الأختيار الشاق
"لو هره لو وره " أو" يو هره لو وره"
والمثل في اللغة الكردية:"یان هەرە یان وەرە"
وهو من الامثال الكردية الذائعة الصيت على ألسن العامة والخاصة من أخواننا العرب بدأً من موصل الحدباء والتي أصبحت في خبر كان والوزر على من خان هذه المدينة العريقة والتي يمتد جذورها في عمق التاريخ وتحولت الى مدينة أشباح بين ليلة وضحاها, ومروراً بعرب الجزيرة وما حولها من أهلنا الكرماء وأصحاب النخوة العربية الأصلاء, ومعرجين مرور الكرام ببغداد الحبيبة عاصمة المنصور والرشيد ودار السلام والوئام عبر التاريخ والتي أصبحت الآن أسوأ مدينة في العالم من كافة الجوانب وبدون أستثناء من الخدمات ونحو أعلى المستويات في الفساد, ونزولاً الى أعزائنا من عرب الجنوب حيث لهم نصيب كبير في أستخدام هذا المثل الكوردي في المناسبات التي تقتضي ضربه والأتيان به في المكان المناسب. ورُغم قلة المفردات في المثل ولكنه يحمل في طياته معاني كثيرة ومدلولات واسعة وأيحاءات غنية ومقاصد جمّة تفي بالغرض المنشود المراد تبيانه. ولتوضيح معاني المفردات للأخوة العرب رُغم وضوحها من سياق الكلام وليست خافية على القائل والمتلقي في آن واحد ولكن لابد أن تبان لمن ليس له دراية بها: هره بمعنى أذهب وبأسلوب مؤدب ولطيف أو أنقلع أو ولّي بأسلوب الزجر والنهي, أما وره فتعني تعال أو تقدم بالتي هي أحسن وأما الخيارلك وتتحمل أنت العواقب والنتائج المترتبة علي موقفك المتذبذب. و يضرب المثل أحيانا لأمر بتردد بين السلب والإيجاب. واما أن الامور سوف تتحسن وتتقدم أو ترجع نحو الأنكى والاسوء.
وما أثار فضولي التواق وأنتباهي اللافت للنظرهو الحلقة الأخيرة قبيل تشكيل الحكومة العراقية المقبلة من برنامج (بالحرف الواحد) والذي كان بنفس عنوان المثل السابق الآنف الذكر، والذي يقدمه الصحفي البارع اللامع (أحمد ملا طلال) في كل ليلة وعلى مدار السنة يستضيف فيها على هواه وما يشتهي رغبته ومبتغاه من شخصيات بارزة ومن الوزن الثقيل والعيار الرفيع ونواب من القدامى المخضرمين والجدد المتحمسين ومن المحللين وما أكثرهم في الآونة الأخيرة على شاشات التلفاز كالصميدعي والسراج والسامرائي والشابندرعلى سبيل المثال وليس الحصر. والمقدم بذكائه المفرط يستطيع أستدراج الكل الى النقطة التي يريد الوصول اليها والبوح بها والغوص فيها أحيانا بأسلوب المزاح للتقليل من وقع أهميتها على المتلقي أو التحدي بالأسلوب الساخر للكشف ما هو خفي ومستور, أو الأصرار على المقابل لأبداء ما هو مخطط في أذهانهم ورؤساء كتلهم وأحزابهم, وأحيانا يلجأ المقدم بطريقة مراوغة لسحب من فم المحاور ما يطمح اليه من أراء ورؤى وتتطلعات مستقبلية على الساحة السياسية. ناهيك عن المقدمة الجريئة الشاملة المدعمة بالشواهد والصور والفيديو والأقوال للتأكيد على مجريات ما يدور ويجري ويحاك في السر والعلانية عيني عينك يا تاجر معاك يا محاور وأسمعني من هو جالس ساكت وحائر ولا يدري من أين يُحبك له الشِباك والدوائر.
وصفوة القول ولحد الان لم نضع ايدينا على الجرح العميق في الجسد العراقي وما زلنا ننزف صبرا وقهرا في انتظار فرج العثورعلى طريق الخلاص من محنتنا وما زلنا نتمنى ان نجد يوما ما وميض أمل قد ينير طريقنا ويأخذ بايدينا لوضع الخطوات الأولى على طريق الهرب والنجاة من جحيم وطننا الذي لم يعد سوى شبح أو أسم وطن فهل من منجد أو مخلّص؟
للأجابة على هذا السؤال العويص الذي يهدينا نحو بصيص الأمل للخروج من هذا المأزق الخطير الذي نحن فيه, لا زال الشعب في أنتظار جودو في مسرحية بيكت كي يأتي ويخلص ويا أسفي لم يأتي ألبتة, حالهم حال الذين ضاقت بهم السبل في البحرفي قصيدة كوليرج الشيخ الملاح حين قُتل طائر «ألباتروس» أو «القَطْرَس» والذي كان سببا في الأهتداء والخلاص من محنتهم نحو بر الأمان, والكل في العراق في أنتظار هذا المخلص أكان السيمرغ (الرخ) أو العنقاء منقذ الأكراد من وضعهم المؤساوي, أو الغوث الكيلاني ليغيث السنة من بلائهم الذي هم من وضعوا أنفسهم فيه وجنت على نفسها براقش, أم شيعتنا الذين حلموا في الماضي ولا زالوا بمجيء المهدي المنتظر الذي يعينهم ويهديهم طريق الخلاص والمناص من وضعهم التعيس البائس من فعل ساستهم . أذن الكل سنة وشيعة وكرد والشعب بأجمعه وضعوا أملهم وثقتهم وأمانيهم في شخص (عادل عبد المهدي) أن يكون هو المغيث والطائرالأمل وروح المهدي المنتظر كي يزيح الهم والغم من نفوس أهل البلد أجمع وليعم الخير والعطاء لكافة الناس.
وهنا لنا الحق أن نتسائل هل هذا هو الشخص المناسب في هذه الفترة الحالكة العصيبة والشاقة التي يمر بها العراق من أن يكون المخلص الحقيقي والمنقذ الفعلي من هذه الأزمة التي عصفت بالجميع ولا زالت تعصف من كافة الجهات ومن دون أستثناء؟ أم جيء به ليكون كبش فداء لا غير ولعلها هي الورقة الأخيرة في جعبة السياسيين أكان الغرض من مجيئه بالتوافق والوفاق أم عن طريق النفاق والشقاق والتسترعلى فشلهم على مدى الأعوام السابقة فخير الكلام ما قل ودل وعلى رأي المثل في هذه المرة وعسانا أن لا تنكسر الجرة بالمرة ولسان حالنا يقول:("لو هره لو وره ") فأما يصيب في مهمته فهذا هو مطلبنا وهدفنا وغايتنا وأما أن يخيب ويستجيب للتيار الجارف أمامه ويتبخر الهدف ويزول الأمل من دون رجعة فكلنا في أنتظار الوعد الموعود والأمل المنشود والأمر والشأن لصاحب القرار ليسعد أهل الدار قبل الجار.
