المقارنة بين .. الإسلام والنصرانية واليهودية 2

كيفية ترويج النصرانية لمعتقدها

ولتوضيح تلك النقطة بإيجاز، نوضح:

أن الداعين للنصرانية يحاولون وضع من يقومون بتنصيرهم (إدخالهم في النصرانية) تحت اختيار جبري من بين عدة اختيارات، وفقًا لأساليب خبيثة ملتوية.

فهم (الداعون للنصرانية) عندما يقومون بممارسة مهامهم، فإنهم يقولون لفريستهم ممن وقع بأيديهم (ممن ليس لديه سوى القليل من العلم)، لمحاولة اقناعهم بألوهية المسيح، الآتي:

إما أن يكون المسيح إلهًا أو كاذبًا أو مجنونًا، زاعمين بذلك أنه مفروض على من يجيب، الاختيار فقط من بين تلك الاختيارات الباطلة.

ولكن البديل الصحيح المعقول (المخالف لأهواء المبطلين) والذي لم يُدرج ضمن البدائل، هو: أن المسيح عليه السلام إنما هو نبي مرسل([1])، وأن المعجزات التي قد أتى بها إنما هي من عند الله تبارك وتعالى تأييدًا لدعوته ورسالته.

وأيضًا، فإن المبشرين للنصرانية عندما يقومون بمهامهم التنصيرية، يقومون بالتركيز على:

الصغير، الذي لم يكن له من يُعرفه بالإسلام ويرشده إليه، حيث يقومون بتنشأته على معتقداتهم الباطلة ودعواهم الكاذبة.

الفقير الذي قد اشتدّ به الفقر، وطال احتياجه إلى ما يسدّ به جوعه، حيث يستغل المبشرون للنصرانية ذلك بأن يُغرونهم بالمال، ويقدّمون لهم المساعدات والخدمات والأموال من أجل إدخالهم في النصرانية، وما يقوم به الداعون للنصرانية في البلاد الفقيرة، لا سيما بقارة إفريقيا وغيرها، برهان ذلك.

من يبغي الوصول إلى غاية من الغايات (كمنصب من المناصب)، حيث يستغل المبشرون للنصرانية ذلك، بأن يُيسّروا له الوصول إلى غايته على أن يدخل بعد ذلك في النصرانية.

ولا شك أن النصرانية تستخدم الوسائل الإعلامية المختلفة من أجل بث سمومها ومعتقداتها الباطلة، والترويج لها، لا سيما وأنها تمتلكها وتتحكّم فيها.

كيف صار المسيح إلهًا عند النصرانية

ولتوضيح هذه النقطة بإيجاز، نبيّن:

أن المسيحيين الأوائل لم يكونوا بعيدن عن المفهوم الإسلامي الصحيح.

فلم يكن المسيح إلهًا في معتقد المسيحيين إلا بعد مرور أكثر من ثلاثمائة سنة من مولده، بعد أن انحرف معتقدهم عن الحق، وصار أُلعوبة بين قساوستهم.

فلم يكن المسيح إلهًا في النصرانية، إلا في مُجمّع (نيقية) الذي قد انعقد سنة 325 للميلاد، وفيه تقرّر بزيادة صوت واحد فقط بين المقترعين أن المسيح إله (تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرا).

والعجيب: أنه إذا نقص ذلك الصوت لبقي المسيح في النصرانية بشرًا رسولاً، كما يقول الدين الإسلامي الحنيف، حفظنا الله تعالى به، وهدى الناس إليه، آمين.

بعض من الصفات التي تنسبها النصرانية

إلى الإله الربّ سبحانه وتعالى

بداءة نوضح: أن النصرانية قد جمعت بين كل من الصفات المعيبة الناقصة التي قد نسبتها اليهودية إلى الإله الربّ سبحانه وتعالى، من سوء اختيار للأنبياء والرسل، وجهل وعدم علم بالغيب والمستقبل، ومن عنصرية وفظاظة وتحيّز، ومن ندم وتعب، ... إلى غير ذلك مما قد أوردنا جزءً منه في السابق (في عقيدة اليهودية في الإله الرب سبحانه وتعالى)، وذلك لتضمن الكتاب المقدس للنصرانية لكتاب اليهودية، واحتواءه له تحت مسمّى العهد القديم، وبين ما نسبته هي (النصرانية) افتراءً وزورًا، وألصقته بالإله الربّ سبحانه وتعالى من اتخاذ للولد تحت ما يُسمّى بتجزئة الإله إلى ثلاثة أقانيم، ... وإلى غير ذلك مما قد أشرنا إليه في السابق مع توضيح لفساده وبطلانه.

وبمشيئة الله تعالى سوف نوضح في هذه النقطة مزيدًا مما قد نسبته النصرانية إلى الإله الربّ سبحانه وتعالى من صفات معيبة وناقصة، والتي لا يمكن لعاقل نقي الفطرة أن يقبلها في حق الله سبحانه وتعالى.

ومن تلك الصفات المعيبة الناقصة التي قد نسبتها النصرانية إلى الله سبحانه وتعالى، الآتي:

- أنها قد نسبت إليه سبحانه وتعالى صفة النوم، حيث تشبه الإله الرب سبحانه وتعالى بالإنسان المستيقظ من نومه، والكريه رائحة الفم، حيث ينصّ الكتاب المقدس للنصرانية على الآتي: «فاستيقظ الربّ كنائم جبار مُعيّط من الخمر» (المزامير 78: 65).

تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرا

- ولقد صورت النصرانية الإله الربّ سبحانه وتعالى بالفظاظة والدموية والوحشية، وتصفه بأنه يصعد من أنفه نار ودُخان.

ففي (سفر صموئيل الثاني: إصحاح 22، عدد 2)، نجده يقول:

«خرج دخان من الربّ، خرجت نار من أنفه».

تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرا

ولا شك، أن النار رمز للحريق والحرب، ورمز للخراب والدمار، بعكس الضياء والنور.

- ومما ينص عليه كتاب النصرانية، تأكيدًا لذلك التصوير الذي تتصوّره النصرانية في الإله الربّ سبحانه وتعالى، الآتي:

حيث إنه ينسب (كتاب النصرانية) إلى الله تعالى، أنه قد أمر بني إسرائيل بالانتقام من قبيلة عماليق، قائلًا لهم:

«اقتلوا كل رجل وامرأة وطفل ورضيع وبقر وغنم وجمل وحمار»، كما في (سفر صموئيل الأول، إصحاح 15، عدد 2).

ثم ينسب كتابها إلى الله تعالى، أنه قال لهم أيضًا:

«لا تشفق أعينكم ولا تعفوا الشيخ والشاب والعذراء والطفل والنساء، اقتلوا للهلاك، نجسوا البيت واملأوا الدور قتلى»، كما في (سفر حزقيال، اصحاح 9، عدد 5).

إلى غير ذلك مما تتصوره النصرانية في الإله الربّ من ظلم ودموية ووحشية.

تعالى الله عن ذلك علوًا كبيرا

- ولقد نسبت النصرانية إلى الإله الربّ سبحانه وتعالى صفة الصفير، أي أنه كان يُصفِّر ويصدر عنه صفير، كما في (سفر أشعياء 5: 26)، وأيضًا (زكريا 10: 8).

تعالى الله عن مثل ذلك علوًا كبيرا

- ولقد نسبت النصرانية إلى الإله الربّ سبحانه وتعالى صفة التصفيق، أي أنه كان يُصفق بيديه، كما في (سفر حزقيال، اصحاح 12، عدد 71).

تعالى الله عن مثل ذلك علوًا كبيرا

- ولقد نسبت النصرانية إلى الإله الربّ سبحانه وتعالى من الصفات ما تأنف منه الفطر النقيّة والنفوس الزكيّة، ويرفضه كل عقل رشيد، كأن تثبت له وجود الفرج كوصف له، كما في (الفقرة 7 من الزبور الثاني)، وأن تثبب له وجود الدّم كوصف له، (كما في الفقرة 28 من الباب العشرين) من أعمال الحواريين.

إلى غير ذلك من إثبات الرأس والشعر والوجه والقفا والأذن والعين والأجفان والبطن والقلب والظهر.

تعالى الله عن مثل تلك الافتراءات والأكاذيب علوًا كبيرا

وغير ما ذكرنا الكثير والكثير مما قد نسبته النصرانية إلى الإله الربّ سبحانه وتعالى، من صفات يُستحى اللسان عن ذكرها تعفّفًا عند نسبها إلى الله تعالى وإلصاقها به.

تناقض عقيدة النصرانية، ومن ثم بطلانها

لقد تم إيضاح جزءً من العقيدة الفاسدة للنصرانية في الإله الخالق، بالنقطة السابقة، وبعون الله وتوفيقه سوف نوضح في هذه النقطة جزءً من ذلك التناقض البيّن في تلك العقيدة (عقيدة النصرانية) ومن ثم بطلانها:

أولًا: نوضح: أنه لا يوجد في كافة الأناجيل المطروحة مع اختلافها تصريح واحد، أو عبارة واحدة لا تحتمل الالتباس أو التأويل يدّعي فيها المسيح أنه الله، أو يقول فيها (اعبدوني)([2]).

مما يدل على أن التأويل الذي تأولته النصرانية، إنما هو تأويل في غير سياقه من أجل نشر ما تزعمه وتعتقده، ومن ثم فإن ذلك التأويل إنما هو تأويل باطل.

ثانيًا: إن عقيدة التثليث التي تؤمن بها النصرانية إنما هي زعم باطل بما ينص عليه كتابها المقدس من أقوال المسيح التي تنسب إليه الألوهية.

ومثال ذلك، لا الحصر: أن إنجيل يوحنا، نجد فيه أن المسيح يقول:

«وهذه الحياة الأبدية أن يعرفوك، أنت الإله الحقيقي وحدك، ويسوع المسيح الذي أرسلته» (إنجيل يوحنا، الباب 17 الفقرة 3).

فيتبيّن من ذلك: أن المسيح عليه السلام كان يُعلم الناس: أن الله واحد حقيقي، وأن المسيح إنما هو رسول منه، ولم يعلمهم أن الحياة الأبدية أن يعرفوا أن ذات الله ثلاثة أقانيم، ولم يعلمهم أن المسيح إنسان وإله، أو أن المسيح إله مجسم، فلم يعلمهم أيًّا من تلك الأباطيل([3]).

فأقوال المسيح وأفعاله تدل على عبوديته، وليس ألوهية، ويؤكد ذلك ما جاء في كتاب النصرانية، من أن المسيح كان يَخِرُّ على وجهه ويصلي لإلهه، ومن ثم يكون التساؤل:

فعلى أي شيء يدل ذلك الذي قد أوضحناه آنفًا؟! هل يدل على ألوهيته أم عبوديته؟!

بالتأكيد: إن ذلك الذي ذكرناه آنفًا يدلّ على عبودية المسيح لإلهه وخالقه، لأنه إذا كان (المسيح) إلهًا، فلمن كان يُصلي ومن كان يعبد، هل كانت الصلاة والعبادة لإله آخر؟! بالطبع: لا.

لذلك: فإن معتقد اللنصرانية في تأليه المسيح يقود إلى الاعتقاد بعدم وحدانية الله تعالى، وإشراك آلهة أخرى معه، تعالى الله عن كل ذلك الذي تدّعيه النصرانية علوًا كبيرًا.

ثالثًا: إننا نجد أن النصرانية تقوم بتعظيم الصليب، بل وتعبده، وذلك لأحد ثلاثة أمور، وهي:

الأمر الأول: إما لأن الصليب قد مسّ جسد المسيح، وإذا كان الأمر كذلك لألزم النصرانية أن تعظم نوعًا من الحيوانات أيضًا، وهو نوع الحمير، وذلك لأن كتاب النصرانية ينص على أن المسيح قد ركب على الأتان والجحش ومن ثم فإن النصرانية يلزمها أن تتخذ هذا النوع من الحمير إلهًا تعبده، بدلًا من الصليب، ومن ثم الاقتداء بالهنود، حيث عبادتهم للبقر، ومن المعلوم أن البقر أنفع من الحمير.

والتساؤل المهم:

هل يمكن أن يكون الإله الخالق بتلك الصورة الذي يقود معتقد النصرانية من تعظيم للصليب وعبادة له، إلى تصورها؟!!

