المقارنة بين .. الإسلام والنصرانية واليهودية 4

مما يتضمنه ويحتويه الكتاب المقدس للنصرانية، ودلالته

إن المتصفح للكتاب المقدس للنصرانية سوف يفاجئ بالدهشة والعجب لما يُنسب إليه من قداسة، وذلك بعد ما تقع عيناه على الكثير والكثير من العبارات الفاحشة البذيئة، لا سيما إذا ما كان الكثير منها منسوبًا إلى أنبياء الله ورسله، طاعنة في إيمان بعضهم، وقادحة في طهرهم وعفافهم، ومن ثم الذمّ والقدح في الإله الخالق، الذي قد اختارهم واصطفاهم من خلقه لتبليغ رسالاته.

وذلك لأن القدح في أنبياء الله ورسله يعني وصف الله تعالى بالجهل وعدم العلم، والحماقة وسوء الاختيار لأنبياءه ورسله الذين يُبلغون شريعته، مستمسكين بها، داعين إليها، ومن ثم يقتدي الناس بهم، ويهتدون إلى صراط الله المستقيم.

ولنذكر القليل من النماذج التي توضح ما أشرنا إليه.

فمن الفواحش التي تنسبها النصرانية إلى أنبياء الله تعالى، ويتضمنها كتابها، الذي تزعم قدسيته، الآتي:

أ- أنها (النصرانية) تقول بأن لوطًا، نبي الله، قد زنى بابنتيه، وحملتا بالزنى منه، كما في الباب التاسع عشر من سفر التكوين (أعاذنا الله تعالى من الاعتقاد بذلك الإفك المبين).

ب- وتقول النصرانية أيضًا بأن يهوذا بن يعقوب النبي، قد زنى بثامار زوجة ابنه، وحملت بالزنا منه، وولدت له توأمين هما فارض وزارح، كما هو مصرح به في الباب الثامن والثلاثين من سفر التكوين.

ج- وتقول النصرانية أيضًا، بأن داود وسليمان والمسيح الذين هم من أنبياء الله تعالى كلهم من أولاد فارض (المذكور آنفًا) الذي قد وُلِد من الزنا، كما في الباب الأول من إنجيل متى.

د- وتقول النصرانية أيضًا بأن داود (نبي الله) قد زنى بامرأة أوريا، وحملت بالزنا منه، فأهلك زوجها (أي أن داود أهلك زوجها) بالمكر، وأخذها زوجة له، كما هو مصرح به في الباب الحادي عشر من سفر صموئيل الثاني.

هـ- وتقول النصرانية أيضًا، بأن سليمان (نبي الله) قد ارتد في آخر عمره، وكان يعبد الأصنام بعد الارتداد، وبنى لها المعابد، كما هو مصرح به في الباب الحادي عشر من سفر الملوك الأول.

و- وتقول النصرانية أيضًا، بأن هارون (نبي الله) قد بنيى معبدًا للعجل وعبده، وأمر بني إسرائيل بعبادته، كما هو مصرح به في الباب الثاني والثلاثين من سفر الخروج.

وغير ما ذكرنا الكثير والكثير من الافتراءات والقصص الكاذبة، التي قد ألصقتها النصرانية (تبعًا لليهودية) بأنبياء الله ورسله، فتعالى الله عز وجل عن ما ينسب إليه من الجهل والحماقة وسوء الاختيار منه لأنبياءه ورسله، علوًا كبيرًا.

والتساؤل المهم:

كيف ينجو الشباب من كلا الجنسين (ذكر وأنثى) من الوقوع والانغماس في مثل تلك الرذائل والفواحش، إذا لم ينج منها أنبيائهم، الذين هم قدوة لهم، والذين قد أوحى إليهم من الله تعالى؟!

لذلك: فإن الكتاب المقدس للنصرانية يقوم بعمل تهيئة للمناخ اللازم لإثارة الشهوة الجنسية، لكلا الجنسين (ذكور وإناث)، ومن ثم اقتراف مثل تلك الرذائل والفواحش.

ومما يؤكد ذلك: الإحصائيات التي قد أُجريت على الكثير من الدول التي تدين بالمسيحية (كأمريكا ودول أوروبا)، والتي كان من نتائجها انغماس الملايين من كلا الجنسين (ذكور وإناث) في مستنقع تلك الرذائل والفواحش (الزنا بمختلف صوره)، والاعتداءات الجنسية.

بل إن الصحف والمجلات الأمريكية والغربية تطالعنا بأنباء وقوع القسيسين أنفسهم في مثل تلك الرذائل والفواحش، التي ألصقوها بأنبيائهم من قبل.

لذلك: فإن احتواء الكتاب المقدس للنصرانية على مثل تلك الافتراءات والقصص الفاحشة، بل وإلصاقها بأنبياء الله تعالى (زورًا وبهتانًا)، يُعدّ دليلًا دامغًا على بطلانه، وأنه ليس بكلام الله تعالى مطلقًا.

ومما يتضمنه ويحتويه الكتاب المقدس للنصرانية:

1- الدعوة السيئة، والنصيحة المذمومة بتناول المسكرات والخمور (أعاذنا الله تعالى منها).

حيث ينص الكتاب المقدس للنصرانية على شرب الخمور، داعيًا إليها عن طريق بولس (الذي تنسب إليه النصرانية لقب القديس، زاعمة أنه نبي)، الذي ينصح مولى تيموثايس (معتنق الدين الجديد)، قائلًا «اشرب فقط الماء، لكن استعمل قليلًا من النبيذ لمعدتك ولأمراضك» (التيموثية 5: 23)

ومن المعلوم أن تناول الخمور يؤدي إلى ذهاب العقول، وعدم وعيها وإدراكها، ومن ثم التصرف كطبيعة بهائمية حيوانية، بل أشد وأسوأ.

حيث إنه: إذا ما غاب العقل، وفقد وعيه وإدراكه، فلا مانع حينئذ من الوقوع والانغماس في شتى مختلف الفواحش والمنكرات، كالزنا والقتل والسرقة ... إلى غير ذلك من الرذائل المختلفة.

لذلك: فإن الخمر بوابة لكل رذيلة، ولجميع أنواع الشر.

والتساؤل المهم: هل يوحى الإله العظيم الخالق إلى أحد بمثل تلك الدعوة السيئة والنصيحة المذمومة؟!! الجواب: بالطبع، كلا.

وهل يمكن أن يكون الاعتقاد بكتاب يتضمن بين طياته مثل تلك الدعوة الفاسدة إلى تناول المسكرات والخمور، على أنه وحي من الله تعالى، تعظيمًا له (لله تعالى) جل شأنه؟!

بالطبع: لا.

وهل يكون الإيمان بنبوة ذلك الدّاعي إلى مثل تلك الرذيلة (بولس)، من تعظيم الله تعالى، وتنزيهه عن الجهل والحماقة وبذئ التشريع وسوء الاختيار لأنبيائه؟!

بالطبع: لا.

فلقد اكتشف العلم الحديث: أن المسكرات والخمور والكحوليات تسبب الكثير والكثير من الأمراض الخبيثة والخطيرة.

ومن هنا يتضح بطلان نصيحة ودعوة قديس النصرانية (بولس)، ومن ثم بطلان نبوته حيث إن أنبياء الله تعالى لا تأتي إلا بالشرع القويم الحكيم، الهادي إلى الخير والرشد والصلاح.

ومن ثم يتضح بطلان الكتاب المقدس للنصرانية، المتضمن على مثل ذلك الكلام الخبيث، والدعوة السيئة (كنصيحة بولس الفاسدة بشرب الخمر، وغيرها)، وأنه ليس بكلام الله سبحانه وتعالى، وإنما هو صناعة بشرية، تناولته الأيدي الخبيثة بالتبديل والتغيير والتحريف تبعًا للأهواء والشهوات.

2- ومما يتضمنه ويحتويه الكتاب المقدس للنصرانية التصوير البغيض السيء.

ومن ذلك التصوير البغيض السيء، ما ينص عليه الكتاب المقدس للنصرانية فيما يتعلق بالسيدة مريم، وكيفية حملها بالمسيح، حيث ينص على:

«فأجاب الملاك وقال لها، الروح القدس يحلّ عليك» (إنجيل لوقا 1: 35).

حيث يتصور القارئ ذلك المشهد وكأنه مشهد جماع، كما بين الرجل وزوجته، فهل يعقل ذلك بين الخالق والمخلوق؟!

حيث إن الروح القدس في زعم النصرانية: إله أو أحد أجزاء الإله، (تعالى الله عن مثل ذلك علوًا كبيرًا).

لذلك: فإن اللغة المستخدمة في الكتاب المقدس للنصرانية، إنما هي لغة بغيضة إلى النفس، لغة الدرك الأسفل من حضارة المدن([1])، لغة أعداء الله تعالى وأعداء دينه، فلا يمكن لعقل راجح رشيد أن يتقبلها على أنها وحي من الله عز وجل.

لذلك: فإن الكتاب المقدس للنصرانية لا يمكن أن يكون وحيًا من الله تعالى، الإله الخالق، الحكيم العظيم.

3- ومما يتضمنه ويحتويه الكتاب المقدس للنصرانية:

ما ينسبه إلى المسيح مما لا يليق بأفعال الأنبياء والمرسلين، وذلك على الرغم من زعم النصرانية بألوهيته (تعالى الله عز وجل عن ذلك علوًا كبيرًا).

أ- فالكتاب المقدس للنصرانية ينسب إلى المسيح: أنه قال لوالدته (السيدة مريم): «يا امرأة» (إنجيل يوحنا 2: 4)، ومعنى ذلك أن الكتاب المقدس للنصرانية ينسب إلى المسيح عدم برّه بوالدته، حيث إن استخدام كلمة «يا امرأة» في خطاب موجه للوالدة، لا يصحّ ولا يليق بإنسان فاضل، فضلًا عن نبي مرسل كريم، لأن ذلك يعد سوء أدبٍ من مستخدم ذلك اللفظ مخاطبًا به والدته.

وأيضًا: لأن استخدام تلك الكلمة «يا امرأة» يُعدّ تقليلًا من شأن الأمّ ومنزلتها الرفيعة، ومكانتها العالية.

بل إن استخدام تلك الكلمة «يا امرأة» يعني: تهميش الأم وتنكيرها، ومن ثم عدم الإعتراف بجميل معروفها، وصنيعها، من حيث الحمل به، والإرضاع له، وتربيته .... إلى غير ذلك من جميل معروفها وصنيعها إليه.

ب- ونجد أيضًا، أن الكتاب المقدس للنصرانية، ينسب إلى المسيح، أنه قال:

«أتظنون أني جئت لأعطي سلامًا على الأرض، كلا أقول لكم بل انقساما»

(إنجيل لوقا 12: 51)

أي أن الكتاب المقدس للنصرانية، ينسب إلى المسيح عدم دعوته إلى السلام، وأن مجيئه إنما هو للإفساد في الأرض، وإثارة الحروب والانقسامات، ومن ثم القتل القتل، وما لا يفعله الأنبياء والمرسلين.

فما بالنا وأن النصرانية تزعم ألوهيته!!

لذلك: فإن الكتاب المقدس للنصرانية لم يرفع من قدر ومنزلة أنبياء الله تعالى ورسله، وإنما حطّ منهما، مساويًا بهم أهل السوء والفحشاء والمنكرات.

ولا شك، أن دلالة ذلك هو: أن الكتاب المقدس للنصرانية لا يمكن أن يكون وحيًا من الله تعالى، الإله الخالق العظيم، العليم الحكيم، وإنما هو مُؤلَّف بشري لكثير من المؤلفين المجهولين، الذين قد تناولوه بالتبديل والتغيير والتحريف.

نماذج ما يتضمنه الكتاب المقدس للنصرانية، من تناقضات واختلافات، وتغيرات وتبديلات

لقد أشرنا في النقطة السابقة إلى بعض مما يتضمنه ويحتويه الكتاب المقدس للنصرانية من فواحش ومنكرات وقصص رذيلة باطلة، قد أُلصقت بأنبياء الله زورًا وبهتانا ... إلى غير ذلك، وأشرنا إلى دلالة ذلك وهو: بطلان الكتاب المقدس للنصرانية، وأنه ليس بكلام الله تعالى.

وبمشيئة الله تعالى في هذه النقطة سوف نؤكد ما قد استنتج من النقطة السابقة من بطلان الكتاب المقدس للنصرانية، عن طريق ذكر بعض من التناقضات والاختلافات والتغييرات به، حيث إنه من المحال أن يكون كلام الله تعالى على ذلك النحو، مما قد أُلِّف وأُدرج داخل الكتاب المقدس للنصرانية.

ومن تلك التناقضات التي يتضمنها ويحتويها الكتاب المقدس للنصرانية:

1- التناقضات في العقيدة التي تزعمها.

