الشرطة الفنلندية والإعلام الفنلندي تتآمر على الأجانب وتستخدمهم ككبش فداء

في وسائل الاعلام الفنلندية ، صحافة وتلفزيون ، يتكرر وبإلحاح ، وكخبر رئيسي ، خبر شجار بين مجموعة من الشباب الاكراد العراقيين والصوماليين ، حصل مساءالسادس من حزيران . والخبر اخذ اهتماما كبيرا بسبب اجراءات الشرطة الفنلندية ، التي اغلقت مدينة الالعاب في العاصمة الفنلندية ، هلسنكي ، مكان الشجار ، وبساعةقبل موعد اقفالها الرسمي ، واخرجت من المدينة تسعة الاف زائر مما سبب حالة كبيرة من الفوضى والتساؤلات امام حجم المبالغات في ما حدث ، رغم ان الشرطةحاولت توضيح ان الاجراء احترازي وان الامور تحت السيطرة وان مدينة الالعاب فتحت ابوابها بشكل طبيعي في اليوم التالي .

في هلسنكي ، هذه الايام ، وبسبب من اعتدال الجو والايام المشمسة التي تعتبر نادرة في فنلندا ذات المناخ البارد القاسي ، فأن مدينة الالعاب ، التي افتتحت لأول مرة عام 1950 ، وتقع وسط العاصمة هلسنكي وتمتد على مساحة 75 الف متر مربع وتستقبل يوميا الاف الزوار، تغص دائما بالزائرين القادمين من العاصمة وضواحيها ومدنقريبة ، خصوصا من الأطفال والمراهقين وعوائلهم لقضاء ساعات مرح سواء في ركوب المراجيح ودولاب الهواء والقطار السريع وحوالي 40 نوعا من الالعاب المسلية، او التفرج والاستمتاع بأجواء المرح والألفة . ومؤخرا ، ومع موسم الصيف ، اعلنت مدينة الالعاب عن جملة من التخفيضات في الاسعار مما جلب المزيد من الزوارخصوصا من الاطفال . في مساء السادس من حزيران ، وحسب مصادر الشرطة ، وشهود عيان ، حصل توتر في احد طوابير الانتظار ، حين حاولت ثلاث فتيات تجاوزمجموعة اخرى تنتظر دورها في ركوب احد الالعاب ، مما اثار غضب احد النساء المرافقات وعلا صوتها ، واندلع الشجار بين النساء المرافقات للأطفال ، وسرعان ماانضم بعض الشباب الى الشجار، وسرعان ما كبرت الدائرة وتحول الى شجار بين مجموعتين من المهاجرين ، من الاكراد والصوماليين ! الصحافة ، وحتى مصادرالشرطة ، تذكر رقما يصل الى 150 شخصا للذين اشتركوا في الشجار ، الا ان متابعتنا وسؤالنا للعديد ممن كانوا يوم الحادث في المكان وقريبين اليه ، قالوا بأن الرقمالمذكور مبالغ فيه كثيرا ، ونعتقد أن المقصود هو ربما عدد التجمع الذي صار اثناء الحادث ، والمساهمين في محاولة تهدئة الامور وفض العراك ، فحسب العاداتالشرقية وكما هو معروف أنه في اي شجار يكون عدد من يحاولوا ان يكون رسل سلام وصلح اكثر من المتشاجرين (في العراق نقول : الحواجيز اكثر من العراكة ) ومعالضجيج وطبيعة الاصوات بالنبرة العالية لعموم الموجودين من المهاجرين ، والحديث بلغات ثانية ، غير الفنلندية ، فأن مصادر الشرطة وضعت الجميع في سلة واحدة ،خانة المتشاجرين !

ووجدتها بعض وسائل الاعلام الفنلندية مادة غنية لتعلكها صباحا ومساءا . أن خطورة الامر تكمن هنا في محاولات البعض ، خصوصا البعض من وسائل الاعلام ، فيتصوير الامر وكأن ثمة سوابق للأمر بين المجموعات الاثنية المهاجرة ، ففي تعليق قصير لاحد المواطنين الاكراد على الحادث بثه التلفزيون الفنلندي ، اقتطعوا جملةمعينة ومقصودة من كل حديثه ، الذي قال لنا انه استمر معهم اكثر من نصف ساعة وحاول فيه ان يسفه من الامر ويقلل من نتائجه ، لكن معد البرنامج اقتطع من حديثهفقط مثالا حصل قبل اكثر من سنة ، وذكر عرضا، حول امرأة صومالية حاولت التدخل في خصوصيات فتاة كردية واحتجت على ذهابها الى المسبح العمومي وارتداءمايوه سباحة . ان بعضا من الصحفيين يحاول اقتطاع امثلة شاذة ، يمكن ان تحدث في كل مكان ، ومع اي جماعة اثنية ، وتعميمها وتحويلها الى قاعدة لتسليط مزيد منالضوء عليها وتضخيمها لينشر قناعة وكأن هناك تأريخ وذيول للقضية وابعاد عرقية ودينية مذهبية .