٢٤-١٠-٢٠١٨ دهوك – بقلم – أحمد علي حسن
كبش الفداء والأختيار الخاطئ
"لا هره ولا وره " – "نە هەرە نە وەرە"
بعد شد وجذب من كافة الأطراف الخارجية والداخلية في المشهد العراقي لأختيار شخص أو دمية رئيس الوزراء العراقي القادم. وقع الأختيارعلى(عادل: المهدي المنتظر) حيث أصبح كبش فداء للجميع وهذا ما نوهت به في مقال سابق لي قبل تنصيبه بيوم واحد. ولم يكن الأختيار موفقا ولعدة أسباب ليست خافية على الجميع لأنه جاء عن طريق النفاق والشقاق وكان أختيارا منافقا يرضي الأحزاب المتصارعة على جراح الأمة ولا يرضي طموحات وأماني الشعب والوطن. والنتائج التي آلت اليه وأنجرار البلد نحو هاوية العنف والفوضى والتنكيل كان متوقعا لا محال. ومجيئه وبهذه الشاكلة زاد في الجرح عمقا وفي الجسد العراقي شرخا ونفذ من الشعب صبرا وممارساتهم الخاطئة المستمرة أدت في النهاية بأتجاه غليان شعبي لأنهم سئموا في انتظار فرج العثورعلى طريق الخلاص من محنتهم وما زلنا نتمنى ان نجد يوما ما بصيص أمل قد ينير طريقنا ويأخذ بايدينا لوضع اللبنات الأولى على طريق النجاة والخلاص من جحيم وطننا الذي لم يعد سوى شبحا قاتما أو أسم وطن على الخارطة الصماء فهل من منجد أو مخلّص أو منقذ؟
مجيئه ومع تلك الشلة المحاطة به الهجينة والغير المتنجانسة لم يهدينا نحو بصيص الأمل للخروج من هذا المأزق الخطير الذي نحن فيه. أذن الكل سنة وشيعة وكرد والشعب بأجمعه كان أملهم وأمانيهم أن يكون هو المغيث والطائرالأمل وروح المهدي المنتظر كي يزيح الهم والغم من نفوس أهل البلد أجمع وليعم الخير والعطاء لكافة الناس. لكن خاب الظن كما كان متوقعا من قبل الشعب الواعي والمدرك لمجريات الأمور من خلال تجاربه السابقة مع تلك الطبقة الدخيلة الفاسدة القادمة من وراء الحدود على مصير البلد هذا البلد الأبي.
والآتي كان توقعي من الأتيان بهكذا شخص الغير المناسب وفي الوقت الغير الملائم في مقال سابق بعنوان "الأختيار الشاق" ما جاء فيه وفي الخلاصة:"وهنا لنا الحق أن نتسائل هل هذا هو الشخص المناسب في هذه الفترة الحالكة العصيبة والشاقة التي يمر بها العراق من أن يكون المخلص الحقيقي والمنقذ الفعلي من هذه الأزمة التي عصفت بالجميع ولا زالت تعصف من كافة الجهات ومن دون أستثناء؟ أم جيء به ليكون كبش فداء لا غير ولعلها هي الورقة الأخيرة في جعبة السياسيين أكان الغرض من مجيئه بالتوافق والوفاق أم عن طريق النفاق والشقاق والتسترعلى فشلهم على مدى الأعوام السابقة فخير الكلام ما قل ودل وعلى رأي المثل في هذه المرة وعسانا أن لا تنكسر الجرة بالمرة ولسان حالنا يقول:("لو هره لو وره ") فأما يصيب في مهمته فهذا هو مطلبنا وهدفنا وغايتنا وأما أن يخيب ويستجيب للتيار الجارف أمامه ويتبخر الهدف ويزول الأمل من دون رجعة فكلنا في أنتظار الوعد الموعود والأمل المنشود والأمر والشأن لصاحب القرار ليسعد أهل الدار قبل الجار."
وبالتأكيد وكنت على يقين وكما توقعت وخلصت اليه لم يكن هكذا بل كان الأسوأ والأذل لأنه غرق في دوامة الصراعات و والمشاحنات والتجاذبات المتداخلة وغاص الشعب معه في أعماق المحنة والأبتلاء مما أدى بهذا الشعب الساخط للخروج عليهم جميعا ومن دون أستثناء صوتا واحدا مدويا واضعين الوطن الجريح والمسلوب نصب أعينهم رافعين شعارا واحدا وهتافا موحدا وموقفا فذا وفريدا يردده في كافة الساحات والميادين والأماكن العامة "الفاسد والقاتل والخائن بره بره أي حيثما جئتم وولوا الأدبارومن دون رجعة وعليكم ألف لعنة من الأمهات الثكلى والأطفال اليتامى والبطون الجائعة والمغتربين والنازحين والمهجرين لكي يبقى و يعيش الشعب في وطنه حياة كريمة حرة ".
1-12- 2019 - دهوك – بقلم – أحمد علي حسن
الوعود الكاذبة
الأماني البعيدة التي لا يمكن تحقيقها مثلها كمثل الطريق الطويل الشائك والمحفوف بالمخاطر حيث الوصول الى النهاية يكون صعبا وشاقا وعسيراَ في نفس الوقت. نحن نريد ونتمنى ونتوعد ولكن الدرب بعيد وفيه تهديد والفرحه المؤقة لن تدوم طويلا حالها كفرحة العرس لأنها قصيرة وزائلة. شأنها كوعود المرشحين للأنتخابات العراقية في كل دورة تتعاقب, كلها كذب منمق وكلام معسول وشعارات آنية. في البداية, نرى منهم رأس الخيط ولكن في النهاية يصبح كالشليله رأسه ضائع في دهاليز الصفقات والمساومات, لأن خطبهم تتحول كمجموعة الخيوط المتشابكة لا نجد رأساَ أو نهاية ولو بشق الأنفس. لقد أصبحت لعبتهم مكشوفة عند العراقيين وهم يعرفون حق المعرفة بأن هذه المسرحية البرلمانية المتتالية والمتوالية "هي عرس واويه" لأن نواياهم غير مخلصه كأعراس الثعالب المعروفة في الحيلة والغدر حتى فيما بينها. الأغلب فيهم "بالوجه مرايه وبلكفه سلّايه" الذين يظهرون أمامنا بوجه وديع ملئها العطف والحنان ولكن في الخفاء يتطايرالشر والشنآن منهم من وراء ظهورنا ويزرعون الشوك في طريقنا ويقفون سدا منيعا أمام طموحاتنا ورغباتنا الآنية والمستقبلية. لقد أصبح النهب والسلب ديدنهم لا يهمهم أحوال الشعب فمن المؤكد سوف يأتي يوم لا محال, ونحن على هذا المنوال والفلك يدور بنا فوق الأزبال وبالتأكيد, لا مجال للشك فيها "راح الشعب يكعد على الحصيره" مشرود الذهن والبال كمن فقد كل شيء وبقى لديه فقط البساط ليجلس عليه وليس بالبعيد أن يأتي يومٌ وتسحب أيضاَ من تحتهم تلك الحصيرة المتهرئة البالية ولو بالقوة المفرطة. وهنا التحذير واجب ورسالة الشعب واضحة وجلية وصوت هؤلاء, الملعلع هنا وهناك, يصل عنان السماء لأنه سيكسر حاجز القشرة ولن تسلم الجرّه في هذه المرة : يرددونها بكلام فصيح ومليح لن تسلم دوما الجرّة لو سقطت هذه المرّة سيكون مدويّاَ ودروس الماضي ليست ببعيدة وخافية على العراقيين. سوف يسمعه الغريب قبل القريب ما لم يُملأ الجرة بماء زلال معين وبالله نستعين وقدرة الله فوق كل قوة أستهانت وتستهين بمطالب شعب مستكين.والعاقبة المُذلّة والمخزية تنتظر من لا يوجّه دفة سفينة العراق نحو شواطيء الأمان. وكلنا آذن لسماع نداء الربان كي نلحق بركب الركبان ولو بعد فوات الأوان.
