١- أفلاس التاجر
"إذا أفلس التاجر فتش في دفاتره القديمة"
وهو مثل شعبى أو حكمة مأثورة تناولها العرب قديما وعند الضرورة وحين يستوجب الموقف ذلك يلجأ القائل الى أطلاقه لعله يجد له مخرجا من الورطة التي وقع فيه من فعله أو ممن جنى عليه غيره. ويطلق المثل عند اشتداد الأمور على احدهم ومن استنفذ كل الحلول، وليس له من حل الا معجزة الدفاتر القديمة. فيقوم بالبحث هنا وهناك على أمل أن يجد مخرجا من ازمته أو ضائقته المالية. ويحاول التاجر المفلس ويجهد نفسه في محاولة بائسة لحل مشكلة إفلاسه، وبعد أن يفشل في إيجاد حل، ينكب على حساباته عسى أن يجد ضالته في مدين لم يسدد ما عليه من قروض، فيكون الفرج ويصعد الدرج مرة أخرى ومن دون حرج ويستجدي كما يفعله القرج أي الغجر من دون ضجر. وبيت القصيد من هذه الحكمة وكي نخرج من هذة النقمة التي وقعنا فيها من جراء الأفلاس الأقتصادي والكساد المالي وعلى أمتداد الحكومات السابقة والتي أهدرت المال العام نهبا وسلبا بأساليب وطرق مقنّة لم يشهد لها مثيل في العالم قديما أو حديثا تغافل عنها عمدا كتاب جنس للأرقام القياسية وفي أرجاء العالم رفع رؤساء عصابات التزوير والغش والخداع قبعاتهم للمستوى الراقي والتفنن البارع الذي وصل أليه شلة الفساد في العراق في الأستحواذ على خيرات العراق الغني وأيصالها الى حافة الأنهيار التام مما حدا بالواعد الجديد الكاظمي بالبحث والتنقيب في وسائل عدة لعله يجد ثغرة لأملاء الخزينة الخاوية ويعيد هيبة الدولة المنهارة الى الواجهه. وبعد جهد جهيد وفحص وتدقيق وجد ضالته الأولى في أستقطاع رواتب المتقاعدين تلك الشريحة الهشة والضعيفة من دون أي وجه حق قانوني أو سند دستوري لفعل ذلك. وبعدها سيلجأ الى الأقتراض الخارجي والداخلي ويوقع نفسه بين أهون الشرين ويغرق البلد في الديون المسقبلية ويضيف الى الأزمة أزمات ويزيد في الطين بلّة وحيتان الفساد في الأنتظار وأفواههم مفتوحة مطالبين هل من مزيد ولا يهمهم من يدفع فاتورة وفوائد التسديد وغير مكترثين بالوعد والوعيد والأقتصاص والتهديد بتقديمهم الى العدالة وستعود حليمة الى عادتها القديمة وتبقى سفرة المائدة أمامهم مستديمة ما دام الطلاسم والجفرة في التلاعب بأموال الدولة في أيدٍ حكيمة ويمتهنون حقاً أذكى وأدق أساليب الشعوذة والدجل في الأستحواذ على الثروات مما سيتيح لهم مخرجا كالتاجر المفلس ويترزقون من حيث لا يحتسبون ورزق الهبل على الساكتين عن الحق فهل من محق يحقق الحقوق ويُنهي البلد من الشرور والعقوق ويُرقّع الشقوق.
25-6-2020 – دهوك – احمد علي
٢ - برد العجوز عند العرب والأكراد في الموروث الشعبي
"فات شباط الخباط وما اخذ مني لا نعجة ولا رباط, وضربنا على ظهره بالمخباط"
أقوال وآراء حول برد العجوز
سبعة أيام يشتد فيها البرْد، تقع في أواخر الشِّتاء وأوائل الرَّبيع
فترة العجوز او برد العجوز ( نهاية الشتاء ).
برد العجوز يدخل اليوم الأحد حيث تكون الرياح شمالية باردة تؤدي إلى انخفاض درجات الحرارة.
أعتقد العرب قديماً ان الفترة الممتدة من ( 25 شباط - 3 آذار) هـي فترة تتعرض فيها جزيرة العرب والخليج العربي والعراق وبلاد الشام لبعض من البرد والأمطار وهي بالأحرى الفرصة الأخيرة للبرد في فصل الشتاء.
ويعتقد أن القدماء كانوا يُخدَعون من دفء بعض الأيام في شهر شباط ، خاصة في الأيام الأخيرة منه والأيام الأولى من شهر آذار، فيخرجون إلى الوديان من أجل الرعي، إلا أن تقلبات الطقس تفاجئهم بهطول غزير للأمطار، يؤدي لتشكل السيول التي تجرف معها بيوتهم وأغنامهم ومواشيهم.
برد العجوز يطلق على موجة باردة تأتي مع نهاية فصل الشتاء ومطلع فصل الربيع وعدد أيامها سبعة أيام فقط، أريعة أواخر شباط، وثلاثة أوائل آذار.
ويطلق على اواخر الشتاء وتأتي في نهاية فصل الشتاء على شكل موجة باردة تسمر سبعة ايام او ثمانية.
و”المستقرضات” أو “برد العجوز”، وهي آخر أربعة أيام من شباط وأول ثلاثة أيام من آذار، حكاية متوارثة، وبسببها يخاف العجائز من شهر شباط وينتظرون رحيله كل عام.
أيام المستقرضات أو أيام العجائز هي سبعة أيام؛ أربعة منها آخر شهر شباط وثلاثة في بداية شهر آذار، تتميز بشدة البرد.