وهل يمكن للفطر النقية والعقول الرشيدة قبول مثل ذلك المعتقد والتصور في ذات الله تعالى؟!!

بالطبع: لا، فتعالى الله عز وجل عن مثل ذلك علوًا كبيرًا.

الأمر الثاني: وهو أن تعظيم النصرانية للصليب، وعبادتها له، كان بدافع اعتقادها بأنه (الصليب) كان واسطة فداء، وتكفيرًا للخطايا.

وإذا كان الأمر كذلك، لوجب على النصرانية تعظيم يهوذا الخائن، الذي قد دَلّ اليهود على المسيح كي يصلبونه ويقتلونه، ولألزمهم ذلك.

حيث إن يهوذا كان هو الواسطة الأولى، والذريعة الكبرى للفداء الذي تزعمه النصرانية، ولولا أن يهوذا الخائن قد دَلّ اليهود على المسيح، لما أمكنهم الإيقاع والإمساك به (بالمسيح) لصلبه وقتله (مجاراة لمعتقدهم)([4]).

والتساؤل: فهل يمكن للنصرانية أن تعظم يهوذا الخائن الذي قد دلّ اليهود على المسيح لصلبه وقتله، لأنه كان واسطة فداء، وتكفيرًا للخطايا؟!!

وهل يمكن للفطر النقية والعقول الرشيدة قبول مثل ذلك المعتقد الذي تزعمه النصرانية؟!!

بالطبع: لا، فتعالى الله عز وجلّ عن ادّعاءات النصرانية وافتراءاتها علوًا كبيرا.

الأمر الثالث: وهو أن تعظيم النصرانية للصليب، وعبادتها له، كان بدافع زعمها أن دم المسيح قد سال عليه (على الصليب).

وإذا كان الأمر كذلك لوجب على النصرانية تعظيم الشوك المضفور إكليلًا على رأس المسيح عند صلبه وقتله، كما تزعم النصرانية.

ولأنه بذلك يكون الشوك المضفور قد فاز بالمنصب الأعلى من سيلان دم المسيح عليه([5]) (مجاراة لما تعتقده النصرانية).

والتساؤل: فهل يمكن للنصرانية أن تعظم ذلك الشوك المضفور الذي تزعم النصرانية وضعه على رأس المسيح عند صلبه وقتله، نظرًا لسيلان دم المسيح عليه (مجاراة لما تعتقده النصرانية)؟!

وهل يمكن للفطر النقية والعقول الرشيدة، قبول مثل ذلك الزعم الذي تدّعيه النصرانية؟!

بالطبع: لا.

فالفطر النقية والنفوس الزكية والعقول الرشيدة، تأبيى وترفض أيًّا من تلك الترّهات والأوهام التي تقود إليها معتقدات النصرانية.

رابعًا: ونجد أيضًا بالإنجيل الذي بين يدي النصرانية اليوم، ما يشير إلى عدد كبير من الأبناء الذين تنسبهم النصرانية إلى الإله الخالق، كذبًا وزورًا، ومع ذلك فإننا نجد التناقض الكبير في:

أنه إذا ما سُئل نصراني (مسيحي) كم عدد أبناء إلهك (مجاراة لادّعاءات النصرانية)؟

فإنه يجيب بقوله: إنه ابن واحد.

والتساؤل: كيف يمكن القول بأن المسيح هو الابن الوحيد لله، في حين أن الكتاب المقدس للنصرانية ينسب إليه (إلى الله) الكثير من الأبناء (افتراءً وبهتانا)؟؟!

الجواب: هو أنه لا يوجد ردّ نقي، معتبر عند أولي العقول الرشيدة والبصائر النيرة.

ومن ثم، فإنه لا شك بأن ما يزعمه الكتاب المقدس للنصرانية، إنما هو التناقض البيّن، والذي يؤكد بطلان ذلك الادّعاء بأن الله قد اتخذ ولدًا، أو أيًّا مما تزعمه النصرانية من أبناء مكذوبين.

فتعالى الله عن افتراءات النصرانية علوًا كبيرًا.

خامسًا: ومن التناقض الكبير الذي تقع فيه النصرانية:

أنها (النصرانية) تنسب إلى الله تعالى الولد افتراءً عليه، وتقول بأن المسيح هو ابن الله المولود، وليس المخلوق.

والتساؤل: كيف يكون مولودًا وليس مخلوقًا؟!

وهل يولد الإله (حيث تزعم النصرانية ألوهية المسيح)؟! وأي عقل راجح رشيد يقبل مثل ذلك؟!

(فتعالى الله عز وجل عن كل تلك الافتراءات علوًا كبيرًا)

فكون المسيح مولودًا، فإن ذلك يعني أنه (المسيح) في احتياج لمن خلقه وأوجده.

ويعني أيضًا، أن المسيح كان قبل ولادته عدمًا، أي لم يكن شيئًا، ومن ثم فإنه لا يملك شيئًا.

ومن ثم يتضح لنا: أن المسيح لم يكن إلا مخلوقًا مُكرمًا من الله تعالى، خلقه المولى سبحانه وتعالى من غير أب، كما خلق آدم عليه السلام من غير أب، بل ومن غير أم أيضًا.

فالمسيحيون باعتقادهم في التثليث وتأليههم للمسيح يزدادون تخبطًا، ووقوعًا في المآزق ذات الحرج الشديد، وبرهان ذلك:

أنه في نسخة الملك جيمس للكتاب المقدس للنصرانية، والتي تُعرف بالنسخة الإنجليزية المعتمدة:

«لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل أو أعطى أو ضحى بابنه الوحيد المولود لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية» (يوحنا 3: 16).

أما في النسخة القياسية المنقحة عام 1971، يُقرأ ذلك النص السابق كما يلي:

«لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل أو أعطى أو ضحى بابنه الوحيد لكي لا يهلك .....».

فنلاحظ أنهم قد حذفوا كلمة (المولود) الثابتة في نسخة الملك جيمس، وذلك باعتبارها تلفيقًا واختلاقًا، حيث إن تلك الكلمة المفتراة تسبب لهم الوقوع في مأذق وحرج شديد، ومن ثم قرروا حذفها([6]).

والتساؤل المهم: هل كلام الله يمكن أن يُحذف منه أو يُضاف إليه من قِبَل البشر؟!

وهل يعقل أن يكون ذلك الذي بين يدي النصرانية هو كتاب الله المحفوظ من التبديل والتغيير والتحريف، بعد كل تلك الإضافات والتغييرات والتحريفات من قِبَل علماء النصارى أنفسهم ومن غيرهم؟!

بالطبع: لا، فكلام الله تعالى المحفوظ، لا يمكن أن يعتريه أدنى تغيير من إضافة وحذف، أو تبديل وتحريف.

وإذا كان علماء المسيحية أنفسهم يقومون بمثل ذلك التبديل والتغيير والتحريف في كتابهم الذي يقدسونه، فما بالنا بغيرهم ممن لا يؤمن بمعتقد النصرانية، ويعاديها، بل ويسعى في تحريف كتبابها (كاليهود)؟!

سادسًا: ومن التناقض الكبير الذي تقع فيه النصرانية:

أن النصرانية قد غالت في المسيح إلى درجة تأليهه ومن ثم عبادته، في الوقت الذي قد علم فيه الجميع ولادته (ولادة المسيح) بعد أن حملت به أمه (السيدة مريم).

والتساؤل المهم: هل يولد الإله؟! وهل يمكن خروج مثل ذلك الإله المولود، المعبود من قِبَل النصارى، من العضو الأنثوي للمرأة؟!

وهل يمكن لفطرة نقية وعقول سوية قبول مثل تلك التوهمات والافتراءات؟!

بالطبع: لا، فتعالى الله عز وجل عن كل ذلك الباطل، علوًا كبيرًا.

فلو أن الله عز وجل أراد أن يخلق الملايين من المسيح لخلقهم بكلمة منه سبحانه وتعالى، وهي (كن فيكون)، وليس معنى ذلك أن الله تعالى يلزمه أن يلفظ بكلمة (كن)، بصوت واضح مفصل، كما نفعل نحن، ولكن هذه طريقتنا (البشرية) لفهم معنى كلمة (كن)([7]).

فالله سبحانه وتعالى أجلّ من أن يتخذ ولدًا، أو يحتاج إليه.

وصدق الله تعال، إذ يقول: âوَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًاá [سورة مريم: 92 – 93].

لذلك: فإن عقيدة التثليث في النصرانية ليست هي ما جاء بها المسيح عليه السلام، الذي قد أكرمه الله تبارك وتعالى بالنبوة والرسالة، وإنما هي (عقيدة التثليث) فهم متطور، قد انحرف عن الجادّة والصواب على مرّ الأزمنة والقرون.

سابعًا: ومن التناقض الكبير الذي تقع في النصرانية:

أنها (النصرانية) تقول: بأن الإله إنما هو 3 أقانيم، أي أنه مُركّب من ثلاثة آلهة، حيث تزعم بأن: الآب إله، والابن إله، والروح القدس إله، ثم تعود فتقول ولكن هؤلاء ليسوا ثلاثة آلهة، وإنما هم إله واحد.

ثم تستطرد النصرانية، وتقول: بأن الآب هو العظيم، والابن هو العظيم، والروح القدس هو العظيم، ثم تعود فتقول: ولكنهم ليسوا الثلاثة عظماء، بل العظيم الواحد.

ثم تستطرد النصرانية، وتقول: بأن الآب شخص، والابن شخص، والروح القدس شخص، ولكنهم ليسوا ثلاثة أشخاص، ولكنهم شخص واحد([8]).

والتساؤل المهم: بأي لغة تتحدث النصرانية؟!

وهل مثل تلك اللغة يمكن لفطر نقية وعقول سويّة أن تقبلها؟!

بالتأكيد: لا، ولتوضح ذلك:

أنه بافتراض وجود ثلاثة تواءم متشابهة، ولا يمكن التمييز بينهم، لأن الثلاثة متطابقون تمامًا، ثم يكون التساؤل:

أنه إذا ما اقترف أحد هؤلاء الثلاثة جريمة قتل، مثلًا، فهل يمكن إعدام أي من الآخرَين بدلًا منه؟

بالطبع: لا، ومن ثم يكون التساؤل التالي:

لماذا لا يُعدم أحد الثلاثة تواءم بدلًا من الآخر؟

فيكون الجواب: لأن كلًا من هؤلاء الثلاثة تواءم، شخص مختلف عن الآخر، وله شخصيته المستقلّة. وبالمثل، إذا ما طبقنا هذا النموذج الافتراضي في النصرانية، فإننا نجد:

أن النصرانية عندما تقول (الآب)، فإن الذهن البشري لدي معتنقيها (معتنقي النصرانية) يتصور صورة خاصة بـ(الآب) الذي تزعمه النصرانية، وتلك الصورة، هي: أنه ضخم جدًا، ولكنه أشبه بالرجل.

وأنها (النصرانية) عندما تقول (الابن)، فإن الذهن البشري لدى معتنقي النصرانية يتصور صورة (الابن) في شاب ذات مواصفات معينة، مثل أن يكون أزرق العينين، أشقر الشعر، ذا لحية، وهكذا.

أي أن الذهن البشري لدى معتنقي النصرانية لا يتصور (الابن) إلا في تلك الصورة، للشخص ذا المواصفات المعينة، التي قد أشرنا إلى بعض منها.

وأنها (النصرانية) عندما تقول (الروح القدس)، فإن العقل البشري لدى معتنقي النصرانية يتصور له (الروح القدس)، وأنه أشبه بالحمامة، أو أشبه بلهب النهار، كما توضح كتب النصرانية، حيث إن الصورة هنا ليست واضحة تمامًا.

ومن ثم، فإنه يتبيّن لنا:

أن النصرانية لديها ثلاث صور ذهنية مختلفة، لكل من (الآب) و(الابن) و(الروح القدس)، وعندما يُسال معتنقي النصرانية، كم صورة ترون لإلهكم؟

فإنهم يناقضون ذلك كله، ويقولون إنها صورة واحدة([9]).

