مقالات

المقال من كتابة الباحثة الدكتورة

تويجا سارنين

معهد كارليان

جامعة فنلندا الشرقية

ترجمة : احمد علي حسن

مدرس اللغة الأنكليزية

الاختلافات الثقافية العامة والقوالب النمطية الشائعة

الثقافة والعادات العائلية الكوردية

المقدمة

تختلف التقديرات لعدد الاكراد. وفقا لأحدى هذه التقديرات هناك حوالي 30-40 مليون كوردي. وفقا لتقديرآخر قد يزيد حتى يصل الى 55-70 مليون كردي. لا توجد بيانات محددة حول عدد الأكراد الذين يعيشون في مختلف البلدان لأن معظمها لا تحسب الأقليات، وعلى سبيل المثال في تركيا. يعيش الأكراد بشكل رئيسي في منطقة كوردستان التي تقع في مناطق تركيا، العراق وإيران وسوريا. هناك بعض الأكراد الذين يعيشون في مناطق الاتحاد السوفياتي السابق وفي آسيا الوسطى. وفقا للتقديرات، هناك حوالي 700000 كوردي يعيشون في أوروبا. وأكبر المجتمعات الكوردية في أوروبا يعيشون في ألمانيا. وفقا لإحصاءات عام 2011هناك 8032 كردي يعيشون في فنلندا. منطقة كردستان والتي تقع في أربعة بلدان مختلفة ، هي مجتمعة 406 650 كيلمترا مربعاً. تعتبر منطقة كردستان منطقة عرقية وليست دولة، ويعيش الأكراد فيها بين الجنسيات الأخرى. في الوضع الحالي، الأكراد هم أكبر أمة في العالم بدون وطن.

اللغة الكردية

اللغة الكوردية هي جزء من الفرع الإيراني (الهندو-الإيرانية) لمجموعة اللغات الأوروبية. لا علاقة لها بالعربية أو التركية, ولكنها مرتبطة باللغات الأيرانية، وهي الفارسية. وأيضا لغة الباشتو والدارى في أفغانستان تنتمي إلى نفس المجموعة اللغوية. هناك أربعة لهجات رئيسية مختلفة في اللغة الكوردية: الكورمانجية, والسورانية, واللورية والزازا. كل واحدة منهم لديها عدة لهجات فرعية. اللهجات تختلف عن بعضها البعض كثيرا لأن المتحدثين من اللهجات المختلفة لا يفهمون بعضهم البعض بالضرورة. وعلى سبيل المثال، الاختلافات بين مفردات الكورمانجية والسورانية يمكن مقارنتها مع الألمانية والهولندية. هناك أختلافات واضحة في المفردات والقواعد.

يوجد هناك أنماطا مكتوبة في اللهجة الكورمانجية والسورانية، وتكتب بالحروف العربية أو الأبجدية اللاتينية. وفي الوقت الحاضر معظم اللهجة الكورمانجية مكتوبة بالأبجدية اللاتينية. لا يستطيع الأكراد بالضرورة قراءة أو كتابة لغتهم الأم ، لأنهم لم يستطيعوا فعل ذلك ولم يكن ممكنا دائما دراستها في كل مكان. معظم الاكراد ذهبوا الى مدراس كانت اللغة غير لغتهم الأم. وعلى سبيل المثال، في مدارس تركيا كانت تركية. لفترة طويلة كان البيان الرسمي لتركيا أن اللغة الكردية ليست لغة منفصلة، ولكنها مجرد لهجة من اللغة التركية القريبة من الحدود. في الحياة العامة وفي الحياة العملية يتحدث الأكراد عادة باللغة التركية. وأيضا في إيران وسوريا تعلم اللغة الكردية وأستخدامها العام كان ممنوعا من وقت لآخر. اللغة الكردية صعبة للتعلم للغاية, على سبيل المثال، هناك المزيد من الاستثناءات من القواعد في أشتقاق الكلمات. في اللغات الهندية الأوروبية يشتق الفعل عادة عن طريق إضافة نهاية لتوضيح الزمن. وأما في اللغة الكوردية النهاية التي تدل على الشخص لتوضيح الزمن تأتي في بداية الكلمة. فمثلا، العثور على معنى أي كلمة باستخدام القاموس أمر صعب إلا إذا كنت تعرف أساس الكلمة.

تاريخ الاكراد

تاريخ الأكراد مشوب بالعنف. لقد أراد العديد من أن يحكم أرضهم ومعظمها جبلية لكنها خصبة في الوديان. من الواضح أن كوردستان منطقة مهمة من حيث الاستراتيجية والمعايير الأقتصادية. أصل منبع نهرا دجلة والفرات في منطقة كوردستان ويوجد نفط في أراضي كوردستان.