تسميات برد العجوز
لقد أطلق العرب أطلقوا اسم (برد العجوز) على سبعة أيام أو ثمانية تبدأ بيوم يسمى (الصن) ثم (الصنبر) (فالوبر) و(الآمر) و(المؤتمر) و(المعلل) وأخيرا يوم (مطفئ الجمر) و(مكفئ الظعن).
وتسمى تلك الفترة في العراق "بمقشمرات المعيدي" اما في دول الخليج وشبه الجزيرة العربية فتسمى بـ "بياع الخبل عباته".
تسمى ب «برد العجوز» عند أهل البادية، ويطلق عليها برد «الحسوم » عند العرب، وبرد الشولة عند أهل الزراعة.
وتتسم فترة "برد العجوز" بتقلبات جوية وحالة مناخية مضطربة وتعرف عند أهل الخليج بـ "بياع عباته" أو "برد الحسوم" عند بعض العرب و"برد الشولة" عند أهل الزراعة.
والرياح التي تهب خلال هذا الموسم تُعرف بـ (النعايات) وهي رياح بادرة تنعي فصل الشتاء وتودعه، وتتشكل سنوياً في آذار". و هي رياح ربيعية محلية تميل إلى البرودة.
وأن سبب تسميتها برد العجوز "لأن العجائز تكرهها لشدة بردها وخوفها من أن تهلكها.
ويذهب آخرون إلى أن سبب تسمية «برد العجوز» تعود إلى أن عجوزاً أحست بالدفء فجزت صوف غنمها، ثم رجع البرد، ما أدى الى نفوق كل الأغنام، وقيل لأن برده يؤثر في كبار السن والعجائز دون الفتيان، وقيل لأنه يأتي في عجز الشتاء أي آخره والعامة تسميها العجوز.
وقيل إن سبب التسمية ترجع الى عجوز كاهنة عاشت في العصور الغابرة عند العرب تكهنت بعودة الشتاء لأيام قلائل، لتتلف حينها ماشيتهم ولم يصدقوها، فحدث ما حذرتهم منه وتلفت الماشية فسميت أيام العجائز.
طقس برد العجوز
في أيام (برد العجوز) يشعر الإنسان فيها بالبرد النسبي بعد أيام دافئة وليس كالأيام الباردة في شهري كانون الثاني وشباط.
يسبق تلك الفترة أرتفاع بدرجات الحرارة ودفء الأجواء حتى يظن بعض الناس ان البرد قد انتهى ولن يعود.
يأتي برد العجوز بعد حالة دفء خادعة يظن خلالها الناس أن البرد قد انصرف، إلا أنه يعاود هجمته مجدداً ببرودة شديدة.
عادة ما يسبق فترة برد العجوز ارتفاع في درجة الحرارة يكون «خادعاً»، فيظن البعض أن البرد قد زال إلا أنه يعاود الكرة مجدداً مصحوباً برياح شمالية، أو شمالية شرقية محملة بالغبار والأتربة.
كان القدماء يُخدَعون من دفء بعض الأيام في شهر شباط، خاصة في الأيام الأخيرة منه والأيام الأولى من شهر آذار، فيخرجون إلى الوديان من أجل الرعي، إلا أن تقلبات الطقس تفاجئهم بهطول غزير للأمطار، يؤدي لتشكل السيول التي تجرف معها خيامهم وأغنامهم.
قصص المثل في الموروث الشعبي
في الموروث الشعبي تمتزج القصة والخيال بالحقيقة والواقع، فتروى الحكاية وتبقى جيلا بعد جيل، بحلة متجددة، تحمل نفس المضمون الممتع والمثير للفضول.
يروى أن عجوزا جزت خرافها بعد شعورها بالدفء بعد شتاء قارص وما أن حلت تلك الأيام حتى تسببت بنفوق الخراف من شدة البرد لأنها لم تحسن التدبير وتنتظر حتى ذهاب البرد كليا، مشيرا إلى أن هناك قولا آخر حول التسمية يفيد بأن هذا البرد تسبب بموت العجوز نفسها.
ويحكى قديماً أن عجوز كانت ترعى الغنم في احدى السهول وكان الجو صافياً ودافئاً واخذت تردد "فات شباط الخباط وما اخذ مني لا نعجة ولا رباط, وضربنا على ظهره بالمخباط".
ويقال أن عجوزاً أحست بالدفء فجزت صوف غنمها ثم رجع البرد ما أدى الى نفوق كل الأغنام.
وورد في رواية أخرى أن رجلاً معتوهاً اشترى عباءة لتقيه من لسع الشتاء وفي نهاية الشتاء عاد الدفء، فظنّ أن البرد قد انتهى فباع عباءته، فعاود البرد، فأهلكه، فسُمي هذا الموسم باسمه.
ويروى ان عجوزا كاهنة من العرب كانت تخبر قومها ببرد يقع في اواخر الشتاء، فلم يكترثوا لقولها، وجزوا اغنامهم واثقين باقبال الربيع، فلم يلبثوا الا مُديدة، حتى وقع برد شديد اهلك الزرع والضرع فقالوا هذا برد العجوز.
والرواية الثانيه تقول: ان عجوزا كانت بالجاهلية ولها ثمانية اولاد بنين، فسألتهم ان يُزوّجوها، ولحّت عليهم فتأمروا بينهم، وقالوا لها ان كنت كما أنك شابة فابرزي نفسك للهواء، والزمان شتاء وبرزت للهواء فلما اصبحت قالت: أيها بني انني لناكحة, وان ابيتم انني لجامحة, هان عليكم ما لقيت البارحة .فقالوا لها :لابد ان تنجزي وعدكِ، في الليالي السبع, ففعلت وماتت في الليلة السابعة ونسب اليها برد الايام الثمانية واسماؤها.