والتساؤل المهم: على أي شيء يدل ذلك الذي أوضحناه؟

الجواب: لا شك، أن ذلك الاعتقاد الذي تزعمه النصرانية، ما هو افتراء وتوهّم، وأنه أكبر خُدعة للعقل، حيث لا يمكن للفطر النقية والنفوس الزكية والعقول الرشيدة أن تقبل أيًّا من تلك الادّعاءات والتوهّمات.

فلا يمكن لشخص سويّ، ليس بمتعصب، وغير متبع لهوى أن يقبل أيًّا من تلك الافتراءات على الله تعالى، والتي تزعمها النصرانية افتراءً وكذبا، وبهتانًا وزورًا.

ثامنًا: ومن التناقض الكبير الذي تقع فيه النصرانية:

أننا نجد أن النصرانية تدّعي ألوهية المسيح، كما أشرنا سابقًا، ونجدها تدّعي أن المسيح قد غفر للمرأة التي قُبض عليها بتهمة الزنا (وفقًا لما جاء في إنجيل يوحنا، إصحاص 8) حيث قال لها المسيح: «إذهبي ولا تخطئي أبدًا».

ولكن، إذا ما كان ذلك الادّعاء بألوهية المسيح (كما تزعم النصرانية) صحيحًا، نتساءل: فلماذا لم يتدخل المسيح، وهو الذي يمثل عنصر المحبّة لدى النصرانية، يوم أن ارتكب آدم وحواء ذنب أكلهما من الشجرة المنهي عنها، فيغفر لهما ولذريتهما من بعدهما، أو يقول لهما «اذهبا ولا تخطئا ثانية» قياسًا لما قاله للمرأة التي زنت وغفر لها، وذلك إذا ما كان إلها كما تدّعي النصرانية، أو أحد أجزاء ثلاثة للإله المزعوم؟!

وإذا لم يتدخل المسيح كي يُغفر لآدم وحواء ذنبيهما، أي عكس ما تزعم النصرانية فعله (المسيح) مع المرأة المشار إليها آنفًا، فعلى أي شيء يدل ذلك؟!

لا شك: أن ذلك يدل على التناقض الكبير الذي تقع فيه النصرانية، ويؤكده، مما يبرهن على بطلان معتقدها المخالف والمناقض لأدنى درجات المعقول.

لذلك، فإننا نجد أن النصرانية تتخبّط في ذلك المعتقد الذي تزعمه تخبطًا عظيمًا، ومما يشهد على ذلك واقعيًا:

أنه قد نُقِل أن ثلاثة أشخاص تنصّروا، وعلمهم بعض القسيسين عقيدة التثليث التي تؤمن بها النصرانية، وكانوا (هؤلاء الثلاثة) في خدمتهم، وجاء مُحبّ من أحباء القسيس، وسأله عمّن تنصّر (دخل في النصرانية)؟

فقال القسّ: ثلاثة أشخاص تنصروا.

فسأله ذلك المحبّ: هل تعلموا شيئًا؟

فقال القسّ: نعم، وطلب واحدًا منهم ليُرى مُحبّه؟

فسأل ذلك المحبّ أحد هؤلاء الثلاثة الذين تنصروا عن عقيدة التثليث؟

فقال أحد الثلاثة للقسّ: إنك علمتني أن الآلهة ثلاثة، أحدهم الذي في السماء، والثاني تولّد من بطن مريم، والثالث الذي نزل في صورة الحمام على الإله الثاني بعدما صار ابن ثلاثين سنة.

فغضب القسّ، وطرده، وقال هذا مجهول.

ثم طلب القسّ الثاني من هؤلاء الثلاثة الذين تنصروا، وسأله نفس السؤال عن عقيدة التثليث؟

فقال: إنك علمتني أن الآلهة كانوا ثلاثة، وصلب واحد منهم، والباقي إلهان.

فغضب القسّ عليه أيضًا، وطرده، ثم طلب الثالث من هؤلاء الذين تنصروا، وكان ذكيًا بالنسبة للأوّلَيْن، فسأله القسيس نفس السؤال عن عقيدة التثليث؟

فقال: يا مولاي لقد حفظت ما علمتني حفظًا جيدًا، وفهمت فهمًا كاملاً، وهو أن الواحد ثلاثة، والثلاثة واحد، وصُلب واحد منهم فمات، فمات الكلّ لأجل الاتحاد([10]).

ومن ثم، يتجلى لنا:

أن تلك العقيدة التي تدّعيها النصرانية، إنما هي عقيدة غير صافية، حيث يتخبط فيها الجهلاء، ويتحيّر فيها العلماء.

ولذلك: فإننا نجد أنه قد تقبَّل قسيسين بارزين لما يقوله الإسلام، فيما يتعلق بالمسيح. حيث قد رفض أكثر من نصف أساقفة إنجلترا الإنجليكانيين ألوهية المسيح، وقد نشرت صحيفة (الديللي نيوز) الصادرة بتاريخ 25/6/1984 ذلك، تحت عنوان: دراسة مصدمة حول آراء الأساقفة الإنجليكانيين([11]).

تاسعًا: ومن التناقض الكبير في عقيدة النصرانية:

أننا نجد أن لوقا (أحد مؤلفي أناجيل النصرانية)، والذي تدّعي النصرانية أنه كان مُلهمًا فيما يكتبه، ينسب إلى المسيح في إنجيله الذي ألفه، أنه (المسيح) كان ابن يوسف، وذلك يعني أحد أمرين:

أ- أن المسيح ليس إلها أو ابنًا للإله، حيث إن أبيه معروف لديه (لدى لوقا)، وهو يوسف النجار، وبذلك يكون ما سجله لوقا في إنجيله مخالفًا ومناقضًا للمسيحيين أنفسهم، من حيث تأليههم للمسيح.

ب- أن ذلك يعني: أن السيدة مريم إما:

- أنها قد تزوجت من يوسف النجار، وأنجبت المسيح، ومن ثم فإن ذلك يكون مخالفًا لما عليه المسيحيين بل والمسلمين أيضًا، حيث إن السيدة مريم لم تكن متزوجة.

- أو أنها (السيدة مريم) كانت غير متزوجة من يوسف النجار، وبذلك يكون إنجيل لوقا قد نسبها إلى الفحش والفجور، ومن ثم نَسْب ولدها إلى أنه وَلَد زنا، موافقًا بذلك ادّعاء اليهود،

ولا شك أن ذلك ادّعاء باطل، وكذب محض.

ولذلك: فإننا نجد من يضيف إلى الأناجيل، ويحذف منها، ويبّدل ويغيّر فيها، كيفما يمليه عليه عقله وهواه، كأن يتم إضافة عبارة (على ما كان يُظن) بين علامتي تنصيص، في محاولة للخروج من ذلك المأزق ذا الحرج الشديد الذي أوقعهم فيه لوقا (أحد مؤلفي أناجيل النصرانية) في إنجيله، حيث قد نسب المسيح إلى أنه كان ابن يوسف، موضحًا سلسلة طويلة لنَسبه.

ثم نجد المكر والخداع، والتحريف البيّن، بأن يتم حذف القوسين اللذين بداخلهما عبارة – على ما كان يُظن – لإدراجها داخل إنجيل لوقا كجزءٍ منه، غير مضاف إليه.

وذلك من أجل عدم كشف تلك الألعوبة من عوام معتنقي النصرانية، وأيضًا حتى لا يأخذ أهل الحق ذلك ذريعة للردّ عليهم.

ومما أشرنا إليه، يتضح عظيم التناقض بين اعتقاد النصرانية في ألوهية المسيح، وبين ما نسبه لوقا للمسيح، من أنه كان ابنا ليوسف النجار، موضحًا سلسلة طويلة لنَسبه، وذلك على الرغم من أن لوقا هو أحد مؤلفي الأناجيل التي يتضمنها الكتاب المقدس للنصرانية، والتي تزعم إلهامه.

عاشرًا: ومن التناقض الكبير الذي تقع فيه النصرانية:

أننا نجد أنه على الرغم من تأليه النصرانية للمسيح، إلا أن كتابها الذي تزعم قدسيته يناقض ذلك المعتقد، ونموذج ذلك:

أ- أنه جاء في (إنجيل يوحنا 5: 30): أن المسيح كان يقول: أنه لا يقدر على شيء من نفسه، أي أن المسيح كان عديم القدرة إلا أن يعينه الله تعالى، شأنه شأن أي مخلوق، مما يدل على بشريته وعدم ألوهيته.

ب- أنه جاء في (إنجيل مرقس 13: 32): أن المسيح كان لا يعلم موعد يوم القيامة.

أي أن المسيح كان عديم العلم بالغيب، إلا أن يُعلِمه الله تعالى شأنه شأن أي مخلوق، أو أي نبي مرسل، مما يدل على بشريته وعدم ألوهيته.

ج- أن المسيح كان يعطش ويجوع ..، إلى غير ذلك من مظاهر الإحتياج التي يحتاج إليها البشر، مما يدل على بشريته وعدم ألوهيته.

د- وفي إنجيل مرقس، أن رجلًا من اليهود قد أتى المسيح وسأله: ما الأمر الذي يعتبر أول الجميع؟

فقال له المسيح: الربّ الواحد، مما يدل على بشريته وعبوديته للربّ الواحد، ومن ثم عدم ألوهيته، ولو كان ما يُعلّمه المسيح لأتباعه هو عقيدة التثليث، لذكر معنى التثليث لسائله اليهودي.

وغير ما ذكرنا الكثير مما قد جاء في الكتاب المقدس للنصرانية، مؤكدًا على بشرية المسيح وعدم ألوهيته، ومن ثم مناقضة ومخالفة ما عليه النصرانية من تأليه للمسيح وعبادة له.

حادي عشر: ومن التناقض الكبير الذي تقع فيه النصرانية إضافة إلى تعدد أناجيلها مع تناقضها واختلافها، والتي قد تم اختيارها لموافقتها ادّعاءاتها:

أننا نجد أنه إذا ما تم اعتماد أيًّا من الأناجيل الأخرى كإنجيل بطرس، والذي يقول بعدم موت المسيح على الصليب لتَغَيَّر شكل المسيحية عن ما هي عليه الآن، لتناقض ما يقوله إنجيل بطرس مع ما تعتقده النصرانية اليوم.

وكإنجيل توماس، الذي يوضح أن اعتقاد النصرانية بصلب المسيح وموته وقيامته من الموت، لم يكن مقطوعًا به في القرن الثالث والرابع، مما يوضح أن فهم النصرانية التي عليه الآن، إنما هو فهم متطور، إذ لو كان ذلك الاعتقاد (الذي عليه النصرانية الآن من تأليه للمسيح، واعتقاد بصلبه وقتله ثم قيامته) هو ما جاء به المسيح، لما حدثت مثل تلك التناقضات والتضاربات في أصل ذلك المعتقد الذي تؤمن به النصرانية.

وفي فلسطين نجد آثارًا لأناجيل أخرى مكتشفة، تقول بأن المسيح قد وُلِد مجرّد إنسان، وهو ما يناقض ألوهية المسيح الذي تزعمه النصرانية، والذي قد تقرّر (ذلك المعتقد الذي عليه النصرانية الآن) في مؤتمر نيقية سنة 325 م بأمر من الامبراطور قسطنطين.

إلى غير ذلك من التناقضات والاختلافات التي تقع فيها النصرانية.

ونختم هذه الجزئية بتساؤل مهم، قد يَرِد في أذهان البعض، وهو:

لماذا لا يكون الإله بتلك الطبيعة التي تعتقدها النصرانية من أنه عبارة عن ثلاثة أقانيم، كالتالي: الإله الآب، والإله الابن، والروح القدس، الذي تزعم النصرانية أنه إله أيضًا، ولكنهم جميعًا إله واحد، وأن الإله الآب قد ضحّى بابنه الإله تكفيرًا لذنوب وخطايا البشر؟

لماذا لا يكون ذلك ممكنًا؟ وهل يُعجز الإله ذلك؟

بداية: نوضح، أننا قد أشرنا إلى إجابة ذلك التساؤل في كتاب: (الإله الخالق ما بين تعظيم المسلمين وافتراءات النصارى والكاذبين وإنكار الملحدين)، وبطرق مختلفة.

وللإجابة هنا في هذه المرة، يُفضل أن تكون الإجابة مختصرة، وأن تكون أيضًا عقلانية، (مثلما كانت الإجابات السابقة)، وهي إجابة جاري ميلر – (أحد المبشرين الكاثوليكيين سابقًا)، مع تصرف بسيط للتوضيح.