كان بلاد ما بين النهرين من مناطق هجرة الشعوب لآلاف السنين ، وحصلت هناك معارك. وقد ظهرت حضارات واختفت، وقد أختلط جزء من السكان السابقين مع القادمين الجدد. وتظهر الاكتشافات الأثرية بأنه كانت هناك ثقافة عالية في منطقة كوردستان بالفعل قبل وصول الأتراك. القومية التركية أمة عسكرية والتي جاءت إلى المنطقة من آسيا الوسطى 1000 سنة مضت. حكم الشعب العثماني معظم منطقة كوردستان حتى الحرب العالمية الأولى. بموجب معاهدة 1920، كان يجب على تركيا أن تؤسس منطقة حكم ذاتي في كوردستان، لكن لم يحدث هذا مطلقا. وتم استبدال المعاهدة في عام 1923 بمعاهدة لوزان. وحسب معاهدة لوزان، ظلّ الجزء الشمالي من كوردستان ينتمي إلى تركيا ، وأخضع الجزء الجنوبي لسوريا والعراق ، ومن ثمّ تم تسليمها من قبل عصبة الأمم كأراضي منتدبة ا لفرنسا وبريطانيا. وأصبحت سوريا والعراق مستقلتين في وقت لاحق.

الجزء الشرقي من كوردستان لا يزال ينتمي إلى إيران والتي كانت تعرف باسم فارس في ذلك الوقت. وقد تمرد الأكراد عدة مرات ضد الدول الحاكمة في تركيا والعراق و إيران. خلال الحرب العالمية الثانية حاول الأكراد إنشاء دولتهم ، مثل العديد من الدول الأخرى. في 22 يناير 1946 أنشئت جمهورية كوردستان. وفي غضون نهاية العام ، كان هناك هجوم على الجمهورية والمقاومة الكوردية لم تتمكن من إيقاف تقدم جيش إيران. وضع الأكراد أقلية، وعلى سبيل المثال، في تركيا لم يكن وجودهم معروفا. لقد حظر استخدام اللغة الكوردية مع عقوبة السجن في تركيا حتى عام 1991، وحاولوا جعل الأكراد بأن يصبحوا أتراك. وتم نقل الشعب الكوردي بعيدا عن المناطق التي يعيشون فيها وقتل منهم الكثير. وبعد الحرب العالمية الثانية انتقل عدد كبير من الأكراد إلى الغرب. وفي تركيا تم نقلهم إلى الأجزاء الغربية كلما تمردوا في الأجزاء الشرقية من البلاد. في عام 1965 كان هناك حوالي 65 ٪ من الأكراد في تركيا يعيشون في مناطق تقليدية وفي الوقت الحاضربقى حوالي نصفهم. هناك ثلاثة ملايين كوردي يعيشون في اسطنبول لوحدها. والمناطق ألأخرى المرتفعة في عدد السكان من الأكراد هي مدن ثرية في ساحل شمال شرق تركيا كمنطقة بحر ايجه في غرب تركيا وساحل البحر الأبيض المتوسط الجنوبي.

اتجاهات الاستقلال للأكراد

وضع الشعب الكوردي هي الأقلية في كل مكان. وعلى سبيل المثال، لا تسمح تركيا حرية التعبير للأقليات. تقدمت تركيا للحصول على عضوية الاتحاد الأوروبي ولكن تغيّرالوضع نوعا ما. يطالب الاتحاد الأوروبي بمزيد من الاحترام لحقوق الإنسان وتقييم موقفهم تجاه الأكراد كشرط أساسي للعضوية. لقد أصبح تدريس اللغة الكوردية في الوقت الحاضر مسموح بها في المدارس الخاصة. وأيضا يتم بث بعض البرامج باللغة الكوردية في الإذاعة والتلفزيون في تركيا. حزب العمل الكوردستاني يطالب بالحكم الذاتي للأكراد في تركيا وله أجنحة مسلحة التي شنّت هجمات حرب العصابات ضد الجيش التركي. وقتل عشرات الآلاف من الناس في النزاعات بين حزب العمل الكوردستاني والجيش التركي، سواء المقاتلين والجنود. ومن الملاحظ أن كل الأكراد ليسوا أنصار لحزب العمل الكوردستاني. ومع ذلك، هؤلاء الأكراد في تركيا هم أيضا لا يدعمون ذلك الحزب بل طلبوا الاعتراف بهم كدولة لديها ثقافتها الخاصة ولغتها.

