تبرعات دولة فنلندا للأنروا لدعم الفلسطينيين

أيمن أبو صالح – هلسنكي 22/5/2013

قرأت يوم أمس في وسائل الإعلام الفلسطينية أن وزير الخارجية الفنلندي إركي توميويا قد أعلن عن تبرع دولة فنلندا للأنروا بمبلغ قدره 1,5 مليون يورو وأن تبرعات فنلندا للأنروا في عام 2012 قد بلغت 4,5 مليون يورو.

من المعروف أن وزير الخارجية الفنلندي إركي توميويا هو الوجه المفضل للحكومة الفنلندية لتحسين صورتها لدى شعوب العالم العربي والإسلامي حيث أنه معروف بميوله اليسارية وتستغل الدولة هذه الصفة للإيحاء بأنها ليست عدوة للعرب وللمسلمين.

عند مراجعة الإحصاءات الفنلندية والموازنة الفنلندية التي تدفعها إلى وكالة الغوث الدولية، ذكرني هذا بوسيلة التعذيب الأمريكية التي تستخدم فيها إنزال قطرات على رأس السجين لفترة طويلة وهو في مكانه.

من المعروف أن دعم وكالة الغوث الدولية الأنروا لأهلنا في الداخل بسيط جداً من ناحية الطحين والسكر والزيت بحيث أنه لا يكفي ربع حاجات اللاجيء، ولكن لا تستطيع هذه الدول إلغاء الأنروا كلياً ولكنها تبقيها بحيث لا تؤمن من خوف ولا تحمي من جوع.

من المعروف طبقاً لبحوث أجرتها أكثر من جهة فنلندية مختصة أن صادرات فنلندا فقط لإسرائيل من ناحية تكنولوجيا الصواريخ فقط تبلغ مئات الملايين من اليورو في العام الواحد، وهذه الصواريخ الفنلندية تسبب فقط من ناحية الأضرار المادية على قطاع غزة ما لا يقل عن مليارات الدولارات، هذا بغض النظر عن الخسائر في الأنفس والأضرار النفسية على سكان قطاع غزة والضفة الغربية التي لا يمكن إحصاء عواقبها.

الدول الغربية بما فيها فنلندا تعهدت أن تدفع 0,7% من دخلها السنوي إلى الأمم المتحدة. في سنة 2012 دفعت فنلندا 0,55% من دخلها الوطني وهذا المبلغ حسب مكتب الإحصاء الفنلندي قدره 879,4 مليون يورو، ومن هذا المبلغ دفعت فنلندا للأنروا كما ذكرت وكالات الأنباء الفلسطينية مبلغ 4,5 مليون يورو في سنة 2012، وحسب مركز الإحصاء الفنلندي فإن إجمالي تبرعات دولة فنلندا للسلطة الفلسطينية بما فيها ما تم دفعه للأنروا قيمته 9,74 مليون يورو.

مع العلم أن قسم من هذا المبلغ تدفعه فنلندا تحت مسمي دفع تكاليف إيجار مكتب التمثيل الفلسطيني في هلسنكي وهذا هو بالعربي ما يعرف بشراء الذمم، أي قسم من هذا المبلغ يذهب لشراء ذمم الموظفين الفلسطينيين في مكتب التمثيل الفلسطيني في هلسنكي لغض النظر عن ما ترتكبه فنلندا من جرائم بحق الشعب الفلسطيني وتلميع صورة فنلندا.

وفقاً لمركز الإحصاء الفنلندي فإن فنلندا قامت بدعم فحر آبار المياه فقط في تنزانيا سنة 2008 بمبلغ قدره 24,67 مليون يورو وفي سنة 2009 بمبلغ قدره 31,58 مليون يورو وفي سنة 2010 بمبلغ قدره 29,97 مليون يورو وفي سنة 2011 بمبلغ قدره 32,52 يورو، أما دعم دولة فنلندا لحفر آبار المياه في موزمبيق لسنة 2010 مثلا فبلغ 31,53 مليون يورو، أما بالنسبة لدعم الفلسطينيين فإن إجمالي ما تبرعت به دولة فنلندا للفلسطينيين سنة 2008 قد بلغ 4,4 مليون يورو وفي سنة 2009 قد بلغ 6,86 مليون يورو وفي سنة 2010 قد بلغ 6,14 يورو وفي سنة 2012 فقد بلغ 9,74 مليون يورو.

أما التبرعات التي قدمتها دولة فنلندا لأفغانستان من ضمن ما تعهدت به في الأمم المتحدة من المبلغ السابق فكان في سنة 2008 قدره 9,43 مليون يورو وفي سنة 2009 مبلغ قدره 10,06 مليون يورو وفي سنة 2010 مبلغ قدره 11,10 مليون يورو وفي سنة 2011 مبلغ قدره 12,34 مليون يورو.

أي هذه المبالغ من التبرعات تدفعها من المبلغ الإجمالي المذكور أعلاه والذي تعهدت فنلندا بدفعه في كل عام للأمم المتحدة والمفروض أن يكون 0,7% من الدخل الوطني ولكنها دفعت كحد أقصى 0,55% من دخلها الوطني.

