العربية ( الكفاف )
العدد والمعدود
1- العدد:
يكون العدد مفرداً، نحو: سَبْع، ومركَّباً، نحو: سبعَ عشرةَ، ومعطوفاً، نحو: سبع وعشرين(1).
وقد يوافق العددُ معدودَه في التذكير والتأنيث، وقد يخالفه، ودونك بيان ذلك:
¨ الواحد والاثنان، يوافقان المعدود في كل حال، سواء كان ذلك في الإفراد أو التركيب أو العطف، فيقال:
رجل واحد - امرأة واحدة
رجلان اثنان - امرأتان اثنتان
أحدَ عشرَ رجلاً - إحدى عشرةَ امرأة
اثنا عشرَ رجلاً - اثنتا عشرةَ امرأة
واحد وعشرون رجلاً - إحدى وعشرون امرأة
¨ الأعداد من الثلاثة إلى العشرة تخالف المعدود في كل حال، سواء كان ذلك في الإفراد أو التركيب أو العطف، فيقال:
سبعة رجال - سبع فتيات
سبعةَ عشرَ رجلاً - سبعَ عشرةَ فتاة
تسعة وتسعون رجلاً - تسع وتسعون فتاة
ولا يستثنى من هذا الحكم إلاّ الأعداد الترتيبية، فإنها توافق المعدود في كل حال(2) فيقال: وصل المتسابق السابعَ عشر، والمتسابقة الخامسةَ عشرة.
¨ ثمان: يستعمل العدد: [ثمان] - سواء أضيف أو لم يُضف - استعمال الاسم المنقوص.
ففي حال الإضافة، تقول:
سافر ثماني نساءٍ كما يقال: سافر ساعي بريدٍ.
و: مررت بثماني نساءٍ كما يقال: مررت بساعي بريدٍ.
و: رأيت ثَمانيَ نساءٍ كما يقال: رأيت ساعيَ بريدٍ.
وفي حال عدم الإضافة تقول:
سافر من النساء ثمانٍ كما يقال: سافر من السُّعاة ساعٍ.
مررت من النساء بثمانٍ كما يقال: مررت من السعاة بساعٍ.
رأيت من النساء ثمانياً(3) كما يقال: رأيت من السعاة ساعياً.
فإذا كانت [ثمان] في عدد مركب، صحّ أن تستعملها على صورة واحدة، هي صورة [ثماني عشرةَ]، فلا تتغيّر في كل حال، ولا تتبدّل، فيقال مثلاً:
سافر ثماني عشْرةَ امرأة.
رأيت ثماني عشْرةَ امرأة.
سلّمت على ثماني عشْرةَ امرأة.
2- المعدود:
الأعداد من 3 ... إلى 10، معدودُها مجموعٌ مجرور، يقال مثلاً:
ثلاثة رجالٍ ... وعشر فتياتٍ.
ومن 11 .... إلى 99، معدودها مفرد منصوب، يقال مثلاً:
(1/1)
أحدَ عشرَ كتاباً
خمسةَ عشرَ كتاباً
عشرون كتاباً
تسعة وتسعون كتاباً
والمئة والألْف، ومثناهما وجمعهما، معدودها مفرد مجرور، يقال مثلاً:
[مئةُ كتابٍ، ومئتا كتابٍ، وثلاثُ مئةِ كتابٍ(4)].
و[ألْفُ كتابٍ، وألْفَا كتابٍ، وثلاثةُ آلافِ كتابٍ(5)].
¨ تعريف العدد بـ [ألـ]:
ليس لتعريف العدد بـ [ألـ] أحكام خاصّة، فهذه الأداة تدخل على أوّل العدد عند تعريفه، مثل دخولها على سائر الأسماء عند تعريفها. ودونك الأمثلة:
العدد العقديّ: اشتريت العشرين كتاباً.
العدد المركب: اشتريت الثلاثة عشركتاباً.
العدد المعطوف: اشتريت الثلاثة والثلاثين كتاباً. (هنا عددان، كلّ منهما مستقل بنفسه - وإن جَمَع بينهما حرف العطف - فحقُّ كلٍّ منهما إذاً أن يكون له تعريفه).
تنبيه: ليس لتعريف العدد المضاف نحو [خمسة كتبٍ] قاعدة خاصّة، فقد جاء عن فصحاء العرب، إدخال [ألـ] على الأوّل، وعلى الثاني، وعلى الاثنين معاً؛ فجاز أن يقال مثلاً: [اشتريت خمسةَ الكتبِ، والخمسةَ كتبٍ، والخمسةَ الكتبِ](6).
أحكام:
¨ العدد المركَّب: لا يكون إلاّ مفتوح الجزأين، نحو: [أربعَ عشرةَ، وأربعةَ عشرَ، والسابعَ عشرَ، والسابعةَ عشرةَ]. إلاّ ما كان جزؤه الأوّل مثنى، فيُعامل معاملة المثنى، نحو: [سافر اثنا عشر رجلاً، واثنتا عشرة امرأة، ورأيت اثني عشر مودِّعاً، مع اثنتي عشرة مودِّعةً]. أو كان جزؤه الأول منتهياً بياء، فتبقى على ما هي، نحو: [الحادي عشر، والثاني عشر].
¨ عشر: في العدد المركَّب، تُوافِق المعدود قولاً واحداً، فيقال: [تسعة عشَر رجلاً، وتسع عشْرة امرأةً].
وأمّا شِينها فتُفتح مع المذكر، وتُسكَّن مع المؤنث، سواء كان ذلك في عدد مفرد أو مركَّب.
(1/2)
¨ بضع: كلمة تدل على عدد غير محدد، غير أنه لا يقلّ عن ثلاثة ولا يزيد على تسعة، ولذلك تُعامل معاملة هذه الأعداد، فتذكَّر مع المؤنث، وتؤنث مع المذكر، [أي: تخالف معدودها]، فيقال مثلاً: [بضعة رجال، وبضع نساء]. وتُركَّب تركيب هذه الأعداد، فيقال: [بضعةَ عشَرَ رجلاً، وبضع عشْرةَ امرأةً].
¨ إذا اشتمل المعدود على ذكور وإناث، روعي الأول نحو: [سافر خمسة رجالٍ ونساءٍ، وزارنا خمس نساءٍ ورجال].
¨ تُقرأ الأعداد من اليمين إلى اليسار، ومن اليسار إلى اليمين، فيقال مثلاً: [هذا عامُ ستةٍ وتسعين وتسع مئةٍ وألف]، كما يقال: [هذا عام ألفٍ وتسعِ مئةٍ وستةٍ وتسعين]. فكلاهما فصيح، والمتكلِّم بالخيار.
¨ في تذكير العدد وتأنيثه، يُراعى مفرد المعدود. يقال مثلاً: [خمسة رجال]، لأن المفرد: [رجل]، و [خمس رقاب]، لأن المفرد: [رقبة].
¨ إذا قيل مثلاً: [خالدٌ سابعُ سبعةٍ سافروا]، فالمعنى: أنّ الذين سافروا سبعة، منهم خالد. فإذا أُريد الترتيب والتسلسل، قيل: [خالدٌ سابع ستةٍ سافروا]، أي: هو السابع في تسلسل سفرهم وتتابعه.
* * *
نماذج فصيحة من استعمال العدد
· تُقرأ الأعداد من اليمين إلى اليسار، ومن اليسار إلى اليمين:
· قال ابن عباس (جمهرة خطب العرب 1/417): [يا أهل البصرة... أمرتكم بالمسير مع الأحنف بن قيس، فلم يشخص إليه منكم إلاّ ألفٌ وخمس مئة، وأنتم في الديوان ستون ألفاً]. وهاهنا مسألتان:
1- تُقرأ الأعداد من اليمين إلى اليسار، ومن اليسار إلى اليمين، وكلا الاستعمالين فصيح، والمرء بالخيار، وقد اختار ابن عباس - كما ترى - البدء من اليسار، فقال: [ألف وخمس مئة].
2- الأعداد من 11... إلى 99 معدودها مفرد منصوب، فـ [ستون] أحد هذه الأعداد، و[ألفاً] معدودُه، وقد جاء في كلام ابن عباس - كما رأيت - مفرداً منصوباً، على المنهاج.
· والطبريّ أيضاً على التأريخ من اليسار إلى اليمين:
(1/3)
فقد بدأ التأريخَ في الصفحة /10/ من كتابه، فقال وهو يورد ما قيل في عمر الدنيا: [فقد مضى (أي مضى من عمر الدنيا) ستة آلاف سنة ومئتا سنة].
وقال في الصفحة /17/: [كان قدر ستة آلاف سنة وخمس مئة سنة].
و قال في الصفحة / 18/: [خمسة آلاف سنة وتسع مئة سنة واثنتان وتسعون سنة]. وفي الصفحة نفسها يقول: [ثلاثة آلاف سنة ومئة سنة وتسع وثلاثون سنة].
وقال عن الطوفان في الصفحة /211/: [وذلك بعد خلق آدم بثلاثة آلاف وثلاث مئة سنة وسبع وثلاثين سنة].
· ]يا أبت إني رأيت أحدَ عشَرَ كوكباً[ (يوسف 12/4)
[أحدَ عشَرَ] عددٌ مركّب، وهو مفتوح الجزءين، شأن كل عدد مركب؛ ومعدوده: [كوكباً] مفرد منصوب، على المنهاج.
· ]الذين قالوا إنّ الله ثالث ثلاثة[ (المائدة 5/73)
الترتيب والتسلسل والتتابع غير مرادة في الآية، وإنما المراد أنهم قالوا: إنّ الله تعالى واحد من ثلاثة. ولو كان الترتيب مراداً لقالوا: إنه ثالث اثنين. وانظر إلى ما جاء في صحيح البخاري (6/556) تجد المسألة على أوضح الوضوح. فدونك النصّ الحرفي، كما ورد فيه: [عن... خرجت رابع أربعة من بني تميم أنا أحدهم، وسفيان بن مجاشع، ويزيد بن عمرو بن ربيعة، وأسامة بن مالك بن حبيب بن العنبر، نريد ابن جفنة الغسّانيّ بالشام فنَزلنا على غدير...]. ولو أراد الترتيب لقال: [خرجت رابع ثلاثة] أي: تَقَدَّمَه الثلاثةُ، ثم خرج هو بعدهم، فكان رابعاً.
· ]إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه... [ (التوبة 9/40)
الآية شاهد ثانٍ على أنّ هذا التركيب، لا يدلّ على ترتيب وتسلسل وتتابع. وذلك أن الذين كفروا لم يُخرجوا الرسول من مكة بعد أن أخرجوا صاحبه منها، فيكون هو الثاني، ويكون صاحبُه الأوّلَ !! بل أخرجوه وصاحبَه معاً، لا سابق ولا مسبوق. فحاقُّ المعنى إذاً أنهما اثنان هو أحدهما.
· ]ما يكون من نجوى ثلاثة إلاّ هو رابعُهُم ولا خمسةٍ إلاّ هو سادسُهُم[ (المجادلة 58/7)
(1/4)
الترتيب في الآية هاهنا مرادٌ مقصود، والمعنى: أنه جاعل الثلاثة أربعة، وجاعل الخمسة ستة. ونعتقد أنّ الفرق بين التركيب ومعناه في هذه الآية، وفي الآيتين السابقتين، أصبح فرقاً واضحاً جليّاً.
· ]فاجلدوا كلَّ واحدٍ منهما مئةَ جَلدةٍ[ (النور 24/2)
معدود المئة والألف ومثناهما وجمعهما، مفردٌ مجرور. فاستعمال كلمة: [جلدةٍ] في الآية - وهي المعدود - مفردةً مجرورةً بعد المئة - جاء إذاً على المنهاج.
· ]يودُّ أحدُهُم لو يُعَمَّرُ ألفَ سنةٍ[ (البقرة 2/96)
يصحّ أن يقال في الآية هنا، ما قيل في الآية السابقة، فمعدود المئة والألف ومثناهما وجمعهما، مفردٌ مجرور. ومن ثم يكون استعمال كلمة: [سنةٍ] - مفردةً مجرورةً بعد الألف - جاء إذاً على المنهاج.
· تعريف العدد المضاف بـ [ألـ]، كل صوره جائزة بلا قيد:
ففي الحديث (مسلم 9/10): [أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم رَمَلَ الثلاثة أطوافٍ من الحجر إلى الحجر]. وقد أورد النوويّ هنا، روايتين أخريين للحديث هما: [الثلاثة الأطواف وثلاثة أطواف] ثم استأنف فقال: [وقد سبق مثلُه في رواية سهل ابن سعد في صفة منبر النبي صلى الله عليه وسلّم قال: فعمل هذه الثلاث درجات...].
وقد جَمعتْ هذه الأسطر القليلة ثلاثة استعمالات من العدد المضاف هي: [ثلاثة أطواف، والثلاثة أطواف، والثلاثة الأطواف]، يضاف إليها استعمالٌ رابع، هو تعريف المضاف إليه بالألف واللام، أي: [ثلاثة الأطواف]. وهو الأفشى.
وفي الحديث أيضاً (البخاري 3/71 باب استعانة اليد في الصلاة): قال ابن عباس: [فجلس فمسح النومَ عن وجهه بيده، ثم قرأ العشر الآياتِ خواتيمَ سورة آل عمران].
وفي الحديث كذلك، عن أبي هريرة (البخاري 4/469 باب الكفالة في القرض والديون): [كنت تسلّفتُ فلاناً ألف دينار... فأتى بالألف دينار... فانصرِفْ بالألف الدينار راشداً].
· قال أبو عبيد (تفسير القرطبي 1/416): [لم يُسمع في فَعَل وفِعْل غير هذه الأربعة الأحرف].
(1/5)
· وفي (تاريخ الطبري 1/50): [خَلَقَ في أوّل الثلاث ساعات...].
وعن ابن عباس أنه قال (تاريخ الطبري 1/59): [الستة الأيام التي خلق الله فيها السماوات والأرض].
وعن مجاهد أنه قال (تاريخ الطبري 1/60): [يومٌ من الستة الأيام، كألف سنة مما تعدّون].
ويخلص المرء من هذه الأمثلة إلى أن تعريف العدد المضاف بالألف واللام لا يقيِّده قيد، وأنه من السهولة بحيث يستعمله المرء بغير تفكير فلا يخطئ.
· ]إنّ عِدَّة الشهور عند الله اثنا عشَرَ شهراً[ (التوبة 9/36)
[اثنا]: الواحد والاثنان يوافقان المعدود في كل حال، والمعدود في الآية مذكر: [شهر]، وقدجاء العدد [اثنا] مذكّراً - على المنهاج - موافَقَةً للمعدود.
[عشَرَ]: حكمها في العدد المركب، أن توافق المعدود، وقد وافقته في الآية، فجاءت مذكرةً مثلَه، وفُتحت شينها، والقاعدة أن تُفتح مع المذكّر.
· ]إنّ هذا أخي له تسعٌ وتسعون نعجة[ (ص 38/23)
[تسع]: عددٌ مذكر، ومعدودُه [نعجة] مؤنث. وذلك أن الأعداد من الثلاثة إلى العشرة - وتسعٌ منها - تخالف المعدود في كل حال، سواء كان ذلك في الإفراد أو التركيب، أو العطف. والذي في الآية من الصنف الثالث، أي: [العطف]، فتذكير العدد [تسع] جاء - إذاً - على المنهاج.
