رصد مفارقات الحملة الأنتخابية
حُمّى الترشيح الأنتخابي في العراق
لقد أفرزت حُمّى الترشيح الأنتخابي في العراق عديد من الظواهر والأشكاليات والمفارقات والممارسات قلما تجد لها مثيلا في باقي الدول الأخرى المجاورة أو البعيدة. لا ضير ممن بدرت هذه التصرفات والسلوكيات أكانوا أشخاصا لهم دوافع فردية تنم على الحقد والضغينة تجاه العملية برمتها أم من جهات سياسية سلطوية لأغراض الهيمنة والتمسك بمراكزها الآنية أو فئوية ترغب من الأنتقاص والحط من الفئات الأخرى بهذا الشكل المشين والغير اللائق. فمهما كانت الذرائع والأسباب الموجبة أوالسلبية فلا تتناسب مطلقا مع حجم هذه الخروقات والتجاوزات التي جرت قبل الخوض في الترشيح وأبان ذلك ووصولا الى الصمت الأنتخابي وحدثت بعد ظهور النتائج الأولية كلها تظهرمدى التنافر والأختلاف والحسساسية المفرطة بين القوى المتصارعة من أجل الحصول على أكثرالمقاعد ومراكز السلطة والسطوة في الدولة متناسين حقوق الشعب المظلوم ضاربين كل القيم والأخلاقيات عرض الحائط في كل دورة انتخابية تستجد. ومن هذه الممارسات أسلوب الترغيب والترهيب والتبرير والتشهير والتسقيط والأقصاء والتشكيك والتهميش والتجريم والقتل الممنهج على الهوية.
القرش وسمكة الزينة
الأحزاب السياسية المتنفذة قروش كبيرة تسبح بكل حرية في بحر العراق الواسع فهل تستطيع أسماك الزينة وأعني المرشحين المستقلين والكيانات الضعيفة الجديدة على الساحة الأنتخابية أن تجاريهم في خضم هذه الأمواج المتلاطمة؟ بكل تأكيد كلا وألف كلا حتما مصيرها الأبتلاع. وأظن أنه لا يختلف معي أثنان في هذا التوصيف الدقيق.
صورة الشهيد وبوستر المرشح
صدور أوامر وتوجيهات من هنا وهناك بإزالة صور قتلى وشهداء القوات العراقية والحشد الشعبي ذات الأحجام الكبيرة من أجل فسح المجال للمرشحين للانتخابات للبدء بحملاتهم الانتخابية وفي أماكن عدة في المدن العراقية ليس إلا خرقاً للقوانين وأهانة كبرى لمشاعر وأحاسيس ذوي وعوائل الشهداء. مما حدا بالبعض المعاملة بالمثل حيث مزّقوا الملصقات والصور.فهل يجوز أن يصعد المرشح فوق دم الشهيد الذي ضحى من أجل الوطن. أليس كذلك؟ يا فاقدي الذمم وعديمي الضمائر.
الفلكس الضخم والمانشيت الصغير
لقد صُرفت ملايين الدولارات على فلكسات كبيرة لكثير من رؤساء القوائم والمرشحين والمنضوين تحت لوائهم مما تجلب النظر اليها قياسا للأحجام الصغيرة التي قلما تسطيع رؤيتها من بعد وبالعين المجردة. شئت أم أبيت فالرابح هو الحوت الأزرق وبلا منازع!
التحجب القديم والتبرج السافر الجديد
في هذه الدورة الأنتخابية بدت للعيان ظاهرة جديدة ألا وهي التبرج السافر وكأنها ملصقات لنجوم السينما من قبل أغلبية المرشحات لا تليق بهن بأن يمثلن شريحة كبيرة ممن يرغبون أنتخابهن ناهيك عن التداعيات الأخرى والتي تكرس نظرة أخرى لا تمت بأي صلة للغرض المرجو منه. فهذه الظاهرة طغت وبشكل قاطع على المحجبات اللواتي سبقهن في الدورات الأنتخابية السابقة. ولله في خلقه شؤون.
التغيير أم التزوير
متى يظهر التغيير في كيان الدولة الفتية وبنية المجتمع ويبرز للعيان نتائجها ما دام مكننة التزوير وبكل أشكالها تعمل على قدم وساق في وضح النهار وعلى مرأى ومسمع الجميع ومن دون خوف أو وجل بدأً بالمفوضية وأنتهاءً بصناديق الأقتراع. التشكيك وعدم الثقة من قبل المواطن والفئة السلطوية أصبح شبه معدومة.
الترغيب والترهيب
الترغيب والترهيب سلاحٌ ذو حدين بيد القوى المتنفذة في الشأن العراقي وخصوصا عندما تحين ورقة الأنتخابات حيث يصبح المواطن بين كماشة الترغيب من جهة من خلال الوعود الكاذبة: تعيينات, خدمات, هدايا وعطايا مالية وما شاكل وبين الترهيب بالترحيل والتهجير القسري ومنعه من أبسط الحقوق من ماء وكهرباء وغذاء وأحيانا تتعدى الى أبعد من ذلك من توجيه التهم الكيدية ضده بشتى الطرق والوسائل. أرهاب من نوع آخر يمارس بحق الأبرياء بأسم الأرهاب.