19-11-2018 – دهوك – أحمد علي حسن
العراق: الوطن الضائع
كان لي وطن ذاع صيته وعلا شأنه وسمقَ شهرته الآفاق وكان عظيما في كل شيئ حتى وقت النكبات والمحن التي كانت تعصف به وظل شامخا رُغم شتى أنواع الحيف والظلم والجور من الأعداء والغزاة. يزيل الديجور والظلام من طريقه وينير الدرب للأجيال القادمة. لا يستكين لمحتل طامع مهما طال به الزمن, ولا لغازِ مهما علا جبروته وسطوته, قديما كان أم حديثا, فكان دوما مصيرهم الخزي والخذلان والذل والهوان. هذا الوطن يسمى العراق, واليوم أصبح فيه العيش والحياة لا يطاق وصل بؤسه وشقائه الآفاق من المحتل الغدار وغرباء الدار والقريب والجار وخونة البيت من جاءوا من وراء الأسوار. جُلّهم وجّهوا هذا البلد الآمن نحو الهاوية وأدخلوه في نفق مظلم مسدود مغلق النهاية, وأصبح أطرافه وحافاته وحدوده مسرحاَ وملعبا ومرتعاَ يتبادلون فيه الأدواركيفما يشاء مخرج المسرحية وحكم الساحة ومراقبو فيديو الفار, لما لا يا ملاعين لقد غاب القط في الدار فألعب يا فار. وطني كان يلقب ببلد النهرين دجلة الخير وفرات الأحياء والطير والآن لقد جفّا وأصبح أهله يشكون من العطش والظمأ ومائهم من البئر. ماتت الأسماك وهاجرت الطيور ويبس النخيل, والشعب الذليل أصبح زاده الصياح والمناجاة والعويل يندب حظه ويشكو همه ولسان حاله يتسائل أهو هذا العراق العظيم؟! الذي نال كلّ هذا الظلم. أفق من نومك يا كاظم وأصحى يا كظيم وأنقذ وطنك من الظيم وأبعد اللئيم, وعد كما كنت دوما عظيما عبر ماضي وسوالف السنين. هل من مستجيب؟ نحن في أنتظار القادم المهيب اللبيب كي يعود الحق لأهله وينتشل الوطن الضائع من محنته وبلائه لأن الوطن أصبح ضيعة يتقاسمها فئة من السراق والمفسدين وتجار الدين ودهاقنة السياسة والأحزاب السلطوية. لقد ضاعت الهوية الوطنية والانتماء الوطني والعيش المشترك. لقد أصبح أنتمائهم وجُلّ أهتمامهم للطائفة والمذهب والعشيرة والفئة والعائلة. والشعب بكل أطيافه وألوانه يبحثون عن وطن الأمن والأمان ولا يقبلون الخنوع والخضوع والاذلال والانقياد الأعمى أكان من محتل أو خونة الدار وغدا لناظره قريب.
19-1-2019 – دهوك – أحمد علي
مطرقة العدو وسندان الأهل
وَقَعَ بَيْنَ المِطْرَقَةِ والسَّنْدَانِ
ويقابله في اللغة الكردية:"کەتە ناڤ بەینا نال وبزمارادا"
"وَقَعَ بَيْنَ النعل والمسمار"
Of the two evils choose the less
رُغم قلة المفردات في المثل لكن وقعها ثقيل بقوة المطرقة التي تنهال على الماثل فوق السندان أكان فرداَ أم شعبا. إذن المِطرَقة هي أداة تستخدم لإيصال قوة صدم للأشياء المادية فكيف لو وقعت على رؤوس وأجساد الرعية والمواطنين من قبل الطغاة والفجار المستبدين على رقاب شعوبهم المستضعفة. هم مطارق وآلات بأيدي أسيادهم والشعب المسكين والمستكين صفائح معدنية رقيقة فوق سنادين صلدة يتحمل ضرباتهم الموجعة بدنيا ونفسيا وماديا ومعنويا من دون شفقة. فالصبر على الأذى بين الناس من الصفات الحميدة التي يجب التحلى بها، ولكن أحيانًا قد يأتي الأذى ممن انتظرنا منهم الإنصاف والرحمة مثل ذوي القربى وأصحاب الشأن فيصبح الصبر كقطعة من جمر لا يستطيع الشخص أمساكها أو تركها بأي حال من الأحوال. فظلم ذوي القربى أشد مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند, لأن ظلم الأقارب عنيف الوقْعِ على النفس فهو أقوى من ضربة السيف القاطع. لذا الظلم والجور لا يطاق حتى ولو كان من أقرب الأقربين فما بالك لو جاءت من أبعد الأبعدين والمحتلين ومن معهم من المنافقين والخونة شراذم وأذيال المتحكمين المستعمرين, لا خيار لهم: واقع بين أمرين كلاهما شرّ, شرٌّ لا بُدَّ منه ولا نجاة ولا مهرب.
وفي المقابل هناك مثل كوردي آخر يوازيه في المفردات ولكنه يختلف عنه في المعنى والمغزى. فحين يقول الكوردي مخاطبا شخصا ما أو جمعا من الناس بأن هذين الفردين أو الفريقين المتخاصمين "ئێک چەکوچە یێ دی سندان" أي أن أحدهم شاكوش والآخر بمثابة السندان. لا ضير لو كان أحدهم شاكوشا أم كان سندانا كلاهما حديد وفولاذ لا يتأثران من قوة الدق مهما كان فعل الضرب قويا وعنيفا على الأثنين. فالمعادلة متكافئة والتحدي متوازن ومتساوٍ وقطبا الخلاف يدركون النتائج وكافة الأحتمالات المتوقعة والغير المحتملة دون الخوض في المواجه. فيبقى الصراع قائما أو يؤدي الى فض النزاع بالطرق الأخرى السلمية والدبلوماسية بحيث لا يحترق فيه السيخ ولا يشتعل الكباب كما جاء في المثل الكردي:"نە شیش ب سوژیت، نە کەباب".
