسالة ومن رسائل سابقة أنه حتى هذا التاريخ كان بهاء الدين لا يزال يأمل في خروج حمزة من مخبأه وقيادة الموحدين – مذاهب الإسلاميين ، ج 2 ، ص 545.

(189) دعاء سيدنا الشيخ الفاضل.

(190) كمال جنبلاط / هذه وصيتي ص 46 ، 49.

(191) أنور الجندي : المؤامرة على الإسلام ، ص 53.

(192) رواه مسلم في كتاب الفتن ورواه الترمذي في كتاب الفتن.

(193) ابن تيمية : مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية ، مجلد 2 ، ص 179 – 180.

(194) أنور الجندي : المؤامرة على الإسلام ، ص 54.

(195) عبد الرحمن حبنكة : العقيدة الإِسلامية وأسسها ، ص 194.

(196) د . محمد سعيد رمضان البوطي : كبرى اليقينيات الكونية ، ص 93.

(197) عبد الكريم الخطيب : الله ذاتًا وموضوعا ، ص 315.

(198) محمد عبد الله دراز : الدين ، ص 41.

(199) أنور الجندي : الإِسلام والفلسفات القديمة ، ص 138.

(200) أنور الجندي : المؤامرة على الإسلام ، ص 55.

(201) سورة البقرة : آية 55.

(202) سورة التوبة : آية 31 ، 32 .

(203) سورة الشورى : آية 11.

(204) عبد الكريم الخطيب : الله ذاتا وموضوعا ، ص 405.

(205) ابن الجوزي : تلبيس ابليس ، ص 80.

(206) محمد على الزعبي وعلى زيعور : البوذية وتأثيرها في الفكر والفرق الإِسلامية المتطرفة ، ص 148.

(207) سورة المدثر : آية 38.

(208) د . محمد سعيد رمضان البوطي : كبرى اليقينيات الكونية ، ص 296.

(209) سورة الواقعة : آيات : 83 – 94.

(210) سورة ق : آية 19 .

(211) سورة الحجر : آية 99.

(212) سورة غافر : آية 45 ، 46.

(213) رواه البخاري ومسلم والنسائي وأحمد.

(214) سورة آل عمران : آية 169.

(215) سورة الزمر : آية 42.

(216) سورة المؤمنون : آية 99 ، 100.

(217) سورة فصلت : آيات 19 – 22.

(218) ابن تيمية : فتاوى شيخ الإِسلام ابن تيمية مجلد 4 ص 363 – 270.

(219) ابن حزم الظاهري : الفصل في الملل والأهواء والنحل ، ج 1 ، ص 91.

(220) محمد البشبيشي : الفرق الإِسلامية ، ص 88.

(222) ابن حزم الظاهري : الفصل في الملل والأهواء والنحل ، ج 1 ص 93.

(223) محمود البشبيشي : الفرق الإِسلامية ، ص 88.

(224) ابن حزم الظاهري : الفصل في الملل والأهواء والنحل ، ج 1 ، ص 93.

(224) ابن حزم الظاهري : الفصل في الملل والأهواء والنحل ، ج1 ، ص 93 – 94.

(225) سعيد حوى : الإسلام ، ج 4 ، ص 130 .

(226) د . محمد سعيد رمضان البوطي : كبرى اليقينيات الكونية ، ص 296.