حـاشـيـة الـعـذراء فـي نـظـم قـواعـد الإمـلاء

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد للهِ الذي علّم بالقلم، علّم الإنسان ما لم يعلم، والصلاةُ والسلامُ على المبعوث إلى خير الأمم، وعلى آله وصحبه أهل الهمم، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فهذا تعليقٌ مختصرٌ على (العذراء في قواعد الإملاء)، وهي منظومة فريدة، مختصرة مفيدة، ومع أنها لم تخلُ من حشوٍ وضرورةٍ؛ إلاّ أنه يشفع لها أربعةُ أمور:

أولاً: صغر سنّ ناظمها.

ثانياً: قصر مدة النظم -مع أني لست بناظم-.

ثالثاً: اعتناؤها بالضوابط والأصول.

رابعاً: كونها وحيدةً في هذا الباب، ولم أطّلع على منظومة (تحفة القرّاء) إلا بعد الفراغ منها.

وليعلمْ القارئ الكريم أني لم أنظم كتاباً معيّناً، وإنما هي فوائد من شيخي ومطالعتي، وقد حوتْ مع صغرِ حجمها على قواعد كلّية، تُغني عن كثير من التفصيلات، والتي لا توجد إلا في المطوّلات، فأسألُ الله تعالى أن ينفعَ بها، وأن يغفر لصاحبها وجميع المسلمين، إنه سميع قريب.

بسم الله الرحمن الرحيم

بابٌ في ذكر القواعد إجمالاً

وَالْخَطُّ وَاللَّفْظُ([1]) وَكُلٌّ قَدْ عُرِفْ

فَالأَوَّلُ الْهَمْزُ فَتَاءٌ وَأَلِفْ

باب كتابة الهمزة([2])

فصلٌ: إذا كانت الهمزةُ في أوّلِ الكَلِمَة

كَـ(أَنْتَمِيْ) وَ(أَحْتَبِيْ) وَ(أَكْبَرَا)([3])

لِكَوْنِهَا تَوَسَّطَتْ فَالأَصْلُ (إِذْ)([4])

فَالْهَمْزُ إِنْ تَكُنْ بِهَا مُصَدِّرَا

وَاسْتَثْنِيَنْ (لّئِن) (لَّئِلاَّ) (حِيْنَئِذْ)

فصلٌ في الهمزة المتوسّطة

فصل في الهمزة المتوسّطة إذا سُبِقَتْ بحرف لِيْن

فصلٌ في الهمزة المتطرّفة

كَقَوْلِهِمْ: (قَرَأْ)، وَ(جُزْءُ([15]) اللاّحِقِ)

وَإِنْ تَأَخَّرَتْ فَشَكْلُ السَّابِقِ

مَضْمُوْماً اكْتُبْها بِسَطْرٍ أُفْرِدَا([16])

واسْتَثْنِ إنْ كانَ بِوَاوٍ شُدِّدَا

نَصْباً فَضَعْ (يَاءً) إِنِ الْوَصْلُ قُبِلْ([17])

فَلاَ تَزِدْ شَبِيْهَهُ([18]) فَقَدْ عُرِفْ

وَإِنْ سُبِقْ بِحَرْفِ سَاكِنٍ وَقُلْ

وَإِنْ نُصِبْ هَمْزٌ وَقَبْلَهُ أَلِفْ

باب التاءِ المربوطة

سَكِّنْ وَعَكْسُهُ([19]) تَفُزْ بِفَهْمِهَا

وَاسْتَثْنِ جَمْعَ (مُؤْمِنَةْ) أَصْلٍ عُرِفْ([20])

وَبَعْدَ سَاكِنٍ مِنَ الْحُرُوْفِ([21])

وَتَاءُ تَأْنِيْثٍ بِحُكْمِ نُطْقِهَا

فَالرَّبْطُ في اسْمٍِ بَعْدَ فَتْحٍ أَوْ أَلِفْ

وَعَكْسُهُ في الْفِعْلِ وَالْحُرُوْفِ

باب الألفِ الممدودة والمقصورة

فَوَضْعُهُ بِغَيْرِ خُلْفٍ قَدْ عُلِمْ([22])

