معلومات عامة بخصوص طالبي اللجوء في فنلندا

السلام عليكم/

أولاً وقبل كل شيء فإن الجالية الفلسطينية في فنلندا لا تحبذ هجرة الفلسطينيين إلى أي دولة غربية مهما كانت الأسباب.

أما في حالة وجود خطر مباشر على الحياة، فإن الدول الشمالية تمنح اللجوء للأشخاص الذين يثبت وجود خطر على حياتهم.

طلب اللجوء في فنلندا يكون بمجرد وصول طالب اللجوء إلى الأراضي الفنلندية مباشرة، سواء وصل بصورة قانونية أو صورة غير قانونية، فإن ذلك لا يؤثر على إجراءات طلب اللجوء.

السلطات الفنلندية تتكفل بتكاليف طالب اللجوء من حيث أجرة المترجمين والمحامين والأطباء والمعيشة والسكن، كما أنه لا يمكن تنسيق مسبق مع السلطات قبل وصول طالب اللجوء إلى فنلندا، ولكن تسير الأمور بعد أن يصل طالب اللجوء إلى فنلندا ويطلب اللجوء على الأراضي الفنلندية بعد ذلك تسير باقي الأمور وتكون السلطات مسؤولة عن جميع التكاليف وأي واحد يطلب من شخص طالب للجوء فلوس مقابل خدمات لطالب لجوء يكون محتال محترف، لأن السلطات تتكفل بجميع طلبات طالب اللجوء.

أي أن مسؤولية طالب اللجوء الشخصية هي كيفية أن يصل إلى فنلندا.

أنا شخصياً لا أعرف كيفية الوصل من أي دولة عربية أو أي دولة أخرى إلى فنلندا، كما أن إحضار طالب اللجوء بصورة غير قانونية إلى فنلندا تعتبر جريمة تهريب أشخاص بصورة غير قانونية يعاقب عليها القانون الفنلندي، أي أن القانون الفنلندي يعاقب الشخص الذي ينقل أو يساعد على نقل لاجئين غير شرعيين إلى فنلندا، عند قدوم طالب اللجوء إلى فنلندا يعتبر لاجيء غير شرعي ويصبح لاجئاً شرعياً عندما تمنحه الدولة إقامة بناءً على طلب اللجوء.

أنا شخصياً لا أتدخل بأي حال من الأحوال في كيفية وصول الاشخاص من أي دولة خارج فنلندا إلى فنلندا لأن هذا العمل يخالف القانون الفنلندي لأن العقوبة كما أوضحت تقع على عاتق الشخص الذي يقوم بنقل اللاجئين أو مساعدتهم للوصول إلى فنلندا.أي أن مسؤولية طالب اللجوء الشخصية كيفية وصوله إلى فنلندا، وأنا لا أتدخل في هذه الأمور بأي صورة من الصور.