* * *
1- العدد المفرد في هذا البحث، مصطلح، يراد به أنه عدد ليس مركَّباً ولا معطوفاً.
2- السرّ في أن العدد الترتيبي لا يكون إلاّ موافقاً للمعدود، هو أن العدد الترتيبي لا يكون إلاّ نعتاً لمعدوده، ومن المعلوم أن النعت يطابق المنعوت - قولاً واحداً - فلا يصح في العبارة الآتية - مثلاً - إلاّ أن تقول: فاز المتسابق الرابع عشر، والمتسابقة الر ابعة عشرة. فيتطابق المذكران، ويتطابق المؤنثان...
3- يصحّ هنا - فضلاً على [ثمانياً] - أن يقال أيضاً: [ثمانيَ] أي يصحّ هنا التنوين وعدمه، فالتنوين على أنه اسم منقوص، وعدم التنوين على أنه اسم ممنوع من الصرف.
(1/6)
4- يصحّ أيضاً أن يقال: [ثلاث مئات كتابٍ].
5- من العجائب: اِعلمْ أن الأميين وصغار الصبيان أيضاً، يستعملون المعدود - من حيثُ الجمع والإفراد - استعمالاً صحيحاً فصيحاً، فيأتون به مفرداً، حيثُ يجب إفراده، ومجموعاً حيثُ يجب جمعه، فتغنيهم سليقتهم عن كل هذا الذي فصّلنا القول فيه، واخترنا الأمثلة له !! ومَن وجد في نفسه شيئاً مِن قولنا هذا، فلْيجرِّبْ.
6- وما أكثر الأمثلة والشواهد !!
(1/7)
الأحرف المشبّهة بالفعل (1)
الأحرف المشبّهة بالفعل هي: [إنّ وأنّ (للتوكيد)، كأنّ (للتشبيه)، لكنّ (للاستدراك)، ليت (للتمنّي)، لعلّ (للترجّي)، لا (لنفي الجنس)]. ولكلٍّ منها أحكام خاصّة تُذكر معها في موضعها من قسم الأدوات.
أحكامها العامة:
¨ تدخل على المبتدأ والخبر، فتنصب الأوّل، ويسمّى اسمها، وترفع الثاني، ويسمّى خبرها، نحو: [إنّ خالداً مسافرٌ، لكنّ زهيراً مقيمٌ].
¨ يمتنع تقديم أخبار هذه الأحرف على أسمائها، إلاّ أن يكون الخبر شبه جملة فيجوز، نحو: [إنّ في الرياضة نشاطاً](2).
¨ إذا اتصلت بها [ما] كفَّتها عن العمل، فعاد الكلام مبتدأً وخبراً، نحو: [إنما أنت بَشَر].
¨ إذا عطفتَ على أسماء هذه الأحرف نصبتَ المعطوف فقلت مثلاً: [إنّ سعيداً وخالداً مسافران. ولعلّ سعيداً مسافرٌ وخالداً](3).
¨ تُخفَّف أربعة أحرف منها هي: [إنَّ وأنَّ وكأنَّ ولكنَّ]، فيقال: [إِنْ وأنْ وكأنْ ولكنْ]، فتُهمَل عندئذٍ فلا تعمل.
* * *
1- سمَّوها: [مشبّهة بالفعل]، لأنها - ماعدا [لا] - مفتوحة الآخر كالفعل الماضي، وقيل غير ذلك.
2- مذهب كثير من النحاة الميسّرين، ويتقدّمهم الإمامان: ابن السراج وابن يعيش، أن شبه الجملة (الظرف والجارّ والمجرور) هو نفسه الخبر، لا أنّ الخبر محذوف يتعلّق به شبه الجملة. وبهداهم اقتدينا.
3- إنْ وقعْتَ على نصٍّ مثل: [إن سعيداً - وخالدٌ - مسافران]، فاعلم أن الاسم بعد الواو مبتدأ خبره محذوف، أي: [وخالدٌ كذلك] وجملتهما اعتراضية.
(2/1)
العَلَم
العَلَم: اسم أو كنية أو لقب.
مثال الاسم: أحمد - عبد الرحمن - بعلبكّ - سيبويه...
ومثال الكنية: أبو خالد - أمّ خالد... وهي مُصَدَّرةٌ أبداً بـ [أب] أو [أمّ].
ومثال اللقب: هاشميّ - حلبيّ - مصريّ... مما يدل على نسبة إلى عشيرة أو بلد، أو نحو ذلك مما يُنْتَسَبُ إليه؛ ويدل في كثير من الأحيان على مدح أو ذمّ، كالأمين والمأمون والسفّاح والجاحظ...(1)
قاعدة: إذا اجتمع اسم وكنية ولقب، أو اثنان منهما، نحو: [أبو عثمان، عمرو بن بحر، الجاحظ] أو [عليّ، أبو الحسن] أو [المسيح عيسى ابن مريم]، جاز لك - بغير قيد - أن تقدم وتؤخر أيّاً منها شئت. ويتبع الثاني والثالثُ الأوّل، على البدلية فيقال مثلاً:
رحم الله الجاحظَ أبا عثمان عمروَ بنَ بحر!!
فلقد كان أبو عثمان عمرُو بنُ بحر الجاحظُ واحدَ الدنيا!!
ومَن مِثلُ عمرِو بنِ بحر الجاحظِ أبي عثمان؟!
* * *
1- في اللغة أعلام تدل على كل فرد من أفراد الجنس. مثال ذلك [فرعون] لكل من كان يملك بلاد مصر، و[كسرى] لكل من كان يملك بلاد فارس، و[أسامة] للأسد، و[ثُعالة] للثعلب... وهي أعلام سماعية تستعمل ولا يقاس عليها. ولا تدخل عليها [ألـ].
(3/1)
الحال(1)
الحال: اسم نكرة، فَضْلة(2) منصوب. يبيّن هيئة صاحبه. نحو: [سافر خالدٌ حزيناً] و[جاء زهيرٌ ثعلباً. (أي: مراوغاً)](3).
أحكام ستّة:
1- تتعدّد الحال وصاحبها واحد، نحو: [جاء خالدٌ مسرعاً باسماً]. وتتعدّد ويتعدّد صاحبها، فتكون القريبة للقريب والبعيدة للبعيد، نحو: [لقي خالدٌ زهيراً مُصعِداً مُنحدِراً]. فـ [منحدراً] حال من [خالدٌ]، و[مصعداً] حال من [زهيراً].
2- تتأخر الحال عن الفعل وشبهه(4) وتتقدّم عليهما، نحو: [جاء خالدٌ راكباً، فسرّني رجوعه منتصراً] و[راكباً جاء خالدٌ، فسرّني منتصراً رجوعه].
3- تتأخّر الحال عن صاحبها، وتتقدّم عليه، نحو: [سافر زهيرٌ مُعْجَلاً] و[سافر مُعْجَلاً زهيرٌ].
4- يكون صاحب الحال معرفةً ونكرة، نحو: [جاء عليٌّ مستعجلاً]. و: [جاء ضيفٌ مستعجلاً].
5- إذا تقدّمت صفةٌ نكرة على موصوفها، انقلبت إلى حال. نحو: [لِزيدٍ ممزَّقاً كتابٌ]. والأصل قبل التقديم: [لِزيدٍ كتابٌ ممزَّقٌ].
6- قد تأتي الحال مستقلّةً بنفسها، بدون فعل، فتقترن:
إمّا بالفاء: إذا أردتَ الدلالة على تدرّج في نقص أو زيادة، نحو فصاعداً، فنازلاً، فأكثر، فأقلّ، فأطول، فأقصر... تقول مثلاً: [يباع الكتاب بدينار فصاعداً] و[أستريح ساعةً فأكثر].
وإمّا بهمزة: للدلالة على استفهام توبيخيّ، نحو: [أقاعداً وقد سار الناس؟!].
الحال الجملة
قد تكون الجملة حالاً(5)، وذلك إذا وقعت موقع الحال. نحو: [جاء خالدٌ يضحك = جاء ضاحكاً]. ويربطها بصاحب الحال عند ذلك وجوباً، ضميرٌ أو واو؛ وقد يجتمع الرابطان.
فمن مجيء الرابط ضميراً: [سافر خالدٌ محفظتُه بيده] (الضمير المتصل، أي الهاء، مِن محفظته هو الرابط).
ومن مجيئه واواً: [سافرت والشمسُ طالعةٌ](6).
ومن اجتماع الرابطَين: [أَقْبَل زهيرٌ ويدُه على رأسه].
أحكام واو الحال:
قاعدة كليّة: [إذا خَلَت الجملةُ من ضميرٍ يربطها بصاحب الحال، وجبت الواو]، نحو: [سافر زهير و الشمس مشرقة].
(4/1)
1- أحكامها مع الجملة الاسمية:
¨ تجب الواو قبل الجملة الاسمية، إذا خَلَتْ من ضميرٍ يربطها بصاحب الحال (القاعدة الكلية). وتجب أيضاً إذا كان صدر الجملة ضميراً منفصلاً، نحو: [جاء زهيرٌ وهو يضحك]. ويجوز الوجهان بعد [إلاّ]، نحو: [ما جاء إلاّ وبيده كتاب = إلاّ بيده كتاب].
2- أحكامها مع الجملة الماضوية:
¨ تجب الواو - وتلزمها [قد] - قبل الجملة الماضوية، غير المشتملة على ضمير صاحب الحال(7). وتمتنع إذا كان بعد الماضوية [أو]، نحو: [اُنصرْ أخاك جارَ أو عَدَلَ].
¨ ويجوز مجيئها وعدمُه، قبل الجملة الماضوية في ما يلي:
- إذا كان في الجملة ضمير رابط، نحو: [زارني زيدٌ وما قال كلمةً = زارني ما قال كلمةً]، ونحو: [هذه كتبنا وقد أعيدَت إلينا = هذه كتبنا أعيدَت إلينا].
- أو سبقتها [إلاّ]، نحو: [ما زارنا زيدٌ إلاّ وكان مستعجلاً = إلاّ كان مستعجلاً].
3- أحكامها مع الجملة المضارعية:
¨ تجب الواو مع الجملة المضارعية، إذا خلت من ضمير يربطها بصاحب الحال (القاعدة الكلية)، وسبقتها [لم]، نحو: [جاء زهيرٌ ولم تطلع الشمس]. فإن وجد ضمير رابط، جاز الوجهان، نحو: [زارنا خالدٌ ولم يتأخر = زارنا لم يتأخر].
¨ كما تجب الواو مع الجملة المضارعية المقترنة بـ [قد]، نحو: [نجح زهيرٌ وقد ينجح المجتهد].
¨ وتمتنع قبل الفعل المضارع المثبت، نحو: [جاء زهيرٌ يسعى]، والمنفي بـ [ما] أو [لا]، نحو: [عرفتك ما تحبّ التهاون] فـ [ما لك لا تجدّ](8).
4- حكمها مع [لَمّا]:
قال ابن مالك عن المضارع المسبوق بـ [لمّا]: "لم أجده إلاّ بالواو"(9). فقلْ إذاً: [حضر خالدٌ ولمّا أَرَه].
صيغٌ وتراكيبُ حاليّة:
في اللغة صيغ لا تكاد تتغير، تُستعمل كأنها الرواسم، وتُعرب حالاً. دونك أهمّها، مع شيء من التعليق لمزيد إيضاح. مِن هذا قولهم مثلاً:
· سلّمته الكتابَ (يداً بيد): يلاحظ هاهنا اشتراك جانبين.
(4/2)
· جاء خالدٌ (وحدَه): الحال هنا معرفة، (تَعَرّفَت بإضافتها إلى معرفة هي: هاء الضمير) ومجيء الحال معرفةً، قليل في كلامهم.
· رجع (عودَه على بدئه): الحال هنا معرفة أيضاً، والشأن فيها كالشأن في [جاء وحدَه]، فلا نعيد.
· اُدخلُوا (واحداً واحداً): و[اثنين اثنين، وثلاثةً ثلاثةً...] و[تمر السنون شهراً شهراً، وتنقضي الشهور أسبوعاً أسبوعاً، وتنصرم الأسابيع يوماً يوماً...]، ومنه: [قرأت الكتاب باباً باباً] إلخ... والحال في كل ذلك نكرة - على المنهاج - ولكنها قد تكون معرفة، كقولهم: [اُدخلوا الأولَ فالأول]. وهاهنا مسألتان: الأولى: مايلاحظ من الترتيب في كل ذلك. والثانية أنّ العطف [بالفاء وثمّ] واردٌ في كلّ ذلك، أي: واحداً فواحداً، أو واحداً ثمّ واحداً.
· أمّا (عِلْماً) فعالِمٌ: ومثله: أمّا شجاعةً فشجاعٌ... وذلك في وصفك مَن تعلم فيه ذلك.
· تفرّقوا (شذَرَ مذَرَ): أي: مشتَّتين. والكلمتان مركّبتان تركيباً مزجياً.
· زهيرٌ جاري (بيتَ بيتَ): أي: ملاصقاً. والكلمتان مركّبتان تركيباً مزجياً.
· ذهبوا (أياديَ سَبَأ): أي: مشتَّتين.
· حاوِل النجاح (جهْدَك): أي: جاهداً.
· اُدرس (طاقتَك): أي: مطيقاً، يعني: باذلاً طاقتك.
· لقيته (وجهاً لوجه): أي: متقابلَين.
· كلّمته (فاهُ إلى فيّ): أي: فمه إلى فمي، مشافهةً، وفيه معنى الاشتراك.
· بعنا الزيت (رطلاً بدينار): يكثر استعمال هذه الصيغة في البيع والشراء، لما فيها من الدلالة على سعر.
· كافّةً، وقاطبةً، وطُرّاً: كلمات ثلاث، لا تكاد تُستعمل إلاّ [حالاً].
وظائف الحال المعنوية:
للحال وظائف معنوية نوردها فيما يلي:
آ- قد تأتي للتبيين، وهي التي لا يُستفاد معناها إلاّ بذكرها نحو: [جاء زهيرٌ ماشياً]. ويسمّونها: [الحال المؤسسة].
ب- أو تأتي لتوكيد عاملها، نحو: ]فتبسّم ضاحكاً[. أو توكيد مضمون الجملة قبلها نحو: [هو الحقّ واضحاً]. ويسمّونها: [المؤكدة].
(4/3)
ج- وقد تأتي توطئةً لصفةٍ بعدها نحو: ]إنّا أنزلناه قرآناً عربياً[. ويسمّونها [الموطّئة].
د- وقد تأتي لتبيين هيئةِ ما يتعلّق بصاحبها، نحو: [جاء سعيدٌ ممزّقاً قميصه]. ويسمّونها [السببية].
ملاحظة: في كتب الصناعة أنّ الحال تكون شبه جملة. ولم نعرض لهذا هنا، إذ عالجنا مسألة التعليق بالمحذوف، في بحث [التعليق = الربط]. وقد يكون مفيداً الاطّلاعُ على ذلك في موضعه.
* * *
نماذج فصيحة من استعمال الحال
· [صلّى رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم قاعداً، وصلّى وراءه رجالٌ قياماً]. (حديث شريف)
[قياماً]: حال، صاحبها: [رجالٌ]، وهو نكرة. وهذا شاهدٌ لا يُدحَض، على أنّ ذلك في العربية أصلٌ صحيح. ولقد وقف سيبويه عند هذه المسألة، فأجازها جوازاً مطلقاً بغير قيد.
