تاملات في زمن الوباء كورونا
تحذير خطيب في الجاهلية
هذا تحذير من قس بن ساعدة الإيادى أشهر خطباء الجاهلية لكافة الناس:
أَيُّهَا النَّاسُ ( وأقصد بهم أولئك الذين تمادوا في غيّهم وأستهتروا في عدوانيتهم وتطاولوا في عنجهيتهم على الأمم والشعوب المظلومة قاطبة) اسْمَعُوا وَعُوا ( لأن سمعهم كان ثقيلا عند الأصغاء الى شكاوي العالم من تصرفاتهم البذيئة وسلوكهم المشين وتوجهاتهم المقيتة ولم يصل مستوى الوعي والأدراك عندهم لِتفهّم ما لهم وما عليهم مما حدا بدرجة الغباء عندهم حين نالوا من شعوبهم عندما جلبوا الأيذاء لهم رُغم انهم حاصلين على أعلى الشهادات وفي كافة المجالات والمناحي العلمية, وأدى بهم الأمر لعدم الأكتراث بحقوق الغير ولم يدركوا بأن يوما يأتي تظهرسلطة في الكون تفوق سلطتهم ويذعنون للأمر الواقع المميت). مَنْ عَاشَ مَات ( ولم يكن في حسبانهم بأن الموت قادم أليهم لا محالة والعيش يصبح جحيما لا يطاق وجنت على نفسها براقش حين جلبوا لنا من كل فج داعش حيث أمتد طغيانه وجرائمه من العراق حتى وصل مراكش). وَمَنْ مَاتَ فَات ( والذي يموت بهذا الفيروس المصطنع الدقيق لا يظن أبدا بأن الأمر فات بل يتعدى أبعد من ذلك الى وراء الممات وينال جزائه العادل المحتوم عند الله). وَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ آت (هيهات هيهات من الأتي الذي تكهن به جل بيتس بأن الأسوأ قادم لا محالة وتوعد بأن العالم مقبل نحو كارثة أنسانية ومأساوية وسببها أهل الضلالة لأنهم أصبحوا على شعوبهم عالة). مطر ونبات وأرزاق وأقوات وآباء وأمهات وأحياء وأموات جمع وأشتات ( لأنهم أمطروا البراميل الحارقة على المدنيين وأشعلوا النبات الأخضر واليابس وحرّموا الناس من أقواتهم وقتلوا وعذّبوا الأباء وتركوا الأمهات ثكلى يعيشون بين الحياة والموت وجمعهم تفرّق وأصبحوا نازحين بين الدول في الشتات). لَيْلٌ دَاج، وَنَهَارٌ سَاْج، وَسَماءٌ ذَاتُ أبْرَاجٍ، وأرض ذات فجاج، وبحار ذات أمواج ( لقد أصبح نهارهم ليل حالك وليلهم موت هالك, والسماء فوقهم غير سالك وأرضهم يعيث فيه الغربان ويقذفهم البحرالمتلاطم ويبلعهم الحيتان). ومهاد موضوع، وسقف مرفوع (و أصبح أرضهم المستوية مسرحا للغرباء ومرتعا للدخلاء وملعبا للسفلاء ولم يعد لهم سقف يقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء خيمة مهلهة في العراء وسلة غذاء من منظمات الأغاثة التي غابت عنها الحياء). ونجوم تَمور، وبحار لا تغور وَنُجُومٌ تَزْهَر، وَبِحَارٌ تَزْخَر( يعيشون تحت ضوء النجوم والنار يحوم حولهم كالبحر المسجور). إِنَّ فِى السَّمَاءِ لَخَبَراً، وإِنَّ فِى الأرضِ لَعِبَراً( هذا ما وعد به السماء حين رُفعت أكفهم مستغيثة بالدعاء وبعث لهم الخبر السار مع الفلك الدوار هذا الوباء البتار ليكون عبرة لمن أعتبر الذي أستقوى وتسلط وتجبر). مَا بَاْلُ النَّاسِ يَذْهبُونَ وَلاَ يَرْجِعُون؟!