عادة تمنح تراخيص الإقامة لطالبي اللجوء بعد سنتين تقريباً من الإنتظار، من الممكن أن تكون فترة الإنتظار أكثر أو أقل من سنتين حسب قضية طالب اللجوء وإجراءات دائرة الهجرة ولكن المتوسط في العادة سنتين. هذا المعدل المتوسط، لكن من الممكن أن يكون الرد رفض للإقامة بعد فترة طويلة من الإنتظار، ومكن الممكن أن يكون الرد إيجابياً بمنح الإقامة. الرد على طلب اللجوء تصدره دائرة الهجرة وأنا شخصياً أعرف أشخاص كانوا متزوجين من فنلنديات وعندهم أطفال معهن وتم رفض طلباتهم للجوء، هذا الرد من قبل دائرة الهجرة يعتبر منافي للقانون ومن الممكن الإعتراض عليه ولكن إجراءات الإستئناف تستغرق أيضاً من سنة إلى سنتين حتى يأتي رد محكمة الإستئناف (أي المحكمة الإدارية) ومن الممكن أن يكون رد محكمة الإستئناف أيضاً بالرفض ويتوجب رفع القضية إلى المحكمة العليا، والرد من المحكمة العليا يستغرق أيضاً من سنة إلى سنتين وغالباً ما يكون الرد للفلسطينيين بالإقامة ولكن من الممكن أن يكون أيضاً رفض للإقامة، في تلك الحالة يمنح طالب اللجوء مستند يسمى ترخيص الإقامة ب "B" أي أن الشخص ينتظر الترحيل حتى تتمكن السلطات من ذلك، هذا النوع من المستندات لا يخول حامله للعمل في فنلندا، أي أن طالب اللجوء يكون مجبور في حالة رفض طلبه نهائياً السكن في مركز إستقبال اللاجئين حيث أن السكن هناك جماعياً ويحصل على نقود قليلة لشراء الطعام. أنا شخصياً أعرف أشخاص مقيميون في فنلندا منذ 5 سنوات بالمستند ب، عادةً تحول دائرة الهجرة المستند ب بعد فترة 5 سنوات تقريباً إلى إقامة عادية، في حالة عدم تمكن فنلندا من ترحيل الشخص إلى بلده. الفنلنديون يهتبرون بلد سكان قطاع غزة والضفة الغربية هي قطاع غزة والضفة الغربية، ولكن لم أسمع طوال مدة وجودي في فنلندا أن قامت فنلندا بترحيل شخص إلى قطاع غزة أو الضفة الغربية، حتى لم تتمكن فنلندا ترحيل أشخاص هم طلبوا إرجاعهم إلى غزة أو الضفة لم تتمكن فنلندا من إعادتهم حتى عندما هم طلبوا ذلك. فنلندا تطلب من سكان قطاع غزة أو الضفة الغربية عندما يطلبون بإنفسهم إرجاعهم إلى غزة أو الضفة، تطلب فنلندا منهم أن يقوموا هم بإحضار جواز سفر فلسطيني ساري المفعول حتى تتمكن من شراء تذكرة لهم، على سبيل المثال في بداية عام 2012 طلب فلسطيني من خانيونس السلطات الفنلندية ترحيله إلى غزة لأنه حصل على رفض على طلب لجوءه بعد سنتين من الإنتظار. قالت له السلطات الفنلندية أنها من الممكن أن تشتري له تذكرة حتى القاهرة إذا أحضر بنفسه وعلى عاتقه إلى الشرطة الفنلندية جواز سفر فلسطيني ساري المفعول، وقام هذا الشخص بتوكيل أهله لإستخراج جواز سفر فلسطيني له من قبل مكتب التمثيل الفلسطيني في هلسنكي، وبعد أن أرسل له أهله جواز السفر من غزة إلى فنلندا عن طريق البريد المستعجل وسلمه إلى السلطات الفنلندية، قامت السلطات الفنلندية بشراء تذكرة طيران له من هلسنكي إلى القاهرة، وعندما حان موعد الطائرة وصلته الشرطة الفنلندية إلى باب الطائرة في مطار هلسنكي وسلمته جواز سفره الفلسطيني مع التذكرة وسافر من مطار هلسنكي كأي مسافر آخر وجواز سفره في يده دون أن يرافقه أي شخص آخر.

أما بالنسبة للفلسطينيين من لبنان أيضاً، فلم أعلم ان الشرطة قد قامت بترحيل اي شخص إلا بطلب منه على شرط ان يكون لديه جواز وثيقة سفر سارية المفعول، هذا ما اعرفه أنا شخصياً من فلسطينيين من لبنان طلبوا اللجوء من فنلندا.

ينتظر طالب اللجوء طوال فترة الإنتظار في مركز إستقبال اللاجئين وهو عبارة عن سكن جماعي يسكن فيها الفرد القادم بمفرده مع مجموعة من الأشخاص قد تصل إلى 7 أفراد في نفس الغرفة، أما العائلة فيسكنوها في غرفة يكون مطبخها وحمامها مشترك مع باقي المقيمين في المركز. الحياة في مثل هذا المكان صعبة لكثرة الاشخاص وعدم توفر الراحة الشخصية ويصاب عدد كبير من طالبي اللجوء في هذه المرحلة بصدمات نفسية، ومن الأسباب التي تؤدي إلى الصدمات والامراض النفسية أن طالب اللجوء لا يعرف مصيره لعدة سنوات ويكون طوال هذا الوقت مع عدد كبير من الاشخاص في نفس الغرفة والنقود من الدولة للطعام والمعيشة قليلة بالكاد تكفيه، وعادة ما يكون مركز إستقبال اللاجئين بعيد حتى عن القرى النائية ويختلط طالب اللجوء في هذه الفترة مع الناس بصورة بسيطة جداً لأنه يكون بعيد جداً عن التجمعات السكنية، وهذا يعزز من شعوره بالوحدة والألم وعدم الإستقرار وقلة الهدوء لأنه محاط دائماً بعدد من الاشخاص منهم الأفريقي والأفغاني والصومالي وبعضهم يريد سماع الموسيقى في الغرفة والآخر يريد القراءة مثلاً فبسبب الوقت الطويل الفارغ تحث كثيراً من النزاعات والمشاكل.

