جذور الحرب والقتل والأبادة بدأت من الكهوف و مرورا الى الحضارة الإنسانية الحديثة
مقدمة
يمتد جذور الصراع من أجل البقاء الى الأزمنة السحيقة من عمر البشر على هذا الكوكب حيث بدأ العيش في الكهوف حياة بدائية وأستمر الى وقتنا الحاضر حيث النمو الأقتصادي والرفاه البشري في أعلى مستواياته. ولقد تنوعت تلك الأساليب القمعية من القتل والأبادة أشكالا عدة من حيث أستخدام الألات والأدوات الأكثر فتكا والأيقاع بأكبر عدد ممكن من البشر في آن واحد. ويعزو عدد متزايد من علماء الاجناس والاحياء وباتوا يؤمنون جزما بأن القتل والحروب انما هي شيء محفوظ في بنية الدماغ البشري، الاداة الاكثر فعالية لفعل الخير وأرتكاب الشر.
ويعج التاريخ البشري بالكثير من الأحداث المؤلمة والدامية، التي عصفت بالبشرية من كافة الجهات من كوارث طبيعية وأوبئة وحروب مسعورة لا حدود لها, حروب لم تفرق بين الحجر والبشر وخلفت وراءها الخراب والدمار والعنف وملائين الضحايا، وسرقت من البشرالشيء الكثير من صفاتهم الإنسانية والروحية، وحفرت في ذاكرته الإنسانية ألما ًبعيد المدى لا يمكن لأجيال عايشت بعض تلك الحروب أن تنسى أو تتناسى الألم الذي تسببت به تلك الحروب المأساوية الدموية، التي نشبت في معظمها لإرضاء أطماع الدول والشعوب على مختلف أوجهها, والغريب أن الإنسان مازال يحيى على الحروب الشيء الذي يدعوا أحيانا ً للتفكير في التكوين البشري وأطماعه اللامحدودة.
واذا لم تكن اعتبارات التنافس وعواطف الخوف والانتقام التي تدفع الناس الى الحرب، قد تغيرت تغييرا يذكر خلال آلاف السنين، فان احجام الجيوش المتصارعة ونوعية الاسلحة المستخدمة قد تغيرت بصورة مذهلة. واذا كانت هذه التطورات قد جعلت الحرب ظاهرة كارثية وتدميرية في آن واحد، فانها لم تكن كلها شرا. فالامم الكبيرة والقوية تستطيع قمع العنف داخل حدودها والتمسك بزمامها والتعايش مع جيرانه بأمن وسلام.
لقد بدأت فكرة القتل عند الرجل الأول من سكان الكهوف بأدوات بسيطة مثل حواف الحجر والصوان للدفاع عن النفس من الحيوانات الشرسة من حوله ومن ثم من بني جنسه لأن البشر مدفوعون لقتال بعضهم بعضا بنوازع المنافسة والخوف والغرور مما أدى الى أبتكار أساليب أخرى أكثر فتكا ودموية بأستخدام السيف والرمح والفؤوس والقوس والنشاب وما شابه ذلك من أجل البقاء والديمومة في الحياة ومعززا فكرة البقاء للأقوى.
وبعدها أخذت الحروب تأخذ منحى آخر وجديد حين أزداد أعداد البشر وأتسعت حاجاتهم وسبل العيش لديهم والرغبة في أمتلاك المساحات الشاسعة من الأراضي والأستحواذ على الغير والأستفادة من خبراتهم في أعمال البناء وأدامة وسائل الحرب. فان معظم آراء العلماء ينسب الحرب الى الطبيعة الانسانية، ويعزوها الآخر الى التربية، وتمتد جذورها في الماضي حتى عصر الاغريق وما بعده، وكان الفايكينغ هم اعنف الاجناس في اوروبا واكثرهم بشاعة وحتى قصصهم عن انفسهم كانت تقطردما. ومن ثم جاءت الحروب الصليبية ومعضمها كانت دوافعها أقتصادية بمسحة دينية بالدرجة الأولى. والفتوحات الأسلامية من أجل نشر الدين وكسب الغنائم شرقا وغربا والأخذ بالثأر من طرف زحف جيوش المغول والتتار نحو الشرق والتنكيل بالبشر والأبادة الجماعية وأتباع أسلوب الأرض المحروقة برمي جثث أعدائهم وموتاهم في المياه والأنهر بغية القضاء على أكبر عدد من الناس والتخلص منهم. اذن اللجوء الى الحرب يكون في بعض الحالات المعقدة علاجا لحالة مرضية خطيرة تهدد مصير وبقاء دولة ومجتمع وأمة بأكملها. ودائما الانطباع حيال الحروب على انها بشعة ومأساة لكنها بالنسبة للمنتصرين هي اعراس ومناسبات مفرحة في نفس الوقت.
