اللغة العربية - الكفاف - 2

1- ليست الألف في نحو (مفتاح) مثلاً، من أصل الكلمة، إذ الأصل (فتح)، ولا هي من أصل الكلمة، في نحو: (قاتل)، إذ الأصل (قتل). وأما في نحو: (قال) فإنها - وإن لم تكن أصلية فإنها بمنْزلة الأصلية - لأنها منقلبة عن أصل هو الواو، أي: (قول)، ثم قُلِبت الواو ألفاً.

2- لا تُحذَف هذه الواو، في المضارع المبني للمجهول، ولذا يقال مثلاً: [يُوصَل الخيطُ بالخيط، ويُوعَدُ المجتهدُ خيراً].

3- قد يتحرك حرف العلة وتسبقه فتحة، ومع ذلك لا يُقلَب !! وسبب ذلك أنه إذا قُلِب التقى ساكنان، فيتعذّر النطق به. مثال ذلك: [بَيَان وطَوِيل وفَتَيَان وعَصَوَان] فلو قَلبتَ حرف العلة من هذه الكلمات ألِفاً، لآل الأمر إلى: [بَاْاْن وطَاْيْل وفتَاْاْن وعصَاْاْن]، ولا يكون هذا في العربية.

4- في اللغة أفعال قليلة العدد، لا تكاد تُستعمل، وزنها [افتعل] صحّحوا واوها. أشهرها: [اشتوروا - اجتوروا - ازدوجوا - اعتوروا - اعتونوا]. والناس يستعيضون عنها بـ [تشاوروا وتجاوروا وتزاوجوا وتعاوروا وتعاونوا].

5- لا بدّ من التعريج هنا، على حالة خاصّة، تتجلى في تصغير كلمة [دَلْوْ] ونحوها مما ينتهي بالواو. وبيان ذلك أنّ التصغير لا بد فيه من الياء أصلاً، فإذا صُغِّرتْ كلمة [دلو] صارت: [دُ لَيْوْ]، فيلتقي حرفَا علّة: ياء التصغير والواو. ولما كان السابق منهما ساكناً، قُلِب الثاني - وهو الواو - ياءً، كما سيأتي بعد بضعة سطور في المتن، أي: [د ل ي ي] ثم كان الإدغام، فقيل: [دُلِيّ].

6- يلحق بهذا كلُّ جمعٍ وزنه [فعول]، ينتهي بواوين أصلاً، نحو: [عِصِيّ]، فإنّ الأصل هنا: [عصوو]: الواو الأولى واو [فعول]، والثانية لام الكلمة. وقد قلِبت الثانية ياءً: [عصوْي]، فاجتمع واو وياء، والسابق منهما ساكن، فيقلب ياءً: [ع ص ي ي]، وبالإدغام: [عصيّ]، جمعاً لـ [عصا].

7- إنما ضُمَّت الميم لتناسب الواو.

(19/4)

التقاء الساكنين

لا يلتقي في العربية ساكنان(1) فإذا التقيا، تخلص العربي من ذلك بمعالجة الساكن الأول، وأبقى الثاني على حاله. فدونك أحكام ذلك:

1- أن يلتقي الساكنان في كلمتين:

نوع الساكن الأول

الحكم

المثال

اللفظ

حرف مدّ

يُحذف

حضرناْ الْيوم

حضرنَ لْيوم

ليس حرف مدّ

يُكسر

خذْ الْكتاب

خُذِ لْكتاب

ميم الجمع

يُضمّ

لهمْ الْبشرى

لهمُ لْبشرى

نُونُ حرف الجر [مِنْ]

يُفتح

منْ الْبيت

منَ لْبيت

2- أن يلتقي الساكنان في كلمة، والأول حرف مدٍّ، فيُحذف، نحو: قُلْ، بِعْ، سَعَتْ، مَشَتْ (الأصل في ذلك: قُوْلْ - بِيْعْ - سَعَاْتْ - مَشَاْتْ)...

3- إذا اجتمع على حرف العلة سكونان حُذِف(2) نحو: لم يمْشِ، ولم يسْعَ، ولم يغزُ. (الأصل:لم يمشيْْ - لم يسعىْْ - لم يغزوْْ)(3) ونحو: اِمشِ، اِسْعَ، اُغزُ. (الأصل: اِمشِيْْ - اِسعَىْْ - اُغْزُوْْ)(4).

4- الفعل المضارع المجزوم، وأمرُه أيضاً، يجتمع على آخرهما سكونان، فيُتَخَلَّص من التقائهما، بالفرار إلى الفتح، نحو: [لم يشُدَّ وشُدَّ](5).

وفيما يلي جدول يعبّر عن الحالات الثلاث الأخيرة:

الحالة

الحُكم

المثال

الساكن الأول منهما حرف مدّ

يحذف

سَعَىْتْ

دَنَاْتْ

مَشَىْتْ

قُوْلْ

بِيْعْ

?

?

?

?

?

سَعَتْ

دَنَتْ

مَشَتْ

قُلْ

بِعْ

أن يجتمع السكونان على حرف علة:

بسبب الجزم:

يُحذف

لم يَسْعَىْْ

لم يَغْزُوْْ

لم يمشِيْْ

?

?

?

لم يَسْعَ

لم يَغْزُ

لم يَمْشِ

بسبب البناء:

اِسْعَىْْ

اُغْزُوْْ

اِمْشِيْْ

?

?

?

اِسْعَ

اُغْزُ

اِمْشِ

أن يجتمع السكونان على آخِر الفعل المضعّف:

بسبب الجزم:

يُفتح آخِره

لم يَشُدْدْ

?

لم يَشُدَّ

بسبب البناء

شُدْدْ

?

شُدَّ

* * *

1- يستثنى من ذلك حالة واحدة، كنحو: خاصّة، وضالّين... وشرطُها أن يكون الأول حرف مدّ، والثاني مدغماً في مثله.

2- يقول النحاة والصرفيون: حرف العلة ساكن بطبعه.

(20/1)

3- حُذف حرف العلة في هذه الأمثلة لالتقاء سكونين: سكون حرف العلة وسكون المضارع المجزوم.

4- حذف حرف العلة هنا أيضاً لالتقاء سكونين: سكون حرف العلة وسكون بناء فعل الأمر.

5- يجتمع على آخر الفعل المضارع المضعّف المجزوم سكونان: سكون التضعيف، وسكون الجزم، فيُتَخَلَّص من ذلك بالفتح، فيقال: [لم يشدَّ]. وكذلك الشأن في فعل الأمر المضعّف، إذ يجتمع على آخره سكون التضعيف وسكون البناء، فيُتَخَلَّص من ذلك بالفتح، فيقال: [شُدَّ].

(20/2)

الاشتغال

الاشتغال: وقوعُ فِعلٍ بين اسمٍ وضميرِه، فيجوز رفع الاسم ونصبه.

فمثال الرفع: [خالدٌ ضربته]، على أنه مبتدأ، والجملة بعده خبرُه.

ومثال النصب: [خالداً ضربته] على أنه مفعولٌ به مقدَّم.

وأما الضمير (الهاء من ضربته) ففي محل نصب، لأنه توكيد لإيقاع الفعل على الاسم المتقدم(1).

تنبيه: إذا كان الفعل لازماً، نحو: [خالداً مررت به] قدَّرتَ أن المعنى [خالداً لقيته]، أي: قدّرت الفعل المناسب.

* * *

نماذج فصيحة مِن الاشتغال

· ]أبشراً منّا واحداً نتّبعُه[ (القمر 54/24)

في الآية اشتغال: [أبشراً ... نتّبعه]، وقد وقع الفعل [نتّبع]، بين الاسم المشتغَل عنه وضميره، فانتصب الاسم: [بشراً]، كما ترى. هذا على أنّ للآية قراءة أخرى بالرفع: [أبشرٌ....نتّبعه]. (مجمع البيان 9/190)، ودعْ عنك أنّ القراءتين واردتان، فإنّ الكلام لو لم يكن قرآناً لجاز الوجهان: الرفع والنصب.

ولا التفات إلى قول كتب الصناعة: النصب بعد همزة الاستفهام أرجح؛ فمتى جاز وجهان في اللغة، لم يكن لترجيح أحدهما على الآخر مسوِّغ. اللّهمّ إلاّ أن يكون ذلك تعبّداً بصناعة نحوية عفا عليها الزمان.

· ]والظالمين أعدّ لهم عذاباً أليماً[ (الإنسان 76/31)

في الآية اشتغال: [الظالمين...أعدّ لهم]، وقد وقع الفعل بين الاسم المشتغَل عنه وضميره، فانتصب الاسم: [الظالمين]. هذا على أنّ قراءة عبد الله بن الزبير وأبان بن عثمان بالرفع: [والظالمون أعدّ لهم]. ودعْ عنك أنّ القراءتين واردتان، فإنّ الكلام - حتى لولم يكن قرآناً - يجوز فيه الوجهان: الرفع والنصب. هذا، وقد عالج ابن جني القراءتين ووجّههما. (انظر: مجمع البيان 10/412)

· قال الربيع بن ضبُع الفزاري:

أصبحت لا أحمل السلاح ولا أملِكُ رأس البعير إنْ نفَرَا

والذئبُ أخشاه إنْ مررتُ به وحدي وأخشى الرياحَ والمطرا

(21/1)

في قول الشاعر: [الذئب أخشاه] اشتغال، وقد وقع الفعل بين الاسم المشتغَل عنه وضميره، فارتفع الاسم: [الذئبُ]، على الابتداء، والجملة بعده خبره.

وللبيت رواية أخرى هي: [الذئبَ] بالنصب، على أنه مفعول به مقدّم. وأما الهاء، ففي محل نصب لتوكيد وقوع النصب على الاسم.

هذا، وستظلّ ترى في كل نموذج من هذه النماذج الفصيحة، التي نعالجها، أو التي تقع عليها مستقبلاً في بعض ما تقرأ، أنّ الرفع والنصب في الاشتغال جائزان دوماً. وقد يُظَنّ غير هذا، حيث يلتبس الاشتغال بغيره. ونبين ذلك مبسوطاً في الآية الآتية، وهي قوله تعالى:

· ]وكلُّ شيءٍ فعلوه في الزبر[ (القمر 54/52)، (الزبُر: الكُتُب).

ليس في الآية اشتغال، وإنْ ظُنَّ ذلك أول وهلة!! وبيان هذا أنّ جملة: [فعلوه]، صفة لما قبلها، ومن ثم فإنّ فِعْلها ليس مسلّطاً على كلمة: [كلّ]، أي لا ينصبها على أنها مفعول به. ومن القواعد الكلية، أنّ الصفة لا تعمل في الموصوف. ومن هنا كانت كلمة [كلّ] - بالضرورة - مبتدأ مرفوعاً، وشبه الجملة (الجارّ والمجرور): [في الزبر] خبر، والتقدير: [كلُّ شيء فعلوه ثابتٌ في الزبر](2).

هذا بيان المسألة من وجهةٍ إعرابية. وأما الوجهة المعنوية، فبيانها: أنّ هذا التركيب لو كان تركيب اشتغال، لكان المعنى: [وفعلوا كلَّ شيء في الزبر]. أي الزبر مكانٌ لكل شيء فعلوه. وهو معنى غير وارد، وغير معقول.

فإذا كان هذا - وهو كائن - فقد بقي أن نلخّص المسألة فنقول: ليس التركيب في الآية تركيب اشتغال، فيكونَ نصبُ الاسم المتقدم ورفعُه جائزين، وإنما هو تركيبُ مبتدأٍ وخبر، والاسمُ المتقدم فيه واجبٌ رفْعهُ !!

ونخلص من جميع ذلك إلى القول: ليس في الاشتغال وجوبُ رفعٍ ولا وجوبُ نصب، بل فيه - في كل حال - جواز الرفع والنصب.

· قال النمر بن تولب، يردّ لوم امرأته له على إتلاف ماله:

لا تجزعي إن مُنفِساً أهلكته فإذا هلكتُ فعند ذلك فاجزعي

(21/2)

(المنفِس: هو النفيس، ويريد به المال الكثير)

في البيت اشتغال. إذ وقع الفعل: [أهلكتُ] بين الاسم المشتغَل عنه وضميره، فانتصب الاسم: [منفساً]. على أنه مفعول به مقدم. وأما الضمير [الهاء]، ففي محلّ نصب، لتوكيد وقوع الفعل على الاسم.

هذا، وللبيت رواية أخرى هي: [إنْ منفسٌ أهلكته] بالرفع، على أنّ الكلام مبتدأ وخبر(3). ومن ذلك، ومن مئات من مثل ذلك، تستيقن أن الاشتغال ليس فيه وجوبُ رفعٍ ولا وجوب نصب. بل فيه في كل حال جوازُ الرفع والنصب.

· ]الزانيةُ والزاني فاجلدوا كلَّ واحدٍ منهما... [ (النور 24/2)

(أي: الزانية والزاني اجلدوهما). ففي الآية اشتغال: وقد وقع الفعل [اجلدوا] بين الاسم المشتغَل عنه وضميره، فارتفع الاسم: [الزانيةُ...] على أنه مبتدأ، خبره جملة: [اجلدوا].

هذا على أنّ للآية قراءةً أخرى بالنصب: [الزانيةَ والزانيَ]، وهي قراءة عيسى بن عمر الثقفي، أستاذ الخليل بن أحمد. [المحتسب- لابن جني 2/100].

ودع عنك أنّ القراءتين واردتان، فحتى لو كان للآية قراءة واحدة، لكان الوجهان - الرفع والنصب - في مثل هذا النموذج جائزين.

· ]وأما ثمودُ فهديناهم[ (فصّلت 41/17)

في الآية اشتغال: فقد وقع الفعل: [هدينا] بين الاسم المشتغل عنه وضميره، وجاء الاسم مرفوعاً على أنه مبتدأ: [ثمودُ].

هذا، وللآية قراءة أخرى بالنصب: [ثمودَ]، على أنه مفعول به مقدم، وأما الضمير: [هم]، ففي محل نصب، لتوكيد وقوع الفعل على الاسم. قال ابن هشام (أوضح المسالك 2/11): [وقرئ: ]وأما ثمودَ فهديناهم[ بالنصب على حدّ (أي: على حدّ قولك) زيداً ضربته].

· ]جناتُ عدْنٍ يدخلونها[ (الرعد 13/23)

(21/3)

في الآية اشتغال: إذ وقع الفعل: [يدخلون] بين الاسم المشتغَل عنه وضميره، وجاء الاسم مرفوعاً على أنه مبتدأ: [جناتُ عدن]. غير أنّ للآية قراءةً أخرى بالنصب: [جناتِ عدنٍ]، على أنّ [جنات] مفعول به مقدم، والضمير [ها]، في محل نصب، لتوكيد وقوع الفعل على الاسم. قال الأشموني (1/340): [ومنه قراءة بعضهم: جناتِ عدن يدخلونها، بنصب جنات]. ومثل ذلك في (قطر الندى / 196).

· قالت امرأة من بني الحارث بن كعب:

فارساً ما غادروه مُلحَماً غيرَ زُمَّيْلٍ ولا نِكسٍ وَكِلْ

[ما: زائدة. ملحماً: لم يجد مخلَصاً في الحرب. زمَّيل: ضعيف جبان. نكس وكِل: ضعيف متواكل].

في البيت اشتغال: فقد وقع الفعل: [غادروا] بين الاسم المشتَغَل عنه وضميره، وقد رواه ابن الشجري بالنصب، وفي ديوان الحماسة بالرفع [فارسٌ]. والروايتان على المنهاج.

* * *

1- هذا مذهب الفراء والكسائيّ، في إعراب الاسم المتقدم والضمير. ومن تمام المسألة ملاحظة أنّ الضمير - في المعنى - هو الاسم المتقدم نفسه. ويقولون في تعليل نصب الاسم والضمير معاً بفعل يتعدّى إلى مفعول واحد: إنّ الأصل هو: [خالداً ضربت]، والفعل هنا متسلط على الاسم [خالداً]، إذ هو مفعوله. فإذا تسلط على الضمير أيضاً، كانت فائدة هذا التسلط، بعد أن تسلّط على الاسم الظاهر، هي تأكيد إيقاع الفعل على الاسم المتقدم. انظر: [شرح الكافية 1/438].