· ومن مجيء صاحب الحال نكرة، قولُ قطريّ ابن الفجاءة:
لا يَركَنَنْ أحَدٌ إلى الإحجامِ يومَ الوغى متخوِّفاً لِحِمامِ
[متخوِّفاً]: حال، صاحبها: [أحَدٌ]، وهو نكرة.
· ومن ذلك أيضاً قوله تعالى: ]وما أهلكنا من قريةٍ إلاّ ولها كتابٌ معلوم[ (الحجر 15/4)
جملة: [ولها كتاب] حالية، صاحبها نكرة، وهو: [قرية]. وفي الآية مسألة أخرى هي أنّ [لها كتابٌ معلوم] جملة اسمية، سبقتها [إلاّ]. ومتى سُبِقَت الاسمية بـ [إلاّ] جاز بعدها مجيء واو الحال - كما في الآية - وجاز عدم مجيئها، نحو: ]وما أهلكنا من قرية إلاّ لها منذرون[ (الشعراء 26/208) فجملة: [لها منذرون] حالية، لم تسبقها واو الحال بعد [إلاّ]، وذلك جائز على المنهاج.
· قال طرفة بن العبد (الديوان /88):
فسقى ديارك غيرَ مفسِدِها صوبُ الغمامِ وديمةٌ تَهْمِي
[غيرَ]: حال تقدَّمت على صاحبها وهو [صوبُ]. وتقدُّمُها هذا، على المنهاج، إذ الحال تتقدّم على صاحبها وتتأخّر عنه.
· قال كثيّر عزة (الديوان /522):
لئن كان برْدُ الماء هيمانَ صادياً إليَّ حبيباً، إنها لَحبيبُ
(4/4)
[هيمانَ صادياً] حالان، تقدَّمتا على صاحبهما وهو الياء [الضمير المجرور بـ (إلى)]. إذ الأصل قبل التقديم: [لئن كان بردُ الماء حبيباً إليَّ - هيمانَ صادياً - إنها لحبيب]. وفي البيت مسألتان: الأولى تعدُّدُ الحال وصاحبها واحد، والثانية تقدّمُها عليه. وذلك جائز بغير قيد.
· قال كثيّر عزة (الديوان /506):
لِميّةَ موحشاً طلَلُ يلوح كأنه خِلَل
(شبّه آثار منْزلها، بخِلَل السيوف، أي: وشْي أغمادها).
كان الأصل أن يقول: [لِمَيّةَ طللٌ موحشٌ]، فتكون كلمة [موحشٌ] صفةً لـ [طلَلٌ]. ولكنه عكس الترتيب فقدّمَ الصفة على الموصوف. والقاعدة: أنّ الصفة النكرة، إذا قُدِّمت على موصوفها نُصِبت على الحال، وهو ما قاله الشاعر.
· ومثله في تقديم الصفة النكرة على موصوفها، ونصبها على الحال، قولُ عمرو ابن أسد الفقعسيّ (الخزانة 3/30):
فهلاّ أَعَدُّوني لمثليْ - تفاقَدوا - وفي الأرض مبثوثاً شجاعٌ وعقربُ
(الشجاع: الخبيث من الحيّات. دعا عليهم بأن يفقد بعضُهم بعضاً، إذ لم يجعلوه عُدَّةً لقتالِ مَن كان مثلَه من أبطال أعدائهم).
كان الأصل أن يصف الشاعر الحيّات بأنها مبثوثة، ولكنه قدَّمَ الصفة النكرة: [مبثوث]، على الموصوف: [شجاع]، فنُصِبَت على الحال، فقال: [وفي الأرض مبثوثاً شجاعٌ].
· قال الشاعر (أوضح المسالك 2/89):
تسلّيتُ طُرّاً عنكمُ بعدَ بينِكُمْ بذكراكمُ حتى كأنكمُ عندي
[طُرّاً]: كلمة لا تكاد تستعمل في اللغة إلاّ [حالاً]. وقد تقدّمتْ في البيت على صاحبها، وهو الضمير [كم] المجرور بـ [عن]، وكان الكلام قبل هذا التقديم: [تسلّيت عنكم طُرّاً]. والحال تتقدّم على صاحبها بغير قيد.
· قال امرؤ القيس (الديوان /14):
خرجتُ بها أمشي تجُرُّ وراءنا على أَثَرَيْنا ذَيْلَ مِرْطٍ مُرَحَّلِ
(المِرط: كساء من خزّ أو صوف. والمرحّل: المخطّط).
(4/5)
قد تتعدّد الحال ويتعدّد صاحبها. وقد تحقق ذلك في البيت. وبيان ذلك أن جملة [أمشي] حال من ضميرالفاعل، وهو التاء مِنْ [خرجتُ]. وجملة [تجرّ] حال من الضمير [ها] المجرور بالباء. وهكذا تعدّدت هي وتعدّد صاحبها. والقاعدة في هذا أن تكون الحال الأولى للاسم الثاني، والحال الثانية للاسم الأول (الحال القريبة للقريب والبعيدة للبعيد). ولكنّ الشاعر لم يجرِ على هذا، بل أتى بالحالين على ترتيب صاحبيهما، لقيام قرينة تمنع اللبس، وهي التذكير في الأول، والتأنيث في الثاني.
· ]لِمَ تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم[ (الصفّ 61/5)
[وقد تعلمون]: الجملة مضارعية، والمضارعية إذا اقترنت بـ [قد] وجبت الواو قبلها. وقد تحقق ذلك في الآية.
· قال الشاعر:
إنّ الكريم لَيُخْفي عنك عُسرَتَهُ حتى تراهُ غنيّاً، وهو مجهودُ
لا بدّ لكل جملة حالية، من رابط يربطها بصاحب الحال، وإلاّ انقطعت الصلة بينهما. وقد يكون الرابط ضميراً، أويكون واو الحال. وقد يجتمع الرابطان معاً. وهو ما تراه متحققاً في بيت الشاعر حيث يقول: [وهو مجهود]. فقد اجتمع هاهنا الرابطان معاً: الواو الحالية والضمير [هو].
· ]لا تقربوا الصلاةَ وأنتم سُكارى[ (النساء 4/43)
في الآية مسألتان، الأولى: أنّ كتب الصناعة حين تعرّف الحال، تصفها بأنها [فضلة]. ونحبّ أنْ ننوّه هنا بأنْ ليس معنى قولهم [فضلة] أنّ المعنى لا يفتقر إليها، ومن ثمّ يصحّ إسقاطها والاستغناء عنها. وإنما معناه أنها ليست عُمدَةً كالفعل والفاعل، والمبتدأ والخبر. يدلّك على ذلك أنّك لو أسقطتها لفسد المعنى أحياناً. واعتَبِر بالآية التي نحن بصددها، فإنّك لو حذفت الحال: [وأنتم سكارى] لفسد المعنى. ومثل ذلك قوله تعالى: ]وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما لاعبين[ (الأنبياء 21/16) فإنك لو حذفت الحال: [لاعبين] لفسد المعنى.
(4/6)
والمسألة الثانية: أنّ الواو واجبة هنا قبل الجملة الاسمية. وذلك لوقوع الضمير المنفصل صدراً لها: [وأنتم سكارى].
· ]إليه مرجعُكمْ جميعاً[ (يونس 10/4)
[جميعاً] حال من الضمير في [مرجعكم]، وهو مضاف إليه. وصاحب الحال يكون مضافاً إليه مطلقاً، بغير قيد. ومنه قولُ مالك بن الريب (شرح ابن عقيل 1/664):
تقول ابنتي إنّ انطلاقك واحداً إلى الرَّوع يوماً تارِكِيْ لا أبا ليا
فإنّ كلمة [واحداً]: حال من المضاف إليه، وهو الضمير في [انطلاقك]. وهذا كثير كثير في كلامهم، ولو عمَدتَ إلى الإحصاء لأعجزك ذلك. ومنه الآية: ]أيحبُّ أحدُكم أن يأكل لحم أخيه ميْتاً[ (الحجرات 49/12) فإنّ كلمة: [ميتاً] حال من المضاف إليه [أخ].... ودونك منه شاهداً أخيراً، هو قوله تعالى: ]ونزعنا ما في صدورهمْ من غلٍّ إخواناً[ (الحِجْر 15/47)، فكلمة: [إخوانا] حال من الضمير في [صدورهم] وهو مضاف إليه.
· ]لئن أكله الذئب ونحن عصبةٌ إنّا إذاً لخاسرون[ (يوسف 12/14)
[نحن عصبة]: جملة حالية، والواو قبلها واجبة، لخلوّ الجملة من ضمير رابط.
· قال الشاعر (شرح ابن عقيل 1/323):
فجاءتْ به سَبْطَ العظام كأنما عمامتُه بين الرجال لواءُ
(يصف ابنَه بطول القامة).
وقد أتى بكلمة [سَبْطَ] حالاً من الضمير المجرور بالباء، وهو: الهاء مِن [به].
· ]يا حسرةً على العباد ما يأتيهم مِن رسولٍ إلاّ كانوا به يستهزئون[ (يس 36/30)
[إلاّ كانوا]: يجوز قبل الجملة الماضوية المسبوقة بـ [إلاّ] وجهان: مجيء الواو وعدمها. والآية - كما ترى - مما لا واوَ معه بعد [إلاّ]، وجملة [كانوا...] ماضوية.
ومثل ذلك قوله تعالى ]لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلاّ أحصاها[ (الكهف 18/49) فجملة: [أحصاها] ماضوية مسبوقة بـ [إلاّ]، وليس بعد [إلاّ] واو.
· قال عليّ كرّم الله وجهه، لكُمَيل بن زياد النخعي:
(4/7)
[ما مِن أحدٍ أَوْدعَ قلباً سروراً إلاّ وخلق الله له من ذلك السرور لُطفاً]. وفي قوله: [إلاّ وخلق...] جملةٌ ماضوية سبقتها [إلاّ] والواو. وذلك جائز، إذ القاعدة أن الواو يجوز مجيئها وعدمه إذا كانت الجملة ماضوية مسبوقة بـ [إلاّ].
· وقال زهير بن أبي سلمى:
نِعْمَ امرأً هرِمٌ، لم تَعْرُ نائبةٌ إلاّ وكان لِمُرتاعٍ بها وَزَرَا
[إلاّ وكان...] هاهنا جملة ماضوية، سبقتها [إلاّ] والواو. وذلك جائز على المنهاج.
تنبيه: ما قلناه عن جواز مجيء الواو وعدم مجيئها قبل الجملة الماضوية المسبوقة بـ [إلاّ]، ينطبق أيضاً على الجملة الاسمية. ولقد أوردنا آنفاً شاهداً على عدم مجيئها، وهو قوله تعالى: ]وما أهلكنا من قرية إلاّ لها منذرون[ (الشعراء 26/208) وقلنا هناك: متى سُبِقَت الاسمية بـ [إلاّ] جاز بعدها مجيء واو الحال، وجاز عدم مجيئها، فالجملة الاسمية: [لها منذرون] حالية، لم تسبقها واو الحال بعد [إلاّ]، وذلك جائز على المنهاج.
ودونك من هذا نماذج:
· روى الجاحظ قال: [ما قِلْتُ (من القيلولة) ولا بِتُّ ولا اتّكأتُ إلاّ والكتاب موضوعٌ على صدري]. (الحيوان 1/53)
قال: [إلاّ والكتابُ...]، فأتى قبل الجملة الاسمية بـ [إلاّ] والواو.
· وقال: [والعصافير لا تقيم في دار إلاّ وهي مسكونة]. (الحيوان 2/262)
قال: [إلاّ وهي...] فأتى كذلك قبل الجملة الاسمية بـ [إلاّ] والواو.
· قال أبو عمرو بن العلاء لعيسى بن عمر (مجالس العلماء /1): [نمتَ... وأدلج الناس، ليس في الأرض حجازيٌّ إلاّ وهو ينصب].
قال: [إلاّ وهو...] فأتى قبل الجملة الاسمية بـ [إلاّ] والواو.
· ]قلنا اهبطوا بعضُكمْ لبعضٍ عدوٌّ[ (البقرة 2/36)
[بعضكم لبعض عدوّ]: جملة اسمية حالية، والذي ربطها بصاحب الحال هو الضمير [كُم]، وأما صاحب الحال فهو الضمير (الواو من اهبطوا). ومعلوم أنّ الرابط قد يكون الضمير وحده، وقد يكون الواو وحدها، وقد يجتمع الرابطان.
(4/8)
· ]والله يَحكُم لا مُعقِّبَ لحكمه[ (الرعد 13/41)
[لا معقب لحكمه]: جملة حالية اسمية، والرابط هاهنا هو الضمير وحده. أي: الهاء من [لحكمه]، وذلك على المنهاج.
· قال الشاعر:
عهدتك ما تصبو وفيك شبيبةٌ فما لكَ بعدَ الشيب صبّاً متيَّما
[ما تصبو]: جملة حالية مضارعية، منفيّة بـ [ما]. ومتى كانت المضارعية منفيّة بـ [ما] أو [لا] امتنع مجيء الواو قبلها.
· قال تعالى ]وتفقّد الطيرَ فقال ماليَ لا أرى الهدهد[ (النمل 27/20)
[لا أرى]: جملة حالية مضارعية، منفيّة بـ [لا]. وهي شاهد على امتناع مجيء الواو قبلها.
· قال أبو عبيدة بن الجراح وهو يوصي قبل موته:
[أَقْرِئوا أمير المؤمنين السلام، وأعلموه أنّه لم يبقَ مِن أمانتي شيءٌ إلاّ وقد قمتُ به].
[إلاّ وقد قمت به]: جملة ماضوية مسبوقة بـ [إلاّ] و[قد]. ويكثر هذا في كلامهم كثرة بالغة. فرأينا الإشارة إليه، وإيرادَ الشواهد عليه.
· فمنه قول عليّ كرّم الله وجهه، في وصفه الطاووس: [وقلّ صِبغٌ إلاّ وقد أخذ منه بقسط]. (نهج البلاغة - د. الصالح /238)
· وقولُه: [ما قال الناسُ لشيءٍ (طُوبَى له) إلاّ وقد خَبَأَ له الدهرُ يومَ سَوْء]. (نهج البلاغة - د. الصالح /526)
· وقولُ هشام بن محمد الكلبي (ديوان حاتم الطائي /140): [فلما كان في بعض الليل لم تشعر به إلاّ وقد أخذ...].
· وقول الخليفة المنصور: [ما أرى صاحبَكم إلاّ وقد غبن صاحبنا]. (مجالس ثعلب /17)
* * *
1- كلمة [الحال] تُذَكَّر وتؤنث، فيقال: هذا الحال وهذه الحال.
2- كلمةُ [فضلة] هنا، لا تعني صحّةَ الاستغناء عن الحال، بل تعني أنّ الحال ليست عُمدة في الجملة كالمبتدأ والخبر، أو الفعل والفاعل.
3- [حزيناً]: حال مشتقّة، و[ثعلباً] حال جامدة تؤوّل بمشتقّ، أي: مراوغاً.
4- شبه الفعل: المصدر والمشتقّات.
(4/9)
5- يقتضي المنهج العلمي أن يكون البحث في الجملة الحالية، في موضعه من بحث الجُمل (44). لكن الترابط والتداخل بينها وبين صاحب الحال والضمير العائد إليه والواو الحالية واجتماعهما أحياناً وانفراد كل منهما أحياناً... كل ذلك أَرانا أنّ الأقوم جمعهما في موضع واحد.