(من مات بهذا الوباء ذهب ولم يعد لأنهم أستخفوا بقدرته وأستهتروا بصغره وسخروا من فعله). أرَضُوا فَأَقَامُوا، أمْ تُرِكُوا فَنَامُوا؟ ( لا لقد أرغموا في الحجر والعزل ومنعوا من التجول والتحول,"وَتَرَى ٱلنَّاسَ سُكَٰرَىٰ وَمَا هُم بِسُكَٰرَىٰ وَلَٰكِنَّ عَذَابَ ٱللَّهِ شَدِيدٌ). تباً لأرباب الغفلة من الأمم الخالية والقرون الماضية (والحاضرة والقادمة والآتية). يا معشر الناس, يا مَعْشَرَ الوسواس الذي أغواهم الخنّاس:أيْنَ الآبَاءُ والأجْدَادُ؟، وأيْنَ الفَرَاعِنَةُ الشِّدَادُ؟، أَلَمْ يَكُوْنُوا أكْثَرَ مِنْكُم مَالاً وأطولَ آجالاً؟، طَحَنَهُم الدهْرُ بِكَلْكَلِهِ، ومزَّقَهم بتطاوُلِه.. لقد أقسم (القس) بالله قَسَماً لا إثم فيه إن لله ديناً هو أرضَى لكم وأفضل من دينكم الذى أنتم عليه، إنكم لتأتون من الأمر منكراً». أليس خطبة قس بن ساعدة الإيادى ما ينطبق على واقعنا الأليم الآن يا معشر العقلاء والجهلاء؟!!!
22-3-2020 – دهوك- بقلم أحمد علي حسن
فوائد ومضار وباء كورونا
كل شىء في حياة البشر أكان ماديا أو معنويا مرئيا أم مخفيا يعتبر سلاحا ذو حدين له فوائده ومضاره في آن واحد. منذ الأزل وضع البشر عنصر الخير والشر نصب عينيه وذلك من خلال أستخدام الأمكانيات المتاحة لديه لتحقيق مآربه الشخصية أو الجماعية بأتجاه الأعمال الجيدة أو السيئة حين لجأ الى أبتكار الوسائل والسبل التي توصله لتلك الغايات والأهداف ومنها في أختلاق أنواع من الأوبئة الجرثومية والفيروسات القاتلة. وهناك الآلاف من الأمثلة لا مجال لذكرها هنا لأن تأثيراتها كان مناطقيا أو محليا ولم يرتقي بأن يصبح وباءً عالميا كفيروس كورونا الجديد بالتحديد. وفي كلتا الحالتين فتلك الأوبئة القديمة والحديثة التي تفشت بين المجتمعات كانت لها آثار أيجابية وسلبية على مستقبل االأنسانية. وقد قالها العرب من قبل:"رب ضارة نافعة" والقول المستجد على كورونا هو"رُبّ جائحة جامعة". و"مصائب قوم عند قوم فوائد".
فهذا الوباء الجديد الذي عمّ العالم بأسره من المشرق الى المغرب وأفرز أضرارا جسيمة على البشرية أكانت صحية وأجتماعية وأقتصادية ونفسية وأودت بموت الآلاف وقد يتعدى الى الملايين. فتفشي هذا الوباء وبهذا الشكل المخيف والمرعب ينذر بأن العالم مقبل الى نهايته إن لم تتكاتف الجهود العالمية ومن جميع النواحي للحد من أنتشاره والسيطرة عليه في المدى القريب العاجل وبكافة الأمكانيات المتاحة لدى الجميع.