وَأَلِفٌ إِنْ جَاءَ في وَسْطِ الْكَلِمْ

أَوْ مَنْ (رَمَى) أَوْ قَوْلهِم: عِنْدَ (الضُّحَى)([27])

(أَنَّى)، (مَتَى)، وَالآخَرَ اجْعَلْهُ (بَلَى)([28])

وَقَدْ جَرَى الخُلْفُ في مِثْلِ مَا (سَعَى)

وَاخْرُجْ بِسِتَّةٍ: (عَلَى)، (حَتَّى)، (إِلَى)

باب ما يُكتَبُ ولا يُلفَظُ

في (امْرَأَةٌ) وَ(امْرُؤُ) فَاسْمَعْ نَقْلِي

في مَصْدَرِ الْفِعْلِ الْخُمَاسِيْ([31]) يَا فَتَى

وَالأَمْرُ وَالْمُضِيُّ ذَاكَ فِعْلُهُ([33])

في أَوّلٍ تُزَادُ هَمْزُ الْوَصْلِ([29])

وَ(اثْنَانِ) وَ(اسْمٌ) وَ(ايْمَنُ)([30]) وَقَدْ أَتَى

وَمَصْدَرُ الْفِعْلِ السُّدَاسِيْ مِثْلُهُ([32])

باب ما يُلفَظُ ولا يُكتَبُ

[46])

([1]) فالقاعدة الأولى: كتابة الهمزة، والثانية: التاء المربوطة، والثالثة: الألف الممدودة والمقصورة، والرابعة: ما يخطُّ ولا يلفظ به، والخامسة: ما يُلفظُ به ولا يُخطُّ.

([2]) للهمزةِ ثلاثةُ مواضع: أول الكلمة، وسطها، وآخرها.

([3]) إذا وقعتْ الهمزةُ في أول الكلمة نحو: (أكتبُ- أحمد)، كُتبتْ بصورة الألف بكلّ حال، واكتفى الناظم غفر الله له بالمثال عن الحكم.

([4]) هذه الكلمات الثلاث إذا جرينا على القاعدة فستكتبُ على ألفٍ هكذا (حين إذ)، وهذا معنى قوله: (فالأصلُ إذْ)، ولكنّها سُبقتْ بما يجعلها متوسّطةً، فجرى استعمالُها على نحو هذا التركيب.

([5]) أقوى الحركات: الكسرةُ، ثم الضمةُ، ثم الفتحة، ثم السكون، وإنما ذكرها تمهيداً لقاعدة (قانون الحركات).

([6]) ذكر ما يُسمّى بـ(قانون الحركات)، وينصُّ هذا القانون على الأخذِ بأقوى الحركتين، فيُنظَرُ إلى حركة الهمزةِ وحركةِ ما قبلها، ثم تُكتَبُ على جنس حركة الأقوى، فقوله: (منها) أي: من حركتي الهمزة وما قبلها، وسيمثّل لها الناظم غفر الله له.

([7]) ففي المثال الأول كانت حركة الهمزة الضمة، والحرف الذي قبلها السكون، فكُتِبَت على الواو، وهكذا جرتْ القاعدةُ السابقة في سائر الأمثلة. وقد جرى الخلفُ في مثل: (مسؤولة)، فأكثر المتقدّمين يكتبها هكذا: (مسئولة)، ومثله: (مرءوس)، و(شئون)، وقد أقر مجمع اللغة العربية كتابتها على الواو هكذا (شؤون)، لأنها مضمومة وما قبلها مضموم، والمتقدّمون كرهوا توالي الأمثال، وقد رخّص أبو حيّان النحوي رحمه الله باجتماع الواوين في غير رسم القرآن.