إنه من المتفق عليه في العالم المسيحي (النصراني) الغربي والكنيسة الأرثوذوكسية الشرقية، الإيمان بما يسمى الثالوث المقدس، حيث يعني أن الآب إله، والابن إله، والروح القدس إله، ومن البديهي لأي عقل طبيعي أن يُفسّر ذلك الثالوث المزعوم بأنه عبارة عن ثلاثة آلهة، وهم الآب والابن والروح القدس (وفقًا لما تزعمه النصرانية، وتفتريه على الله تعالى).

ولكننا نجد أنهم (العالم المسيحي) يناقضون أنفسهم، حيث يجعلون من الثلاثة واحدًا، ومن الواحد ثلاثة، ويقولون: بأن الثالوث المقدس لديهم هو ثلاثة آلهة، ولكنهم عبارة عن إله واحد، وذلك منافي لأدنى درجات المعقول، ومن ثم فإن ذلك مناقض للعقل السوي الذي قد فطره الله تعالى على توحيده، وتنزيهه عن كل ما لا يليق به، والتمييز بين الحق والباطل.

وذلك الذي ينادي به العالم المسيحي (حيث دعوتهم إلى الإيمان بذلك الثالوث المزعوم) يقودهم إلى خاتمة ساخرة مضحكة، حيث إنه:

حسب معتقدات المسيحية، فإن المسيح كان يحتضر (تخرج روحه) على الصليب (الذي صلب عليه، كما تعتقد المسيحية).

وبما أنها (المسيحية) تعتقد ألوهية المسيح، وأنه غير منفصل عن الآب والروح القدس، وفقًا لإيمانها بالثالوث المزعوم، فلابد أيضًا حينذاك: أن يكون كلا من الآب والروح القدس (الذي تعتقد المسيحية ألوهيتهما مع المسيح، وأنهم ثلاثة، ولكنهم غير منفصلين، افتراءً على الله) كانا يحتضران مع المسيح، وعندما مات المسيح فلابد أيضًا حينذاك أن يكونا قد ماتا معه (مجارة لافتراءات المسيحية، وتوبيخًا لها).

لذلك: فإنه لا عجب بعد ذلك عند سماع من يقول في الغرب (بأن الله قد مات)([2]). تعالى الله عز وجل عن كل تلك الافتراءات والتناقضات علوًا كبيرا.

فلا شك: أن ذلك كله (ما تزعمه المسيحية) نتاج ما قد انغمست فيه من الأباطيل والأوهام.

2- التناقضات في الأناجيل نفسها:

إن من عظيم التناقضات التي نجدها في أناجيل النصرانية (المسيحية): أن أقدم إنجيل لديها هو إنجيل باللغة اليونانية، وهو الذي قد ترجم عنه سائر الأناجيل المختلفة، في حين أننا نجد أن اللغة اليونانية هي لغة لم يتكلم بها المسيح عليه السلام.

والتساؤل المهم:

لِمَن يُنسب ذلك الإنجيل (باليونانية) الذي هو بمثابة المرجع والمصدر الرئيسي للنصرانية؟

هل يُنسب إلى المسيح؟!!

بالطبع: لا، فلم تُكتب كلمة واحدة طوال حياة المسيح، غير أن تلك اللغة التي قد كُتب بها ذلك الإنجيل، لغة لم يتحدث بها المسيح عليه السلام.

وإذا كان المسيح (وهو من أنزل عليه الوحي، وليس غيره من مؤلفي الأناجيل المختلفة) لم يكتب ذلك الإنجيل، ولم يأمر أحد بكتابته، فإن هذا يعني: أن ذلك الإنجيل باليونانية (المرجع والمصدر الرئيسي، الذي قد تُرجم عند سائر الأناجيل المختلفة) مجهول الهوية، فاقد للمصداقية.

ومن ثم، فإن باقي الأناجيل، والتي تُرجمت عنه، مجهولة الهوية، فاقدة للمصداقية.

لذلك: فإن ما بين يدي النصرانية (المسيحية) اليوم، من أناجيل مختلفة وغيرها، ليست بكلام الله سبحانه وتعالى، وإنما هي مؤلفات للعديد من المؤلفين البشريين المجهولين.

ومن التناقض أيضًا:

أننا نجد أن النصرانية (المسيحية) تفخر بأن لديها 2400 مخطوط (مصدر يرجعون إليه)، في حين أننا نجد أنه: لا توجد اثنتين من بين تلك المخطوطات متطابقتان، لتُعضد إحدهما الأخرى.

بل إننا نجد أن أقدم المخطوطات لدى النصرانية، ترجع إلى 300 أو 400 سنة بعد المسيح، حيث يقول علماؤها: أن المخطوطات الأصلية قد هلكت.

لذلك، فإننا نجد التناقض والاختلاف والتغيير، وقد صار سِمَة (صفة) من سمات الكتاب المقدس للنصرانية.

وأيضًا: فإننا نجد أن كتاب النصرانية ينص صراحة على وجوب الختان (كما في سفر التكوين 17: 4)، ونجد فيه أيضًا، أن المسيح (الذي تزعم ألوهيته) كان قد خُتن في اليوم الثامن، إلا أننا نجد: أن بولس (والذي تزعم النصرانية قداسته) قد خالف شريعة المسيح، وأباح عدم الختان، تملّقًا وتودّدًا للرومان الذين لم يكونوا يريدون الدخول في المسيحية، هروبًا من الختان.

ومع ذلك فإن النصرانية ما زالت تزعم قداسة بولس (المبدّل لشريعة المسيح)، على الرغم من ضربه بشريعة المسيح عرض الحائط.

3- التناقض في اليوم الذي يُحتفل به، بزعم ولادة المسيح فيه:

إننا نجد أن النصرانية (المسيحية) تحتفل بميلاد المسيح في 25 من ديسمبر، بزعم أن المسيح قد وُلِد في ذلك اليوم، في حين أننا نجد أن كتابها يذكر ما يُناقض ذلك، حيث إنه:

في (إنجيل لوقا، العدد: 2 ، الإصحاح: 8) يذكر: أنه عندما وُلِد المسيح، جاءت الملائكة (أي في تلك الليلة التي وُلد فيها المسيح)، فوجدت الرُّعاة يسيرون في البريّة، وأن الرّعاة أخبروا أن الوليد وضعته امرأة في بيت لحم.

ونوضح ذلك التناقض الذي نحن بصدده، بما يلي:

- عند احتفال المسيحية بميلاد المسيح في 25 من ديسمبر، فإن ذلك التاريخ يوافق فصل الشتاء في فلسطين، وهو من المعلوم فصل يتّسِم بالطقس البارد.

- ولكن إنجيل لوقا يذكر أنه عند ولادة المسيح، كان الرعاة يسيرون في البريّة، أي أنهم كانوا يرعون أغنامهم أو ماشيتهم، ويستحيل ذلك في الطقس البارد الذي يتِّسِم به فصل الشتاء، حتى لا تهلك الأغنام أو الماشية.

ومن الواضح أيضًا: أنه لم يكن أحد الرعاة بمفرده هو من يرعى أغنامه أو ماشيته، وإنما كان جمع من الرعاة يرعون بأغنامهم وماشيتهم.

حيث إذا ما كان شخص ما بمفرده، هو من يرعى الأغنام في 25 من ديسمبر (أي في فصل الشتاء الذي يتِّسم ببرودة الطقس) فلربما قيل عنه أنه عديم الوعي والإدراك، ولكن إذا كان من رعى في البرية جمع من الرعاة (أي غير القليلين)، فإنه لا يمكن وصفهم جميعًا مهما كانت حماقتهم بعدم الوعي، لا سيما أنهم هم ذووا الخبرة في ذلك المجال (الرعي)، لأنه عملهم.

والتساؤل هنا: كيف يرعى الرعاة بأغنامهم أو ماشيتهم في فصل الشتاء، الذي يتّسِم ببرودة الطقس، على الرغم من أنهم هم ذووا الخبرة في هذا المجال؟!

ألا يخافون على أغنامهم أو ماشيتهم من الهلاك في طقس الشتاء البارد؟!

ما حلّ هذا اللغز المُحيّر؟؟

لاشك، أن حلّ هذا اللغز الوحيد، هو: أن الرعاة عندما كانوا يسيرون في البرية ويرعون أغنامهم أو ماشيتهم لم يكن ذلك في 25 من ديسمبر، الموافق لفصل الشتاء الذي يتّسم بطقسه البارد، وإنا كان سيرهم (الرعاة) في البرية للرعي كان في غير فصل الشتاء.

أي أن الرعي كان في غير ذلك الطقس البارد، وإنما كان في طقس ومناخ يتلاءم ويتناسب مع رعي الأغنام أو الماشية، لتجنب هلاكها.

وهذا هو ما أشار إليه القرآن الكريم، (عند ولادة السيدة مريم للمسيح، في سياق موجه إليها)، في قول الله تعالى: ﴿وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا﴾ [مريم: 25].

ففي هذه الآية الكريمة السابقة، يخبرنا القرآن الكريم، بالأمر الموجّه للسيدة مريم، بأن تأكل من الرطب (التمر، الذي سوف يتساقط عليها من النخلة التي كانت تجلس بجوارها، وذلك بمجرّد أن تأخذ بأقل الأسباب المؤدية لنزوله (نظرًا لضعفها إثر عملية الولادة)، دون أن تشق على نفسها.

ومن المعلوم، أن الرطب (التمر) لا يكون في فصل الشتاء، وإنما يكون في فصل الصيف.

أي أن: الحلّ الرشيد لذلك اللغز المُحيّر الذي تقع فيه المسيحية: هو أن المسيح عليه السلام لم تكن ولادته في 25 من ديسمبر، الموافق لفصل الشتاء المُتّسِم بطقسه البارد، الذي لا يصلح للرعي فيه، وإنما كانت ولادته (المسيح)، كما أشار القرآن الكريم، في فصل الصيف، وهو الفصل الذي يتّسِم بالدفء والحرارة، وسهولة السير في المراعي، ومن ثم إمكانية الرعي فيه.

وننوه إلى:

أنه يوجد نوع آخر من التناقضات التي يتِّسِم ويتصف بها الكتاب المقدس للنصرانية، وهو:

التناقض مع مكتشفات العلم الحديث.

وبمشيئة الله تعالى سوف يتم الحديث حول هذه النقطة تحت عنوان قادم، وهو: مقارنة بين الإسلام والنصرانية واليهودية، وما توصل إليه العلم الحديث.

وغير ما ذكرنا الكثير والكثير من التناقضات والاختلافات التي يتّسم بها الكتاب المقدس للنصرانية، فما أشرنا إليه ما هو إلا أحد نماذج تلك التناقضات التي تعِجّ بها النصرانية، وما قد ذكرنا برهان ذلك.

4- ومن التناقضات والاختلافات التي يتضمنها ويحتويها الكتاب المقدس للنصرانية:

1- أننا نجد سفر صموئيل الثاني (10: 18)، يقول:

«وهرب آرام من أمام إسرائيل، وقتل داود من آرام سبع مائة مركبة وأربعين ألف فارس وضرب شوبك رئيس جيشه فمات هناك».

إلا أننا نجد من يناقضه ويخالفه في سفر الأيام الأول (19: 18)، حيث يقول في تلك الفقرة:

«وهرب آرام من أمام إسرائيل وقتل داود من آرام سبعة آلاف مركبة وأربعين ألف راجل وقتل شوبك رئيس الجيش».

يتضح لنا من النصين السابقين أن المعركة واحدة، لقتل شوبك في نفس المعركة، (كما في آخر الفقرة)، ولكننا نجد أن في النص الأول: أن داود قتل سبع مائة مركبة.

بينما نجد في النص الثاني: أن داود قتل سبعة آلاف مركبة.

مع ملاحظة: أن الأرقام التي كانت تكتب بالحروف كما ذكرنا الآن، وليس الأرقام، فلم يكن الصفر (0) مستخدمًا آنذاك في الكتابة، أي أن الخطأ لم يكن بسبب زيادة أصفار أو نقصان أصفار، كالخطأ الذي يحدث في الطباعة أو سهوًا في النقل كما يدّعي البعض هروبًا من لك المأزق الحَرِج.

ونجد أيضًا، أنه في النص الأول: أن داود قتل أربعين ألف فارس.

ولكننا نجد، أنه في النص الثاني: أن داود قتل أربعين ألف راجل.

فهل ذلك العدد المقتول خاص بالفرسان كما في النص الأول، أم أنه خاص بغيرهم كما يشير النص الثاني.

والتساؤل المهم: من المسئول عن مثل تلك التناقضات والاختلافات؟؟ هل هو الله؟!

حاشا ، وكلا

وإلى أي شيء يدلنا عليه ذلك التناقض والاختلاف؟؟

لاشك، أن تلك التناقضات والاختلافات تدل على أن الكتاب المقدس للنصرانية (للمسيحية)، لا يمكن أن يكون كلام الله سبحانه وتعالى، وإنما هو ليس إلا صناعة بشرية، خاضعة كما رأينا كثير من التناقضات والاختلافات.