الدين والثقافة

تعتبر منطقة كوردستان، وخاصة الجزء الجنوبي الشرقي من تركيا منطقة محافظة. وتستند حياتها الاجتماعية على نظام العشيرة القديمة. الأكراد في المنطقة هم من المزارعين، وفقا لبعض الآراء، واحدة من الخصائص الأساسية للثقافة الكوردية هي العلاقة الحميمية مع الارض. معظم الأكراد يعتنقون الإسلام. حوالي 75 ٪ من الأكراد هم من المسلمين السنة. ومن الجيد أن تلاحظ أن هناك أنواع مختلفة من وجهات النظر حول الولاء والممارسات الدينية بين الأكراد. بعض الأكراد هم من المسلمين الشيعة، وبعضهم من المسيحيين أو اليهود أو الأكراد العلويين. الأقلية الصغيرة من الأكراد هم من الأيزيديين الذين يمزجون بين عناصر الديانة القديمة في بلاد فارس واليهودية والمسيحية والإسلام. وبشكل عام، الأكراد معتدلون ومتسامحون دينياً. على سبيل المثال، الصيام والتي ينتمي إلى الإسلام يربط الأكراد جميعا، لكن طوله يختلف حسب القناعة الدينية. الثقافة الكردية هي ثقافة مجتمعية، حيث يكون الأهتمام فيها منصبا على المجتمع أكثر من الفرد. الخلافات بين الناس قد تعطي سببا لأستبعاد فرد من المجتمع. ومع ذلك ، فإن الطائفية التقليدية مهددة بسبب التحضر. لقد نشأ أبناء العائلات التي انتقلت إلى المدن بدون دعم المجتمع وعاشوا في الفقر، والتي تظهر في التغييرات الثقافية. هؤلاء الأطفال نشأوا بدون مهارات والتنشئة التقليدية لمجتمع المدينة لم تعتمد قيمها.

الثقافة والعادات الأسرية

القيم العائلية التقليدية مهمة للشعب الكردي، والعلاقات بين أعضاء الأسرة قريبة وحميمية. العائلات الكوردية عادة ما تكون كبيرة والقليل من الاكراد يعيشون بمفردهم في الحالات الأستثنائية. الأسرة تتكون عادة من أشخاص أكثر مما يسمى بنواة الأسرة وفي كثير من الاحيان العديد من الأجيال تنتمي إلى الأسرة. الأتصال بالأقارب الذين يعيشون بعيدا ضيق تماما. يبقون على اتصال معهم ، على سبيل المثال، عن طريق الهاتف أو الكمبيوتر. وفقا للرأي التقليدي ، فإن الجنس ينتمي فقط إلى الزواج وليس لدى الأكراد مثل هذا القبيل قبل الزواج ، والمتزوجين لا يعيشون معا منفردين قبل الزواج. الحب المتبادل بيت الزوجين مهم لكن في التسلسل الهرمي يكون الرجل هو رأس العائلة. في المجتمع التقليدي وضع المرأة ومعيشتها تعتمدان كليًا علي الزواج ، والمرأة الغير المتزوجة لا تعتبر من البالغين. وفقا للإسلام ، يعتبر الزواج هو الوضع المثالي للجميع.

الزواج هو السبيل الوحيد للمرأة أن تدعم نفسها، لأنه لا توجد وظائف لها خارج المنزل والنساء لا يمتلكن الأراضي أو المواشي في المناطق الكردية. المرأة الطلقة أو الأرملة، ليس لديها احتمالات أخرى غيرالزواج ثانية، ربما كزوجة ثانية أو ثالثة لشخص ما. وفقا للإسلام ، تعدد الزوجات مسموح بها. ومع ذلك، ومن الناحية العملية فإن توفير عائلتين أو أكثر ممكن لعدد قليل فقط من الرجال الأثرياء. أسواق الزواج للأرامل محدودة، لأن الرجال لا يريدون عادة تبني أطفال لشخص آخر. لهذا السبب يجب على شقيق الرجل الميت الاعتناء بعائلة الأخ. هذا يعني في كثير من الأحيان أن الأخ يتزوج الأرملة إن لم يكن لديه أخوة، فتصبح الأرملة زوجة ثانية أو ثالثة أو رابعة لبعض الإخوة. الحياة الأسرية مهمة للأكراد، والعائلات لديها الكثير من الأطفال. العقم هو أسوأ ما يمكن أن يحدث لأمرأة كردية. فقط عدد قليل من سكان القرى النائية الفقيرة لديها المال أو إمكانية علاج العقم. وغالبا ما يسبب هذا العقم الطلاق أو الزوج قد يلجأ ليتزوج بأخرى.