ردّة فعل الطبيعة
وتدعي القصة المتوارثة، أن شهر شباط غضب من كلمات العجوزة وأحس بالإهانة، وذهب لأخيه شهر آذار واستنجد به من العجوز فقال "يا أخوي يا آذار ثلاثتك مع أربعي نخلي العجوز بالسيل تقرعي".
وتفسيرها ان شباط طلب من شهر آذار ثلاثة أيام يجمعها مع أربعة أيام منه وتهطل خلالها الأمطار بغزارة ويزداد البرد، مما يؤدي الى أن تسيل الأودية وتجرف العجوز وأغنامها معاً.
حين سمع شباط كلام العجوز وغضب غضباً شديداً واستنجد بابن عمه آذار: آذار يا ابن عمي ثلاثة منك وأربعة مني نخلي وادي العجوز يغني. والمعنى أن شباط طلب من آذار أن يتعاونا معاً للانتقام من العجوز ردّة فعلِ على قولها المهين.
وتكتمل الحكاية بأن آذار أستجاب لشباط فأتت في الأيام المحددة أمطار غزيرة شكّلت سيلاً جرف العجوز وأغنامها، وتضيف الحكاية أن العجوز وقد جرفها السيل لم تخشَ ماسيحدث لها بل كان همها أغنامها. وأصبحت العجوز تقول: شباط، مالو رباط، وآذار غدار، وفرح شباط لأنه جعل العجوز تعترف بقوته وسطوته على الطبيعة.
برد العجوز في الموروث الشعبي الكوردي والايزيدي
مسميات هذه الفترة
لقد أرتبط الموروث الفلكي الشعبي القديم الذي نشأ وانتشر في وقت سابق وبدأ يندثر في عصر علوم الفضاء والتكنولوجيا. وشهر شباط هو أواخر ايام فصل الشتاء حكايات وامثال مازال البعض يرددها الذاكرة الشعبية الكوردية ونستنتج الكثير من الحكايات حول الشتاء ولها مدولات وحكم كما ان مثل هذه الحكايات ذات نكهة نفتقدها اليوم حيت تسود البساطة والتجمع للعوائل. ويحاول الناس تجنب برد القارص خصوصاً في الشهر الاخير حيث يوحى اعتدال الجو بأن الشتاء قد ذهب ومن دون عودة .
جدي العجوزة: (گيسكێ پيرێ): باللغة الكوردية هو احد المواسم الشعبية وهذا الموسم يعتبر ختام فصل الشتاء وان هذه الايام تتميز بشدة البرد ويطلق عليها موجة باردة مع نهاية فصل الشتاء ومطلع فصل الربيع و عدد ايامها سبعة ايام أربعة منها اواخر شباط وثلاثة منها اوائل اذار، وعادة ما يسبق هذه الفترة بارتفاع في درجة الحرارة يكون خادعاً فيظن الناس ان البرد قد ولى الإ انه يعاود هجمته مجدداً وبقوة وهذا الطقس يؤثر خاصة على الاطفال وكبار السن ونهايته تسود الرياح الجنوبية والجنوبية الشرقية الدافئة ثم تعقبها آخر نسمات الربيع .
وان سبب تسمية هذه الفترة من الحساب الفلكي الكوردي ب (جدي العجوزة) ماقيل من انه كانت هناك سيدة عجوزة شعرت بالدفء وشاهدت ان الطير الدراج (چیچکێ ويت ويتانى ) قد بنى عشه لموسم التكاثر فاعتقدت بان الشتاء قد انتهى والبرد قد ذهب ولم يعود وكانت لديها ثلاث جداية. فقالت: في نفسها لقد ذهب شباط ووصفتها بكلمات بذيئة وغير مهذبة ولائقة. فقامت العجوزة بجز شعرات جدياتها الثلاثة لاستخدامه في الغزل والحياكة ولسان حالها تردد هذه الأمثال الكوردية:
ضراط على شباط, وحل علية آدار وحط, والجدي في الوادي نط.
"تڕ ل شباتێ ، ئادار ب سەردا هاتێ، گيسكێ خۆ هاڤيته لاتێ".
أنا جديٌ مقصوص الشعر, حلّ الربيع وشكلي جميل.
"ئەز گيسكم گيسكه لوكم ، بهار هات ئەزێ خوشكوكم".
وداعاً يا شباط, وآدار بنا أحاط, وأكلتُ نبات العكوب على البساط.
"ترن ترن شباتوكێ، دەركەتى ئاداروكێ، من خوارى کەنگروکێ".
وتدعى القصة المتوارثة ان شهر شباط غضب من كلماتها واحس بالاهانة وذهب لاخيه شهر اذار واستنجد به من العجوزة كي يستعيره ثلاثة ايام من شهر اذار الذي يليه ليشفي غليله من جدايا العجوز الذين قاوموا البرد والجوع في شهر شباط. و تفسير هذه العبارة ان شباط طلب من اذارثلاثة ايام يجمعها مع أربعة ايام منه كي تهطل خلالها الامطار بغزارة و يزداد البرد مما يؤدي الى أن تسيل الاودية و تجرف جديات العجوزة بأكملها.