2- وبتعبير أكثر وضوحاً - وإن كان النحاة لا يرضون عنه - نقول: [كلُّ شيء فعلوه، قد ورد ذكره في الزبر].

3- الخزانة 1/314

(21/4)

اسم الآلة

اسم الآلة: اسمٌ يدلّ على الأداة التي بها يكون الفعل. نحو: [مِبْرَد ومِنشار ومِكنَسة]. ويؤخَذ من الفعل الثلاثيّ المتعدّي (1)، نحو: [برَدْت الحديدَ - ونشَرْت الخشبَ - وكنَسْت البيتَ].

أوزان اسم الآلة: لاسم الآلة - أصلاً - ثلاثة أوزان رأيتَ أمثلتها آنفاً، هي: [مِفْعَل: مِبرد]، و[مِفْعال: مِنشار]، و[مِفْعَلَة: مِكْنسة].

لكنّ مجمع اللغة العربية بالقاهرة أضاف إليها وزناً رابعاً هو: [فَعَّالَة] نحو: غسّالة(2). ثمّ أضاف مِن بعدُ ثلاثة أوزان أخرى هي: [فِعال وفاعِلَة وفاعول] نحو: [رِباط وساقِيَة وساطور]، فأصبحت الصيغ القياسية لاسم الآلة سبعَ صيَغ(3).

تنبيه: جاء عن العرب شذوذاً أسماءُ آلات على غير هذه الأوزان، منها: [الفأس - السكّين - المُنخُل - القَدُوم...]، فتُحفَظ وتُستعمَل ولكن لا يقاس عليها.

* * *

1- جاءت في كلام العرب أسماءُ آلاتٍ من فعلٍ لازم، نحو: [المِرقاة]، فإنّ فعلها [رقِيَ]، ومن فعلٍ مزيد على الثلاثي، نحو: [الْمِيضَأَة]، فإنّ فعلها [توضّأ]، ومن اسم جامد، نحو: [مِحبَرَة] فإنها من [الحِبْر].

2- لا عبرة بتاء التأنيث، فـ [فعّال وفعّالة] في الحكم سواء.

3- انظر كتاب: في أصول اللغة /19.

(22/1)

اسم الفاعل

اسم الفاعل: صيغة قياسية تدل على مَن فَعَل الفِعل؛ تُشتق من الثلاثي على وزن [فاعِل] نحو: [راكض - جالس - قاعد - قائل...]، وله صِيَغُ مبالغة نحو: سَيْفٌ بَتّار = [فَعّال]، ورجل أكول = [فَعُول]، وخطيب مِقْوال = [مِفْعال]، وأب رحيم = [فَعِيل]، وعدوّ حَذِر = [فَعِل].

ويُشتق اسم الفاعل من غير الثلاثي على صورة الفعل المضارع، بإبدال حرف المضارعة ميماً مضمومة، وكسر ما قبل الآخر، نحو: [يتعلَّم - مُتعلِّم، يتراجَع - مُتراجِع، يستخرج - مُستخرِج، يساعد - مُساعِد...].

عمل اسم الفاعل:

يعمل اسم الفاعل عمل فعله، فيرفع فاعلاً وينصب مفعولاً به ويتعلق به شبه جملة، نحو: [أقارئٌ زهيرٌ كتاباً في البيت]. فـ [زهيرٌ] فاعل لاسم الفاعل [قارئ]، و[كتاباً] مفعولُه، وشبه الجملة [في البيت] متعلّق به(1).

* * *

نماذج فصيحة من استعمال اسم الفاعل

· قال تعالى: ]فويلٌ للقاسيةِ قلوبُهم من ذِكْرِ الله[ (الزمر 39/22)

[القاسية]: اسم فاعل محلّى بـ [ألـ]، و[قلوبُ] فاعل لاسم الفاعل، مرفوع.

· وقال: ]وجاعِلُ اللّيلِ سَكَناً[ (الأنعام 6/96)

[سكناً]: مفعول به لاسم الفاعل [جاعلُ]. على أنّ للآية قراءة أخرى هي: ]وجَعَلَ اللّيلَ سَكَناً[، ولا شاهد في الآية عند ذلك على ما نحن بصدده.

· وقال: ]وكلبُهم باسِطٌ ذراعيْهِ بالوَصِيد[ (الكهف 18/18)

[باسط]: اسم فاعل، و[ذراعيه] مفعول به لاسم الفاعل، منصوب وعلامة نصبه الياء، لأنه مثنى.

· وقال الأعشى يشبّه يزيد بن مسهر الشيباني بالوعل (الديوان /61):

كناطحٍ صخرةً يوماً لِيُوهِنَها فلم يَضِرْها، وأَوْهَى قَرنَهُ الوَعِلُ

[ناطح]: اسم فاعل عمِل عمَل فعله [نَطَحَ]، فنصب مفعولاً به هو [صخرةً].

· ]والذّاكرين الله كثيراً والذّاكرات[ (الأحزاب 33/35)

(23/1)

[الذاكرين]: جمع اسم الفاعل: [الذاكر]، وقد عمِل عمَل فعله [ذَكَرَ] فنصب مفعولاً به، هو لفظ الجلالة. وذلك أن اسم الفاعل يعمل مفرداً ومثنى وجمعاً. ومِن عمله وهو مثنى، قول عنترة (الديوان /154):

الشاتِمَيْ عِرْضِي ولم أشتمهما والناذِرَيْن إذا لقيتُهما دمي(2)

[الشاتِمَيْ]: مثنى اسم الفاعل [الشاتم]، وقد عمِل عمَل فعله [شَتَمَ] فنصب مفعولاً به هو كلمة [عِرْض].

* * *

1- ليس إعمال اسم الفاعل ضربة لازب، بل للمتكلم الخيار، إن شاء أعمله فقال مثلاً: [هذا قاتلٌ فلاناً]، وإن شاء لم يُعْمِله فقال: [هذا قاتلُ فلانٍ]. قال تعالى: ]إنّ الله بالِغٌ أَمْرَه[ وفي قراءة أخرى: ]إنّ الله بالِغُ أَمْرِه[ (الطلاق 65/3)

2- ويروى (إذا لَمَ الْقهما).

(23/2)

اسم الفعل

اسم الفعل كلمة، تدل على ما يدل عليه الفعل، لكنها لا تقبل علاماته. مثال ذلك، [شَتَّانَ] فإنه يدل على ما يدل عليه الفعل الماضي: [افترقَ]، ولكنه لا يقبل علامة الفعل الماضي. فلا يقال مثلاً: [شَتّانَت].

واسم الفعل قد يكون بمعنى الفعل الماضي، مثل: [هيهات = بَعُد]. أو بمعنى الفعل المضارع نحو: [أُفٍّ = أتضجّرُ]. أو بمعنى فعل الأمر نحو: [مكانَك = اُثْبُتْ] و[إلَيْكَ = تَنَحَّ].

أحكام:

¨ أسماء الأفعال كلّها سماعية، ولا يستثنى من ذلك إلا صيغة واحدة، وزنُها [فَعالِ] ومعناها الأمر فإنها قياسية. فمِن: نَزَلَ وترَك ولعِب وكتَب وحذِر... يُصاغ: نَزَالِ وتَراكِ ولَعابِ وكَتابِ وحَذارِ...

¨ أسماء الأفعال تلزم صيغة واحدة لا تتغيّر. تقول: صه يا رجل، ويا امرأة، ويا رجلان، ويا امرأتان، ويا رجال، ويا نساء.

¨ كاف الخطاب تلحق اسم الفعل وجوباً، إذا كان أصله شبه جملة (ظرفاً أو جارّاً ومجروراً)، نحو: إليك عني - إليكما عني - إليكم عني - إليكنّ عني - مكانك - مكانكما - مكانكم - مكانكنّ.

¨ يعمل اسم الفعل عمل فعله مِن رفع فاعل، ونصب مفعول...

ودونك أشهر أسماء الأفعال، وأكثرها استعمالاً:

آمينَ: استجِبْ

حيَّ: أَقْبِلْ

آهِ=آهٍ=آهاً: أتَوجعُ

شتانَ: افترقَ

أفٍّ: أتضجّرُ

صهْ=صهٍ: اسكتْ

إليكَ عني: تنحَّ وابتعدْ

عليك: اِلْزمْ

أمامكَ: تقدّمْ

مكانَك: اُثْبتْ

أوّهْ: أتألّمُ

هاكَ: خُذْ

إيهِ=إيهٍ: حدّثْ وزِدْ

هيّا: أسرعْ

بَسْ: اكتَفِ وارفُقْ

هَيْهات: بَعُدَ

بَلْهَ: اُتركْ

وا=واهاً=وَيْ: أعجبُ

حَذارِ: اِحذرْ

وراءَك: تأخرْ

* * *

نماذج فصيحة من استعمال اسم الفعل

· قال تعالى: ]فلا تقلْ لهما أُفٍّ ولا تنهرهما[ (الإسراء 17/23)

[أفٍّ]: اسم فعل مضارع، معناه: أتضجّر.

· قال عليّ كرّم الله وجهه يخاطب الدنيا: [إِليكِ عنّي يا دنيا فحَبْلُكِ على غارِبك] (نهج البلاغة - د. الصالح /419)

(24/1)

[إليكِ]: اسم فعل أمر معناه تَنَحَّيْ وابتعِدي.

· قال ذو الرّمّة (الديوان 2/778):

وقَفنا فقُلْنا: إِيهِ عن أمِّ سالمٍ وما بالُ تَكْليمِ الديارِ البَلاقِعِ

[إيه]: اسم فعل أمر، والمعنى: زد من حديثك عنها.

· وقال كعب بن مالك يصف فِعْل السيوف:

تَذَرُ الجَماجِمَ ضاحِياً هاماتُها بَلْهَ الأكُفَّ كأنها لم تُخْلَقِ

(ضاحياً: بارزاً منفصلاً من مكانه) [بَلْهَ]: اسم فعل أمر معناه: دَعْ، اترُكْ..

· وقال الشاعر (شرح المفصّل 4/34):

يا ربّ لا تسلبنّي حبَّها أبداً ويرحمُ الله عبداً قال: آمينا

[آمين]: اسم فعل أمر معناه: استجبْ.

· وقال سالم بن أبي وابصة (المستطرف 1/133):

عليكَ بالقَصْد فيما أنتَ فاعِلُهُ إنّ التخَلُّقَ يأتي دونَهُ الخُلُقُ

[عليك]: اسم فعل أمر، معناه: اِلْزَمْ، وتمسّك.

· قال الأعشى (الديوان /147):

شَتَّانَ ما يَوْمِي على كُورِها ويومُ حَيّانَ أَخِي جابِرِ

(كورها: أراد كور الناقة، وهو لها كالسرج للفرس)

[شتان]: اسم فعل ماض، معناه: افترقَ.

· وقال أبو النجم العجلي (الديوان /227):

واهاً لِرَيّا ثمّ واهاً واها هِيَ المُنى لو أنّنا نِلْناها

[واهاً]: اسم فعل مضارع، معناه: أَعْجَبُ.

· وقال ربيعة بن مقروم الضبي (شرح المفصّل 4/27):

فَدَعَوا نَزالِ فَكُنْتُ أَوّلَ نازِلٍ وعَلامَ أَرْكَبُهُ إذا لم أَنْزِلِ

[نزال]: اسم فعل أمر قياسي، معناه: اِنزلْ.

· وقال ابن ميادة يحثّ ناقته على الإسراع (الديوان /237):

وقد دَجَا الليلُ فَهَيَّا هَيَّا

[هيّا]: اسم فعل أمر، معناه: أَسْرِعْ.

* * *

(24/2)

اسم الجمع

اسم الجمع: هو ما تضمّن معنى الجمع، ولكن لا واحد له. نحو: [جيش وقوم ونساء وشعب...]. ولك الخيار في أن تعامله معاملة المفرد، أو معاملة الجمع. فتقول مثلاً: النساء سافرت، والنساء سافَرْنَ، والقوم رحل، والقوم رحلوا...

* * *

(25/1)

اسم الجنس الإفرادي

اسم الجنس الإفرادي: هو ما دلّ على الكثير والقليل من الجنس، نحو: لبن، عسل، ماء...

* * *

(26/1)

اسم الجنس الجمعي

اسم الجنس الجمعي: هو ما تضمن معنى الجمع، دالاّ على الجنس، نحو: بطيخ وتفاح وتمر. ويفرق بينه وبين مفرده تاء تلحق المفرد، فيقال في حالة الإفراد: بطيخة وتفاحة وتمرة...

* * *

(27/1)

اسم المفعول

هو صيغة قياسية تدل على من وَقَع عليه الفعل.

صَوْغه:

يصاغ من الفعل الثلاثي على وزن [مَفْعُول] نحو: [مشروب - مكتوب - مسروق - مقطوع...](1).

ويصاغ من غير الثلاثي، على صورة المضارع المجهول، وإبدال حرف المضارعة ميماً مضمومة، كما ترى:

المضارع المجهول اسم المفعول

يُحترَم مُحترَم

يُقاتَل مُقاتَل

يُستخرَج مُستخرَج...

هذا، والأصل في كل حال، أن يصاغ اسم المفعول من الفعل المتعدّي، فإذا احتيج - في الاستعمال - إلى صوغه من فعل لازم، وجب أن يصحبه شبه جملة، نحو: [فلان مذهوبٌ به] و[السطح مجلوسٌ فوقه].

عمله:

يَرفع اسمُ المفعول نائبَ فاعلٍ، بدون قيد ولا شرط، نحو: [هذا مكسورٌ قلمُه]. فالقلم نائب فاعل لاسم المفعول [مكسور](2).

تنبيه:

قد يكون لاسم المفعول واسمِ الفاعل لفظٌ واحد، فيتعيّن هذا أو ذاك من سياق الكلام، نحو: [يناضِل أبناءُ البلد المُحْتَلِّ (اسم مفعول)، لِطَرْد العدوِّ المُحْتَلِّ (اسم فاعل)].

* * *

1- أمّا نحو [مَرْمِيّ = مَرْمُوي] و[مَقُول = مَقْوُول] و[مَرْضِيّ = مَرْضُوي] و[مَبِيع = مَبْيُوع] ممّا يصيب التغييرُ بعضَ حروفه لأسباب صرفية، فحقّ بنائِه أن يعالَج في بحث الإعلال؛ فمن شاء رجع إليه هناك.

2- ليس إعمال اسم المفعول ضربةَ لازِب، فالمتكلّمُ بالخِيار، إن شاء أَعْمَلَ فقال: [هذا مكسورٌ قلمُه]، أو شاء أهْمَلَ فقال: [هذا مكسورُ القلمِ].

(28/1)

الاسم الممدود وتثنيته وجمعه

الاسم الممدود: اسمٌ آخرُه ألِفٌ زائدة، بعدها همزة، نحو: [سماء - صحراء - بنّاء - قُرّاء (القُرّاء: هو القارئ الناسك)].

تثنيته وجمعه:

إذا ثنّيتَ الاسم الممدود أو جمعته:

· فإن كانت همزتُه أصليةً، بقيت على حالها قولاً واحداً(1) . نحو: [قرّاءان - قرّاءتان - قرّاؤون - قرّاءات].

· وإن كانت زائدةً للتأنيث قُلِبَت واواً قولاً واحداً نحو: [صحراء - صحراوان - صحراوات] و [حسناء - حسناوان - حسناوات] و[حمراء - حمراوان - حمراوات] (الأصل: صحر - حسن - حمر).

· وإن لم تكن أصلية ولا زائدة، بل منقلبة عن واو أو ياء، فلك الخيار: تبقيها همزة أو تقلبها واواً نحو: [كساء: كساءان أو كساوان]، [غطاء: غطاءان أو غطاوان]، [سماء: سماءان أو سماوان، وفي الجمع: سماءات أو سماوات](2).

استخلاص:

مَنْ كان يكره تشعيب القواعد، وتفريعَها، فليستمسك بما يلي:

- إذا كانت همزة الاسم الممدود أصلية لم تتغير عند تثنيته وجمعه قولاً واحداً: [الأصلي لا يتغير].