التخطيط والتسقيط
عندما يفقد التخطيط مقوماته ومرتكزاته الأساسية ويحل محله التخبط العشوائي الغير المدروس من قبل فئة محسوبة غير كفوءة لرسم مستقبل دولة تنعم بالخيرات والثروات الى حد كبيرويؤول به الى مستوى الحضيض حينئذ يجدر بنا أن ندرك بأن التخطيط سائر نحو الهاوية في ذلك البلد. والعراق خير مثال وأنصع برهان. ومن باب التهكم والسخرية لقد قالها يوما لي أحد الزملاء بأن كلمة التخطيط عندنا تعوزه شيء ما كي تستقيم معناه وتستكمل مبتغاه وتستبين مغزاه ألا وهو: بحذف حرفا ( التاء والخاء) من أولها فتصبح الأمر كله( طيط بطيط). أليس كذلك يا سادة يا كرام شأنها شأن التسقيط الأنتخابي بين المكونات والمرشحين والمرشحات والتسقيط أذن ديدن الساقط والفاشل الخائب الذي لاهدف له سوى الوصول الى كرسي البرلمان لا غير حينئذ يصبح البرلمان من أمثال هؤلاء: حلبة مصارعة وملاكمة وميدانا للقذف والشتم والسب واللعن.
التبرير والتشهير
في كثير من الأحيان يتطلب منا أن نقدم للآخرين التبريرات اللازمة والحجج والبراهين الدامغة كي نقنع المقابل بمشروعية العمل والأداء الذي قمنا به. وهذا فعل يرتقي بالشخص ولا يحط من قدره إن لم يتجاوز أُطر الحق والحقيقة بل يزيد في نظر المقابل شأنا وقيمة إن أصاب الغاية المرجوة من تبريراته. ولكن عند اللجوء الى طرق وأساليب ملتوية تنم على الخبث كالتشهير بالغير من دون وجه حق مهما كانت تبريراته فلن ترتفع الى مستوى الأقناع لأن حبل الكذب والدجل قصير لابد أن ينكشف وينقطع خيط العقد بلا شك. ومثل هذة الظاهرة برزت وطفت على السطح الأنتخابي في الأونة الأخيرة. حين أخذ البعض بهذه الصفة الذميمة والمس بسمعة الأخرين زوراً وبهتاناً من دون وجه حق.
قرعة كأس العالم ونتائج الأنتخابات
قرعة كأس العالم هذا الحدث الجلل والذي يجلب أهتمام شرائح عديدة من الناس في جميع أنحاء العالم والذي يجري كل أربع سنوات مرة واحدة وتتبارى فيها فرق كثيرة ومن منتنخبات الدول المتقدمة في هذا المجال وفي مكان واحد وعلى مدى شهر قلما تجوب مجرياتها أحداث تعكر جوها الحقيقي الممتع وكل الفرق تخرج منتصرة رغم أن الرابح بالكأس فريق واحد بعكس الكيانات المتنافسة في الحملة الأنتخابية العراقية فالرابح قبل الخاسر يتذمر ويتشكك من النتائج النهائية التي آلت اليه المحصلة النهائية. أذن التشكيك ديدن الجميع ومعضلة وعلّة العلل في العراق والكل يقذفون باللوم على المفوضية العليا ويصفونها بالغير المستقلة واللانزيه وبالمسيّسىة.
الحدث الأنتخابي وقنوات نقل الحدث
لعلّ معظم المتابعين للقنوات الأخبارية العربية مثل الحدث والعربية والجزيرة والشرقية وسكاي نيوزعربية والحرة وبي بي سي عربية يتلمس وبكل تأكيد وخاصة الحدث والشرقية منهما وخصوصا المخضرمة اللامعة (نجوى قاسم) ومقدم برنامج بالحرف الواحد (أحمد ملا طلال) وبأسلوبه الساخر الهادف بأنها تتدخل الى حد كبير والى أبسط الجزئيات المتعلقة بالشأن الأنتخابي حتى بات كل المشاهدين يعرفون كل ما يجري وبصورة دقيقة من عدد المراكز والمحطات وأرقام الكابينات وأسعار الأجهزة اللأكترونة ومنشأها وعملها وكيفية وضع البصمة وما شابه. وعلاوة على ذلك, كل الخروقات والتجاوزات والممارسات التي جرت وتحدث قبل وأبان وبعد الأدلاء بالأصوات وبالتفصيل الممل والمكرر. وهذا لم يحدث لباقي الدول قريبة كانت أم بعيدة, عربية أم أجنبية وأحيانا تمر ولم نسمع بها إلا قليلا ومن دون الدخول الى أدق التفاصيل حيالها. أتسائل ها هنا هل هنالك هوّة وتمايزبين الحدث العراقي وعن باقي الدول في هذا المجال؟ أستفسار ليس إلاّ؟ وحقاً لست بخاطيء!
