الترجمة العلمية

مشكلات التعريب

لاشك أن عملية كبيرة كعملية التعريب لابد أن تكتنفها

وتعترض سبيلها معوقات ومشكلات كثيرة لعل أبرزها الآتي:

-1 وجود أعداد كبيرة من أعضاء الهيئات التدريسية في

كليات الهندسة ممن تلقوا تعليمهم في بلدان أجنبية غير

متحمسين تمامًا للتعريب ، متوهمين أن عملية التعريب

تؤدي إلى ضعف التحصيل العلمي للطلبة، وإلى تأخر

التعليم الهندسي والتقني عن ركب الحضارة الإنسانية

وعدم مواكبة تطوراتها العلمية والتقنية ، وهي دعوات

زائفة دون أدنى شك، وهذا يرتدّ سلبًا على إسهامهم في

التعريب تدريسًا أو تأليفًا أو ترجمة.

2 وجود أعداد غير قليلة من أعضاء الهيئات التدريسية في

كليات الهندسة غير مؤهلين تمامًا الى الإسهام الفاعل في

عملية التعريب ليس بسبب نقص في مؤهلاتهم العلمية أو

ضعف في إيمانهم بشأن التعريب ، بل بسبب ضعف في

إمكاناتهم اللغوية ، وهذا ما يتطلب تقوية مهاراتهم اللغوية

باللغة العربية وبلغة اجنبية أخرى على حد سواء.

68

-3 يشهد التعليم الجامعي والتقني توسعًا هائ لا عامًا بعد آخر

في شتى التخصصات وزيادات سنوية كبيرة في اعداد

الطلبة المقبولين في كليات الهندسة دون أن يصاحب ذلك

زيادات مماثلة في أعداد أعضاء الهيئات التندريسية ،

ويؤدي هذا حتمًا إلى زيادة الأعباء التدريسية والأعمال

الأخرى التي يكلفون بها اذ يصل معدل مجموع الساعات

النظرية والعملية في الدراستين الأولية والعليا إلى ما

مقداره ( 25 ) ساعة اسبوعيًا ، وهذا يعادل ضعف الساعات

المقررة لمدرس جامعي حديث التعيين أو ثلاثة أضعاف

الساعات المقررة لأستاذ جامعي ، فض لا عن الأعباء

الإدارية والبحثية الأخرة المطلوبة منهم.

-4 أدى توسع برامج الدراسات العليا في السنوات الأخيرة إلى

صرف اهتمام أعضاء الهيئة التدريسية عن عملية

التعريب لما توفره لهم هذه البرامج من فرص أفضل

لنشر البحوث العلمية وتحقيق الشهرة على الصعيدين

القطري والعالمي لاسيما أن هذه الدراسات لم يتناولها

التعريب بشكل فاعل حتى الآن.

69

-5 ضعف الإمكانات الطباعية ، وهذا ما أدى إلى تأخر طبع

الكتب المعربة رغم قلتها إذ يستغرق طبع الكتاب الواحد

أكثر من ثلاث سنوات ، كما أدى إلى عزوف الكثير من

أعضاء الهيئة التدريسية عن الأستمرار بعملية التعريب ،

والانصراف إلى أعمال علمية أخرى أكثر نفعًا.

-6 غياب برنامج وطني واضح للتعريب تعتمده الجامعات

برغم وجود القوانين والتعليمات التي تدعم التعريب فكرًا

ومنهجًا.

-7 افتقار المكتبات الجامعية إلى الأعداد الكافية من معاجم

المصطلحات العلمية لجعلها في متناول أيدي أعضاء الهيئة

التدريسية المكلفين بتأليف الكتب العلمية أو ترجمتها.

-8 ضعف المردودات المادية والأعتبارية التي يحصل عليها

عضو الهيئة التدريسية من جراء التعريب قياسًا إلى ما

يحصل عليه من جراء البحوث العلمية ،لاسيما في مجال

الترقيات العلمية التي تعتمد البحوث العلمية أساسًا

لأغراض الترقية من مرتبة علمية إلى أخرى، أكثر من

70

اعتمادها على الكتب والمؤلفات الأخرى التي تستغرق زمنًا

أطول.