وبعدها بأيام ذهبت العجوزة الى عش طير الدارج (ويت ويتاني) فشاهدته ميتاً على عشه فقالت له:
"أيها الطير الدارج, لم يكن لك دراية بالمواسم يا ساذج, خرّبت عُشك وبيتي والجدايا فوق السيول هائج"
( چیچکێ ويت ويتانى، ته هيچ ل دەمێ سالێ نەزانى، ته مالا خۆ خراب كر ويا من ژى ل سەر دانى). منقول بتصرف من عدّة مصادر في كوكل
15-11-2020 – دهوك – أحمد علي حسن
- ٣شعرة من جلد الفقير
أو "شعرة من جلد خنزير"
حرب شعواء على الفقير ومن جميع الأطراف ومن دون رحمة. تلك الحرب يشنها جهات عدة وعلى جبهات مختلفة وجميعها هدفها أضعافه وأذلاله وجعله آلة مسيّرة ويتلاعبون به حسب مشيئتم ويتحكمون بمصيرهم ويتم هذا بأساليب عديدة وطرق مقننة للوصول الى هذا الهدف المنشود بدأً بأصحاب المصانع المنتجة للمواد الغذائية المغشوشة والمفتقرة لأبسط أجهزة التقييس والسيطرة والمتغافلين معهم والمشاركين في إيذاء الناس. ويليهم في الجريمة التجار في أدخال تلك البضائع الفاسدة والمنتية صلاحيتها والمتعاونين معهم في هيئة الكمارك في تسهيل مهمتم الخبيثة في كسب الأموال الطائلة على حساب صحة الفقير وكأنها شعرة من جلد خنزير لا يخشون أحداً لأن القضاء بدوره يرقص على الوتيرة ذاتها ويُطبّل لهم ويطاوع القوانين وفقاً لهواهم ورغباتهم الدنيئة. والطامة الكبرى حين تصل المكيدة الى تلك الشريحة التي أقسمت قسم أبوقراط وهو قسم أخلاقي تقليدي يقسمه الأطباء لممارسة الطب عند نيل الشهادة والذي يخالف شرطا من شروطه يكون قد حنث بقسمه وخان الأمانة وأضرّ بمرضاه. فهناك طبيب يرسل مريضه للتحاليل أو الأشعة باهظة الثمن، لأن له نسبة عن كل حالة يرسلها. فإن سأله المريض عن البديل، زعم الطبيب أن نتائج المعامل الأخرى غير دقيقة وليست محل ثقته. وربما تمادى في استنزاف مريضه بأن يطلب أموراً لا يحتاج المريض إليها، حتى تزيد عمولته. وهناك طبيب يمنع عملية جراحية في مستشفى حكومي عام، ثم يستقطبه لمستشفى خاص باهظ التكاليف، حتى يحصل على أجر مضاعف، ضارباً بفقر مريضه وعوزه. وهناك طبيب يصف لمريضه ادوية أضافية، ربما لا يحتاجُ مريضه أليها جميعاً، لأن له نسبة من شركات الأدوية الفاسدة التي يُصر الطبيب على االتزود منها، مع وجود بدائل أرخص من إنتاج شركات دوائية أخرى ذات جودة عالية. ناهيك عن الجرائم الطبية الأخطر مثل سرقات الأعضاء، أو الإهمال في مراحل النقاهة، أو التعامل مع المريض بوصفه حالةً، وليس بشراً مسلوب الأرادة. وبالطبع، في مقابل أولئك الأطباء الذين نسيوا قسم أبقراط، وفي حاجة يومية لسماعه، علّهم يتذكرون، هناك أطباءُ شرفاء ليسوا بحاجة إلى سماع ذلك القسم النبيل، لأنه محفور في ضمائرهم ووجدانهم الحي، حتى صار نهجاً راسخاً في أنفسهم، غير قابل للخضوع للنزعات النفسية أو الهوى، أو الشهوات. أيها الأطباء أصحاب المهنة النبيلة كونوا وجهاء الروح وونصحاء الضمير، فإنكم يدُ الله الرحيمة عليهم في الأرض. حافظوا على مصلحة المرضى ضمن قدراتكم ومعرفتكم ، دافعوا عنهم من كل اذية وظلم والله المستعان على ما نقول.
15-12-2020 – دهوك – أحمد علي
٤- راحلة العدالة وناقلة النذالة
"باعوا الجمل بما حمل"
لما دخل عروة واليا على اليمن قال: "يا أهل اليمن، هذه راحلتي، فإن خرجت بأكثر منها، فأنا سارق".
مكث عروة واليا على اليمن عشرون سنة، توالى فيها على الملك ثلاثة من أمراء بنى أمية؛ سليمان بن عبد الملك، و عمر بن عبد العزيز، و يزيد بن عبد الملك، و عندما خرج منها لم يكن معه إلا سيفه و رمحه و مصحفه. الا ليتنا نتعلم من أخلاق عروة يا أهل السلطة جمعاء أينما كانوا وحيثما وجدوا. هذه رسالة إلى كل مسؤول وحاكم تولى أمر الأوطان وشعوبها. لكن شتان بين ما نشاهده اليوم من مسؤولينا ومن تولى شؤون أمورنا نحن شعب العراق المبتلي بطغمة من الحرامية نعاني أشد المعاناه من ويلات تتابعت علينا وبشتى أطيافهم وتوجهاتهم فمنذ الغزو والى حد الآن فمن جاء لحكم البلاد لهَف منها حق الله والعباد وزرع فيها بذرة الفساد. لقد فاقوا في لصوصيتهم آلآف المرات على علي بابا والأربعون حرامي. فعلى موسوعة غينس أن يستبدل الأسم الى علاوي والمليون حرامي. فهمُ الجميع هو بأن يرفعوا على الراحلة والناقة ما أستطاعوا فسرقوا الجمل بما حمل ولم يُزودوا الرعية ببرميل من النفط الأبيض مجاناً يقيه من برد الشتاء القارص والعراق سابح فوق بحر من النفط. فأمثال عروة وعلى شاكلته هكذا سادوا ومن تسيدوا حكم العراق تسودت وجوههم سواد النفط الأسود تحت باطن الأرض في الدنيا والآخرة. لقد أتجهت رحلة عروة التقي نحو العدالة وعادت مطمئنة بالقناعة والرضا وأنحرفت ناقلة أصحاب سواد الوجه بأتجاه النذالة والخسة والجهالة من دون رجعة.