وفي حقبة الأستعمار القديم والتي بدأت من قبل الدول القوية بالسيطرة على الدول ألأخرى الضعيفة لاستغلال ونهب جميع مواردها وثرواتها الطبيعية، منذ بداية القرن السادس عشر بدأ الفكر الاستعماري يظهر على السطح الأوروبي، وتحديدًا بعد طمع دول أوروبا في السيطرة على دول إفريقيا وأمريكا اللاتينية وأستراليا وأسيا، وأوجده الانفتاح الأوروبي على دول العالم الخارجي بهدف الاستيطان، وتوسع هذا الفكر الاستعماري مع ظهور الثورة الصناعية في أوروبا وظهور النوع الجديد والمتمثل بتصريف المنتجات الأوروبية بالأسواق الخارجية وأيضًا البحث عن الموارد الطبيعية لتنمية الصناعات المحلية، وقامت الدول الأوروبية باستعمار الكثير من البلاد العربية خاصّة الدول التي تحتوي على البترول والغاز الطبيعي والموارد الأخرى. وكانت أهدافهم سياسية ودينية تبشيرية وثفافية وعسكرية بهدف إبراز مدى قوتهم العسكرية ووضع قواعد لهم في كل مكان حتى تظهر قوتهم. وأختلفت أنواعه من حيث الأستيطان أو الحماية أو الأنتداب أو عن طريق أستخدام القوة العسكرية المفرطة تجاه تلك الشعوب الضعيفة. وظهر هذا جليا في ابادة الهنود الحمر في أمريكا وأيضا في شبه الجزيرة الهندية وأستخدام كافة أنواع القتل والتنكيل وحملات الأبادة ضدهم من قبل الأستعمار البريطاني. وفعلوها أيضا مع باقي الشعوب الأخرى البرتغاليون والفرنسيون والأسبانيون ودول أخرى. وكانت أساليبهم في القمع والسيطرة لا مثيل لها في التاريخ.
وشهد القرن العشرين أندلاع الحرب العالمية الأولى أي الحرب العظمى والتي غيرت مسار التاريخ، فقد أدت إلى سقوط امبراطوريات، وتفتت دول، وقيام أخرى جديدة، ناهيكم عن عدد الضحايا والخسائر، وتبعاتها من توسع الحركة الاستعمارية. ونهاية الحرب شكلت مأساة للعرب، حيث تم تقسيم السلطنة العثمانية، وعدم وفاء بريطانيا على إقامة دولة عربية مستقلة. وتلاها بفترة وجيزة الحرب العالمية الثانية والتى أودت بحياة ملايين البشر حيث استخدمت فيها أحدث انواع الأسلحة التدميرية التقليدية والأسلحة الغير التقليدية والمحرمة دوليا والتي تدمر الإنسان والبنيان وتضر الطبيعة وتلوثها. توصف بأنها أسلحة رعب شامل، وأكثر ضحاياها من المدنيين, ومنها القنابل العنقودية, والأسلحة الكيمائية, و الفوسفور الأبيض, و الأسلحة النووية, والأسلحة البيولوجية, وقذائف الأبخرة الحارقة, والقنابل الفراغية. وشكلت الحربين العالميتين، أكبر كارثتين للأنسانية، وكان لضرب هيروشيما ونكازاكي، والنزعة العسكرية اليابانية والفاشية والنازية, الى القضاء على أكثر من 55مليون نسمة, وتدمير كامل للبنية التحتية لأغلب دول العالم المتقدم.