فنلندا لا تصدر أسلحة ولا صواريخ لا لتدمير تنزانيا ولا لسفك دماء شعب موزمبيق، وبالرغم من ذلك فإن فنلندا تتبرع لهذه الدول الأفريقية فقط لحفر آبار المياه بمبلغ قدره 30 مليون يورو في العام. أما الشعب الفلسطيني الذي تقوم فنلندا بإرسال مئات الملايين من تكنولوجيا الصواريخ لإسرائيل لتدميره في كل عام، فهي ترسل لهذا الشعب تبرعات لتلميع صورتها بلغت سنة 2012 مبلغ إجمالي قدره 9,74 مليون يورو، أي أقل من ثلث ما تدفعه لحفر آبار المياه في تنزانيا أو في الموزمبيق.

هذا المبلغ الذي تقوم فنلندا بالتبرع منه هو مربحها من إرسال بضعة آليات لتوجيه الصواريخ التي ترسلها إلى إسرائيل والتي تبلغ قيمتها مئات الملايين من اليورو، وهذا المبلغ الزهيد الذي تدفعه فنلندا لتلميع صورتها لا يكفي لإصلاح حتى العيادات الصحية في غزة التي قامت تكنولوجيا صواريخها بتدميرها.

والغريب في هذه الدولة أنهم عندهم حقد غير مبرر على الإسلام والمسلمين بلا سبب، فلم يتورط في أي مرحلة من المراحل أي عربي أو مسلم بأعمال عدائية ضد فنلندا، كما أنه هناك آلاف المسلمين التتار المقيمين في فنلندا منذ مئات السنين وقد ساهموا في بناء عدد كبير من المعالم المهمة في فنلندا، أي أن تاريخ المسلمين بناء وليس هادم لدولة فنلندا.

أستشهد بالحقد الغريب لدى دولة فنلندا للعرب والمسلمين بحادث واضح حدث عام 2007، وهذا الحادث ضمن ما تمارسه دولة فنلندا في كل يوم يكشف مدى الممارسات العدائية لدولة فنلندا ضد العرب والمسلمين.

تستقبل فنلندا وفقاً لتعهدها للأمم المتحدة 700 لاجيء حصة في السنة. لاجيء الحصة هو اللاجئ الذي منحته المفوضية العليا للاجئين حق اللجوء. في كل عام كانت تستقبل دولة فنلندا اللاجئين من غير المسلمين بدون أي تردد، أي أنه لم يكن لدى دولة فنلندا أي مشكلة عندما يأتي اللاجئون من جنوب السودان ولا من الدول الأفريقية ولا من دول أمريكيا اللاتينية، أما في عام 2007 فكان العدد الأعظم من لاجئي الحصة الذين تم عرضهم على فنلندا هم من مسلمي العراق، فرفضت فنلندا إستقبال أي لاجيء من هؤلاء اللاجئين ودار بين الفنلنديين جدل واسع في البرلمان الفنلندي، وكان من أكبر المعارضين لإستقبال لاجئي الحصة المسلمين هو رئيس أكبر مجموعة برلمانية في البرلمان الفنلندي عن حزب التجمع بن بيرل زيسكوفيكز (Ben Berl Zyskowicz) وهو نائب في البرلمان الفنلندي منذ سنة 1979 وهو يهودي من أصل بولندي. وفي نهاية المطاف توصل الفنلنديون إلى قرار بعدم إستقبال لاجئي حصة مسلمين وفي تلك السنة إستقبلوا فقط لاجئي حصة من دول غير إسلامية وكان العدد أقل من نصف العدد الذي يستقبلوه في كل عام بسبب إستبعاد لاجئي الحصة المسلمين. قمت شخصياً حينئذ بتقديم شكوى رسمية إلى البرلمان الفنلندي بسبب التمييز في المعاملة بناءً على الدين ولكن كان رد البرلمان أن السبب فيما قاموا به هو المحافظة على أمن وسلامة دولة فنلندا والمواطنين الفنلنديين، مع العلم أن القانون الفنلندي يسمح بتخطي أي قانون مهما كان إذا كان الأمر يشكل خطراً على أمن وسلامة دولة فنلندا أو المواطنين الفنلنديين حسب تقديراتهم.

لذلك أعتبر أن أكثر من نصف ما تدفعه دولة فنلندا للشعب الفلسطيني من تبرعات والتي إجماليها لا يزيد عن 9,74 مليون يورو في السنة تذهب في معظمها لتلميع صورة فنلندا بين الفلسطينيين وكذلك لشراء ذمم كبار المسؤولين الفلسطينيين.

دعم دولة فنلندا الخطير والمستمر لدولة إسرائيل من حيث تكنولوجيا توجيه الصواريخ ومنظومات الرؤيا الليلية هو من أخطر ما ترتكبه فنلندا من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين، وقيمة هذه الأسلحة النوعية والتي في غاية التطور يبلغ مئات الملايين من اليورو في العام على حد إعتراف السلطات الرسمية وقد يكون التبادل العسكري الفعلي بين فنلندا وإسرائيل أكثر من ذلك بكثير. الخطير أن هذه التكنولوجيا الخطرة التي تصدرها فنلندا لإسرائيل خاصة تكنولوجيا توجيه الصواريخ والرؤيا الليلية تعمل عد إلحاق ضرر كبير ويومي في الأنفس وممتلكات الشعب الفلسطيني ولابد من محاسبة دولة فنلندا كشريك لدولة إسرائيل في إرتكاب جرائم حرب وجرائم يومية ضد الإنسانية لتركيع الشعب الفلسطيني.