([8]) إذا تلتْ ألفُ التثنية الهمزةَ فإنها تكتبُ على حسب إمكان الوصل، فإن أمكن اتصالُ الهمزةِ بما قبلها خطّاً فعلى ياء نحو (خَطَئان- شيئان)، وإلاّ كُتِبَتْ الألف بعدها وبقيت الهمزةُ على حالها نحو (جُزْءان- لؤلؤان)، وقد جرى الخلافُ في تثنية ما الهمزة فيه على الألف أو السطر، نحو (جزء- خطأ)، فبعضهم يكتبها هكذا (جزآن- خطآن)، أمّا إذا كانت الألفُ لغير الثنية فإنها تكتب هكذا (آ) على المشهور، نحو (آمن)، فإنّ أصلَها (ءامن).

فائدة: حروف الانفصال -وهي التي لا تتصل بما بعدها خطاً- هي: (الألف- د- ذ- ر- ز- و)، وما سواها حروف اتصال.

([9]) وهي ثلاثة: الألف، والواو، والياء.

([10]) فإذا سُبِقَتْ الهمزةُ المتوسّطة بحرف لين، ولو كانت الواو مشدّدةً كما في (بوّءَهم)، فاكتبْها على السطرِ، نحو: (تساءَل- سمَوْءَلَ)، وكما مثّل، ويُسْتثنى ثلاثة مواضع؛ يأتي ذكرُها.

([11]) خالفتْ (الياء) والهمزةُ المكسورة هذه القاعدةَ، فإنها تُكتَبُ على ياءٍ، نحو: (هيْئة)، و(مسيْئُونَ)، و(في وضوئِهِ)، فالهمزةُ المكسورة تُكتَبُ على ياءٍ بكلّ حالٍ، وكذلك المسبوقة بالياء، ونثره: خالفتْ الياءُ والهمزةُ المكسورة القاعدةَ السابقة (حروف اللين)، فأتت بمثل الياء أو الكسرة، فتكتَبُ على ياء هكذا (ئـ).

([12]) كذلك إذا جاءتْ الهمزةُ المضمومة بعد ألف كُتِبتْ على الواو، نحو: (التفاؤُل)، والخلاصة: إذا ٍسُبقَتْ الهمزةُ بحرفِ لين تكتبُ على السطرِ إلا في ثلاثة مواضع:

1- إذا سُبقَتْ بياء فتكتب على ياء.

2- إذا كانت الهمزةُ مكسورةً فتكتب على ياء.

3- إذا كانت الهمزةُ مضمومةً وسُبقت بألف فتكتبُ على واو.

([13]) إذا لزم من كتابة الهمزة على الواو أو الألف توالي ثلاث حروف من جنس واحد، كتبتْ على السطر كراهية التوالي، نحو (تبوّءوا- ماءان- ياءان)، وهذا متفقٌ عليه، وأشرتُ إلى الاتفاق بقولي: (فلم يجئ في رسمها من امترا)، بخلافِ ما إذا أدى كتابةُ الهمزة على الواو إلى اجتماع واوين، ففيه الخلاف المشهور، وقد مضى ذكرُه.

([14]) واسُتثنِيتْ الياءُ من القاعدة الماضية، فيجوز توالي الياءات كما مثّل بقوله: (بشيئين).

([15]) إذا تطرّفت الهمزة نُظِرَ إلى حركة ما قبلها لا إلى حركتها، فإن كان ما قبلها مضموماً كُتبتْ على واو نحو (التهيّؤ)، وإن كان ما قبلها مفتوحا كتبت على ألف نحو (نبأ- بدأ)، وإن كان ما قبلها مكسوراً كتبتْ على ياءٍ نحو (شواطئ- بُدِئَ)، وإن كان ما قبلها ساكناً كتبت على السطر نحو (جُزْءٌ- كفْءٌ- ضوْءٌ).