- فإن كانت زائدة للتأنيث، قُلبت واواً، قولاً واحداً.

- وأما في غير هاتين الحالتين، فلك الخيار: تبقيها همزة، أو تقلبها واواً.

فائدة:

الهمزة في كلمة [عشواء] ونحوها، مزيدة للتأنيث، وحكمها - إذاً - هو حكم [صحراء وحسناء...] أي: أن تقلب همزتها في التثنية والجمع واواً فيقال: [عشواوان - عشواوات]، لكنّ اجتماع واوين يفصل بينهما ألف، يثقل في اللفظ، ولذلك قالوا أيضاً: [عشواءان - عشواءات]. وكلا الوجهين جائز.

* * *

1- الأصلي لا يتغيّر.

(29/1)

2- همزة [كساء وسماء]، منقلبة عن الواو إذ الأصل: [كسا - يكسو، وسما - يسمو]، وأما همزة [غطاء] فمنقلبة عن الياء، إذ الأصل: [غطى - يغطي] مثل [رمى - يرمي]. ومن هنا أنْ جاز الوجهان في هذه الأسماء جميعاً، لأن همزاتها ليست أصلية ولا زائدة، بل منقلبة. ومن المفيد أن نذكر أنّ الأشهر والأفصح جمْعُ كلمة (سماء) بالواو، فيقال: (سماوات)، لكنّ طرْد القاعدة، وجمْعَها بالهمزة على (سماءات)، صحيح لا غبار عليه.

(29/2)

الاسم المنقوص وتثنيته وجمعه

الاسم المنقوص: اسم آخرُه ياءٌ مكسورٌ ما قبلَها، نحو: القاضِي، الجانِي، المحامِي(1). وتُحذَف ياؤه في حالتين:

الأولى: أن يكون مفرداً، مجرّداً من [ألـ] والإضافة، فتُحذف ياؤه، وينون بالكسر، في حالة رفعه وجره فقط، نحو:

[حَكَم قاضٍ] (حالة رفع، إذ هو فاعل) [على جانٍ] (حالة جرّ، إذ هو مجرور بعلى).

وأما في حالة النصب، فإن ياءه تثبت، فيقال مثلاً: رأيتُ قاضياً وجانياً.

الثانية: أن يُجمع جمعَ مذكر سالماً، فتُحذف ياؤه قولاً واحداً، فيقال مثلاً: شكا المحامونَ الجانِينَ إلى القاضِينَ(2).

فإذا ثنّيته، أو جمعته ; جمع مؤنث سالماً، بقي على حاله، كما ترى:

المفرد المثنى جمع المؤنث السالم الحُكم

الداعي الداعيان / الداعيَيْن الداعيات لا تغيير

* * *

1- إذا لم يكن ما قبل يائه مكسوراً، فليس اسماً منقوصاً، مثال ذلك: [ظبْي - مشْي - سعْي...]. وأما تسميته منقوصاً، فمن أنّ ياءه تُنقَص (تُحذَف) في مواضع من الاستعمال.

2- لولا الحذف لقيل: شكا المحامِيُونَ الجانِيِينَ إلى القاضِيِينَ، وهذا في العربية لا يقال.

(30/1)

الاسم المقصور وتثنيته وجمعه

الاسم المقصور(1): اسمٌ آخره ألف نحو: [هُدى، العطشى، كسرتْ عصا الفتى مصطفى].

1- تثنيته وجمعه (لهما حكم واحد، له استثناء واحد):

كلّ اسم مقصور إذا ثنّيته أو جمعته جمع مؤنث سالماً(2)، قلبت ألفه ياءً. إلاّ أن يكون ثلاثياً أصل ألفه واو، فتردّها إلى واو. ودونك من ذلك نماذج:

المفرد

المثنى

جمع المؤنث السالم

ملاحظات

فَتَى

فَتَيان/فتيَيْن

-

لا يُجمَع جمع مؤنث سالماً.

هُدَى

هُدَيان/هديَيْن

هديات

حُبْلى

حُبْلَيان/حبليَيْن

حُبْلَيات

رِضا

رِضَوان/ رِضَوَيْن

-

علمٌ مذكر، واويّ: من الرضوان.

عَصَا

عَصَوان/عَصَوَيْن

-

لا يُجمَع جمع مؤنث سالماً.

2- إذا جمعت الاسم المقصور جمع مذكر سالماً، حذفت ألفه:

ففي: [مُرْتَضَى ومصطفَى] - مثلاً - تقول في حالة الرفع: [مُرتَضَوْن ومصطَفَوْن]، وفي حالة النصب والجر تقول: [مُرْتَضَيْن ومُصطَفَيْن]. وفي [رِضا] تقول: [رِضَوْن - رِضَيْن] وفي [الأعلى] تقول: [الأعلَوْنَ - الأعلَيْن](3).

فائدتان:

الأولى: أن اتصال تاء التأنيث بالاسم المقصور، لا يغيّر من القاعدة المطردة شيئاً،وعلى ذلك تقول: [صلوات وفتيات].

الثانية: أن القياس يقضي بأن تُجمَع كلمة (حياة) على (حَيَيَات)، لأن الأصل (حيي)، ولكنهم مع ذلك جمعوها على [حَيَوَات]، كراهية تتالي لفظِ ياءَين مفتوحَتين.

* * *

1- يشيع عند كثيرين، أن الألف المقصورة هي التي تُكتب بصورةِ ياء غير منقوطة مثل: [فتى، مصطفى، عطشى...]، والحق أن الألف تُسمّى [مقصورة] مهما تكن صورة كتابتها. فهي مقصورة في [عصا ورجا] ومقصورة كذلك في [عطشى ومصطفى]...

2- يخضع جمع المذكر السالم (43) لقاعدة كليّة في العربية، ذُكِرَتْ في الفقرة التالية.

3- ليس حذف الألف هنا، قاعدة خاصة بالاسم المقصور وحده، بل هو قاعدة كليّة شاملة: فكلما التقى في الكلام حَرْفا علّة ساكنان وجب حذف أولهما بالضرورة. وإليك تطبيق ذلك على المقصور:

(31/1)

ففي الرفع: مصطفَىْوْن، ويُحذف الساكن الأول فيقال: مصطفَوْن.

وفي النصب والجرّ: مصطفَىْيْن، ويُحذف الساكن الأول فيقال: مصطفَيْن.

(31/2)

اسم المرة

يدل اسم المرة على وقوع الفعل مرة واحدة. ويصاغ من الفعل الثلاثي على وزن [فَعْلَة] نحو: [سار فلان سَيْرَة، وجلس جَلْسَة].

وأمّا الفعل غير الثلاثي فاسم المرة منه، هو مصدره القياسيّ، مضافاً إليه تاء في آخره. نحو: [انحدر فلان انحدارة] و[استكبر استكبارة].

فإذا كان مصدر الفعل ممّا ينتهي بتاء - أصلاً - نحو: رحمة ودعوة وإعانة واستقامة، وأريد استعماله للدلالة على المرة، فحينئذ يؤتى بعده بكلمة تدل على ذلك، فيقال: رحمة واحدة، ودعوة واحدة، وإعانة واحدة، واستقامة واحدة...

* * *

(32/1)

اسم المصدر

ليس في العربية [اسم مصدر] بل فيها [مصدر]، لكن كتب الصناعة تسمّي المصدر: [اسم مصدر]، إذا كانت حروفه أقل من حروف فعله الماضي.

مثال ذلك: [سلّم خالد سلامَ مستعجلٍ]، فـ [سلام = س ل ا م] عندهم اسم مصدر، لأن حروفه الأصلية أقل من حروف الفعل الماضي: [سلّم = س ل ل م]. وكذلك: [توضّأ وضوءاً]، فـ [وضوء] عندهم اسم مصدر، لأن حروفه أقل من حروف فعله الماضي: [توضّأ = ت و ض ض أ]. وهكذا...

* * *

(33/1)

الاسم الموصول

هو اسم لا يتمّ معناه إلاّ إذا وُصل بشبه جملة(1) أو جملة. فمِن وصْله بشبه الجملة قولك: [أعطني الكتاب الذي عندك]. و[أعرني الكتاب الذي في الدار]. ومن وصْله بالجملة قولك: [قرأت الكتاب الذي اشتريته].

واعلم أن الأسماء الموصولة صنفان:

¨ صنف تُفْرَد ألفاظه وتُثنى وتجمع وتذكّر وتؤنث (على حسب الحال). وهي: الذي (للمفرد المذكر)، اللذان - اللذَيْن (للمثنى المذكر)، الذِين (لجمع المذكر العاقل)، التي (للمفردة المؤنثة)، اللتان - اللتَيْن (للمثنى المؤنث)، اللاتي واللواتي واللائي (لجمع المؤنث)، الأُلى (لجمع المذكر، عاقلاً أو غير عاقل)(2).

¨ والصنف الثاني: أسماء تكون بلفظ واحد للمفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث، وهي: مَنْ (للعاقل)، نحو: [يستفيد مَنْ يقرأ]، ما (لغير العاقل)، نحو: [أقرأُ مِن الكتب ما يفيدني]، أَيّ (للعاقل وغيره)، نحو: [سأزور أيَّهم أَفْضَلُ] و[يزورني أيُّهم أَفْضَلُ] و[أسلِّم على أيِّهم أَفْضَلُ](3).

* * *

نماذج فصيحة من استعمال الاسم الموصول: [الأُلى]

· قال عبيد ابن الأبرص (الديوان /8):

ديارُ بني سعدِ ابنِ ثعلبةَ الأُلى أذاع بهمْ دهرٌ على الناس رائبُ

وقد استعمل [الأُلى] لجمع الذكور العقلاء، إذ أتى به نعتاً لبني سعد ابن ثعلبة.

· وقال المجنون (الديوان /170):

محا حبُّها حبَّ الأُلى كُنَّ قبلَها وحلَّتْ مكاناً لم يكن حُلَّ مِن قَبْلُ

فجاء بهذا الاسم الموصول: [الأُلى] لجمع الإناث العاقلات، إذ أراد بقوله [حبُّ الأُلى كنّ قبلها]: حبّ النساء اللواتي كنّ قبلها.

· وقال أبو ذؤيب (شرح أشعار الهذليين 1/192):

وتُبْلي الأُلى يَسْتَلْئِمون على الأُلى تَرَاهُنَّ يومَ الرَّوعِ كالحِدَأ القُبْل

(ذَكَر المنونَ (الموت) في بيت سابق، ويريد: المنون تُبلي. يستلئمون: يتدرّعون. الحِدَأ: جمعٌ مفرده حِدَأة: طائر معروف. القُبْل: ذوات الحَوَل.)

(34/1)

وقد أتى بـ [الأُلى] مرتين في البيت: مرة لجمع الذكور العقلاء، وذلك قوله: [الأُلى يستلئمون]: أي الفرسان. ومرة لجمع ما لا يعقل، وذلك قوله: [الأُلى تراهنّ]: أي الخيول.

* * *

1- شبه الجملة هو ظرف أو جار ومجرور.

2- ورد استعماله جمعاً للمؤنث أيضاً - انظر شرح ابن عقيل 1/142

3- الاسم الذي يأتي بعد [أيّ] هذه، مرفوع دوماً على أنه خبر لمبتدأ، قد يحذف كما رأيت في [أيهم... أفضل] وقد يُذْكَر فيقال: [أيّهم هو أفضل]. ويسمي النحاة هذا الضمير الذي يجوز ذكره وحذفه: [صدر الصلة].

(34/2)

اسم التفضيل

هو اسم مشتق (39)، وزنه [أَفْعَل] ووزن مؤنثه [فُعْلَى]، يدل على زيادة في صفة، اشترك فيها اثنان، وزاد أحدهما فيها على الآخر. نحو: [سعيد أطول من خالد].

حُكْم: إذا تَعَذَّر صَوْغُ [أَفْعَل] اسماً للتفضيل، جيء بمصدر بعد [أكثر] أو [أعظم] أو [أشدّ] أو نحوها، فيقال مثلاً: فلانٌ أعْظَمُ إنسانيّةً، وأَكْثَرُ دحرجةً، وأَطْوَلُ استغفاراً. وهكذا...

أفعل التفضيل له في الاستعمال صورتان:

الصورة الأولى:

أن يكون محلّى بـ [ألـ]، فيطابق ما قبله في كل شيء، نحو:

جاء الفائز الأكبر جاءت الفائزة الكبرى

جاء الفائزان الأكبران جاءت الفائزتان الكبريان

جاء الفائزون الأكبرون جاءت الفائزات الكبريات

الصورة الثانية:

ألاّ يكون محلّى بـ [ألـ]، فيأتي عند ذلك على صورة واحدة، لا تتغيّر في كل حال، هي صورة [أَفْعَل]، مهما يكن الذي قبله والذي بعده(1).

ففي التعبير عن التفضيل المطلق يقال مثلاً:

هو أفضل رجل ، وهو أفضل الرجال

هي أفضل امرأة ، وهي أفضل النساء

هما أفضل رجلين ، وهما أفضل الرجال

هاتان أفضل امرأتين ، وهاتان أفضل النساء

هم أفضل رجال ، وهم أفضل الرجال

هنّ أفضل نساء ، وهنّ أفضل النساء

ففي كل حالٍ [أَفْعَل]، مهما يكن ما قبله وما بعده. فإذا احتيج إلى التقييد، زِيدتْ [مِنْ]، بعد [أَفْعَل]. فيقال مثلاً: خالد أفضل من سعيد، وزينب أفضل من فاطمة، وهكذا...

* * *

نماذج فصيحة من استعمال اسم التفضيل

· قال تعالى: ]سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى[ (الأعلى 87/1)

[الأعلى]: اسم تفضيل، حُلّي بـ [ألـ]، فطابق كلمة [ربّك]، في التذكير والإفراد والتعريف.

· حديث: [اليدُ العُلْيا خَيرٌ مِنَ اليدِ السُّفْلى] (صحيح مسلم 7/124)

في الحديث مسألتان:

(35/1)

الأولى: أن [العليا] مؤنث الأعلى، و[السفلى] مؤنث الأسفل. فهما اسما تفضيل. وقد جاء كلاهما محلّى بـ [ألـ]، فطابقتا ما قبلهما؛ فـ [اليد] قبلهما، مفرد مؤنث معرّف، ولذلك جاء كلّ منهما مفرداً مؤنثاً معرّفاً.

والمسألة الثانية: أن كلمة [خَيْر]، الأصل فيها [أَخْيَر]، وِزان [أَفْعَل]، فهي إذاً اسم تفضيل حذفت همزتُه(1). ويُلاحَظ مجيء [مِن] بعدها، بسبب التقييد. إذ المعنى: خيرٌ من اليد السفلى فقط، لا خيرٌ من كلّ يدٍ على الإطلاق.

· قال تعالى: ]إنْ تَرَنِ أنا أَقَلَّ منك مالاً وولداً[ (الكهف 18/39)

اسم التفضيل [أقلّ] - في الآية - غير مُحَلّى بـ [ألـ]، ولذلك يكون وِزانَ [أفعل]، في كلّ حال، مهما يكن الذي قبله والذي بعده.

وقد أُتِيَ بعده بـ [مِن]، لأن في الآية تقييداً. أي: أنا أقلّ منك فقط، لا أقل من كلّ أحد على الإطلاق. ومثله قوله تعالى:

· ]ولتجدنهم أَحْرَصَ الناس على حياة[ (البقرة 2/96)

فإنّ اسم التفضيل [أحرص] في الآية، غير محلّى بـ [ألـ]، ولذلك يكون وِزان [أفعل]، من غير التفات إلى مجيء ما بعده، نكرةً أو معرفة. إذ القاعدة هي هي في كل حال.

* * *

1- لا فرق في ذلك بين مذكر ومؤنث، أو بين مفرد ومثنى وجمع، أو بين أن يَتلوه مُعَرّف أو مُنَكّر. ففي كل حال [أَفْعَل].

1- وردت كلمة [خَيْر] - على قلّة - في كلام العرب، على الأصل، أي: [أَخْيَر] بغير حذف. وتُماثِلها في ذلك كلمةُ [شَرّ]، فقد وردت بغير حذف: [أشرّ].