مضار هذا الوباء العالمي كثيرة لا تعد ولا تحصى ولا مجال لذكرها لأنها باتت معروفة وواضحة لدى الجميع قياسا الى فوائده المحدودة وعلى سبيل المثال لا الحصر: نظافة الجو من انبعاثات ثانى أكسيد الكربون والغازات المنبعثة من المعامل والمصانع الشبه المتوقفة - أنتشار الوعي الصحي لدى كافة طبقات المجتمع- الأفراج عن بعض شرائح المحكومين والمعتقلين من السجون بصورة مؤقتة - أستبدلت معظم النشرات من أخبار الحروب والأغاني والبرامج الترفيهية والمسابقات الى ما يفرزه نتائج الفيروس يوميا - أزداد التقارب الأسري والعائلي- توجيه العسكر للمشاركة في خدمة المجهود الطبي والأنساني بدلا من الحروب وقتل البشر- التعاون الدولي في خدمة الطب من خلال الأبحاث وصنع الأدوية واللقاحات - تخصيص الأموال التي نهبت من ثروات الشعوب المستضعفة لخدمة متطلبات الأنسانية الآنية- الرجوع الى الله ومد يد الخير الى المحتاجين والمصابين - تكشّف لمعظم رؤساء الدول الكبرى مدى ضعفهم مقابل هذا المخلوق الغير المرئي- غيرت كثير من العادات والتقاليد والسلوكيات الخاطئة بأخرى جيدة وصحيحة- أنكشفت أغلب النواقص والعوز الناجم في المؤسسات الخدمية والصحية والأقتصادية ووجدت لها بعض الحلول الآنية- توجهت النوايا من فعل الشر نحو عمل الخير.
وحين شن هذا الفيروس الغير المرئي حربا عالمية على كافة دول العالم وجعل الجميع التفكير بالمستقبل والنهوض بأممهم نحو حياة أفضل بعيدا عن خلق الحروب والأزمات وهو الخيار الوحيد لتجنب الكوارث والويلات وهذا غيض من فيض والقادم يبشر بالكثير لو تم السيطرة على هذا الوباء وأتعظ من تأثيره أصحاب القرار ومراكز التحكم بالسوق التجارية العالمية ويكون هذا عبرة لهم ومن يأتي من بعدهم من جراء فشل سياساتهم الخاطئة تجاه العالم أجمع. فعلى الجميع الأستعداد وتوحيد الجهود لخوض المعركة مع الفيروس لأنه قادم كالأعصار نحو الجميع والتهيأ لمحاربته والحد من فعاليته قبل أن يتفاقم تأثيراته لأنه يشبه العاصفة الهوجاء لا يبقي ولا يذر.
31-3-2020 – دهوك -أحمد علي
دوري كورونا للألعاب لكافة القارات
قررت لجنة الفيفا أقامة دوري للفرق الطبية للقارات لمعرفة مدى قابليتهم العملية وجاهزيتهم المادية والنفسية لمواجهة أخطر الأوبئة فتكا وأنتشارا. وأُطلق الفايروس مع أنطلاقة صافرة الحكم الأمريكي في ملعب ووهان الصينية والتي تخللها مسيرات من كافة القارات لأطفاء جوا من البهجة والسرور عند الأفتتاح. وفي الشوط الأول عانى الفريق الصيني من هجمات الوباء وضل يدافع بضرواة شديدة وتمكن قبل أنتهاء الشوط من درء الخطر عن مرماه لأنهم طبقوا خطة مدربهم وبشكل حرفي ألا هو السيطرة على أنفسهم لأنه كان من الصعب السيطرة على أنتشار العدو الغير المرئ. وبعدها أنتقل عدوى الفايروس الى الملعب الأوربي كي يبدأ الشوط الثاني وبعنف ولكن أسباب