ومن نماذج التناقضات والاختلافات في الكتاب المقدس للنصرانية، على نحو المثال الذي قد ذكرناه آنفًا، الكثير والكثير، ولكن ما أردناه هو إعطاء خلفية مع التوضيح لذلك النوع الذي قد ذكرناه من التناقضات والاختلافات بالكتاب المقدس للنصرانية.

5- ومن التناقضات والاختلافات التي يتضمنها الكتاب المقدس للنصرانية:

أننا نجد فيما يتعلق بالصعود إلى السماء، أن أحد مؤلفي الكتاب المقدس للنصرانية، يقول: «إنه لم يصعد أحد إلى السماء إلا المسيح»، في حين أننا نجده غيره يقول بأن إيليا وحزقيا قد صعدا إلى السماء.

ومن التناقضات والاختلافات بالكتاب المقدس للنصرانية، على نحو ما ذكرناه آنفًا، الكثير والكثير، ولكن العجيب في الأمر: أننا نجد أن معتنقي النصرانية (المسيحية) قد دُرّبوا وعُلِّموا أن يفهموا بالتضاد والعكس، فإذا ما ظهر التناقض البيّن أمام أعينهم ظهورًا واضحًا، لا يأبهون ولا يعترفون به.

6- ومن التناقضات والاختلافات الواضحة، التي يتضمنها الكتاب المقدس للنصرانية:

سلسلة نسب المسيح فلقد دسَّت النصرانية أبناء الزنا في العهد القديم في سلسلة نسب المسيح في العهد الجديد، على الرغم من اعتقادها بأن المسيح هو إلهها ومُخلِّصها.

وعلى الرغم أيضًا، من أن المسيح لا نسب له أصلًا، لأنه قد وُلِد من غير أب، إلا أن النصرانية قد اخترعت له نسبًا متضمنًا ستة زناة وذريتهم، مع أن مثل هؤلاء الزناة كان من المفترض أن يُرجموا، وفقًا لحكم الله تعالى في الزناة، وكما جاء بذلك موسى عليه السلام كتشريع من الله عز وجل.

والعجيب أيضًا، أنه على الرغم من تلك الافتراءات إلا أننا ما زلنا نجد التناقض البيّن، حيث إنه:

قد قام متى بتسجيل 26 اسمًا في سلسة مُدّعيًا بأنها سلسلة نسب المسيح (الذي لم يكن له نسب أصلاً)، فعلى الرغم من اعتقاد متى (أحد مؤلفي الأناجيل الأربعة) بأن المسيح هو إلهه ومخلصه، إلا أنه يضع تلك السلسلة من النسب المزعوم كآباء وأجداد له (للمسيح).

تعالى الله عن كل ذلك الإفك علوًا كبيرا

ثم نجد أن لوقا في إنجيله لم يوافق متى على تلك السلسلة من النسب المزعوم للمسيح، ليس لأنه لم يقتنع بما قام به متى، ولكن لأنه لم يكتف بـ 26 أبًا وجدًا لإلهه الذي يعبده (المسيح)، فقام بتسجيل 41 أبًا وجدًّا لإلهه ومخلصه الذي يؤمن به (المسيح).

وكما أشرنا، فإن متى ولوقا قد قاما بوضع العديد من الزناة في تلك السلسلة من النسب المزعوم للمسيح.

(أعاذنا الله تعالى من ذلك الإفك وحفظنا منه)

ومن التناقض والاختلاف العجيب: أنه في كلا من سلسلتي النسب (لمتى ولوقا) لا نجد اسمًا واحدًا مشتركًا بين تلك الأسماء الموجودة في ذلك النسب المزعوم، سوى اسم (يوسف)، الذي تزعم النصرانية في غرابة ودهشة، أيضًا، أنه والد المسيح، تبعًا لما يقوله لوقا في إنجيله

(3: 23)، وذلك بعد حذف ما بداخل علامتي التنصيص، لأنه ليس في الأصل والمخطوط لكتاب النصرانية، ولكنه إضافة وحشو من تلقاء المترجم، والنصرانية نفسها تعترف وتقرّ بذلك.

7- ومن التغييرات والتناقضات التي يتضمنها ويحتويها الكتاب المقدس للنصرانية:

رسالة يوحنا الأولى (5: 7)، حيث تقول: «لأن الشهود في السماء ثلاثة الآب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة واحد» فتلك الفقرة هي أقرب إلى ما تسميه النصرانية بالثالوث المقدس، وهو أحد دعائمها، ولكننا نجد أن مراجعوا النصوص المنقحة قاموا بحذف تلك الفقرة، باعتبارها زيفًا عقائديًا.

وفي الوقت ذاته نجد أن الترجمات الأخرى لكتاب النصرانية المقدس، لا زالت بها تلك الفقرة، التي تمثل الاعتقاد المزيف للنصرانية)، والتي حُذِفت من مراجعوا النصوص المنقحة.

8- ومن التغييرات والتحريفات التي يتضمنها ويحتويها الكتاب المقدس للنصرانية:

أن النسخة الأردية (لكتاب النصرانية المقدس) قامت بتغيير الضمير من (هو) إلى (هي)، في الفقرة التالية: «وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق، لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم (هو) بأمور آتية» (يوحنا 16: 13).

وذلك من أجل نفي الإشارة إلى أن المُعزِّي هو النبي محمد r، وهو خداع معتاد من المبشرين للنصرانية، خاصة في اللغات الإقليمية([3]).

9- ومن التغييرات والتبديلات التي يتضمنها ويحتويها الكتاب المقدس للنصرانية:

التغيير والتبديل في الإنجيل باللغة الإفريقية، حيث قامت النصرانية بإبدال كلمة مُعزِّي أو مساعد (comforter) إلى كلمة (Mediator)، واقحموا فيه جملة الروح القدس، وهي التي لم يجرأ أي دارس إنجيلي إقحامها إلى النسخ الإنجليزية المتعددة، وهكذا يصنع المسيحية الكتاب المقدس لها([4]).

10- ومن التغييرات والإضافات التي يتضمنها ويحتويها الكتاب المقدس للنصرانية:

أ- إنجيل (يوحنا 14 – 26)، حيث يقول: «وأما المعزي (الذي هو الروح القدس) الذي سيرسله الآب فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم»

«But the comforter which is the holy spirit when the father will spend in my home, he shall teach you all things and bring all things to your rememberance what so ever I have said in to you» (ohn 14 – 26)

يتبين لنا من الفقرة السابقة أن كلمتي (الروح القدس) (The holy spirit)، ما هما إلا حشو في النص، حيث يجب أن توضعا بين قوسين، كما توضع بعض الكلمات داخل النص المقتبس لزيادة الإيضاح، ولكننا نجد أن هاتان الكلمتان لم يتم وضعهما داخل أقواس وبقيتا هكذا، كما في كثير من الجمل، والتي كان يلزم وضعها داخل أقواس([5]).

ب- إنجيل لوقا (3: 23) حيث يقول: «ولما ابتدأ يسوع كان له نحو ثلاثين سنة وهو على ما كان يُظن ابن يوسف ابن هالي».

فتلك العبارة التي فوق الخط (على ما كان يُظن) لم توجد في المخطوطات القديمة، ولكن النصرانية قامت بإضافتها من تلقاء نفسها، ثم بعد ذلك أزالت الأقواس، واستمر الحال على ذلك، حيث تعبث بكتابتها وقتما وكيفما تشاء([6]).

ومن تلك الفقرة السابقة، وبدون العبارة التي قامت النصرانية بإضافتها، يتضح:

أن لوقا ينسب إلى المسيح أنه وُلِد من الفجور حيث إنَّه من المعلوم أن السيدة مريم لم تتزوج.

وغير ما أشرنا إليه الكثير والكثير من التغييرات والإضافات التي لم يسلم منها الكتاب المقدس للنصرانية، فيكون دلالة ذلك: أن الكتاب المقدس للنصرانية، ليس بكلام الله تعالى، ولا يمكن أن يُنسب إليه مطلقًا.

11- ومن التغييرات والمحذوفات التي قد تمت بالكتاب المقدس للنصرانية:

كلمة (المولود) (Begotten)

ففي نسخة الملك جيمس المعروفة بالنسخة الإنجليزية المعتمدة:

«لأنه هكذا أحبّ الله العالم حتى بذل أو أعطى أو ضحّى بابنه الوحيد المولود لكي لا يهلك كل من يؤمن به، بل تكون له الحياة الأبدية» (يوحنا 3: 16).

وأما بالنسبة للنسخة القياسية المنقحة (1971 م)، فيُقرأ ذلك النص المذكور في النقطة السابقة، كما يلي:

«لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل أو أعطى أو ضحّى بابنه الوحيد لكي لا يهلك....».

فنلاحظ: أن النصرانية قد حذفت كلمة (المولود) الثابتة في نسخة الملك جيمس، حيث تعتبرها النصرانية) تلفيقًا واختلاقًا([7]).

حيث إن تلك الكلمة المفتراة (المولود) تسبب لها (النصرانية) الوقوع في المأزق الحَرِج، ومن ثم قرّر علماء النصرانية حذفها.

والتساؤل المهم: هل كلام الله يتم الحذف منه أو الإضافة إليه من البشر؟!!

بالطبع : لا.

لذلك: فإن ما أشرنا إليه من تبديل وتغيير، وإضافة وحذف من قِبَل علماء النصرانية أنفسهم بالكتاب المقدس للنصرانية، يوضح ويؤكد للجميع:

أن ما بين يدي النصرانية، ليس بكلام الله تعالى المحفوظ.

فإذا كان علماء المسيحية يقومون بإجراء عملية التبديل والتغيير، والإضافة والحذف، التي قد نالت من الكتاب المقدس للنصرانية، فما بالنا بمن عادى النصرانية ولم يؤمن بمعتقداتها وزعمها؟!!

مما يتضمنه ويحتويه الكتاب المقدس للنصرانية من تناقضات واختلاف

في أصول معتقداتها، وادّعاءات بصلب المسيح

إن المسيحية (النصرانية) تزعم أن المسيح قد صُلب تكفيرًا للذنوب، ومحوًا للخطايا، وذلك وفقًا لمعتقد بولس، الذي يعتبر مؤسس المسيحية على مثل تلك الأوهام، ولكن كتابها الذي تقول بقدسيته يناقض ويخالف ذلك المعتقد في كثير من فقراته، مما يؤكد بطلان ذلك المعتقد والتحريف الذي قد نال منه.

وبمشيئة الله تعالى سوف نوضح جانبا من تلك التناقضات والاختلافات مما قد أوضحه الشيخ أحمد ديدات في كتابه (صلب المسيح حقيقة أم خيال) بتصرف.

ومن تلك التناقضات والاختلاف من الكتاب المقدس للنصرانية في ادّعاءها بصلب المسيح:

1- عدم وجود الشهود على ذلك الحدث المزعوم.

حيث يخبر أحد مؤلفي الأناجيل (مرقس) في إنجيله (14: 5).

أن كل تلاميذ امسيح قد خذلوه وهربوا وقتما كان اليهود عازمين على صلب المسيح.

والتساؤل: من أين للنصرانية (المسيحية) إذن الادّعاء بصلب المسيح، على الرغم من أن تلاميذه (وهم المقربون والملازمون له عما سواهم) لم يكونوا شاهدين على تلك الواقعة المفتراة؟!!

لا شك: أن ذلك الزعم إنما هو ادّعاء كاذب، لافتقاده أدنى مقومات مصداقيته.

ولذلك: فإننا نجد أن المسيحية (النصرانية) تتحيّر وتتخبط في تلك المسألة (ادّعاء صلب المسيح) أشد ما يكون، لتناقضها مع الكثير من فقرات كتابها الذي تقدسه.

2- التناقض والاختلاف في مدة الصلب المزعوم.

فالمسيحية تزعم صلب المسيح على الرغم من تأليهها له، وأن صلبه كان يوم جمعة، لذلك فهم يطلقون عليها الجمعة الحزينة، ولذلك فإن أكثر البلدان المسيحية (كأمريكا وغيرها) تتخذ عطلتها الرسمية في هذا اليوم([8]) (يوم الجمعة)، حيث يقولون بأن إلههم (المسيح) قد مات على الصليب في ذلك اليوم (تعالى الله عز وجل عن ذلك علوًا كبيرًا).

ويزعمون (باطلاً) أيضًا أن المسيح قد وُضِع في مقبرته (على الرغم من أنهم يألهونه) أي: أنهم يزعمون أن إلههم قد صُلب ومات ثم دُفِن في مقبرة لمدة ثلاثة أيام وثلاث ليال، وفقًا لما ينسبونه إليه من قوله (المسيح) أنه سيكون مثل يونان (النبي يونس) عندما ظل في باطن الحوت ثلاثة أيام.

ويعتقدون (المسيحيون) أيضًا، أنه بمجيء يوم الأحد لم يكن المسيح في قبره.