الموال والمهوال
الموال: هو شكل شعبى عربى، إيقاعه واحد لا يتغير هو بحر البسيط، والموال فن من فنون الغناء الشعبي ولون من ألوان الشعر الغنائي الذي يجمع بين الفصحى والعامية المهذبة ويحتمل الاعراب واللحن. أما المهوال وخاصة في الفترة الأخيرة أثناء الأنتخابات وفي ظاهرة هي ليست الاولى من نوعها أذ قام الكثير من المرشحين باللجوء الى العشائر العريقة وأصحاب المهاويل من أجل حث المواطنين على انتخابهم. وأثارت هذه الظاهرة التي باتت منتشرة بسبب موسم الانتخابات أنتقادات لاذعة من قبل النشطاء وكثير من المدنيين ووسائل التواصل الأجتماعي لكونها تنعكس سلبا على سمعة تلك العشائرالاصيلة التي طالما وقفت ضد الارهاب والاحتلال وقدمت الغالي والنفيس من أجل الوطن. فلقد أصبح هذا النمط في أغلب الأحيان طريقة لها هدفين أحداهما الحصول على المال والثانية تعبيرية القصد منها إيصال فكرة عامة يعاني منها المجتمع سلبا او أيجابا كما حصل مع مهوال السيد عمار الحكيم الذائع السيط.
سباق الماراثون وحمى دعاية المرشحين
حسب علمي ومعرفتي التامة بشؤن الرياضة أستطيع القول بأن سباق الماراثون هو الأقرب لهذا التوصيف. وجميعنا نعلم بأن هذه الرياضة تستهوي كل الفئات العمرية من الشباب والى الكهول ومن النساء الى الذكور. وفي أغلب الأحيان لا يتعدى العدد الكلي وفي أبعد الأحتمالات الى الألف أو ما يزيد بقليل. والقسم الأعظم منهم ينسحبون من المضمار الشاق والطويل لأسباب عديدة والقلة منهم يكمل المشوار ويحصلون على مراتب المقدمة وتحسب وتدرج في سجلات أرشيفية ان لم يخالفوا الأنظمة وقوانين السباق. وأما في المقابل عدد المرشحين المشاركين في العملية الأنتخابية العراقية الأخيرة يزيد على الثمانية آلاف مرشح ومرشحة. يا للهول والمصيبة أنه مارثون من نوع آخر يحق لموسوعة جنس العالمية أن تدرجها ضمن سجلاتها قبل أن يحطم من قبل دولة أخرى في هذا المضمار والأغلبية منهم لا يحصل على أصوات عائلته والأقرب المقربين أليه. أنه حمى المشاركة ليس إلا ما دام أسمه بالحصاد فليكن منجله مكسور لا ضير فأنه مساهم في تشتيت الأصوات وخلق البلبلة في كافة النواحي التنظيمية والحسابية على الجميع. ولسان حالهم يقول: دعنا نطلع من المولدية بلا حمص على قول المثل المصري.
المجرب لا يجرب
بالرغم من التفسيرات التي بُرّرت بها المقصد الرئيسي من مقولة المرجعية من قبل الجهات المعنية بذلك وحسب ما يشتهون ولكن الشعب فهم فحواها ومغزاها تماما. لقد جُرّب المجرب مراراً وتكراراً وعلى مدى أعوام وظلّ على حاله يسير من سيء الى أسوأ. الفاسد بقى على فساده والسارق تفنن في أساليبه وأدواته وظلّ حال الشعب يترنح في مكانه يفتقر الى أبسط الحقوق والخدمات الضرورية للعيش والبقاء على قيد الحياة ولسان حاله يقول" أسال المجرب الفاسد ماذا فعلت بثرواتنا ولا تسأل الحكيم الذي حاول بكل جهده من كشف زيفهم وأظهر حقيقة أدعاءاتهم الباطلة".
وراثة أم كارثة
هل أصبح التمسك بزمام السلطة حكراً أم وراثة على الأحزاب المتسلطة فوق رقاب الشعب وعلى مدى تلك الأعوام العجاف؟ بكل تأكيد تحولت الى كارثة علت فوق كل الكوارث الطبيعية من زلازل وفيضانات وأوبئة ومجاعات. لقد أكتوى الشعب بنار الحروب الداخلية والخارجية على حد سواء. كارثة ليس من بعدها كارثة!
حنان والبرلمان
بهذه المقولة التي" عفى الله عمّا سلف": والتي أكل الدهر عليها وشبع خرجت عرّابة البرلمان الحنينة الحنونة حنان الفتلاوية والمراوغة العتيدة وصاحبة القوانة المشخوطة وذات اللسان السليط الذي لم يسلم منها أحد قط والتي تقاسمت الكعكة اللذيذة من أموال الشعب المسكين مع شلتها ومثيلاتها في دورات البرلمان السابقة حيث جاءت الآن وبكل خشوع وأستحياء مطالبة من الجمهور بأن يُعطى لها فرصة أخرى ويمنحها ثقتهم كي ترشح للأنتخابات المقبلة وبكل وقاحة. أتسائل ألم يكن لسانك الفظ اللاذع سببا مباشرا في خلق الفتنة والشقاق بين جميع المكونات داخل قبة البرلمان ومن على شاشات التلفاز أثناء المقابلات المدسوسة والمدروسة؟ هل لديك نية من أن تصبحي ملكة على عرش البرلمان العراقي بدون منازع وبالأكراه؟ أنه مجرد سؤال من مواطن عراقي بددت ثرواته سدى!