-9 افتقار المكتبات الجامعية إلى الكتب العلمية المعربة

الرصينة أو قلتها في أحسن الأحوال في المكتبات الهندسية

قياسًا إلى الكتب الأجنبية ، وأن ماهو موجود من هذه

الكتب برغم قلته لا يرقى في مستواه أو مادته العلمية إلى

مستوى الكتب الأجنبية شك لا ومضمونًا في معظم

الأحيان، وهذا ما لا يساعد كثيرًا على انتشار هذه الكتب

في الاوساط الجامعية.

-10 ضعف التنسيق بين الجامعات العربية في مجال التعريب

برغم وجود الملاكات والمؤسسات القانونية المؤهلة للقيام

بمثل هذا الدور الريادي والطليعي، ونعني بذلك المنظمة

العربية للتربية والثقافة والعلوم التي تضم جميع الأقطار

العربية ، واتحاد الجامعات العربية الذي يضم معظم

الجامعات العربية، والاتحاد العربي التقني الذي يضم

اقطارًا عربية مهتمة بالتعليم التقني، وجمعيات ونقابات

المهندسين وغيرها.

71

الخاتمة

بغية تحقيق الأمن العلمي والتقني لبلادنا وامتنا العربية

وتأصيل العلوم والمعارف في بيئة عربية سليمة ولغرض

التخلص نهائيًا من حالة الأغتراب العلمي والثقافي الذي يعيشه

بعض علمائنا ومفكرينا وخاصة من تلقوا علومهم في بلدان

أجنبية ، ولأجل أن تسهم أمتنا بجدية وفاعلية في الحضارة

الإنسانية والنتاج العلمي العالمي باعتبارها أمة علم وحضارة

منذ أقدم العصور. لابد أن تتضافر كل الجهود الخيرة لدفع

عملية التعريب الجامعي بعامة والتعريب الهندسي والتقني

بخاصة إلى الأمام وتهيئة كل أسباب تقدمها وازدهارها وتجاوز

كل معوقات حسن تنفيذها في اطار برنامج وطني لكل قطر

من أقطار امتنا العربية وفق رؤية عربية شمولية لما فيه خير

امتنا العربية المجيدة.

72

المصادر

-1 جريو ، داخل حسن.

خصائص المنهج الهندسي مع اشارة خاصة إلى مكوناته

الهندسية.

مجلة اتحاد الجامعات العربية ، العدد السابع والعشرون ،

.1992

-2 جريو ، داخل حسن وجاسم ، أسماء غالب.

التعليم الهندسي المستمر ... التجربة العراقية.

المؤتمر العالمي السادس للتعليم الهندسي المستمر البرازيل

.1995

-2 وقائع مؤتمر تعريب التعليم العالي في الوطن العربي.

وزارة التعليم العالي والبحث العلمي / المديرية العامة

. لمراكز التعريب ، بغداد 1980

73

الفصل الثالث

مواصفات الكتاب العلمي المترجم ومتطلباته

. منشورات المجمع العلمي ، 1998

74

75

مقدمة

تمثل ترجمة الكتب العلمية اطلالة بلادنا على نتاجات الامم

الاخرى وبخاصة الامم الاكثر تقدما في عصرنا الراهن الذي

يشهد تدفقا معرفيا هائلا لم تشهد له البشرية مثيلا في مختلف

التخصصات العلمية والتكنولوجية والمعارف الانسانية

المختلفة، ومالم تسعى امتنا وتحث الخطى لمواكبة هذا التدفق

المعرفي واحتوائه بكل الوسائل الممكنة فأن الهوة بيننا وبين

تلك الامم تتسع اكثر فأكثر الى الحد الذي قد يصعب معه كثيرا

تضييق هذه الفجوة ، وبالتالي حرمان امتنا من فرص تقدمها

وتبؤ مكانتها اللائقة بين أُمم الإرض كأمة حضارة عريقة

وتراث علمي تليد ، ذلك ان ترجمة الكتب العلمية يمكن ان

تسهم إسهاما فاع لا ومؤثرًا في النهوض الحضاري لبلادنا

وتعزيز جهودها في التنمية العلمية والتكنولوجية بجوانبها

المختلفة، وبخاصة ما يتعلق منها في بناء الملاكات العلمية

الملمة بإخر مستجدات العلوم والتكنولوجيا الحديثة .