([16]) استثْنى النّاظمُ -غفر الله له- من القاعدة السابقة الهمزةَ المسبوقة بواوٍ مشدّدة مضمومة؛ فإنّها تُكتَبُ على السَّطْرِ حينئذٍ، ولو جرينا على القاعدة لكتبْناها على واو؛ لأنّها التي تجانس الضمّةَ. ونثر البيتِ: استثنِ من قاعدة (كتابة الهمزة المتطرّفة على هيئةٍ تناسِبُ حركةَ الحرف الّذي قبلها) الهمزةَ المسبوقةَ بواوٍ مشدّدة؛ فاكتُبها على السّطر مفردةً. وقد ألحَقْتُ هذا البيت في هذا الفصل بتنبيهٍ من أخويّ الفاضلين (محمد نبيل بريك النابسلي)، و(مازن أبو شام)، فأجزلَ اللهُ لهم المثوبةَ والأجر.

فائدة: الباء في قوله (بسطرٍ) بمعنى (على)، وهو كثيرٌ في لغة العرب، ومنه قوله تعالى: )وإذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُوْن(، فالمعنى -والعلم عند الله تعالى- (مَرُّوا عليهِم) على رأي الأخفش. والدّليل على أنَّ (مرَّ) يتعدّى بـ(على)، وأنّ الباء بمعنى (على) في الآية ما جاء في آية الصافات )وإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عليهِم مصبِحيْنَ(. ومنه قوله تعالى: )وَمِنْ أَهْلِ الكِتابِ مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ(، فالمعنى –والعلم عند الله تعالى- (على قِنْطارٍ)؛ والدّليل على ذلك: تعدّي الفعل بـ(على)، وهو في قوله تعالى: )هَلْ آمَنُكُمْ عليهِ إلاّ كَمَا أَمِنْتُكُمْ( الآية. ومنه قول صاحب الصّنَم في القصّةِ المشهورة:

لَقَدْ ذَلَّ مَنْ بَالَتْْ عليْهِ الثَّعَالِبُ

أرَبٌّ يَبُوْلُ الثُّعْلُبَانُ بِرَأْسِهِ

الشّاهدُ قوله: (برأْسِهِ)، أي: (على رأسهِ)، والدّليل على ذلك المصراع الثّاني: (مَنْ بالَتْ عليه). مستفادٌ من (مغني اللّبيب) بشرح الدّكتور عبد اللّطيف.

([17]) إذا سُبقَتْ الهمزةُ المتطرّفة بحرف ساكن كُتِبَتْ على السطر كما مضى، فإن نُصِبَتْ فضعها على ياء إن أمكن الاتصال بما قبلها نحو (شيئاً- خطئاً)، وإلا فضع بعدها ألفاً نحو (جزءاً- سوءاً- ردءاً- لؤلؤاً)، وإذا كانت على ألفٍ رُسمتْ فوقها علامة التنوين نحو: (نبأً).

([18]) قد سبق الكلام على نصب الهمزة المتطرّفة إذا كانت على السطر -وهي التي قبلها حرف ساكن-، وقلنا في التي سُبِقَتْ بحرف لا يمكن اتصالها به: ضعْ بعدها ألفاً؛ فذكر الناظمُ غفر الله له هنا مسألةً مستثناة، وهي ما إذا كان الحرفُ الساكن الذي لا يمكن اتصالها به ألفاً، فحينئذٍ لا تضع ألفاً، وهذا معنى قوله: (فلا تزدْ شبيهَهُ). ومثله لو كانتْ الهمزةُ على الألف، وهو مستفادٌ من قوله (فلا تزِدْ شبيهَهُ)؛ وذلك كراهية توالي ألفين، فتوضع في الحالتين علامةُ التنوين على الهمزة فقط نحو (رداءً- جزاءً- سماءً)، و(نبأً).

([19]) هذه قاعدةٌ لفظيّةٌ مفيدةٌ، تحدّد لنا كتابةَ تاء التأنيث، فإذا نُطقَتْ تاءُ التأنيثِ هاءً في الوقفِ كُتِبَتْ مربوطةً، وإذا نُطقتْ في الوقفِ تاءً كُتبتْ مفتوحةً. وكثيرٌ من الطلابِ يستشكلُ عليه معرفةُ التاء المربوطة من الهاء، فللخلاصِ من هذه الإشكاليّة: سكّنْ آخرَ الكلمة ثمّ حرّكها، فإن كانت في الحالتين تُنطقُ تاءً فاكتبها تاءً مفتوحة –وتسمى مبسوطة- نحو (أبياتْ- أبياتٌ)، وإن كانت في الحالتين هاءً فاكتبها هاءً نحو (فوهْ- فوهُ)، وإن كانت هاءً في حالة الوقف؛ وتاءً في حالة التحريك فاكتبها تاءً مربوطة نحو (ثمرةْ- ثمرةٌ).