عديدة جعلت الأمور تخرج عن سيطرة المدربين المحنكة وفشلهم في أداء مهمتهم على أحسن وجه: مثل الأستخفاف بقوة العدو الهجومية وعدم أتخاذ التدابير اللازمة الآنية والخطط المستقبلية وفُتحت كافة الثغرات أمام المد الخارق للخصم العنيد من التوغل نحو المرى وأنهاك المدافعين مع حراس المرمى من تحمل وابل من الأهداف الغير المبررة وعقب المباراة صرّح معظم رؤساء الأندية الدولية بأنهم سبب التقصير أمام شاشات التلفزة وتبجحوا لجمهورهم بالبقاء في بيوتهم ومشاهدة الأشواط الأضافية في القارة الأمريكية الى حين الأهتداء لخطة بديلة ناجعة وأيجاد مصل جديد لحقن اللاعبين المنهكين لأسترداد قوتهم وعافيتهم. يا للهول لقد دخل العالم كله في حالة الطوارئ القصوى وأخذ قادة الفرق العظمى بالبدائل المتاحة وأوقفوا تصنيع جميع انواع الأسلحة التدميرية والتسابق النووي وصبوا كل أهتماماتهم لصنع الأقنعة والكمامات الواقية والمضادات الحيوية والأخذ بتوعية جمهورهم بالبقاء في البيوت لأن المباراة النهائية قد تأجلت الى أشعار آخر لكون الملعب الرئيسي قد تحول الى مستشفى بديل لأسعاف المصابين جراء الهجوم الغادر من قبل الفيروس القاتل المميت والكل في حالة ترقب وأنتظار الى ما هو قادم وكيف تؤول نتيجة المبارزة النهائية. أعزائي المدربين لا ندري هذا الفخ الشائك نصبه من ولمن ومتى وكيف ولمذا؟ أستفهامات عريضة سيكشفة القادم من الأيام بعد أن يقضى الفيروس على أكبر عدد من البشر ولعله يصبح عبرة لمن أعتبر.
24-3-2020 دهوك – بقلم: أحمد علي
فيتو كورونا في المحافل الدولية
فيتو: النقض عند العرب
نرچ: فیتک: الأمتناع عند الكورد
Vito: الأعتراض عند الأوربيين والأجانب
الصمت: عند فيروس كورونا
حق النقض أو الفيتو وهي كلمة لاتينية تعني"أنا أمنع" أو " أنا أعترض". هو حق من أجل إيقاف عمل رسمي من طرفٍ واحد. وهو حق الاعتراض على أي قرار يقدم لمجلس الأمن دون إبداء أسباب، ويمنح هذا الحق لأعضاء الخمس دائمي العضوية في مجلس الأمن، وهم:(روسيا – الصين – المملكة المتحدة – فرنسا – الولايات المتحدة الأمريكية). وبكلمات أخرى (حق النقض أو الفيتو أو نرچ هو بكل بساطة أن أي دولة من هذه الدول يمكنها إلغاء أي قرار للأمم المتحدة بدون أي مبررات أو أعذار للرفض حتى وإن تمت الموافقة عليه من الدول الأعضاء الأخرى). يستطيع الأعضاء الخمسة الدائمة في مجلس الأمن من استخدام هذا الحق فقط، وقد اتفق بأنّ هذه الدول فقط في حال إدلائها بصوت سلبي في مجلس الأمن المؤلف من خمسة عشر عضواً فإنّ القرار لن يتمّ الموافقة عليه، لقد مارست جميع الأعضاء الدائميين هذا الحق من وقتٍ لآخر رُغم أحقية ومشروعية تلك القرارات المقدمة من أطراف دولية من الوجه القانونية والشرعية. لذا لقد أطلق البعض على هذه الممارسة الشاذة والمقيتة والباطلة تسمية البلطجة السياسية.