6- يسمون هذه الواو: واو الحال.
7- لا فرق في هذا بين جملةٍ منفيةٍ نحو: [سافر زهيرٌ وما طلعت الشمس]، وجملةٍ مثبتةٍ نحو: [سافر وقد طلعت الشمس]. فالواو واجبة في الحالين.
8- يسهّل عليك استظهارَ هذه المواضع، أنْ تجمعها متتابعة، فتقول: [جاء زهيرٌ يسعى] فقلتُ: [عرفتك ما تحبّ التهاون] فـ [مالك لا تجدّ]؟
9- انظر جامع الدروس 3/103
(4/10)
عمل المصدر
يعمل المصدر عَمَلَ فِعله، فينصب مفعولاً به، ويتعلق به شبه الجملة... نحو: [ساءني ضربُكَ الطفلَ]: فالضرب مصدر، والطفلَ مفعول به. و[أعجبتني كتابتك على السبورة]: فالكتابة مصدر، وشبه الجملة (الجار والمجرور) متعلق بهذا المصدر.
تنبيه: يجوز أن يتقدم على المصدر شبهُ الجملة دون غيره، نحو: [أُحبّ معه السفر]، و [لا تأخذْك بالخائن رأفة].
* * *
نماذج فصيحة من عمل المصدر
· قال الشاعر (كتاب سيبويه - هارون 1/189):
فلولا رجاء النصر منك ورهبةٌ عقابَك قد صاروا لنا كالموارِدِ
(يقول: لولا رجاء أن تنصرنا عليهم، ورهبتنا لعقابك إن نحن انتقمنا منهم بأيدينا، لوطئناهم كما توطأ الطرق المؤدية إلى الموارد، فإنها أكثر الطرق استعمالاً ووطئاً).
وقد نصب [عقابَ] على أنه مفعول به للمصدر: [رهبةٌ].
· ]فلما بلغَ معه السّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إنِّي أَرَى في المنامِ أنِّي أَذبحكَ[
(الصافات 37/102)
[مع]: شبه جملة (ظرف)، متعلق بالمصدر: [السعي]. والآية شاهد على تقدُّم شبه الجملة على المصدر.
ومنه قول الفِند الزِّمّانيّ (الخزانة 3/432):
وبعضُ الحِلم عند الجهل للذلّةِ إذْعانُ
فقد تقدّم شبهُ الجملة: [للذلّة] في البيت، على المصدر [إذعان].
وقوله تعالى: ]لا يَبْغُونَ عنها حِوَلاً[ (الكهف 18/108)
فقد تقدّم شبهُ الجملة (الجار والمجرور) وهو: [عنها] على المصدر: [حِوَلا].
· قال المرّار بن منقذ (شرح ابن عقيل 2/94):
بضربٍ بالسيوف رؤوسَ قومٍ أَزَلْنا هامَهُنَّ عن المَقيلِ
(أراد بالمقيل: الأعناق). [ضربٍ] في البيت مصدر، وقد عمِل عَمَل فِعله فنصب كلمة [رؤوس] على أنها مفعول به.
· وقال الشاعر (كتاب سيبويه - هارون 1/116):
على حين أَلْهَى الناسَ جُلُّ أُمورهمْ فنَدْلاً زُرَيْقُ المالَ نَدْلَ الثَّعالِبِ
(زريق: اسم قبيلة، منادى، وقوله: ندلاً ندل الثعالب، أراد به: اختلسوا اختلاس الثعالب).
(5/1)
[ندلاً]: مصدر، عمِل عَمَل فعله [اُندل] فنصب كلمة [المال] على أنها مفعول به.
· وقال تعالى: ]ولولا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ[ (البقرة 2/251)
[الناسَ] مفعول به، وناصبُه المصدر [دفْع].
· وقال الشاعر (شرح ابن عقيل 2/95):
ضعيفُ النِّكايةِ أعداءَهُ يَخال الفرارَ يُراخِي الأَجَلْ
وفيه أنّ [أعداءَه] مفعول به للمصدر [النكاية].
* * *
(5/2)
أسماء الأصوات
أسماء الأصوات: كلمات مبنيّة، خاطب بها العربُ الحيوانَ وصغار الأطفال. مثل: [حاي] لزجر الإبل، و[نَخْ نخ] لإناختها، و[بسّ] لتسكينها عند حلبها، و[عَدَسْ] لزجر البغل، و[هَجْ] لزجر الكلب، و[كِخ] لزجر الطفل(1).
أو قلّدوا بها أصوات الحيوان والأشياء؛ فقد حاكَوا صوت وقع الحجر مثلاً، فقالوا: [طَق]، وصوت الضرب، فقالوا: [طاق]...
تنبيه:
يقف النحاة حين يبحثون في أسماء الأصوات، عند مسألة الاشتقاق منها، فيذكرون أن العرب اشتقت من ذلك مصادر وأفعالاً... وأنهم قالوا: عَيَّط الصبيانُ، وطقطقوا بالحجارة، وجَهْجَهَ القومُ بالسَّبُع...
وقد اطّرحنا ذلك ولم نعرض له بالبحث، إذ كانت علاقته باللغة لا ببحوث القواعد. وإن منهجية البحث لتوجب التفريق بينهما، وقد أخذنا بما توجبه هذه المنهجية.
* * *
نماذج فصيحة من استعمال أسماء الأصوات
· قال القلاخ (شرح المفصل 4/85):
مُعاوِدٌ للجوعِ والإمْلاقِ يَغضَبُ إن قال الغرابُ: [غاقِ]
[غاقِ]: حكاية صوت الغراب.
· وقال بيهس الجرمي:
ألا ليت شعري هل أقولنْ لبغلتي [عَدَسْ] بعد ما طال السِّفارُ وكَلَّتِ
[عدسْ]: اسم صوت لزجر البغال.
· وقال الراجز (الخزانة 6/48):
إذا حملتُ بِزّتي على عَدَسْ على التي بينَ الحمارِ والفَرَسْ
فما أبالي مَنْ غَزا ومَنْ جَلَسْ
يلاحَظ أن الراجز سمّى البغلة باسم الصوت الذي تُزجر به، والمعنى: إذا حملتُ بزتي على البغلة التي يقال في زجرها [عدس]...
* * *
1- ما يزال الكثير من أسماء الأصوات التي جاءتنا عن العرب مستعملاً في عصرنا، ففي الخطاب يقال اليوم: [كخ-نخ-بسّ-حاي-حاء]، وفي زجر الكلب يقال: [هشت=هج]. ويقلبون القاف همزة فيقولون في تقليد صوت وقع الحجر: [طَأْ]، وفي تقليد صوت الضرب: [طاءْ]، وقد يجمعون بينهما فيقولون: [طاءْ وطِيءْ].
(6/1)
أسماء الإشارة
أسماء الإشارة هي:
[ذا] (للمفرد المذكر) [ذِي - تِي - ذِه - تِه] (للمفرد المؤنث)
[ذانِ - ذَيْنِ] (للمثنى المذكر) [تانِ - تَيْنِ] (للمثنى المؤنث)
[أولاء] (لجمع العاقل وغير العاقل، مذكراً ومؤنثاً)
[هُنا - ثَمَّ] (1) ( للإشارة إلى المكان)
ملاحظات ثلاث:
1- كثيراً ما يسبق أسماءَ الإشارة حرفُ التنبيه [ها]، فيقال: [هذا - هذه - هؤلاء...]
2- قد يُفصَل بين [ها] التنبيهية واسم الإشارة، بضمير المشار إليه، فيقال مثلاً: [ها أنا ذا] و[ها أنتم أولاء]...
3- قد تلحق اللامُ بعضَ أسماء الإشارة للدلالة على البُعد، والكافُ للدلالة على الخطاب(2).
* * *
نماذج فصيحة من استعمال أسماء الإشارة
· قال المتنبي (الديوان 3/316):
ذِي المَعالي فلْيَعْلُوَنْ مَنْ تعالى هكذا، هكذا وإلاّ فلا، لا
(أراد: أن المعالي والمكارم هي هذه الأعمال التي نهض لها سيف الدولة حين علم بمحاصرة الروم لقلعة "الحَدَث". فمَنْ رام العلوّ فلينهض لمثل ما نهض له سيف الدولة، وإلاّ فليَدَعِ التعالي).
[ذي]: اسم إشارة للمفرد المؤنث(3).
· ]فذانِكَ برهانان من ربّك[ (القصص 28/32)
[ذانك]: ذان، اسم إشارة للمثنى المذكر، والكاف للخطاب.
· وقال خُفاف ابن ندبة (الخزانة 5/439):
فقلتُ له والرمحُ يأطِر مَتْنَهُ تَأَمَّلْ خُفافاً إنني أنا ذلِكا
[ذلكا]: ذا، اسم إشارة للمفرد المذكر، واللام للبعد، والكاف للخطاب، والألف للإطلاق.
· وقال الفرزدق (الديوان 1/418):
أولئك آبائي فجِئْنِي بِمِثْلِهِمْ إذا جَمعتْنا يا جريرُ المجَامِعُ
[أولئك]: أولاء: اسم إشارة، وهو هنا للعقلاء: [آبائي]، والكاف للخطاب.
· وقال جرير (المقتضب 1/185):
ذُمَّ المنازلَ بَعدَ منْزلةِ اللِّوى والعَيْشَ بَعْدَ أولئك الأيَّامِ
(يتأسف على أيام مضت له بـ "اللّوى" لا تعدلها في حُسنها الأيام، ومنْزلٍ لا تعدِلُه في طِيبه المنازل).
(7/1)
[أولئك]: أولاء: اسم إشارة، وهو هنا لغير العقلاء: [الأيام]، والكاف للخطاب.
· ]ها أنتم أُولاءِ تُحبّونهم[ (آل عمران 3/119)
[ها]: التنبيهية، و[أولاء]: اسم إشارة، وهو هنا لجمع العقلاء، وقد فُصِل بين [ها] التنبيهية واسم الإشارة بضمير المشار إليه: [أنتم].
· ]إنّا هاهنا قاعدون[ (المائدة 5/24)
[هاهنا]: ها: التنبيهية، و[هنا]: اسم إشارة للمكان.
· ]وأزلفنا ثَمّ الآخَرِين[ (الشعراء 26/64)
(أزلفنا: قرّبنا)، [ثَمَّ]: اسم إشارة للمكان...
* * *
1- قد يلحق [ثَمَّ] التاءُ المربوطةُ، فيقال: [ثَمَّةَ]. انظر [ثمّ (127)] في قسم الأدوات.
2- إذا قيل: [ذلك] مثلاً، فإن [ذا] اسم إشارة، واللام للبعد، والكاف للخطاب.
3- جمعُ ما لا يعقل يجوز أن يعامل معاملة المفرد المؤنث أو الجمع، نحو: أنهار جارية وجاريات، وجبال شاهقة وشاهقات... ومن ذلك قول المتنبي هنا: [ذي المعالي]، فالأنهار والجبال والمعالي جموع لغير العاقل، وقد عوملت معاملة المفرد المؤنث، فأشير إليها بـ (هذه) و(هذي).
(7/2)
الأسماء الخمسة
في العربية خمس كلمات، اصطلح النحاة على تسميتها بـ [الأسماء الخمسة]. تُرفَع بالواو وتُنصب بالألف وتُجَرّ بالياء. شريطة أن تُضاف إلى غير ياء المتكلم(1). وهي: [أبٌ - أخٌ - حمٌ - فو - ذو]. نحو: [جاء أخوك - رأيتُ أخاك - سلّمتُ على أخيك]، فقس على هذا.
* * *
1- إذا قُطِعت هذه الكلمات الخمس عن الإضافة، أو أُضيفت إلى غير ياء المتكلم، أُعرِبت - كسائر الأسماء - بالضمة والفتحة والكسرة. على أنّ من العرب مَن يُلزِمها الألف دوماً، كأنها اسمٌ مقصور فيقول مثلاً: [جاء أباك - رأيتُ أباك - سلّمتُ على أباك].
(8/1)
أسماء الزمان والمكان(1)
يُشتقّ اسم الزمان للدلالة على زمان الحدث، نحو: [اقترب مَذهَبُ القطار]، أي زمان ذهابه. ويُشتقّ اسم المكان للدلالة على مكان الحدث، نحو: [مَدخل المحطة واسع]، أي: مكان دخولها واسع.
صوغهما:
1- من الثلاثي:
تصاغ أسماء الزمان والمكان من الفعل الثلاثي، على وزن [مَفْعِل]، إذا كان مضارعه مكسور العين صحيحَ الآخر، نحو: [يجلِس - مجلِس، يغرِس - مغرِس، يرجِع - مرجِع]. وعلى [مَفْعَل](2) فيما عدا ذلك، نحو: [مَذْهَب - مَدْخَل - مَرْمَى - مَلْهَى...](3).
هذا، وقد أدخلَت العرب تاء التأنيث على اسم المكان، فقالت: [مَزرَعة -مَقبَرة - مَزلَّة - مَدبغَة...] لمكان: الزرع والقبر والزلل والدبغ...
2- من غير الثلاثي:
يصاغان من غير الثلاثي على وزن المضارع، مع إبدال حرف المضارعة ميماً مضمومة، وفتح ما قبل الآخر، وذلك نحو:
[يُدحرِج - مُدحرَج، يُسا فر - مُسافَر، يَستخرج - مستخرَج...]
3- من الأسماء:
يصاغ اسم المكان من الأسماء، على وزن [مَفْعَلة]، بفتح العين، للدلالة على المكان الذي يكثر فيه الشيء. نحو: [مَأْسَدة - مَسْبَعة - مَذْأَبة - مَرْمَلة - مَحْجَرة - مَقْطَنة - مَعْنَبة - مَبْطَخة...] للمكان الذي تكثر فيه الأُسود - السباع - الذئاب - الرمل - الحجر - القطن - العنب - البِطيخ...
* * *
نماذج من استعمال أسماء الزمان والمكان
1- من الثلاثي:
· مَجْلِس العلماء معمورٌ بالفوائد: (أي مكان جلوسهم معمور بها).
[مَجْلِس] اسم مكان وزنه [مَفْعِل] بكسر العين، لأن مضارعه [يَجْلِس] مكسورُها، وهو صحيح الآخر.
· وقد اختاروا يوم الغد مَجْلِساً لهم: (أي اختاروا يوم الغد زمانَ جلوسٍ لهم).
(9/1)
[مَجْلِس] - في هذا المثال - هو اسم زمان، وتلاحظ أنْ لا فرق بينه وبين اسم المكان المذكور قبله. فكلاهما [مَجْلِس]، وإنما يفرق بينهما سياقُ الكلام. وكذلك الشأن في الأمثلة الآتية كلِّها، فاسم الزمان واسم المكان، لفظُهما واحد، والذي يفرق بينهما هو السياق.
· هذه التربة مَغْرِس الشجرة: (أي مكان غرسها).
[مَغْرِس] اسم مكان، وزنه [مَفْعِل] بكسر العين، لأن مضارعَه [يغرِس] مكسورُها، وهو صحيح الآخر.
· وشهركانون الأول مَغْرِسها: (أي زمان غرسها).
[مَغْرِس] اسم زمان، وحكمُه حكمُ اسم المكان في المثال الذي قبله...
2- من غير الثلاثي:
· هذا مُنْفَتَح باب المدرسة: (أي هذا مكان انفتاحه).