27-9-2019- دهوك: أحمد علي
القِدْر والطاسة وطبخة الساسة
الى متى سيبقى العراقيون الشرفاء يسبحون في الحمام العفن الجائف الآسن نفسه والطاسة هي هي مع تعديل بسيط في شكلها ولونها وحجمها وعلى مدى هذه الأعوام الفائتة العجاف من عمر هذا الوطن الضائع في بوتقة الأحزاب المتسلطة والمستبدة بزمام السلطة على رقاب الشعوب المغلوبة على أمرها من دون أن يتمكن أحد من تحييد دفتها وتغيير مسارها . وجوه كالحة ونفوس مالحة همها الوحيد الهف واللهف يأتي الواحد منهم تلو الأخر من حيث السير على الخطى نفسها والعزف على الوتيرة ذاتها والرقص على النغمات عينها ولسان حال الشعب المهضوم يردد ويقول أسوأ خلف لأتهف سلف يشطفون العسل ويبلعون السحت ويتركون الشعب يصيح ويولول بأعلى الأصوات من القهر والضيم حتى وصل هتافه وعويله عنان السماء والى أروقة الدول والمنظمات الأممية وهم في بروج عاجية وقصور فولاذية صُمٌ وفي الآذان وقْرُ الأسيادِ وبكم لا يفقهون سوى لغة واحدة هي السكوت عن الحق والصمت على الفساد والتكتم على اقتراف الجرائم والموبقات بحق الشعب المتظاهر في الساحات والميادين وعُميٌ في تحقيق المطالب المشروعة لأن جُلّ همهم هو أسترداد كرامة وطنهم والعيش بحرية و أمان مع الأهل والجيران والخلان. وفي كل مرة يشكل فيها الكابينة الوزارية والأتيان برئيس وزراء على هرم السلطة طبخة أعدت مسبقا في دوائر عدة ومن وراء الكواليس وعلى مقاس أمزجتهم وغاياتهم وأمانيهم ترضية لأسيادهم ومن يقفون معهم وليس تعبيرا لرغبات وتتطلعات المتظاهرين, هؤلاء طهاة متمرسون في أعداد مثل هكذا أكلات تلائم أمزجتهم وتلبي مآربهم الدنيئة. فهذا الشخص الذي يجرجر ليتربع على عرش السلطة بمثابة أكلة الدولمة مكوناتها تبقى كما هي مع تغيير بسيط وفي أسوأ الأحتمالات يلجئون الى أضافة بعض البهارات أو أدراج نوع جديد من النكهات لأملاء الفراغات في محتويات تلك الطبخة الدسمة مع تبديل الجِدر في كل مرة من حيث اللون والحجم ونوعية المادة المصنوعة منها. فما دام القِدرُ والطبخة من صنع الطهاة أنفسهم أكان الذي جيء به مالكيا حنفيا أم شيعيا أو هجينا سنيا عباديا مهديا أو علويا من عائلة العلاّوي فالكل سواء بسواء سيبقى الحال على نفس المنوال هي نفس الطاسة والحمّام عينه والبديل هو القدر المحور وهكذا دواليك وعلي التوالي والتكرار يولي ويذهب علاّوي و يخلفه من بعده خلاوي وربما أبو جاسم لر أبو الخصاوي وهنا تكمن المصيبة في بلد شرائعه وسننه كانت محكمة و مهيبة والآن أصبحت عجيبة وغريبة. وأخيراَ لكم حكمة كوردية مفادها " إذا كان قائدنا علاّوى أو خلاّوي أو زحلاوي أو أبو الخصاوي سيبقى حالنا كمن عاشر واوي في وسط غابة في جزر ملاوي" عذرا مع بعض التغيير في مفردات المقولة الكوردية كي تلائم واقع العراق المزري والتعيس.
9-2-2020 - دهوك – أحمد علي
كيف غيّرت البوصلة أتجاهها؟
يتشابه أختيار مقعد رئيس الوزراء العراقي في الدورات الأخيرة من طرف الأحزاب والكتل الشيعية حكاية رب الأسرة المتحكم بشؤون عائلته والقواعد الصارمة التي فرضه على زوجته من الأنقياد لأوامره وأطاعة توجيهاته بحذافيرها. يقال ذات يوم زار هذا الشخص أحد المعارف وبعد فترة من توقف الحديث بينهما نادى على زوجته بجلب الرقية المستوية ولما وضعها أمامه لتقطيعها وقف لبرهة من الوقت وهزَّ رأسه وصاح عليها ثانية بأتيان الكبيرة وعندما نفّذت الأمر وبصمت مطبق وجاءت به ثانية ووقفت أمامه ملبية أوامره وبصوت أكثر شدّة زجرها بأن تجلب الوسطى وبسرعة وبدورها أدّت الواجب من دون أن تنبس ببنت شفة. ومصيرها أيضا صار كسابقتها وطلب منها هذه المرة بأن تقدم للزائر الأخرى الباقية الصغيرة وفعلت حسب مشيئته من دون أن تجعل الضيف يشعر بأن هي نفس الدبشية في جميع المرات السابقة التي أتت بها. هي هي لا غيرها. وفي تلك الأثناء كان الضيف يراقب العملية العبثية ويدرك حقا بأنها هي عينها. وطوال هذه المهزلة لم تفقد الزوجة صبرها ولم تكشف الأمر ولو بحركة أو بأيماءةِ غير طبيعية تجعل المراقب للمشهد يحس بتلك اللعبة المقننة والمفتعلة من جانب المضيف حيث عرف علم اليقين بأن الرقية مهما أستبدلت لا تغيّر من الوضع شيئاً مهما كان حجمها أو لونها أو نوعها أو طعمها. لكون صاحب الدار الذي يمثل الكتل البرلمانية الهجينة والمسندة من أحزابها في غايتها ومطالبها وأجنداتها هي التي تتحكم في المشهد الأيقاعي في أختيار البديل المراد على مقاسهم بعيدا عن مطالب الشعب.
فالدبشية المستوية كان (عادل عبد المهدي) حين جيء به وأصبح كبش الفداء لتلك الفترة العصيبة من عمر العملية السياسية وعلّقوا عليه ولا زالوا شماعة فشلهم مما حدا به للأستقالة والتخلص من تبعات العواقب التي واجهت البلد من جراء ذلك الأختيار الخاطىء والتي توقعت فيه في مقال سابق بداية تنصيبه للمنصب بأنه سوف لن ينجح في مهمته ولأسباب عديدة كانت معروفة لدى الجميع وأدت الى الفوضى والأستياء والأمتعاض من الشارع العراقي. وحالُ من ترشّح من بعده لتلك الغاية لم يكن أكثر حظا منه لأن (علاوي) الذي خلفه مرّ مرور الكرام ودخل قبة البرلمان وخرج من الباب الخلفي حاله حال الرگية الكبيرة وبتنحْيهِ حافظ على بياض ماء وجهه أمام الكتل والجماهير الغاضبة التي رفضته منذ البداية. وأما المرشح (الزرفي) كان أكثر عقلانية من الآخرين ممن سبقوه وتلمس الجو المشحون بالتقلبات والتجاذبات المنفعية من قبل الكتل المتنفذة ولم يستطع خوض التجربة ويسبح ضد التيار الجارف أمامه ويكون مصيره الرفض المشين من كافة المعارضين لترشيحه وظهوره وأختفائه كان بمثابة عبور سحابة صيف على سماء العراق المبتلي بأخطر وباء العصر المتمثل بكورونا الجاثم على صدور العراقيين وتأثيره يقينا لم يكن قويا بتلك الشدة إذا ما قورن بنتائج فعل القوى المتسلطة على رقابهم على مدى الأعوام المنصرمة.