حرب الجرثومية البيولوجية: (بالإنجليزية Biological Warfare)
هي الاستخدام المتعمد للجراثيم أو الفيروسات أو غيرها من الكائنات الحية وسمومها التي تؤدي إلى نشر الأوبئة بين البشر والحيوانات والنباتات، وسبل مقاومة هذه الأوبئة ومسبباتها. ويطلق البعض على هذا النوع من الحروب اسم الحرب البكتيرية، أو الحرب الجرثومية، غير أن تعبير الحرب البيولوجية أكثر دقة لشموليته...وخاصة بعد انتاج القنابل الجرثومية التي تمكن من تفجير كم من الجراثيم والفيروسات المخلقة في المناطق المستهدفة.
ولقد لجأت معظم الدول الكبرى الى أستخدام أخطر الأسلحة البيولوجية عبر التاريخ مثل"عدوى الجدرى" أرسلته القوات البريطانية فى مناديل للقضاء على رؤساء القبائل الهندية, الطاعون أو "الموت الأسود" تسبب فى هلاك سكان أوروبا بالقرن الـربع عشر.و يندرج تحت مسمى سلاح بيولوجى كل من البكتيريا، الفطريات، الفيروسات، بالإضافة إلى جميع السموم المُنتَجة بواسطة هذه الكائنات، أو المستخلصة من النباتات والحيوانات. فلم تكن بداية استخدام هذه الأسلحة في العصر الحديث خلال الحرب العالمية الأولى عندما استخدمها الجيش الألماني، أو خلال الحرب العالمية الثانية عندما استخدمتها القوات اليابانية ضد الصينيين. وقبل ذلك فقد استخدمها الأشوريون ضد أعدائهم، واستخدمها الصليبيون ضد المسلمين في الحروب الصليبية، وكذلك استخدمها المهاجرون الأوروبيون ضد الهنود الحُمر في أمريكا، كما تم استخدامها في الحروب الأهلية الأمريكية عام 1863.
فمن أبرز الأسلحة البيولوجية في العالم قديما وحديثا وهي:
الجدري:
يصنف الجدري على أنه سلاح بيولوجي عالي الخطورة نظرًا لقدرته الفتاكة على الإصابة والموت، بل يعد "الجدرى" من أخطر الأسلحة التي استخدمتها القوات البريطانية عام 1763 للقضاء على رؤساء القبائل الهندية ، حيث أرسلت لها العدوى مما أدى إلى قتل معظم السكان الأصليين بسبب انتشار الوباء، ذلك عندما أرسل قائد القوات البريطانية أغطية ومناديل ملوثة بالجدري إلى رؤساء هذه القبائل كهدية. تنتقل عدوى الجدري عن طريق الرذاذ، وأبرز أعراضه التقيؤ، الصداع، آلام الظهر والعضلات، والارتفاع غير المتوقع في درجة حرارة الجسم، ذلك بعد التعرض للفيروس بأقل من أسبوعين، أما بعد الأسبوعين يظهر الطفح الجلدي على هيئة بقع حمراء. وفي عام 1980 أعلنت منظمة الصحة العالمية عن القضاء على المرض نهائيًا، بالرغم من ذلك ما زالت كل من روسيا والولايات المتحدة تمتلك نُسخًا من الفيروس في مختبراتها.
الطاعون:
"الطاعون" تنقله بكتيريا تسمى يرسينيا بيستس، حيث ينتشر عادة عن طريق لدغات البراغيث المصابة والتي تكاثرت البكتيريا بداخلها، كما تنتقل العدوى أيضًا عن طريق الاتصال المبُاشر بالمريض. كان الطاعون أو "الموت الأسود" سببا في موت سكان أوروبا في القرن الـ 14، لذلك يصنف ضمن أخطر فئة من الأسلحة البيولوجية. شهدته الصين عام 1940، ذلك بعد الهجوم الياباني عندما قامت القوات اليابانية بإسقاط قنابل تحتوي على البراغيث المصابة من الطائرات، ويتسبب في ظهور بقع دموية تُصبح سوداء تحت الجلد.