[مُنْفَتَح] اسم مكان، مصوغ على وزن مضارعِه [يَنْفَتِح] مع إبدال حرف المضارعة ميماً مضمومة، وفتح ما قبل آخره.
· والساعة السابعة مُنْفَتَحُه: (أي الساعة السابعة زمان انفتاحه).
[مُنْفَتَح] اسم زمان، وحكمُه حكمُ اسم المكان في المثال الذي قبله...
· الملعبُ مُدحرَج الكرة، لا الطريقُ: (أي الملعب مكان دحرجتها).
[مُدحرَج] اسم مكان، مصوغ على وزن مضارعِه [يُدَحْرِج] مع إبدال حرف المضارعة ميماً مضمومة، وفتح ما قبل آخره.
· والصباح مُدَحْرَجُها: (أي الصباح زمان دحرجتها).
[مُدَحْرَج] اسم زمان، حكمُه حكمُ اسم المكان في المثال الذي قبله...
· هنا مُسافَر زينب: (أي هنا مكان سفرها).
[مُسافَر] اسم مكان، مصوغ على وزن مضارعِه [تُسافِر] مع إبدال حرف المضارعة ميماً مضمومة، وفتح ما قبل آخره.
· وقد دنا مُسافَرها: (أي دنا زمان سفرها).
[مُسافَر] اسم زمان، حكمه حكم اسم المكان في المثال الذي قبله...
3- من الأسماء:
· سهول الجزيرة مَقْمَحَة: (أي سهولُها يكثر فيها القمح).
[مَقْمَحَة] اسم مكان، وزنه [مَفْعَلَة] بفتح العين؛ مصوغ من الاسم، وهو [القمح]، للدلالة على المكان الذي يكثر فيه.
* * *
(9/2)
1- تَجمَع كتبُ الصناعة الاسمين في بحث واحد، لِتَطابُق اشتقاقهما وأحكامهما، وإنما يُعرف أن المقصود هذا أو ذاك، من سياق الكلام.
2- القياس [مَفْعَل]، ولكن شذت كلمات جاءت بالكسر، كالمغرِب والمشرِق والمسجِد والمنبِت...
3- إذا كان الفعل الماضي معتلّ الأول، نحو: [وعد- ورد- وصل...] جاز فتحُ العين: [مَفْعَل]، وجاز كسرها: [مَفْعِل]، فيقال: [مَوْعَد ومَوْعِد - مَوْرَد ومَوْرِد - مَوْصَل ومَوْصِل...].
(9/3)
عطف البيان
ليس في الكلام [عطف بيان]، وما تُطلِق عليه كتب الصناعة اصطلاحاً [عطف بيان] إنما هو عند التحقيق، بدل كلّ من كلّ.
فسيبويه أهمل البحث فيه، وكذلك فَعَلَ كثير من الأئمة الرؤوس !! فصفحة [عطف البيان] إذاً مطويَّة، وياليتها من قبلُ لم تُنشَر(1).
* * *
1- ليس وارداً عَرض وتحليل نماذج وأمثلة لمسألة لا حقيقة لها. وأما نماذج بدل الكلّ من الكلّ فتراها في موضعها من بحث البدل (29).
(10/1)
العطف بالحرف(1)
هو أن يتوسّط بين المعطوف عليه والمعطوف، حرفٌ من حروف العطف، فيتبع الثاني الأولَ رفعاً ونصباً وجرّاً وجزماً. نحو: [مررت بخالدٍ وزهيرٍ]. وحروف العطف تسعة هي: (الواو) و(الفاء) و(ثمّ) و(حتى) و(أَمْ) و(أو) و(بل) و(لكنْ) و(لا).
الأحكام:
¨ يُعطَف الاسم على الاسم، والضمير على الضمير، أو أحدُهما على الآخر، بغير شروط، ودونك النماذج:
[سافر سعيدٌ وخالدٌ] : عَطْفُ اسمٍ على اسم.
[أنا وأنت طالبان] : عَطْفُ ضميرٍ على ضمير.
[أكرمتُ عليّاً وإيّاكَ] : عَطْفُ ضميرٍ على اسم.
[ما زرتُ إلاّ إيّاكَ وزهيراً] : عَطْفُ اسم على ضمير. (في محلّ نصب)
[ما مررتُ إلاّ بكَ وخالدٍ] : عَطْفُ اسم على ضمير. (في محلّ جرّ)
ملاحظة: في نحو قولك: [سافرتُ أنا وخالدٌ]، التاء فاعل. وأما الضمير [أنا] - وكتب الصناعة تستحسن ذكره هنا - فيُعرَب توكيداً للتاء.
¨ يُعطَف الفعل على الفعل إذا لم يختلف زمانُهما، نحو: [ذهبتم ورجعتم] أو [تذهبون وترجعون]. ويجوز عطف أحدهما على الآخر - وإن اختلفت صيغتاهما - إذا كان زمانهما واحداً. وذلك كنحو قولك لطلاّبك: [إذا كان يومُ العطلة، ذهبتم إلى الغوطة ماشين وترجعون راكبين = تذهبون ماشين وترجعون راكبين].
* * *
نماذج فصيحة من العطف بالحرف
· ]فاذهبْ أنت وربُّكَ فقاتلا[ (المائدة 5/24)
الواو: حرف عطف، و[ربُّك] معطوف على فاعل [اِذهبْ] وهو ضمير رفع مستتر. وعطف الظاهر على المضمر جائز في العربية. وأما الضمير البارز: [أنت] فإنه توكيد لضمير الرفع المستتر، الذي هو فاعلُ [اذهب]. وكتب الصناعة تستحسن هذا التوكيد.
· ومِن عطف الظاهر على المضمر أيضاً، قوله تعالى ]ما أشركنا ولا آباؤنا[ (الأنعام 6/148).
فـ [آباؤنا] اسم مرفوع، لأنه معطوف على [نا]، الضمير المتصل بـ [أشرك]. وهذا الضمير في محل رفع فاعل لـ [أشرك].
· ]وكفرٌ به والمسجدِ الحرام[ (البقرة 2/ 217)
(11/1)
[المسجدِ]: اسم مجرور، لأنه معطوف على الهاء (الضمير المجرور بالباء). ومثل ذلك الآية ]واتّقوا اللهَ الذي تساءلون به والأرحامِ[ (النساء 4/1)، بكسرالميم: [الأرحامِ]، وهي إحدى القراءات السبع، وفيها عطف [الأرحام] على الضمير المجرور بالباء.
هذا، على أنّ كتب الصناعة، تستحسن عند عطف الاسم على الضمير المجرور، أن يعاد حرف الجرّ. ومنه الآية ]فقلنا لها وللأرض ائتيا طوعاً أو كرهاً[ (فصّلت 41/11)
· ]هذا يومُ الفصل جمعناكم والأوّلين[ (المرسلات 77/38)
[الأوّلين] اسم منصوب، لأنه معطوف على الضمير [كم] الذي هو في محل نصب، مفعول به للفعل [جَمَع].
· ]وإنْ تؤمنوا وتتّقوا يؤتِكم أجورَكم[ (محمد 47/36)
[تتقوا] فعل مضارع مجزوم لأنه معطوف على فعل الشرط المجزوم: [تؤمنوا]. والفعل يعطف على الفعل، إذا كان زمانهما واحداً،كما ترى في الآية، إذ الفعلان مضارعان.
هذا، على أنّ من الجائز عطف الفعل على الفعل-وإن اختلفت صيغتاهما-إذا كان زمانهما واحداً. ومنه قوله تعالى عن فرعون ]يَقْدُمُ قومَه يومَ القيامة فأوردهم النار[ (هود 11/98). ففي الآية عطْف الماضي [أوردهم] على المضارع [يقدم]، لمَّا كان زمانهما واحداً هو المستقبل في الآخرة.
* * *
1- يسميه النحاة أيضاً: [عطف النسق].
(11/2)
أوزان الأفعال وإيقاعها
(مجتمع) الأفعال في العربية، يتألف من أُسر، في كل أسرة منه ثلاثة أفراد، هي: الماضي والمضارع والأمر. وتمتاز كل أسرة من سائر الأسر الأخرى، بتنغيم وإيقاع، هما كالهويّة لها، فلا هما يفارقانها، ولا هي تفارقهما. ومتى سمعتَ تنغيم وإيقاع أحد أفراد الأسرة، فقد عرفت بالضرورة، تنغيم وإيقاع أخويه.
ونورد هذه الأسر - فيما يلي - أسرة أسرة، مصحوبةً بما يمثّل حركاتها وسكناتها، موقوفاً على آخرها بالسكون (1) - عملاً بما توجبه قواعد اللفظ في العربية. وذلك ما يفعله بعض التلاميذ، إذا أرادوا تقطيع بيت من الشعر. فالدائرة عندهم تمثّل الحرف الساكن، والخط المائل يمثّل الحرف المتحرك - مهما تكن حركته - كما ترى مثلاً، في الكلمتين الآتيتين والخطوطِ والدوائرِ التي تمثّلهما:
اِستغفرْ /5/5/5
ينطلقْ /5//5
فدونك ذلك(2):
أولاً - الثلاثي:
الوزن
فَعَلْ
يَفْعَلْ
اِفْعَلْ
الإيقاع
//5
/5/5
/5/5
مثال
مَنَع
يَمْنَع
اِمْنَع
وقس على هذا كل فعل ثلاثي نحو: فتح ونصر وجلس، وانتبه إلى أن حركة عين المضارع سماعية، تُعرَف بالرجوع إلى المعاجم، وأن حركة عين الأمر هي حركة عين المضارع نفسها. ويتبين لك ذلك من الأمثلة الثلاثة الآتية:
(يفتَح - اِفتَح، ينصُر - اُنصُر، يجلِس - اِجلِس).
ثانياً - غير الثلاثي:
1- الأسرة الأولى:
الوزن
أَفْعَلْ
يُفْعِلْ
أَفْعِلْ
الإيقاع
/5/5
/5/5
/5/5
مثال
أَطْعَم
يُطْعِم
أطْعِم
مثال
أَلْبَس
يُلْبِس
أَلْبِس
2- الأسرة الثانية:
الوزن
فَعَّلْ
يُفَعِّلْ
فَعِّلْ
الإيقاع
/5/5
/ /5/5
/5/5
مثال
عَظَّم
يُعَظِّم
عَظِّم
مثال
فَرَّح
يُفَرِّح
فَرِّح
3- الأسرة الثالثة:
الوزن
فاعَلْ
يُفاعِلْ
فاعِلْ
الإيقاع
/5/5
/ /5/5
/5/5
مثال
سامَح
يُسامِح
سامِح
مثال
قاتَل
يُقاتِل
قاتِل
4- الأسرة الرابعة:
الوزن
اِنْفَعَلْ
يَنْفَعِلْ
اِنْفَعِلْ
الإيقاع
/5/ /5
/5/ /5
/5//5
مثال
اِنْطَلَق
يَنطلِق
اِنطلق
مثال
(12/1)
اِجْتَمَع
يَجتمِع
اِجتمع
5- الأسرة الخامسة:
الوزن
تَفَعَّلْ
يَتَفَعَّلْ
تَفَعَّلْ
الإيقاع
//5/5
///5/5
//5/5
مثال
تَعَلَّم
يَتَعَلَّم
تَعَلَّم
مثال
تَحَدَّر
يَتَحَدَّر
تَحَدَّر
6- الأسرة السادسة:
الوزن
تَفَاْعَلْ
يَتَفَاْعَلْ
تَفَاْعَلْ
الإيقاع
//5/5
///5/5
//5/5
مثال
تَصالَح
يَتَصالَح
تَصالَح
مثال
تَسابَق
يَتَسابَق
تَسابَق
7- الأسرة السابعة:
الوزن
اِسْتَفْعَلْ
يَسْتَفْعِلْ
اِسْتَفْعِلْ
الإيقاع
/5/5/5
/5/5/5
/5/5/5
مثال
اِستغفَر
يَستغفِر
اِستغفِر
مثال
اِعشَوْشَب
يَعْشَوْشِب
اِعشَوْشِب
8- الأسرة الثامنة:
الوزن
فَعْلَلْ
يُفَعْلِلْ
فَعْلِلْ
الإيقاع
/5/5
//5/5
/5/5
مثال
دَحْرَج
يُدَحرِج
دَحْرِج
مثال
سَيْطَر
يُسَيْطِر
سَيْطِر
9- الأسرة التاسعة:
الوزن
تَفَعْلَلْ
يَتَفَعْلَلْ
تَفَعْلَلْ
الإيقاع
/ /5/5
///5/5
//5/5
مثال
تَدَحْرَج
يَتَدَحْرَج
تَدَحْرَج
مثال
تَكَوْثَر
يَتَكَوْثَر
تَكَوْثَر
ثالثاً- المنتهي بإدغام:
1- الأسرة الأولى:
الوزن
اِفْعَلَّ
يَفْعَلُّ
اِفْعَلَّ
الإيقاع
/5/5/
/5/5/
/5/5/
مثال
اِسْوَدَّ
يَسْوَدُّ
اِسْوَدَّ
مثال
اِحْمَرَّ
يَحْمَرُّ
اِحْمَرَّ
2- الأسرة الثانية:
الوزن
اِفْعَاْلَّ
يَفْعَاْلُّ
اِفْعَاْلَّ
الإيقاع
/5/55/
/5/55/
/5/55/
مثال
اِدْهَامَّ
يَدْهَامُّ
اِدْهَامَّ
مثال
اِسْوَادَّ
يَسْوَادُّ
اِسْوَادَّ
3- الأسرة الثالثة:
الوزن
اِفْعَلَلَّ
يَفْعَلِلُّ
اِفْعَلِلَّ
الإيقاع
/5//5/
/5//5/
/5//5/
مثال
اِقْشَعَرَّ
يَقْشَعِرُّ
اِقْشَعِرَّ
مثال
اِسْتَعَدَّ
يَسْتَعِدُّ
اِسْتَعِدَّ
ملاحظة لا يجوز إغفالها:
إن وزن الفعل وموسيقاه، إنما يرسخان في عقل الطالب، بالإعادة والتكرار، إلى أن يغدُوَا من سليقته.
(12/2)
فيرجى أن يدعوَ الأستاذ طلابه إلى أن يرددوا - مرّات - ترديداً جماعياً كلَّ أسرة من الأسر التي عرضنا لها، حتى يستقر في أذهانهم ما يرددون، ويستوطن واعيتَهم، فيصبح من رصيدهم اللغوي، يستعملونه كلما احتاجوا إليه، عن غير وعي، عفو الخاطر.
* * *
1- عمدنا إلى الوقوف على الساكن، في آخر الكلمات الممَثَّل بها؛ وما كان يمنع مانع من الوقوف على متحرك، وتعديل الإيقاع بما يناسب ذلك. غير أننا آثرنا التقيّد بقواعد اللفظ في العربية. هذا، على أننا سنكسر هذه القاعدة - كما تَرى بعدُ - في حالة واحدة، فنقف على متحرك، إذا كانت الكلمة مما ينتهي بإدغام، نحو: (افعلَّ: احمرَّ...) وإنما نعمد إلى ذلك، تيسيراً وتبياناً، لا تعذّراً واستحالةً، فهذا وهذا ممكن.