وهذه الإجابة هي على النحو الآتي: أن الناس يقعون في خطأ منطقي عندما يقولون أن الله يجوز في حقه أن يفعل أي شيء، فذلك غير صحيح، لماذا؟

لأن الله تعالى لا يجوز في حقه أن يفعل كل شيء، إلا إذا اعتقدنا أنه يقوم بأفعال غبيّة، فهل يفعل الله الحماقات؟! هل يفعل أفعال الضعفاء؟!

هل يفعل التفاهات التي لا يمكن أن يعقلها أو يتقبلها إنسان سوي العقل والفطرة؟!

فالإنسان قد فُطر على تعظيم إلهه وخالقه، وتنزيهه عن فعل أي من تلك الأشياء.

فالله تعالى يفعل الأفعال الإلهية، التي تليق بألوهيتة.

وإذا ما قال قائل أن المسيح إنسان وإله في نفس الوقت، يكون التساؤل الطبيعي له.

هل كان بالإمكان قتله (المسيح) أم لا؟ هل هو عرضة للموت أم أنه مُخلَّد؟

فالإنسان عُرضة للموت والقتل، وأمّا الله تعالى فإنه مُخلّد، لا يمكن موته أو قتله، ومن ثم فإنه لا يمكن الجمع بين الاثنين معًا.

وأيضًا، فإن الإنسان محدود، لا يعرف كل شيء، وأمّا الله سبحانه وتعالى فإنه يعلم كل شيء.

والمسيح الذي تدّعي النصرانية ألوهيته، كان يأكل ويشرب، ومن ثم فهو يقوم بوسيلة الإخراج، وكان قد اختتن في اليوم الثامن، ورضع من ثدي أمه .... إلى غير ذلك من الأفعال البشرية، وقد بُصق في وجهه، وأُهين وصُلب ثم قتل (حسبما تدّعي النصرانية)، وذلك كله مُحال أن تقبله الفطر السوية والنفوس الزكية والعقول الرشيدة في الإله الخالق سبحانه وتعالى.

لذلك: فإننا نستنتج مما أشرنا إليه برهانًا قاطعًا على التناقض العظيم في معتقد النصرانية، ومن ثم بطلانه.

تناقض عقيدة الخلاص،

وبطلان توارث الخطيئة في النصرانية

لقد أوضحنا في النقطة السابقة جزءً من التناقض العظيم الذي تنغمس فيه النصرانية، ومن ثم استنتاج البرهان القاطع على بطلان تلك العقيدة.

وبمشيئة الله تعالى سوف نوضح جزءً من التناقض في عقيدة الخلاص وتوارث الخطيئة، التي تؤمن بها النصرانية، ومن ثم البرهان على بطلان كليهما.

بداءة نوضح: أن عقيدة التثليث التي تؤمن بها النصرانية، من الاعتقاد بإله مُركّب من الآب والابن والروح القدس، كمرتكز لعقيدتها، قد ثبت في النقطة السابقة تناقضها وبطلانها، ومن ثم فإن ما تفرَّع منها، سواءً كانت عقيدة الخلاص أو توارث الخطيئة أو غيرهما، افتراءٌ باطلٌ وكذبٌ محضٌ، لأن ما بُني على باطل فهو أيضًا باطل.

ومثال ذلك: أنه إذا ما أردنا تشييد بناء من 10 طوابق مثلًا، بدون أساس سليم لذلك البناء، فهل يُعتدّ بذلك البناء، حتى وإن ارتفع إلى الـ 10 طوابق؟!

الإجابة القطعية: بالطبع لا، لأن ذلك البناء بدون الأساس السليم له لا يلبث إلا أن ينهار، أي أنه في ظاهره ما هو إلا صورة فقط، ولكنه خاوٍ، لا يمكن الانتفاع به لفساد أساسه، لذلك فإنه لا يمكن الانتفاع به.

وكذلك النصرانية، فإنها إذا ما ادّعت وجود إله آب، وإله ابن، وإله متمثل في الروح القدس، فإن ذلك ببساطة يقود إلى إثارة تساؤلات عجيبة توقعها (توقع النصرانية) في المآزق ذات الحرج الشديد، ومثال ذلك:

هل ما تعتقده النصرانية من زعم بأن الإله عبارة عن 3 أقانيم من إله آب وإله ابن وإله متمثل في الروح القدس، يعني أن السيدة مريم، والدة المسيح (الذي تزعم النصرانية ألوهيته، وأنه الإله الابن)، هي زوجة الله؟!

أم أن والدا المسيح لم يكونا متزوجين؟!

تعالى الله عز وجل عن مثل تلك الافتراءات علوًا كبيرًا

إلى غير ذلك من التساؤلات المنكرة التي تفرض نفسها عند سماع مثل تلك الادّعاءات والافتراءات التي تزعمها النصرانية، لأنه كما أشرنا بإيجاز، فإن الباطل مُؤدّاه إلى باطلٍ مثله، وإلى مثيل تلك التساؤلات التي قد أشرنا إلى إحداها في هذه النقطة.

وإذا ما أردنا أن نوضح تناقض عقيدة الخلاص، والتي تتمثل في صلب المسيح وموته تكفيرًا لذنوب البشر، فإننا نثير تساؤلاً بسيطًا، وهو:

لماذا كان من الضروري أن يصنع الله بشرًا ثم يُصلب ويموت تكفيرًا لذنوب البشر؟!

ألم يكن الله قادرًا على أن يُكفّر ذنوب البشر دون الحاجة إلى مثل تلك الأوهام والظنون، التي لا تغني من الحق شيئًا؟!

لا سيما وأن الله تعالى هو الذي أعلمنا بأنه هو من يغفر الذنوب ويتوب على العباد إذا ما رجعوا وأنابوا إليه واستغفروه.

لا شك، وأن عقيدة الخلاص التي تؤمن بها النصرانية عقيدة غير مُستساغة فطريًا وعقليًا، بل إنها تفتح الأبواب على مصراعيها لكثير من التساؤلات التي لا إجابة لها، إثر الاختلافات والتناقضات الواقعة فيها، مما يؤكد على: أن مثل تلك العقيدة إنما هي اتباع للأوهام والظنون، وفقًا لما قد أملته الأهواء والشهوات.

ومن العجيب أننا نجد أن المسيح نفسه في الكتاب المقدس للنصرانية، يعلّمهم كيف يُصلّون لله ويعلمهم كيفية الدعاء، حيث قال لهم: «صلوا كذلك، صلوا لله وقولوا: واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن للمذنبين إلينا» (انجيل متى 6: 14).

والتساؤل المهم: أنه إذا ما علّمهم المسيح ذلك من أجل أن يغفر الله خطاياهم ويكفّر عنهم ذنوبهم، فكيف يكون مات تكفيرًا لخطاياهم؟!!

وماذا عن كبائر الذنوب والمعاصي والحرمات التي قد ارتكبتها البشرية من بعده (من بعد صلبه وقتله، كما تدّعي النصرانية)؟!!

فهل تحتاج إلى أن يصلب المسيح وأن يُقتل مرة أخرى، تبعًا لاعتقاد النصرانية بصلبه وقتله تكفيرًا لذنوب آدم وذريته من بعده؟!!

أو أننا نحتاج إلى مسيح آخر ينسب إليه الألوهية، ليؤدي نفس الدور، ونفس العصمة التي قد قام بها المسيح في النصرانية، من أن يُضحي بنفسه ليُصلب ويُقتل تكفيرًا لذنوب آدم وذريته من بعده، في قصة أخرى موهومة لذلك الفداء المزعوم.

فالباطل لا يأتي إلا بباطل مثله، فلو كان ما تدّعيه النصرانية حقًا، لكان احتياج البشرية إلى أن يكون لله المئات، بل الألوف والملايين من الأبناء والأولاد، للتضحية بهم، من أجل تكفير الذنوب والخطايا، لا سيما في هذا الزمان الذي قد انتشرت فيه الرذائل والفواحش والمنكرات جهرًا وعلانية بلا أدنى حياء، بل إن أهل تلك الرذائل والفواحش والمنكرات يدافعون عنها ويروّجون لها، ويدعون إليها تحت العديد من المسميّات الباطلة، والشعارات الزائفة، كالحرية وغيرها.

فتعالى الله عز وجل عن كل تلك الافتراءات التي تدّعيها النصرانية علوًا كبيرا.

لذلك، فإن عقيدة الخلاص التي تدّعيها النصرانية وتؤمن بها، إنما هي عقيدة لا أساس لها من الصحة.

وأيضًا، لتوضيح بطلان عقيدة الخلاص وفكرة توارث الخطيئة، بجلاء، نثير تساؤلاً بسيطًا واضحًا، وهو من أين عرفت النصرانية أن الإنسان يجب عليه أن يدفع ثمنًا لخطاياه وآثامه؟!([12]).

فنجد أن النصرانية تلجـأ إلى إجابة ما، لا أدنى مصداقية لها، فليست إلا مجرّد تفسير تتوهمه، كأن تقول أن الله قدوس والإنسان خاطئ، والله لا يمكنه التعامل مع الإنسان مباشرة.

ولا شك أن ذلك الكلام ليس بإجابة على الإطلاق.

وإذا ما أثرنا تساؤلًا آخرًا لتوضيح بطلان مثل تلك الإجابة السابقة، وبيان عدم مصداقيتها، كأن نتساءل:

من أين الجزم بصحة ما تزعمه النصرانية، حيث لا دليل عليه؟

فإننا لا نجد إجابة، حيث إن المسيح لم يقل في كتاب النصرانية بتضحيته بنفسه من أجل تكفير الذنوب والخطايا لبني البشر، ولم يُعلّمه، ولم يدع أحدًا إلى ذلك القول.

ولكن غير المسيح ممن أسس المسيحية على مثل تلك الأوهام مثل (بولس) هو من قام بالتصريح بمثل ذلك([13])، فكلام المسيح نفسه في كتاب النصرانية لا يتجاوز الـ 10% منه، والتي على الرغم من ذلك تزعم أنه كلام الله.

ونختم هذه النقطة بثلاثة تعليقات لتوضيح التناقض الجليّ بين ما تدعو إليه النصرانية من إدّعاء بفكرة توارث الخطيئة وبين ما ينص عليه كتابها الذي بين يديها، من الرفض لتلك الفكرة المدّعاة، وهي:

أ- أننا نجد أن في (سفر التثنية 24: 16): «لا تقتل الآباء عن الأولاد، ولا يقتل الأولاد، عن الآباء، كل إنسان بخطيئته يُقتل».

وفي (حزقيال 8: 20): «النفس التي تخطئ هي تموت، والابن لا يحمل من اثم الأب، والأب لا يحمل من إثم الابن، برّ البار عليه يكون، وشر الشرير عليه يكون».

ومما أشرنا يتضح: أن فكرة توارث الخطيئة إنما هي مرفوضة بما ينص عليه الكتاب المقدس للنصرانية نفسه، ومع ذلك، فإننا نجد أن النصرانية تؤمن بتلك الفكرة الموهومة كعقيدة لها في قصة الفداء المُفتراة، حيث نجدها تقول: «بالخطيئة حملت بنا أمهاتنا»؟!!

وما ذلك الاختلاف والتناقض إلا لما حدث من التحريف والتضييع في الكتاب المقدس للنصرانية، ومن ثم الخلل في معتقدها، وصدق الله تعالى إذ يقول:

âوَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًاá [سورة النساء: 82].

ب- ونجد أيضًا، في قضية الفداء المزعوم، التي تزعم أن الإله الابن قدّم نفسه للإهانة والصلب والقتل على أيدي اليهود، من أجل التكفير عن ذنب آدم، حيث أكله من الشجرة المنهي عنها، وتكفير ذنب ذريته من بعده لتوارثهم خطيئته، أنها مغلوطة.

حيث إن طبيعة الابن المزعوم (الذي تدّعي النصرانية أنه ابن الله) إما قابلة للموت أو غير قابلة للموت.

فإذا كانت طبيعته قابلة للموت، إذن فهو ليس بإله، ومن ثم لا تصح الدعوى بأنه إلهًا وفاديًا في نفس الوقت.