لذا ينبغي ان تولى جامعاتنا ومؤسساتنا العلمية موضوع

ترجمة الكتب العلمية والتكنولوجية جل اهتمامها ، ويمكنها ان

تنشئ لهذا الغرض وحدات او مراكز لترجمة الكتب العلمية .

76

تتولى هذه المراكز تأشير اهم اتجاهات العلوم والتكنولوجيا

الحديثة ، ورصد أبرز وأحدث اصدارات النشر العالمية في

مختلف التخصصات في اكثر دول العالم تقدما،ً واعتماد خطط

علمية لتحديد الكتب التي ينبغي ترجمتها بعد تأمين

التخصيصات المالية اللازمة .

وبرغم أهمية ترجمة الكتب العلمية ، إلا أنه يلاحظ ضعف

حركة الترجمة في بلادنا العربية بعامة ، وضعف حركة

ترجمة الكتب العلمية بخاصة، فقد كشفت دراسة أعدتها

المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم عن الكتب العلمية

المترجمة الى اللغة العربية في الفترة من عام 1970 الى

1975 ، ان اغلب الكتب التي تترجم الى اللغة العربية تترجم

بعد فترة زمنية ليست بالقصيرة منذ ظهورها بلغتها الام، وقد

تبلغ هذه الفترة في بعض الاحيان اكثر من خمس وعشرين

سنة، ولكنها لا تقل عن خمس سنوات ، حتى في مجالات

العلوم الصرفة والتطبيقية، مما يجعل القيمة العلمية لهذه

الترجمات ضئيلة، كما اوضحت الدراسة العجز في أعداد

المترجمين المؤهلين لغويًا . وطبقا لإِحصاءات منظمة

اليونسكو لم يتجاوز عدد الكتب الاجنبية المترجمة الى اللغة

العربية في جميع مجالات المعرفة خلال عشرين عاما من

77

1968-1948 في جميع الاقطار العربية ( 4028 ) كتابا ، بينما

قامت اليابان وحدها عام 1975 بترجمة ( 170000 ) كتابا.

واقع حال الترجمة

إهتم العرب في العصر العباسي بنقل التراث العلمي للأمم

الأخرى من الإغريق والهنود والفرس، وبخاصة في عصري

الرشيد والمأمون . وبرز في هذا المجال علماء أفذاذ مثل

الكندي والفارابي وابن سينا والحسن بن الهيثم وغيرهم .

وفي العصر الحديث بدأت الترجمة في مصر في عهد

محمد علي إذ أنشئت مدرسة الالسن لتخريج متخصصين في

الترجمة ، وفي عام 1932 صدر مرسوم ملكي في مصر

بإنشاء مجمع لغوي يحافظ على سلامة اللغة العربية ويجعلها

وافية بمطالب العلوم والفنون وتقدمها، و ملائمة لحاجات الحياة

العصرية .

وفي العام 1946 تضمنت المعاهدة الثقافية التي وقعتها

الدول العربية المنضمة للجامعة العربية مايأتي : رغبة في

مسايرة الحركة الفكرية العالمية تعمل دول الجامعة العربية

78

على تنشيط الجهود التي تبذل لترجمة عيون الكتب الاجنبية

القديمة والحديثة وتنظيم تلك الجهود . وتسعى دول الجامعة

العربية الى توحيد المصطلحات العلمية بواسطة المجامع

والمؤتمرات واللجان المشتركة التي تؤلفها، وبالنشرات التي

تنشرها هذه الهيئات، وتعمل على الوصول باللغة العربية الى

تأدية جميع اغراض التفكير والعلم الحديث، وجعلها لغة

الدراسة في جميع المواد في كل مراحل التعليم في البلاد

العربية .