والعجيب: أنه بحساب المدة التي ظل فيه المسيح في قبره (كما تزعم المسيحية) لا نجدها ثلاثة أيام وثلاث ليال كما يزعم المسيحيون، بل إننا نجد أن تلك المدة المزعومة كانت يومًا واحدًا وليلتان، وذلك ابتداءً من يوم الجمعة ليلًا إلى فجر يوم الأحد، حيث إن المسيحيين يقولون بأن إلههم (المسيح) لم يكن موجودًا في قبره في فجر ذلك اليوم (الأحد)([9]).

والتساؤل المهم:

من أين يأتي ذلك التناقض والاختلاف إذا كان ما بأيديهم (المسيحيين) هو كتاب الله؟!

وإذا كان التناقض والاختلاف سِمَة أساسية في أبسط مظاهر الإيمان لهم (للمسيحيين)، فما بالنا فيما يتعلق بطبيعة الله تعالى، ووحدانيته؟!!

لاشك، بأن الشيطان قد خدعهم (المسيحيين) طوال تلك المدة (أكثر من ألفي عام) وضلَّلهم، ولبَّس عليهم أمر دينهم في أمر من أكثر الأمور أولوية في عقيدتهم([10]).

لذلك: فإنه سرعان ما يزول العجب، إذا ما علمنا أن ما بأيديهم ليس إلا كتابًا مؤلفًا من كُتَّاب كثيرين تبعًا لأهواء وعقول كل منهم، فالأهواء والعقول تختلف من شخص لآخر، حيث إن ما يمليه عقل وهوى أحد المؤلفين عليه عند كتابه وتأليفه، غير ما يمليه عقل وهوى غيره من المؤلفين الآخرين.

ففي الوقت الذي نجد فيه أن مؤلفي الأناجيل صامتين عن موعد الدفن المزعوم لإله المسيحية (المسيح)، نجد أن كتبهم تخبر بعدم وجود الإله (المسيح) في قبره قبل شروق يوم الأحد، تناقض عجيب!!

حيث يجهل المؤلفون موعد الدفن المزعوم لإلههم (المسيح)، على الرغم من ادّعاءاتهم بالإلهام، وفي نفس الوقت تخبر كتبهم ومؤلفاتهم بعدم وجود الإله المزعوم في قبره قبل شروق يوم الأحد (تعالى الله سبحانه وتعالى عن كل تلك الافتراءات علوًا كبيرًا).

لذلك: فإن الكتاب الذي بين يدي النصرانية (المسيحية) لا يمكن أن يكون كلام الله تعالى، وأنه ليس إلا مؤلفًا بشريًّا لكثير من المؤلفين المجهولين.

3- تناقض واختلاف معجزة يونان (النبي يونس) عن النبوءة التي تنسبها النصرانية (المسيحية) للمسيح

فالنصرانية (المسيحية) تزعم أن المسيح كان مثل يونان، وهو النبي يونس عليه السلام، ولكن ما جاء كتابها الذي تقول بقدسيته، يدل على خلاف ذلك([11]).

فمعجزة يونان كما في الكتاب المقدس للنصرانية: أنه عندما ابتلعه الحوت بعد إلقاءه (يونان) في البحر من على السفينة بواسطة رُكّابها، بعد إجراء عملية قرعة واسقرارها عليه، ظل في بطنه (الحوت)، إلى أن لفظة الحوت على الشاطئ في اليوم الثالث([12]).

ولكن، من عجيب التناقض:

أنه من المعلوم أن يونان لم يكن ميتًا داخل الحوت، لأنه كان يسبح ويصلي لله طلبًا لنجدته أثناء وجوده داخل الحوت، بينما نجد أن المسيح كان ميتًا داخل قبره (كما تعتقد النصرانية)، وليس حيًّا([13]).

ومن التناقض البَيّن أيضًا:

أن يونان ظل داخل الحوت إلى اليوم الثالث، ولكننا نجد أن المسيح لم يظل داخل قبره سوى يوم واحد وليلتان([14])، كما أوضحنا سابقًا. (مجاراة لما تعتقده النصرانية من صلب وموت المسيح، مع زعمها بألوهيته).

ونوضح ذلك من الكتاب المقدس للنصرانية، حيث يقول:

«لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليال كذلك يكون ابن الإنسان» (إنجيل متى 120: 4).

ومن ذلك، يتضح خطأ وبطلان تلك النبوءة التي يزعمها الكتاب المقدس للنصرانية، ومن ثم بطلان الزعم بقدسيته، ونسبته إلى الله تعالى، لأنه سبحانه وتعالى منزه عن الخطأ، ومنزه عن مثل تلك النقائص والعيوب.

4- تناقض صورة المسيح بعد الصلب المزعوم مع ما جاء بالكتاب المقدس للنصرانية من وصف للأجساد التي تقوم من الموت

إننا نجد أن في (إنجيل لوقا، إصحاح 20)، أن المسيح يخبر بأن الأجساد التي تقوم من الموت تكون طبيعتها روحية، أي أنها ليست في صورة بشرية من لحم وعظم.

ولكننا نجد أن المسيح يخبر (بعد انتهاء حدث الصلب المزعوم) أنه ليس روحًا، لأن الروح ليست لحم وعظام، وها هو الآن جسد بلحم وعظام، كما في إنجيل لوقا (24: 36- 43).

وكذلك، يتبيّن من إنجيل لوقا: أن المسيح لم يمت، لأنه لو كان قد مات لتحول إلى روح، كما ينص على ذلك الكتاب المقدس للنصرانية.

ومن ثم فإن إنجيل لوقا، الذي يتضمنه الكتاب المقدس للنصرانية، كأحد مكوناته، يُناقض الادّعاء بصلب المسيح، الذي هو من أصول معتقد النصرانية.

وذلك من التناقض العظيم الذي تقع وتتخبط النصرانية فيه.

5- موجز من الأدلة الدامغة على عدم صلب المسيح من الكتاب المقدس للنصرانية، ومن ثم التعارض مع أصل معتقدها.

أ- أن المسيح كان حريصًا على ألا يموت: حيث قد اتخذ ترتيبات للدفاع عن نفسه ضد اليهود الذين أرادوا صلبه وقتله([15]) (كما ينص الكتاب المقدس للنصرانية على ذلك):

ومن ثم فإن عقيدة الخلاص التي تؤمن بها النصرانية، لا أساس لها من الصحة، لأنها إن كانت صحيحة لكان من الأولى للمسيح أن يستسلم لمراد اليهود كي يُصلب ويُقتل.

وأيضًا: إذا ما علمنا أن المسيح كان حريصًا على ألا يموت (من الكتاب المقدس للنصرانية)، مع أن النصرانية (المسيحية) تدّعي ألوهيته، فهل يستطيع اليهود فعل نقيض ما يحرص عليه إله النصرانية؟!!

(تعالى الله عز وجل عن تلك الافتراءات التي تزعمها النصرانية علوًا كبيرا).

فإذا كان المسيح إلهًا (كما تزعم النصرانية) وأراد لنفسه البقاء، فهل يستطيع اليهود أن يتغلبوا على مراده (إله النصرانية) وهو أن يبقى حيًا، لا يموت؟!!

(تعالى الله عز وجل عن تلك الافتراءات التي تروجها النصرانية علوًا كبيرا).

لاشك: أن ذلك من التناقض البيِّن الذي يؤكد بطلان ادّعاء صلب المسيح، وعظيم الإفتراءات التي تنسبها النصرانية إلى الله تعالى.

ب- أن المسيح كما بالكتاب المقدس للنصرانية قد تضرَّع إلى الله كي يُنقذه، ويحفظ حياته([16])، وفي ذلك دليل بيِّن على بطلان عقيدة الخلاص التي تؤمن بها النصرانية (المسيحية)، حيث إنها (النصرانية) تزعم أن المسيح الذي تقول بألوهيته، قد قام بتقديم نفسه للصلب والقتل كفداء وتضحية منه، من أجل تخليص البشرية من إثم وخطيئة أبيهم آدم (عندما أكل من الشجرة التي نهاه ربه عن الأكل منها)، والتي تزعم (النصرانية) توارثها (توارث تلك الخطيئة عن آدم) للبشرية من بعده.

فلو أن المسيح كان مُضحيًّا مفتديًا بنفسه (كما تزعم النصرانية) لكانت تلك التضحية وذلك الفداء المزعوم عملًا راغبًا فيه قلبه، ومُحبَّبًا إليه، ولما تضرع إلى الله كي يُغيثه وينقذه ويحفظ حياته.

لذلك: فإن عقيدة الخلاص التي تؤمن بها النصرانية (المسيحية) لا أساس لها من الصحَّة، ومن ثم فإن الادّعاء بصلب المسيح إنا هو ادّعاء باطل، وافتراء كاذب.

ج- أن الله كما في الكتاب المقدس للنصرانية، قد استجاب لدعاء المسيح في أن ينقذه ويبقيه ويحفظ حياته.

فإذا كان الله قد استجاب لدعاء المسيح في أن ينقذه ويحفظ حياته، فإن ذلك يعني أن الله يريد بقاءه حيًّا، ويُريد حفظه من الصلب والقتل، أي أنه عز وجل يريد نجاته من أيدي اليهود الذين يريدون صلبه وقتله، فهل يكون غير ما أراده الله تعالى؟!!

وهل تتغلب إرادة اليهود (البشر المخلوقين) على إرادة الله تعالى، وهو الإله الخالق؟!!

بالطبع: كلا.

إذن، فما الاستنتاج الذي نخرج به من ذلك التساؤل المهم؟

لاشك، أننا نخرج بجواب لا حياد عنه، ولا بديل له لصاحب فطرة نقية وعقل رشيد، وبحث عن الحق لاتِّباعه، وهو:

أن إرادة الله تعالى غالبة على كل شيء، ومن ثم فإن المسيح لم يُصلب ولم يُقتل، وإنما حفظه الله تعالى وفقًا لإرادته وحكمته.

د- أن المسيح كما جاء بالكتاب المقدس للنصرانية، قد أكل مرة ثانية بعد عملية الصلب المزعوم([17]).

فبما أن الكتاب المقدس للنصرانية يقول: بأن من مات فإنه لا يكون على هيئة بشرية، وإنما يكون روحًا، أي أنه لا يأكل.

إذن: فإنه بصلب المسيح، نستنتج أنه لن يأكل الطعام مرة ثانية، لأنه كما في زعم الكتاب المقدس للنصرانية يصير روحًا، لا يأكل.

ولكن ما حدث، كما بالكتاب المقدس للنصرانية، هو أن المسيح قد أكل الطعام مرة ثانية، مما يدل على أنه لم يكن روحًا، وإنما كان بشرًا بلحم وعظم.

ومن ثم فإن الاستنتاج البيّن، هو: أن المسيح لم يمت كي يصير روحًا (لأكله الطعام)، ومن ثم فإنه لم يُصلب ولم يُقتل، أي خلاف ما يدّعيه المبطلون.

هـ- أن المسيح كما بالكتاب المقدس للنصرانية، كان قد تنبّأ بأن معجزته ستكون مثل معجزة يونان([18]) (النبي يونس) ولكننا نجد أن يونان كان حيًّا، كما جاء بسفر يونان (بالعهد القديم) الذي تضمنه الكتاب المقدس للنصرانية كأحد مكوناته، بينما نجد أن النصرانية تزعم صلب وقتل المسيح، إضافة إلى تناقض المدة المزعومة في بقاء المسيح على الصليب مع المدة التي قد ظل خلالها يونان في بطن الحوت (كما أوضحنا في السابق).

والتساؤل المهم: من أين تكون المثلية بين معجزة يونان، وهي (إلقاءه حيًّا في بطن الحوت) وبين معجزة المسيح التي تزعم النصرانية (المسيحية) صلبه وقتله وموته ودفنه ؟!!

لا شك، أنه لا توجد أدنى مثلية، إلا في حالة واحدة، وهي: عدم صلب المسيح ومن ثم عدم قتله أو موته، بحيث تكون المثلية في نجاة المسيح مما أراده اليهود به، كما نجى يونان من بطن الحوت، ومن ثم تكون المثلية في نجاتهما هما الاثنين وبقاءهما أحياء.

وغير ما أشرنا إليه الكثير والكثير من الدلائل بكتاب النصرانية، التي تناقض وتخالف أصول معتقد النصرانية وادّعاءاتها الباطلة بصلب المسيح.

ولمزيد من هذه الأدلة، يمكن الرجوع إلى كتاب: (مسألة صلب المسيح بين الحقيقة والافتراء) للشيخ / أحمد ديدات.

ومن العجيب:

أننا نجد أن الجزء الخاص بصعود المسيح إلى السماء قد حذفته النصرانية (المسيحية) من نسخة إنجيل لوقا (إنجيل لوقا إصحاح 24 فقرة 51)، والتي تقول بأن المسيح صعد إلى السماء، (أي أنه لم يُصلب)، على الرغم من أن تلك النسخة ترجع إلى أقدم المخطوطات لديها، وكذلك الحال في (إنجيل مرقس إصحاح 16 فقرة 19) والتي تقول: بأن المسيح قد صعد إلى السماء، أي أنه لم يُصلب.