(35/2)

ومن الفوائد أن نذكر هنا، أن العربي قد يستعمل أفعل التفضيل حيث لا يريد التفضيل. ومنه قول عليّ كرم الله وجهه يشكو ويدعو: [أبدلَني الله بهم خيراً منهم، وأبدلهم بي شراً لهم مني]. فهو لا يريد أنهم خيّرون ويسأل الله أخير منهم، ولا أنه شرير ويسأل الله لهم أشرّ منه - حاشاه - وإنما يسأل الله لنفسه أخياراً، ويسأل لهم أميراً شريراً. قال ابن أبي الحديد موجِزاً: [(شراً) هاهنا، لا يدلّ على أن فيه شرّاً، كقوله ]قل أذلك خَيْرٌ أم جنة الخلد[ (الفرقان 25/15) لا يدل على أن في النار خيراً]. (نهج البلاغة 6/112)

(35/3)

الاستغاثة

الاستغاثة: نداءٌ يُطلَب به العونُ على دفع شِدّة(1). ولها أداةٌ واحدة هي: [يا]. وأسلوب واحد، يمثّله قولك:[يا لَلأقوياءِ لِلضعفاءِ](2). وقد يتعدد المستغاث فيقال مثلاً: [يا لَلأقوياء ولِلْقادرين، لِلضعفاءِ]. فتظلّ لامُ المستغاث الأول مفتوحة: [يا لَلأقوياءِ]، وتُكسَر كلُّ لامٍ بعده، مطلقاً، أي: [ولِلْقادرين لِلضعفاءِ].

* * *

1- لافرق في ذلك، بين أن تكون الاستغاثة لدفع شدة عن ضعيف، أو اتّقاء شدة من قوي، فالأسلوب هو هو في الحالتين، وإنما يُفهَم المقصود من السياق.

2- في المثال، استغاثة بالأقوياء لدفع الشدة عن الضعفاء: أداة الاستغاثة [يا]، والمستغاث به لدفع الشدة [الأقوياء]، والمستغاث له [الضعفاء]. وقد يُحذف المستغاث له، كنحو قولك: [يا لَلّهِ].

(36/1)

الفاعل

الفاعل: اسم مرفوعٌ، يُسنَد إليه فعلٌ، أوشبهُه(1) نحو قولك: [سافر خالدٌ]؛ وقد يكون مصدراً مؤوّلاً، نحو قولك: [سرّني أن تنجح = سرني نجاحُك]. والأصل أن يتقدم الفاعل على المفعول به، ولكن يجوز العكس. وسياق الكلام يزيل اللبس.

¨ مطابقة الفعل للفاعل تذكيراً وتأنيثاً:

- يُذكّر الفعل وجوباً إذا كان فاعلُه مذكّراً. مفرداً كان، أو مثنى، أو جمع مذكر سالماً(2) مثال ذلك: [قصَفَ الرعدُ - سقط الجداران - سافر المعلمون].

- يؤنّث الفعل وجوباً في حالتين فقط:

الحالة الأولى: أن يكون فاعله حقيقي التأنيث(3)، غير مفصول عنه، مفرداً كان، أو مثنى، أو جمعاً سالماً(2) نحو: [سافرت الطالبة - سافرت الطالبتان - سافرت الطالبات].

الحالة الثانية: أن يتقدّم عليه فاعلُه المؤنث، مفرداً كان، أو مثنى، أو جمعاً(4): مثال ذلك: [الشمس طلعت - زينب سافرت - الطالبتان سافرتا وتسافران - الطالبات سافرت وسافرن وتسافر ويسافرن - والجِمال سارت وسرن وتسير ويسرن](5).

· أما في غير هذه الحالات الثلاث: (أي: حالة وجوب التذكير إذا كان الفاعل مذكراً، وحالَتَيْ وجوب التأنيث إذا كان الفاعل حقيقي التأنيث غير مفصول عن فعله. أو مؤنثاً مطلقاً متقدماً على فعله)، فيجوز التذكير والتأنيث، والمرء بالخيار.

مسألة عظيمة الخطر: تقول مدرسة الكوفة: يجوز أن يتقدّم الفاعل على فعله، ففي نحو: [خالدٌ سافر]، يجيزون أن يُعرب [خالدٌ] فاعلاً مقدّماً. وأما مدرسة البصرة فتقول: بل [خالدٌ] في المثال إعرابه: [مبتدأ] ولا يجوز إعرابه فاعلاً. (انظر التفصيل في بحث: جزم الفعل المضارع).

* * *

نماذج فصيحة من استعمال الفاعل

· ]حتى توارتْ بالحجاب[ (ص 38/32)

(37/1)

أي توارت الشمس، فـ [الشمس] هي الفاعل، وإنما حُذِفت-وإنْ لم يسبق لها ذكر-لأن السياق دلّ عليها. وليس مثلُ هذا الحذف مقصوراً على الفاعل، بل هو عامّ، حين يُعرف المحذوف ويَدلّ عليه دليل. وقد أبَّد ذلك ابن مالك في بيتٍ خالد، إذ قال:

وحذفُ ما يُعلَمُ جائزٌ كما تقول: [زيدٌ]، بعدَ [مَن عندكما]

ومِن هذا أيضاً، قول بشّار (الديوان 4/184):

إذا ما غضبْنا غضْبةً مضريَّةً هتكنا حجاب الشمس أو تقطرَ الدما

أي: تقطر السيوف دماً، وقد حذف [السيوف] وهي فاعل، إذ دلّ عليها السياق.

· ]ومن الناس والدوابّ والأنعام مختلفٌ ألوانُه كذلك[ (فاطر 35/28)

من المقرر أن ما يشبه الفعل: كالصفة المشبهة واسم الفعل واسم الفاعل... يَرفعُ فاعلاً، كما يَرفَع الفعلُ فاعلاً. فأما ما يشبه الفعل هنا، فهو [مختلفٌ] فإنه اسم فاعل مِن [اختلف]، وأما فاعله فهو: [ألوانُه].

· ]وإنْ أحدٌ من المشركين استجارك فأَجِرْهُ حتى يسمع كلام الله[ (التوبة 9/6)

[أحدٌ]: فاعل مقدّم لفعل: [استجار] - في مذهب الكوفة، إذ تجيز إعراب الفاعل فاعلاً، سواء أتقدم على فعله أم تأخر عنه - وأما في مذهب البصرة، التي تمنع دخول أدوات الشرط على الأسماء وتمنع تقدم الفاعل على فعله، فإنّ [أحدٌ] فاعل لفعل محذوف يفسره الفعل المذكور، أي: [وإن استجارك أحدٌ استجارك فأجره].

· ومِن نحو هذا قولُ السموءل:

إذا سيّدٌ منّا خلا قام سيّدٌ قؤولٌ لما قال الكرامُ فعولُ

وفيه أنّ [سيّدٌ] في مذهب الكوفة، يجوز أن يُعرَب فاعلاً مقدّماً على فعله [خلا]، وفي مذهب البصرة أنه فاعل لفعل محذوف يفسّره فعل [خلا] المذكور، أي: إذا خلا سيد منا خلا.

· ومثل ذلك طِبقاً، قولُ تأبط شراً (الديوان /86):

إذا المرءُ لم يَحْتَلْ وقد جَدَّ جِدُّهُ أضاع وقاسى أمرَهُ وهو مُدْبِرُ

(37/2)

فقد تقدّم الفاعل: [المرءُ]، على فعله: [لم يَحْتَلْ]، فيجوز أن يُعرَب فاعلاً، عند الكوفيين. على حين هو - عند البصريين - فاعل لفعل محذوف يفسّره فعل [لم يَحْتَلْ] المذكور، أي: إذا لم يحتل المرء لم يحتل.

· ]فمن جاءه موعظةٌ من ربه[ (البقرة 2/275)

لا مطابقة هنا في الآية، بين الفعل وفاعلِه. فالفعل: [جاء] مذكر، وفاعله: [موعظةٌ] مؤنث. وذلك جائز، لأن المطابقة - إذا كان الفاعل مؤنثاً - إنما تكون واجبةً في حالتين:

الأولى أن يتقدّم الفاعل المؤنث على فعله. وهذا غير متحقّق في الآية. فـ [موعظة] فاعل مؤنث، ولكنه لم يتقدّم على فعله.

والثانية أن يكون الفاعل حقيقي التأنيث، غير مفصول عن فعله. وهذا أيضاً لم يتحقق في الآية. فـ [موعظة] مؤنث غير حقيقي. فضلاً عن أنه مفصول عن فعله بالهاء. ولو لم يكن الكلام قرآناً لجاز أيضاً أن يقال: [فمن جاءته موعظةٌ من ربه].

· ]وأخذ الذين ظلموا الصيحةُ[ (هود 11/67)

الشأن في الآية هنا، كالشأن في الآية السابقة، فالفعل: [أخذ] مذكر، وفاعله: [الصيحةُ] مؤنث. فلا مطابقة إذاً بينهما، وذلك جائز، لأنّ المطابقة إنما تكون واجبةً في حالتين هما: أن يتقدّم الفاعل المؤنث على فعله، أو أن يكون حقيقي التأنيث، غير مفصول عن فعله. والآيةلم يتحقق فيها أيّ منهما، فجاز التذكير والتأنيث. ودليل ذلك وبرهانه، قولُه تعالى من السورة نفسها: ]وأخذت الذين ظلموا الصيحةُ[ (هود11/94) فقد وَرَدَ الفعل هنا مؤنثاً، إذ لم يتحقق أيّ من شرطَي الوجوب المذكورين آنفاً.

· ]إذا جاءك المؤمنات يبايعنك[ (الممتحنة 60/12)

(37/3)

[جاء]: فعل مذكر، و [المؤمنات]: فاعلٌ مؤنث، حقيقي التأنيث، ولم يتطابقا. لأنّ المطابقة لا تكون واجبة، إلا في الحالتين اللتين ذكرناهما آنفاً، وهما: أن يتقدّم الفاعل المؤنث على فعله، أو يكون حقيقي التأنيث، غير مفصول عن فعله. والآية لم يتحقق فيها أيّ منهما، فالفاعل لم يتقدّم على فعله، ثمّ إنه - وإن تأخّر عن الفعل وكان حقيقي التأنيث - قد فصل بينهما فاصل هو كاف الضمير في [جاءك]. وعلى ذلك جاز التذكير والتأنيث. ولولم يكن الكلام قرآناً، لجاز أن يقال أيضاً: [إذا جاءتك المؤمنات].

· قال الشاعر:

إنّ امرأً غرَّهُ منكنَّ واحدةٌ بَعْدي وبعدكِ في الدنيا لَمَغْرورُ

[واحدة] (أي امرأة واحدة)، فاعلٌ حقيقي التأنيث، لكنْ فُصِل بينه وبين فعله بهاء الضمير، فضلاً على الجارّ والمجرور: [منكنّ]، فكانت المطابقة غير واجبة، وجاز التأنيث والتذكير. ولولا أن ينكسر الوزن لجاز أن يقول الشاعر أيضاً: [غرته منكن واحدة].

· ]آمنتْ به بنو إسرائيل[ (يونس 10/90)

من المقرّر أنّ الفعل يُذكَّر وجوباً في حالة واحدة فقط. هي أن يكون الفاعل مذكراً، مفرداً كان أو مثنى، أو جمع مذكر سالماً - تحديداً دون غيره من الجموع - ولما كان الفاعل في الآية وهو: [بنو] ملحقاً بالمذكر السالم، وليس مذكراً سالماً، انتفى وجوب التذكير، وجاز الوجهان: التذكير والتأنيث. ولو لم يكن الكلام قرآناً، لجاز أن يقال أيضاً: [آمن به بنو إسرائيل].

· قال النابغة الذبياني (الديوان /82):

قالت بنو عامرٍ: خالُوا بني أسدٍ يا بؤسَ لِلجَهلِ ضرّاراً لأقوامِ

(خالوا بني أسدٍ: أي اقطعوا حلفهم).

(37/4)

تقدّم في الآية آنفاً: أنّ الفعل يُذكَّر وجوباً في حالة واحدة فقط. هي أن يكون الفاعل مذكراً، مفرداً كان أو مثنى، أو جمع مذكر سالماً - تحديداً دون غيره من الجموع - ولما كان الفاعل في البيت، وهو: [بنو]، ملحقاً بالمذكر السالم، وليس مذكراً سالماً، انتفى وجوب التذكير، وجاز الوجهان: التذكير والتأنيث. وعلى ذلك جاز في البيت، [قالت بنو عامر]، ويجوز للشاعر - لو أراد - أن يقول: [قال بنو عامر].

· قال عَبْدَة بن الطبيب:

فبكى بناتي شجوهنّ وزوجتي والظاعنون إليَّ ثمّ تصدّعوا

لا مطابقة في البيت، بين الفعل وفاعله، فالفعل: [بكى] مذكر، وفاعله: [بناتي] مؤنث.

ولقد جاز ذلك، لأن المطابقة إنما تجب في حالتين إحداهما: أن يكون الفاعل حقيقي التأنيث، غير مفصول عن فعله، مفرداً كان أو مثنى أو جمع مؤنث سالماً.

ولما كان الفاعل: [بناتي] ليس جمع مؤنث سالماً انتفى وجوب التأنيث وجاز الوجهان: التأنيث والتذكير. ولو قال الشاعر: [بكت بناتي] لجاز ذلك.

· ]كذّبتْ قومُ نوحٍ المرسلين[ (الشعراء 26/105)

لا مطابقة في الآية، فالفعل مؤنث: [كذبت]، والفاعل مذكر: [قوم]. وقد جاز ذلك لأن وجوب التذكير لم يتحقق شرطه، وهو: أن يكون الفاعل مذكراً، مفرداً كان أو مثنى أو جمع مذكر سالماً - تحديداً دون غيره من الجموع - ولما كان الفاعل: [قوم] ليس جمع مذكر سالماً - وإنْ دلّ على كثير - انتفى وجوب التذكير، وجاز الوجهان: التأنيث والتذكير. ومنه أنْ جاء التذكير في قوله تعالى: ]وكَذّب به قومُك وهو الحقّ[ (الأنعام 6/66)

· ]إذ قالت امرأة عمران[ (آل عمران 3/35)

(37/5)

الفعل في الآية مؤنث: [قالت]، وفاعله أيضاً مؤنثٌ: [امرأة]، فالمطابقة إذاً متحققة، وهي مطابقة واجبة قولاً واحداً. وذلك أنّ الفاعل متى كان اسماً حقيقي التأنيث غير مفصول عن فعله، كان تأنيث فعله واجباً. ولقد تحقق ذلك في الآية: فـ [امرأة] فاعل حقيقي التأنيث، لا يفصله فاصل عن فعله: [قالت]، ومن هنا كانت المطابقة واجبة.

* * *

1- إذا قيل: [سافر خالدٌ]، قال النحاة: في هذه الجملة مسنَدٌ هو: [سافر] ومسندٌ إليه هو: [خالد]. وأمّا ما يشبه الفعل فهو ما يعمل عمله مثل: [اسم الفعل، والصفة المشبهة، واسم الفاعل إلخ...] فالمرفوع بعدها فاعل لها نحو: [هيهات السفر - سعيدٌ جميلٌ وجهُه - خالدٌ ناجحٌ سعيُه...].

2- دون غيره من الجموع الأخرى، كجمع التكسير، والملحق بالجمع السالم، فهذه جائز تذكير الفعل معها لا واجب. على أن الكوفيين يجيزون التذكير والتأنيث في كل جمع مطلقاً. وأما أبو علي الفارسي فيستثني جمع المذكر السالم من هذا الإطلاق فلا يجيز فيه إلاّ التذكير.

3- يراد بالحقيقي التأنيث: ما يتناسل.

4- المراد بالجمع هنا كلُّ جمعٍ مؤنث مطلقاً: أي جمع السلامة، نحو: [الطالبات]، وجمع التكسير، نحو: [الحوامل]، وجمع غير العاقل، نحو: [الجِمال].

5- يصحّ أن يقال في التثنية: [الفتاتان تسافران ويسافران]، وفي الجمع: [الفتيات تسافرن ويسافرن]، فالتاء والياء، كلاهما جائز، في الحالتين.