([20]) هذه قاعدةٌ أخرى لمعرفة التاء المربوطة والمفتوحة، يستعملها مَن لم تسعفْهُ قريحتُه، ومضمونها: تُكتَبُ التاءُ مربوطةً في الأسماءِ؛ إذا جاءتْ بعد حرفٍ مفتوحٍ، نحو (ثمرة- تفاحة- شجرة). وكذلك إذا جاءتْ بعد ألفٍ، نحو (قضاة- فتاة- زكاة- صلاة)، ويُستثنى من ذلك جمعُ المؤنّث السالم نحو (مؤمنات)، وجمعُ أصلٍ تاؤهُ مفتوحة نحو (أموات- أصوات- أبيات)، فإنّ أصلها (موت- صوت- بيت)، وهذا مراد قوله: (أصلٍ عرِف)، أي: جمعَ أصلٍ عُرفَ أنه مفتوحُ التاء، فـ(أصلٍ) معطوف على (مؤمنة).

([21]) وتُكتَبُ التاءُ مفتوحةً في ثلاثة مواضع:

1- الأفعال نحو (كتبتُ، قالتْ).

2- الحروف نحو (ليت).

3- بعد الحرف الساكن نحو (بنْت).

([22]) إذا كانت الألفُ في وسط الكلمة كـ(قال- باع) كُتِبَتْ ممدودةً بكلّ حال بلا خلاف.

([23])إذا جاءت الألف رابعةً فأكثر كُتِبَتْ على شكل (ياء) – وتسمى مقصورة- سواء كانتْ الكلمةُ اسماً أو فعلا نحو (أعطى، حُبلى، مستشفى، مصطفى)، ويستثنى من ذلك ما إذا سُبقتْ بياء، فتكتبُ على شكل الألف –وتسمى الممدودة- لئلاّ يتوالى في الرسم ياءان على الطرف نحو (دنيا- استحيا). وأشار إلى الاستثناء بقوله: (ودنيا بالألف) أي: وإذا سبقتْها ياءٌ نحو (دنيا) فاكتبها على صورة الألف -وتسمى الممدودة-.

([24]) كذلك قد تأتي في رباعيٍّ وتُكتَبُ ممدودةً، وذلك إذا خِيفَ الالتباسُ بين كلمتين أحدهما فعل والآخر علَم كـ(يحيى- يحيا)، فيُكتَبُ العلمُ بالألف المقصورة؛ تمييزاً للعلَمِ عن الفعل. وقوله: (وإن أردتَ فعلَهُ امدُدْ) أي: إن أردتَ فعل اللفظ (يحيا) فاكتبهُ بالألفِ الممدودة، نحو (يحيا قلبُ المؤمنِ بالقرآنِ).

([25]) الأسماء الأعجميّة تُكتَبُ بالألفِ الممدودة، وإليه أشار بقوله: (فالمدُّ)، وسواء كان الاسم الأعجمي ثلاثياً كـ(لوقا- وأغا)، أو غيرَ ثلاثيٍّ كـ(زليخا- وطنطا- وأستراليا- وأمريكا).

([26]) استثنى الناظم غفر الله له ستَّ كلمات أعجميّة؛ تُكتَبُ بألفٍ مقصورة، و(كمّثْرى): اسمُ فاكهةٍ أعجميٌّ.