طاعون الماشية:
أطلق جنكيز خان عندما غزا أوروبا في القرن الـثالث عشر طاعون الماشية كسلاح بيولوجي، فيتسبب في القضاء على الماشية، الماعز، الثيران، والزرافات وقد تفشى المرض في أفريقيا فأدى إلى حدوث المجاعات.
الجمرة الخبيثة: الانثراكس
تنتقل الانثراكس بسرعة وتتحول هى الى جرثومة تظل خامدة لسنين وتكون اكثر فتكا عندما يستنشقها الانسان مثل الانثراكس المعوى: والذى يصيب الحيوانات المزرعية ثم ينتقل منها الى الانسان بتلوث الطعام وتنتقل البكتريا الى الجهاز الليمفاوى وتسبب القيء والإسهال وبط الحركة وتسمم دموى يؤدى الى نزيف أسود اللون يخرج من فتحات الجسم لذا يطلق علية الحمى الفحمية. ومرض غزل الصوف او الأنثراكس التنفسى او الالتهاب الدماغى وهو الأخطر تنتقل العدوى من العاملين بصناعة غزل الصوف الملوث بالبكتريا عند استنشاقه وتبدأ الأعراض كالأنفلونزا او البرد يتبعها ارتفاع درجة الحرارة وصعوبة فى التنفس والسعال وهبوط التهاب رئوى ونزيف فى المخ وغيبوبة وموت .
بكتيريا الجمرة الخبيثة استخدمتها بريطانيا كسلاح بيولوجي في الحرب العالمية الثانية على جزيرة جرونارد الأسكتلندية، التي لم تتعافى من آثار المرض إلا في عام 1987، كما استخدمتها الوحدات اليابانية في منشوريا خلال ثلاثينيات القرن العشرين. وفي عام 1979 وقعت أكبر حادثة استنشاق لجراثيم الجمرة الخبيثة، ذلك عندما أطلقت خطأ في المركز البيولوجي العسكري في سفيردلوفيسك في روسيا، مما أدى إلى إصابة 79 شخصًا، وتسبب في موت 68 شخصا.
الكوليرا:
في 2008 اتهم الرئيس الزيمبابوي الحكومة البريطانية باستخدام الكوليرا كسلاح بيولوجي أدى إلى مقتل مئات الأشخاص للإطاحة بنظامه، فالكوليرا قد تجتاح أي مكان لسهولة انتشارها في المناطق المزدحمة التي تعاني من عدم توافر المصادر النقية لمياه الشرب. أما ما بين عام 1816 وحتى نهاية سبعينيات القرن الماضي، وقعت 7 أوبئة للكوليرا، كان الوباء الثالث هو أكثرهم شراسة، حيث تجاوز عدد القتلى بالملايين.
سم البوتولينوم:
يعتبر هذا السم من الأسلحة البيولوجية الهامة جدًا، والمفضلة من بين برامج الأسلحة البيولوجية، نظرًا لقوته، والإمكانية المحدودة للعلاج لأنه عديم اللون والرائحة، ولا يتم اكتشافه إلا بعد حدوث الإصابة. ففي عام 1990 نشرت الجماعة اليابانية أوم شينريكيو السم على عدة أهداف سياسية. تبدأ أول علامات التسمم بعدم وضوح الرؤية، التقيؤ، وصعوبة البلع، فإن لم يتم العلاج في تلك الحالة يبدأ الشلل في الترسخ والوصول إلى العضلات ثم إلى الجهاز التنفسي، ثم يؤدي إلى الوفاة في غضون 24 إلى 72 ساعة. توجد جراثيم البكتيريا المسببة لهذا السُم في التربة، الرواسب البحرية، وعلى أسطح الفواكه والخضروات، وتكون غير مؤذية في هذه الحالة، حيث تبدأ في إنتاج السُم عند النمو.