وإن كانت طبيعة الابن المزعوم غير قابلة للموت لكونه إلهًا، فلم يقع عليه الموت، ومن ثم لم يكن هناك فداء أو أي من تلك الأوهام.

ج- ونجد أيضًا: أن النصرانية قد جعلت الإله الآب الذي تزعمه إلهًا متشددًا وقاسيًا، لا يصفح ولا يعفو، كما في خطيئة آدم، وعاجزًا عن حلّ مشكلته.

ومن جهة أخرى، فقد جعلت النصرانية الإله الابن الذي تدّعيه مُحبًّا للبشر، وفاديًا لهم، يجود بذاته من أجلهم، على الرغم من أنها (النصرانية) تزعم أنه في الأصل منبثق من الآب.

تعالى الله عز وجل عن مثل ذلك الذي تدّعيه النصرانية علوًا كبيرا.

فلقد اشتمل معتقد النصرانية على التناقض في فكرة الألوهية نفسها.

فبينما يوصف الإله بأنه هو الخالق، نجد أنها تنسب إليه الولد.

وهل يكون الولد إذن إلا مخلوقًا، منتفيًا عنه صفة الألوهية!!، مجاراة لزعم النصرانية وادّعاءها، حيث إن الله سبحانه وتعالى أجلّ من أن يتخذ ولدًا.

وبينما يُقال: إن الإله واحد، نجد أن النصرانية تقول: إنه مكون من ثلاثة أقانيم، الآب والابن والروح القدس، ولا شك أن في ذلك مُناكرة للضروريات، حيث أثبتوا آلهة ثلاثة، ثم جعلوا الآلهة الثلاثة إلهًا واحدًا، ومن جعل الثلاثة واحدًا، والواحد ثلاثة، فقد خرج عن حد المعقول وباهت ضرورياته.

لذلك: فإنه مما سبق نستنتج البرهان القاطع ببطلان فكرة توارث الخطيئة، ومن ثم بطلان عقيدة الخلاص التي تدّعيها النصرانية.

هدانا الله جميعًا للحق وأرشدنا إليه، آمين.

عقيدة النصرانية في أنبياء الله ورسله

إضافة إلى ما قد أشرنا إليه في النقطة السابقة، فإننا نوضح: أن النصرانية قد جمعت بين كل من تلك الافتراءات التي قد نسبتها اليهودية إلى الأنبياء والرسل من جرائم منكرة، وارتكاب لأحطّ أنواع الفواحش والرذائل، على الرغم من الاعتقاد بنبواتهم ورسالاتهم، والتي قد أشرنا إلى جزء منها من قبل، وذلك لتضمّن الكتاب المقدس للنصرانية لكتاب اليهودية تحت مسمى العهد القديم، وبين ما أضافته هي من افتراءات واتهامات، لا سيما ما قامت بنسبه للمسيح من أنه قد ادّعى الألوهية، ولا شك أن ذلك محض افتراء، وليس له أدنى أساس من الصحة والمصداقية.

وبمشيئة الله تعالى سوف نوضح في هذه النقطة مزيدًا مما قد نسبته النصرانية إلى أنبياء الله ورسله من افتراءات لا يمكن لفطرة نقية استساغتها، ولا يمكن لعقل رشيد أن يتقبلها.

ومن تلك الافتراءات التي قد نسبتها النصرانية إلى أنبياء الله تعالى:

- وصف الأنبياء بالدموية والوحشية، لا سيما عند فتوحاتهم.

ومما ورد في الكتاب المقدس للنصرانية تأكيدًا لذلك، الآتي:

حيث نجد أن الكتاب المقدس للنصرانية قام بوصف الأنبياء بأنهم: «قد استولوا على مدينة أريحا وأبادوا سكانها عن آخرهم، الرجال والنساء، والأطفال والشيوخ، والبقر والغنم، والحمير بحد السيف، وأحرقوا ثم أحرقوا المدينة بكل ما فيها» كما في يشوع (6: 20، 21، 24).

إلى غير ذلك من مثيل ما أشرنا إليه.

ولقد نسبت النصرانية إلى نبي الله داود، ارتكابه للزنا مع وصفٍ لأحداث تلك الفاحشة المنكرة جزءً بجزء([14])، ونظرًا لما نجده من التعفّف عن ذكر مثل تلك الألفاظ الخارجة المتدنيّة، التي ينصّ عليها كتاب النصرانية، فإننا نشير إلى موضع ذلك من الكتاب المقدس للنصرانية، وهو في (سفر صموئيل الثاني 11: 4 – 5).

ولقد نسبت النصرانية إلى نبي الله داود أيضًا، أنه قد تسبّب بأساليب ماكرة شريرة في قتل أحد الأشخاص من أجل ممارسة الزنا مع زوجته([15])، كما في (سفر صموئيل الثاني 11 : 6 – 25).

ولقد نسبت النصرانية إلى نبي الله داود أيضًا، أنه كان يرقص عاريًا، مع تصويرٍ لذلك المشهد الملفق زورًا دون أدنى خجل أو حياء([16]).

ولقد نسبت النصرانية إلى نبي الله سليمان أنه هو من قال ما يسمونه بنشيد الإنشاد، الذي يتضمنه الكتاب المقدس للنصرانية، والذي يقوم بوصف فاضح لمفاتن المرأة وأدقّها، وبألفاظ تخجل الآذان عن سماعها، وتستعفّ الألسن عن النطق بها، والأقلام عن كتابه حروفها.

ولقد نسبت النصرانية إلى نبي الله سليمان أيضًا، أنه قد عبد آلهة أخرى في آخر حياته، كما في (سفر الملوك الأول).

إلى غير ذلك مما قد نسبته النصرانية إلى أنبياء الله ورسله، من افتراءات وأكاذيب، من مثيل ما أشرنا إليه.

فتعالى الله عز وجلّ عن سوء الاختيار لأنبياءه ورسله ليكونوا بمثابة مصابيح هدىً في ذلك الظلام الدامس الذي تحياه البشرية، بعد خروجها عن تعاليم وأوامر ربها سبحانه وتعالى.

السيدة مريم في النصرانية

لقد ادّعت النصرانية أن السيدة مريم هي والدة الإله، وذلك لأن النصرانية قد نسبت الألوهية إلى المسيح بن مريم، وقالت بأنه ابن الإله.

ومن ثم، فإن السيدة مريم تكون قد أنجبت أحد أقانيم الإله الثلاثة التي تزعمها النصرانية، وهو المسيح الذي يُعرف بالإله الابن عند المسيحيين.

وقد أوضحنا بطلان ذلك المعتقد الذي تزعمه النصرانية، في نقاط سابقة.

مم يتكون الكتاب المقدس للنصرانية؟

بداءة نوضح: أن الكتاب المقدس للنصرانية يتكون مما يسمى بالعهد القديم، ومما يُسمّى بالعهد الجديد.

وما يُسمى بالعهد القديم هو بإيجاز ما كان قبل مجيء المسيح ابتداءً من التوراة التي بين أيدي اليهودية اليوم، وتنسبها إلى نبي الله موسى.

وما يسمى بالعهد الجديد يتكون من: الأربعة أناجيل (متى ولوقا ومرقس ويوحنا)، بالإضافة إلى رسائل بولس وبطرس وجيمس وكتاب الرؤيا.

وبعدما أشرنا إلى ما يتكون منه الكتاب المقدس للنصرانية بصفة عامة، نوضح:

أن الكتاب المقدس للنصرانية يختلف باختلاف الفرق والطوائف المسيحية، ومثال ذلك: أننا نجد أن طائفة الكاثوليك لهم نسخة خاصة بهم، والتي قد أعيد طباعتها في دووي عام 1609م، وتتضمن تلك النسخة من الكتاب المقدس للنصرانية لطائفة الكاثوليك 73 كتابًا (سفرًا).

بينما نجد أن طائفة البروتستانت لهم أيضًا نسخة خاصة بهم، وهي نسخة الملك جيمس، والتي قد طبعت في عام 1611م.

ونجد أن تلك النسخة من الكتاب المقدس للنصرانية لطائفة البروتستانت تتضمن 66 كتابًا (سفرًا) أي أن طائفة البروتستانت قد قامت بحذف 7 أسفار من نسخة الكتاب المقدس للنصرانية لطائفة الكاثوليك باعتبارها مُلفّقة.

بينما نجد أن طائفة الأرثوذوكس لهم أيضًا نسخة خاصة بهم، ولكن تلك الطائفة قد قامت بإضافة أسفارًا غير موجودة بأي من تلك النسخة التي بأيدي طائفة الكاثوليك أو البروتوستانت، بحيث تصير النسخة الخاصة بها (بطائفة الأرثوذوكس) من الكتاب المقدس للنصرانية متضمنة (81 سفرًا).

ومما سبق يتضح لنا عدم اجتماع النصرانية على كتاب واحد لمختلف طوائفها، حيث نجد أن كل طائفة من طوائف النصرانية لها نسخة خاصة بها، بحيث تحذف منها أو تضيف إليها كما تشاء ووفقًا لما يتراءى لها.

ومن ثم يتبين لنا الانقسام الذي تضجّ به النصرانية، بين طوائفها الكثيرة المختلفة، نتيجة أن إيمان طائفة ما بنسخة ما يُقابله اعتقاد طوائف أخرى بتحريف تلك النسخة وهكذا.

ومن ثم تقع الاختلافات والتناقضات، والحروب والتناحرات بين تلك الطوائف والفرق المسيحية المختلفة، نظرًا لتكفير كل منها للأخرى.

والحروب الدامية بين الطوائف المسيحية، والتي قد سجلها التاريخ شاهد على ما ذكرنا.

إلى أي شيء يدعو الكتاب المقدس للنصرانية؟

إن المتصفح للكتاب المقدس للنصرانية سوف يُصاب بدهشة أشبه ما تكون بصدمة عارمة، إثر ما يجده من فساد معتقد ونكارة دعوة، وبذئ قول، وفحش قصص، ....، ثم نسب ذلك كله إلى الله تعالى، وإلحاقه به جل وعلا، وسوف يجد كل إنسان عفيف فاضل، صاحب فطرة نقيَّة ونفس زكيّة وعقل سويّ إنكار قلبه لكل ما قرأ، لا سيما إذا ما كان يُنسب إلى إلهه وخالقه جلّ شأنه.

وبمشيئة الله تعالى سوف نتعرض لقليل من تلك المفاسد التي يدعوا إليها الكتاب المقدس للنصرانية.

لتبيان الحقّ، وإيضاحه لكل باحث بصدق عنه، ومُبتغٍ له، مع التنويه إلى:

أن كل ما ذكرناه مما يدعوا إليه كتاب اليهودية هو أيضًا مما يدعوا إليه الكتاب المقدس للنصرانية لاحتواءه له وتضمّنه إياه، تحت مُسمّى العهد القديم، وإذا لم يَعُد ذكره والإشارة إليه في هذه النقطة إنما يكون من سبيل عدم التكرار.

وليكن أول ما نبدأ به مما يدعوا إليه الكتاب المقدس للنصرانية:

1- تأليه البشر، حيث تزعم النصرانية التقاء الطبيعة الإلهية مع الطبيعة البشرية.

ولقد أشرنا في نقطة سابقة بالأدلة الدامغة إلى بطلان مثل ذلك المعتقد وغيره، ولكن نُضيف في هذه النقطة ما يزيد ما قد أوضحناه في السابق بيانًا وتأكيدًا، وذلك على النحو الآتي:

إن الإنسان إذا لم يُحسن استغلاله لعقله بأنه يتجه الاتجاه الأمثل وينتهج المنهج القويم في التفكير والاعتقاد، فإنه ينجرف تجاه أفكار خاطئة، ومعتقدات أخرى لا ترقى بأن يقبلها العقل السليم السوي، كأفكار الإغريق والرومان، وعُباد الأوثان، وأصحاب الاعتقاد بتعدد الآلهة، .. .إلى غير ذلك.

فإذا ما نسب الإنسان إلى الله تعالى الولد كأحد أقانيمه، كما تزعم النصرانية، فإنه بذلك يكون قد انتقص إلهه وخالقه.

فالله سبحانه وتعالى هو الإله الخالق، الذي لم يَلِد أحدًا، ولم يُولد من أحد، أوجدنا من العدم سبحانه وتعالى.