(37/6)

الفعل الأجوف

الفعل الأجوف: ما كان حرفه الثاني حرف علّة (واواً أو ياءً). وهو صنفان:

الأول: ما ينقلب بالإعلال ألفاً، وهو كثير، كنحو [قال - صام - باع - ذاع]، فهذه في الأصل: [قوم - صوم - بيع - ذيع]...

والثاني: ما لا ينقلب، فيبقى على حاله كنحو: [عَوِر - غَيِد]، وهو قليل، محدودةٌ أفعاله.

هذا، على أنّ ما يعتري الفعل الأجوف من إعلال وتصحيح في حالاته الثلاث (ماضياً ومضارعاً وأمراً)، متّصلاً بالضمائر، أو غيرَ متصل بها، تجده - سيراً مع منهج البحث العلمي - في موضعه من بحث [الإعلال].

* * *

(38/1)

فعل الأمر

الأمر: ما يُطلب به إلى المخاطَب، فِعلُ ما يؤمر به. وله خمس صيغ، إليكها مطبقةً على أفعال الفتح والنصر والجلوس:

1- اِفتَحْ اُنصُرْ اِجلِسْ (للمفرد المذكر)

2- اِفتَحي اُنصُري اِجلِسي (للمفرد المؤنث)

3- اِفتَحا اُنصُرا اِجلِسا (للمثنى المذكر والمثنى المؤنث)

4- اِفتَحوا اُنصُروا اِجلِسوا (لجمع المذكر)

5- اِفتَحْن اُنصُرْن اِجلِسْن (لجمع المؤنث)

أحكام:

¨ يلازم آخرُ الأمر السكونَ، إذا لم يتصل به شيء، نحو: [اِشربْ]. فإن اتصل به ما يدلّ على المخاطَب، جانست حركةُ آخره، ما يتصل به:

ففي [اِشربِي] حركةُ آخره الكسر، لأن الكسر يجانس الياء.

وفي [اِشربَا] حركةُ آخره الفتح، لأن الفتح يجانس الألف.

وفي [اِشربُوا] حركةُ آخره الضمّ، لأن الضمّ يجانس الواو.

وفي [اِشربْن] لزم الأمرُ السكون، لمجانسته سكونَ النون عند الوقف(1).

¨ يحُذَف آخر الأمر، إن كان معتلَّ الآخر، غيرَ متصل به شيء. فيقال مثلاً: [اِسعَ وادنُ وامشِ]، والأصل: [اِسعَىْ وادنُوْ وامشِيْ](2).

¨ إن كان الأمر مثالاً، نحو: [وَعَد - وَصَل - وَقَف] حُذِفَت فاؤه، فيقال: [عِدْ - صِلْ - قِفْ].

¨ يجتمع على أمر اللفيف المفروق(3) حذفُ الحرف الأول والثالث، فيبقى منه حرف واحد. ففي نحو: [وعى - وفى - وقى - ونى] يبقى بعد الحذف: [عِ - فِ - قِ - نِ]. فتزاد هاء السكت وجوباً، في الآخر عند الوقف، فيقال: [عِهْ - فِهْ - قِهْ - نِهْ].

¨ تزاد همزة وصلٍ مضمومة، في أمر الثلاثي المضموم العين فيقال: [اُكتُب - اُخرُج]، وأما في غير ذلك فتكون مكسورة: [اِشرَب - اِجلِس - اِنطلقْ - اِستخرجْ](4).

* * *

1- من القواعد الكلية التي لا تتخلّف، أن الوقوف على متحرك، لا يجوز في العربية. وتقيداً بذلك، لم نعتدّ بفتح نون النسوة في أثناء الدرج بل اعتددنا بسكونها عند الوقف. هذا، فضلاً على ما للوقوف على الساكن من آثار تطبيقية أحياناً، كما رأيتَ هنا، وفي مواضع أخرى من البحوث.

(39/1)

2- انظر: [اتصال الفعل الناقص بواو الجماعة وياء المخاطَبَة]، في بحث تصريف الأفعال (64).

3- يُطلَق مصطلح [اللفيف المفروق] على ما فاؤه ولامه حرفَا علَّة، إذ يفرق بينهما حرف صحيح.

4- جرت العرب على أن تحذف الهمزة من أمر فِعْلَيْ: [أخذ - أكل] فقالت: [خُذْ - كُلْ]، وأما فعل [أَمَرَ] فربما حذفت همزته فقالت: [مُرْ]، وربما أثبتتها فقالت: [اُؤمُرْ]. وحَذفَت الهمزة وأثبتتها أيضاً في صيغة الأمر إذا كانت عينَ فِعْلِ [سألَ]، فقالت: [سَلْ] كما قالت: [اِسْأَلْ].

(39/2)

الفعل الماضي

الفعل الماضي: ما دلّ على حدَثٍ مضى زمنه. نحو: [سافر خالد]. وعلامته أن يقبل التاء في آخره نحو: [سافرت]. ويتعاوره الفتح والضمّ والسكون:

- فالفتح، نحو: [سافرَ خالد، وسافرَتْ زينب، وخالد وزينب سافرَا].

- والضمّ، نحو: [سافرُوا].

- والسكون، نحو: [سافرْتُ وسافرْتَ وسافرْنا](1)...

* * *

1- ما كان من فعلٍ ماضٍ معتلٍّ آخره، فموضع أحكامه وما يتصل بذلك، هو بحث الإعلال. فمن شاء طلبه في موضعه.

(40/1)

الفعل المهموز أوّلُه(1)

¨ جرت العرب على أن تَحذف همزة فِعْلَيْن، من أفعال الأمر المهموزِ أوّلُها. وذلك لكثرة استعمالهما في كلامهم، وهما: [خُذْ وكُلْ].

· وأما إدغام وفكّ همزات الأفعال المهموزة، فإن منهج البحث العلمي، يقضي أن يكون الحديث عنهما، ومعالجتهما في بحث الهمزة من قسم الأدوات. فانظر ذلك هناك.

* * *

1- كل فعلٍ أوّلُه أو ثانيه أو ثالثه همزة، فهو في الاصطلاح [فعل مهموز]، والبحث هنا في المهموز أوله.

(41/1)

الفعل المثال

الفعل المثال هو: ما كان حرفه الأول حرف علّة(1) نحو: [وعد - ورم - يبس - يئس...].

الحُكم: إذا كان الفعل المثال متعدّياً، حذفت الواو من مضارعه وأمره. وذلك نحو: [وَعَدَ - يَعِدُ - عِدْ] و[وَضَعَ - يَضَعُ - ضَعْ].

وما جاء مخالفاً لهذا، فسماعيٌّ لا يقاس عليه.

* * *

1- حروف العلة هي الواو والياء، وأما الألف فمنقلبة عن أحدهما.

(42/1)

الفعل المضعّف

الفعل المضعّف: ما كان ثاني حروفه وثالثها من جنس واحد. نحو: [مدّ - شدّ - قلّ - عفّ]...

يقتصر البحث في الفعل المضعّف، على الإدغام وفكِّه، ومواضع وجوب ذلك وجوازه. وسيراً مع منهج البحث العلمي، وتجنباً للتكرار، لم نعرض لهذه المسائل هنا، إذ كان موضعها بحث الإدغام، فمن شاء رجع إليها في موضعها.

* * *

(43/1)

الفعل المضارع

الفعل المضارع: ما دلَّ على حدَثٍ يجري مستمرّاً(1)، نحو: [ينجح خالد، وتفرح سعاد، ونسافر مبكِّرين، وأقرأ كثيراً...] ولا بدّ من أن يكون أوَّلُه حرفاً مزيداً من أربعة هي: النون والهمزة والياء والتاء، تجمعها كلمة: (نأيت).

ومن علاماته أن يقبل دخول [سوف]، نحو: [سوف نسافر].

أحكام:

¨ تُحذَف الواو من مضارع الفعل المثال(2) الواويّ، إذا كان متعدياً. نحو [وَعَدَ ووَضَعَ] فيقال: [يَعِدُ ويَضَعُ].

¨ يُرْفَع المضارع بالضمة، ويُنصَب بالفتحة، ويُجزَم بالسكون، نحو: [يسافرُ خالدٌ، ولن يرجِعَ، ولم يُودّعْ أصحابَه]. فإذا اتصل به ضمير الاثنين أو واو الجماعة أو ياء المخاطبَة، رُفِع بالنون، وجُزم ونُصب بحذفها. وذلك في خمسة أفعال، يسمّونها (الأفعال الخمسة). تقول في الرفع: [يسافران وتسافرون وتسافرين]، وفي الجزم والنصب: [إن يسافروا فلن يندموا ولن تندمي].

¨ يبنى المضارع مرتين:

مرةً على السكون إذا اتصلت به نون النسوة نحو: [هنّ يشربْنَ].

ومرةً على الفتح إذا اتصلت به نون التوكيد - خفيفةً أو ثقيلةً - مباشرة بغير فاصل، نحو: [لَتَكْتُبَنْ ولَتَكْتُبَنَّ](3).

* * *

1- إنما يُعَيِّن زمانَه للماضي أو الحاضر أو المستقبل، أداةٌ أو قرينة. ففي قولك: [لَم أسافر إلى بيروت] تعيَّن زمنُ المضارع للماضي بـ [لم]. وفي خطاب القرآن لبني إسرائيل: ]فلِمَ تقتلون أنبياء الله من قبل[ تَعيَّنَ زمنُه للماضي بقرينة. وفي قولك: (سأسافر)، تعيّن زمنه للمستقبل بالسين. وإذا سألك أحدهم وقد رآك تشرب: [ماذا تفعل]؟ فقلتَ: [أشرب]، فالقرينة هاهنا عَيَّنَت زمنه للحال، وهكذا...

2- الفعل المثال، مصطلح نحويّ، معناه: الفعل المعتل الفاء، أي: المعتل الأول.

3- لعل من المفيد توجيه النظر إلى أن بناء المضارع مرهون باتصاله - حصراً - بإحدى النونين: نون النسوة ونون التوكيد. فإذا لم يتصل بإحداهما، كان معرَباً ولم يكن إلى بنائه سبيل.

(44/1)

الفعل الناقص

تصريفه واتّصاله بالضمير(1)

بين يدَيِ البحث: تذكير بقواعد كليّة، موضعُها - أصلاً - بحث الإعلال:

1- إذا التقى ساكنان أولهما حرف علّة حُذف(2) نحو:

دَعَاْتْ = دَعَ... تْ

ترضاْيْن = ترضَ... يْنَ

يخشاْوْن = يخشَ... وْنَ

2-كل ألف في آخر الفعل الناقص لا بدّ من أن تكون منقلبة عن واو أو ياء.

ففي نحو [دعا]: الألف منقلبة عن واو، والدليل: دعوْت.

وفي نحو [مشى]: الألف منقلبة عن ياء، والدليل: مشيْت.

3- إذا زاد الفعل الناقص على ثلاثة أحرف، قلبت ألفه ياءً، مهما يكن أصلها.

ففي نحو [تسامى] يقال: [تسامَيْنا]، فتقلب الألف ياءً، والأصل واو، والدليل: يسمو.

وفي نحو[تماشى] يقال: [تماشَيْنا]، فتقلب الألف ياءً، والأصل ياء، والدليل: يمشي.

4- إذا حُذفت الألف، ظلّ الحرف قبلها مفتوحاً، فيَستدلّ المرء بهذه الفتحة على أن الحرف الذي حُذف هو الألف.

تنبيه لا بدّ منه: كل فعل معتلّ - مهما يكن حرف العلّة فيه - ومهما يكن موضعه، تعتريه أنماط من الحذف أو الإثبات أو القلب، ومن التحريك أو التسكين... تحكمها قواعد كلّيّة، ناقصاً كان الفعل أو أجوف أو مثالاً... وموضع كل ذلك هو بحث [الإعلال]. وسيراً مع ما يوجبه منهج البحث العلمي، لم نعرض لهذه المسائل هنا، فخالفنا بذلك سُنّةً من سنن النحاة، يلزمونها كلما عرضت حالة من حالات الإعلال !! في موضع من المواضع!! في بحث من البحوث!!

وإنما أعرضنا عن ذلك، تجنّباً للتكرار، وحرصاً على اتصال أجزاء المواضيع، وصوناً لها من التقطيع وانفصام العرى، عند كل خطوة يخطوها البحث. فمن شاء رجع إلى هذه المسائل، في مواضعها من بحث [الإعلال].

* * *

البحث

الفعل الناقص: ما كان آخره حرفَ علّة، نحو: [عدَا - مشَى- رضِي...].

أحكام:

· إذا اتصل الفعل الناقص بواو الجماعة، أو ياء المؤنثة المخاطبة، حُذف حرف العلة، قولاً واحداً.

(45/1)

· فإنْ كان هذا المحذوف ألفاً، بقي ما قبله مفتوحاً أبداً قولاً واحداً(3)، بغير التفاتٍ إلى صيغة الفعل من ماضٍ أو مضارع أو أمر، ولا التفاتٍ إلى ما يتّصل به من واو جماعة أو ياء مؤنثة مخاطبة، نحو:

سعَـ..وا، يسعَـ..ون، اِسعَـ..وا، اِسعَـ..ينَ

يرضَـ..ون، ترضَـ..ين، اِرضَـ..وا - اِرضَـ..يْ...

(لفظ الأمر يُحمَل على لفظ المضارع)

· أو كان غيرَ الألف (أي: الواو أو الياء):

فقبْله الضمُّ أبداً، إذا اتّصل بواو الجماعة (لأنّ الضمة هي التي تناسب الواو) نحو:

نسِي - نَسُـ..وا (في الماضي)،

يمشِي - يمشُـ..ون (في المضارع)،

امشُـ..وا (في الأمر، ولفظ الأمر يُحمَل على لفظ المضارع).

وقبْله الكسرُ أبداً، إذا اتّصل بياء المخاطبة (لأنّ الكسرة هي التي تناسب الياء) نحو: تعدُو - تعدِ..ين- اعدِ..ي(4).

تقول في المضارع(5) : يا زينب تعدِ...ين، ترمِـ...ين، تستهدِ...ين.

وتقول في الأمر: يا زينب اعدِ...ي، اِرمِـ...ي، اِستهدي.

* * *

نماذج فصيحة من استعمال الفعل الناقص

· ]ولا تكونوا كالذين نَسُوا الله[ (الحشر 59/19)

[نَسُوْا]: الأصل: نسِيَ + (واو الجماعة)

هاهنا فعلٌ ماضٍ متصل بواو الجماعة. حذف من آخره حرف العلة وهو الياء: [نسِـ...وْ](6) والحذفُ حكمُ كل فعل ناقص إذا اتصل بواو الجماعة.

ثم لأنه متصل بالواو يُضَمّ الحرف الذي يسبقه - وهو هنا السين - لمناسبة واو الجماعة، وعلى ذلك قيل: [نَسُوا].

والذي ذكرناه في هذا المثال، ينطبق كل الانطباق على: [عَمُوا - شَقُوا - رَضُوا] في الآيات: ]ثمّ عَمُوا وصَمُّوا[ (المائدة 5/71)، ]فأمّا الذين شَقُوا ففي النَّار[ (هود 11/106)، ]رَضِيَ الله عنهم ورضُوا عنه[ (البيّنة 98/8)

فحاولْ تحليلها في هَدْي ما بيّنّا لك.

· ]دَعَوْا الله مخلِصين له الدِّين[ (يونس 10/22)

(45/2)

[دَعَوْا]: الأصل: دَعَا + (واو الجماعة). هاهنا فعلٌ ماضٍ متصل بواو الجماعة، حذف من آخره حرف العلة، وهو الألف: [دعَـ... وْ]، والحذفُ حُكمُ كل فعل ناقص إذا اتصل بواو الجماعة. ثم لأن المحذوف ألف، يبقى الحرف الذي قبله، وهو هنا العين، مفتوحاً، فيدل على المحذوف. وعلى ذلك قيل: [دعَوْا].