كما اوصت اللجان الثقافية المنبثقة عن الجامعة العربية

بتأليف هيئات للتأليف والترجمة والنشر ووضع جوائز للمؤلفين

والمترجمين والناشرين في كل قطر على حده . كما اوصت

بتوحيد المصطلحات في كل علم من العلوم وفن من الفنون .

وفي عام 1956 أنشئت الهيئة العامة للكتاب في مصر التي

جاء ضمن اهدافها نقل الاثار الغربية الى اللسان العربي . كما

اقامت مؤسسة الاهرام المصرية مركزًا متخصصًا

للترجمة العلمية .

ويعد القطر العربي السوري من الأقطار الرائدة في حركة

، التعريب، اذ أنشا اول مجمع لغوي في دمشق عام 1919

79

انشئت بعده عدة مجامع لغوية اخرى ، ففي عام 1932 أنشئ

المجمع اللغوي في القاهرة ، وفي عام 1947 أُنشئ المجمع

العلمي العراقي ، وفي عام 1971 أنشئ المجمع اللغوي

الاردني .

لقد سعت هذه المجامع لاحياء التراث العلمي العربي

الاسلامي ووضع المصطلحات العلمية في العلوم المختلفة

وتشجيع حركة التعريب ونشر الكتب المؤلفة او المترجمة

باللغة العربية .

ولغرض تنسيق جهود الاقطار العربية في التعريب فقد

انشئ مكتب مختص بالتعريب عام 1969 مقره مدينة الرباط

المغربية ، والحق هذا المكتب بالمنظمة العربية للتربية والثقافة

والعلوم عام 1972 ، وبدأ بأصدار مجموعة من مشروعات

المعاجم ، ضمن مجلة دورية أطلق عليها اللسان العربي.

وفي العراق صدر القانون رقم ( 64 ) لسنة 1977 قانون

الحفاظ على سلامة اللغة العربية الذي حددت المادة التاسعة

منه ان يكون المجمع العلمي العراقي المرجع الوحيد في وضع

المصطلحات العلمية والفنية وعلى الاجهزة المعنية الرجوع

80

اليه بشأنها . كما ألزمت المادة الثانية من القانون المؤسسات

التعليمية في مراحل الدراسة كافة اعتماد اللغة العربية لغة

للتعليم ، وعليها ان تحرص على سلامتها ، لفظا وكتابة ،

وتنشئة الطلاب على حسن التعبير والتفكير بها وأدراك مزاياها

والاعتزاز بها .

وفي العام 1976 الزم مجلس التعليم العالي والبحث العلمي

جامعات العراق ومؤسسات التعليم كافة بتعريب التعليم العالي

حيث كان التعريب محصورا في الدراسات الجامعية في

التخصصات الانسانية فقط.

متطلبات الكتب العلمية المترجمة

تتطلب ترجمة الكتب العلمية الاهتمام الفائق بهذه الكتب

شكلا ومضمونا لضمان انتشارها على اوسع نطاق ممكن في

الاوساط العلمية والثقافية. ولأجل تحقيق ذلك ندرج في ادناه

بعض المواصفات التي ينبغي توافرها لغرض ترجمة الكتب

العلمية :-

1. ان يكون الكتاب المراد ترجمته من امهات الكتب

العلمية والتكنولوجية الاجنبية ، وان يكون قد حقق

81

شهرة معينة في بلد لغة الام ، وان يكون الكتاب صادرا

عن دار نشر معروفة وبطبعة حديثة ومتميزا في

اسلوبه ومادته العلمية .