لذا, فُسحَ المجال أمام المرشح المرتقب( الكاظمي) الشخصية الغامضة الغير الجدلية المستقلة الذي رُفض في السابق من كافة الأطراف بلا أستثناء ولم يكن مقبولا وأزيح من المشهد ولكن في النهاية وقع الأختيار عليه ولعلّه فخ نُصب له من قبل قادة الكتل والأحزاب لثنيه والأيقاع به كما فعلها المضيف البطيخي بضيفة المتلهف (الشعب العراقي) وتركه ينتظر فترة من الترقب والتأمل ليتذوق طعم نفس الرقية الأولى المكررة وأصبح هو المرشح الأمثل لدى الجميع ليقود سفينة العراق نحو بر الأمان التائهه في عرض البحر والغارقة بالمصائب والعراقيل والعقبات وتعقيدات المشهد الأقليمي والدولي والداخلي. هل يتمكن من أرضاء الجميع هذا الخليط الغير المتجانس؟ بالتأكيد وفي هذه الساحة المليئة بالصراعات سيجد نفسه وحيدا لا يدعمه أحد سياسيا في سفينة على وشك الغرق بالكامل. والمهمة التي كُلّف بها ليست سهلة وبالأمر الهين وخاصة في هذا الظرف الدقيق والحسّاس لأنه لا يمتلك مصباحا سحريا ولا مفتاحا سرّيا لحل جميع المعضلات العالقة والمتراكمة ويصبح ضحية لأولئك الحيتان الذين أرغموه لتولي المنصب ولعلي أن أكون مخطئا بأن يكون الأختيار صائباً هذه المرة وعسى أن تسلم من الكسر الجرّة ونسبح في فضاء المجرّة بسلام وهناء ومسرة, ويكون بادرة خير للجميع ونرى حظنا بأم أعيننا, هل الشمزية أو بالأحرى الدبشية التي وضع المضيف أخيرا سكينه القاطع الحاد عليها تخرج حمراء وطعمها حلو تسر الناضرين وتروق لجميع الأذواق أم تبدو بيضاء ومُرّة يخيّب ظنَّ الحاضرين؟ والكل في ترقب وباتوا من المنتظرين يهابون الوباء الغريب وشره وكيد القريب ونحره وسيف المرشح القادم وبتره كي يُرجْعَ للوطن أعتباره ويعطيه حقَّ قدره.
9-4-2020 – دهوك – بقلم: احمد علي
حلبة التكليف الوزاري
وسباق الأرنب والسلحفاة
حين لم يستطع عادل عبد المهدي من إرضاء كافة الأطراف السياسية والحزبية ولم يكن عادلاً في تقسيم الكعكة بصورة صحيحة فيما بينهم ولم يكن مهديا منتظراً بنظر الشارع الملتهب الذي خيّب ظنهم وترك الحبل على الغارب في تصفيتهم في الساحات . لذا قدّم أستقالته وترك المجال لمن يخلفه لأتمام المهمة العويصة في بلد تتقاذفه الأهواء المتباينة والنوايا الشريرة المداهنة والغايات المنفعية الذاتية والمطالبات الشعبية الحقة فعلى البديل القادم تلبية جميع هذه المطاليب المشروعة والمغلوطة وإلا سيكون مصيره الفشل ويكون الخيبة عاقبته والتنحي منتهاه لا محال. وعندما تقدم البديل الأول محمد توفيق علاوي لكسب ثقة البرلمان الذي لا يتصف بثقة الأغلبية ولا بثقة الجماهير المنتفضة بمجمل العملية برمتها وعلى هذه الشاكلة الشائكة. جاء بهدوء وخرج من قبة البرلمان بصمت مطبق بعد أن أستشف وأستشعر بعدم مقبوليته لدى الكتل النيابية وتمعن النظر من ردّة فعل الشارع الرافظ له وتفحص المواقف المتداخلة ولاحظ الجو المتشابك داخليا وخارجيا حينها أدرك علم اليقين بأنه غير مرغوب فيه وأستنتج بأن لا مكان له في هذه المعمعة المعقدة وأخيراً شد علاوي الرحال الى كراج العلاوي قبل أن يُسد الطريق ويفرض منع التجوال ويحجر عليه في أحد فنادق العاصمة. مما أضطر برهم صالح بترشيح عدنان الزرفي ليكون البديل الثاني في سباق الريسس على هذا المنصب الشاغر المحفوف بالمخاطر الجمة. وفي الطريق حين توجه من النجف نحو بغداد أنزرفت أطارات سيارته أي ثقبت وتعطلت عن السير وعلِم عِلم اليقين بأنه لن يحظى بتأييد الأطراف المتصارعة لأنه فُرِضَ من قبل رئيس الجمهورية ولا يتفق مع مخططاتهم الجهنمية. فدخل من الباب الرئيسي وكُلّف وخرج من الشباك الخلفي لا من شاف ولا من دري وسلك الطريق البري من حيث أتى وأفكاره شتى بين متى وحتى. وبمجيئة ضيّع الخيط والعصفور ولم يتمكن من أصطياد الحمائم ولا الزرزور ولم يذق طعم الزعرور من جبال كوردستان في گاره ومتين ووديان هرور. وطوال هذه الفترة كان مصطفى الكاظمي يكظم غيضه ويقتنص الفرصة وأستفاق بخبر ترشيحه لنيل المنصب الذي حُرم منه قبل ذلك من كافة الأطراف المتصارعة ووجدوا فيه ضالتهم المنشودة وأملهم وربان سفينتهم الذي ينقذهم من هذا المنعطف الحاد. وبالسرعة الممكنة شمّر يداه وسبح بعكس أتجاه مجرى نهر دجلة تجنبا من فيرس كورونا في الطرقات وتحاشيا نقاط التفتيش ومبتعداً من سخرية الفضوليين في الشرفات. وصل ونال موافقة الجميع ورُحب به داخليا وخارجيا وحتى شعبيا لأن الشعب نائم وأرجلهم على عتبة الأبواب يتشمسون ولسان حالهم يُردد: لا نستطيع الخروج خوفا من كرونا ورهبة من المفارز أن يعقلونا وفي السجون يحبسونا بتهمة نشر الفيروس لأنهم كانوا يردّدون الأغنية الفلكلورية"على دلعونا" في الطرقات ويرقصون على أنغامها دبكة "الدلعونا" تشفيا من الوضع المتدهور صحيا ونفسيا ومعنويا ومعيشيا."إن المصائب تأتي تباعا" ولا تأتي فرادى كي يحقق المرادا.