فلقد حذفت النصرانية هاتين الفقرتين لتوافقهما مع معتقد المسلمين بأن المسيح لم يُصلب، ولم يُقتل، وإنما رفعه الله تعالى إلى السماء.

مما سبق يتضح لنا تضمن الكتاب المقدس للنصرانية واحتواءه على عظيم التناقضات والاختلافات في أصول معتقد النصرانية (المسيحية).

وأن الادّعاءات بصلب المسيح، إنما هي ادّعاءات كاذبة باطلة، لا أساس لها من الصحة.

ومن ثم نستنتج بطلان الكتاب الذي تزعم النصرانية قدسيته، وتنسبه إلى الله تعالى، لفقدانه مصداقيته، وتضمنه واحتواءه لمثل تلك التناقضات والاختلافات البيّنة الواضحة، والله سبحانه وتعالى منزّه عن النقائص والعيوب وعن أن يكون كتابه المتضمن لكلامه كذلك الذي نجده في كتاب النصرانية من تناقضات واختلافات بيّنه واضحة.

لذلك: فإن الكتاب المقدس للنصرانية ليس إلا مؤلفًا بشريًا، خاضعًا للأخطاء والتناقضات الجسيمة، لعديد من المؤلفين المجهولين.

فقدان مصداقية الكتاب المقدس للنصرانية

إنه لمن العجيب أن نجد كتابًا يُقدَّس على الرغم من عدم وجود سند متصل له، وذلك هو حال النصرانية الذي نشاهده، حيث إنها تزعم قدسية الكتاب الذي بين يديها، مع عدم وجود سند متصل لكتاب واحد من كتب العهد القديم أو الجديد الذي يتضمنها كتاب النصرانية.

فلابد لكون الكتاب سماويًا، واجب التسليم به: أن يثبت أولًا بدليل أن هذا الكتاب كُتب بواسطة النبي الفاني (أي معلوم اسمه ونبوته)، ثم وصل بعد ذلك بالسند المتصل (عن طريق أشخاص معلوم أسماءهم وأحوالهم وصدقهم) بلا تغيير ولا تبديل.

أما الاستناد إلى شخص يُنسب إليه الإلهام بمجرد الظن والوهم (كما تدّعي النصرانية) فلا يكفي لإثبات أن الكتاب الذي بين يديها كتاب سماوي([19]).

والنصرانية تقول: أن سبب فقدان السند عندها هو وقوع المصائب والفتن على المسيحيين إلى مدة 313 سنة([20]) (من بعد المسيح)، وذلك يعد اعترافًا منها (النصرانية) بضياع الإنجيل من بين يديها.

فعند التفحص في كتاب الإسناد لها، لا يُرى فيه شيئًا، غير الظن والتخمين، فهي (النصرانية) تعتمد على الظن والتخمين، ومن المعلوم أن الظنّ لا يُغني من الحق شيئًا([21]).

وما دامت (النصرانية) لم تأت بدليل شاف وسند متصل، فهذا يدل على أن ما بين يديها الآن ليس بكتاب سماوي([22])، حيث تناولته الأيدي البشرية بالتحريف والتبديل وفقًا للأهواء والشهوات، كما يتضح من مضمون كتابها.

ومعلوم أن النسخ المشهورة للعهد القديم (الذي تؤمن به اليهودية، والذي يتضمنه الكتاب المقدس للنصرانية كجزء منه) عند أهل الكتاب 3 نسخ:

النسخة الأولى: وهي النسخة العبرانية، وهي المعتبرة عند اليهود وعلماء البروتستانت([23]).

النسخة الثانية: وهي النسخة اليونانية، وهي التي كانت معتبرة عند المسيحيين إلى القرن الخامس عشر من القرون المسيحية، وكانوا يعتقدون إلى هذه المدة تحريف النسخة العبرانية، والنسخة اليونانية إلى هذا الزمان معتبرة عند الكنيسة اليونانية، وعند كنائس المشرق([24]).

النسخة الثالثة: وهي النسخة السامرية، وهي المعتبرة عند السامريين([25]).

والعجيب: أن بين تلك النسخة (المشهورة عند النصرانية) تناقضات واختلافات كثيرة. فكثير من كتب العهد القديم كانت مشكوكة غير مقبولة عند النصرانية إلى ثلاثمائة وأربع وعشرين سنة، وفي سنة 325 م انعقد مجلس علماء النصرانية (المسيحية) بحكم السلطان قسطنطين ليتشاوروا الأمر في تلك الكتب المشكوك فيها، مع أن المسيحيين القدماء قالوا بأن اليهود قاموا بتحريف التوراة لتصير الترجمة غير معتبرة، ولعناد المسيحية.

ولكننا نجد: أنه على الرغم من أن تلك الكتب مشكوك في صحتها، إلا أنه بعد العديد من انعقاد المجالس المسيحية، صارت تلك الكتب (المشكوك فيها) مُسلّم بها بين جمهور المسيحيين، إلى أن ظهرت فرقة البروتستانت، فردّوا حكم أسلافهم في بعض الكتب التي كانت مشكوكة فيها مرة أخرى([26]).

والتساؤل هنا:

فهل يعقل أن تكون مثل تلك الكتب (المشكوك في صحتها) والتي يتضمنها الكتاب المقدس للنصرانية وحيًا من عند الله تعالى، يستقي الناس منها الأحكام الشرعية ليستنيروا ويهتدوا بها في دنياهم؟!

بالطبع: لا.

وماذا إذا انعقد مجلس آخر من المجالس المسيحية في هذا الزمان، أو فيما بعد، ليتشاوروا في أمر تلك الكتب (المشكوك فيها من قبل ثم صارت مسلمة بها) مرة أخرى، وقالوا بعدم صحتها، فهل تصير بذلك كتبًا غير سماوية؟!

وهل ذلك الكتاب (الكتاب المقدس للنصرانية) الذي يتضمن ويحتوي مثل تلك الكتب المشكوك فيها، والتي تخضع في كل حين للتشاورات والمداولات والمجادلات، كتابًا مقدسًا، مُنزّهًا عن الشكوك والأخطاء، محفوظًا من الله تعالى؟!!

بالطبع: لا.

وهل انعقاد المجالس التي تختلف فيها الآراء وتتغير من حين لآخر، ومن مكان لآخر، لاتخاذ القرار أمر تلك الكتب المشكوك فيها، هو المقياس الذي يقبله عقل راجح رشيد، للحكم على مثل تلك الكتب إن كانت سماوية أم لا؟؟

بالطبع: لا.

فالحق بيّن، لا يلتبس مع الباطل، لذلك: فإن الكتاب الذي تزعم النصرانية قدسيته، لا يمكن أن يكون كتابًا سماويًا، ومن ثم فهو ليس بكلام الله تعالى.

ومع أننا نجد أن الأناجيل قد ضُيِّعت وحُرِّفت، إلا أننا نجد أن النصرانية تحاول القول بأن كتابها (الذي تقدسه) كامل (أي لا عيب فيه)، ولكنها سرعان ما تناقض ذلك القول لما هو فوق استطاعتها، حيث تجد (النصرانية) أن الأصل مفقود، وذلك يتناقض تمامًا مع ادّعاءها بكمال كتابها.

فكما هو متضح: فإن أقدم إنجيل موجود إنما هو باللغة اليونانية، وهي لغة لم يتكلمها المسيح، وكذلك لم يُدوّن أي إنجيل في عهد المسيح.

وكذلك، فإن أقدم إنجيل إنما يعود زمانه إلى ما يزيد على مائتي عام من زمن المسيح، إلا أنه قد بقيت بعض الإشارات (مضمونًا) إلى النبي الخاتم الذي سوف يأتي بعد المسيح، مع ما في النصوص من تحريفات واضحة.

وأيضًا، نجد أن النصرانية (المسيحية) تُمايز وتُفرِّق بين أناجيلها، فتقول إنجيل متى، أو إنجيل لوقا .... إلى غير ذلك، ولكننا من وسط تلك الأناجيل المختلفة لا نجد إنجيل المسيح الذي جاء به من الله تعالى.

ومن العجيب: أنه مع ضياع الإنجيل الذي جاء به المسيح من الله تعالى، أو تأليف الكثير من المؤلفين لأناجيل كثيرة مختلفة تبعًا لأهواء كل منهم، وإيمان النصرانية بتلك الكتب المؤلفة من كثير من المجهولين على أنها وحي من الله (كذبًا وزورًا)، إلا أننا نجد أن 50% من واضعي الأناجيل ليسوا بجواري المسيح.

والتساؤل المهم: فبأي صفة أو ادّعاء (باطل) كان تأليفهم لمثل تلك الأناجيل؟

ومن أين كانت كتاباتهم لتلك الأناجيل المختلفة في حين أنه لم تكتب كلمة واحدة في حياة المسيح (وفقًا لما تعتقده المسيحية)؟!!

لا شك: أن مثل تلك الكتابات المتعددة للأناجيل المختلفة كانت تبعًا لأهواءهم وما تمليه عليهم عقولهم المختلفة.

وكما أوضحنا سابقًا، فإن المؤلفين الأصليين لتلك الأناجيل المختلفة مجهولون.

وعلى سبيل المثال (لا الحصر):

فإن إنجيل متى ليس بإنجيل متى، وقد فصَّلنا في ذلك سابقًا، حيث إن مؤلفه الحقيقي ليس متى، وإنما مؤلف مجهول غير معلوم.

أيضًا: نجد أن مما يقوله مراجعوا النصوص المنقحة (للنصرانية):

أ- أن سفر صموئيل كاتبه مجهول.

ب- سفر أخبار الأيام الأول كاتبه مجهول، ويحتمل أن يكون عذرا، وغير ذلك الكثير، وسوف نوضح جزءً منه بمشيئة الله تعالى في النقاط القادمة.

لذلك: فإن النصرانية نفسها تقول: بعدم إيمانها بالوحي اللفظي، حيث إنه لا ملجأ لها إلا مثل تلك الافتراءات بعدم وجود وحي لفظي، وذلك:

لضياع إنجيل المسيح من بين يديها.

ولعدم وجود سند متصل لأي من تلك الكتب التي يتضمنها كتابها (كتاب النصرانية) الذي تزعم قدسيته، وهي (النصرانية) لا تنكر ذلك، بل تقرّه وتعترف به، كما أوضحنا في السابق.

فمعتقد النصرانية (المسيحية) بعدم الإيمان بالوحي اللفظي يعني:

أنها تعتقد بأن كلام الله غير محفوظ.

وإذا كان كلام الله تعالى غير محفوظ (وفقًا لادّعاءات النصرانية)، فمن أين نتعرف على كلام الإله الخالق الذي نتعبد به (بقراءته وتلاوته، وتدارسه، ومعرفة الأحكام والتشريعات منه) مما سواه من كلام البشر المخلوقين؟!!

لاشك، أنه لا سبيل لذلك، لأنه حينئذ يكون الأمر مختلطًا، ويكون الحق قد اختلط بالباطل، ولذلك:

فإن الله عز وجل حاشاه أن يترك كلامه غير محفوظ من اختلاط كلام عبيده به.

وإذا كانت المسيحية لا تعتقد بالوحي اللفظي، فإن ذلك يعني: أن الكلام الذي بين يديها إنما هو لأشخاص بشرية، يسري عليهم ما يسري على المخلوقات على سطح الأرض، من أخطاء وسهو ونسيان، إضافة إلى تعرضه للتغيير والتعديل، تبعًا لاختلاف العقول وطريقة التفكير من وقت لآخر، ومن مكان لآخر، وتبعًا للانقياد خلف الأهواء والشهوات.

والتساؤل هنا، أيضًا: ما هو الضمان الحقيقي إذن لسلامة ما ألّفه مؤلفي الأناجيل المختلفة من الأخطاء والتناقضات والاختلافات؟!!

بالتأكيد: لا ضمان حقيقي لسلامة ما ألّفوه سوى الأوهام والظنون، والأخطاء والتناقضات والاختلافات التي تعج بها مؤلفاتهم برهان ذلك.

ونثير تساؤلاً جديدًا، وهو: من أين نحصل على مصداقية ما ألّفوه (مُؤلفوا الأناجيل)؟؟

والجواب المؤكد، هو: أنه لا سبيل للحصول على مصداقية ما ألّفوه (مؤلفوا الأناجيل)، فالأناجيل التي ألّفت كثيرة جدًا، ولكن النصرانية قد اتفقت على تلك الأناجيل الأربعة، المُدرجة ضمن كتابها الذي تقول بقدسيته، ومع ذلك: فإن تلك الأناجيل الأربعة المختارة بينها اختلافات كبيرة وتناقضات كثيرة.