18-12-2020 – دهوك – احمد علي
٥- الثور وأصحاب الشور
"ليس لكم حصة لا في الثور ولا في الطحين"
الثور وباللغة الكوردية: (گا)
وهو ذكر البقرة، حيوان قوي يرمز إلى القوة يستخدم في جرّ الأدوات الثقيلة ، وفي الزراعة يلعب دوراً هاماً في حراثة الأرض، وأحياناً يستخدم للركوب عليه كوسيلة للنقل وحمل الأثقال. هو أحد الحيوانات المفيدة للإنسان، حيث لا تقتصر فائدته فقط على اللحم إذا كان صغيراً، بل يعتبر أكبر مساعد للإنسان في أداء العديد من الأعمال الزراعية والمنزلية، الثور من الحيوانات المهمة في الحياة جدا وخاصة الزراعية فلا يمكن ان تقوم تنمية زراعية من دون وجود حيوان الثور. الثور رمز الخصوبة في الحضارات القديمة و لذلك غالبا ما كان يقدسه الأقدمون ويعتبرونه أحد الاله المهمة في حياتهم وهذا يعني ان الثور كائن منتج فاذا قيل لشخص انك ثور فهذا يعني انه مفيد.
يذكر الأستاذ طه باقر حول اسم كلكامش عدة صيغ منها (كلكامش، جلجامش، كلكاموس، جيجموس، جليموس بلفظ الجيم كافا ً فارسيه).
تورا: وتعني بالاكدية بفرعيها والعربية والآرامية الفصحى والسريانية والسورث"ثور". وباعادة دمج المقطعين يكون معنى آتورا (الثور السماوي).
وأما في اللغة الكوردية فكلمة (گا) تعني ( ثور) و(گولک) بمعنى (عجل) أي ذكر البقرة (چێل). والجاموس (گامێش) حيوان أهلي من جنس البقر وهو لفظ سكنسكريتي، مركب من" گا: ثور البقرة" و "ميش: لاحقة تدل على المذكر". وعند دمج تلك المفردات الكوردية يتكون الكلمة المركبة (گولگامێش) أي العجل والثور والجاموس مجتمعة. رمز القوة والشجاعة والتي تمثلت في شخصية البطل الأسطوري گلگامش وملحمة گلگامش التي كتبت بالسومرية وترجمت إلى الأكدية قبل اكتشاف حروف اللغة العربية تحكي في إيحائها البعيد عن ملامح عالمية لا تقتصر على مكان أو شعب أو أرض معينة، بل تتعدى الحدود الجغرافية بإسقاط عالمي رحيب من خلال ما تحكيه عن مدينة "أوروك" وشعبها الذي يحكمه ملك ثلثاه إله وثله الآخر إنسان، وهو گلگامش ابن الإله ننسون الذي حملت به من ملك بطل أسطوري مقدس.
الثور في الموروث الشعبي الكوردي
هنا أسرد بعض الأمثال الكوردية وأُعبر من خلالها بأسلوب سخري تهكمي لاذع والتي تؤكد قدرة وقابلية هذا الحيوان الضخم القوي من تحمل الأعباء والأثقال وفي كلمة (بار) "بار کەتە سەر شاخێت گای" أي تدلى الحمل على قرون الثور أي أصبح العبء عليه ثقيلا لم يستطع تحمله واصبح أيلاً للسقوط وهذا هو حال العراقيين حيث وصل بهم الحال أبعد من ذلك ووقعوا على الأرض من شدة الوقع الأقتصادي المزري عليهم. ورغم المناداة والمطالبات والمناشدات المتكررة لقد صَمّ المتحكمون آذانهم وكأن فيها وقرٌ" بلویرێ هەر بو گوهێ گای بێژە" لا فائدة منها مهما" عُزف الناي في أذن الثور". والخطأ الفادح جُلّه هو من الثور الكبير"خەتا خار ژگایێ پیرە" والكل يعرفون المقصود من هو أي رأس الهرم وأعلى شخص في سلم المسؤولية والخط العميق الذي يحرثه هذا الثور في الأرض البور" خەتا کویر ژگایێ پیر" هو أيضاً يقع على عاتق الثور الأكبر والذي يتولى القيادة الفعلية للبلد والذي يرسم شرخاً عميقا في جسد الأمة من سوء التخطيط والأنفلات نحو الأهواء الذاتية والفئوية والتجاذبات السياسية. كلهم ولا أستثني منهم أحدا قط لقد أذاقوا الشعب المر والشقاء ولم يعطوهم إلا القليل النادر حقاً ما يُقال بأننا " لم نرى من الثور غير الأذن فقط" لا غير أي " ژگای گوهـ نیشا دا" يا للقسمة الظالمة لعمري أنها قسمة ضيزى. حالهم حال الثور العجوز عندما يبطر من شدة التخمة الزائدة فيبدأ بالرقص" گایێ پیر رابو لەییزوکێ" وأي رقص أنها رقصة على جراح وآلام الفقراء والتعساء. ومن البداية ولحد اللحظة جُلّهم بل جميعهم متفقون على سلخ الثور كلّه ولم يبقى منه إلا الذيل وهم في تسابق لسحبه نحو الخارج" گا گورا کوریا مای" ولم