سائرون وتحالف الفتح وأئتلاف النصر وتيارالحكمة وأئتلاف دولة القانون
أنقسم وتفتت التحالف الشيعي الى تيارات وأئتلافات وتحالفات عدة تحت مسميات سائرون وتحالف الفتح وأئتلاف النصروتيارالحكمة وأئتلاف دولة القانون وكلا حسب توجهاته وغاياته وأهدافه المستقبلية لرسم خارطة جديدة لواقع العراق المزري الذي مرّ به على مدى الأعوام السابقة والتوجه به نحو شاطيء الأمان والسلام والخروج به من قمع الزجاجة المسدود نحو الفضاء الأوسع والأرحب لخيرالجميع من دون أستثناء. ولكل مجتهد نصيب والنية الصحيحة دوما لا تخيب فهل من مجيب؟
هدايا: ملابس وشتلات
كشف مقطع فيديو تم تداوله بشكل واسع لمواقع التواصل الاجتماعي لمواطن حصل على "ملابس داخلية " من قبل أحد المرشحين بغية التصويت له وأثارت موجة من السخط والسخرية لدى الجميع. وبرزت شتلات الزراعة مادة طريفة أخرى نالت نصيبها من السخرية والأمتعاض داخل أوساط المجتمع العراقي. وأنتشرت أيضاً العديد من الصور لمرشحين أختاروا الاشجار كي يعلّقوا لوحاتهم الدعائية عليها بعكس القسم الأكبر الذين علّقوها فوق الأعمدة الكهربائية مما سبب الى قتل عدد من المواطين الفقراء. بين وبينكم النمط الأول أضعف القدرة والأمكانية وليس على الغير المقتدر حرج. أحسبوها في ميزان حسناته ولله لا يضيع أجر المحسنين.
السبيس والتبليط
الوضع البائس والتعيس الذي يشهده معظم قرى وقصبات المدن العراقية من خدمات ضرورية حيث أصبحت مادة دسمة لقيام بعض المرشحين بأستمالة الناخبين عبر أستغلال تلك الحالة التي يعانون منها لصالحهم فأن هؤلاء المرشحين المتنفذين يقومون بأستغلال هذه القضية من خلال أستخدام موارد الدولة وصلاحياتها في تبليط الشوارع عن طريق ما يسمى بـ(السبيس) بحيث أصبح يطلق عليهم (بمرشحي السبيس) وعلى أثر ذلك أكد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أن صوت الناخبين أغلى من السبيس والتبليط والأمور التافه المماثلة.
غضب الطبيعة وأمتعاض الشعب
عمّت الأمطار الرعدية والحالوب والعواصف أجواء العراق وغطت مساحات شاسعة من أراضيها على مدى عدة أيام تزامنا مع الحملة الأنتخابية وأظهرت صور الاقمار الاصطناعية مدى ضخامة هذه العواصف الرعدية ومدى رقعة أتساعها ، حيث تدخل الحالة الجوية مستوى الحذر والأنذار من الفيضانات والسيول. واللافت أن هذه العاصفة الشديدة والمرفقة بأمطار غزيرة، ضربت معظم المناطق المتفرقة من العاصمة بغداد والأجزاء الأخرى من العراق مما أدت إلى سقوط وتمزّق العديد من الملصقات ودعايات المرشحين الانتخابية في الشوارع. لقد أمتزج الأثنان معاً غضب الطبيعة مع سخط وأمتعاض الجماهير من العملية الأنتخابية الهزيلة العرجاء.
ظاهرة التحشيد مقابل العزوف
رغم ظاهرة التحشيد المبرمج من جميح النواحي للأقبال والتوجه نحو الأقتراع أثبت وبكل وضوح بأن الشعب العراقي وبكل أطيافه وبجدارة أعلن عزوفه ومقاطعته للأنتخابات بمثابة رسالة أحتجاجية موجّه كقنبلة موقوة لمجمل العملية برمتها لعدم الثقة بما يؤول اليه النتائج النهائية ولعدم قناعتهم الشخصية بكل ما يجري حولهم من مؤشرات دالة من وجود أيادي خفية وراء الأبقاء على تلك الوجوه الفاشلة والفاسدة في سدة الحكم. ونستطيع القول بأن هذا النهج السلوكي الأنتخابي وحرية القرار آتٍ من الأرهاصات والتراكمات السابقة لدى الفرد العراقي. ففي هذه الحالة ولّد لديه الخيارإما المشاركة أو الممانعة والمقاطعة الواقية.
آلية العد اليدوي والجهاز الألكتروني
في الدورات السابقة أستخدمت آلية العد والفرزاليدويين مما أثارت شكوك ومخاوف جميع المشاركين في العملية الأنتخابية بأستثناء الكتل الكبيرة لهيمنتهم على مجمل المرافق ومنها السيطرة والتحكم والتلاعب وتطويع النتائج لصالح كفة دون أخرى. لذا, تم اللجوء الى آلية جديدة وهو الجهاز الألكتروني ذات الفعالية الفذة من تقليل تلك الخروقات والأخفاقات الفاضحة البادية للعيان للقاصي والداني. ورغم ذلك, لا زالت الطعون والتشكيك تجري من قبل معظم الكيانات والتيارات من التزوير الحاصل لا من طرف فعالية الجهاز بل من العاملين والقائمين في تحريك وبرمجة تلك الآلات نحو بوصلة الجهات النافذة والمهيمنة على جو المنافسة في العراق عموما بعد التلكأ والتأخير من أظهار النتائج النهائية في الوقت المحدد.