والذي ذكرناه هنا، ينطبق كل الانطباق على قوله تعالى: ]ونادَوْا يا مَالِكُ لِيَقْضِ علينا ربّك[ (الزخرف43/77)، وقوله: ]واسْتَغْشَوْا ثيابَهم[ (نوح 71/7)، وعلى قول كثيّر عزّة (الديوان /81):

بلَوْهُ فأَعطَوْه المقادةَ بعدما أَدَبَّ البلادَ سهلَها وجبالَها

فحاولْ تحليل ذلك في هَدْي ما بيّنّا لك.

· قال حسان بن ثابت (الديوان /309):

يُغشَون حتى ما تهرّ كلابُهمْ لا يَسألون عن السَّواد المُقْبِلِ

[يُغْشَوْنَ]: الأصل: يُغْشَا + وْنَ (واو الجماعة)

هاهنا فعل مضارع مبني للمجهول، حذف من آخره حرف العلة، وهو الألف: [يُغْشَـ...وْن] والحذف حُكمُ كل فعل ناقص إذا اتصل بواو الجماعة.

ثم لأن المحذوف ألف، يبقى الحرف الذي قبله - وهو الشين - مفتوحاً، فيدل على المحذوف، وعلى ذلك قيل: [يُغْشَوْن].

ومن المفيد أن نوجّه النظر هنا، إلى أن بناء هذا الفعل للمعلوم أي: [يَغْشَوْنَ]، لا يغير من الأمر شيئاً(7).

هذا، وما ذكرناه هنا، ينطبق كل الانطباق على: [تنهَون وتتعاشَوا] في قول حسان بن ثابت (جمهرة ابن الكلبي 1/261):

يا آل تَيمٍ ألا تنهَوْنَ جاهلَكمْ قبل القِذاف بأمثال الجَلاميدِ

وقول الحارث بن حِلِّزة (السبع الطوال /477):

فاتركوا البغيَ والتعدِّيْ وإما تتعاشَوا ففي التعاشي الداءُ

وما كان مثلَهما، فحاولْ تحليلهما في هَدْي ما بيّنّا لك.

واعلم أن هذا ينطبق أيضا على المضارع المتصل بياء المؤنثة المخاطبة، نحو: [ترضَين وتخشَين...] فالألف تُحذف، والحرف الذي يسبقها يفتح قولاً واحداً، جرياً مع القاعدة.

· قال كثيّر عزّة (الديوان /80):

(45/3)

يُحَيُّون بُهلولاً به رَدَّ ربُّه إلى عبد شمسٍ عِزَّها وجَمالَها

[يُحَيُّونَ] الأصل: يُحَيِّيْ(8) + وْنَ (واو الجماعة)

هاهنا فعل مضارع، حذف من آخره حرف العلة، وهو الياء الثالثة: [يحيّـ...ون] والحذف حكم كل فعل ناقص إذا اتصل بواو الجماعة. ثم لأنه متصل بالواو، يضمّ الحرف الذي يسبقه-وهو هنا الياء-لمناسبة واو الجماعة(9). وعلى ذلك قيل: [يحيُّون].

· في الحديث: [تهادَوْا تَحابُّوا...]. (الموطّأ 2/908)

[تَهَادَوْا]: الأصل: تَهادَىْ + وْ (واو الجماعة)

هاهنا فعلُ أمر، حُذف من آخره حرف العلة، وهو الألف: [تهادَ...وْ]، والحذف حُكْمُ كل فعل ناقص إذا اتصل بواو الجماعة. ثم لأن المحذوف ألف، يبقى الحرف الذي قبله - وهو الدال - مفتوحاً، فيدل على المحذوف. وعلى ذلك قيل: [تهادَوْا].

والذي ذكرناه هنا، ينطبق كل الانطباق على قول عليّ عليه السلام (نهج البلاغة - د. الصالح/491): [تَوَقَّوُا البردَ في أوّله، وتَلَقَّوْهُ في آخره...].

فحاولْ تحليل ذلك، في هدي ما بيّنا لك.

ونوجّه نظرك إلى أن هذا ينطبق أيضا على المضارع المتصل بياء المؤنثة المخاطبة، نحو: [تلقَّي وتوقَّي...] فالألف تحذف والحرف الذي قبلها يفتح. وهكذا...

* * *

1- ليس المقصود هنا بـ [الفعل الناقص] كان وأخواتها، بل المقصود به: الفعل المنتهي بألف أو واوٍ أو ياء.

2- ذكرنا في بحث الإعلال أنّ حروف العلة هي: الواو والياء، وأما الألف فمنقلبة عن أحدهما. وليس إطلاقنا مصطلح [حروف العلة] في هذا البحث، على الألف والواو والياء جميعاً، إلاّ من قبيل التجوّز، إذ الأحكام هنا تشمل الأحرف الثلاثة، بغير نظر إلى أصلها، أو مآلها.

3- تدلّ الفتحة على أن الحرف المحذوف ألف.

4- أجازوا ضمّ وكسر همزة الوصل، في المعتل الآخر بالواو إذا اتصل بياء المخاطبة، فصحّ أن تقول: اُعدِي واِعدِي.

5- لم نعرّج على الماضي، لأنه لا يتّصل بياء المخاطبة.

(45/4)

6- كتابة الألف بعد واو الجماعة، مسألة إملائيّة، لا علاقة لها بما نحن بصدده، وقد حذفناها عمداً، خشية أن تصرف بصر القارئ أو ذهنه عن القاعدة.

7- بيان ذلك، أن المسألة مركوزة في الاتصال بواو الجماعة والحرفِ المحذوف والحركةِ قبله. وهذه لا يغيّر منها شيئا أن يكون لفظ الفعل [يَغْشَوْنَ] أو [يُغْشَوْنَ].

8- (يحيّي): فيه ثلاث ياءات، الأولى والثانية منها مدغمتان.

9- ملاحظة: لو كان هذا الفعل مبنياً للمجهول لقيل: (يُحَيَّوْن). وعند ذلك يجري عليه ما يلي: يحيَّون: مضارع، والأصل: [يحيَّا + وْن]، حذف حرف العلة، وهو الألف: يحيَّـ...ون - وذلك حكم كل ناقص إذا اتصل بواو الجماعة. ثم لأن المحذوف ألف، يبقى الحرف الذي قبله - وهو الياء - مفتوحاً، فيدل على المحذوف.

(45/5)

الهيئة ومصدرها

الهيئة: هي الحالة التي يكون عليها الحَدَث. وتتشكل من مصدر ومضاف إليه، نحو: [فَرَّ فِرارَ الخائف]، أو مصدرٍ ونعتِه، نحو: [تَثاقَلَ تثاقلاً مُمِلاًّ]. وقد يتقدم عليه وصفه نحو: [زهير حَسَنُ الجلوس]، أي: زهير ذو جلوس حسن.

مصدرها: يُصاغ مصدر الهيئة من الفعل الثلاثي على وزن [فِعْلَة]، نحو: [جلس جِلْسةَ المستعجل].

وأما ما فوق الثلاثي فمصدره نفسه هو مصدر الهيئة، نحو: [استرحم استرحام الذليل].

* * *

(46/1)

الحكاية

الحكاية هي: نقل ما قيل كما قيل، بلا تغيير ولا تبديل.

فإذا سمعتَ رجلاً يلفظ اسمَ خالد - مثلاً - مرفوعاً بالضمة فيقول: [خالدٌ]، وأردتَ حكاية قوله قلتَ: [سمعتُ: خالدٌ]. فتعيد الكلام بعينه؛ ولولا أنك تحكي ما سمعتَ لقلتَ: [سمعتُ خالداً](1).

* * *

نماذج فصيحة من استعمال الحكاية

· ذكروا أن أحدهم قال: [إنّ في الدار قرشيّاً] فقيل له: [ليس بقرشيّاً]؛ ولولا الحكاية لقيل له: [ليس بقرشيٍّ].

· وقال بعضهم: [عندي تمرتان] فقيل له: [دعني من تمرتان]؛ ولولا الحكاية لقال: [دعني من تمرتين].

· والسورة الثالثة والعشرون من المصحف هي [سورة المؤمنون]، ولولا الحكاية لقيل: [سورة المؤمنين].

· ولقد سمع ذو الرُّمة يوماً قائلاً يقول: [الناسُ ينتجعون الغيث]. (أي: يطلبون الكلأ)، فقال لناقته، واسمُها [صَيْدَح]؛ وأنتِ فانتجعي بلالَ بن أبي بردة، ذاك الرجل الكريم، قال:

سمعتُ: [الناسُ ينتجعون غيثاً] فقلتُ لـ [صَيْدَح]: انتجعي بِلالا

ولولا أنّ ذا الرمة أراد أن يحكي ما سمع لقال: [سمعتُ الناسَ...].

* * *

1- في إعراب: [سمعتُ: خالدٌ] يقال: [سمعت]: فعل وفاعل. و[خالدٌ]: مفعول به منصوب بفتحة مقدرة منع من ظهورها حركة الحكاية.

(47/1)

جمع الجمع

جاء عن العرب أنهم جمعوا الجمع أحياناً. وذلك كلمات معدودات بأعيانها. وجمع الجمع - على هذا - سماعي، فما ورد منه يحفظ ويستعمل، ولكن لا يقاس عليه. من ذلك: بيوتات ورجالات وجمالات وأقاويل وأظافير...

هذا، على أن مجمع اللغة العربية بالقاهرة، أجاز جمع الجمع عند الحاجة. وطريقة ذلك أن يُجمع الجمع - في هذه الحال - على ما يُجمع عليه المفرد(1) المناظر له، نحو:

قوْل - أقوال - أقاويل

وعَيْن - أعيُن - أعايِن...

* * *

1- لا يعتدّ في جمع الجمع بنوع الحركة من فتحة وضمة وكسرة، بل يعتد بمناظرة حرف متحرك لحرف متحرك، وحرف ساكن لحرف ساكن.

(48/1)

جمع المؤنث السالم

يجمع الاسم جمع مؤنث سالماً، بأن يزاد عليه ألف وتاء مبسوطة(1)، نحو: [زينب - زينبات].

ويجمع هذا الجمعَ:;:

1- العلم المؤنث، نحو: [هند - هندات، وفاطمة - فاطمات].

2- الاسم المختوم بإحدى علامات التأنيث الثلاث: الألف الممدودة، نحو: [صحراء - صحراوات]، والألف المقصورة، نحو: [ذكرى - ذكريات]، والتاء المربوطة، نحو: [شجرة - شجرات](2).

3- صفة ما لا يعقل، ومصغَّره. فمثال صفته: [جبل شاهق - جبال شاهقات]. ومثال مصغَّره: [دريهم - دريهمات].

4- المصدر الذي يتجاوز فعله ثلاثة أحرف، نحو: [تعريفات]، فإنه من عرّف، و[إكرامات]، فإنه من أكرم.

5- الاسم الذي لم يُعهد له جمع آخر، أعجمياً كان أو غير أعجمي، نحو: [مهرجان وتلفزيون وحمّام وإصطبل...]، فإنها تجمع على [مهرجانات وتلفزيونات وحمامات وإصطبلات...].

6- اسم غير العاقل، إذا كان يُبدأ بـ [ابن]، أو [ذي]، نحو: [ابن آوى وابن عرس] و[ذي القعدة وذي الحجة] فإن ذلك يُجمع على: [بنات آوى وبنات عرس] و[ذوات القعدة وذوات الحجة].

لاحقة: ألحَقوا الكلمات التالية بجمع المؤنث السالم، فعاملوها معاملته، وإن لم تتحقق لها شروطه:

أ - أولات (أي صاحبات): فإن معناها الجمع، وليس لها مفرد من لفظها.

ب - أذرعات وعرفات وعنايات ونعمات ونحوها، فلفظها لفظ الجمع، ومعناها المفرد.

ج - أسماء الحروف الهجائية، فقد قالوا: ألفات وسينات ولامات وميمات... فجمعوها هذا الجمع وإن لم تُستكمَل لها شروطه.

حكمان:

الأول: إذا كان المفرد مختوماً بالتاء المربوطة، حُذِفت في الجمع وجوباً، نحو: [مجتهدة - مجتهدات].

الثاني: جمع المؤنث السالم - كسائر الأسماء في العربية - يرفع بالضمة، ويجر بالكسرة. لكنه في حالة النصب، يتفرَّد، فيُنْصَب بالكسرة. مثال ذلك:

هذه دجاجاتٌ : وقد رُفع بالضمة.

ونظرت إلى دجاجاتٍ : وقد جُر بالكسرة.

واشتريت دجاجاتٍ : وقد نصب بالكسرة عوضاً عن الفتحة.

(49/1)

ولابن مالك في هذا بيت لطيف يقول فيه:

وما بِتا وألفٍ قد جُمِعا يُكسَر في الجر وفي النصب معا

طرائق جمع المؤنث السالم:

إذا جمعتَ الاسم الثلاثي الساكن الثاني، نحو: [سجْدة وخطوة ورحْلة...] جمع مؤنث سالماً، جاز لك طريقتان:

الأولى: أن تَفتح ثانيَهُ مطلقاً في كل حال. نحو: [سَجْدة - سَجَدات، وخُطْوة - خُطَوات، ورِحْلة - رِحَلات].

والثانية: أن تَجعل حركتَه مماثلةً لحركة الحرف الأول. نحو: [سَجْدة - سَجَدات، وخُطْوة - خُطُوات، ورِحْلة - رِحِلات].

لاحقة: أجازوا أيضاً سكون الثاني، إذا كان الأول مضموماً أو مكسوراً، نحو: [خُطوة ورِحلة - خُطْوات ورِحْلات].

تنبيه: كل ما بحثنا فيه من حركات إنما يتعلق بـ [الاسم، الثلاثي، الساكن الثاني].

فإذا لم يكن اسماً، بل كان صفةً، نحو: ضخْمة وسهْلة، أو لم يكن ثلاثياً، نحو: زينب وسعاد، أو لم يكن ساكن الثاني، نحو: شجَرة وعِنَبة، ففي كل هذه الأحوال لا تغيير في اللفظ ولا تبديل. وعلى ذلك تقول في جمع الكلمات المذكورة آنفاً: ضخْمات وسهْلات، وزَيْنَبات وسُعادات، وشَجَرات وعِنَبات (3).

* * *

1- إذا لم تكن الألف والتاء - كلتاهما - زائدتين، لم تكن الكلمة جمع مؤنث سالماً.

2- يستثنى من المختوم بالتاء المربوطة ست كلمات هي: [امرأة - شاة - أَمَة - شفة - ملَّة - أُمَّة]، فإنها تجمع على: [نساء - شياه - إماء - شفاه - مِلَل - أُمَم].

3- من العرب من يسكن الثاني في الجمع، إذا كان حرفَ علة، نحو: غيْمة - غيْمات، وجوْزة - جوزات، ومنهم من يفتحه مستظلاّ بالقاعدة العامة: [فتح الثاني مهما تكن حركة الأول]. فامرؤ وما اختار.

(49/2)

جمع المذكر السالم

¨ هو جمعٌ سلِمتْ صورة مفرده، فلم يصبها التغيير، وزِيدَ في آخره واو ونون في حالة الرفع نحو: [جاء كاتبون]، وياء ونون في حالتَي النصب والجرّ، نحو: [رأيت كاتبِين، ومررت بكاتبِين]. فإذا أضيف حُذفت نونه، نحو: جاء معلّمو المدرسة، ورأيت معلّمي المدرسة، ومررت بمعلّمي المدرسة.

¨ لا يُجمَع جمعَ مذكّر سالماً إلاّ شيئان:

1- علَمٌ لمذكّر عاقل، نحو: [خالد وسعيد وأحمد]، فيقال في جمعها: [خالدون وسعيدون وأحمدون].

2- اسم مشتقّ يصلح أن يُنْعَتَ به المذكّر العاقل، كاسم الفاعل واسم المفعول واسم التفضيل والصفة المشبّهة، نحو: [كاتب، محروم، أكرم، طيّب...]، فإنها تجمع على: [كاتبون، محرومون، أكرمون، طيّبون...].

تنبيه: استَعْملَت العرب عدداً من الكلمات، استعمال جمع المذكر السالم، مع أنها لم تستكمل شروط هذا الجمع. فرفعَتْها بالواو والنون، ونصبَتْها وجرَّتْها بالياء والنون. ولذلك سماها النحاة: (الملحقات بجمع المذكر السالم)، أشهرها: أرضون، سنون، أهلون، بنون، عالَمون، أُولو، عشرون وأخواتها.