تتكلف السلطات في كل المراحل السابقة بدفع تكاليف طالب اللجوء من مكان للسكن في مركز إستقبال اللاجئين أي أن الدولة مسؤولة عن تكاليف مركز إستقبال اللاجئين بصورة كلية، وتقدم لهم الطعام أو تعطيهم نقود تكفي لشراء الأساسيات من مأكل وملبس، كما تتكلف السلطات بدفع تكاليف المترجمين والمحامين والرعاية الطبية الاساسية طوال فترة هذه المراحل.

خلال فترة الإنتظار يسكن طالب اللجوء في سكن جماعي عدة اشخاص في غرفة واحدة وتوفر الدولة لهم الطعام والرعاية الصحية الاساسية، كما يكون عادةً لهم حرية الحركة داخل فنلندا. ولكن المواصلات داخل فنلندا غالية جداً، على سبيل المثال من الممكن ان تكلف تذكرة القطار أو الحافلة من مركز إستقبال اللاجئين إلى أقرب مدينة حتى 100 يورو، وهذا المبلغ لا يتمكن طالب اللجوء من توفيره حتى طوال الشهر حتى يتمكن من زيارة أقرب مدينة حتى ولو مرة واحدة في الشهر.

بعد الحصول على الإقامة (في حالة منحها) بعد فترة الإنتظار يكون بإمكان الشخص تأجر شقة ويكون له الحق في العمل ومخصصات البطالة والشؤون الإجتماعية إذا كان عاطلاً عن العمل.

بالنسبة لجمع الشمل إذا كان عند طالب اللجوء زوجة وأولاد خارج فنلندا، فإن منح جمع الشمل لهؤلاء يعتمد على نوع الإقامة التي يحصل عليها طالب اللجوء، فيوجد نوع من الإقامات يحق لحاملها أن يحصل على جمع لشمل العائلة ونوع آخر من الإقامات لا يسمح لصاحبها بجمع شمل العائلة إلا إذا توفر لديه دخل كافي من عمله، في هذه الحالة يتوجب أن يكون لطالب جمع الشمل دخل يغطي تقريباً 700 يورو عن كل شخص يعني إذا كان هو وعائلته ثلاث أشخاص فيتوجب أن يكون لديه دخل براتب شهري لحد أدني 2100 يورو في الشهر.

في فنلندا توجد نسبة كبيرة من البطالة أكبر من المتوسط العام في أوروبا وفرص العمل ضعيفة، كما أن معظم الأجانب المقيمون في فنلندا وضعهم المادي صعب لصعوبة الحصول على عمل، كما أن معدلات العنصرية في فنلندا أكثر من المتوسط العام في أوروبا.

أي أن فنلندا دولة نسبة البطالة فيها كبيرة نسبياً خاصة بين المهاجرين ومن الصعب على الأجنبي أن يحصل على عمل في فنلندا، ويتوجب عليه أن يكون متقناً للغة الفنلندية حتى يحصل على عمل، وتشكل اللغة الفنلندية صعوبة كبيرة لدى كثير من المهاجرين، كما أن معظم الأعمال في فنلندا بحاجة إلى مؤهل معترف به من قبل فنلندا، أو تمت معادلته في فنلندا، حيث أن الفنلنديين يثقون كثيراً بالمؤسسات التعليمية الفنلندية، أما التعليم خارج فنلندا فهو بحاجة إلى معادلة أو إعادة تأهيل حسب المهنة، ويستغرق وقت طويل حتى يتمكن الأجنبي من إتمام هذه المتطلبات، لذلك نسبة البطالة عن العمل بين الأجانب كبيرة جداً. في فنلندا من الصعب جداً الحصول على أي عمل مهما كان إذا لم يكن يجيد الشخص اللغة الفنلندية.

أما بالنسبة للعائلة العربية الطالبة للجوء التي لديها أطفال في سن المدرسة فإن وضعها يكون من وحهة نظري الشخصية حرج جداً، لأن الأطفال الذين هم في سن الحضانة أو سن المدرسة سوف يقضون معظم أوقاتهم مع الفنلنديين سواء في حضانة الأطفال أو في المدرسة أو في أماكن أخرى.

يكون تعليم الطفل كله باللغة الفنلندية ويحق له أن يتعلم ساعتين فقط في الاسبوع اللغة العربية إذا توفر مدرس للغة العربية وعدد كاف من الأطفال الناطقين بالعربية كي يحصلوا على ساعتي التعليم في الأسبوع للغة العربية.