غرائب وعجائب
لقد أفرزت عملية الأنتخابات في العراق الأخيرة جملة من الغرائب والعجائب التي لم يشهد سابقاتها مثيلا لها. ولأول مرة يستخدم الجهاز الألكتروني الفعال تجنبا لوقوع الأخطاء والتزوير وأرضاءً لأرادة الشعب والمرشحين ومعظم الكيانات ولكن وقع العكس حيث أستخدمت ومن أغلب الأطراف المشاركة ممارسات لا يقبلها العقل البشري ومن أجراءات تجاه الجهاز والتلاعب بالكودات والسديرامات والسرفرات والوسط الناقل والأرقام السرية والقمر الناقل لتلك النتائج ونحو ذلك كثير. للعراقيين باع طويل في مثل هذه الأمور وسوق مريدي ليس خافيا على الجميع ما كان يحصل فيها من أنواع التزوير والتلاعب بالمستندات والمستمسكات الشخصية والرسمية. فأن العلّة ليست في مدى قدرات الجهاز بل ما يدور في نية وقصد المتحكم فيه. وطرق مخيلتي بأن أحد الأجانب صنع جهازاً وأدخل فيها معظم الأجوبة التي يتبادر على ذهن السائل المستطرق في الشارع. وصادف أن مرّ عراقي أمامه ووقف يسائل الجهاز ولم يدم فترة وإلا بالجهاز ينفجر أمام أنظار الجميع وصاحبه. حينئذ تقدم نحوه مالك الجهازمستغرباً. قل لي وبصراحة ماذا كان سؤالك؟ فرد العراقي عليه وبكل برود مجرد أستفسار بسيط لا غير. قلت له شكو ماكو بالدنيا؟ أذن أنتحر الجهاز لأنه لم يتحمل حجم السؤال الذي أنيط به. ورباط الكلام مفهوم واللبيب بالأشارة يفهم!
الأموات ينتخبون والأحياء ينسحبون
لعلّ المفارقة الأكثر التي برزت للعيان أنه أستخدمت بطاقات الأموات السابقة ومن قبل أشخاص وكيانات في عديد من المحطات وفي المقابل لم يجد كثير من الأحياء أسمائهم في الدوائر الأنتخابية أو لم يظهر لهم بصمة وحرم معظمهم لأنهم لم يحدثوا بياناتهم. وقسم أنتظر طويلا ولم يصلح الخلل والتوقفات الحاصلة في عديد من الأجهزة وحرموا من التصويت وأنسحبوا الى بيوتهم خائبين. ومفارقات ومحصلات أخرى لا مجال لذكرها وما خفي فهو بالتأكيد أعظم.
اللجنة الأمتحانية والمفوضية العليا للأنتخابات
يبدو من الوهلة الأولى المقاربة بين اللجنة الأمتحانية والمفوضية العليا للأنتخابات ضرب من الخيال لكونهما مختلفين في مناحي عدة ولكن القاسم المشترك بينهم هو مصير شريحة من الناس بيد اللجنتين من حيث الأهمية. في الأولى لا يتخطى عملها ومهامها فقط في مكان محدد وعدد قليل من الطلبة لا يتجاوز الألف في أغلب الأحيان, والأداء يدوي يتطلب نقل الأرقام من الدفاتر الى البوردات ومن ثم الى الكارتات بعد التدقيق والتمحيص والأعادة كي لا يغبن الطالب من حقه الشرعي ونتاج عمله المضني. وقلما تحدث أخطاء أو هفوات تذكر وأن وقعت فلا تؤثر الى حد كبير على الجميع بل تنحصر في قلة قليلة وأحيانا تكتشف من خلال الأعتراضات وبكل شفافية. وأغلبهم يضعون مصلحة الطالب نصب أعينهم وبطريقة أنسانية من أمرار بعض الحالات التي تتطلب نقل الطالب من حالة الرسوب الى الأكمال وأحيانا من الأكمال الى النجاح بأضافة درجة واحدة تغيير تلك الحالة الأنسانية. ولكن ما يحدث من وراء الكواليس في أروقة المفوضية المؤتمنين على سرية وكتمان أصوات الناخبين وأظهارها كما هي من دون التلاعب بها لجهات مهيمنة على حساب الأخرى الضعيفة أمر لا يمكن السكوت عنه لكونها تتعدى حدود الفرد أو الكيان الى ما هو أبعد بحيث تصل الى التشكيك بكامل العملية برمتها وتظهر نتائجها لاحقا على مقدرات البلد من جميع النواحي.عندما تكون أسس العملية خاطئة وغير نزيه ويكون مصداقيتها على المحك بشهادة معظم المشاركين والمراقبين والجهات الراصدة ومن أشخاص هم أعضاء فيها وشهد شاهد من أهلها ألا وهو (سعيد كاكائي). فأين القسم وأين الأخلاقية وأين المباديء وأين مستقبل البلد الذي وضع بين أيديهم؟ أستفسار كبير نضعه نحن المقاطعين قبل المشاركين أمام الرأي العام للبت في هذا الأمر الخطير كي لا يتكرر ثانية والمرء لا يلدغ من جحر عدة مرات وعلى مدار عدة دورات متتالية! يبقى نفس الطاسة ونفس الحمام.