اهداف الاسلحة البيولوجية: حقائق وإجراءات
قد تستهدف الأسلحة البيولوجية الكائنات الحية أو البيئة المحيطة كالتأثير على نتيجة الصراع للسيطرة. هؤلاء يتضمنون الناس, كل الجنود و الغير مقاتلون, المحاصيل و الحيوانات التي يربيها الانسان, المصدر المائي, التربة, الهواء . كائن الشّيء, على كل حال, الهدف الحقيقي من استخدام هذه الاسلحة اضعاف العدو,و اثارة الرعب لدرجة التي تجعله يرضخ لمطالب المهاجم .
من بين كل الميكروبات الممرضة للإنسان، هناك عدد قليل وقع عليه الاختيار وتم إنتاجه وتطويره بطرق قياسية في ترسانات الأسلحة البيولوجية في العالم، مثل: ميكروبات الجمرة الخبيثة، والطاعون، والحمى الصفراء، والتهاب المخ السحائي، والحمي المتموجة، وحمي الأرنب والجدري.
وببساطة شديدة، تكون ميكروبات الحرب البيولوجية قاتلة إذا كانت مقاومة لفعل المضادات الحيوية، ثابتة في الظروف البيئية المختلفة، مقاومة لدرجات مختلفة من الحموضة والقلوية، يصاحبها معدلاتٍ عالية من النمو، سامة جداً وتستطيع أن تفرز سمّها في أطوار نموها الأولى - أي بعد 1:2 ساعة - لا تتأثر باللقاحات والأمصال الموجودة بداخل الجسم البشري. ولكن، كيف تتحقق الإمكانات والشروط السابقة لنوعٍ ممرض من البكتريا؟ سيتحقق ذلك لو استطاعت وسائل الهندسة الوراثية من استزراع ميكروبات معدلة وراثياً لتتحقق فيها الشروط السابقة، وستكون تلك البكتريا فتاكة يمكن التحكم في نشرها بالقدر المطلوب. وهذه الميكروبات المهندسة وراثياً موجودة بالفعل في جهات عديدة في ترسانات الأسلحة الحيوية ببعض دول العالم، وستكون هذه الميكروبات المهندسة وراثياً مثالية في الحرب الحيوية، وستكون سلاحاً قاتلاً فتاكاً. وربما سيكون في استخدام مثل هذه البكتريا المهندسة وراثياً إيذاناً ببداية الهلاك للعالم كله.
ولقد وقعت الدول الكبرى في العام 1925 "اتفاقية جنيف" التي تمنع اللجوء إلى الأسلحة البكتريولوجية في الحروب. وذلك بالإضافة إلى منع الغازات السامة وغيرها. ولقد أقرت 29 دولة هذه الاتفاقية. وكانت الولايات المتحدة أبرز الممتنعين عن الانضمام إليها. كما اتخذت الجمعية العمومية للأمم المتحدة قرارا في ديسمبر، 1966، يقضي بضرورة الالتزام بالبروتوكول المذكور، وبذلت بريطانيا خلال الستينات جهودا باتجاه نزع السلاح البيولوجي، ولاقت تلك الجهود دعما واسعا، لا سيما من الاتحاد السوفييتي. ومن جهة ثانية، قام الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون في العام 1969 بإعلان استنكار الولايات المتحدة لاستخدام الأسلحة البيولوجية، وأمر بتدمير مخزون بلاده منها. وعندما أدركت الدول العظمى أن بإمكان الدول الصغيرة إنتاج أسلحة بيولوجية، فهذا السلاح فتاك جداً، وسارعت بتقديم مسودة معاهدة الأسلحة البيولوجية وتوقيعها عام1972.