ومثال ذلك: نَسَب المسيح في كلٍ من إنجيل متى ولوقا، حيث نفاجئ أنه في سلسلة النسب المزعوم للمسيح في كل من إنجيل متى ولوقا: لا نجد اسمًا واحدًا مشتركًا بين تلك الأسماء الموجودة في القائمتين لذلك النسب الباطل سوى اسم يوسف، والذي يزعم كتاب النصرانية (المسيحية) في غرابة أنه والد المسيح ، على الرغم من تأليهها له (المسيح).

لذا، فإننا نستنتج: أن الإنسان بحاجة للوحي الإلهي، حيث إن العقول البشرية مختلفة. والإنسان عليه أن يُفكر في مصدر تلك الكتب التي يؤمن بها، هل هي وحي من الله تعالى، أم غير ذلك.

فإذا كانت وحيًا من الله تعالى، فلن نجد فيها أية تناقضات أو اختلافات، ولا شك أن الأمر بالنسبة للكتاب الذي تزعم النصرانية قدسيته على غير ذلك، كما أوضحنا سابقًا.

فالشخص السويّ الحذر، الطالب للحق، المتبع له، يمكنه التمييز بين ما هو صحيح صادق وبين ما هو باطل مكذوب، وبين ما هو معقول وما هو غير معقول.

فهناك كتب كثيرة تدَّعي أنها وحي إلهي، ومن ثم فعلى الإنسان العاقل أن يحكم على مؤلفها أ ومصدرها، ويجب عليه أن يقرأها ويتفكّر فيها.

هل ما تحتويه وتتضمنه يليق بأن يكون بحق من عند الإله الخالق، العظيم، المنزّه عن كل سوء أم لا؟؟

والكتاب الذي تزعم النصرانية قدسيته لا يليق مطلقًا بأن يكون من عند الإله الخالق، العظيم المُنزّه عن كل سوء، ويمكن توضيح بعض من أسباب ذلك، على النحو الآتي:

1- أن الكتاب المقدس للنصرانية مليء بالعبارات الرذيلة والقصص الفاحشة، التي تصور العديد من مشاهد الزنا صورة بصورة، ومشهدًا بمشهد، حتى وكأنه دورات تدريبية متخصصة في كيفية الدخول في ذلك المجال العَفِن والتمرّس فيه، وقد أشرنا في السابق إلى مواضع بعض من تلك القصص الرذيلة، والتي يستعف اللسان عن ذكرها، لما فيها من فحش وإثارة للغرائز الجنسية.

ويذكر الشيخ الداعية/ أحمد ديدات قصة واقعية معلومة، يُفضل ذكرها في هذه الجزئية للبيان والإيضاح، فيقول:

أنه كان كتيب صغير يجري تداوله، يحتوي على 9 فقرات من الكتاب المقدس للنصرانية، وحدث أن شخصًا أرسله إلى لجنة المراقبة، وقال لهم: اقرءوا هذا، ما هذا الكلام؟!

أي: ما ذلك الكلام البذئ الفاحش الجاري تداوله دون مراقبة منكم عليه، ومن ثم الحظر له؟!

فما كان من لجنة المراقبة إلا أن أصدرت قرارًا يقضي بحظر تداول ذلك الكتيب، وهم لا يُدركون أن تلك الفقرات التسع (9) هي جزء من كتابهم الذي يزعمون قدسيته، وأن تلك الفقرات هي من (سفر حزقيال، الإصحاح 23).

فاللغة المستخدمة في كتاب النصرانية فاسقة إلى حد بعيد، ولذلك حَظَرت حكومة جنوب إفريقا تداول ذلك الكتيب الذي أشرنا إليه، وكان من ضمن هيئة الرقابة اثنين من القساوسة حين حظروه، ولكنهما لم يعلما أنهما قد حظرا أجزاء من كتابهم الذي يقدسونه.

فالموجود بالكتاب المقدس للنصرانية (من مثيل تلك العبارات الرذيلة والقصص الفاحشة) هو الذي قد أدّى إلى تلك المفاسد في العالم المسيحي، لا سيما في أوقات أعياد الميلاد المزعومة، وفي كنائسهم في تلك الأوقات (أعياد الميلاد)، عند شربهم للمسكرات والخمور التي تذهب العقل، وتوقع في مثل تلك الرذائل والفواحش.

فإذا قرأ الإنسان موادًا فاسدة، فلابد أن يكون عقله فاسدًا.

والتحدّي الذي أثاره الشيخ/ أحمد ديدات، هو التحدّي لأي مُبشر نصراني (داع إلى النصرانية) إذا كان عفيفًا فاضلًا أن يقرأ من تلك الفقرات (التي أشرنا إليها بسفر حزقيال من الكتاب المقدس للنصرانية) على أهل كنيسته أو والدته أو زوجته أو بناته، أو خطيبته إذا كانت امرأة عفيفة فاضلة.

ولكن إذا كان إله النصرانية لم يستح ولم يخجل من إنزال تفاصيل الدعارة وعهر الزانيات، فهل يستحي من يعتقد بتلك البذاءات على أنها كلام الله، أن يقرأها على أي أحد؟!!

ولذلك: فإن الكتاب المقدس للنصرانية هو الذي قد أدّى إلى الكثير والكثير من المفاسد المنكرة والرذائل الخبيثة التي يمتلئ ويعجّ بها العالم المسيحي.

وإذا ما استحى الإنسان العفيف الفاضل عن قراءة مثل تلك الفقرات من الكتاب المقدس للنصرانية، فإن ذلك لا شك يكون برهانًا على تحريفه وخروجه عن الإطار الربّاني.

ويوضح ذلك، هذا التساؤل البسيط: هل هذا الإنسان الحَييّ الفاضل، أكثر وأشدّ حياءً من الله تعالى؟!!

بالطبع: كلا.

إذن، فالله تعالى حَييّ عن أن ينزل مثل تلك القذارات والرذائل والفواحش في الكتاب الذي تنسبه إليه النصرانية، فهو جل وعلا القدوس المنزّه عن كل نقص وعيب وذلَل.

لذلك، فإن الكتاب المقدس للنصرانية لا يمكن أن يكون بكلام الإله العظيم الخالق، ولا أيضًا بكلام إنسان فاضل عفيف.

ونجد أيضًا بالكتاب المقدس للنصرانية:

أن المسيح على الرغم من تأليه النصرانية (المسيحية) له، وإتخاذه إلهًا يُعبد، (غلوًا وافتراءً)، إلا أنه لم يسلم من افتراءاتها (النصرانية) عليه، حيث دسّت (النصرانية) أبناء الزنى في العهد القديم في سلسلة نسب مزعومة للمسيح، مع أنها (النصرانية) تعتقد بألوهيته وأنه مُخلِّص الشعوب، وعلى الرغم أيضًا من أن المسيح لا نسب له أصلًا (لأنه وُلِد من غير أب من السيدة مريم العذراء)، إلا أن النصرانية قد اخترعت له نسبًا متضمنًا ستة (6) زناة وذريتهم([27])، مع أنهم (الزناة) كان من المفترض أن يُرجموا وفقًا لحكم الله تعالى في الزناة، كما جاء بذلك موسى.

ولذلك، فإن الكتاب المقدس للنصرانية لا يمكن أن يكون كلام الله تعالى، ولا أن يُنسب إليه بحال من الأحوال.

ومن العجيب:

أنه، إضافة إلى تلك الافتراءات التي تزعمها النصرانية، فإننا نجد التناقض البيّن في فحواها، حيث إن متى أحد مؤلفي أناجيل النصرانية، والذي يُزعم إلهامه، قد قام بتسجيل 26 اسمًا في سلسلة مدّعيًا أنها سلسلة نسب المسيح (الذي لم يكن له نسب أصلًا)، وعلى الرغم من اعتقاده (متى) في المسيح بأنه إلهه ومخلصه، إلا أنه يضع مثل تلك السلسلة كآباء وأجداد لإلهه الذي يعيده.

(تعالى الله عز وجل عن كل تلك الافتراءات علوًا كبيرًا)

ثم نجد أن لوقا في إنجيله لم يوافق متى على تلك السلسلة من النسب المزعومة للمسيح، حيث إن (لوقا) لم يكتف بـ 26 أبًا وجدًا لإلهه الذي يعبده (المسيح)، بل إنه سجّل 41 أبًا وجدًّا لإلهه ومُخلّصه الذي يؤمن به (المسيح)

(أعاذنا الله تعالى من تلك الافتراءات، وحفظنا منها).

وكما أشرنا، فإن كلا من متى ولوقا قد وضعا في تلك السلسلة من النسب المزعوم للمسيح العديد من الزناة، غير أنه لا يوجد اسم واحد مشترك بين تلك الأسماء بقائمتي النسب المزعوم، سوى اسم واحد فقط، وهو اسم (يوسف)، والذي تزعم النصرانية في غرابة ودهشة أنه والد المسيح، وذلك كما يقول إنجيل لوقا (3: 23)، وذلك بعد حذف ما بداخل علامتي التنصيص (على ما كان يُظنّ)، لأنه ليس في الأصل والمخطوط للكتاب المقدس للنصرانية، ولكنه إضافة وحشو من تلقاء المترجم، والنصرانية تعترف وتقرّ بذلك.

أي أن ما بداخل علامة التنصيص (على ما كان يُظن) ليس إلا إضافة من المترجم لمحاولة الهروب من ذلك المأزق ذي الحرج الشديد، وهو ادّعاء الكتاب المقدس للنصرانية بأن يوسف الذي قد ذكره كلا من متى ولوقا (في سلسلة النسب المزعوم) هو والد المسيح، على الرغم من اعتقاد النصرانية بألوهيته، ومن ثم عبادته.

(تعال الله عز وجل عن كل تلك الافتراءات علوًا كبيرًا)

ونوضح: أن ذلك النسب المزعوم الذي تنسبه النصرانية للمسيح، ليس من جهة السيدة مريم (ليس من جهة والدته)، وذلك لأنه لم يرد اسمها (السيدة مريم) في أي من قائمة النسب المزعوم، وإنما كان (النسب المزعوم) من جهة يوسف النجار.

ومن التناقضات التي نجدها بالكتاب المقدس للنصرانية:

أن بالإنجيل الذي يتضمنه الكتاب المقدس للنصرانية (للمسيحية) ما يشير إلى عدد كبير من الأبناء التي ينسبها إلى الله افتراءً وكذبًا، ولكننا إذا ما سألنا المسيحي (الذي يعتقد ألوهية المسيح، ويعبده)، كم عدد أبناء الله (مجاراة لافتراءات النصرانية)؟؟.

فإنه يقول: إنه واحد (يقصد المسيح).

ولا شك، أن ذلك من التناقض الذي يقع فيه معتنقوا النصرانية، حيث يعتقدون بأن لله ابنًا واحدًا، في حين أن كتابهم الذي يزعمون قدسيته، ينسب إلى الله أبناءً كثيرين.

(تعالى الله عز وجل عن أن يتخذ ولدًا ، علوًا كبيرًا).

ومن التناقضات التي نجدها بالكتاب المقدس للنصرانية:

أنه لا يُسمّى بالإنجيل، وإنما يُقال العهد القديم، والعهد الجديد، على الرغم من أن ما جاء به المسيح إنما هو الإنجيل، ولا شك أن ما نقصده هنا هو الإنجيل الحق الذي جاء به المسيح من الله تعالى، وليس إنجيل متى أو غيره من المؤلفين.

فنجد أن الكتاب المقدس للنصرانية يتضمن عدة أناجيل مؤلفة ذات صناعة بشرية، لمؤلفين كثيرين مجهولين، في حين أنه ليس الإنجيل الحق الذي أوحاه الله تعالى إلى المسيح عليه السلام.

ونجد أيضًا: أن الكتاب المقدس للنصرانية، إنما يخضع للحذف منه والتبديل والتغيير، وذلك على الدوام.

حيث إن النسخ الحديثة لكتاب النصرانية تترك بعض الجمل أو الكلمات الموجودة في النسخ القديمة، وكذلك نجد بها جملًا وكلمات لم تكن موجودة بالنسخ القديمة([28]).

ولاشك، أن ذلك شيء مريب لكل باحث عن الحق، حيث إن ذلك يدل على التحريف البيّن الحادث بالكتاب المقدس للنصرانية، والذي ما زال يحدث، وإلى أن يشاء الله.

مما يدل على أن ما بيدي النصرانية اليوم ليس أبدًا بكلام الله تعالى، وإنما هو كلام بشري خاضع دائمًا للتغيير والتبديل، تبعًا للأهواء والاتجاهات المختلفة لعقول مؤلفيها، ومنقحيها.

ومما يدل على ذلك ويؤكده:

أن الترجمة العالمية الحديثة (للكتاب المقدس للنصرانية) قد استبعدت الإحدى عشرة فقرة الأولى من إنجيل يوحنا (الإصحاح الثامن) عن بقية النص([29])، فعلى أي شيء يدل ذلك؟؟

لا شك، أن ذلك يدل بوضوح على أن ما بين يدي النصرانية اليوم ليس بكلام الله تعالى، حيث يخضع للتنقيح والتبديل والتغيير (لما به من أخطاء وتناقضات) من قِبَل علماءها وغيرهم، دون أدنى حياء في ذلك.