هم حاميها وهم حراميها
حاميها حراميها مثل دارج يضرب على ألسنة أغلب الناس في الحالات المتشابه كالذي وقع في الدورة الأخيرة لعام 2018 في العراق وفيما يخص مفوضية الأنتخابات الغيرالمستقلة لكون أعضاءها يمثلون معظم الكيانات المتنفذة في الساحة السياسية المتنناحرة. وعلى رأي المثل الكوردي القائل:" المقص والذراع بأيديهم" أي:" گەز ومەقەس ب دەستێ وانە" أي بأيدي العاملين في هذا الجهاز المهم المؤتمن على خصوصيات ما يفرزه النتائج النهائية لصالح من يكون وأية جهة كانت بالصدق والأمانة والنزاهه. ولعلّي لم أكن مغاليا لو قلت بأن حال المفوضية وبعد التأخير والمماطلة والمساومة وظهور طعون وشكاوي من هنا وهناك تؤكد بالدليل القاطع بأنها متورطة في عملية التزوير المبرمج والممنهج للنتائج وينطبق عليهم أيضاً المثل الكوردي" أنه عرس الطبّال, وكيف به أن لا يعطي العرس حقها" أي:" دەهواتا متربی بیت ئو مترب بخو لێ بدەت". حقاً ويقينا أنه كذلك فصوت الطبل والزمر قد وصلتا الى عنان السماء بعد أن فاحت رائحته على الأرض!
أنتخب جورج يطلعلي محمد
هذه المقولة المؤثرة والموجعة والتي ضربت من قبل أحد المحللين السياسيين قبيل الأنتخابات. وبكل معنى الكلمة أنها مفارقة ومن العيار الثقيل أن تجري الرياح بما لا تشتهي السَفن. وقال آخر وبنفس المعنى والمغزى: أنتخب جاسم يظهر لي كاكه حمه. ولهذا السبب والأسباب الأخرى المماثلة والتي لا تقل شأناً من تلك حين عزف وقاطع معظم العراقيين الشرفاء من الأدلاء بأصواتهم لمعرفتهم التامة والمطلقة بتلك الممارسات والأجراءات الغير القانونية والشرعية التي تبدر من أعلى المستويات الضامنة والآمنة على تلك المواقع المهمة والمؤثرة في القرار السياسي والوطني والأجتماعي على حد سواء. فمتى يصح الصحيح لتك المقولة المعكوسة بأن لا يظهر العكس بل تظهر كما هي:"أنتخب جورج يطلع جورج" أو"أنتخب محمد يخرج لي محمد" فعندما تُصحّح هذه المعادلة المستقيمة وقتئذ بشّرالمواطن والوطن بأن صندوق الأقتراع بات بخير وقد صبّح وأمسى بألف نعمة.
الخلاصة:
من خلال المفارقات أعلاه جملةً وتفصيلا وأخرى لم تذكر لعدة أسباب أدّت الى أنعدام الثقة وتوسيع الهوّه بين الجماهير والسلطة الحاكمة والتي سبّبت الى التشكيك ومن ثم العزوف عن مجمل العملية الأنتخابية. فسلوك الشعب الكمي والنوعي المتراكم على مدى الحقب السابقة من هذة التجربة المماثلة والمستنسخة الى حد ما مما خلق من بين تلك الشرائح الرافضة والمعترضة الى التوجه نحو تشكيل تيارات وتجمعات ومكونات تنادي بالمدنية والمواطنة ووضع أسس بالمطالبة من أنتشال الدولة المشلولة نحو الأفضل من خلال المؤسسات الوطنية والدستورية والتي ترمي لبناء وأعمار البلد على أسس راسخة ومتينة. وكلنا أمل بأن القوى الأخرى المهيمنة على السلطة وصنع القرار الداخلي والخارجي التعاون والتفاهم فيما بينهم لتوحيد الصفوف وردع الصدع للوصول الى الهدف المنشود في بناء الدولة الحديثة التي ترضي الجميع.
١٩-٥-٢٠١٨ دهوك – بقلم: أحمد علي حسن
ألعاب ذات معاني سياسية
المتتبع لمجريات العملية الأنتخابية في العراق جميعها وبدون أستثناء وما تؤول اليه عند تشكيل الحكومة فيما بعد يثير الأشمئزاز والسخط لدى الشارع العراقي بكافة أطيافه. لأن في كل دورة يستمر المسلسل الدوّار بنفس الوتيرة السابقة والكليشة المنسوخة المعدة مسبقا وغالبية الوجوه هي ذاتها التي سئم منها الشعب ولم يعد يثق بهم مطلقا لأنهم السبب في أنجرار البلد نحو الهاوية وأوصلوهم الى حد الأفلاس المادي والمعنوي والجسدي. لقد جلبوا الخراب والدمار الى البلد وأدخلوه في صراعات شتى داخليا وخارجياً ومجتمعياً من دون وجه حقْ, لا يعقلها عاقل ولا يقبل به سفيه جاهل ولا أي حقير سافل ولا مؤمن غافل. هؤلاء أستخدموا ويستخدمون بكل ما أوتوا من وسائل قوية وأدوات ظاهرة كانت أم مخفية للوصول الى مبتغاهم فرادى أو مجتمعين بِدأً بالتزوير المخفي والعلني والتأثير المباشر والغير المباشر في أجهزة ومؤسسات التحكم في الشأن الأنتخابي بُغية الحصول على ما يصبون اليه دون حسيب أو رقيب ضاربين كافة القييم الأخلاقية والسلوكية المتحضرة في التعامل مثل هكذا أمور حساسة تمسّ مستقبل ومصير شعب وبلد يترقب منهم بذل الجهود في أستخدام عقولهم وخبراتهم التي أكتسبوها من التجارب في الداخل والخارج ومن الشهادات التي نالوها بجدارة! هل تستخدم لبناء وأعمارالبلد أم لنهب ثرواتة وخيراته؟ يختلفون فيما بينهم للحصول على مآربهم ويتفقون في نهاية المطاف في تقسيم الحصص بالمحاصصة وتوزيع التركة والأرث بالتوافق والأتفاق فيما بينهم دون أخذ مصلحة الشعب بالحسبان ألم يكفي أيها الجموع كل هذا الهوان وتلعبون بمقدرات البلد لعبة الصبيان فحتى الأكل مع العميان يكون بـأنصاف وأيمان فبأي آلاء ربكما تكذبان.