وردا على هذه الممارسة المجحفة بحق الدول الأخرى قدم الضيف الجديد الثقيل(كورونا) ممثلا دائميا كعضو جديد في مجلس الأمن نيابة عن باقي الدول المهمشة وليفرض نفسه ويأخذ زمام المبادرة منهم للتحكم بكافة القرارات الدولية والمحلية آنية ومستقبلية. وأستطاع أن يشل حركتهم الفعلية من أتخاذ ما يمكن عمله تجاه التغيّرات الذي أحدثه هذا القادم الجديد في بنية النسيج الدولي وحوّل وجه العالم بشكل جذري ومخيف بين ليلة وضحاها نحو الأسوأ. فبكل هدوء ومن دون أية ضجة: يعترض على سياسات قادة الدول ويمنعهم من أتخاذ القرارات الصائبة تجاه الأزمات التي أختلقوها هم بأنفسهم, ويفرض عليهم شروطه ولا يقبل منهم الرفض بتاتا, ويوقف مشاريعهم المستقبلية ولا يوافق على خططهم الجهنمية في تدمير البشرية, ويجعلهم يرضخون لأوامره ويخضعون لسلطته ويذعنون لتأثيره في كافة مناحي الحياة مما جعلهم يهتمون بصنع الأقنعة والكمامات وأجهزة التنفس والألبسة الواقية عوضا عن التفكير بتطوير الأسلحة الفتاكة في الوقت الحاضر. سبحان الله يا مقلب الأمور والأحوال هذا الجندي المجهول الضعيف يأتي خلسة ويتربع على أعلى الهرم ومن دون نقاش وجدال يأمر بسد حدود دول العظمى لا أعتراض عليه ولم يمنعه أصحاب حق النقض حين ظهر الزائر الجديد في مقاطعة ووهان الصينية ودخل عنوة البنتاكون والبيت الأبيض وتمشى في الشانزليزي بكل حرية وعرّج على قصر بكنكهام وزار الأمير في عقر داره وجلس على الأريكة في الكلرملن وفرض حضر التجوال في المدن وحبس الناس داخل البيوت وغلق جميع الأماكن العامة والخاصة ووقف التجارة وحركة التنقل من السيارات والطائرات والبواخر والأساطيل الحربية كلّ هذا ولم نسمع أي فيتو لا من كبيرهم ولا صغيرهم وألزم الجميع بالقيام بأفعال لم يألفوها من قبل. هذا هو فيتو كوفيد تسعة عشر الذي لا يعلو صوت فوق قراره واليوم له الحق أن يصبح الوحيد الأوحد بأستخدام حق النقض والأعتراض بوجه الدول الدائمة العضوية من أتخاذ أية قرارات مخجلة بحق شعوب العالم.
2020-4-1 – دهوك – أحمد علي
أمراض البشر العضوية والنفسية
هناك أنواع من الأمراض التي تصيب البشر منذ الخليقة والى حد الآن. ويمكن تصنيفها الى نوعين بغض النظر عن التفرعات لها وهي إما جسدية عضوية أو نفسية من حيث المفهوم العام الأعتيادي لدى العامة. وتعزى الأمراض النفسية إلى خلل وظيفي في كيمياء المخ يظهر بعد الولادة بسنوات إلا أن الوراثة تلعب دورا كبيرا في بعضها، والغريب في أمراض النفس تنوعها الواسع مابين الانطواء والاكتئاب إلى الوساوس والهستيريا، إلى درجات متفاوتة من العدوانية والتخريب. النفس تمرض كالجسد بل أمراضها أصعب من أمراض الجسد وهي تحتاج لعلاج ودواء. فالنوع الأول مهما كانت الأسباب التي أدت الى المرض أو العاهة وهي كثيرة ومتنوعة يكون مصيرها إما للشفاء التام نهائيا أو يقع صاحبها طريح الفراش لمدة طويلة أو يؤدي بالمرء الى الوفاة لا محالة. ولكن النوع الثاني النفسي أكثر خطورة وأشد إيلاما من الأول لأنها تلازم المصاب به ولا تفارقة مدى الحياة وقلما يستطيع الأقلاع عنها ويكون شفائها صعبا على الأطباء, وهي متنوعة وأبرزها وعلى سبيل المثال: الحسد الذي يقتل صاحبه ليل نهار, الطمع يجعل حامله دوما نهما جشعاً جائعاً لا يشبع مهما أكتسب ونال, الأنانية يحب ذاته ويتعالى على الآخرين ولا يحب الخير لغيره, الغيرة بمفهومها العام هي كراهية الأنسان لغيره من دون وجه حقّ له عليه وقد يكون هذا الشخص مدركًا أو غير مدرك بما يفعله وقد يبديه للآخرين أو يضمره في مخيلته وهو شرَ البلاء وأعظم من الداء من الشفاء، الحقد الذى يصيب الكثير من النفوس الضعيفة، فالإنسان يتعرض لأن يُحقد عليه أحد على شيء ما يمتلكه بيده وليس بيدى حاسده ويجعله منهجا في حياته، فهنا يكون شعور الحقد شعورا مرضيا يلازم هذا الإنسان طوال حياته ولا يفارقة الى مماته, والتكبر أو داء الكبر مصدره الأنا الجاهلة العالقة بالنفس وليس هناك من هو أجهل من الأنسان المتكبر بحقيقة نفسه. فهذه الأمراض النفسية المقيتة والسلوكيات الشاذة والطبائع الغريبة والتصرفات الغير العقلانية أوبئة متفشية في بنية الأشخاص النفسية لا يستطيعون الفكاك عنها مهما حاولوا أو فعلوا وقد أصبحت علّة العلل عندهم لا مناص منها وتبقى معهم حتى يوارون في ثرى رمسهم. وقول الأمام البصيريخير دليل على ذلك:"والنفس كالطفل إن تهمله شب على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم".