2- قد تَشرَكُ فعلاً من الأفعال في لحنه وإيقاعه، أفعالٌ أخرى، فيكون لحنُه لحنَها وإيقاعُه إيقاعَها. مثال ذلك: (دحرج)، فهو فعل رباعي، جميع حروفه أصلية، لحنُه وإيقاعه: فتحة فسكون فحركة، فسكون الوقف: (فعللْ /5/5)، ويشركه في لحنه وإيقاعه سبعة أفعال، حركاتُها حركاتُه، وسكناتها سكناته. نحو: (فيعل - سيطر) و(فَعْوَل - شعوذ) إلخ... فهذه لا نتوقف عندها، إذ لسنا هنا بصدد البحث في مجرد ومزيد، ولا ثلاثي ورباعي... وإنما نحن بصدد تنغيم الكلمة وإيقاعها.
(12/3)
البَدَل
البدل: تابعٌ لما قبله، رفعاً ونصباً وجرّاً. غير أنه خلافاً للتوابع الأخرى، هو المقصود بالحكم دون ما قبله، نحو: [قرأت خطبة الإمامِ عليٍّ](1). فـ [عليّ]: بدل من [الإمام]، وهو المقصود بالحكم المنسوب إلى [الإمام]...
صنوف البدل أربعة هي:
· [بدل كلّ من كلّ]، نحو: [سافر سعيدٌ جارُك].
· [بدل بعض من كلّ]، نحو: [أسفت على ضياع كتابين: كتابٍ في اللغة، وكتاب في الأدب].
· [بدل اشتمال]، نحو: [قُتِلَ أصحابُ الأُخدودِ النارِ ذات الوقود] (2)
· [البدل المباين]، نحو: [جاء المعلّمُ... التلميذُ](3).
أحكام:
¨ يُبدَل كلٌّ من الجملة والفعل والاسم من مثله:
- ففي الآية: ]أمدّكمْ بما تعلمون أمدّكم بأنعام وبنين[ إبدال جملة من جملة(4).
- وفي الآية: ]ومَنْ يفعلْ ذلك يلقَ أثاماً يضاعَفْ له العذاب[ إبدال فعل من فعل(5).
- وفي قولك: [جاء زهيرٌ أخوك] إبدال اسم من اسم.
¨ يُبدَل كلّ من النكرة والمعرفة من مثله، ومن ضدّه أيضاً:
- ففي الآية: ]اِهدنا الصراطَ المستقيم صراطَ الذين أنعمتَ عليهم[ إبدال معرفة من معرفة(6).
- وفي قول كثيّر عزّة (الديوان /99):
وكنتُ كذي رِجلَين: رِجلٍ صحيحةٍ ورِجلٍ رمَى فيها الزمانُ فشلَّتِ
إبدال نكرة من نكرة(7).
- وفي الآية: ]وإنكَ لَتَهْدي إلى صراطٍ مستقيمٍ صراطِ الله[ إبدال معرفة من نكرة(8).
- وفي الآية: ]لنسفعاً بالناصية ناصيةٍ كاذبة[ إبدال نكرة من معرفة(9).
¨ يُبدَل الاسم من الضمير: ومنه الآية: [وأسَرّوا النجوى الذين ظلموا] (10)
¨ الضمير لا يكون بدلاً(11).
تنبيه ذو خطر:
إنْ كان المبدَلُ منه اسمَ استفهام، سَبَقَ البدلَ - وجوباً - همزةُ استفهام. نحو: [مَنْ زارك]؟ أزهيرٌ أم خالدٌ؟(12)
أو كان المبدَلُ منه اسمَ شرط، سَبَقَ البدلَ - وجوباً - [إنْ] الشرطية. نحو: [مَا تقرأْ إنْ كتاباً وإنْ صحيفةً يُفِدْكَ](13).
ملاحظة:
(13/1)
رأينا النماذج الفصيحة، التي أوردناها في البحث، مغنية عن مزيد منها بعده.
* * *
1- [عليّ]: بدل، و [الإمام] مبدَل منه. ويدلّك على أن البدل: [عليّ] هو المقصود بالحكم المنسوب إلى المبدَل منه، أنك لو حذفت المبدل منه، أي: [الإمام]: فقلت: [قرأت خطبة عليّ] لاستقلّ المعنى بذكر [عليّ].
2- البروج 85/4-5
3- لو تأملت أسماء صنوف البدل الأربعة الاصطلاحية، لرأيتها تعبيراً عن علاقة البدل بالمبدل منه. فقد سمّي الأول: بدل كلّ من كلّ (ويسمى: البدل المطابق أيضاً) لأنه عين المُبْدَل منه. وسمّي الثاني: بدل بعض من كل، لأنّه بعضُ المبدل منه. وسمّي الثالث: بدل اشتمال لأن المبدَل منه مشتملٌ على البدل. وسمّي الرابع: البدل المباين، لأنه بدل شيءٍ مما يباينه، لغلطٍ أو نسيانٍ أو إضراب.
4- الشعراء 26/132-133: جملة: [أمدكم] الثانية بدل من جملة: [أمدكم] الأولى.
5- الفرقان 25/68-69: فعل: [يضاعف]، بدل من فعل: [يلقَ].
6- الفاتحة 1/6-7: [صراطَ] الثاني، معرفة بإضافته إلى الذين، وهو بدل من [الصراط] الأول، المعرّف بـ [ألـ].
7- [رِجلٍ صحيحة]: نكرة، وهي بدل من [رِجلَيْنِ]، وهي نكرة كذلك.
8- الشورى 42/52-53: [صراطِ] الثاني، معرفة بإضافته إلى اسم الجلالة، وهو بدل من [صراطٍ] الأول، النكرة.
9- (العلق 96/15): [ناصية]: نكرة، وهي بدل من [الناصية] - قبلها - المعرفة.
10- (الأنبياء 21/3): [الذين] بدل من واو الضمير المتصل في [أسرّوا]، وهو فاعل.
11- قال ابنُ مالك في التسهيل /172: ولا يُبدَل مضمَرٌ من مضمَر ولا من ظاهر.
12- زهير: بدل مِن مَن.
13- كتاباً: بدل مِن ما.
(13/2)
الضمير
الضمير اسمٌ يدل على متكلِّم أو مخاطَب أو غائب، مثال ذلك: [أنت - نحن - هم - إيّاكَ - إيّاهم - إيّانا، والتاءُ مِنْ سافرْتُ، والهاءُ مِنْ سَألَه...]. وهو صنوف:
آ- الضمير المنفصل: ويصحّ أن يُبتدأ به الكلام، نحو: [أنا - هو - هي - هُما - نحن - هُم(1) ...].
ب- الضمير المتصل: ويأتي في آخر الكلمة، متصلاً بفعلٍ، نحو: [سافرْت] أو اسم: [كتابُه]، أو حرف: [عليك].
قاعدة عظيمة القيمة:
إذا أمكن استعمال الضمير المتصل، لم يجز استعمال المنفصل. وعلى ذلك تقول: [سافرت]، ولا يجوز [سافر أنا]. اللهم إلا أن يكون الضمير خبراً لكان وأخواتها، أو المفعول الثاني لـ [ظنّ وأخواتها]، ففي هاتين الحالتين لك الخيار: أن تأتي به متصلاً أو منفصلاً، نحو: [كنتُه=كنتُ إيّاه] و [ظننتُكَه=ظننتُك إيّاه].
ج- الضمير المستتر: إذا لم يُذكر الضمير في الكلام، وكان موقعه فيه ملحوظاً، قيل هو: ضمير مستتر. ففي قولك: [سافِرْ]، ضمير مستتر، والتقدير: [سافرْ أنتَ].
د- ضمير الفصل: هو ضمير يفصل بين المبتدأ والخبر، نحو: [خالد هو الناجح]، أو ما أصله المبتدأ والخبر، نحو: [كان خالدٌ هو الناجحَ]، [ظننت خالداً هو الناجحَ]. وليس له محل له من الإعراب، فكأنه غير موجود في الكلام(2).
هـ- ضمير الشأن: قد يريد العربي تفخيم أمر وتعظيمه في نفس المستمع، فيأتي بضمير، بعده جملةٌ، تبيّن الغرضَ منه. فذاك الضمير هو [ضمير الشأن] ويسمّونه [ضمير القصة] إن كان مؤنثاً.
ومن أقرب أمثلةِ ذلك: ]قل هُوَ اللهُ أحدٌ[ (الإخلاص 112/1): فـ [هو] ضمير الشأن، وجملة [ الله أحد] بيّنت الغرضَ منه. و ]فإنها لا تعمى الأبصار[ (الحج 22/46) فـ [ها] ضمير القصة.
أحكام ضمير الشأن:
1- لا يكون ضمير الشأن إلا مفرداً للغائب: [هو... أو الهاء، وهي... أو ها].
2- ولا يكون إلا مبتدأ أو أصله المبتدأ، كما رأيت في المثالين المتقدمين. وأمّا الجملة التي تأتي بعده لتبيّن الغرض منه فهي الخبر.
(14/1)
مرجع الضمير:
ضمير الغائب لا بدّ له من مرجع يرجع إليه. ففي قولك: [اشتريت كتاباً أحبّه] مرجع الهاء هو [كتاباً]، فإذا صلح أن يكون للضمير أكثر من مرجع، تعيّن أن يكون المرجع هو أقرب مذكور في العبارة.
ففي قولك مثلاً: [قرأت مجلة وصحيفة ثم حفظتها] يتعيّن أن يكون مرجع الضمير هو الصحيفة، لأنها أقرب إلى الضمير من كلمة [مجلة].
هذا، والأصل أن يتقدم المرجع ويتأخر الضمير نحو: [زارني زهير فاستقبلته]. غير أن المرجع قد يتأخر. فالهاء من قولك: [باع دارَهُ المالكُ] يرجع إلى [المالك] المتأخر لفظاً. وهذا عربي صحيح، لا غبار عليه.
وأما غير الصحيح فأن يقال: [باع مالكُها الدارَ] وذاك أن [ها] يرجع إلى الدار، والدار متأخرة لفظاً كما ترى، ومتأخرة رتبةً أيضاً، إذ هي مفعول به، ورتبةُ المفعول بعد رتبة الفاعل، ورجوع الضمير إلى متأخر لفظاً ورتبةً، غير جائز.
* * *
نماذج فصيحة من استعمال ضمير الفصل، وضمير الشأن
· ]وكنّا نحن الوارثين[ (القصص 28/58)
[نحن] ضمير فصل لا محل له من الإعراب، و[الوارثين] خبر [كان] منصوب بالياء.
· ]إن كان هذا هو الحقَّ من عندك فأمطر علينا[ (الأنفال 8/32)
[هو] ضمير فصل لا محل له من الإعراب، و[الحقَّ] خبر [كان] منصوب بالفتحة.
· ]كنتَ أنت الرّقيبَ عليهم[ (المائدة 5/117)
[أنت] ضمير فصل لا محل له من الإعراب(3)، و[الرقيبَ] خبر [كان] منصوب بالفتحة.
· ]قل هو الله أحد[ (الإخلاص 112/1)
ضمير الشأن: [هو]، مفرد للغائب - مذكر. وهو مبتدأ، والجملة بعده خبره.
· ]إنّه مَن يتّقِ ويصبر فإنّ اللهَ لا يضيع أجر المحسنين[ (يوسف12/90)
ضمير الشأن: الهاء، مفرد للغائب - مذكر، اسم [إنّ]، (أي: أصله المبتدأ، إذ كان مبتدأً قبل دخول [إنّ] عليه) والجملة بعده خبره.
· ]فإنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور[ (الحج 22/46)
(14/2)
ضمير الشأن أو القصة: [ها]، مفرد للغائب، مؤنث. اسم [إنّ]، (أي أصله المبتدأ، إذ كان مبتدأً قبل دخول [إنّ] عليه) والجملة بعده خبره.
· قال أبو خراش الهذلي (شرح المفصل 3/117):
على أنّها تَعْفُو الكُلومُ، وإنما نُوَكَّلُ بالأدْنى وإنْ جَلَّ ما يَمْضِي
(الكلوم: الجروح)
ضمير الشأن أو القصة: [ها]، مفرد للغائب، مؤنث. اسم [أنّ]، (أي أصله المبتدأ، إذ كان مبتدأً قبل دخول [أنّ] عليه) والجملة بعده خبره.
* * *
1- [هم]: ضمير لجماعة العقلاء فقط، وكذلك الواو من قولك [سافروا] مثلاً.
2- من النحاة من يرى إعرابه على حسب موقعه من العبارة. فيكون الإعراب في نحو [كان زهيرٌ هو الناجحُ]: [زهير: اسم كان] و[هو: مبتدأ] و[الناجحُ: خبر هو]، وجملة [هو الناجحُ] في محل نصب خبر [كان].
3- يرى بعض النحاة جواز إعرابه أيضاً توكيداً للتاء من [كنتَ].
(14/3)
الإبدال
الإبدال: إحلالُ حرفٍ في الكلام محلَّ حرف، كنحو: سُمبُلة قمح، وهَراقَ الدمَ، وامْبَرى له، فإنها في الأَصل: سنبلة، وأراق، وانبرى.
فالإبدال إذاً مسألة لغوية تتعلق بنطق الحروف، لا بتركيب الكلام. وإنما عرضنا له هاهنا، لتوجيه النظر إلى ظاهرة لغوية، قد يمرّ المرء بها ولا يلتفت إليها.
* * *
(15/1)
الإضافة
إذا قلتَ: [هذا كتابُ خالدٍ]، فقد نسبتَ الأولَ: [كتاب] إلى الثاني: [خالد]. وبتعبير آخر: أضفت الأول، ويسميه النحاة: [المضاف]، إلى الثاني، ويسمّونه: [المضاف إليه].
والإضافة صنفان:
1- الإضافة اللفظية(1): وضابطها أن يَحلَّ مَحَلَّ المضافِ فِعْلُه، فلا يفسد المعنى ولا يختلف. ففي قولك: [هذا طالبُ علمٍ، وهذا مهضومُ الحقِّ، وهذا حَسَنُ الخُلُقِ] يصحّ المعنى ولا يختلف، إذا أحْلَلْتَ الفعلَ محلَّ المضافِ فقلت: [هذا يَطلب عِلماً، وهذا يُهْضَمُ حقُّه، وهذا يَحْسُنُ خُلُقُه].
2- الإضافة المعنوية(2): وضابطها أن الفعل لا يحلّ فيها محل المضاف؛ ففي قولك مثلاً: [هذا كاتِبُ المحكمةِ] لا يحلّ فِعْلُ [يَكْتُبُ] محلّ [كاتِبُ]. ولو أحللتَه محلّه فقلتَ: [هذا يكتُب المحكمةَ]، لفسد المعنى. وفي قولك: [هذا مِفتاحُ الدارِ]، لو أحللت فِعلَ [يَفتحُ] محل المضافِ [مِفتاح] فقلت: [هذا يفتَحُ الدارَ] لاختلف المعنى؛ ولو أحللته في مثل قولك: [هذا مفتاحُ خالدٍ] لَتَجَاوَزَ المعنى الاختلافَ إلى الفساد.
أحكام الإضافة:
· المضاف إليه مجرور أبداً.
· المضاف لا يلحقه التنوين، ولا نونُ المثنى وجمعِ السلامة.
· لا يجوز أن يحلّى المضاف بـ [ألـ]، إلا إذا كانت الإضافة لفظية، نحو: [نَحتَرِم الرجُلَ الحسنَ الخُلُقِ].