* * *

(50/1)

الجامد والمشتقّ

تمهيد: كل اسم لا يرجع إلى كلمة تسبقه في الوجود فهو [جامد]. فالشمس والقمر والحجر والشجر، والعِلم والنصر والرَكض...كلها أسماء جامدة. لأن ألفاظها لا ترجع إلى كلمات أخرى سبقتها في الوجود.

وأما الاسم المشتقّ، فهو الذي يؤخذ من كلمة سبقته في وجودها؛ فالمُشمِس والمُقْمِر والمتحجّر والمشجَّر، والعالِم والمنصور والراكض، كلها أسماء مشتقّة، لأنها ترجع إلى كلمات سبقتها في الوجود، ذكرناها آنفاً. فكما يكون الصخر جامداً ثم يخرج منه الماء، كذلك شأن الجامد من الكلمات، هو جامد ومنه تؤخذ المشتقات.

البحث

ذكرنا آنفا ما يدل على الاسم الجامد. ولمزيد من الدلالة عليه، نقول: إنه لا يخلو من أن يكون مما تقع عليه الحواسّ، فيسمُّونه: [اسم ذات]، كالحجر والدرهم والرجل والشمس والقمر... أو يكون مما يدركه العقل، فيسمّونه [اسم معنى]، كالرَّكْض والشُّربِ والنَّوم... فهذه الثلاثة ونحوُها، أمور لا تقع عليها الحواسّ، وإنما يدركها العقل؛ فالرائي إنما يَرى الراكضَ والشاربَ والنائمَ، ولكن لا يرى الركضَ والشربَ والنوم...

ومن المشتقات: اسم الفاعل، واسم المفعول، واسم التفضيل، واسم الآلة، إلخ...

* * *

(51/1)

الجامد والمتصرف

إذا كان الفعل ممّا يلزم صيغة واحدة لا يَعْدُوها، سَمَّوْه جامداً. ثم قد تكون صيغةَ ماضٍ نحو: [عسى- ليس...] أو صيغة أمرٍ نحو: [تعالَ - هاتِ...].

فإذا كان ممّا يتحوّل من صيغة إلى أخرى سمَّوه: متصرّفاً.

ثم هو تامُّ التصرّف، إذا كان يأتي منه الصيغ الثلاث: (الماضي والمضارع والأمر)، نحو: [شربَ - يشربُ - اِشربْ]، و[فتحَ - يفتحُ - اِفتحْ].

وهو ناقصُ التصرف إذا كان يأتي منه صيغتان فقط، مثل: [كاد - يكاد]، و[أوشك - يوشك]، و[يَذَرُ- ذَرْ]، و[يَدَعُ - دَعْ].

* * *

(52/1)

جزم الفعل المضارع

ما يَجزم الفعلَ المضارع ضربان: أحدهما يجزم فعلاً مضارعاً واحداً، والآخر يجزم فعلين مضارعين.

¨ فما يجزم فعلاً واحداً، أربعة أحرف، دونكها في أمثلة:

- (لَمْ): ومن خصائصه أنه يقلب زمن المضارع إلى ماضٍ. نحو: [لم نسافِرْ]. أي: لم نسافر في الماضي.

- (لَمّا): ومن خصائصه أنه ينفي حدوث الفعل من الزمن الماضي حتى لحظة التكلم. نحو: [عزَمْنا على السفر، ولمّا نسافرْ]. أي: ولم نسافر حتى الآن.

- (لام الأمر): نحو: [لِنُسافرْ، فمَن سافر تجدَّد](1).

- (لا الناهية): نحو: [لا تسافرْ وحيداً، فالرفيق قبل الطريق].

¨ وما يجزم فعلَيْن عشر أدوات، دونكها في أمثلة(2):

- (إنْ): نحو: [إنْ تدرسْ تنجحْ]. وهو حرف. وسائر الأدوات التالية أسماء، وهي:

- (مَنْ): للعاقل نحو: [مَنْ يدرسْ ينجحْ].

- (ما): لغير العاقل نحو: [ما تفعلْ مِن خير، تنلْ جزاءَه].

- (مهما): لغير العاقل نحو: [مهما تَكتُمْ خلائقَكَ تُعْلَمْ].

- (متى): للزمان، نحو: [متى تزرْنا نُكرمْك]. وقد تلحقها (ما) الزائدة: [متى ما تزرْنا نكرمْك].

- (أيّان): للزمان، نحو: [أيّان يَصُنْكَ القانون تُصَنْ]. وقد تلحقها (ما) الزائدة: [أيان ما يصنْك القانون تُصَنْ].

- (أين): للمكان، نحو: [أين تجلسْ أجلسْ]. وقد تلحقها (ما) الزائدة: [أينما تجلسْ أجلسْ].

- (أنّى): للمكان، نحو: [أنّى تُقِمْ نَزُرْكَ].

- (حيثما): للمكان، نحو: [حيثما تستقمْ تُحْتَرَمْ].

- (أيّ): اسم مبهم معرَب، نحو: [أيَّ كتابٍ تقرأْ يُفِدْكَ]. وقد تلحقها (ما) الزائدة: [أيَّما كتابٍ تقرأْ يُفِدْكَ]. وتمتاز من الأدوات الأخرى، بمزيتين، إليكهما:

ا- لا بدّ بعدها من مضاف إليه ظاهر، نحو: [أيَّ كتابٍ تقرأْ يُفِدْكَ]، أو مقدَّر، نحو: [كتابَ أيٍّ ... تقرأْ يفدْكَ]. أي: كتاب أيِّ مؤلِّفٍ...

2 - تأتي مرفوعةً ومنصوبة ومجرورة، على حسب موقعها من الكلام(3).

الشرط والجواب

(53/1)

تدخل أداة الشرط على فعلين، فيسمى الأول فعل الشرط، ويسمى الثاني جواب الشرط. ويكون ذلك على أربعة أضرب، إليكها في أمثلة:

إنْ تدرسْ تنجحْ: (الشرط والجواب مضارعان).

إنْ درست نجحت: (الشرط والجواب ماضيان).

إنْ تدرسْ نجحت: (الشرط مضارع والجواب ماضٍ).

إن درست تنجحْ: (الشرط ماضٍ والجواب مضارع)(4)

فإذا لم يكن جواب الشرط فعلاً مضارعاً ولا فعلاً ماضياً، أوكان أحدَهما، ولكن تعذّر تأثير أداة الشرط فيه - لمانع يمنع من ذلك، كما سترى - يُؤتى عند ذلك بفاءٍ(5) تدخل على الجواب، فتربطه بالشرط. وقد نُظِمت هذه الموانع في بيت من الشعر لتيسير حفظها، نورده فيما يأتي، مع التعليق على كلٍّ منها للإيضاح:

اِسميّةٌ طلبيَّةٌ وبجامِدٍ وبـ(ما) و(لن) وبـ(قد) وبـ(التنفيسِ)

اِسمية: يعني إذا كان الجواب جملة اسميّة، نحو: [إن تصفحْ فـ الصفحُ أجمل](6).

طلبية: أو كان الجواب ذا صيغةٍ طلبية، نحو: [إن أخطأتَ فـ اعتذِرْ].

جامد: أو كان الجواب فعلاً جامداً، نحو:[إن تتعبِ اليوم فـ عسى أن ترتاح غداً].

ما: أو كان الجواب مصدَّراً بـ [ما]، نحو: [إن تجتهدْ فـ ما نجاحك بعجيب].

لن: أو كان الجواب مصدَّراً بـ [لن]، نحو: [منْ يستقمْ فـ لن يندمَ].

قد: أو كان الجواب مصدَّراً بـ [قد]، نحو: [إن أساءت الأيام فـ قد تُحْسِنُ].

التنفيس(7): أو كان الجواب مصدَّراً بالسين أو سوف، نحو: [من يسِرْ على الدرب فـ سيصلُ، من يسرْ على الدرب فـ سوف يصلُ].

الجزم بالطلب

يُجزم الفعل المضارع، إذا جاء مسبَّباً عن طلبٍ(8) قبله، نحو: [ادرسْ تنجحْ]، فالفعل [تنجحْ] إنما جُزم، لأنه مسبب عن طلبٍ قبله هو [ادرسْ]، فإن لم يكن كذلك لم يكن جزم، ومنه قوله تعالى: ]ولا تَمْنُنْ تستكثرُ] (9) (المدثر 74/6)

أحكام:

¨ تذكير بقاعدة كليّة: ما يُعلَم يجوز حذفه، ومنه قول الشاعر:

فطلِّقْها، فلست لها بكفءٍ وإلاّ... يعلُ مفرقَكَ الحسامُ

(53/2)

أي: وإلاّ تطلِّقْها يعلُ. فحَذَفَ فعل الشرط، للعلم به.

ومنه قولهم: مَن أكرمك فأكرمه، ومَن لا فلا !! أي: ومن لا يُكرمْك فلا تُكرمْه. وفيه حذْفُ الشرط والجواب معاً، وقد دلّ السياق على ما حُذِف.

¨ قد يتقدَّم جواب الشرط على الشرط والأداة. نحو: [أنت ظالم إن فعلت]. والكلام قبل تقدُّم الجواب: [إن فعلت فأنت ظالم](10).

¨ إذا اجتمع شرط وقسم، فالجواب للأول منهما، نحو: [والله - إن نجحتَ - لأكافئنّك]. و[إن تسافرْ - والله - أسافرْ]. فإن تقدّم عليهما ما يحتاج إلى خبر، جاز أن تجعل الجواب لأيهما شئت. تقول: [خالدٌ والله - إن يجتهد - لينجحنَّ] و[خالدٌ - والله - إن يجتهد ينجحْ].

تبيين: بين مدرسة البصرة ومدرسة الكوفة خلاف في تقدُّم الفاعل على فعله. ففي نحو: [خالدٌ سافر]، تقول الكوفة: يجوز أن يتقدم الفاعل على فعله. فيكون [خالدٌ: فاعلَ (سافر)]. والبصرة تقول: [بل (خالدٌ): مبتدأ، وفاعلُ [سافر] ضمير مستتر تقديره [هو] يعود إلى [خالد]، وجملة: [سافر] خبر (خالدٌ)].

وبناءً على ما قدّمنا مِن اختلافهم، يكون لكلمة [الضيوف] من قولك: [إنِ الضيوفُ حضروا فاستقبلْهم] إعرابان:

فبناءً على رأي الكوفة:

[الضيوف] فاعلٌ لفعلِ [حَضَر] والواو علامة جمع. شأنها كشأن التاء مِن: [زينبُ سافرتْ]، فإنها علامة تأنيث.

وبناءً على رأي البصرة:

[الضيوف] فاعل لفعلٍ محذوف، يفسّره الفعل المذكور، أي: [حضر]. والتقدير: [إنْ حضر الضيوف حضروا فاستقبلهم].

ملاحظة: نكرر هنا ما قلناه في الحاشية قبل بضعة أسطر من أن العرب قالت: [إنِ الضيوف حضروا فاستقبلهم]، واختلاف المدرستين في إعراب هذا التركيب، لا يغيّر منه شيئاً!!

* * *

نماذج فصيحة من استعمال الجزم

· ]مَن كان يريد حرثَ الآخرة نزدْ له في حرثه[ (الشورى 42/20)

دخلت أداة الشرط [مَن] على ماضٍ: [كان]، فمضارعٍ فجزمته: [نزدْ].

· ]ومن كان يريد حرثَ الدنيا نُؤتِهِ منها[ (الشورى 42/20)

(53/3)

دخلت أداة الشرط [مَن]، على ماضٍ: [كان]، فمضارع فجزمته: [نؤتِ].

· قال قعنب ابن أمّ صاحب (المغني /772):

إن يسمعوا سُبَّةً طاروا بها فرحاً عنّي، وما يَسمعوا مِن صالحٍ دَفَنُوا

[إن يسمعوا... طاروا]: دخلت أداة الشرط [إن] في صدر البيت على مضارع فجزمته: [يسمعوا]، فماضٍ: [طاروا]؛ كما دخلت أداة الشرط [ما] في العجُز، على مضارع فجزمته: [يسمعوا]، فماضٍ: [دفنوا].

· [مَنْ يَقُمْ ليلةَ القدر إيماناً واحتساباً، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخّر]. (حديث شريف)

وقد دخلت أداة الشرط [مَنْ] على مضارعٍ: [يقمْ] فجزمته، فماضٍ: [غُفِر].

· قال الحطيئة (الديوان /81 ولسان العرب 15/57):

متى تأتِهِ - تعشو إلى ضوء ناره - تَجِدْ خيرَ نارٍ عندها خيرُ موقِدِ

[متى تأتِه... تجد]: دخلت أداة الشرط [متى] على مضارعين: [تأتِ وتجدْ] فجزمتهما. والأصل: [تأتي] وجُزم بحذف الياء، و: [تجد] وجزم بالسكون.

· قال الأحوص (الديوان /190):

فطلِّقْها فلستَ لها بكفءٍ وإلاّ يَعْلُ مفرقَكَ الحسامُ(11)

(إلاّ = إنْ لا). حُذِف فِعلُ الشرط من التركيب، للعلم به، والأصل: إلاّ تطلِّقْها يعْلُ مفرقَكَ الحسام. ففعل الشرط المحذوف [تطلقها] مجزوم بالسكون، وجواب الشرط: [يعلُ]، مجزوم بحذف الواو، إذ الأصل: [يعلو].

· ]فإن استطعتَ أن تبتغيَ نفقاً في الأرض أو سلَّماً في السماء[ (الأنعام 6/35)

[إن استطعت...]: دخلت أداة الشرط [إن] على فِعلٍ ماضٍ: [استطعت]، وأما الجواب فمحذوف، والتقدير: [إن استطعت أن تبتغي... فافعلْ].

· ]لئن اجتمعت الإنسُ والجنُّ على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله[ (الإسراء 17/88)

(53/4)

[لئن اجتمعت... لا يأتون]: في الآية قسَمٌ، دلّت عليه اللام الموطِّئة، وبعده شرطٌ أداتُه [إنْ]. والقاعدة: أنّ الشرط والقسم إذا اجتمعا، فالجواب للأول منهما. والقسم في الآية هو الأول، فالجواب إذاً له، وهو: [لا يأتون]، ولم ينجزم، لأنه جواب القسم، ولو كان جواباً للشرط لانجزم فقيل: [لا يأتوا].

· قال عبد الله ابن الدُّمَينة يتغزَّل (الديوان /17):

لئن ساءني أنْ نلتِني بمساءةٍ لقد سرَّني أني خطرتُ ببالكِ

[لئن ساءني... لقد سرني]: اجتمع في البيت قسمٌ وشرط، والقسم هو الأول، فالجواب إذاً له، وهو: [لقد سرني]؛ يدلُّكَ على ذلك قوله في الجواب: [لقد]، ومعلومٌ أنّ اللام و[قد]، إنما تقعان في جواب القسم، لا في جواب الشرط.

· ]وإنْ أحدٌ من المشركين استجارك فأجِرْه حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه[ (التوبة 9/6)

في الآية مسألتان: الأولى، دخول أداة الشرط على اسم: [إنْ أحدٌ]، بناءً على رأي الكوفيين. والثانية تقديم الفاعل [أحدٌ] على فعله [استجارك]، بناءً على رأيهم أيضاً.

· ومثل ذلك قول السموءل:

إذا سيّدٌ منا خلا قام سيّدٌ قؤولٌ لما قال الكرام فعولُ

وفيه مسألتان مماثلتان هما: تقَدُّمُ الفاعل [سيدٌ] على فعله [خلا]، ودخول أداة الشرط [إذا] على الاسم [سيد] (من المفيد أن نشير هنا إلى أنه لا فرق في هذا بين أداة شرط جازمة، وأداة شرط غير جازمة) ويطابقهما في كل ذلك قولُ تأبط شرّاً:

إذا المرء لم يَحْتَل وقد جدَّ جدُّهُ أضاع وقاسى أمره وهو مدبِرُ

وأما على حسب رأي البصريين ففي كل ذلك: يُعَدّ الاسم بعد أداة الشرط فاعلاً لفعل محذوف يفسّره الفعل المذكور. ومن ثم تكون الأداة قد دخلت على فعل. ويكون التقدير في الآية: [وإنِ استجارك أحدٌ من المشركين استجارك فأجره]. وفي قول السموءل: [إذا خلا سيّدٌ منا خلا سيِّد قام سيّدٌ]. وفي قول تأبّط شرّاً: [إذا لم يحتل المرءُ لم يحتل المرء أضاع]...