4-4-2020 – دهوك – بقلم احمد علي
من هو أخطر لص في تاريخ البشرية؟
لو أعتبرنا جميع الأشياء في الطبيعة سلاح ذو حدّين لا اكثر, فالأول حد نافع والآخر ضار وهذا ما ينطبق على جهاز الموبايل رُغم تعدد فوائده ولكن مضاره يفوق الى حد كبير على حياة الأنسان الآنية والمستقبلية. من المعروف والمتعارف عليه لدى الجميع ومنذ الأزل ولحد الآن بأن السرقة تحدث وفي أكثر الأوقات في الليل وفي جنح الظلام ومن دون أستئذان ومن دون علم أصحاب الدار ويكون الضرر جزئيا وموقعيا وقلما يتعدى على الآخرين. ورغم تعدد أنواع اللصوصية وأساليبها وطرقها ولكن مجالها ضيق في قلة من الناس وفي أماكن محدودة ويكون تأثيرها في معظم الأوقات ماديا وقلما يصبح معنويا وجسديا على نطاق واسع. ولكن أخطر لص محترف ظهر على هذا الكوكب وبتقنية عالية في هذا العصر وفي تاريخ البشرية جمعاء هو الموبايل أو الهاتف الجوال وبكافة أنواعه وأجياله المتعاقبة المرغوب المحبب من الأغلبية والمكروه المقزز من الأقلية. هذا الزائر الظاهر الخفي يدخل البيوت والجيوب ملىء أرادتنا ورغباتنا والغريب العجيب أننا نحن من أدخله إلى بيوتنا وحياتنا فسرق منا كل ما هو جميل وهو بين أيدينا و تحت أنظارنا يفعل ما يشاء ويسرق منا ما يريد ويطلب المزيد ونحن له صاغرون والجميع من مضاره حائرون ومعه على الدرب سائرون الى يوم القيامة وحين يُبعثون.