الزواج ليس عادة مجرد طريق ذو اتجاهين في الثقافة الكردية. يمكن للشاب والفتاة عند العلاقة العاطفية أن يقرروا الزواج بأنفسهم ، ولكن فقط إذا وافقت كلتا العائلتين على ذلك. في النظام الأبوي ، يتم نقل الإمكانات الاجتماعية والاقتصادية والجنسية للمرأة من عائلتها إلى عائلة الزوج من خلال عقد الزواج. يدفع العريس مهر العروسة لوالد الفتاة. المبلغ أكبر من المعتاد إذا كان العريس أرمل وكبير في السن، أو تصبح الفتاة زوجة ثانية لشخص آخر. وفي بعض الأحيان تقوم العائلات بتبادل العرائس أي البدائل ولا يضطر أي جهة إلى دفع مهر العروسة بتاتا. غالباً ما يكون زواج المسلم قويا وراسخا، لكن يجب ملاحظة ذلك بأنه لا يجوز إجبار أي شخص بالزواج من شخص ما بالقوة ولكن يجب أن يكون القرار متبادلاً.

إن احترام كبار السن والضيافة أمر أساسي في الثقافة الكوردية. يميل الأكراد إلى أن يكونوا مضيافين وهو أحد المبادئ الأساسية لكل كوردي محترم. يحب الأكراد تسلية الضيوف والالتقاء بعضهم مع البعض الآخر للاحتفال بالمهرجانات التقليدية.

ومن أهم هذه المهرجانات هو مهرجان رأس السنة والذي يسمى بعيد نوروز. يتم الاحتفال به في 21مارس في جميع أنحاء كوردستان. كما يحتفل الأكراد الذين يعيشون خارج منطقة كوردستان بذلك. السلوك المحترم هو أيضا محور الثقافة الكردية. لا تسير الفتيات عادة بمفردهن خارج المنزل، فقط عندما يذهبن إلى المدرسة. ترتدي النساء ملابس متواضعة، مما يعني أن تغطى الأيدي والساقين على الأقل إلى المرفقين والركبتين ، ويفضل بأن يكون بشكل كامل. وفي المناطق الكوردية لا يتجول الناس وهم يلبسون الملابس المكشوفة، وعلى الرغم من أن الكثير من النسوة عادة لا يرتدون الحجاب. يجب على المرء التصرف حتى لا يفقد شرف العائلة. اان أهمية الأسرة والأقارب جزء من صورة الفرد وتلك الهوية تظهر في العديد من الأقوال والحكم المختلفة والتي تدل على الأقارب والقرابة في اللغة الكوردية. إنه من واجب الشباب الحفاظ على صورة الأسرة الشريفة وكسب عيشهم بطرق لائقة.

نموذج الكوردي في أوروبا

لقد أُجبر العديد من الأكراد إلى الخروج من بلدهم الأصلي. انهم يعيشون في وضع الأقلية في معظم دول أوروبا. أكتسب الشباب الذين يعيشون في الغرب التأثيرات من المدرسة والثقافات الرئيسية للبلد الذي يعيشون فيه. وقد تسبب هذا التناقضات بين مختلف الأجيال الكوردية. الانتقال من المجتمع الكوردي التقليدي الذي تكون فيه مصلحة العائلة من الأولويات وأمر مهم عندما تنتقل, على سبيل المثال، إلى الدول الاسكندنافية الحديثة. حيث بدأ العديد من الشباب في وضع مصلحتهم الذاتية فوق عائلاتهم بسبب النظام المدرسي الذي يجعلهم أكثر أستقلالية من ذي قبل. وقد واجهت العائلات الكوردية التي انتقلت إلى الدول الغربية ضغوطاً كبيرة نحو التغيير. لقد كان لدى مجتمع وثقافة بلدان الشمال الأسكندنافية الكثير من الوقت لتكيفهم مع التغييرات. الأمر الواضح أن الإنسان لا يمكنه القيام بنفس عملية التكيف في فترة زمنية قصيرة بل يحتاج المهاجرون ، ومثلهم الأكراد إلى تفسير مستمر لثقافتهم ودعمهم لتقييم مختلف أنواع الطلبات والتوقعات وهذا ما يساعد العائلات الكردية على إعادة تنظيم حياتهم في وضع جديد مع الحفاظ على ثقافتهم الخاصة بهم.

5-12-2018 – دهوك - كوردستان العراق

المقال على شكل: PDF في الملف ( باللغة الأنكليزية والعربية)