وإذا ما أردنا أن ننسب إليه سبحانه وتعالى واحدة من الصفتين الآتيتين:

أ- أنه سبحانه وتعالى يصيب دائمًا، أو ب- أنه سبحانه يصيب ويخطئ، فأي من الصفتين نختار ونقبل؟

بالتأكيد: نختار ما يليق بعظمته، وهو ما فُطِر العقل السويّ والنفس الزكية عليه، وهو أنه سبحانه يصيب دائمًا، بل إنه جلّ وعلا لا يقوم إلا بالأصوب والأصلح.

إذن فلن ننسب إليه سبحانه وتعالى الخطأ، أو أيّ صفة تقوم مقام تلك الصفة الذميمة أو غيرها مما شابهها، كالندم أو البكاء، أو ما شابههما، فلا يجوز لنا ذلك.

ونوضح أن مثل هاتين الصفتين المشار إليها (الندم والبكاء)، لا يجوز نسبهما إلى الله عز وجل، وذلك على النحو الآتي:

فالبكاء يكون إما فرحًا أو ندمًا أو أسفًا وحزنًا.

وبما أن الله تعالى خلق الجنّة والنار، وجعل لكل منهما نوعًا من خلقه، بأن جعل الجنّة دارًا لعباده المؤمنين الطائعين، وأن جعل النار مثوى الكافرين والعاصين، إذن فهو سبحانه وتعالى يفرح فرحًا يليق بجلالته وعظمته، وذلك بعباده المؤمنين الطائعين، وأيضًا فإنه سبحانه وتعالى يغضب غضبًا يليق بجلالته وعظمته على من كفر به وعصاه، مع التنويه إلى:

أنه لا يجوز لنا أن ننسب إلى الله سبحانه وتعالى من الصفات إلا ما أقرّته الشريعة الإسلامية، بعيدًا عما تمليه علينا أهواءنا وعقولنا المتباينة المختلفة.

وإذا ما كان علينا أن ننسب إلى الله سبحانه وتعالى، الإله الخالق، إحدى الصفتين الآتيتين:

أ- القوة والعظمة مع الرأفة والرحمة أو ب- الضعف والهوان أو ما شابه ذلك مع أيضًا الرأفة والرحمة، فإنه لا يجوز لنا أن ننسب إليه سبحانه وتعالى إلى ما يليق بجلالته وعظمته، ولا يكون ذلك إلا باختيار الصفة أ- القوة والعظمة مع الرأفة والرحمة، وهذا هو ما يتوافق مع الفطرة النقية والعقل السليم.

وإذا ما عدنا إلى صفات الأسف والحزن والبكاء التي تنسبها كلا من اليهودية والنصرانية إلى الله تعالى، فإننا نجد فيها (تلك الصفات) الإيحاء بالضعف والهوان، والانتقاص من صفتي القوة والعظمة اللائقتين بذات الله تعالى، الإله الخالق.

وقياسًا على ذلك: فإنه مع رحمة الله تعالى، الإله الخالق بعباده، إلا أنه يجب أن يكون قويًا عزيزًا غالبًا على أمره، وألا تكون هذه الرحمة مصحوبة بذُلّ أو انكسار.

ولذا: فإن الله عز وجل لا يليق بذاته العليّة أن يفعل ما فيه ذُلّ وانكسار وهوان أو ما شابه ذلك في أي حال من الأحوال.

فلا يمكن لعقل سويّ أن يتصوّر أنه إذا ما أراد الله عز وجلّ أن يرحم عبده آدم ويغفر له، أن عليه (جل وعلا) أن ينشئ من ذاته إلهًا آخرًا ذات طبيعة بشرية ليُهان ويُصلب، ويُسبّ ويُقتل، تكفيرًا لخطايا أحد عبيده ومخلوقاته آدم، لا سيما أنه عز وجل وحده الذي يملك الصفح والغفران، فلا يمكن للفطر النقيّة والنفوس الزكيّة أن تقبل أيًّا من ذلك الهراء.

وإذا ما نظرنا إلى المأكل والمشرب والملبس .. إلى غير ذلك مما يحتاج إليه الإنسان كأحد ضروريات حياته المخلوقة وأحد مقوماتها (كغيره من كثير من المخلوقات)، فإن مثل تلك الضروريات لا يمكن أن تنطبق على الله جل وعلا، وهو الإله الخالق، ولا يجوز لنا أن ننسبها إليه سبحانه وتعالى، لأنه عز وجل هو من خلق مثل تلك الأشياء، بما فيها الإنسان نفسه.

فالله تعالى خلق الإنسان وجعل له حيّزًا يشغله ومكانًا يحتاج إليه، وخلق له زمانًا ينتهي فيه أجله، حيث خلق سبحانه وتعالى الأرض ليعيش الإنسان عليها مع غيره من كثير من المخلوقات، وخلق له زمانًا ينتهي فيه عمره من خلال دوران الأرض حول محورها ودورانها حول الشمس، فيتعاقب الليل والنهار، وينشأ اليوم إثر اليوم، فالإسبوع، فالشهر، فالسنة.

فالله سبحانه وتعالى هو خالق المكان والزمان، ولذا:

فإنه سبحانه وتعالى لا يحيط به مكان أو زمان، فهو جل وعلا الأول قبل كل شيء، والآخر بعد فناء كل شيء.

وكذلك الحال: فإنه كما أوضحنا، فإن المأكل والمشرب والملبس .. وغير ذلك من ضروريات الحياة المخلوقة للإنسان المخلوق، حيث إن (الإنسان) إذا لم يأكل ولم يشرب ولم يلبس ... فإن يضعف ويمرض وينتهي ويموت، لأنه مخلوق، ولكن الله تعالى هو الإله الخالق، الحيّ الذي لا يموت، الذي ليس كمثله شيء، الذي لا يمكن أن يحتاج إلى مثل تلك الأشياء التي تحتاجها مخلوقاته.

وأيضًا، فإن الإنسان إذا ما أكل وشرب، فإنه لابد له من عملية إخراج لفضلات ذلك الطعام والشراب، ومعلوم نجاسة وقذارة مثل تلك الفضلات، فالإنسان إذا لم يقم بعملية الإخراج فإن السموم تنتشر في جسده، فيمرض ومن ثم ينتهي ويموت.

ولكن الله تعالى، هو الإله الخالق، الحيّ الذي لا يموت، ولذلك فهو سبحانه وتعالى المُنزّه عن مثل تلك الأشياء التي يحتاج إليها الإنسان، وعن مثل ذلك الخبث الناتج جرّاء فضلات ما قد احتاج إليه من طعام وشراب.

وأيضًا، فإن الإنسان قد جُبل على حاجته لإشباع غريزته الجنسية، والتي تتساوى معه في ذلك كثير من المخلوقات، بما فيها الحيوانات وغيرها، ومن ثم فإن الإنسان يحتاج إلى الزوجة لإشباع غريزته الفطرية من خلالها، ومن ثم فإنه ينتج عن ذلك وجود النسل والذريّة، حيث احتياجه (الإنسان) إليهما كونس، وسند له في حياته وعند كِبَره وقرب انتهاء أجله، وأيضًا لتوريث ماله وممتلكاته، فذريته هي من ترث ذلك بعد موته، فالإنسان كونه مخلوق، فلابد له من الفناء والموت.

ولكن الله تعالى هو الإله الخالق، الحي الذي لا يموت، المُنزّه عن صفات المخلوقين (بما فيها الإنسان)، وعن كل ما يحتاجون إليه من احتياجات ضروريات ومقومات في حياتهم المحدثة المنشئة لهم.

فالله سبحانه وتعالى هو الخالق من عدم، فلا يحتاج إلى من يؤنسه أو يعينه أو يسانده، وهو جل وعلا الحيّ الذي لا يموت، فلا يضيع أو يفنى ملكه.

وما أشرنا إليه هو ما تقبله الفطر السويّة والنفوس الزكيّة والعقول الرشيدة، التي فُظِرت من الإله الخالق سبحانه وتعالى على تعظيمه وتمجيده، وتنزيهه عن كل ما ينسب إليه من صفات النقص والعيب والذمّ.

ومن ثم فإنه يتبيّن لنا فساد ذلك المعتقد القائم على تأليه البشر (كالمسيح وغيره) الذين قد أوضحنا جانبًا من ضعفهم وحاجتهم، وغير ذلك مما لا يليق بالذات الإلهيه، بزعم التقاء الطبيعة الإلهية مع الطبيعة البشرية.

تعالى الله عز وجل عن مثل ما تزعمه النصرانية وغيرها علوًا كبيرًا

2- الدعوى بالبنوة الإلهية، ومن ثم الدعوة إلى العنصرية.

لقد أشرنا في نقاط سابقة إلى موجز من عقيدة النصرانية في الإله الذي تعبده، وإلى ما قامت به من تأليه للمسيح، وادّعاءها بأنه (المسيح) هو ابن الله المولود، كما نصّ على ذلك كتابها.

وقد أوضحنا بطلان ذلك المعتقد من وجوه كثيرة، حيث إن لفظ (ابن الله المولود) مرفوض تمامًا، لأن الولادة من الأفعال الحيوانية التي تخصّ وظائف الغريزة الدنيا للحيوان، فكيف نعزوا إلى الله تعالى مثل تلك الصفة الوضيعة([17])؛ إلى غير ذلك مما قد أشرنا إليه في السابق.

ومن ثم، فإنه يتبيَّن لنا أن الدعوى بالبنوة الإلهية، إنما هي دعوى باطلة مُختلقة، لا أساس لها من الصحة.

ومن آثار ذلك المعتقد الفاسد، ما قد ترتّب عليه من دعوة إلى العنصرية حتى بين صفوف المسيحية نفسها فقد كان لكلمة (البنوة الإلهية) أثرًا في عقول المسيحيين البيض تجاه غيرهم من السود وغير الأوروبيين، وما قد عاناه السود وغيرهم من غير الأوروبيين في أوروبا وغيرها شاهد ذلك.

فالمسيحييون البيض يمتلكهم شعور بالاستعلاء على غيرهم من المسيحيين السود وغير الأوروبيين، رغم انتماءهم إلى نفس الكنيسة ونفس الطائفة، كيف ذلك؟

وسبب ذلك: أن المسيحيين يزعمون أن ابن إلههم (مُخلصهم ومنقذهم) له مواصفات الأوروبي، الأشقر الشعر، والأزرق العينين، صاحب البشرة البيضاء غير السوداء، ومن ثم فإن أجناس الأرض ذات البشرة السمراء أو الغير أوروبيين، والذين يعتقدون ألوهية المسيح وكذلك عقيدة التثليث لديهم شعور بالحقارة والدونيّة، حيث يكون ذلك متأصلًا في نفوسهم([18]).

ولذا، فإننا نجد التفرقة العنصرية في الكنائس المسيحية نفسها، ومثال ذلك:

أنه لم يكن يصلي السود والبيض والهنود والملونين مع بعضهم البعض، وذلك في أغلب الكنائس الهولندية البروتستانتية في جنوب إفريقيا([19]).

مما سبق يتبيّن بطلان تلك الدعوى بالبنوة الإلهية التي تدّعيها النصرانية، والتي كان مؤدّاها مزيدًا من تلك العنصرية البغيضة المقيتة.

3- ذم الإله والانتقاص منه:

حيث إن الكتاب المقدس للنصرانية يتضمن ما قد نسبته اليهودية للإله الخالق من صفات غير لائقة بذاته العليّة من ذمّ ونقص وعيب، تحت ما يُسمّى بالعهد القديم، وذلك إضافة إلى ما قد نسبته (النصرانية) هي أيضًا إلى الإله الخالق من مثيل تلك الصفات التي نسبتها اليهودية إليه، ومثال ذلك:

ما جاء في كتابها (كتاب النصرانية) من أن الله أمر حزقيال أن يأكل الغائط وأن يطعمه بني إسرائيل، كما في (حزقيال إصحاح 4، عدد 12).

وأيضًا من أن الله أمر بني إسرائيل بالسرقة، كما في (سفر الخروج إصحاح 3، عدد 21).

وأيضًا ما نصّ عليه الكتاب المقدس للنصرانية على النحو الآتي:

«وكان الرب مع يهوذا ولم يطرد سكان الوادي لأن لهم مركبات من حديد» (سفر القضاة، إصحاح 1 ، عدد 12).