(53/5)

· ]وإن تصبْهم سيِّئةٌ بما قدَّمتْ أيديهم إذاْ هم يقنطون[ (الروم 30/36)

[إن تصبهم... إذا هم يقنطون]: جواب الشرط جملةٌ اسمية: [هم يقنطون]، وهذا يوجب اقترانها بالفاء الرابطة، وهو الأكثر. ولكن يجوز إقامة [إذاْ] الفجائيّة، مُقام الفاء، كما ترى هنا، إذ كلاهما جائز.

· قال سعد بن مالك (المغني /264):

مَنْ صَدَّ عن نيرانها فأنا ابنُ قيسٍ لا براحُ

[من صدّ... فأنا...]: جواب الشرط جملة اسمية هي: [أنا ابن قيس]، ومتى كان الجواب جملة اسمية وجب ربطها بالفاء، ولذا قال الشاعر: [فأنا...]، والاستعمال إذاً على المنهاج.

· ]قالوا إن يسرقْ فقد سرق أخٌ له من قبل[ (يوسف 12/77)

[إن يسرق... فقد سرق]: جواب الشرط: [قد سرق]، مصدَّرٌ بـ [قد]، وذلك مانعٌ مِن تأثير أداة الشرط فيه، ولذا وجب ربطه بالفاء: [فقد...]، والاستعمال على المنهاج.

· ]ومن أحياها فكأنما أحيَا الناس جميعاً[ (المائدة 5/32)

[من أحياها فكأنما]: الجواب: [كأنما أحيَا] مصدّرٌ بـ [كأنما]، وذلك مانع مِن تأثير أداة الشرط فيه، وهذا يوجب ربطه بالفاء، ولذا قيل: [فكأنما...].

· ]بل لمّا يذوقوا عذابِ[ (ص 38/8)

[لمّا] حرف جازم، من خصائصه أنه ينفي حدوث الفعل من الزمن الماضي حتى لحظة التكلم. فيكون المعنى في الآية: أنهم لم يذوقوه حتى الآن، ولكنهم سيذوقونه.

· ]فلْيَستجيبوا لي ولْيُؤمنوا بي[ (البقرة 2/186)

لام الأمر حرف جازم، حركته الكسر، ولكن يجوز إسكانه إذا دخلت عليه [الفاء، أو الواو، أو ثمّ]، وما تراه من سكونه في الآية، فلدخول الفاء عليه مرّة، ودخول الواو عليه أخرى.

· ]مَنْ يُضْلِلِ الله فلا هاديَ له[ (الأعراف 7/185)

[من... فلا هادي له]: [من]: أداة شرط، جزمت فعل الشرط: [يضللْ]، وأما الجواب فيتعذّر تأثيرها فيه، لأنه جملة اسمية: [لا هاديَ له]، فاستوجب ذلك ربطَها بالفاء، ولذا قيل: [فلا...].

· ]أرسلْه معنا غداً يرتعْ[ (يوسف 12/12)

(53/6)

[أرسله... يرتعْ]: [أرسلْه]: فعل أمر، فهو إذاً طلب، وفعل: [يرتعْ]، جواب الطلب، وهو مسبَّب عن الطلب قبله، ولذلك جُزِم. وتجد الشيء نفسه في الآية الآتية:

· ]اقتُلوا يوسفَ أو اطرحوه أرضاً يَخْلُ لكم وجه أبيكم[ (يوسف 12/9)

[اقتلوا... يخلُ]: هاهنا فعل أمر: [اقتلوا] معطوف عليه فعلُ أمرٍ آخر: [اطرحوا]، والأمر - كما علمتَ - طلب، وجواب الطلب هو [يَخْلُ]، مسبَّب عن الطلب قبله، ولذلك جُزِم فحُذفت الواو، وأصله [يخلو]. وما قلناه هاهنا، يقال في الآية الآتية:

· ]قاتلوهم يعذِّبْهم الله بأيديكم[ (التوبة 9/14)

[قاتلوا... يعذِّب]: فعل الأمر: [قاتلوهم] طلب، وجواب الطلب [يعذِّبْهم]، وهو مسبّب عن الطلب قبله، ولذلك جُزِم.

· قال امرؤ القيس:

قفا نبكِ مِن ذكرى حبيبٍ ومنْزلِ بِسِقْطِ اللِوى بين الدَخُولِ فحَوْمَلِ

[قفا نبك]: في البيت: فعل أمر، والأمر طلب، وجواب الطلب: [نبكِ] وهو مسبب عن الطلب، ولذلك جزم. وعلامة جزمه حذف حرف العلة، والأصل قبل الجزم [نبكي].

* * *

1- لام الأمر مكسورة، فإن سبقتها واوٌ أو فاء أو ثمّ، جاز أيضاً تسكينُها، نحو: ولْتكنْ، فلْيمددْ، ثمّ لْيقطعْ.

2- أغفلنا ذكر [إذما] لندرة استعمالها عموماً، وعدمه في القرون المتأخرة خصوصاً. وأما [كيفما] فقد اختلف النحاة فيها .وإذ لم يكن للقائلين بشرطيتها شاهد، فقد آثرنا مذهب مسقطيها. غير أن كِلا الفريقين مجمعان - في كل حال - على أنْ لا بدّ من أن يكون الفعلان بعدها متفقين لفظاً ومعنىً. نحو: [كيفما تقعد أقعد].

3- مثالها مرفوعةً: أيُّ رجُلٍ يَصدُقْ يُحْتَرَمْ، ومنصوبةً: ]أَيّاً ما تدعوا فله الأسماء الحسنى[، ومجرورةً: بأيِّ حُكْمٍ تقبَلْ أقبَلْ.

4- تلاحظ أن كلاًّ من الشرط والجواب، إنما يظهر عليه الجزم، إذا كان مضارعاً.

5- يسميها النحاة [الفاء الرابطة للجواب].

(53/7)

6- الجملة الاسمية، تُربَط بالفاء كما تُربَط أيضاً بـ [إذا الفجائية]، نحو: ]وإنْ تُصبْهم سيّئة بما قدّمت أيديهم إذا هم يقنطون[ (الروم 30/36)

7- المقصود بالتنفيس: السين وسوف.

8- الطلب: أمرٌ أو نهيٌ أو استفهامٌ أو عرض أو تحضيض أو تمنٍّ أو ترجٍّ.

9- فعل [تستكثرُ] ليس مسبَّباً عن: [لا تمنن]، إذ ليس المعنى: [لا تمنن، فإنك إلاّ تمنن تستكثرْ] بل المعنى: [لا تمنن مستكثراً]، والجملة إذاً، حال من فاعل (تمنن)، وليس فعلها جواباً للطلب.

10- في كتب الصناعة أن جواب الشرط لا يتقدّم، فإذا جاء متقدِّماً، قيل هذا المتقدم ليس جواب الشرط، بل جواب الشرط مثلُه، ولكنه محذوف!! والتقدير عندهم كما جاء في ابن عقيل 2/380: [أنت ظالم، إن فعلت فأنت ظالم]!! وهو رأيٌ متخيّل، لم يأت به قرآن، ولا حديث، ولا سُمع في شعر العرب، ولا نثرهم، ولا في مثَلٍ من أمثالهم، ولذلك أعرضنا عنه، ولزمنا ما قالت العرب؛ ومهما يدُر الأمر، فإن التركيب هو هو في الحالين، وإنما الاختلاف في إعرابه!!

11- للبيت روايات أخرى، أشار إليها محقّق الديوان.

(53/8)

جموع التكسير

جمع التكسير: هو ما دلّ على أكثر من اثنين، وتغيّرت صورة مفرده، نحو: [كتاب: كتب - قلم: أقلام - عالِم: علماء - مسطرة: مساطر]. إلاّ ما كان من نحو [فُلْك وهِجان] فصورته هي هي في المفرد والجمع.

وجمع التكسير ثلاثة صنوف، لكل صنف منها-في آخر البحث-جدول يمثّله.

الصنف الأوّل: وزنه [//5/5 = فَعَالِلْ](1)

ويُجمَع عليه كل اسم أحرفه أربعة كلها أصلية: [عقرب - عقارب]، أو أحدها زائد (لا فرق بين أن يكون الزائد هو الأول: إصْبع(2) - أصابع، أو الثاني: خاتم - خواتم، أو الثالث من كلمة مؤنثة: رسالة- رسائل وعجوز- عجائز، أو الرابع: حُبلَى- حَبالي)(3).

فإن كان الاسم أكثر من أربعة أحرف (خمسة فأكثر) صيّرتَه بالحذف أربعة، ثم تجمعه على: [فَعَاْلِلْ] أيضاً كما يلي:

- إن كانت حروفه خمسة كلها أصلية، حذفت الخامس، نحو: [سفرجل: سفارج - فرزدق: فرازد].

- أو خمسة أحدها زائد حذفْتَه هو، ولم تحذف حرفاً أصلياً، نحو: [غضنفر: غضافر](4).

- أو خمسة، والأخيران زائدان، حذفتهما نحو: [الموماة (الصحراء الواسعة): الموامي - السِّعلاة (الغول): السَّعالي - العَرقُوَة (الخشبة المعترضة في فم الدلو): العَراقِي - الهِبرِية (قشرة شعر الرأس): الهَبارِي - الصحراء (باعتبارها اسماً لا صفة): الصحاري].

- أو أكثر من خمسة، حذفتَ الخامس وما بعده حتى يعود أربعة، نحو: [عندليب: عنادل - خندريس (من أسماء الخمرة): خنادر - قَلَنْسُوَة: قلانس].

- فإن كان المذكَّر [فَعْلان] ومؤنثه [فَعْلَى]، فهذان كلاهما يُجمعان على [فَعالَى، وفُعالَى]، نحو: [سكران + سكرى: سَكارَى وسُكارى - عطشان + عطشى: عَطاشَى وعُطاشَى - غضبان + غَضبَى: غَضابَى وغُضابَى](5).

الصنف الثاني: وزنه [//5/55 = فَعَالِيْلْ]

(54/1)

ويُجمَع عليه كل اسم أحرفه خمسة، قبل آخره حرف علة ساكن، نحو: [قنطار: قناطير - عصفور: عصافير - قنديل: قناديل]. أو بعد أحرفه الثلاثة ياء مشدّدة - ليست للنسب - نحو: [كرسيّ: كراسيّ - قُمريّ: قماريّ - كركيّ: كراكيّ] فهذه لو فككتَ إدغام حرفها الأخير لوجدتها [كراسيْيْ وقماريْيْ وكراكيْيْ] أي: [//5/55 = فعالِيْلْ](6).

الصنف الثالث: ما كان مفرده ثلاثي الأصول. نحو: [بَحْر: بُحور - جَمَل: جِمال - جريح: جرحى - كتاب: كُتُب...] وله جداول تمثّله في آخر البحث.

تنبيه: اسم الفاعل، مما هو فوق الثلاثي، نحو: [مبادِر ومودِّع]، لا يُجمع جمع تكسير، بل يُجمع جمع سلامة. فيقال: [رجال مبادِرون ومودِّعون. ونساء مبادِرات ومودِّعات...](7).

لواحق ثلاث:

الأولى: أنّ المفرد قد يكون له جمع واحد، وقد يكون له جمعان، وقد يكون له أكثر من ذلك، نحو: [عبد: عبيد وعُبْدان وعِباد]، و[شَيخ: شيوخ وشِيَخَة وأَشياخ...].

الثانية: أنّ وزن [//5/5 فَعَالِلْ و //5/55 فَعَالِيْلْ]:

إن كان قبل آخرهما ياء، جاز حذفها نحو: عصافير وعصافر.

وإن لم يكن قبل آخرهما ياء، جاز زيادتها نحو: دراهم ودراهيم.

الثالثة: أنّ التاءَ تلحق صنوفاً من الأسماء للدلالة على الجمع.

من ذلك: الاسم المنسوب، نحو: دمشقي وبربري ومهلبي ومغربي... فتحذف ياؤه، وتلحقه التاء. فيقال: دماشقة وبرابرة ومهالبة ومغاربة...

ومنه الاسم الأعجمي، نحو: زنديق وصولجان وأُسْوار(قائد الفُرْس)، فيقال في جمعها: زنادقة وصوالجة وأساورة... ونظير هذا في العربية: صياقلة وصيارفة، جمعاً لصيقل وصيرف.

ومنه الاسم الذي قبل آخره حرف مدّ زائد، نحو: غطريف (السخي السري) وجحجاح (السيد الكريم) وعملاق، فيحذف منه حرف المدّ الزائد، ويعوّض منه التاء، فيقال: غطارفة وجحاجحة وعمالقة...

* * *

جداول جموع التكسير

1- جدول الصنف الأول [//5/5 = فَعَالِلْ]

وزن وإيقاع الجمع

المفرد

فَعَالِلْ

//5/5

(54/2)

1- حروفه أربعة، كلها أصلية: درهم دراهم، عقرب عقارب

أو أحدها زائد، وهو:

آ- الأول: إصبع أصابع، تجربة تجارب

ب- أو الثاني: سنبل سنابل، خاتم خواتم

ج- أو الثالث من كلمة مؤنثة مختومة بالتاء أو غير مختومة بها: رسالة رسائل، عجوز عجائز

د- أو الرابع: شَدْقَم شداقم، حبلى حَبالي

2- حروفه أكثر من أربعة، فتصيّره بالحذف أربعة ثم تجمعه كما يلي:

آ- إن كانت خمسة كلها أصلية حذفت الخامس: سفرجل سفارج، فرزدق فرازد

ب- أو خمسة منها حرف زائد حذفته هو: غضنفر غضافر

ج- أو خمسة والأخيران زائدان حذفتهما: الصحراء الصحاري، السِّعلاة السَّعالي

د- أو أكثر من خمسة حذفت الخامس وما بعده: عندليب عنادل، خندريس خنادر

3- أن يكون مذكّره فَعلان ومؤنثه فَعلى، فتجمعهما على فَعالى وفُعالى:

سكران + سكرى: سَكارى وسُكارى

عطشان + عطشى: عَطاشى وعُطاشى

2- جدول الصنف الثاني [//5/55 = فَعَالِيْلْ]

وزن وإيقاع الجمع

المفرد

فَعَالِيْلْ

//5/55

1- حروفه خمسة، قبل آخره حرف علة ساكن: قنطار قناطير، عصفور عصافير، قنديل قناديل

2- حروفه خمسة، بعد الثلاثة منها ياء مشدّدة ليست للنسب: كرسيّ كراسيّ، قُمْريّ قَماريّ

3- جدول الصنف الثالث: آ- (من المفرد الثلاثي الأصول إلى الجمع)

وزن المفرد

شروطه

وزن جمعه والأمثلة

أشهر الشواذ/ملاحظات

أفْعَل وفَعْلاء

صفة مشبهة

فُعْل أحمر وحمراء حُمْر

أَسَد أُسْد

فَاعِل

صفةُ مذكر عاقل دالة على سجية

صفةُ مذكرٍ عاقل معتلة اللام

صفةُ مذكرٍ عاقل صحيحة اللام

صفة صحيحة اللام

فُعَلاء جاهل جهلاء، صالح صلحاء

فُعَلَة هادٍ هداة (الأصل هُدَيَة)

قاضٍ قضاة (الأصل قُضَيَة)

غازٍ غزاة (الأصل غُزَوَة)

فَعَلَة ساحر سحرة، بارّ بررة،

بائع باعة (الأصل بَيَعَة)

فُعَّال كاتب كتّاب، صائم صوّام.

فَاعِل وفَاعِلة

صفة صحيحة اللام

فُعَّل راكع وراكعة ركّع،

نائم ونائمة نوّم.

أعزل عُزّل

نُفَساء نُفَّس

فَعَال

اسم مؤنث

اسم مذكر

(54/3)