2. ان يكون الكتاب المراد ترجمته ذا قيمة علمية واضحة،

وبفضل ان يكون ذا جدوى اقتصادية، الا في الحالات

التي قد يمثل الكتاب فيها اتجاها علميا حديثا جدا في

بعض التخصصات العلمية ذات الاهمية الفائقة في التنمية

العلمية والتكنولوجية للقطر في مراحل تطوره المختلفة.

3. ان يراعى في اختيار الكتب العلمية المراد ترجمتها

التنوع الشامل ليس في موضوعاتها وتخصصاتها

العلمية والتكنولوجية المختلفة فحسب ، بل وفي عمقها

العلمي بحيث تغطي حاجات قطاعات واسعة من الناس

بحسب مستوياتهم العلمية ، وعدم اقتصارها على فئات

معينة ذات تعليم عالي متقدم او فئات ذات تعليم متوسط

او عادي . على ان تعطي اولوية معينة لترجمة الكتب

التي تعنى بتبسيط العلوم والتكنولوجيا التي تلبي

احتياجات قطاعات واسعة من الناس لرفع وعيها

ومستواها العلمي، اذ في الغالب ان هذه القطاعات ليس

82

لديها القدرة على دراسة الكتب بلغات اجنبية كما هو

عليه الحال لدى الفئات الاكثر تعلما .

4. رصد حركة نشر الكتب العلمية والتكنولوجية التي

تصدرها دور النشر العالمية لتأشير افضل الكتب

لترجمتها، وبفضل التنسيق بين دور النشر العربية

كلما امكن ذلك منعا للتكرار وبعثرة الجهود وهدر

الاموال دون اي مبرر .

5. ان يتم اختيار الكتب العلمية المراد ترجمتها وفق

منهجية عمل واضحة تحدد فيها التخصصات العلمية

بحسب اهميتها في تحقيق اهداف التنمية العلمية

والتكنولوجية في مراحل التطور المختلفة .

6. ان تعرض الكتب العلمية المراد ترجمتها على

خبراء مشهود لهم بالكفاية العلمية ممن سبق لهم

ترجمة العديد من الكتب العلمية ، وذلك لبيان القيمة

العلمية لهذه الكتب وجدوى ترجمتها ، على ان تدفع

لهم مكافأت مالية مجزية.

83

7. ان يكتب الكتاب المترجم بلغة عربية واضحة

وبسيطة، تراعى فيها قواعد اللغة العربية الفصحى

، أي اعتماد لغة عربية عصرية ومستوعبة

لمفردات العلوم والتكنولوجيا ، ومواكبة لحركة

التطور الانساني والنهوض الحضاري ، ومتفاعلة

مع اللغات الحية الاخرى ، بما يؤمن الحفاظ على

هويتها التي تعبر عن واقع وتراث امتنا العربية

الحضاري والثقافي ، ويفتح افاقا رحبة امام تطورها

باعتبارها لغة حية معاصرة .

8. ان تعرض الكتب المترجمة قبل احالتها الى المطبعة

على خبراء لبيان دقة وسلامة النص المترجم، ومطا

بقته مع النص الاصلي ، وبيان مدى قوة ومتانة

اسلوب الترجمة، ومدى سلاسته وملائمته للذوق

اللغوي العام، ووضوح افكاره العلمية ودقتها طبقا

للنص الاصلي . وعلى ان تدفع لهم مكافآت

مالية مجزية .

9. العناية بالكتاب المترجم شكلا ومضمونا والتاكد من

خلوه من الاخطاء الطباعة واللغوية ، والعناية

84

بالاشكال والرسوم والجداول وعناوين الفصول

والملاحق وكل ما يمكن ان يضفي مسحة جمالية

على شكل الكتاب . وان تراعى المنهجية واساليب

الكتابة العلمية بما يؤمن الدقة والموضوعية ووضوح

الافكار دون تأويل او لبس .