إذ إن استعمال 15 طناً من المواد البيولوجية تعدّ كافية للقضاء على كل مظهر من مظاهر الحياة على الأرض، وأن 225 غم من سم بكتيريا بيتيولينيم كافٍ لقتل جميع سكان المعمورة. ظهر في الفترة الأخيرة استعمال مواد تؤدي إلى فشل العدو وكسر شوكته، ولازال هناك الكثير من الأسئلة حول المرض الذي أصاب عشرات الألوف من الجنود الأمريكيين نتيجة حرب الخليج الأخيرة.
ان الامراض التي ظهرت في العصر الحديث مثلا ً مرض نقص المناعة المكتسبة ( الايدز ) ومرض جنون البقر وانفلونزا الطيور ومن بعدها الخنازير ما هي الا تجارب لاسلحة بيولوجية !!!
السلاح البيولوجى هو الاستخدام المتعمد للجراثيم والميكروبات والفيروسات او سمومها لهدف القتل واضرار العدو وأتلاف النباتات والماشية والإنسان والبيئة .
فالاسلحة البيولوجية هي الكائنات الدقيقة التي تنتقل و تنمو في مضيف و الهدف يودي إلى مرض إكلينيكي الذي يقتل أو يعجز المضيف المستهدف. قد تكون مثل هذه الجراثيم تواترات من انواع برية و طبيعية أو قد يكون نتيجة الكائنات الحية المعالجة وراثيا .
من الموت الأسود إلى فيروس كورونا: أوبئة غيرت مجرى التاريخ البشري
كشف تفشي فيروس كورونا المستجد عن نقاط ضعف في الاستجابة العالمية لتفشي الفيروسات، في ظل تزايد الإصابات المؤكدة بالفيروس، إلى جانب حالات الوفاة.
وعلى مرّ التاريخ البشري، أثّرت الأوبئة على الحضارات منذ أول تفش معروف عام 430 قبل الميلاد خلال الحرب البيلوبونيسية (بين حلفاء أثينا وحلفاء إسبرطة). وكان للعديد من هذه الأوبئة تداعيات كبيرة على المجتمع البشري، بداية من قتل نسب كبيرة من سكان العالم، وصولا إلى جعل البشر يفكرون في أسئلة أكبر عن الحياة والوجود.
طاعون جستنيان (541 - 750م)
في تقريره الذي نشره موقع "بيزنس إنسايدر" الأميركي، قال الكاتب رايدر كيمبول إن تفشي الطاعون الدبلي وضع حدا لفترة حكم إمبراطور بيزنطة في القرن السادس جستنيان الأول. وقتل هذا الوباء الذي يعرف في الوقت الراهن باسم "طاعون جستنيانما" بين 30 إلى 50 مليون شخص، أي ربما ما يعادل نصف سكان العالم في ذلك الوقت. وبحسب المصادر التقليدية، ساهم تفشي هذا الوباء في توقف الأنشطة التجارية وإضعاف الإمبراطورية، مما سمح للحضارات الأخرى باستعادة الأراضي البيزنطية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأجزاء من آسيا. سجل أول وباء في اليونان عام 430 قبل الميلاد وربما عرفت مصر القديمة أوبئة أقدم.
الموت الأسود (1347 - 1351م)
ذكر الكاتب أنه بين عامي 1347 و1351، انتشر الطاعون الدبلي في جميع أنحاء أوروبا، مما أسفر عن مقتل نحو 25 مليون شخص. واستغرقت إحصائيات مستويات عدد السكان في أوروبا أكثر من 200 عام للعودة إلى مستواها قبل العام 1347. ومن المحتمل أن يكون هذا الوباء أودى بحياة أعداد أكبر في آسيا، وخاصة الصين، حيث يُعتقد أنها موطن الوباء. من بين التداعيات الأخرى لهذا الوباء الذي عُرف في وقت لاحق باسم "الموت الأسود"، كان بداية تراجع القنانة (الفلاحين في الإقطاعيات) حيث مات الكثير من الناس لدرجة أن مستوى معيشة الناجين ارتفع. وفي الواقع، ساهم ذلك في خلق المزيد من فرص العمل، وتنامي الحراك الاجتماعي ووقف الحروب لفترة قصيرة.