([27]) جرى الخلافُ في الألفِ إذا وقعتْ ثالثةً في حروف الكلمة الثلاثيّة، فالجمهورُ على أن ما كان أصلُها واواً تُكتَبُ ممدودةً، نحو (دعا- عصا)، وما كان أصلُها ياءً تُكتَبُ مقصورةً، نحو (دُمى- سَعى)، وقالتْ طائفةٌ: تُكتَبُ ممدودةً بكلِّ حال، وقد حاول مجمعُ اللغةِ العربيّة أن يجعلَ جميعَ ما ينتهي بالألفِ دائماً بالممدودةِ سواء كان ثلاثياً أو زائداً عليه، إلاّ الكلمات الستّ المستثناة في البيت التالي، لكن استُقبح في ذلك أن يُكتَب مثلُ: (عيسا- موسا...). والذي أختاره ما ذهب إليه الجمهور؛ فهو طريقةُ الكُتّاب العرب في القديم والحديث، والأمرُ فيها سهلٌ، فحيثُ لا تجدُ لك أسوةً في الرسم بالألِف المقصورة فارسمْها بالممدودة إن شئتَ، فتكون مخرجاً عند الإشكال، ومال إلى هذا الشيخ عبد الله الجُدَيْع حفظه الله تعالى.

فائدة: معرفةُ أصل الألف يكون بالرجوع إلى كتب اللغةِ، ولكن مما يساعد على معرفة الأصل في الأفعال بمضارعة الماضي، نحو (دنا- يدنو)، والإتيان بالمصدرِ، نحو (مشى- مشْياً)، والإسناد إلى ضمير الرفع المتحرّك، نحو (رمى- رميتُ)، وفي الأسماء والأفعال بالتثنية، نحو (فتى- فتيان)، و(عصا- عصوان)، و(سعى- يسعيان)، و(دعا- يدعوان)، والله تعالى أعلم.

([28]) هذه الكلمات الستّ؛ تُكتبُ بالألف المقصورة إجماعاً، وذاك لأنها مجهولةُ الأصلِ.

([29]) همزةُ الوصلِ: همزةٌ يُتَوصّلُ بها إلى النطق بالحرفِ الساكن، وتظهرُ في النطقِ حين نبدأ بنطق الكلمة التي وقعت هذه الهمزة في أوّلها، وتختفي من النطقِ حين تقع هذه الكلمة في وسط الكلام، فتظهرُ حين تقول: (امْرأةٌ)، ولا تظهر حين تقول: (هذهِ امْرأةٌ) بوصل الكلمتين في النطق، ولها مواضعُ يأتي ذكرُها في النظم.

([30]) هذه الكلمات تكتَبُ بهمزة الوصلِ، ومثل (اثنان): (اثنتان)، ومختصر: (ايمنُ): (ايْمُ اللهِ).

([31]) نحو (اجتماع) مصدر (اجتمع)، ومثله (اتحاد- اشتراك- ابتسام- انتهاء- انتظار...).

([32]) أي: مثل مصدر الفعل الخماسي في الحكم، فيُكتب بهمزة وصل، نحو (استخراج) مصدر (استخرج)، و(استقلال- استقبال- استدلال- استحسان- استيعاب...).

([33]) ففعل الأمر والماضي كالمصدر، فالأمر الخماسي والسداسي يُكتب بهمزة الوصل، نحو (اجتهدْ، اجتمعْ، اتّحدْ –لاحظْ أنّ الحرفَ المشدّد حرفان مُدْغَمٌ أحدهما في الآخر-)، و(استخرجْ- استقبل- استوعبْ)، والماضي الخماسي والسداسي كذلك، نحو (اجتمع- اتّحدَ- اشتركَ- ابتدأ)، و(استخرجَ- استوعبَ- استدلَّ)، وبقيَ موضعٌ لم يذكرْهُ الناظم غفر الله له؛ وهو الأمر من الفعل الثلاثي (كتب- دعا- ذكرَ)، فتكتبُ: (اكتبْ- ادعُ- اذْكُرْ).

([34]) أشار بقوله: (فابدأ) إلى البدايتين: المعنوية والحسّية، فالمعنوية كقولك: (رأيتُ محمداً وابنَ صالحٍ)، فـ(ابن) ليست بدلاً عن (محمد)، فكأنّك بدأتَ بشخصٍ آخر غير الأوّل، والحسّية: بأن تأتي في أوّل السّطر فتُكتبُ بالألفِ، فشروط حذف الهمزة في (ابن) ثلاثة:

1- أن تقعَ بين علمين متّصلين.