يسلم منه الذيل الذليل والشعب النحيل يأنُّ من وطأة الصراخ والعويل ولسانهم المعسول ينطق بلا خجل وأستحياء" ليس لكم حصة لا في الثور ولا في الطحين" أي بما معناه ومغزاه ليس لكم حصة ولا نصيب لا في الثور المذبوح ولا في أكل لحمه: "نە دگایدا ونە دئاریدا" على قول أخواننا المصريين في الضراء وحين البأس والشدة والعوز. والحسرة والأستياء والتذمر أخذ من الشعب مكانا مما حدا بهم القول جهارا وعلانية "هل كل ما يدرّه الثور من الخيرات يكون من نصيب الثور وحده"." ما گا دکەت وگا دخوت". لقد صدق أصحاب القول وكذب أصحاب الفعل الدنيء والخسيس بتآمرهم وتلاعبهم بمقدرات وثروات شعوبهم ونهب ما يمكن سلبه حيث بلغ بأهل البيت مبلغاً من الأستخفاف والأستهتارحين شارك صاحب الدار مع اللص الغدار وأخرجوا الثور من ثقب الجدار". "خودان ودز بو نە شریک گا ژکولەکە دەر ئێخست". وحين وقع الثور الجريح على قارعة الطريق كثرت السكاكين من حوله و تكالب أهل الشر والعار مع أصحاب الدار الأشرار وكتموا أفواه الأحرار والأبرار.
وهذه هي تلك الأمثال الواردة في سياق المقال مع الترجمة العربية ومحورها ودلالاتها تدور عن الثور وأوصافه وعلى سبيل الأمثلة ولا الحصر.
الأمثال الكوردية
بار کەتە سەر شاخێت گای
بلویرێ هەر بو گوهێ گای بێژە
خەتا خار ژگایێ پیرە
خەتا کویر ژگایێ پیر
ژگای گوهـ نیشا دا
گا گورا کوریا مای
گایێ پیر رابو لەییزوکێ
ما گا دکەت وگا دخوت
هەوە نە بار دگایدا هەیە ونە دئاریدا
خودان ودز بو نە شریک گا ژکولەکە دەر ئێخست
الأمثال باللغة العربية
تدلى الحمل على قرون الثور
كالذي يعزف الناي في أذن الثور
الخطأ الفادح من الثور الكبير
الخط العميق في الحراثة من فعل الثور الكهل
لم نرى من الثور غير الأذن
لم يبقى من سلخ الثور إلا الذيل
بدأ الثور العجوز بالرقص
هل ما ينتجه الثور من حقه أن يأكله فقط
ليس لكم حصة لا في الثور ولا في الطحين
شارك صاحب الدار مع اللص الغدار وأخرجوا الثور من ثقب الجدار
6-1-2021 – دهوك- احمد علي
٦- الأستقالة من نصيب وزير العدل
"دڤێت دادوەر دوەسابن"
هكذا يجب أن يكون حكام العدل
في خمسينات القرن الماضي كانت دوائر الحكومة معظمها في منطقة القشلة وكان في حينها يبقى بعد الدوام الرسمي حاكم خفر للنظر في الدعاوي الطارئة المحالة من مراكز الشرطة لمدينة بغداد، وفي إحدى الليالي قام الباشا بزيارة لحاكم التحقيق وطلب منه غلق القضية الفلانية وفي صباح اليوم التالي ذهب حاكم التحقيق إلى مكتب وزير العدل وبيده عريضة يطلب فيها الإستقالة وعند الإستفسار منه عن الأسباب, شرح له طلب الباشا منه غلق التحقيق بقضية معينة, فكان جواب وزير العدل لا إبني مو أنت تستقيل "وزير العدل يجب أن يستقيل" وذهب إلى مكتب الباشا رئيس الوزراء وقدم طلب الإستقالة وعند الإستفسار عن السبب قال الوزير"إنتهى القانون في العراق". أجاب الباشا ولماذا ؟ وأخبره الوزير بما حصل بالليل مع حاكم الخفر وأن فعلك هذا خلاف لِأحكام القانون! حينها إعتذرالباشا نوري السعيد من وزير العدل وذهب إلى بيت حاكم الخفر في بيته وإعتذر منه أيضاً وقال له هكذا يجب أن يكون حكام العدل بالعراق. أليس كذلك أن يكون حكام اليوم أمثولة لمن سبقوهم في أتخاذ القرارات الصائبة في المواقف الجريئة والصعبة مهما كان أتجاه التيار الجارف.
العقل السليم في الجسم السليم
عقول سقيمة وأجسام دميمة
العقل: لغةً: الحِجْر والنُّهى ضِدُّ الحُمْق، والجمع عُقول، وهو مصدرُ (عَقَلَ) يَعقِلُ عقلاً فهو معقولٌ وعاقلٌ.
العقل: اصطلاحاً: الأصل في العقل: العقد والإمساك، وبه سمي إدراك الإنسان إدراكاً يعقد عليه عقلاً، وما أدركه عقلاً، والقوة التي يزعم أنها إحدى القوى التي يتصرف بها الإنسان، يميّز بها بين الخير والشر، و الحق والباطل عقلاً، ويقابله الجنون و السفه، والحمق والجهل باعتبارات مختلفة.