ثم يأتي من بعدهم علماء آخرين للنصرانية، فيقومون بنفس العمل، من تغيير وتبديل وتنقيح لما قام به أسلافهم مرة أخرى، وهكذا.

ومع ذلك نجد أن النصرانية تزعم قدسية ما بين يديها، وتنسبه إلى الله تعالى.

ولا شك، أن ذلك زعم غير مقبول تمامًا من مبتغٍ للحق، باحث عنه، ذي فطرة نقية وعقل راجح رشيد.

لذلك: فإن الكتاب المقدس للنصرانية ليس إلا مؤلفًا لكتّاب بشريين، لا علاقة لهم مطلقًا بإلهام أو غيره.

وما يَعجّ به الكتاب المقدس للنصرانية، من أخطاء وتناقضات، وفواحش ورذائل ومنكرات، برهان ذلك.

(فتعالى الله عز وجل عن أن يكون كتابه مثل ما تزعمه النصرانية، علوًا كبيرًا).

ونجد أيضًا، أن الكتاب المقدس للنصرانية يخضع دائمًا للإضافات.

ونموذج ذلك: أنه (الكتاب المقدس للنصرانية) يقول:

«ولما ابتدأ يسوع (يقصد: المسيح) كان له نحو ثلاثين سنة، وهو (علا ما كان يظن) ابن يوسف ابن هالي» (إنجيل لوقا 31: 23).

فتلك العبارة التي بين القوسين (على ما كان يُظن) لا توجد في المخطوطات القديمة، ولكن النصرانية أضافتها من عندها، ثم بعد ذلك أزالت الأقواس، واستمر الحال على ذلك([30])، حيث إنها تعبث بكتابها كيفما تشاء.

ومن تلك الفقرة السابقة، عند إزالة ما أضافته النصرانية تدريجيًا من تلقاء نفسها، يتضح: أن لوقا نفسه، أحد مؤلفي الأناجيل التي يتضمنها الكتاب المقدس للنصرانية، والذي تزعم النصرانية إلهامه بالباطل، ينسب إلى المسيح أنه قد وُلِد من الفجور.

وذلك لأنه (لوقا) ينسب المسيح إلى أنه ابن يوسف ابن هالي، ومن المعلوم أن والدة المسيح (السيدة مريم) لم تتزوج، وإنما كانت ولادتها للمسيح معجزة من الله تعالى.

ومن ثم، فإن دائرة المعارف البريطانية، قد أعلنت:

أن الأناجيل الأربعة المشهورة التي يتضمنها الكتاب المقدس للنصرانية، ليست من تصنيف أحد من تلاميذ المسيح، كما أكدت بذلك الدلائل العلمية([31]) (طبعة 1964).

ولذلك: فإن الكتاب الذي تزعم النصرانية قدسيته، ليس إلا مؤلفًا بشريًا، لكثير من المؤلفين الغامضين، ولا يمكن بأي حال نسبته إلى الله تعالى.

ونجد أيضًا، أن الكتاب المقدس للنصرانية يخضع دائمًا للتحريفات والتغييرات.

ونموذج ذلك: أن النصرانية قد استخدمت بكتابها الذي تزعم قدسيته كلمات لا تزال غامضة، مجهولة المعنى، مبهمة، وإلى الآن.

ومن نماذج تلك الكلمات المجهولة المبهمة: والتي لا يعرف علماء النصرانية لها معنى إلى الآن، والتي لا تزال بكتاب النصرانية: لوبيم، لهبيم، بتروسيم، مالتوهيم، أماميم، كاثولوهيم، .... إلى غير ذلك.

والتساؤل: أي لغة تلك التي تستخدمها النصرانية في كتابها، والتي لا يعلمها علماءها، ومن ثم يجهلها غيرهم؟!!

وهل يُنزِّل الله تعالى مثل تلك الكلمات المجهولة المبهمة في كتابه، والذي كان من المفترض أن يكون هداية لخلقه، بأن يعلموا ما فيه، ويتدارسوه فيما بينهم؟!!

بالطبع: لا.

ومن ثم، فإن مثل تلك الكلمات وغيرها ما هي إلا تلفيقًا بيّنًا من قبل أيدٍ خفية قد تناولت كتاب النصرانية بالتحريف والتغيير.

فالكلمات السابقة المشار إليها وغيرها، هي في الحقيقة ألفاظ لا معان لها.

ونجد أيضًا: أن النصرانية قد قامت بترجمة أسماء الأعلام في حين أنه من المعلوم أن أسماء الأعلام لا تُترجم، وإنما تُترجم الكلمات فقط.

وذلك من الأخطاء الجسيمة التي تقع فيها النصرانية، ومن نماذج ذلك:

أن النصرانية قامت بترجمة بطرس إلى بيتر، وهناك فرق كبير بين الكلمتين، وتحريف بَيِّن واضح، وغير ذلك الكثير من نماذج التحريف والتغيير الذي قد نال كتاب النصرانية.

ومن الإضافات التي قد أُضيفت إلى كتاب النصرانية، والتي أدت إلى الوقوع في التناقض الكبير:

ما قد أُضيف إلى الفقرة التي تتحدث عن التقديم بإسماعيل عليه السلام للذبح، من قِبَل أبيه إبراهيم عليه السلام.

فمن المعلوم أن إسماعيل هو الابن البكر للنبي إبراهيم، وكتاب النصرانية يعترف بذلك ويُقرّ به، حيث إنه في سفر التكوين (والذي يؤمن به اليهودية أيضًا) إصحاح 16، عدد 15، ما يلي:

«فولدت هاجر إسماعيل وكان عمر إبراهيم آنذاك ستًا وثمانين (86) سنة».

وفي سفر التكوين (إصحاح 21، عدد 5):

«وكان عمره (إبراهيم) مائة (100) سنة حين ولد إسحاق ولده».

وذلك يعني أن الابن البكر لإبراهيم هو إسماعيل، وأن الفارق بين ولادة إسماعيل وأخيه إسحاق هو 14 سنة.

ثم نجد في سفر التكوين (إصحاح 22، عدد 2):

«وامتحن الله إبراهيم، فقال له خذ ابنك وحيدك الذي تحبه».

وهذا يعني أن تلك الفقرة تشير إلى إسماعيل، لأنها قالت (خذ ابنك وحيدك)، وكما أوضحنا، فإن إسماعيل هو الابن البكر لإبراهيم، وظل الابن الوحيد لإبراهيم لمدة 14 سنة، إلى أن وُلد بعد ذلك إسحق.

فلا يمكن أن يكون إسحاق هو المقصود بـ(خذ ابنك وحيدك)، لأنه لم يولد إلا بعد 14 سنة من ولادة إسماعيل.

ولكننا نجد أنه قد تم إدخال وإقحام كلمة (إسحاق) في حادثة الذبح لنفي أن يكون اختيار الله تعالى لمن قُدّم للذبح هو إسماعيل عليه السلام، والذي جاء من نسله النبي محمد r ليكون خاتمًا للأنبياء والمرسلين.

ومن ثم، فإن إقحام كلمة (إسحاق) بالباطل في حادثة الذبح يكون من أجل الإبعاد عنادًا وبالباطل، لذلك الشرف وتلك المرتبة عن إسماعيل عليه السلام الذي جاء من نسله النبي محمد r.

وصارت الفقرة السابقة بعد إضافة وإقحام كلمة (إسحاق) تلفيقًا، تقول:

«وامتحن الله إبراهيم، فقال خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحاق، واذهب به إلى أرض المريا، فأخذ إبراهيم بيده النار والسكين ونظر فإذا كبش وراءه».

ومن الدلائل أيضًا، على أن المراد بقصة الذبح والتضحية هو إسماعيل، وأن إضافة كلمة (إسحاق) ما هو إلا عنادًا وعنصرية، وإقحامًا بالباطل.

أنه جاء في سفر التكوين (إصحاح 16، عدد 1)، والذي تؤمن به اليهودية كجزء من كتابها ويتضمنه الكتاب المقدس للنصرانية، ما ينص على أن الولد البكر هو الذي يُقدّم لذبح ولقد أكد سفر التكوين (إصحاح 4، عدد 4) أن إسحاق وُلِد بعد إسماعيل بأربعة عشر سنة.

ب- أن النص السابق (المشار إليه)، أفاد بأنه حادثة الذبح قد وقعت عند أرض (المريا)، وهي في بئر سبع، وهي المنطقة التي عاش فيها إسماعيل مع أمه (السيدة هاجر).

لذلك فإن إقحام العهد القديم (كما في سفر التكوين) لكلمة (إسحاق) في حادثة الذبح ما هو إلا تناقضًا بيّنًا واختلافًا واضحًا.

لذلك: فإن الكتاب المقدس للنصرانية لا يمكن أن يكون وحيًا من عند الله عز وجل، وصدق الله تعالى إذ يقول: ﴿ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا﴾

[سورة النساء: آية 82].

ونجد أيضًا: أن بعد إصدار النصرانية لنسخة ما من كتابها، الذي تقول بقدسيته، ثم بيعها واكتساب الأموال من وراءها، يتم الإعلان عن تعديلات وتنقيحات جديدة لنفس تلك النسخة من قِبَل علماءها وقساوستها، ولكن في نسخة جديدة، ومن ثم الإقبال عليها وبيعها، واكتساب الأموال الطائلة من جرّاء ذلك الإحتيال، وهكذا.

وصدق الله تعالى إذ يقول: ﴿فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ﴾

[سورة البقرة: آية 79].

ولذلك: فإننا نجد أن نسخ الكتاب المقدس للنصرانية تختلف حسب السَنة التي يُصدر ويطبع فيها، حيث تكثر التغييرات واستبدال الكلمات، وحذف العبارات وإضافة غيرها.. وهكذا.

والتساؤل المهم:

أي من تلك الكتب: وأي من تلك الإصدارات لتلك النسخ المختلفة. يتم قبولها على أنها كلام الله تعالى؟!

وما هو المقياس الصحيح لذلك؟؟

والجواب الحق، الذي لا بديل له ولا حياد عنه؛ هو: أنه لا يمكن قبول أي من تلك الكتب أو أي من تلك النسخ لكتاب النصرانية، على أنها كلام الله تعالى، حيث إنه لا مقياس سليم صحيح يرضى به عقل راجح رشيد لقبول أي منها على أنها كلام الله تعالى.

تساؤل افتراضي: وإذا ما تم قبول نسخة ما في وقت ما، وآمن المسيحيون بها على أنها كلام الله، ثم حدثت التنقيحات والتعديلات لنفس تلك النسخة، حيث تم إضافة بعض العبارات والجمل الجديدة، وحَذْف عبارات وجمل أخرى قديمة، وتم استبدال كلمات أو فقرات قديمة بأخرى جديدة (كما هو المعتاد دائمًا)، فهل يتم قبول النسخة القديمة على أنها كلام الله تعالى أم تُرفض (بعد أن تم قبولها قبل ذلك)، وتُقبل النسخة الجديدة ذات التنقيحات والتعديلات للنسخة القديمة؟!!

وما مصير أولئك الذين كانوا قد اعتقدوا في النسخة القديمة من كتابهم المقدس، أنها كلام الله، وماتوا قبل أن يتم إصدار مثل تلك النسخ الجديدة، ذات الإضافات الحديثة، لعبارات وجمل لم تكن موجودة قبل ذلك، مُستبعده لعبارات وجمل قديمة (كانت في النسخة السابقة)، مستبدلة كلماتها بكلمات أخرى، هل كان اعتقادهم سليمًا صحيحًا في أن ما كان بأيديهم هو كلام الله تعالى؟!

وأيضًا، ما حال هؤلاء الذين وصلت إليهم النسخة ذات التعديل والتنقيح الجديد، إذا ما ظهرت نسخة جديدة لتلك التي بأيديهم، ذات تعديل وتنقيح جديد، ولم يدركوا تلك النسخة؟! وماذا إن أدركوها؟!!

لاشك، أن ذلك كله هراء ولعب واستخفاف بالعقول، فلا أحد له الحق في تبديل كلام الله تعالى: أو أية إضافة إليه أو استبعاد عنه.

فالحق ليس إلا واحدًا، غير ممتزج بباطل، حيث لا يختلف أحد من ذوي العقول الرشيدة والنفوس الزكية والفطر السوية عليه.

ونوضح: أن الترجمات غير النُسخ.

فالترجمات ما هي إلا نقلًا لمعان الكلمات والجمل من لغة لأخرى، دون إضافة في الأصل الذي تترجمه ودون حذف منه، ودون تغيير في الأصل أو تعديل وتبديل له، كما هو الحال في ترجمات القرآن الكريم.