ويقال في معرض الكلام لكل حادث حديث, أذن كل قديم يستجد بجديد, ولكي يقطع الوعد بالوعيد, ونقدم لكم الرأي السديد, نعرض لكم من واقع الحياة العفوي أمثلة حية ناطقة ناصعة تتناسب مع حجم الهُوة بين الأطراف المتصارعة لكسب الرهان في الجولة الأخيرة والوصول الى الكتلة الأكبر وسحب البلد نحو الفضاء الوطني الأرحب والدولة الأبوية الحنونة واعدين الأغلبية الساحقة الماحقة بأنشودة البناء والأعمار والحكومة العابرة (عِبر القارات) عذراً للطائفية المقيتة التي نهشت في جسد الأمة حد العظم والنخاع. وبعد خراب بُصْرى والبصرة معاً صحى الضمير وبعد سبات عميق, قُدّم أخيراً الأعتذار بشكل رسمي وعلني وعلى شاشات التلفاز من قبل بعض قادة الكتل ورؤساء البرلمان السابقين والشخصيات المؤثرة في المشهد السياسي الى الشعب العراقي. وهنا لنا الحق أن نتسائل وبكل حسرة وألم أهو صحوة ضمير بعدما أحسّوا بالأخفاق والفشل ولم يقدموا التبريرلشعبهم على من وقع التقصيرلكل هذه الأعوام العجاف! أم هي بادرة خير لتصحيح المسار وتوجيه البوصلة نحو اليمين واليسار بما هو خير للبلد وصلاحه وأصلاحه, وأستفسرهنا هل يصلح العطار ما أفسده الدهر؟! لا وألف كلا! إلا بشرط واحد وهو شلع قلع لجميع الفاسدين الذين ثبت عليهم وسيثبت عليهم ذلك الفساد والسرقة واليكم هذه النماذج الحية التي تنطبق بشكل كبير لواقع تلك التجاذبات الحزبية والأصطفافات الطائفية والتخندقات الفئوية والتقاربات المصلحية والذاتية بعيدة كل البعد عن مصلحة البلد ومستقبله وتطلعاته.
ساحة كرة القدم قديما وقبة البرلمان حديثا:
في خمسينيات القرن الماضي كانت هنالك ساحة كرة قدم بالقرب من دارنا وكنت مع جمهور المتفرجين لصغر سني أتابع
مجريات الأمور وفي العادة كان محبوا هذة اللعبة يتوافدون اليها وقت المساء الواحد تلو الآخر. وبعد حضور عدد كاف لبدء اللعبة
كان ينفرد شخصين من الأقوياء منهم بالوقوف وجها لوجه أمام الآخر ويقف طوابير اللاعبين في الجهة المقابلة ويبدأ أحدهم بأختيار
اللاعب الأفضل ويليه الآخر الى أن يكمل النصاب والفائض منهم كان ينتظر الفرصة عند أنسحاب أحدهم أو بسبب الأصابة أو عدم
الرضا من قبل رئيس الفريق. وأحيانا كان يحل على الساحة ضيفاً ثقيلا مع شُلته على الأثنين المتباريين ويدخل الساحة عنوة
ويأمرهم باللعب مع أحد الأطراف في الساحة بالقبول وأن لم ينفذ مطلبه فورا كان يردد هذه المقولة الجوفاء :" إما أن ألعب أو أخرب الملعب". وكان أحيانا يتم التنازل له من قبل أحدهم وكان المشهد ينجر الى التهديد والعراك والتشابك بالأيدي وكان يحدث هذا نادرا خلاف أعضاء البرلمان الذي يمتد بهم الوقت طوال أربع أعوام وهم في شقاق وعراك وشد وجذب وشتم وسباب داخل قبة البرلمان
وخارجه.
ممارسة جرّ الحبل واصطفاف التكتلات:
كانت هذة الفعالية تؤدى في الطرقات والمدارس والساحات العامة بين الصبية والشباب وأحيانا الكبار لأبراز طاقاتهم العضلية
والجسدية من أجل المتعة والأستمتاع أو في المسابقات المدرسية والتنافسية. وكان للمعنيين والقائمين عليها لهم الدور البارز والمؤثر
في حسم النتيجة النهائية وبأساليبهم الخاصة أحيانا بأرخاء الحبل للجهة المراد إعلاء كفتها على الكفة الأخرى أو بأستخدام وسائل
أخرى أيمائية لرجحان الطرف الذي يقف خلفه أطراف لهم الدور الفعال والمؤثر في تحييد مسارها كما الحال في التدخلات الداخلية
والخارجية ولهم التأثير في عملية تشكيل الحكومة القادمة من قبل تلك الدوائر والأطراف المكوكية التي تحاول بالضغط تارة أو
بالأغراء تارة أخرى على الجميع.