14-4-2020 – بقلم : أحمد علي
أكياس الأطفال الفارغة وسلال الأحزاب الممتلئة
قبل تشكيل أي حكومة عراقية من قبل رئيس الوزراء المكلف تجتمع جوقة الكتل والأحزاب والمكونات فيما بينها وتاتي بسلالها مطالبة منه بأن يعبأ بما يشتهون وحسب أذواقهم وتماشيا مع مقاساتهم التي أعتادوا عليها في الدورات السابقة حالهم حال تلك المجموعة من الأطفال الذين كانوا يُردّدون كلمات الأهزوجة:"ماجينه, ياماجينه" خلال شهر رمضان المبارك في الأزقة والأحياء في المدن والقرى. حينما كان يحل الظلام بعد تناول طعام الأفطاريجتمعون ويسيرون في كوكبة صغيرة يقودها أكبرها سناً، تطرُقْ أبواب المحلة بيتاً بيتاً، تقف أمام البيت وتنشد اغنية الماجينا وهم يحملون الطبول الصغيرة والابواق ويطرقون أبواب الدور باباً تِلوَ الآخر على أمل في الحصول على انواع من الحلوى مثل (الزلابية, البقلاوة,الملبّس, المسقول,الزبيب). واذا أمتنع صاحب الدار عن إعطاء الهدية أو فتح الباب فانهم يرددون هذه العبارة:(يهل السطوح تنطونه لو نروح )وهذا الأسلوب وهذه الأشارة يستخدمان من قبل الكتل بمثابة تحذيرعلني فعلى رئيس الوزراء المكلف أن يرضخ لأرادتهم وأن لا يتأخر في تحقيق تلك المطالب وإلا لن تمرر الكابية ولن تنال الثقة منهم ولسان حالهم يقول له:(يا رئيس الوزراء القادم تنطونه ما جئنا به لو نروح ونخرب الملعب في البرلمان؟!). وعندها يضطر صاحب الدار بتلبية مرامهم ويعطيهم بعض المال بدلا من الحلوى اذا كانت غير متوفرة لديه. وبالمثل فجماعة الخير وشُلّة لا في العير ولا في النفير في الأنتظار بأن يمنحهم الهدية والكعكة أي الحقائب الوزارية والمناصب في أن واحد وعند حصولهم عليها فانهم يتغزلون مرددين (داده "فلان" ما حلالي مثلك .. شط الهندية ما بلل كذلتك) ويختمون الأهزوجة بمقطع ينشده قائد المجاميع المتئالفة والمتكاتفة بحلب الثروات وخيرات البلد بقوله (الله يخلي راعي البيت) أمّنت أبواب أرزاقنا وليذهب الشعب الجائع الى الجحيم وبئس المصير. ان الوضع العراقي الحالي بتداعياته وأفرازاته المعروفة جعل بعض من شعراء الاغنية العراقية يغيرون في كلمات الاهزوجة الاصلية ويعكسون الظرف عليها لتكون لسان حال اطفال العراق حينما يقول مطلعها: "ماجينا يا ماجينا حلي الكيس وانطينا, لا تعطينا قنابل، بورده وبوسه صبحينا"، أو:"ماجينه يا ماجيـــنه,ليش العالـــــم ناسـيـنه, بس احنـــه نفكر بالناس, شو محد فكر بـــيــنه". والأهزوجة الكوردية القديمة تقول:"يا أهل السطوح والقصورالعالية, الله يجعل ولدكم عريسا ويتهنى, ونأخذه فوق تل گرماڤا" ويتمنى البقاء هناك آمناً مطمئنا.ً ولو فعلها المكلف وقلب الطاولة رأساً على عقب عليهم, حينها ستتحقق كل أماني الشعب لو فكر البديل القادم بأبسط حقوقهم وملأ سلالهم بما يجود به من خيرات البلد الغني وتوزع بأنصاف لا بأجحاف في العلن وليس منّة أو في أوقات المحن. ولقد ضل الشعب يتمرّغ ويتخبط في الطين والوحلِ, من السهلِ الى الجبلِ. فإلى متى يبقى البعير فوق التلِ صامتا؟ فعليه لا بد من نهاية لأنه مهما وقف فوق التل فلا بُدّ من النزول والرضوخ لمطالب الشعب المشروعة.
24-4-2020 – دهوك – احمد علي
الكاظمي : هل هو البديل الواعد؟
بعد سباق مارثوني لتشكيل حكومة مؤقتة أبان أستقالة عادل عبد المهدي ودخول الدولة في فوضى دستورية لعدم أعطاء الثقة للبدلاء علاوي والزرفي لأسباب معروفة لدى الجميع من تناحر الكتل والقوى السياسية فيما بينها على المناصب والمنافع الذاتية والفئوية ورغبة منهم في أبقاء المهدي يدير حكومة تصريف أعمال لكسب مزيدا من الوقت في تحقيق المآرب والغايات. حيث دخل الوضع في نفق مظلم وأرادوا الخروج من عنق الزجاجة فوقع الأختيار على شخص الكاظمي ليكون البديل المنقذ لهذه الفترة العصيبة الحبلى بالتحديات المصيرية بدأَ بالأنهيار الأقتصادي والصحي والخدمي والمعيشي وأنتهاءَ بظهور داعش نحو الواجه مرة أخرى ناهيك عن الصراع الدولي والتكالب الأقليمي على مصير ومقدرات العراق وتوجيهها من سيء الى أسوأ. وبعد جُهدِ جَهيد, ومخاض عسير, وصراع عنيف, وبين رافض ومانع, وساخط وقانع, ومفرق وجامع أعطي الضوء الأخضر للأخير في الترشيح للمهمة المقبلة المحفوفة بالمخاطر والمنزلقات وقبول التحدي لكي ينال الثقة من أغلبية الكتل ولو على مضض.
ومجيء هذا البديل الغير المسيّس والغير المدعوم لا حزبياَ ولا شعبياَ وربما أقليميا, يبدو عليه بأنه مفاوض بارز ولاعب ماكر صاحب نظرة ثاقبة ويتصف بالهدوء المرتقب تجاه المواقف. هذا الشخص أثار على نفسه المجازفة وتقبّل المخاطرة للمهمة العسيرة وقدّم منهاجه الحكومي المليء بالألغام والتحديات من أجتثاث الفساد وتقديم سرّاق المال العام للقضاء العادل, وأنهاء كافة أشكال العبث بالثروة الوطنية وحصر الأسلحة الغير القانونية بيد الدولة وملاحقة المتورطين بالدم العراقي والأتيان بدولة مواطنة ديمقراطية من خلال الأنتخابات المبكرة النزيهه والشفافة لأرضاء مطالب وتطلعات الشارع العراقي المنتفض. وأخيراَ نال المكلف الموافقة القانونية ومُنح الثقة والشرعية الدستورية من قبل البرلمان. فعلى جميع المؤيدين والرافضين والمعارضين وضع كافة الأمكانيات وتسخير جميع الطاقات المادية والمعنوية في طريق هذا الرجل وكابينته لتكلل بالنجاح والموفقية رُغم الشرخ الحاصل في كافة أنسجة الطيف العراقي شيعيا كان أم سنيا أو كورديا. فعلى السائرون السير من ورائه وتقديم وتيسير العون له لأكمال المسيرة سيراَ تاماَ وعلى أحسن ما يرام. ويلزم الفتح أن يفتح له كافة الأبواب الموصدة والأنفتاح كليا عليه في تذليل كافة العقبات المحتملة في أنجاح مهمته لتأسيس ما هو قادم. ولن يتم هذا ما لم تتصرف الحكمة بعقلانية مدروسة تجاه الأوضاع الراهنة التي عمت البلاد وأبتلى بها العباد. ولن تتحق الآمال والوعود النهائية ما لم تدعمها النصر بكل الجهود المتاحة والأنتصار في هذه المرحلة المصيرية ليكون مكسباَ للجميع وخسارة لأعداء البلد. ولن تكلل المهمة بالنجاح التام والأنجاز الناجع ما لم تتسم النية الصادقة بروح القانون لأرساخ العدالة العامة وتعميم الديمقراطية لكافة الشعبوب المتعايشة في هذا البلد والسعي لتوحيد الصفوف والتراصف جنبا الى جنب للقضاء على كافة المشاكل والمعوقات والمخاطر التي تواجه الوطن من جميع الجوانب وجر سفينة البلد نحو بر الأمان.