فهل ما أشرنا إليه وما على وتيرته من صفات أخرى لم نذكرها، إلا ذمّ للإله وانتقاص منه؟!

فالكتاب المقدس للنصرانية مليء بالكثير والكثير من مثل ما ذكرنا، من صفات بذيئة ذميمة، لا يمكن أن يقبلها ذوو فطر سوية ونفوس زكيّة وعقول رشيدة، في ذات الله سبحانه وتعالى وأفعاله وأوامره.

4- الدعوة إلى شرب الخمور والمسكرات

إنه لا يخفى على عاقل واع غير فاقد أو مُضيّع لعقله في أي من تلك الخمور النجسة القذرة، والمسكرات العفنة، كالكحوليّات وغيرها، أن الإنسان إذا غاب عقله فإن ذلك مؤدّاه إلى التصّرف الهمجي الأشدّ سوءً من الكثير من الحيوانات والبهائم.

وأن الإنسان إذا غاب عقله فإن ذلك مؤدّاه إلى عظيم المفاسد، من قتل وسرقة، وزنًا واغتصاب، ... إلى غير ذلك من كبائر المعاصي والذنوب، ناهيك عن ما هو أعظم من ذلك، وهو قطع الاتصال الروحي بالله تعالى، والذي يتم من خلال عبادته، والتمسك بشريعته، والتزام أوامره واجتناب نواهيه.

بل إن الإنسان الفاقد لعقله قد يَسبّ الله تعالى ويتطاول عليه، وكذلك على أنبياءه ورسله والكتب السماوية المنزلّة عليهم، وقد يصل الأمر به إلى إهانتها بصور شتى... إلى غير ذلك من مُفجعات الأمور، نظرًا لغياب عقله وفقدانه له.

إضافة إلى الأضرار الجسيمة والأمراض الخبيثة النفسية والبدنية التي يُصاب بها شاربي الخمور والمسكرات.

ومع كل ما أشرنا إليه، إلا أننا نجد أن النصرانية تسمح بالخمور والمسكرات، بل إنها تدعوا إليها دون أدنى خجل من ذلك، مع الزعم كذبًا أن ذلك من شرع الله، تعالى الله عز وجل عن أي يكون شرعه كذلك علوًا كبيرًا.

فقديس النصرانية بولس، والذي تزعم (النصرانية) نبوته، ينصح بتناول مثل تلك الخمور والمسكرات، أي أنه لم يسمح بها فحسب، بل إنه ينصح بها، وكأنها (الخمور والمسكرات) شيء ثمين يُنصح به، حيث ينصح مولى تيموثاوس (معتنق الدين الجديد) قائلاً:

«اشرب فقط الماء لكن استعمل قليلاً من النبيذ (الذي هو أصل الخمور والمسكرات) لمعدتك ولأمراضك» (الكتاب المقدس، التيموثية 5 : 23).

والتساؤل المهم هو: هل تحتاج المعدة إلى مثل تلك الخمور والمسكرات؟!

وهل مثل تلك الخمور والمسكرات هي سبب في الشفاء من الأمراض؟!

الجواب: بالطبع، لا

فلقد اكتشف العلم الحديث أن المسكرات والخمور والكحوليات تسبب الكثير والكثير من الأمراض الخطيرة.

وإضافة إلى ما قاله قديس النصرانية بولس، فإن النصرانية تدّعي أنه من أول معجزات المسيح الذي تزعم ألوهيته، تحويله الماء إلى خمر، بل إنها تدّعي أيضًا أن تلك المعجزة المزعومة كانت أول معجزات المسيح، مما يوحي بالأهمية والمنزلة العالية لمثل تلك الخمور والمسكرات بالنسبة للنصرانية.

تعالى الله عز وجل عن أن يشرع مثل ذلك التشريع كتشريع أبدي، يعمل ويتمسك به إلى قيام الساعة.

ونشير بإيجاز إلى بعض من خطورة الخمر علميًّا، ومفاسده وأضراره، حيث يقول الدكتور الفرنسي (شارل ريشيه) الحاصل على جائزة نوبل للفسيولوجيا (علم وظائف الأعضاء):

إن الخمر تشلّ الحواس، وتجعل المرء يترنح ويتقيّأ... وسرعان ما تتغلب الخمر على أشدّ الرجال قوة، وتحوله إلى شخص ثائر هائج عنيف، تتحكم فيه طبيعته البهيمية، مُحمر الوجه، محتقنة عيناه بالدم، يجأر ويقسم ويتوعد، ويسبّ أعداء خياليين، ولا يوجد مثل ذلك السلوك المخزي بين أي نوع من أنواع الحيوانات، لا بين الخنازير .. ولا الحمير..، وأبشع ما في الوجود هو السكّير([20]).

وإضافة إلى ما قاله الدكتور الفرنسي، فإن من مفاسد الخمور والمسكرات أنها تسبب العجز الجنسي.

لذلك نوضح:

أن من تنزيه الله سبحانه وتعالى، أن ننزهه عن أن يُحلّل الرذائل والخبائث والمنكرات، ومنها مثل تلك الخمور التي تنغمس في إدمانها المسيحية، والإحصائيات العالمية شاهد ذلك.

فالله سبحانه وتعالى حكيم في تشريعاته وأحكامه، لا يفعل الحماقات والأخطاء.

5- الدعوة إلى القتل والمذابح الجماعية، كنتيجة للعنصرية

لقد أوضحنا في النقطة السابقة دعوة النصرانية إلى شرب الخمور والمسكرات، والتي يترتب عليها غياب العقل، ومن ثم التصرّف الهوائي الهمجيّ، والقيام بأحط الأعمال.

ومن تلك الأفعال التي قد يقوم بها شارب الخمر بغير إدراك منه: القتل والزنا، .. إلى غير ذلك.

ونجد أيضًا أن بالكتاب المقدس للنصرانية: أن المسيح الذي تعتقد (النصرانية) فيه الألوهية، قد أمر بذبح أعداءه الذين رفضوا ملكه عليهم، (إنجيل لوقا 19: 27).

بل إننا نجد أيضًا أن الأنبياء الفاتحين الوارد ذكرهم في الكتاب المقدس للنصرانية، بعدما لوثت الأيدي الخفيّة سيرتهم، أنهم: «استولى على مدينة أريحا وأبادوا سكانها عن آخرهم، الرجال والنساء والأطفال والشيوخ والبقر والغنم والحمير بحدّ السيف، وأحرقوا ثم أحرقوا المدينة بكل ما فيها» (يشوع).

ونجد أيضًا، أن الكتاب المقدس للنصرانية قد أمر بالانتقام من قبيلة عماليق وقتلهم جميعًا، بما فيهم الأطفال الرضّع، حيث يقال:

«اقتلوا كل رجل وامرأة وطفل رضيع وبقر وغنم وجمل وحمار» (صموئيل الأول اصحاح 15 عدد 2).

ونجد أيضًا، أن الكتاب المقدس للنصرانية يقول:

«لا تشفق أعينكم ولا تعفوا الشيخ والشاب والعذراء والطفل والنساء، اقتلوا للهلاك، نجسوا البيت، واملأوا الدور قتلى» (حزقيال ، اصحاح 9 ، عدد 5).

ونجد أيضًا: أن الكتاب المقدس للنصرانية يقول بأن الله قد أمر بني إسرائيل، قائلًا لهم: «حين تقربوا من مدينة كي تحاربها، استدعها للصلح، فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك (أي أبوابها) فكل الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير، وإن لم تسالمك بل عملت معك حربًا، فاضرب جميع ذكورها بحدّ السيف، وأما النساء والأطفال والبهائم فتغنمها لنفسك، وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الربّ إياها» (التثنية، اصحاح 20، عدد 10).

أي أنه ما ينفع الصلح لأي مدينة يقوم بنو إسرائيل بمحاربتها، لأنهم لابد وأن يكونوا عبيدًا لبني إسرائيل، مع أنهم فتحوا لهم الأبواب ووافقوا على الصلح.

وأيضًا فالكتاب المقدس للنصرانية يدّعي بأن المسيح قال لأتباعه: «لا تعطوا القدس للكلاب، ولا تطرحوا درركم قدام الخنازير لئلا تدوسها بأرجلها وتلتفت فتمزقكم» (إنجيل متى 7: 5).

إلى غير ذلك من مثل ما ذكرنا، والسبب في ذلك هو: العنصرية البغيضة المقيتة.

فإذا كان الكتاب المقدس للنصرانية يقول: بأن المسيح (المزعوم ألوهيته) قد أمر بذبح الأعداء وأن الأنبياء الذي قد أورد ذكرهم يأمرون ويقومون بعمليات الإبادة والمذابح الجماعية وأن الإله يأمر باسترقاق الناس وتسخيرهم للخدمة حتى في حالة الصلح، فإلى أي شيء يشير ذلك؟؟

لاشك، أن ذلك الذي قد أشرنا إليه ما هو إلا دعوة صريحة للقتل القتل، والقيام بعمليات إبادة شاملة من خلال المذابح الجماعية، كنتيجة للتفرقة العنصرية المتأصلة لدى أهل النصرانية.

وما قامت به الحروب الصليبية من عمليات إبادة ومذابح جماعية على مرّ التاريخ، شاهد ذلك.

6- الدعوة إلى الاغتصاب والفحش والزنا

لقد أشرنا سابقًا إلى أن دعوة النصرانية إلى شرب الخمور والمسكرات هي في حدّ ذاتها دعوى إلى شتى أنواع الجرائم والمفاسد، والتصرّف الهمجي، والقيام بأحطّ وأقبح الأعمال، وذلك يعني:

أن دعوة النصرانية إلى شرب الخمور والمسكرات، كما هو متضح من كتابها، هو أيضًا دعوة إلى الاغتصاب والفحش والزنا ...... إلى غير ذلك.

ونجد أيضًا أن الكتاب المقدس للنصرانية يذكر من الرذائل والفواحش ما يثير الغرائز الجنسية للإنسان، مما يؤدّي إلى الانحطاط الخُلُقي وارتكاب شتى أنواع الفواحش والمنكرات من المحرمات، ومن دلائل ذلك ما جاء في سفر (القضاة 16: 1)، (الذي يتضمنه الكتاب المقدس للنصرانية)، حيث يمكن الرجوع إلى ذلك الموضوع لتأكد مما أشرنا إليه، لما يجد اللسان خجلًا من استعفافٍ عن ذكر مثل تلك الرذائل والمنكرات التي ينصّ عليها ذكر السفر بالكتاب المقدس للنصرانية.

ونجد أيضًا، أن الكتاب المقدس للنصرانية، يذكر الكثير من القصص التي وقعت بها أحداث الزنا (بين الرجل والمرأة)، بل ويصور ويصف تلك المشاهد من الزنا جزءً بجزء، ابتداءً من أول الحدث إلى نهايته.

(تعالى الله عز وجل عن أن يذكر في كتابه مثل تلك الرذائل والفواحش والمنكرات).

وبما أنه من المحال أن نذكر ما قد نصّ عليه الكتاب المقدس للنصرانية، تعفّفًا عن تسطير مثل تلك الألفاظ، فإننا نشير بإيجاز إلى قليل من المواضع التي تنصّ على مثل تلك الرذائل والخبائث.

ومن تلك المواضع بالكتاب المقدس للنصرانية: (سفر راعوث: 3: 4)،

(سفر الملوك الأول 1 : 1 – 3).

ونجد أيضًا أن الكتاب المقدس للنصرانية يذكر الكثير من القصص التي وقعت بها أحداث الزنا بين المحارم، كزنا الأب بابنتيه، كما في (سفر التكوين 19: 33 – 35).

وكزنا الابن بزوجة أبيه ، كما في (سفر التكوين 35: 22).

وكزنا زوجة الابن بوالد زوجها، كما في (سفر التكوين 38: 5- 18)

وكزنا الأخ بأخته، بل اغتصابها، كما في (سفر صموئيل الثاني 16: 22).

و(سفر صموئيل الثاني 3: 11)، و(سفر صموئيل الثاني 13: 14).

وكزنا الابن بزوجات أبيه، كما في (سفر صموئيل الثاني 16: 22).