· إذا تتابعت إضافتان، والمضاف إليه هو هو، جاز حذف الأول اختصاراً نحو: [استعرتُ كتابَ وقلمَ خالد = استعرتُ كتابَ خالدٍ وقلمَ خالد]. (انظر المصباح المنير /367) + (الخصائص لابن جني 2/407و409)
إضافة الصفةِ المشبهة واسمِ الفاعل:
· الصفة المشبهة: لا تتعرّف بالإضافة، بل تتعرّف بـ [ألـ]، وعليه قولُهم في تنكيرها: [زارنا رجلٌ حسنُ الأخلاق](3). فإذا أُريد تعريفها حُلِّيَت بـ [ألـ] فقيل: [زارنا الرجلُ الحسنُ الأخلاق](4).
(16/1)
· اسم الفاعل: إن دلّ على مُضِيّ، كانت إضافته حقيقية، فيتعرّف بإضافته إلى معرفة، نحو: [نحمد اللهَ خالقَ الكَونِ](5).
فإن دلّ على حال أو استقبال(6)، كانت إضافته لفظية، فلم يتعرّف بإضافته إلى المعرفة، كنحو قول قومِ (عاد) في الآية: ]هذا عارضٌ ممطِرُنا] (7).
وإن دلّ على استمرار جاز الوجهان. أي:
آ- جاز اعتبار جانب الماضي، فتكون الإضافة حقيقية، نحو: ]الحمد للهِ ... مالكِ يومِ الدين] (8) (الفاتحة 1/2)
ب- وجاز اعتبار جانب الحال والاستقبال (اليوم وغداً)، فتكون الإضافة لفظية، نحو: ]وجاعلُ الليلِ سكناً] (9) (الأنعام 6/96)
ملاحظتان:
آ- إضافة اسم الفاعل والصفة المشبهة، يكثر فيها التَّلَوّي والالتواء، هنا وهناك، في هذا الشاهد أو ذاك. ومن هنا أنّ قارئ كتب النحو واللغة، يظلّ يرى - ما سار معها - آراءً وشروحاً مختلفةً وتفاسير. ومع ذلك إنّ ما قرّرناه مؤسّس على شواهد من كتاب الله لا تُنْقَض.
ب- ما يراه القارئ من تكرار الشواهد في المتن والحواشي والنماذج، إنما الغاية منه تثبيت القاعدة بالتكرار.
* * *
نماذج فصيحة من استعمال الإضافة
· ]وقال الذين استُضْعِفُوا للذين استَكْبَروا بل مَكْرُ الليل والنّهَارِ[ (سبأ 34/33)
[مكرُ] مضاف، حُذف تنوينه - على المنهاج - إذ المضاف لا ينوّن. و[الليل] مضاف إليه مجرور، جرياً مع القاعدة المطلقة: [المضاف إليه مجرور أبداً].
· ]تبتْ يدا أبي لَهَب[ (المسد111/1)
[يدا]: مثنّى مضاف، والمضاف لا يلحقه التنوين ولا نون المثنى وجمعِ السلامة. ولذلك حذفت نون المثنّى، والأصل: [يدان]، و[أبي] مضاف إليه مجرور- جرياً مع القاعدة المطلقة: المضاف إليه مجرور أبداً - وعلامة جره الياء، لأنه من الأسماء الخمسة. و[لهبٍ] مضافٌ إليه ثانٍ مجرور أيضاً - جرياً مع قاعدة: المضاف إليه مجرور أبداً، وعلامة جره الكسرة.
· ]إنّا مرْسِلُو النّاقةِ فتنةً لهم[ (القمر 54/27)
(16/2)
[مرسلو] جمع مذكر سالم، وهو مضاف، والمضاف لا يلحقه التنوين ولا نون المثنى وجمعِ السلامة. ولذلك حُذفت نونه، والأصل [مرسلون]. و[الناقة] مضاف إليه مجرور بالكسرة جرياً مع قاعدة: المضاف إليه مجرور أبداً. والإضافة لفظية، لأنّ فعل : [نرسل] يصحّ حلولُه محلّ المضاف [مرسلو] فلا يفسد المعنى ولا يختلف.
· ]والصابرينَ على ما أصابهم والمقيمي الصلاةِ[ (الحج 22/35)
[المقيمي]: مضاف، حذفت نونه بسبب الإضافة، والأصل: [المقيمين]. وجاز أن يحلّى بـ [ألـ]، مع أنه مضاف والمضاف لا يُحَلّى بـ [ألـ]، لأن إضافته لفظية، يصحّ أن يحلّ محلّه فِعْلُ [يقيمون]، فلا يفسد المعنى ولا يختلف. و[الصلاة] مضاف إليه.
· قال عنترة (الديوان /154):
ولقد خَشِيتُ بأنْ أموتَ ولم تَدُرْ لِلحرب دائرةٌ على ابْنَيْ ضَمْضَمِ
الشاتِمَيْ عِرْضِي ولم أشْتُمْهُما والناذِرَيْنِ إذا لَمَ الْقَهُما دَمِي
[الشاتمي] مضاف مثنى حُذِفت نونه بسبب الإضافة. وجاز أن يحلّى بـ [ألـ]، مع أنه مضاف والمضاف لا يُحَلّى بـ [ألـ]، لأن إضافته لفظية، يصحّ أن يحلّ محلّه فِعْلُ [يشتم]، فلا يفسد المعنى ولا يختلف. و[عِرض] مضاف إليه.
· وقال زهير يمدح هَرِم بن سنان (الديوان /153):
القائدُ الخيلِ منكوباً دَوابِرُها فيها الشَّنُونُ، وفيها الزاهِقُ الزَّهِمُ
(الشنون: بين السمين والمهزول، والزاهق: السمين، والزهم: أسمن منه. أراد أنّ دَأْب خَيْلِه في السير أَضَرَّ بحوافرها).
[القائد]: مضاف، وجاز أن يحلّى بـ [ألـ]، مع أنه مضاف والمضاف لا يُحَلّى بـ [ألـ]، لأن إضافته لفظية، يصحّ أن يحلّ محلّه فِعْلُ [يقود]، فلا يفسد المعنى ولا يختلف. و[الخيل] مضاف إليه.
· وقال الفرزدق (شرح المفصل 3/21):
يا مَنْ رأى عارِضاً أَرِقْتُ لهُ بينَ ذِراعَيْ وجَبْهَةِ الأسَدِ
(العارض: السحاب. وذراعا الأسد وجبهته: من منازل القمر).
(16/3)
الأصل: [بين ذراعَيِ الأسدِ وجبهةِ الأسدِ]، لكنّ الشاعر حذفَ المضافَ إليه الأول؛ وهو في العربية جائز(10). وذلك أنه إذا تتابعت إضافتان، والمضاف إليه هو هو، جاز حذف الأول اختصاراً.
· وقال تعالى: ]وجاعلُ الليلِ سَكَناً[ (الأنعام 6/96)
[جاعل] اسم فاعل، مضافٌ إضافةً لفظية، وضابط ذلك أن يحلّ محلّ المضاف فِعلُه، فلا يفسد المعنى ولا يختلف. وذلك متحقق في الآية، لصحة حلول فِعْل [جَعَلَ]، محلّ [جاعل]. و[الليل] مضاف إليه. وفي الكفّ برهانان على سلامة ما قلنا. الأول: أنّ الآية لها قراءة أخرى هي: [وجَعَلَ الليلَ سكناً]. والثاني: أنّ اسم الفاعل عَمِلَ فنصب كلمةَ [سكناً] مفعولاً به. ولو كانت الإضافة حقيقية لم يَجُز ذلك.
* * *
1- يسمّون [الإضافة اللفظية] أحياناً: [المجازية]، وأحياناً [غير المحضة].
2- يسمّون [الإضافة المعنوية] أحياناً: [الحقيقية]، وأحياناً [المحضة].
3- [حسن] صفة مشبهة نكرة، ولذلك نعتتْ كلمة [رجل] النكرة. وذلك أنّ الصفة المشبهة لا تتعرّف بالإضافة.
4- كلمة [الحسن] صفة مشبهة معرفة، اكتسبت التعريف بـ [ألـ]، ولذلك نعتتْ كلمة [الرجل] المعرفة.
5- [خالق] اسم فاعل يدلّ هنا على مضيّ، إذ خلق الله الكون في الأزل؛ وقد استفاد التعريفَ بإضافته إلى كلمةِ [الكون] المعرّفة بـ [ألـ]. يدلّ على ذلك أنه نَعَتَ معرفةً هي لفظ الجلالة: [الله].
6- يعبّر النحاة عن هذا بقولهم: (اليوم أو غداً).
7- الأحقاف 46/24: [ممطر] اسم فاعل يدلّ على مستقبل، لأن قوم (عادٍ) إنما قالوا ذلك حين قدّروا أنّ العارض (السحاب) سيمطرهم عن قريب. فالإضافة إذاً لفظية، ولذلك لم يتعرّف [ممطر] بإضافته إلى معرفة هي الضمير [نا]، فنَعَتَ نكرةً هي :[عارضٌ].
8- [مالك] اسم فاعل، تعرّف بإضافته إلى: [يوم الدين]، فنَعَتَ لفظ الجلالة وهو معرفة، فالإضافة إذاً حقيقية.
(16/4)
9- [جاعل الليل] الإضافة هنا لفظية، إذ المضاف يحلّ محلّه فعلُه [يَجْعَل] فلا يفسد المعنى ولا يختلف. [سكناً] مفعول به لاسم الفاعل: [جاعل]. وما كان هذا النصب ليجوز لو أنّ الإضافة حقيقية، وفي مجمع البيان (4/337): [قرأ أهل الكوفة: وجَعَلَ الليلَ... والباقون: وجاعلُ الليلِ...].
10- قال الفيوميّ: [ويجوز أن يكون الأول مضافاً في النية دون اللفظ، والثاني في اللفظ والنية، نحو: غلام وثوب زيد، ورأيت غلام وثوب زيد، وهذا كثير في كلامهم إذا كان المضاف إليه ظاهراً]. يعني إذا لم يكن ضميراً.
(16/5)
الإدغام
الإدغام: إدخال حرف في حرف مثله، بحيث يصيران حرفاً مشدَّداً، نحو: [قَلْلَ = قَلَّ، وعَدْدَ = عَدَّ].
حُكمان:
1- يجب الإدغام إذا سكن الحرف الأول منهما وتحرّك الثاني، نحو: [حَجْجَ = حجّ] و[يَحُجْجُ = يحجّ]. وبتعبير آخر أجمعَ وأمنَعَ: [كلما استُطيع الفكُّ والإدغام، وجب الإدغام](1).
2- يجوز الفكّ والإدغام، في فعل الأمر المبني على السكون، والمضارع المجزوم بالسكون(2) نحو: [اُشْدُدْ = شُدَّ (أمر مبني على السكون)] و [لم يَمسَسْ = لم يَمَسَّ (مضارع مجزوم بالسكون)](3).
* * *
نماذج فصيحة من الإدغام
· قال تعالى: ]يكادُ زيتها يُضيءُ ولو لم تَمْسَسْهُ نار[ (النور 24/35)
فَكُّ الإدغام في الآية، على المنهاج، إذ الفعل مضارع مجزوم بالسكون. ومتى كان كذلك، جاز فيه الإدغامُ: [لم تمسَّه]، وجاز الفكُّ أيضاً: [لم تَمْسَسْه].
· ]يا أيّها الذين آمنوا مَنْ يَرْتَدَّ منكم عن دِينهِ فسوف... [ (المائدة 5/54)
المضارع في الآية مجزوم بالسكون، فيجوز فيه الإدغام: [من يرتدّ]، ويجوز الفك أيضاً،كما في الآية التالية ]ومَنْ يَرْتَدِدْ منكم عن دينه[ (البقرة 2/217)
ودونك الإدغام والفكّ أيضاً، في كلمة تكررت في آيتين:
فمن الإدغام قوله تعالى: ]ومَنْ يُشاقِّ الله... [ (الحشر 59/4). ومن الفكّ قوله تعالى: ]ومَنْ يُشاقِقِ الله... [ (الأنفال 8/13)
والإدغام والفكّ في الآيتين على المنهاج. وذلك أن الفعل فيهما مجزوم بالسكون، فيجوز معه الوجهان.
· قال الحارث بن هشام (هو أخو أبي جهل عمرو بن هشام):
وعلمتُ أني إنْ أقاتِلْ واحداً أُقتَلْ، ولا يَضْرُرْ عدوّيَ مَشْهَدِي
[يضرر]: مضارع مجزوم بالسكون، إذ هو معطوف على جواب الشرط [أُقتَلْ]. ومتى كان المضارع مجزوماً بالسكون، جاز الإدغام: [يضرَّ]، وجاز الفكُّ: [يضْرُرْ].
· ]وما يُضِلُّون إلاّ أنفسَهم وما يَضُرُّونك من شيء[ (النساء 4/112)
(17/1)
في الآية فعلان مضارعان: [يضلّون ويضرّون]، والإدغام فيهما واجب. (على المنهاج: سكون فحركة).
· وقال تعالى: ]واضْمُمْ يدك إلى جَناحِك[ (طه 20/22)
وقد فُكَّ الإدغام في الآية، وذلك جائز، كما أن الإدغام جائز أيضاً. ففي غير القرآن يجوز لك أن تقول: [ضمَّ يدك إلى جناحك]. إذ القاعدة أن الإدغام وفكّه جائزان، في الأمر المبني على السكون.
· وقال: ]سنَشُدُّ عَضُدَكَ بأخيك[ (القصص 28/35)
والإدغام هاهنا واجبٌ لا يجوز سواه، لسكون الأول وتحرك الثاني. وليس الأمر كذلك في الآية: ]واجعل لي وزيراً من أهلي هارون أخي اشْدُدْ به أَزْري[ (طه 20/31) فهاهنا فعل أمر مبني على السكون، فيجوز معه الفكّ كما رأيت في الآية، ويجوز الإدغام أي: [شُدَّ](1).
· وأما في قوله تعالى: ]فَشُدُّوا الوَثاق[ (محمد 47/4)
فلا يجوز إلاّ الإدغام، لأن الفعل - وإن كان فعلَ أمرٍ هاهنا - فإنه ليس مبنياً على السكون، بل هو مبني على حذف النون؛ ومعلوم أن شرط جواز الوجهين أن يكون فعلُ الأمر مبنياً على السكون حصراً، أو يكون فعلاً مضارعاً مجزوماً بالسكون حصراً.
· وقال: ]وهُزِّي إليكِ بجذع النخلة[ (مريم 19/25)
ولا يجوز هنا إلاّ الإدغام، أي لا يجوز [اهززي]، لأنه وإن كان فعل أمر، فإنه مبني على حذف النون، على حين جواز الإدغام والفك مشروط ببناء الأمر على السكون حصراً.
· وقال: ]فلْيَمْدُدْ بسببٍ إلى السماء[ (الحج 22/15)
وهاهنا فعل مضارع مجزوم بالسكون، فيجوز معه الإدغام والفكّ، أي: [فليمدَّ وفليمدُدْ].
* * *
(17/2)
1- يجب الإدغام في نحو: [مدّ - يمُدّ، وحجّ - يحجّ]، لأنك تستطيع أن تَفُكَّه فتقول: [مَدَدَ - يَمْدُدُ، وحَجَجَ - يحْجُجُ]، وأما في نحو: [شَدَدْتُ، ومَسَسْنا، وحَجَجْنَ]، فيتعذّر الإدغام، إذ لا يُستطاع لفْظُ: [شَدْدْتُ، ولا مَسْسْنا، ولا حَجْجْنَ]. فالفكّ إذاً هاهنا، ضربة لازب. وأما قول العامّة شدَّيتُ ومدَّيتُ وحجَّيتُ مثلاً، فإخراج للأمور عن نصابها، لأنّ فيه جَلْبَ ياء من الفراغ!!