7-5-2020 – دهوك – أحمد علي
عراق النقيضين
القادم :" كول وفعل": أليس كذلك؟
في أحد المناسبات التقى شخص بأحد العقلاء وقال له أخبرني من هم أتعس وأشقى الشعوب في العالم؟ فرد عليه بهدوء وأناة :هي تلك الشعوب التي"ماضيها مزدهر وحاضرها مقفهر". فخير مثال الآن على ذلك الوصف والتوصيف العقلاني هو العراق لأنه كان مزدهراَ في الماضي وفي الحاضر الآني مكفهر بكل أشكاله وذلك بعد أحتلال العراق والمجيء بتلك الشلة من شُتات الملة والتي جثمت على صدور شرفاء الدولة وأذاقوهم الذُلة من كافة الأنواع وتغيّر وجه العراق الحقيقي المزدهر والمشرق بسواد معتم ومكفهر. وشتان بين رؤساء ووزراء الأمس بعد ثورة الزعيم ونظرائهم اليوم وعلى مدى الأعوام الفائتة بعد سقوط النظام. وخير دليل لأثبات هذا الكلام هو: بعد أن أُعدم الزعيم الأوحد وتأكد الجميع بأنه لم يكن يملك داراَ ولا عقاراَ عكس الرؤساء الحاليين حدث عنهم ولا حرج فقد أتحفهم الفرج فلهم القصور والمروج والفلل في بلدان الواق واق مبتعدين من الصخب والهرج والمرج يتهنون ويبتهجون بالليالي الملاح والشعب الغلبان نادي عليه حي على الفلاح وقل لهم في ندائك هنيأَ لكم الأتراح والنواح. وللتأكيد على الكلام الآنف الذكر كيف كان وزراء الأمس يعيشون وأين كانوا يسكنون وماذا كانوا يملكون؟ لك مثالاَ واقعيا واحدا وقس على ذلك والرزين يقارن واللبيب يستنتج والأواه يتأوه من الفرق الواضح والبون الشاسع بين النموذجين. حين ألتقى صديق قديم من الموصل بالوزرين من مدينته نينوى الحالية وهم: عبد الجبار الجومرد وزير الخارجية ومحمد حديد وزير المالية في حكومة قاسم, وكانا يسكنان فندق جبهة النهار وكانا يهيئان لأنفسهم طعام الفطور وبأيديهم ومن دون خدم وحرس وحشم وحماية. وعندما أستفسر منهم لعدم تمكنهم من شراء مسكن خاص بهم يليق بمكانتهما العالية حينها جائه الرد السريع والمليء بالمعاني من قبلهم:"جئنا لنخدم لا لنحكم". وأما وزراء الكتلچية والعربنچية والودنكبچية والمسبحچية وبكل غرور وعنجهية ومنهم على شاكلة الأفندي والقسم الآخر لابس العمامة والچراوية وناهيك عن السافرة وأم العباءة الكوفية والمتحزبة اللوكية والناطقة العفطية:"كلهم جاؤوا وبدون أستثناء لهدم وتخريب مقدرات العراق ونهب وسلب كل ما أمكن من ثروات وأموال الدولة وبشتى الطرق الملتوية والمستوية وأستخدام أساليب الزوايا القائمة والحرجة والمنفرجة وكأنهم في أعراس واوية وقد فاقوا بذلك خطط أعتى اللصوص والحرامية في العالم ونهج ألمافيا الدولية وألاعيب القراصنة البحرية وذكاء دهاقنة الغرف الخفية من وراء الكواليس أم على شاشات التلفاز العلنية". فإلى متى سيظل الوطن يئن ويصرخ تحت وطأة الثقل الذي وقع عليه أم سينزاح هذا الكابوس كلية ويرجع الحق لنصابه ويتنعم الجميع بخيرات بلده. فعين الجميع تواقة لرؤية القادم الجديد والبديل المتحمس والمنقذ الجريء وبقدوم مصطفانا المخلص ما عساه أن يفعل في قادم الأيام ونحن في ترقب ولهفة وكلنا أمل وثقة بأن التغيير واقع لا محال والباغي ماضٍ نحو الزوال لأن الجميع يرون في هذا المختار والمنتخب من رحم الأمة بأنه رجل المهمات الصعبة وعلى رأي المثل أنه " قول وفعل". لأن الأفعال دوماَ أقوى وأدق من الأقوال.
5-8-2020 – دهوك – أحمد علي حسن
وجوهٌ متعددة والعملة واحدة
بعد كل دورة أنتخابية في العراق ومجيء رئيس وزراء جديد يبدأ العراقيون يحلمون بالقادم الأفضل من تحسين الأوضاع والعيش بحياة كريمة ولكن سرعان ما يجدون أنفسهم مقبلين نحو الأسوأ وهذا الحلم ينقلب عليهم كالكابوس المطبق ويصبح حلمهم وكأنه سحابة صيف سرعان ما تنقشع في وضح النهار وتتلاشى من حيث عادت وتتوارى عن الأنظار بسرعة فائقة وكل الآمال والأماني تذهب سدى من دون رجعة وهكذا دواليك. وعندما نُصّب الكاظمي بديلا أستثنائيا وفي الوقت الضائع ورُغم أنف الجميع حينها أستبشرنا خيراً من قدومه لأنه لم يكن منحازا لأية جهة حزبية أو فئوية أو طائفية وما الى ذلك. وقتها كتبت مقالا مطولا حول ذلك وعنونته بهذا الأستفسار العريض ملئه الشك والريبة والتوجس والتوقع المشوب بعدم القناعة التامة من قدرته من أقناع جميع الأطراف المتصارعه فيما بينها وفي نفس الوقت صعوبة المهام من أرضاء الشعب المطالب بحقوقه المشروعة والمهضومة منذ عقدين من الزمن. أستهليت العنوان بهذا السؤال: "هل الكاظمي هو البديل الواعد؟" لهذه المرحلة المتأزمة بالتنقضات السياسية الداخلية والخارجية وتحت وطأة جائحة كورونا والكساد المالي والأقتصادي وأفلاس الميزانية برمتها وتكالب الدول الجارة على نهب ثروات البلاد والعباد. وجاءت النتيجة مثلما ما توقعته فلم يكن واعدا بل كان متواعدا مع الآخرين وأنجرف مع التيار الهادر القوي مثل أسلافه الذين سبقوه ولم يُنفّذ ما أقره في منهاجه الحكومي من وعود حاسمة عند تنصيبه بل جرّ البلد نحو ما هو أسوأ وتبين لنا وبالدليل القاطع والبرهان الساطع بأن الجميع ممن سبقوه ومن سيلحق بهم في المستقبل لهم وجوه متباينة ومختلفة وعديدة صُممت وسُكّت لعملة واحدة ألا هو أنهم عبدة الدولار الأمريكاني وغلام التومان لحسن روحاني وخُدام حريم الليرة السلطاني عند أردوغان التركماني وعبيد الدرهم والدينار لمشائخ وملوك دول الخليج العريباني. والشعب المسكين أكان مسلما أم مسيحيا أو أيزيديا أو صابئيا أو كان قيقاني أي لا مسلم ولا نصراني فأنه سيبقى يعيش على فتات الغير من منح وهبات وعطايا من المنظمات الأنسانية والجمعيات الخيرية وبلده لو أستغل وأستثمر بصورة صحيحة فأنه يكفي الجميع الأحياء منهم والأموات من زمن طوفان نوح والى نهاية الحياة على هذا الكوكب الفاني والويل والثبور من القادم من فلان الفلاني.