هذا السارق سرق منا الآتي من خلال معرفتنا به أو ما نجهله عنه ويُخفيه عنا:
يسرق المال ( من شراء الجهاز ومتعلقاته وتصليحه وخدمة الأنتريت الباهضة الثمن)
يسرق الصحة ( الأمراض المترتبة من الجهاز وآثاره الجانبية على مجمل أعضاء الجسم النفسية والعضوية)
يسرق الوقت ( يضيع معظم وقت الأنسان بأشياء تافهه لا قيمة لها ومن دون فائدة تذكر)
يسرق العمل ( يدفع الشخص البالغ والطفل على الكسل والأهمال وعدم السعي والحركة)
يسرق الصحبة ( يقلل الألفة والمحبة بين شرائح المجتمع عائليا وأجتماعيا)
يسرق العلاقات ( يقطع صلة الرحم بين الأهل والأقرباء والجيران)
يسرق الأعزاء ( يكون سببا وجيها وطرفا رئيسيا في الفراق والطلاق والمشاكل الأسرية)
يسرق الطاقات ( يساعد على الخمول ويقلل الجهد المبذول في الأنتاج)
يسرق السعادة ( يقضي على التواصل والتقارب ويقف حائلاً بين أوقاتنا السعيدة)
يسرق العقول ( يدفع المخ بأتجاه الضعف والوهن وعدم القدرة على التفكير والأبداع الصحيح)
يسرق المهارات ( يعلمنا االمتعة في الألعاب النظرية ويجنبنا القيام بالألعاب المهارية والبدنية)
يسرق الحياة ( كثير ما يكون سببا مباشراً لموت صاحبه والمقابل في حوادث السير على الطرق)
وقائمة السرقات تطول وتتطور مع مرور الزمن ولا أحد يتكهن آثارها ونتائجها المستقبلية والى أي مدى يتحكم بنا ويدخل صميم خصوصية حياتنا الفعلية والعملية. فالسؤال المطروح هل هذا السارق الماهر يستطيع التغلب علينا ويسيطر على أفعالنا ومقدراتنا أو نحن نتمكن من التحكم به والسيطرة عليه وترويضه وفقاً لأهوائنا ومصالحنا وبشكل نستطيع أن نقلل مضاره ونزيد من منافعه وفوائده؟
18-1-2021 – دهوك – احمد علي
البابا وثوبه الناصع البياض
لا أدري من أين أبدأ ؟ هل أستهل من نقطة الصفر الذي نحن فيه الآن من المآسي؟ أم أعرج بعيداً نحو السنين العجاف من الغزو البربري على العراق؟ أم نوايا وخفايا الزيارة والمقاصد من ورائها؟ فمهما كانت الغايات المعلنة والمبيتة من الزيارة فلن تغيير من الأمر شيئاً بل قل سيزيده سوءً فوق سوء, وبلاءً فوق البلاء والأبتلاء والجروح العميقة. هل زيارة البابا وفي هذا الوقت العصيب الحبلى بالصراعات الداخلية والخارجية على أرض الأنبياء جاءت لحلها بعصا سحرية پاپویە وبتوجيه فوقي أو بفتوى مرجعية أو سنية أو بفرمان كوردي ملون بكافة أطيافه؟ أم هل جاء البابا لذر الرماد في عيون العراقيين ويزيد في الطين بلة ويكثر من عللهم عِلّة أضافية تزيد في الجرح عُمقا؟ هل صحى ضمائرهم من سباتهم العميق حين أغمضوا أعينهم وعلى مدار الحقب الفائتة من القتل والتشريد والأبادة الجمعاء؟ أين كنتم وماذا فعلتم لوقف النزيف العراقي الذي سال من أقصاه الى أدناه؟ أم تماديتم في غيّكم وسكتم في دهاليزكم "صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ"؟ مجيئك يا بابا مرتديا ثوبك الناصع البياض والشعب بأجمعه موشح بالسواد والوان ملابسهم تفوح منه رائحة البارود والرماد والبقية الباقية مقيدة في السجون بالأصفاد تنتظر منك الفرج إن لم يكن لديك من ندائهم أي حرج. فكن جريئا يا بابا بما فيه الكفاية كما فعل نبيك الذي جئت من أجله ونبي الأنسانية جمعاء النبي( أبراهيم, أبرهام, برهيمو أو برهو عند البعض) فلا ضير من التسميات ومن يكون بل الأهم هو أن تقتدي به وتقف بكل صلابة بوجه الطغاة كما فعلها أبراهيم الخليل بوجه أكبر طاغوت في تاريخ الأنسيانية ألا هو( نمرود) المتجبر المتكبر الذي أدعى الربوبية والألوهية وتصدى له أبراهيم بقوة ايمانه ووسائله البسيطة وكان الله في عونه وسلط عليه أضعف خلقه ليكون عبرة لمن يعتبر من الطواغيت. فهل بمقدورك فعل ذلك؟! أم هي بروتوكلية لا غير؟ أو لأسقاط الفرض عنك؟ أو أو أو والواوات في انتظار الجواب المقنع الشافي! أم يستمر معاناة شعب بأكمله عارٍ وجائعٌ وحافي!!!
8-3-2021 – دهوك – أحمد علي حسن