2- جواز الفكّ والإدغام، مركوز في تحقق السكون: (مضارع مجزوم بالسكون، وأمر مبني على السكون)، فإذا تحقق جاز هذا وذاك، وإذا لم يتحقق لم يكن إلاّ الإدغام. ولذلك لا يجوز الفك في نحو: [شُدّي]، لأنه أمر مبني على حذف النون، لا على السكون، كما لا يجوز في نحو: [لم يشدّوا]، لأنه مضارع مجزوم بحذف النون، لا بالسكون.
3- لم يشذَّ عن ذلك إلاّ كلمتان هما: عَيَّ وحيَّ، فقد جاء عن العرب الإدغام فيهما، وجاء الفك: حَيِيَ وعَيِيَ.
1- لا نعني بجواز الوجهين - لا في هذه الآية ولا في سواها مما عرضنا له من الآيات - أن هناك (بالضرورة) قراءات قرآنية تجيزهما، وإنما نعني فقط، جواز الوجهين في العربية.
(17/3)
الاختصاص
هو نَصْبُ اسمٍ بفعل محذوف تقديره: [أعني أو أخُصّ]، ويسمون الاسم المنصوب: [المخصوص]، اصطلاحاً. ويُؤتَى به بعد ضمير المتكلمين، ليبيّن المرادَ منه. كقولنا: [نحن - العربَ - أُباةُ الضَّيْم](1).
ثمّ إمّا أن يكون الاسم المخصوص معرَّفاً بـ [ألـ]، كما جاء في المثال المذكور آنفاً، أو مضافاً إلى معرفة، نحو: [إنّنا - أبناءَ يَعْرُب (2) - أفصحُ الناس لساناً].
* * *
نماذج فصيحة من الاختصاص
· قال عمرو بن الأهتم:
إنّا - بني مِنْقَرٍ - قومٌ ذوو حسبٍ فينا سَراةُ بني سَعْدٍ ونادِيْها
[بني]: اسم منصوب على الاختصاص، أي: [أعني بني منقر] وهو معرفة بإضافته إلى معرفة، أي: [منقر]. وقد أُتِي به بعد ضمير المتكلمين: [نا]، فأزال غموضَه، وبيَّن المراد منه.
· مِن أمثلة الاختصاص المشهورة المتداولة، قول النحاة:
[نحن - العربَ - نكرم الضيف].
وكلمة: [العرب] هاهنا اسم منصوب على الاختصاص، أي: [أعني العربَ]، وهو معرَّف بـ [ألـ]. وقد أُتِي به بعد ضمير المتكلمين: [نحن]، فأزال غموضه، وبيَّن المراد منه.
· قال البحتريّ:
نحن - أبناءَ يَعْرُبٍ - أَعْرَبُ النا سِ لِساناً وأَنْضَرُ الناسِ عُودَا
[أبناء]: اسم منصوب على الاختصاص، أي: [أعني أبناءَ يَعْرُب]، وهو معرفة بإضافته إلى معرفة، أي: [يعرب]. وقد أُتِي به بعد ضمير المتكلمين: [نحن]، فأزال غموضه، وبيَّن المراد منه.
· قال رؤبة ابن العجّاج، وهو من بني تميم:
بنا - تميماً - يُكشَفُ الضَباب
[تميماً]: اسم منصوب على الاختصاص، أي: [أعني تميماً]، وقد أُتِي به بعد ضمير المتكلمين: [نا]، فأزال غموضه، وبيّن المراد منه.
(18/1)
وتميم هو: ابن مُرّ... ابن مُضَر. فهو إذاً علَمٌ نُسِبت إليه قبيلة. وليست علميّتُه مرادةً في البيت، وإنما المراد قبيلةُ تميم، أو: بنو تميم، ثم حذف المضاف. ومن هنا أنهم يقولون: جاءت تميم، وحاربتْ تميم، وهُزمت تميم... ولا يقولون جاء تميم وحارب تميم وهُزم تميم!! وإنما توقفنا هاهنا فتلبّثنا لنبيّن أنّ العَلَم لا يُنصَب على الاختصاص، وأنّ الشاعر لم ينصب هذا الاسم إذاً على أنه علَم، بل نصبه على أنه مضافٌ إليه، حُذِف المضاف قبله.
· قال الشاعر:
إنّا - بني ضَبَّةَ - لا نَفِرُّ
[بني]: اسم منصوب على الاختصاص، أي: [أعني بني ضَبَّة]، وهو معرفة بإضافته إلى معرفة، أي: [ضبّة]. وقد أُتِي به بعد ضمير المتكلمين: [نا]، فأزال غموضه، وبيّن المراد منه.
· إنّا معاشرَ الأنبياء فينا بَكْءٌ (أي: قلَّةُ كلام):
حديث أورده الرضيّ في شرح الكافية 1/432، وفيه نصْبُ كلمة: [معاشر]، على أنها اسم منصوب على الاختصاص، أي: [أعني معاشرَ الأنبياء]، وهو معرفة بإضافته إلى معرفة، أي: [الأنبياء]. وقد جاء بعد ضمير المتكلمين: [نا]، فأزال غموضه، وبيّن المراد منه. ومثل ذلك طِبقاً، قولُ الشاعر:
لنا - معشرَ الأنصار - مجدٌ مؤثَّلٌ بإرضائِنا خيرَ البَرِيةِ: أَحْمَدا
· قال الشاعر:
أبَى الله إلاّ أنّنا - آلَ خِندِفٍ - بنا يَسْمَعُ الصوتَ الأنامُ ويُبصِرُ
[آلَ]: اسم منصوب على الاختصاص، أي: [أعني آلَ خندف]، وهو معرفة بإضافته إلى معرفة، أي: [خندف]. وقد أُتِي به بعد ضمير المتكلمين: [نا]، فأزال غموضه، وبيّن المراد منه. ومثلُ ذلك الحديث: (إنّا - آلَ محمّدٍ - لا تحِلّ لنا الصدقة).
· قال بَشامةُ ابن جَزْءٍ النَهشَليّ:
إنّا - بني نَهْشَلٍ - لا ندّعي لأبٍ عنه، ولا هو بالأبناء يَشْرِينا
(18/2)
[بني]: اسم منصوب على الاختصاص، أي: [أعني بني نهشل]، وهو معرفة بإضافته إلى معرفة، أي: [نهشل]. وقد أُتِي به بعد ضمير المتكلمين: [نا]، فأزال غموضه، وبيّن المراد منه.
* * *
1- [نحن]: مبتدأ، [أُباة]: خبره. [العربَ]: اسم منصوب على الاختصاص، بفعل محذوف تقديره: [أعني].
2- هو أبو العرب العاربة.
(18/3)
الإعلال
الإعلال: هو حذْف حرف علّة، أو قلبُه، أو تسكينه.
تنبيهان:
الأول: أنّ من القواعد الكلية التي لا تتخلّف في العربية، أنه لا يُبدأ بساكن ولا يوقَف على متحرك. واستمساكاً بهذه القاعدة، نظرنا إلى المفردات وعالجناها، موقوفاً عليها بالسكون.
والثاني: أن أصول الكلمات العربية، ليس فيها ألف(1)، وبناءً على هذا، فإن في اللغة حرفَي علة فقط - لا ثلاثة - هما الواو والياء. فإذا رأيت الألف في كلمة، فاعلم أنها منقلبة عن أحدهما، أو أنها ليست أصلية. بل زائدة. فإذا قلنا في تضاعيف البحث مثلاً: (يُقلب حرف العلة أو يُحذف حرف العلة....)، فإنما نعني بذلك الواو والياء.
الإعلال بالحذف:
¨ إذا التقى ساكنان، والسابق منهما ألِفٌ أو واو أو ياء، حُذِف السابق. وذلك نحو: [ياخالد نَمْ وقُمْ وبِعْ] والأصل قبل الحذف: نَاْمْ وقُوْمْ وبِيْعْ، فلما التقى ساكنان، حُذِف السابق. ومثلُ ذلك أن تقول عن النسوة: [هنّ يَنَمْن ويَقُمْن ويَبِعْن] والأصل: يَنَاْمْنَ ويَقُوْمْنَ ويَبِيْعْن. وهكذا...
¨ إذا كان أول الماضي واواً، حُذِفَت في مضارعه وأمره، نحو: [وعَد - يعِد - عِدْ، وقَف - يقِف - قِفْ...](2).
الإعلال بالقلب:
¨ يُقلب حرف العلة (الواو والياء) ألفاً، إذا تحرّك وقبله فتحة(3) نحو: [قَوَل - بَيَع]؛ وبعد القلب: [قَال - بَاع]. فإذا كان حرف العلة طَرَفاً كفى لقلبه، الشرطُ الثاني فقط، أي: انفتاح ما قبله، نحو: [دنَوَ الفتَيْ - فرمَيَ العصَوْ] وبعد القلب: [دنَا الفتَى فرمَى العصَا](4).
¨ تُقلب الواو ياءً: (ولكن اعلمْ من قبل أن نبسط القاعدة، أن هذا إنما يكون إذا سَبَقَت الواوَ كسرة). ودونك التفصيل:
أولاً: إذا سكنت الواو، وسبقتها كسرة، ودونك الأمثلة، وإلى جانبها ما تؤُول إليه بعد قلبها:
الواو ساكنة وقبلها كسرة
تقلب ياءً
ملاحظات
مِوْزان
مِيزان
رَضِوْ
رَضِي
(فعل ماض من الرضوان)
مِوْقات
مِيقات
يرتضِوْ
يرتضِي
قَوِوْ
قَوِي
(19/1)
(فعل ماض من القوّة)
الشَجِوْ
الشجِي
الداعِوْ
الداعِي
الغازِوْ
الغازِي(5)
ثانياً: إذا وقعت الواو بين كسرة وألف، شريطة أن يكون ذلك:
إما في مصدر أُعِلَّت عينُه وعين فعله نحو: [صِوام: صِيام، سِواق: سِياق، اِنقِواد: اِنقِياد...] فإنّ أفعالها معتلة العين أيضاً، وهي: [صَوَم: صام، سَوَق: ساق، اِنقوَد: اِنقاد...].
وإما في جمع وزنه [فِعال] أُعِلَّت عين مفرده أو سكنت. فإعلالها في المفرد نحو: [دَوَر: دار]، وتُقْلَب في الجمع: [دِوار: دِيار...]. وسكونها في المفرد نحو: [ثَوْب]، وتُقْلَب في الجمع: [ثِواب: ثِياب].
ثالثاً: إذا اجتمعت الواو والياء، والسابق منهما ساكن. وتورد كتب الصناعة كلمة: [سيّد] مثالاً على هذا. فتقول: الأصل فيه [سيْوِد]، فلما اجتمعت الياء والواو، والسابق - وهو الياء - ساكن، قلبت الواو ياءً، وأدغمت في الياء، فقيل: [سيّد](6).
قلْب الياء واواً:
تُقلب الياء واواً في كلمات معدودة. نورد أشهرها فيما يلي:
قبل القلب
بعد القلب
يُيْسِر
مُيْسِر
يُوسِر
مُوسِر
يُيْقِن
مُيْقِن
يُوقِن
مُوقِن
يُيْئِس
مُيْئِس
يُوئِس
مُوئِس
يُيْقِظ
مُيْقِظ
يُوقِظ
مُوقِظ
يُيْنِع
مُيْنِع
يُونِع
مُونِع
يُيْفِع
مُيْفِع
يُوفِع
مُوفِع
إعلال الحرف الثالث مِن فَعْلَى وفُعْلَى، وتصحيحه:
1- فَعْلَى: إذا اعتل ثالثها، كان واواً في كل حال نحو: [دَعوى - نَشوى - تَقوى]، إلا في صفة - وأصله ياءٌ - فياءً يبقى، نحو: [خَزْيا (مؤنث خَزْيان) - وصَدْيا (مؤنث صَدْيان)].
2 - فُعْلَى: إذا اعتل ثالثها، كان ياءً في كل حال، نحو: [العُليا - الفُتيا - الوُليا (مؤنث الأَوْلى، أي الأجدر والأحقّ)]، إلا في اسمٍ - وأصله واو - فواواً يبقى، نحو: [حُزْوَى (اسم موضع)].
تسكين حرف العلة وحذفه:
(19/2)
يُسَكّن حرف العلة إذا تطرّف وقبله متحرك. فلا تظهر عليه ضمةٌ ولا كسرة، فلا يقال مثلاً: [يدعُوُ القاضِيُ بالجانِيِ]، بل يسكن في كل ذلك فيقال: [يدعوْ القاضيْ بالجانِيْ]. وأمّا فتحاً، فيُفتَح، فيقال مثلاً: [لن ندعُوَ القاضِيَ ليقضِيَ في الأمر].
ويُحذَف هذا المعتلُّ الساكنُ، إذا تلاه ساكنٌ آخر، وذلك نحو: [يرميْ+وْن]، فإن الياء تُحذَف هاهنا، دفعاً لالتقاء الساكنين، فيقال: [يرمُوْن](7).
إذا وقع حرف العلة في حشو الكلمة، نُقِلت حركته إلى الحرف الساكن الصحيح قبله. وذلك نحو: [يَقْوُم]. وبعد نقل الحركة: [يَقُوْم]. ونحو: [يَبْيِن]، وبعد نقل الحركة: [يَبِيْن].
حكم: إذا لم يكن حرف العلة مجانساً حركتَه، انقلب حرفاً يجانسها.
ففي نحو: [أقْوَم]، لا تَجانُسَ بين الواو وفتحتِه، فينقلب ألفاً ليجانسها: [أقام]. وفي نحو: [يُقْوِم]، لا تَجانُسَ بين الواو وكسرته، فينقلب ياءً ليجانسها: [يقيم]. وفي نحو: [أبْيَن]، لا تَجانُسَ بين الياء وفتحته، فينقلب ألفاً ليجانسها: [أبان]. وهكذا...
تنبيه عظيم الأثر:
يمتاز وزن [أَفْعَل] بخروجه عن قواعد الإعلال، من قلب وحذف ونقل... ودونك بيان ذلك:
¨ لا يُعَلّ حرفُ العلة في [أفعل] اسمَ تفضيل. يقال مثلاً: خالد أَطْوَلُ من سعيد وأَبْيَنُ منه. ولو أعلّ لقيل: أطال من سعيد !! وأبان منه !! (وهذا لا يقال في العربية)
¨ ولا يُعَلّ في [أفعل] صفةً مشبهةً، ولا في فِعله أيضاً، ولا في مصدره. يقال مثلاً: فلان [أَحْوَل]، وقد حَوِلَ - يَحْوَلُ - حَوَلاً. ولو أُعلّ لقيل: أَحَال!! وهو: [أ صْيَد (رافع رأسه كبراً)]، وقد صَيِدَ - يَصْيَدُ - صَيَداً. ولو أعلّ لقيل: أصَاد!! (وهذا لا يقال في العربية)
¨ ولا يُعَلّ أيضاً في [ما أَفعله] و [أفعل به] تعجّباً. يقال مثلاً: [ما أصْيَده وأصْيِد به]، ولو أعلّ لقيل: ما أصاده، وأ صِيْدْ به = أصِدْ به !! (وهذا لا يقال في العربية)
* * *
(19/3)