7-1-2021 - دهوك - احمد علي
التحدي المُميت
بعد شد وجذب, ودفع وخفض, ورفع وكبس, ووضوح وغمس, رُفع اللبس وبان ما كان يضمر في خفايا الكأس عند أصحاب البأس. لقد أدى التعنت الشديد من طرف الأطار والتشبث بمواقفه بقوة الى أزدياد وتصلب حدّة العناد من جهة التيار والقوى الأخرى المنطوية معهم، لذا أخذت سفينة البلد تنزلق وتنحدر وتنحرف بها المسار نحو الهاوية وتغور في أعماق البحار وضاعت البوصلة على رَبابِنتها تتلاطمها الأمواج باحثةً لنفسها عن قرار وأستقرار.
لم نرى الأستقرار من جميع الحكومات السابقة ولم نتوقع أن نشاهدها ممن يأتون بعدهم لو ظل السيناريو على الوجوه القديمة. فلم نرى بصيص الأمل في الطربق لا من عادل (المنتظر) ولا ممن سبقوه. وتوقعت في حينه من مجيء عبدالمهدي هو الأختيار الخاطئ يقينا وسيصبح (كبش الفداء) لحيتان الفساد وصار في خبر كان وضيّع خلال فترته على الشعب الخير والأمان. وقبل دخول الدولة في فوضى دستورية خاضت جميع الأطراف المتصارعة على السلطة في سباق مارثوني لتشكيل حكومة مؤقتة أبان أستقالة عبد المهدي ووقع الأختيارعلى الكاظمي ليكون البديل المؤقت لتلك الفترة الحالكة والهالكة. وحينها بوبت في إحدى مقالاتي بأستفسار عريض"هل الكاظمي هو البديل الواعد؟ وحينها شككت بأن يكون هو المخرج والمنقذ لأسباب عديدة والأجابة الآن بعد أنتهاء مهمته الفاشلة والمخيبة للآمال وحسب ما توقعناه نحن جميعاً حقاً ويقيناً زاد في الطين بلةً وفي الطنبور رنّةً وأثقل على الشعب هموماً إضافية وأخرج منهم ألف حسرة و ونّه.
جميع الكتل السياسية السابقة غلبت مصالحها الشخصية والفئوية والولائية على مطالب الشعب الحقيقية وأبقت تدور في نفس الفلك ولم تخرج من نطاق الحصحصة الضيقة واللصلصة المدروسة والكل بات يعلم ما آلت أليه الوضع المتأزم والخانق فظهرت بعض القوى تنادي بالأصلاح للخروج من المأزق السياسي وتصحيح الأخطاء السابقة التي وقعوا فيها جميعاً وشاركوا في تفاقمها من دون إستثناء أكانت صحوة ضمير أم ضرباً من التبرير. فلاقت هذه الأصوات رداً عنيفا من الجانب الآخر المهيمن على زمام مفاصل الدولة. تلك المواقف المتشنجة أفرزت أحداثاً خطيرة كادت تجر البلد الى المزالق والأقتتال الداخلي. فأنسحاب التيار من العملية السياسية وعزلة السيد وأنزوائه أدى بالأطار أن ينفرد مع المطبلين معهم بتشكيل الحكومة القادمة حسب رغباتهم والمقاسات السابقة ضاربين علو أصوات الأحرار عرض الجدار العازل بينهم وبين آمال وتطلعات الشعب التي نادت بها منبر تشرين والتيار والأصلاحيون والأممية بلاسخارت.
ما دام الأمور في كل دورة أنتخابية تسيرعلى هذه الوتيرة المعاكسة والمضادة لرغبات الأغلبية الساحقة سيبقى الشعب يشرب الماء الآسن من نفس الطاسة المخرومة أكان رئيسنا مام جلالاً البشوش الممازح أو معصوماً النائم نوم أهل الكهف أم برهماً اللبق المنفوش ذو اللسان المعسول المغشوش ويقيناً لن يغيّر القادم اللطيف من المعادلة المستعصية شيئاً ولن يكون رشيداً بالقدر الكافي لأخراج البلد من فم القمقم المغلق لأن جميع رؤساء الحكومات السابقة أُختيروا بالتوافق والاملاأت ومن تحت عباءة التيارات المتنفذة والمتسيدة للمشهد السياسي ولن يستطيع الخروج من ذلك الجلباب العتيق والرداء البالي وأخيراً يكون العواقب وخيمة على الشعب.
ها هو العريس الجديد القادم المرتجى محمولاً على الأكتاف نحو القصر الحكومي وخلفه الشلة المنبوذين من الملة والمحبوبين عند القلة وعلى رأي المثل الكوردي"جلە کەتە ملە" أي "وقع على الأكتاف الجلة" ليضيف من عللهم مزيداً من العلة. الكل ورائه يطبلون ويغنون أغنية "خطابة خطابة جئناكم خطابة" يا أهل بغداد والحلة, يدقون على الدفوف والربابة, على مسامع الشعب العراقي البائس الغلابة, ويرددون هذه الپستة على عنادكم شئتم أم أبيتم فنحن لحقوقكم سلابة, نريد البعد منكم، بشرع الدستور وكتابه، ضيمكم مشروبة، وشروطنا مستجابة، الشرط الأول بقاء مرشحنا على الكرسي, والحمايات وسيارات الشبح مي مركوبة، وبقرة مو محلوبة، وآبار النفط مطلوبة، ونود السفر في أشهر العسل الى باريس وعواصم أورپه، وتلذّوا أنتم أيها الشعب التعيس بالبصل العفن وفتات الأكل من القمامة حتى الثمالة.
15-10-2022