من ناحية عملية تكون اللغة العربية للأطفال ضعيفة جداً وركيكة، ويكون نمط تفكيرهم وأسلوبهم هو غربي فنلندي على الرغم من أن والداهم عرب.

هذا يعني أنه لو قام الوالدان بعمل كل ما امكنهم، فإن هذا لن يغير من واقع أن اللغة الأقوى عند الطفل هي اللغة الفنلندية وتفكير الطفل واسلوبه وطريقة رؤيته للأمور تكون غربية فنلندية، على الرغم من أن الوالدان العربيان يحاولان المكابرة بأن الحضارة العربية موجودة عند الطفل لكن الواقع أن الحضارة الغربية الفنلندية تكون طاغية على العربية وأقوى منها.

هذا يعني أن هناك أطفال عرب منهم من يتكلم العربية بشكل طبيعي ولكن اللغة الفنلندية أقوى ومنهم من تكون لعته العربية مكسرة وركيكة ومعظم الأطفال العرب الذين ولدوا في فنلندا يكونون غير قادرين على القراءة والكتابة باللغة العربية، حتى وإن بذل عليهم جهد كبير جداً فإن قدراتهم على القراءة والكتابة باللغة العربية تكون ضعيفة، هذا الجيل الأول المولود هنا فما بالك في الجيل الثاني أو الثالث!!!

على كل حال، أن شخصياً أعتبر أن الأمر عبارة عن قنبلة موقوتة لأن الأطفال عند بلوغهم سن الرشد فإنهم سوف يكونوا أقرب إلى الفنلنديين منهم إلى العرب، وهذه أنا شخصياً أعتبرها مصيبة كبرى، لأن نمط التفكير غربي، ويكون للطفل قابلية للعادات والتقاليد الفنلندية أكثر من العربية.

بعض الناس لا يرون ضير في ذلك، ورايت جزء من العرب حتى يفرحون لكون أطفالهم متشربون للحضارة الفنلندية أكثر من العربية، لكنني أنا شخصياً اعتبر ذلك ذوبان للعائلات العربية وتحللها وإنسلاخها عن حضارتها الأم وهذا بالنسبة لي الطامة الكبرى. طبعاً ليس كل الاطفال يكونون على نفس الدرجة من الذوبان، هناك درجات متفاوتة ولكن الغالب كما رأيت انا شخصياً أن الطفل المولود في فنلندا لعائلة عربية يكون اقرب إلى الحضارة الفنلندية من العربية. في وجهة النظر هذه يختلف معي بعض العرب الذين لا يجيدون اللغة الفنلندية ولكن بصفتي عملت كمترجم شفوي للعائلات العربية في جميع المجالات من المدارس وحتى دور الحضانة ومكاتب العمل والهجرة والشرطة والمحاكمو غيرها، فإنني أرى أن غالبية الأطفال الذين ترعرعوا في فنلندا لعائلات عربية يكونون أقرب إلى الحضارة الفنلندية من العربية، وأنا شخصياً أعتبر ذلك ذوبان لهؤلاء الأطفال وخسارتنا لهم كعرب لأنه طريقة تفكيرهم ونظرتهم إلى الأمور تكون أقرب إلى الفنلنديين منها إلى العرب، لذلك أنا من وجهة نظري الشخصية أعتبر نمو الأطفال العرب في بيئة فنلندية تحدي ثقافي وحضاري ولغوي وفكري وديني كبير جداً يؤدي إلى ذوبان العائلات العربية في المجتمعات الغربية، أنا أقدم هنا وجهة نظري الشخصية فقط المبنية على تجربتي الشخصية فقط ومعرفتي بالعائلات العربية الموجودة في فنلندا.

أي أنني لا أفضل بقاء أي عائلة عربية لديها أطفال للعيش في فنلندا، إذا كان لديها اي إمكانية كانت حتى ولو كانت صعبة جداً للعيش في دولة عربية أي كانت، أي أنه إذا كان للعائلة العربية التي لديها أطفال إمكانية لأن تعيش في أي دولة عربية مهما كانت ظروفها صعبة، فإن ذلك يعتبر بالنسبة للأطفال من وجهة نظري الشخصية أفضل بكثير من تربيتهم في مجتمع فنلندي غربي منفتح لأبعد الحدود.

هذا كل ما أعرفه عن اللاجئين واللجوء في فنلندا، وارجو أن تكون هذه المعلومات مفيدة لكم.

أرسل هذه المعلومات عادةً لكل شخص يستفسر مني عن اللجوء وأحوال اللاجئين في فنلندا.

تحياتي: أيمن أبو صالح – رئيس جالية اللاجئين الفلسطينيين في فنلندا.