في ستينيات القرن المنصرم وفي مدينة دهوك الكوردستانية مدينتي الجميلة المحاطة بالجبال العالية والجو المعتدل على مدار السنة وثانويتها الوحيدة الكبيرة الواقعة على ضفة النهر الصغير المار في وسط المدينة وعلى جنبيه مختلف الأشجار المثمرة وناسها الطيبين من كافة الأديان والطوائف والنحل والمتعايشين معا في جو من الأخوة. كان في تلك المدرسة أثنين من الطلبة يختلف أحدهما عن الآخر: الشخص (س) سالم كان مهملا كسولاً لا يهوى الدراسة فكان يرسب سنة ويعبر في الأخرى بشق الأنفس لأنه كان يفضل الرياضة على الدراسة وكان مغرما بها لحد الجنون, شاب وسيم طويل القامة مفتول العضلات ذو قوة بدنية عالية كان دائماً يتهندم جيداً وخاتمه الذهبي يلمع في يده الأيمن والساعة السوسرية تعطي لتحركاته رونقاً وجمالاً وينطبق عليه القول الآتي: الجسم السليم في العقل السقيم. أما الثاني (ش) شمعون كان مجتهداً ودؤوباً على العمل الجاد والتطلع نحو المسقبل المشرق وكان متوفقا دوماً على أقرانه في مجال الدراسة. كان يحاجج أساتذته في المواد العلمية ويحل المسائل باللغة الأنكليزية. شاب دميم قصير القامة ذو ملامح هزيلة شاحب اللون ضعيف البنية لا يكترث لمظهرة الخارجي أبداً. وينطبق عليه القول الآتي: العقل السقيم في الجسم الدميم. وكان أحد زملائنا يلقبهم حسب تعبيره الساخر المضحك وبحضور الأثنين معاً بين حين وآخر وكان يشير بأصبعه أليهم ويقول لهم بهذه العبارة: العقل السليم في الجسم الفاكس ل (ش) ويوجه كلامه للآخرهكذا: الجسم السليم في العقل الفاكس وحينها كانت الضحكات والقهقهات تخرج من أفواه الحاضرين من الطلبة.
هذا الموقف أستوقفني وشدّ انتباهي لكي أقارنه مع وضع العراق الحالي في ظل هذه الفوضى العارمة التي يعج بها البلد بأجمعه وهو قادم نحو الخراب والدمار والضياع. لقد كان في غابر الزمان عقل وجسم العراق سليماً معافى يؤمه الدارسين ويقصده العلماء ويتوجه أليه الباحثين من كل صوب وحدب طالبين منها العلم والمعرفة. وأما اليوم فأصبح الجسم سقيما عليلاً لسيطرة الجهلاء عليها وتحكم السفهاء بناصية العلم والثقافة فيها مما أدى الى هجرة العقول النيّرة نحو الخارج والتغرب في بلدان الغرب. فأصبح العراق من منارة العلم والمعرفة الى (عقل فاكس سقيم في جسم فاكس دميم) وأصبحت عاصمتها بغداد أسوأ مدينة في العالم من كافة النواحي ودخلت في موسوعات الأرقام القياسية من أوسع الأبواب.
12-7-2021 - دهوك - احمد علي
التفاوت في النية
عصاتي عباتي الله أكبر
وباللغة الكوردية (( کەپەنۆک وگوپالۆک ئو ئەلاهو ئەکبەر)
بهذه الكلمات القليلة الموجزة والهادفة كان البدوي يؤدي صلاته السريعة في البراري وفوق التلال مع ماشيته وراء العشب والكلأ وهكذا كان حال الراعي الكوردي الذي كان يجوب الجبال والوديان خلف الأغنام ليل نهار. صلاتهم كانت نابعة من إيمان قوي راسخ بالله تعالى لا يشوبه أي زلل وشطط خالٍ من الحقد والضغينة, كان همهم الوحيد هو أرضاء الله وإرضاء البهائم التي بحوزته وبرعيته من توفير الطعام والماء لهم لأنها مسؤوليتهم وعليهم أدائها على أفضل وجه. فعصا العربي البسيط والعباءة التي كان يقيه من الحر والبرد والخطر شبيهة بعكاز الكوردي وفروته المنسوجة من الصوف الخالص تغطي كامل جسده وفي نفس الوقت كان يستخدمها لصلاة نقية وطاهرة لربه ولهم فيها مآرب شتى.