2- أن تكون نعتاً للعلمِ الأوّلِ.

3- أن تكون مفردةً.

فإنْ فُصِلَ بين العلَمَيْن لم تُحذف، نحو (حمد هو ابن صالح)، لأن كلمة (هو) فصل بين العلمين، وكذلك (العالمُ ابنُ العالمِ) لأنها وقعت بين اسمين غير علمين، وكذلك (اشتهر العبّاسُ وحمزة ابنا عبد المطلب)، لأنها ثُنّيَتْ، وكذلك (يوسف ابن يعقوب)، جواباً لمن سأل: مَن يوسف؟، فإنها وقعت خبراً لا نعتاً، ومثال موضع الحذف: (محمد بن عبد الله e).

فائدة: الكنيةُ –كأبي الفضل-، واللقب –كزين العابدين-، كالعلَم في الأحكام السابقة، فتقول: (جاء أبو الفضل بن أبي المجد).

([35]) وُضع الواو في (عمْرو) للتفرقة بينه وبين (عُمَر)، وإنما حُذِفت حال التنوين بالنصبِ؛ لوجود ألف التنوين، وهو المشار إليه بقوله: (مدّاً يصطحب)، و(عُمَر) ممنوع من الصرف، أي: لا ينوّنُ، فلا تلحقه ألف التنوين حال النصب، فعندئذٍ لا ضرورة للواو، وذلك لزوال الالتباس.

([36]) إذا اتّصلتْ واو الجماعة بالفعل كُتِبَتْ بعدها ألفٌ، نحو (قالوا- لن يفعلوا)، وتُسمّى (الألف الفارقة)، لأنّها تفرّق بين واو الجماعة وغيرها من الواوات التي إمّا أن تكون من أصل الكلمة كـ(يدعو)، أو علامةً للرفع في جمع المذكّر السالم والأسماء الستّةِ حالَ الإضافةِ، نحو (مشركو قريش)، و(أخو محمد).

([37]) مضمّنٌ من (تحفة القرّاء) للعلامة الببلاوي المولود سنة 1279هـ رحمه الله. يقول رحمه الله تعالى: (وفي أولى إشارةٍ) وهي اسمُ إشارة للجمع، فتقول: (أولئك المؤمنون)، بكتابة الواو دون لفظها، وإنما زيدتْ فيه تمييزاً له عن (إليك). وقوله رحمه الله: (أو صحبةِ) يشير إلى (أولي) وهو ملحق بالجمع المذكر السالم، لأنه وصف لا واحد له من لفظه، وواحدُهُ من معناه (صاحبُ)، تقول: (جاءَ أولو العلمِ)، و(أحبُّ أولي العلم).

([38]) كذلك (أولاتُ) وهي بمعنى (صاحبات)، وهي ملحق بجمع المؤنث السالم، تقول: بناتُك أولاتُ أدبٍ، فتزيد الواوَ حشواً، وذلك حملاً على المذكّر (أولو).

([39]) قوله: (بدون مدٍّ) إشارة إلى الألف الممدودة، وإنما زيدَتْ الألفُ في (مائة) قبل إعجام الحروف ونقطها، وذلك تمييزاً بينه وبين (منه)، فهما في الرسم سواء، وحُمِل المثنى (مئتان) على المفرد، وأما في حالة الجمع فقد اتّفق العلماء على أنّ الألف لا تزاد فيها، فتكتب (مئات، مئون)، واختار أبو حيّان النحوي حذفَ ألف (مائة)، لزوال المحذور، يقول الدكتور عبد اللطيف الخطيب حفظه الله: "مما يدعونا إلى حذف هذه الألف أنّ بعض الناس يخطئون في النطق بهذا اللفظ (مائة)، فينطقونها بالألف مع أنها زيدت خطّاً وأهملتْ في النطق".انتهى كلامه، وعلى هذا عملُ كثير من محقّقي التراث اليوم.