ليس ذلك فحسب، بل كل من تلك الحالات وغيرها تصوّر وتصف تلك المشاهد من الزنا جزءً بجزء، ابتداءً من أول الحدث حتى نهايته، وكأنها دورات تدريبية متخصصة في كيفية القيام بمثل تلك الرذائل، والتي تُعدّ من أحطّ وأخبث الأعمال والمنكرات.

ونجد أيضًا، أن الكتاب المقدس للنصرانية لم يترك العاهرات (الزواني) سدىً، بل إنه يذكر لهن قصصًا مع وصف فاضح لعهرهن، وتصوير مُخلّ لتلك المشاهد القذرة من الزنا، وكما أوضحنا فإنه نظرًا لتعفّف اللسان عن ذكر مثل تلك الفضائح، فإننا نُحيل القارئ والباحث إلى المواضع التالية، للتأكد مما ذكرنا، ومن تلك المواضع:

(سفر حزقيال 16: 28)، (سفر حزقيال 23: 1 – 49)

(سفر التثنية 38: 8 – 10) ، (سفر هوشع 4: 12)، (سفر هوشع 4: 14 – 15)

ونجد أيضًا، أن الكتاب المقدس للنصرانية، يتضمن ما يسمّى بـ(نشيد الإنشاد)، والذي تلقّبه النصرانية بـ(قدس الأقداس)، حيث يوضح التفاصيل الخاصّة بكيفية الزنا بالمرأة البغيّ، بل ويصف مفاتن المرأة وأدقّها، وذلك بكلمات تخجل منها الألسنة عن النطق بها، والآذان عن سماعها، والأقلام عن تسطير حروفها، وللك فإن نشيد الإنشاد، الذي يتضمنه الكتاب المقدس للنصرانية، إنما هو بمثابة درس عن كيفية ممارسة الزنا والجنس.

فإذا ما نشأ إنسان طاهر عفيف، بعيد عن مثل تلك الفواحش، ولكنه أخذ يقرأ مثل تلك الفقرات من الكتاب المقدس للنصرانية، فإنه سرعان ما يأخذ دورة تدريبية في الانحطاط الخلقي، وكيفية ممارسة مثل تلك الرذائل.

والمستوى الأول من تلك الدورة التدريبية الفاحشة، يجده فيما يُسمّى بـ(سفر نشيد الإنشاد).

والمستوى الثاني من تلك الدورة التدريبية الفاحشة، يجده فيما يُسمّى بـ(سفر حزقيال)، ..... وهكذا، ثم يكون بعد ذلك على أعلى مستوى من الانحطاط الخلقي، وممارسة الزنا وشتى أنواع الفواحش.

وقد يندهش القارئ لهذه الكلمات التي نسطرها ، كوصف لما بالكتاب المقدس للنصرانية من خلع وفجور، ولكنه يمكنه التأكد مما ذكرنا بالرجوع إلى تلك المواضع التي قد أشرنا إلى جزء منها.

بل إن الأعجب مما ذكرنا: أن الكتاب المقدس للنصرانية ينسب مثل ذلك النشيد الخليع المسمّى بـ(نشيد الإنشاد) إلى نبي الله سليمان عليه السلام، بل إن من التناقض العجيب: أن الكتاب المقدس للنصرانية يرجع ويقول بأن سليمان النبي قد عبد آلهة أخرى (الأصنام) في آخر حياته.

تعالى الله عز وجل عن سوء الاختيار لأنبياءه ورسله، وعن إنزال الكلمات الرذيلة الفاحشة في كتبه، علوًا كبيرًا.

ونجد أيضًا، أن الكتاب المقدس للنصرانية، يدّعي أن الله قد أمر هوشع أن يتخذ لنفسه زانية وينجب أولاد زنى، كما في سفر (هوشع، إصحاح أول ، عدد ثاني).

ونجد أيضًا، أن الكتاب المقدس للنصرانية يدّعي أن الله قد أمر بأن يرتوي المرء من ثديي امرأته، كما في (سفر الأمثال اصحاح 5 عدد 18).

ومن قليل ما أشرنا إليه بالكتاب المقدس للنصرانية يتبيّن: أن الكتاب المقدس للنصرانية مليء بالأقوال الفاحشة، والعبارات البذيئة، من مثيل تلك الكتب التي يحظر طبعها ونشرها.

ومن ثم يتبيّن السبب من وراء انتشار مثل تلك الرذائل والفواحش والمنكرات بين صفوف المسيحية إلى تلك الصورة الكبيرة المذهلة، بما فيها الكنائس في احتفالياتها بأعياد الميلاد في أول السنة الميلادية، لا سيما المجتمع الغربي الذي لا تحكمه قوانين الإسلام وتشريعاته.

فمن يقرأ موادًا فاسدة، فإن العقل يصير فاسدًا، بحيث إن من يقرأ عن الإباحية، فإن الذهن سرعان ما يتعود على ذلك، ومن ثم تتصعّد الأمور، وتنحلّ القيم، ثم يجد الإنسان نفسه منغمسًا في تلك الإباحية المقيتة.

فنوعية القصص التي تُقرأ تشكل نوعية العقلية التي سوف تكون عليها، والعلم الحديث شاهد على ذلك.

ومن المحال في حقّ الله تعالى أن يُنسب إليه مثل ذلك الذي أردناه من الكتاب المقدس للنصرانية، أو غيره مما هو على شاكلته، ككلام صادر منه جلّ وعلا.

7- الدعوى بأن ولادة البنات تضاعف نجاسة الأمهات عن الذكور

ونوجز ذلك بذكر ما تدّعيه النصرانية، من أن ولادة البنات تضاعف نجاسة الأمهات عن الأولاد، مستمدة تلك الدعوى من كتابها المقدس، لما جاء في (سفر اللاويين 12: 1 – 5)، بحيث تكون المرأة نجسة إذا ما ولدت أنثى، لمدة أسبوعين، بينما تكون نجسة لمدة أسبوع واحد إذا ما ولدت ذكرًا.

8- الدعوى بأن المرأة كانت سببًا في إغواء آدم:

حيث نجد أن الكتاب المقدس للنصرانية يدّعي بأن المرأة هي من كانت سببًا في إغواء آدم عليه السلام.

والحق: أن الأمر بخلاف ما تدّعيه النصرانية، لأن المرأة لم تكن هي من تسبب في إغواء آدم.

9- الدعوى بتحريم الزواج من الأرملة والمطلّقة

حيث نجد أن الكتاب المقدس للنصرانية يُحرّم الزواج من المرأة الأرملة والمطلقة، كما في (سفر اللاويين، إصحاح 21، عدد 14).

إلى غير ذلك من مثيل ما ذكرنا، مما هو مناقض للتشريع الإسلامي، وتعاليمه.

فالإسلام هو من رفع من قدر ومنزلة المرأة، وأعطاها حقّها دون أن يهضم منه شيئًا، ويكفي أن نشير لبرهان ذلك، إلى:

أن الله تعالى قد أنزل في كتابه المحكم (القرآن الكريم)، الذي قد بعث به خاتم الأنبياء والرسل محمد r، سورة تسمّى (بسورة النساء)، ولا يوجد ما يسمى بسورة الرجال.

فأي تشريف وتكريم للمرأة بصفة خاصة، والنساء بصفة عامة، بعد هذا التكريم الذي حظيت به من رب العالمين، في كتابه العظيم (القرآن الكريم).

10- الدعوة إلى عدم الختان، ومن ثم إثارة الغرائز الجنسية

حيث إن النصرانية تدّعي أن الختان كان واجبًا من قبل، ولكنه صار منسوخًا لديها،

ولا شك أن مثل ذلك الادّعاء إنما هو ادّعاء باطل.

فالختان، هو بمثابة التهذيب للشهوة الجنسية، والتي إذا ما زادت عن حدّها اللائق، كانت مؤدّاها إلى محاولة إشباعها بطرق غير شرعية، ومن ثم التصرف بطريقة همجيّة أشبه بالطبيعة الحيوانية، ومن ثم كثرة حالات الزنا والاعتداء والاغتصاب، والإحصائيات العالمية برهان ذلك.

وننوه إلى: أن الطبّ له دور في ذلك، بحيث إنه إذا ما تبيَّن أن بنتًا ما (كمثال) لا تحتاج إلى الختان كحالة خاصة بها، فإنها لا تُختن، ولا يجب الختان في حقها آنذاك، ولكن الأصل هو الختان بالنسبة للذكور والإناث على حدّ سواء.

فأي تشريع أعظم من هذا التشريع الإسلامي الحنيف.

9- الدعوة إلى أكل لحم الخنزير

حيث تدّعي النصرانية أن الخنزير كان محرّمًا من قبل، ولكنه صار محللًا لها، لما جاء في (سفر اللاويين اصحاح 11 عدد 1)، ولا شك أن ذلك ادّعاء باطل، حيث إن الخنزير قد ثبتت نجاسته علميًّا، وذلك بشهادة أطباء النصارى أنفسهم، وبذلك يصير الخنزير مُحرَّمًا علميًا، إضافة إلى تحريمه شرعًا.

ومن المُحال في حق الله تعالى أن يُنسب إليه تحليله للنجاسات والخبائث.

وغير ما ذكرنا الكثير والكثير مما يدعو إليه الكتاب المقدس للنصرانية، مما هو مُخالف للحقّ الموافق للفطر النقيّة والنفوس الزكيّة والعقول الراجحة الرشيدة، ولكن نكتفي بتلك النماذج التي قد أشرنا إليها، على أن نختم هذه النقطة بذكر ما قاله الأديب (جورج برناردشو) عن الكتاب المقدس للنصرانية، لما يحتويه من ألفاظ وقصص فاحشة تنكرها القلوب السيلمة، والفطر النقية، حيث يقول:

«إنه من أخطر الكتب الموجودة على وجه الأرض، احفظوه في خزانة مغلقة بالمفتاح».

وغيره يقول:

«إن قراءة قصص الكتاب المقدس للأطفال يفتح الباب لفرص مناقشة العبرة وراء الجنس، وإن الكتاب المقدس (للنصرانية) إذا لم يُهذب ويُنقح قد تعتبره مجالس الرقابة صالحًا للكبار فقط، لمن جاوز الثامنة عشرة من العمر (لما فيه من خلع وفجور)] (الحقيقة المجرّدة – اكتوبر 1977).

وغير ذلك الكثير من الشهادات التي تشهد بمساوئ الكتاب المقدس للنصرانية، وتهاجمه بشدة.

ومن قليل ما أشرنا إليه يتبيّن لنا الكثير من المساوئ التي يدعوا إليها الكتاب المقدس للنصرانية، من فساد معتقد، ونكارة دعوة، وبذئ قول، وفحش قصص... إلى غير ذلك مما يستحيل نسبه إلى الله تعالى، وإلحاقه به جلّ وعلا.

([1]) المسيح في الإسلام، بتصرف، الشيخ/ أحمد ديدات.

([2]) المسيح في الإسلام، للشيخ/ أحمد ديدات.

([3]) إظهار الحق للشيخ/ رحمه الله الهندي.

([4]) إظهار الحق للشيخ/ رحمة الله الهندي.

([5]) من كتاب إظهار الحق بتصرف.

([6]) الخلاف الحقيقي بين المسلمين والمسيحين، للشيخ / أحمد ديدات.

([7]) المسيح في الإسلام، للشيخ/ أحمد ديدات.

([8]) صوتيات، للشيخ أحمد ديدات.

([9]) صوتيات، بتصرف – للشيخ / أحمد ديدات.

([10]) كتاب إظهار الحق – بتصرف، للشيخ/ رحمة الله الهندي.

([11]) أساقفة كنيسة انجلترا وألوهية المسيح، للشيخ/ أحمد ديدات.

([12]) الخلاف الحقيقي بين المسلمين والمسيحيين، للشيخ/ أحمد ديدات.

([13]) الخلاف الحقيقي بين المسلمين والمسيحيين، للشيخ/ أحمد ديدات.

([14]) عتاد، للشيخ/ أحمد ديدات.

([15]) عتاد، للشيخ/ أحمد ديدات.

([16]) نفس المصدر

([17]) العنصرية، للشيخ/ أحمد ديدات.

([18]) العنصرية، للشيخ/ أحمد ديدات.

([19]) نفس المصدر السابق بتصرف.

([20]) عتاد للشيخ/ أحمد ديدات.