يعيش في فنلندا ، في عموم مدن البلاد ، حوالي 150 الف مهاجر اجنبي ، وهو رقم يقل بكثير عن كل دول الشمال الاوربي ، ناهيك عن دول الاتحاد الاوربي ، ويتوزعهذا الرقم على حوالي 130 جنسية ، واهم الجنسيات هي من روسيا وأستونيا والسويد والصومال وصربيا والصين والعراق وألمانيا، ويبلغ عدد العراقيين المقيمين فيفنلندا حوالي سبعة الاف عراقي فقط ، يشكل الاكراد منهم نسبة 56 % يتركزون في العاصمة هلسنكي ، ومدينة توركو ، وبدأ عدد العراقيون اللاجئين الى فنلندا يزداد معمطلع تسعينات القرن الماضي ، اما المهاجرين من الصومال ، فيبلغ عددهم حوالي اثنا عشر الفا مهاجرا، وكانت اولى دفعات من اللاجئين الصوماليين وصلت في فنلنداعام 1990 ، وكانت مجاميع صغيرة من العراقيين قد سبقتهم بعدة سنوات .

ولا يخفى على كل المهاجرين المقيمين في فنلندا، ولكل متابع للشؤون الفنلندية، ان الازمة الاقتصادية العالمية بلغت فنلندا ايضا ، واصابت اقتصادها ، وتسببت في العديدمن الاضرابات عن العمل لقطاعات الصحة والتربية والتعليم والنقل والخدمات، وذلك من اجل تحسين مستواهم الاقتصادي والمعيشي ، فمع ثبات معدلات الاجور وارتفاعالضرائب ،ترتفع اسعار السكن والنقل والمواد الغذائية ، وارتفعت نسبة البطالة لتصل الى معدلات غير مسبوقة في العقد الاخير حيث بلغت هذا العام 2010 نسبة 8.50 % بينما كانت في العام الماضي 6.40 %، علما ان اعلى نسبة الارقام للعاطلين عن العمل هي بين العراقيين والصوماليين، حيث تبلغ بين الصوماليين نسبة 55% والعراقيين 61 % ، وما لذلك من تبعات ونتائج اجتماعية ، اضافة الى ان الحكومة الحالية تعاني مشاكلا جدية عديدة ، نتيجة سياستها الاقتصادية التي اعتمدت الخصخصةوالتراجع والالتفاف حول منجزات ومكاسب حققها الشعب الفنلندي بنضالاته المطلبية الطويلة ، وهذه قادت الى ازمة سياسية ، فهناك حاليا اتهامات من احزاب المعارضةللحكومة اليمنية الحالية حول فساد وبوادر رشاوي في البرلمان والحكومة ، وأيضا اعتماد سياسة خاطئة مع الاجانب ساهمت في ارتفاع نسبة الحوادث العنصرية ،وللأسف يلعب قطاع من الاعلام دوراً سلبيا ، وخاصة الصحافة الصفراء التي تبالغ وتضخم كثيرا في الحوادث .

وعليه فأن ابناء الجاليات الاجنبية ، من عرب واكراد وصوماليين وغيرهم ، يتطلب منهم الانتباه الى ان لا يجعلوا الامور تنجر وتصل الى نتائج سلبية اكبر ، وتتحول الىفتنة ، وان لا يمنحوا الفرصة لبعض القوى السياسية لاستخدامهم ككبش فداء في الازمة السياسية والاقتصادية الحالية ، فهناك من يهمه اشغال المواطن الفنلندي عنالمشاكل السياسية والاقتصادية ، والتغطية على ما يحصل من ارتفاع في الاسعار ، والانخفاض في الاعتمادات للخدمات الصحية ، وليجعل المواطن الفنلندي ينشغلبشجارات عابرة لمراهقين حول من يصعد اولا الى دولاب الهواء ، ومحاولة تصوير الامر وكأن له ابعاد دينية مذهبية او عرقية .، فلا تستغربوا ان رأيتم بعض السياسيينسيعلكون الامر وسيتداولونه تحت ستار متابعة الامن الاجتماعي ، وسيأتي من بربط ما يحدث بملفات سابقة عن اوضاع المسلمين في عموم أوربا ، ليجعلوا بعضا منالمواطنين الفنلنديين يظنون ان وجود الاجانب في فنلندا هو من اسباب ازماتهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وربما الجنسية !!. ان منظمات المجتمع المدنيوالمؤسسات السياسة لأبناء الجالية من كل الجنسيات مطالبة بالتحرك السريع والمدروس للتعاون والتنسيق ، مع بعضها البعض ، ومع القوى الفنلندية الصديقة والمخلصة ،وتوجيه افراد الجاليات الى عدم الانجرار لأي خلافات ظاهرية تستغل ضد وجودهم الشرعي كمواطنين لهم حقوق يتمتعون بها كما ان عليهم واجبات يؤدونها، وفي المقدمةاحترام الانظمة والقوانين وعادات البلاد ونظامه .