وأما ولاة اليوم ورعاتها فعلهم مشين ولسانهم ينطق بالسوء المبين همهم الوحيد هو تحقيق غاياتهم الدنيئة ومآربهم الذميمة وأهدافهم القبيحة ليس لهم ذمة تجاه الرعية ولا عهد مع الذات إِلَاهِيَّةِ ولا ميثاق مع المسؤولية. لسان حالهم يتفوه بالكفر والألحاد وأفعالهم مليئة بالموبقات والشرور والفساد وأتيان المعاصي تجاه الله والعباد. ناهيك عن نعيق الدعاة وأصحاب الفتوات ومقيمي الندوات والمشاركين في برامج القنوات والنطاطين في الطرقات والساحات وبمعيتهم الكثرة من خطباء الجمعة المتملقين المنافقين الناطقين بغير الحق والساكتين على الظلم والجور هؤلاء يفصلون للناس طرق وكيفية دخول الجنة من أوسع أبوابها وأدعية تقيهم من كل سوء وشر وتعاويذ يُبعد عنهم وسواس الشيطان وكيد الناس وأفعال الجن والخناس. ينصبون أنفسهم وكلاء الله على الأرض لا يعلو صوت فوق أصواتهم يتلاعبون بالدين حسب أهوائهم الذاتية ومنافعهم الدنيوية يفسرون ويؤولون بما يقتضيه مصالحهم إرضاءً للغير ورفاق الطاغوت وأبتعاداً عن حدود الله وعصياناً لأوامره وصراطه القويم. الولاة والرعاة والقضاة والدعاة ومن والاهم وسلك خطاهم وناصرهم وأقتفى آثارهم ونهج مبادئهم ومفاهيمهم المقيتة ليس لهم أي نصيب عند الله ولا مكانة عند البشر وجوههم مسودة لا ينفعهم ( قاصاتهم ولا رصيدهم أو دفاتر صكوكهم) في اليوم الموعود. هؤلاء جُلهم يتمسكون بتلك المقولة الخاطئة ومفادها (( هذا من فضل ربي)) لكن العكس هو الصواب انه وبكل تأكيد(( سرقة ونهبٌ لأموال الشعب المسكين)). لِعلْمكم أنه ربي لكم بالمرصاد سينتقم منكم شرّ َأنتقام عاجلاً أم آجلاً يمهلكم ولا يهملكم ومصيرهم كالذين سبقوكم في الظلم والطغيان ونهايتهم المأساوية باقية وشاهدةٌ للعيان وأصبحت عبرة الى آخر الزمان.
2-1-2022- دهوك- احمد علي
قبة برلمان أم حلبة ثيران؟
"بين حانة ومانة ضاعت لحانا"
بين الأطار والتيار يا سادة أنفلت الخيط بأكمله والعصفور طار وأبتعد من أيدي العراقيين وأصبح من العسير الأمساك به وبات الشرخ يكبر ويتسع لا يقدر أحد من إيجاد الحلول المناسبة وأسترجاع هيبة العراق وسيادته التائهة بين الحانه والمانه والحنانه والعنتريات الرنّانة. الشعب حار أيتوجه نحو الأطار ويلعب القمار ثانية وثالثة وهكذا يستمر الحبل القديم على الجرار وعلى وقع نفس الطاسة ونفس الحمام ويبقى الحال على الوتيرة ذاتها ونفس المنوال أو ينجرف مع التيار الهادر ويأخذه السيل ويرميه في أعماق البحار كي يغرق هناك بين الأمواج المتلاطمة ويصبح فريسة للحيتان والقرش الفتاك الجبار.
أيها الناس أكنتم في فاس أو مكناس أو حتى في تكساس أو مع الخناس أستحلفكم وأناشدكم بالعقل والضمير الحي الحساس هل رأيتم وشاهدتم من يمثلون الشعب يدخلون قبة البرلمان وقد لبسوا أكفان الأموات, وجاء البعض منهم بالتك توك من العلاوي والساحات, ويتباهى الآخرون بالعقال واللفات, والأخت الكوردية قد تكشخت بالفستان والكورتك وكأنها مدعوة لحفلة زفاف والشيعية بالعباءة السوداء وكأنها في زيارة للعباس يا محلة عباتها. الكل سوياً ملئوا القاعة صخبا وضجيجا وبفعلهم هذا ازدادوا النار أجيجا وكأنهم دخلوا الحرم بصفتهم حجيجا.همهم الوحيد هو نيل المناصب والحصول على المكاسب وترك مطالب الشعب من دون رقيب ومحاسب.
الى متى يتفاقم الشقاق بينكم ويتلاعب بكم النفاق ويبتعد عنكم الوفاق؟ ألستم أحفاد الحضارات العريقة التي سنّت القوانين لكم وللعالم أجمع وشرّعت المواثيق وأقرّت العهود والوعود لكافة الناس؟ أبهكذا وقاحة تظهرون للملأ وبهذا الشكل المشين تبدون للعيان وتتصرفون كالصبيان أهي قبة برلمان أم حلبة صراع للثيران أم أبراز للعضلات لتخويف المكونات؟ حقاً انها مهزلة المهازل, ألم تتعلموا أبجدية الحوار والتخاطب والتفاهم والديمقوراطية من أساتذتكم في الأعدادية حينما كان يلجأ مرشد الصف لأختيار مراقبا للصف ومعاونا له وبأسلوب تربوي وأبوي يُرضي طلاب الصف جميعاً بأفتتاح باب الترشح لمن يرغب بذلك ليكونا حلقة وصل بين زملائهم وإدارة المدرسة حول مطالبهم ومشاكلهم وبكل شفافية وأحترام. عاماً بعد عام وبعد كل دورة أنتخابية يستمر هذا السجال العقيم وأخيراً يتفقون فيما بينهم على الخير والنعيم لأنفسهم فقط ويضل الشعب يقبع في أسفل الجحيم ولسانه يردد مقولة الشخص المهضوم حين قال وبكل حرقة قلب" فوك الدرد الله ضربني بميجنه". أجل فوق ضيم الله ضُربنا بميجنه من هؤلاء الحفنة العفنة النتنة على مرّ السنوات الخوالي العجاف بأعمدة من الخِشب والحديد فلا جدّ جديد يتورد ولا قديم ولّى وتبدد وجُل الشعب يتوعد ويتهدد يصيحون وينادون بأعلى الأصوات ضاعت السيادة يا سادة من هكذا قيادة؟ العملية الأنتخابية حقاً أصبحت گوادة! فأين أنت يا حمادة كي تنجينا من الأبادة؟ وإلا فبوصلة الوطن أصبحت وباتت وأمست متوجه بخطى سريعة من ضياع السيادة نحو الخنوع والركوع والأنبطاح لأصحاب الأرادة.
12-1-2022 – دهوك