10 . يجب ان تتم ترجمة الكتب العلمية من قبل مختصين كل

في حقل تخصصه اذ لا يجوز اطلاقا ترجمة الكتب

الهندسية مثلا من قبل غير المختصين في العلوم

الهندسية مهما كانت قدراتهم اللغوية . ذلك ان عملية

الترجمة تتطلب فهما جيدا للمادة العلمية اولا ، اضافة

الى الإلمام الجيد بقواعد اللغة العربية، والتمكن من

الكتابة والتعبير الدقيق باساليبها ، وينطبق الشيء نفسه

بالنسبة للألمام باللغة المراد الترجمة منها . وبخلاف

ذلك لابد ان يحصل خللًُ في ترجمة المادة العلمية الى

حد قد يفسد النص العلمي، او يخرجه باسلوب لغوي

ضعيف، او ان تكون الترجمة احيانا، وان كانت

بكلمات عربية الا ان اسلوبها يكاد يكون اسلوب لغة

الكتاب المترجم منه نفسه، مما لا يتلائم مع الذوق

اللغوي العام .كما يجب ان يسعى المترجم الى ترجمة

85

المفاهيم العلمية بدقة ووضوح ، لا ان يسعى الى

ترجمة النصوص اللغوية ،اذ ان لكل لغة قواعدها

واساليبها واجواؤها الخاصة بها ،اذ قد تفسد الترجمة

الحرفية بعض المفاهيم والافكار العلمية .

11 . يفضل اعتماد مصطلحات علمية موحدة على نطاق

الوطن العربي، وذلك لتسهيل انتشار الكتب العلمية

المترجمة على اوسع نطاق ممكن للاستفادة منها من

جهة، ولتقليل نفقات طباعتها الاخذة بالارتفاع من جهة

اخرى، لاسيما ان الكتب العلمية في جميع الاحوال

محدودة التداول قياسا الى الكتب الاخرى . ولهذا

الغرض لابد من اختيار مفردات لغوية سهلة ومفهومة

بذاتها دونما حاجة الى شروحات او توضيحات كي

يفهمها المختصون . ويمكن اشتقاق المصطلحات في

اطار قواعد اللغة العربية ، وعلى ان يعبر المصطلح

العلمي المترجم بدقة عن المعنى المتعارف عليه لدى

المختصين.

12 . ان يكون مترجم الكتاب من الشخصيات العلمية المشهود

لها بالكفاية والتمييزفي حقل تخصصها وبقدرتها اللغوية ،

86

وان يكون موضوع الكتاب المراد ترجمته متطابقا مع

تخصص المترجم ان لم يكن في التخصص الدقيق نفسه ،

ففي الاقل في تخصصه العام. ويفضل مشاركة اكثر من

مترجم واحد للكتاب الواحد لغرض تبادل الخبرات

والافكار وصقل الخبرات وصولا الى خلق مدارس

للترجمة العلمية واضحة المعالم والاهداف وتأمين

تواصل الاجيال المختلفة، وديمومة زخم حركة الترجمة

وتصاعدها وتأثيرها لتلبية حاجات امتنا واستفادتها من

جميع معطيات العلوم والتكنولوجيا الحديثة وتفاعلها

الحضاري مع حضارات الامم الاخرى .

مشكلات الترجمة

تواجه عملية ترجمة الكتب العلمية في الوقت الحاضر

معوقات ومشكلات كثيرة ابرزها الاتي:

1. وجود اعداد لايستهان بها من اعضاء الهيئات التدريسية

في الجامعات في التخصصات العلمية والتكنولوجية

المختلفة ممن يعتقدون ان التدريس باللغة العربية يؤدي

حتما الى تدني المستوى العلمي لطلبة الجامعات

وحرمانهم من مواكبة التطورات العلمية والتكنولوجية .

87

وهذا بدوره يؤدي بالنتيجة الى عدم تشجيع حركة

التعريب والترجمة وتضييق فرص انتشار الكتب

العلمية المترجمة الى الحد الذي يؤدي الى عدم القدرة

على تغطية تكلفة طباعة هذه الكتب.

