تغيير مقولة مغلوطة من:
"مَنْ دَخَلَ الكِندي تَخَرّجَ جُنْدي"
الى:"طالب الكندي في الدرس دوماً مرفوع الرأس”
وباللغة الكوردية الفصيحة والبليغة والرصينة:
"قوتابیێ کندی تو هەرێ سەر بلندی"
أُشيعت هذه المقولة السخيفة في أوساط الطلبة والأساتذة آنذاك في الموصل وأخذت بالأنتشار على ألسنة الناس من علم أو قصد أو دون فهم. لأن في حينها كانت نسب النجاح لأعدادية الكندي في البكلوريا متدنية وقياسا على هذا الأمر الغير المنطقي أُطلقت هذه المقولة لتصبح مثلا سائرا يضرب بين الحين والآخر هنا وهناك وكنت أسمعها من بعض الناس والمدرسين الأفاضل ذوي السمعة الجيدة عن دراية أو نكاية بالمقابل أو من باب السخرية والتهكم والأستهجان. أحيانا كنت أكتمها عن مضض ولا أبوح بها طبقا للظرف أو لأسباب أخرى لكن وفي أغلب الأوقات كانت تستفزني وكنت أواجههم بقوة ويأتي مني الرد العنيف واللائق في محله وأسكتهم بالحجة والبرهان والدليل القاطع. وكنت أقول لهم طلبتنا من العوائل الشعبية الفقيرة البائسة وأكثرهم يعيلون ذويهم ويعملون بعد أنتهاء الدوام في مختلف الأشغال يبيعون السكاير تارة أو يدفعون بعربة المخضرات تارة أخرى أو يفرشون الأرض ويبيعون الحاجيات البسيطة أو بيع الغاز والكاز وما شابه من أبواب الرزق الشريف. وكانوا يجرون النهار مع الليل متعبين ومنهكين يكسبون لقمة العيش الحلال فكيف بهم أن يوافقوا بين دراستهم على الوجه الأكمل وبهذا الشكل المأساوي ويحصلون على درجات عالية مقارنة بأقرانهم الآخرين. فوجه التقارب بينهم والمدارس المتفوقة أبناء الأثرياء قسمة ضيزى لا يقبلها عقل ولا يرضى بها أنصاف وبكل تأكيد ضرب من الأجحاف بحقهم فهذة الحجة الدامغة كانت بمثابة صفعة في وجوههم أوجع من قبضة اليد القوية على البطن من ناحية التأثير على المقابل الفطن. وفي أحدى اللقاءات مع المشرف التربوي المرحوم (أدهام عبدالعزيز) وفي نفس السياق الآنف الذكر أكد للحاضرين وبكل جرأة وبنكهة السخرية والأزدراء ما مغزاه: لينقل ملاك الكندي الى أعدادية الشرقية ويحل محله الآخر في الكندي وعلى شرط أن لا يدرسون أولئك الطلبة المادة المقررة بل يكتفون بتوجيههم فقط لا غير حينئذ سوف تشاهدون الفرق الشاسع في الحالتين واللبيب بالأشارة يفهم من المفصد والمرام مما أقول". وأضاف أيضا بأن" درجة الخمسين في الكندي يعادل التسعين في المدارس الأخرى للأسباب المذكورة سابقا". صدقت يا مشرفنا المنصف والعادل رحمك الله لقد أعطيت كل ذي حق حقه وأبطلت أدعاء الآخرين المرائين ونسفت المقولة من جذورها وخير دليل على ذلك هذه الكوكبة الخيرة المتواجدة في هذه المجموعة النيرة من خريجي الكندي للأعوام السابقة هم من نتاج عرق الجبين والعمل الشاق والمضني الذي أوصلهم الى المناصب العليا والأماكن القديرة في المجتمع نحن كمدرسين نفتخر بهم دوماَ وأبداَ وعليهم أن يتباهون بأنفسهم لأنهم ثمرة كفاح شاق ونضال ذاتي دؤوب ولدوا من رحم المعاناة والمكابدة الفعلية وهم أهلٌ لها وردهم بتلك الكلمات المفعمة بالود والثناء على أساتذتهم بهذا الشكل الرائع والجميل ما هو إلا تقدير وأحترام للجهود التي بُذلت تجاههم ونحن بدورنا نكنُّ لهم خالص شكرنا وامتناننا وفقهم الله بما فيه الخير والعطاء الدائم لخدمة الوطن, فلكل مجتهد نصيب, ومن يروم نحو العلا أبداَ لا يخيب, ويتلقى المكان المهيب.
16-6-2020 – دهوك – احمد علي