الجدري (القرنين 15 و17)
أشار الكاتب إلى أن الأوروبيين جلبوا عددا من الأمراض الجديدة عندما وصلوا لأول مرة إلى قارتي الأميركتين عام 1492. وكان أحد هذه الأمراض مرض الجدري، وهو مرض معدٍ قتل نحو 30% من المصابين. وخلال هذه الفترة، أودى الجدري بحياة قرابة 20 مليون شخص، أي نحو 90% من السكان في الأميركتين. وساعد هذا الوباء الأوروبيين على استعمار وتطوير المناطق التي تم إخلاؤها، وتغيير تاريخ القارتين. وباء الجدري أباد ملايين السكان الأصليين لأميركا.
الكوليرا (1817 - 1823)
أشار الكاتب إلى أن وباء الكوليرا ظهر في "جيسور" بالهند، وانتشر في معظم أنحاء المنطقة ثم إلى المناطق المجاورة، وأودى بحياة الملايين قبل أن يتمكن طبيب بريطاني يدعى جون سنو من معرفة بعض المعلومات حول طرق الحد من انتشاره. ووصفت منظمة الصحة العالمية الكوليرا -التي تصيب سنويا ما بين 1.3 و4 ملايين شخص- بأنها "الوباء المنسي". وقالت المنظمة إن تفشي الوباء السابع الذي بدأ عام 1961، لا يزال مستمرا حتى يومنا هذا. ونظرا لأن عدوى الكوليرا ناتجة عن تناول طعام أو ماء ملوثين بجراثيم معينة، فقد تمكن هذا المرض من إلحاق الضرر بأغلبية ساحقة في البلدان التي تعاني من التوزيع غير العادل للثروة وتفتقر إلى التنمية الاجتماعية. وتستمر الكوليرا في تغيير العالم من خلال إلحاق الضرر بالمناطق الفقيرة، في حين أنها لا تؤثر بشكل كبير على الدول الغنية.
الإنفلونزا الإسبانية (1918 - 1919)
تفشت الإنفلونزا الإسبانية المعروفة أيضا باسم "وباء الإنفلونزا" عام 1918، وأصابت نحو 500 مليون شخص، وتسببت في قتل أكثر من 50 مليونا على مستوى العالم. خلال فترة تفشي المرض، كانت الحرب العالمية الأولى على مشارف نهايتها، ولم يكن لدى السلطات المعنية بالصحة العامة الوسائل الكافية للتعامل مع الأوبئة الفيروسية، مما ساهم في تأثيرها بشكل كبير على المجتمعات. وفي السنوات التالية، ساهمت الأبحاث في فهم كيفية انتشار الوباء وطرق الوقاية منه، مما ساعد على تقليل تأثير تفشي فيروسات مشابهة للإنفلونزا بعد ذلك.
إنفلونزا هونع كونغ (1968 - 1970)
أفاد الكاتب بأنه بعد مرور 50 عاما من تفشي الإنفلونزا الإسبانية، انتشر فيروس آخر للإنفلونزا في جميع أنحاء العالم. وتشير التقديرات إلى أن عدد الوفيات العالمية الناجمة عن هذا الفيروس بلغ نحو مليون شخص، عُشرهم في الولايات المتحدة.
وفي العام 1968، كان هذا الوباء ثالث وباء للإنفلونزا يحدث في القرن 20، بعد الإنفلونزا الإسبانية (عام 1918) والإنفلونزا الآسيوية التي انتشرت عام 1957. ويُعتقد أن الفيروس المسؤول عن الإنفلونزا الآسيوية تطور وعاد إلى الظهور بعد 10 سنوات. ورغم أن فيروس إنفلونزا هونغ كونغ لم يكن قاتلا مثل الإنفلونزا الإسبانية عام 1918، فإنه كان معديا بشكل استثنائي، حيث أصيب 500 ألف شخص في غضون أسبوعين من الإبلاغ عن أول حالة في هونغ كونغ. وعموما، ساعد الوباء مجتمع الصحة العالمي على فهم الدور الحيوي لعمليات التلقيح في منع تفشي المرض مستقبلا. القرن التاسع عشر عرف العديد من الأوبئة التي فتكت بحياة ملايين البشر.
المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (2002 - 2003)
Severe acute respiratory syndrome: SARS
أوضح الكاتب أن المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة تعدّ مرضا يسببه أحد فيروسات كورونا السبعة التي يمكن أن تصيب البشر، ويشبه تركيبها الوراثي تركيب فيروس كورونا الجديد بنسبة 90% تقريبا. وفي العام 2003، أصبح المرض المتفشي الذي نشأ في مقاطعة غوانغدونغ الصينية وباء عالميا انتشر سريعا إلى 26 دولة، وأصاب أكثر من 8000 شخص وقتل 774 منهم. مع ذلك، كانت نتائج تفشي المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة لعام 2003 محدودة إلى حد كبير بسبب الاستجابة المكثفة للصحة العامة من جانب السلطات العالمية، بما في ذلك عزل المناطق المصابة والأفراد المصابين.
إنفلونزا الخنازير (2009 - 2010)
أفاد الكاتب بأن نوعا جديد من فيروس الإنفلونزا ظهر عام 2009، حيث أصاب أكثر من 60 مليون شخص في الولايات المتحدة، وتراوح عدد الوفيات العالمية بين 151 و575 ألفا. ويطلق على هذا الفيروس اسم "إنفلونزا الخنازير" لأنه يبدو أنها انتقلت من الخنازير إلى البشر، وتختلف عن مرض الإنفلونزا العادية في أن 80% من الوفيات المرتبطة بالفيروس شملت أشخاصا تقل أعمارهم عن 65 عاما، على عكس وفيات الإنفلونزا العادية.
إيبولا (2014 - 2016)
في البداية، كان فيروس إيبولا -الذي سمي على اسم نهر قريب من المنطقة التي تفشى فيها المرض- محدود المدى مقارنة بأغلب الأوبئة الحديثة، ولكنه كان مميتا بشكل لا يصدق. وظهر الفيروس أولا في قرية صغيرة بغينيا عام 2014، وانتشر إلى عدد ضئيل من البلدان المجاورة في غربي أفريقيا. وقتل الفيروس أكثر من 11 ألف شخص من أصل 29.6 ألف مصاب في غينيا وليبيريا وسيراليون. وتشير التقديرات إلى أن فيروس إيبولا كلف 4.3 مليارات دولار، وتسبب في انخفاض الاستثمارات الواردة بشكل كبير إلى الدول الثلاث.
فيروس كورونا المستجد: كوفد19 - Coronavirus disease (COVID-19)
وتشير التقديرات إلى أن فيروس كورونا سينتشر إلى حد كبير في جميع أنحاء العالم، ويمكن أن يصيب في النهاية ما بين 40 و70% من سكان العالم. كما تشير دراسة أجرتها الجامعة الوطنية الأسترالية إلى أن فيروس كورونا الجديد سيتسبب في مقتل ملايين الأشخاص، وسيُكلف الناتج المحلي الإجمالي العالمي مبلغ 2.4 تريليون دولار.
أحيطت الشائعات حول ماهية فيروس "كورونا "، وذهبت بعض الأقاويل إلى أنه وما إذا كان سلاح بيولوجى استهدفت به الولايات المتحدة الصين، أعاد هذا إلى الأذهان تاريخ الأسلحة البيولوجية التي واجهت العالم عبر التاريخ، ففي عام 1955 وضعت الولايات المتحدة الأمريكية قائمة تضم 17 بلدًا تملك برامج للأسلحة البيولوجية من بينها إيران، سوريا، روسيا، إسرائيل، فييتنام، العراق، ليبيا، الهند، كوريا الجنوبية، تايوان، لاوس، كوبا، بلغاريا، الصين، وكوريا الشمالية.
15-3-2020 دهوك – أعداد وكتابة : أحمد علي - منقول بتصرف من عدّة مواقع كوكل