2. قلة أعداد المختصين القادرين على ترجمة الكتب

العلمية والتكنولوجية بالنوعية والرصانة واساليب اللغة

المطلوبة، الامر الذي يؤدي الى قلة عدد الكتب العلمية

المترجمة من جهة ، والى نشر كتب علمية مترجمة قد

لا تكون بالمستوى المطلوب علميا ولغويا من جهة

اخرى.

3. غياب الخطط لترجمة الكتب العلمية في معظم الاقطار

العربية ان لم يكن في جميعها ،اذ يلاحظ ان ما يترجم

من كتب علمية رغم محدوديتها ، انما يتم حسبما تراه

هذه الجهة العلمية اوتلك ، بينما يفترض وجود خطة

شاملة على صعيد كل قطر تنفذها الجهات المختلفة كلا

حسب تخصصها واهتمامها بعد رصد التخصيصات

المالية الازمة لتنفيذ ذلك.

88

4. غياب التنسيق بين دور النشر والجامعات والمؤسسات

العلمية العربية فيما يتعلق بخطط وبرامج نشر الكتب

العلمية المترجمة، الامر الذي يؤدي الى بعثرة الجهود

وعدم الإستخدام الأمثل للموارد المالية الشحيحة اصلا

لترجمة الكتب العلمية الاكثر اهمية وحداثة والاوسع

فائدة للمتعلمين والمختصين في العلوم والمعارف

المختلفة.

5. مازالت حركة ترجمة الكتب العلمية بطيئة جدا وهي

بوضعها الحالي لاتستطيع مواكبة الكم الهائل من

الاصدارات العلمية التي تصدرها دور النشر العالمية،

الامر الذي يتطلب التفكير جديًا باعداد الملاكات العلمية

المطلوبة للبدء فورا باعتماد اساليب الترجمة الآلية

وتهيئة مستلزماتها المادية.

6. افتقار مكتبات الجامعات والمؤسسات العلمية الاخرى

الى الاعداد الكافية من معاجم المصطلحات العلمية

لجعلها في متناول ايدي المهتمين بترجمة الكتب

العلمية .

89

7. قلة الكتب العلمية المترجمة في المكتبات الجامعية

ومكتبات المؤسسات العلمية قياسا الى الكتب الاجنبية،

وان ما موجود من هذه الكتب برغم قلته لا يرقى في

مستواه الى مستوى الكتب الاجنبية شكلا ومضمونا في

معظم الأحيان، وهو أمر لايساعد كثيرا على انتشار

الكتب العلمية المترجمة في الأوساط الجامعية.

8. ضعف المردودات المالية والاعتبارية التي يحصل عليها

المترجم قياسا إلى مردودات النتاجات العلمية الأخرى.

9. ضعف الإمكانات الطباعة مما يؤدي إلى تأخر طبع

الكتب المترجمة رغم قلتها، الأمر الذي يفقد هذه الكتب

الكثير من أهميتها في ضوء صدور أعداد كبيرة من

الكتب الأجنبية الحديثة من جهة، والى عزوف المترجمين

أنفسهم عن الاستمرار بترجمة كتب علمية أخرى من

جهة أخرى.

10 . توسع برامج الدراسات الجامعية في التخصصات

العلمية والتكنولوجية المختلفة، دون أن يصاحب ذلك

اهتماما مماثلا بحركة التعريب والترجمة، لا إن العكس

90

صحيحا، إذ يلاحظ أن هناك ضعفا عاما بالإِهتمام

بحركة التعريب والترجمة، يقابله توسعا باستخدام اللغة

الإنكليزية في التدريسات الجامعية، وكتابة البحوث

والدراسات، والنشر في مجلات أجنبية في الكثير من

الأقطار العربية، بدعاوى الرصانة العلمية والارتقاء

بالعملية التعليمية ومواكبة مستجدات العلوم

والتكنولوجيا. وأننا هنا لا ندعو الى الانغلاق وعدم

نشر النتاجات العلمية بلغات أجنبية، وانما ايلاء النشر

باللغة العربية الاهتمام ذاته الذي توليه هذه الجهات

للنشر باللغة الإنكليزية.