حيث يتم نقل معان الكلمات التي تتكون منها الآيات والسور إلى اللغات الأخرى (لغير الناطقين باللسان العربي) لإمكانية فَهم القرآن الكريم، دون أدنى إضافة في الأصل (القرآن الكريم بلغته العربية) ودون أي حذف منه، ودون أدنى تعديل فيه أو تبديل له.

فلا يتم تلاوة القرآن الكريم بغير اللغة العربية، التي قد أُنزل بها من الله تعالى، ولا يتم الحفظ إلا بها.

أما النُسخ (كما هو الحال بالكتاب المقدس للنصرانية):

فإنه يتم الإضافة إليها، والحذف والاستبعاد منها، والتغيير والتبديل فيها، ومن ثم التناقض، حيث إن النصوص مختلفة، ولا شك أن ذلك مُحال قبوله في كلام الله تعالى.

لذلك: فإن الكتاب المقدس للنصرانية ما هو إلا مؤلفًا بشريًّا لعديد من المؤلفين المجهولين، والذي يخضع دائمًا للتغيير والتبديل والإضافة والحذف، ومن ثم التناقض، ونسخه الكثيرة المختلفة برهان ذلك.

ونوضح نموذجًا من تلك التعديلات والتنقيحات والتغييرات في الكتاب المقدس للنصرانية، على النحو التالي:

فنجد أن طائفة الكاثوليك لإحدى الطوائف المسيحية لها نسخة خاصة بها من الكتاب المقدس للنصرانية، والتي قد أعيدت طباعتها في دووي عام 1609، متضمنة 73 كتابًا([32]).

بينما نجد أن طائفة البروتستانت (إحدى الطوائف المسيحية) لها أيضًا نسخة خاصة بها من الكتاب المقدس للنصرانية، وهي نسخة الملك جيمس، والتي طبعت عام 1611 م، حيث قامت بحذف (7) سبعة أسفار من الكتاب المقدس للنصرانية([33])، باعتبارها تلفيقًا وتزويرًا.

إلى غير ذلك من طوائف المسيحية، والتي لا تعترف كل منها بالنسخة الخاصة بها أيضًا.

ومن التناقض العجيب:

أنه على الرغم من عدم إيمان الكاثوليك (إحدى طوائف المسيحية) بنسخة الملك جيمس، إلا أنهم (النصارى الكاثوليك) يجبرون معتنقي النصرانية الجدد على شراء نسخة الملك جيمس (النسخة الخاصة بطائفة البروتستانت)، وذلك لأنها النسخة المترجمة إلى أكثر من ألف لغة من لغات العالم النامي([34]).

ومع ذلك: فإن نسخة الملك جيمس لكتاب النصرانية، والتي طبعت لأول مرة في عام 1611 م، وعُدِّلت ونُقِّحت وغُيِّرت في عام 1881م ، فسميت بالنصوص المُنقّحة، ثم عُدِّلت ونُقِّحت وغُيِّرت مرة أخرى في عام 1952، وسميت الـ R.S.V، ثم لم تسلم من التعديل والتنقيح والتغيير مرة أخرى في عام 1971م([35]).

ومع ذلك نجد أن آراء علماء النصرانية (32 عالمًا من علماء المسيحية – النصرانية – يساندهم 50 من الطوائف الدينية) في نسخة الملك جيمس، كالآتي:

حيث يقولون: ولكن نصوص الملك جيمس بها عيوب خطيرة جدًا.

ومن نماذج التنقيح: رسالة يوحنا الأولى (5: 7) والتي تقول:

«لأن الشهود في السماء ثلاثة الآب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة واحد».

فتلك الجملة السابقة هي أقرب إلى ما تسميه النصرانية بالثالوث المقدس، وهو أحد دعمائها.

ولكن مراجعوا النصوص المنقحة حذفوا تلك الفقرة (من رسالة يوحنا)، لأنهم يعتبرونها زيفًا عقائديًّا، ولكن الترجمات الأخرى لكتاب النصرانية ما زالت بها تلك الفقرة التي تمثل الاعتقاد المزيّف لدى النصرانية، والتي قد حُذِفت من مراجعوا النصوص المنقحة.

والتساؤل المهم:

من المسئول عن مثل تلك الاستبعادات والإضافات، والتعديلات والتغييرات والتحريفات، ومن ثم التناقضات والاختلافات في ذلك الكتاب الذي تقدسه النصرانية؟؟

الجواب: إن علماء النصرانية هم الذين يبدّلون ويُعدِّلون ويُغيّرون بعض الكلمات الموجودة بالمخطوطات الأصل لديهم بكلمات أخرى، ويُبرّرون ذلك بقولهم: حتى يكون النصّ أكثر وضوحًا.

ولا شك، أن مثل تلك الإدّعاءات جرأة في التحريف والتبديل، مع عدم الحياء فيها، وإذا لم يستح الإنسان فهو يفعل ما يشاء.

فلا أحد له الحقّ في مثل ذلك التحريف والتبديل بمثل تلك الادّعاءات الباطلة، والتي لا أساس لها من الصحة.

ومما يشهد بتلك التحريفات التي قد انغمس فيها الكتاب المقدس للنصرانية:

أ- المدخل الجديدة من الكتاب المقدس لطائفة الكاثوليك (إحدى طوائف النصرانية – المسيحية)، حيث ينص على الآتي:

ومن الواضح أن ما أدخله النسّاخ من التبديل على مرّ القرون تراكم بعضه على بعضه الآخر، فكان النص الذي وصل آخر الأمر إلى عهد الطباعة مُثقلًا بمختلف ألوان التبديل، ظهرت في عدد كبير من القراءات.

وأيضًا، ممن يشهد بمثل تلك التحريفات التي قد انغمس فيها الكتاب المقدس للنصرانية.

- حيروم، وفقًا لما قالة (واردكاتلك) في كتابه.

حيث قد صرّح حيروم في مكتوبه: أن بعض العلماء المتقدمين كانوا يشكون في الباب الأخير من إنجيل مرقس.

- شهادة العالم النصراني: جراهام سكروجي، عضو معهد مودي للكتاب المقدس، وهو من أكبر علماء البروتستانت التبشيريين، حيث يقول في كتابه (هل الكتاب المقدس كلمة الربّ): «نعم إن الكتاب المقدس من صنع البشر، بالرغم من أن البعض جهلًا منهم قد أنكرو ذلك».

ويقول أيضًا: «إن هذه الكتب قد مرّت من خلال أذهان البشر، وكُتبت بلغة البشر وبأقلامهم، كما أنها تحمل صفات تتميز أنها من إسلوب البشر».

فأقدم المخطوطات لدى النصرانية ترجع إلى 300 أو 400 سنة من بعد المسيح، حيث إن علماءها (النصرانية) يقولون بأن المخطوطات الأصلية قد هلكت.

ولذلك: فإنه لا يوجد من بين آلاف النسخ الموجودة اليوم للكتاب الذي تزعم النصرانية قدسيته نسختان متطابقتان باللغة الأصلية.

ومن بين أربعة آلاف مخطوطة مختلفة (لأناجيل مختلفة) قام القساوسة الكنسية باختيار (4) أربعة أناجيل ليتضمنها كتابهم المقدس، وذلك لتوافقها (الأناجيل) مع ما يميلون إليه.

ومما أشرنا إليه يتبين: أن الكتاب المقدس للنصرانية ليس إلا مؤلفًا فاقدًا للسند المتصل، حيث إن مؤلفيه أغلبهم مجهولون، ولم يروا المسيح، ولذلك نجد أن الإنجيل الذي تنسبه النصرانية للمسيح يتحدث أكثر من ثلاثة أرباعه عن ما بعد المسيح، فكيف يكون إنجيل المسيح إذن؟؟

ولذا: فإنه لم يجرؤ أي من المؤلفين زعم أن ما ألفه كان إنجيل المسيح.

ونختم هذا الفصل بما شهد به علماء النصرانية أنفسهم (32 عالمًا، وخمسين طائفة دينية متعاونة)

حيث قالوا: بأن مؤلفي الكتاب المقدس للنصرانية مجهولون، ومثال ذلك:

- سفر التكوين: المؤلف مجهول

- سفر الخروج: ينسب إلى موسى، والمؤلف مجهول

- سفر اللاويين: عامّة يُنسب إلى موسى، والمؤلف مجهول.

- سفر العدد: عامة ينسب إلى موسى، والمؤلف مجهول.

- سفر يشوع: يُنسب (أي: أنه غير مؤكد، يعني: يُحتمل) معظمه ليشوع؛ ولكن ماذا عن باقي السفر؟؟ لاشك أنه غير معلوم من يُنسب إليه.

- سفر القضاة: يحتمل أن يكون صموئيل.

- سفر راعوث: ليس معروف بالتحديد.

سفر صموئيل 1: المؤلف مجهول.

- سفر صموئيل 2: المؤلف مجهول.

- سفر الملوك الأول: المؤلف مجهول.

- سفر الملوك الثاني: المؤلف مجهول.

- سفر أخبار الأيام الأول: المؤلف مجهول ويُحتمل أن يكون عذرا.

- سفر أخبار الأيام الثاني: المؤلف مجهول، ويحتمل أن يكون عذرا.

- سفر استر: المؤلف مجهول.

- سفر الجامعة: المؤلف مشكوك فيه، ولكن عادة يُنسب إلى سليمان.

- مزامير داود: يوجد مؤلفين آخرين له غير معروفين (مجهولين).

- سفر أشعيا: فيه أجزاء مؤلفها غير معلوم (مجهول).

- سفر يونا: المؤلف مجهول.

- سفر حبقون: المؤلف مجهول، وهكذا.

لذلك: فإن الكتاب الذي تزعم النصرانية قدسيته ليس إلا كتابًا مجهول النسب والهوية، ساقط السند، فالعهد القديم والعهد الجديد (الذي يتضمنها كتاب النصرانية) كلاهما غير معلوم مؤلفيها.

فمؤلفي الكتاب المقدس للنصرانية، إما أن يكونوا مجهولين، وإما أن يُقال فيهم (من المحتمل).

تعالى الله عز وجل عن أن يكون كتابه مثل ما تزعمه النصرانية علوًا كبيرا.

ولذلك فإنه يتبين لنا بالأدلة القاطعة والتي قد أشرنا إلى جانب منها:

فقدان الكتاب المقدس (للنصرانية) لمصداقيتهما.

([1]) المسيح في الإسلام، للشيخ/ أحمد ديدات.

([2]) محمد صلى الله عليه وسلم هو الخليفة الطبيعي لعيسى عليه السلام، للشيخ/ أحمد ديدات.

([3]) محمد صلى الله عليه وسلم الخليفة الطبيعي للمسيح عليه السلام، للشيخ/ أحمد ديدات.

([4]) نفس المصدر السابق، بتصرف يسير.

([5]) نفس المصدر السابق، بتصرف يسير.

([6]) هل المسيح هو الله، بتصرف، للشيخ/ أحمد ديدات.

([7]) الخلاف الحقيقي بين المسلمين والمسيحيين، بتصرف، للشيخ/ أحمد ديدات.

([8]) من كتاب، صلب المسيح حقيقة أم خيال، للشيخ / أحمد ديدات بتصرف.

([9]) نفس المصدر السابق.

([10]) نفس المصدر السابق.

([11]) صلب المسيح حقيقة أم خيال، للشيخ/ أحمد ديدات.

([12]) نفس المصدر السابق.

([13]) صلب المسيح حقيقة أم خيال، للشيخ/ أحمد ديدات.

([14]) نفس المصدر.

([15]) صلب المسيح حقيقة أم خيال، للشيخ/ أحمد ديدات.

([16]) نفس المصدر السابق.

([17]) صلب المسيح حقيقة أم خيال، للشيخ/ أحمد ديدات.

([18]) نفس المصدر السابق.

([19]) إظهار الحق، للشيخ/ رحمة الله الهندي.

([20]) نفس المصدر.

([21]) نفس المصدر؛ بتصرف.

([22]) نفس المصدر السابق، بتصرف.

([23]) إظهار الحق، للشيخ مرحمة الله الهندي

([24]) نفس المصدر.

([25]) نفس المصدر.

([26]) نفس المصدر.

([27]) من كتاب: هل الكتاب المقدس كلمة الله، بتصرف، للشيخ/ أحمد ديدات.

([28]) من كتاب: الخلاف الحقيقي بين المسلمين والمسيحيين، بتصرف، للشيخ/ أحمد ديدات.

([29]) من كتاب: خمسون ألف خطأ في الكتاب المقدس، للشيخ/ أحمد ديدات.

([30]) من كتاب: هل المسيح هو الله، للشيخ/ أحمد ديدات.

([31]) من كتاب: هل المسيح هو الله: للشيخ/ أحمد ديدات.

([32]) هل الكتاب المقدس كلمة الله، بتصرف، للشيخ/ أحمد ديدات.

([33]) نفس المصدر السابق.

([34]) نفس المصدر السابق، بتصرف يسير.

([35]) نفس المصدر السابق.