فائدة: قوله (متَّضِحْ) خبر (كون) منصوب، ووَقَف عليه بالسُّكونِ على لغةِ ربيعة. وأمّا جمهور العرب فيَقِفُون على المنصوب المنوّن بإبدال تنوينه ألفاً نحو: (رأيْتُ زيدا). ولغة ربيعة الوقْفُ عليه بحذْفِ التَّنوين وسكون الآخر نحو: (رأيْتُ زيدْ). وقد نصَّ على ذلك ابنُ مالك رحمه الله في الكافية، واستعْملَها هو نفسُهُ في (الخلاصة) في باب العلم؛ فقال رحمه الله:

كَعَلَمِ الأشْخاصِ لفظاً وهْوَ عَمّْ

وَوََعُوا لبعْضِ الأجْناسِ عَلَمْ

فَـ(عَلَم) مفعول به منصوب للفعل قبلَهُ، والله تعالى أعلم.

([40])إذا دخلت لامٌ على اسمٍ مبدوءٍ بلامٍ معرّفٍ بـ(أل) كـ(اللّيل- اللّبن)؛ حُذَفتْ (أل) كراهيةَ اجتماع ثلاثِ لاماتٍ، وهذا بالإجماع، نحو (اللّيل) تقول: (للّيل)، أمّا دخلت على اسمٍ مبدوءٍ بغير اللام معرّفٍ بـ(أل) فلا تحذفْ إلاّ همزة الوصل فقط، نحو (الرجل) تقول: (للرجل)، وخبر (حذفهُ) محذوف تقديره (صوابٌ).

([41])تُحذَفُ لام الاسم الموصول المفرد أو جمع المذكّر، نحو (الّذي- الّذين)، بخلاف المثنّى أو جمع المؤنّث السالم، نحو (اللّذان- اللّتان- اللاّت)، فتكتَبُ باللامِ.

([42]) قال الببلاوي رحمه الله: (وألفاً) مفعول مقدّم (في اسم الإشارة) يعني: (ذا) (احذفِ) وذلك إذا جاء (معْ لام بُعْدٍ) وهي اللام المكسورة، فتُكتبُ هكذا (ذلك)، أمّا إذا جاءتْ مع اللام المفتوحة –وهي التي تفيد المِلْك- أُثبتتْ الألف، نحو (ذا لَكَ هديةً منّي).

([43]) قال الببلاوي رحمه الله: (كذاك) أي: كحذف الألف من اسم الإشارة حذفُها من (ها التنبيه)، نحو (هذا)، و(ههنا). فإن دخلت ها التنبيه على اسم إشارة مبدوءٍ بالتاء، أو مختومٍ بـالكافِ لم تحذفْ، نحو (هاتان)، و(هاذاك)، ولْتعلمْ أنّ في (ههنا) خلافٌ، فأكثرهم يكتبها هكذا (ها هنا)، والخطب سهلٌ.

([44]) تُحذَفُ نون (عن) و(من) إذا اتّصلت بـ(مَن)، نحو (عمّن تسأل؟)، و(ممّن القوم؟)، وكذلك نون (أن) إذا اتّصلت بـ(لا)، نحو (نصحتُك ألاّ تلْعَبَ)، ففيه لفٌّ ونشرٌ مرتّبٌ.

([45]) وقد تمّ الفراغ -على عجالةٍ- من هذا التعليق في الثالث والعشرين من محرّم سنة ثمان وعشرين وأربعمئة وألف وصلى الله وسلم على سيّدنا محمد وعلى آلهِ

وصحبهِ أجمعين والحمد لله ربِّ العالمين كتبه الفقير إلى عفو ربّه

الغني الكريم حمد بن صالح القمرا النابت المري

غفر الله له ولوالديه ولجميع

المسلمين

فجلّ من لا عيبَ فيه وعلا

وإن تجدْ عيباً فسدّ الخللا

([46]) 11/7/2008م