سباق الأكياس(الكواني) وسباق الماراثون
النوع الأول من التسابق كان يجلب المتعة والسرور الى نفوس الحاضرين عند المشاهدة لأن معظم المتبارين كانوا يسقطون
تباعاً والقليل منهم كان يصل الى خط النهاية ويفوز بالسباق بالمراتب الأولى. ولكن المرشحون في المارثون الأنتخابي في العراق
الذين يصلون الى الهدف هم من لهم باع في التزوير والتأثير والتخديرعلى الأطراف والجهات المعنية بالشأن الأنتخابي وبشتى
الطرق والوسائل المتاحة الذاتية والمدعومة محليا وخارجيا.
لعبة الشطرنج واللعب مع الكبار
لعبة الشطرنج التي تعتبر إحدى الألعاب التي تحتاج إلى نوعٍ كبيرٍ من التركيز والتفكير؛ إذ إنّ الشطرنج تعد من الألعاب اللوحيّة التي تحتاج إلى التخطيط والتكتيك أثناء لعبها. تتكوّن لعبة الشطرنج من ستّ عشرة قطعةً مختلفة، تستطيع كلّاً منها التحرّك في اتجاهٍ معين. فرقعة الشطرنج هي بمثابة خارطة العراق الحالية بكل مآسيها وعنائها يلعب بمقدراتها اللاعبون الكبار ولهم فيها من أدوات ووسائل تنفذ أهدافهم على أحسن ما يرام بدأً بالجندي أكثر القطع وجوداً في هذه اللعبة وله قيمة كبيرةً جداً عكس الجندي العراقي الذي يفقد قيمتة حين ينتهي المهمة الملقاة هلى عاتقه ويصبح قي خبر كان. أما القلعة في الشطرنج هي القطعة التي توجد في زوايا الرقعة في بداية اللعبة، وتوجد لدى كلّ لاعب قلعتان، ويمكن للقلعة أن تتحرّك بشكلٍ أفقيٍّ أو عمودي. وفي العراق المنطقة الخضراء هي القلعة الحصينة المنيعة التي تؤوي معظم المفسدين والمنتقعين من العملية السياسية العرجاء في هذه القلعة لهم الحق في التحرك والتنقل حيثما يشاؤون بحماياتهم ومن لف لفهم ودار حولهم في مواكبهم على حساب أموال الشعب الجائع الى رغيف الخبز ولقمة العيش اليومي. وأما الفيل يشبه القلعة تماماً إلّا أنّه يتحرّك بشكلٍ قطريٍّ بدلاً من مستقيم، وتوجد هذه القطعة إلى جانب الحصان، وتوجد لدى كلّ لاعبٍ منها قطعتان. ولكن الفيلة في جانب خارطة العراق يتحركون في كافة الجهات الأربع حسبما يرغبون طولا وعرضا, في الشرق فيل رستم وفي الجنوب فيل أبرهة وفي الشمال فيل أتاتورك وفي الغرب أفيال كثر وبأشكال وأنواع مختلفة ولهم فيها مآرب وغايات شتى لا تحصى ولا تُعد. والحصان أربعة قطعٍ في الرقعة؛ بحيث توجد قطعتان لكلّ لاعب وتوجدان إلى جانب القلعة، وتستطيع هذه القطعة التحرّك بشكل حرف L؛ بحيث تتحرك مربعاً واحداً لأيّ جهةٍ مستقيمة، ومن ثمّ مربعين إلى أيّ جهةٍ أخرى بشكلٍ عمودي لحركته الأولى، وتتميز هذه القطعة بأنّها القطعة الوحيدة في اللعبة التي تستطيع أن تتجاوز القطع الموجودة في اللعبة ولا تتوقف عندها، وتستطيع هذه القطعة هزم أي قطعةٍ موجودةٍ من الخصم عند وجودها في آخر مربعٍ تقف عليه هذه القطعة. أنه في العراق بمثابة حصان طروادة في الغرب والذي يُشير مفهوم حصان طروادة إلى ذلك الحصان الخشبي الضخم والمجوف من الداخل، الذي تمّ صنعه من قبل نجارٍ إغريقي يُدعى إيبوس، وذلك لغرض استخدامه في دخول واحتلال مدينة طروادة خلال الحرب. والذي تم على هذه الشاكلة أحتلال العراق والذي أستخدم فيه الأحصن العربية الأصيلة المدربة والمروضة أحسن ترويض للقيام بالمهمة الملقاة عليهم. وأما الوزير وهو أكثر القطع مرونةً في اللعبة؛ إذ إنّه يعادل الفيل والقلعة مجتمعتن؛ فيستطيع الوزير الحركة بشكلٍ مستقيمٍ وقطري، وتوجد منه قطعةً واحدةً لدى كلّ لاعب في النصف الأيمن إلى جانب الفيل الأيمن في الرقعة. حاله حال وزرائنا لهم الحرية التامة والمطلقة بأن يتصرفوا بوزاراتهم على هواهم لا نزيه يحاسب ولا مفسد يمانع ولا رقيب يدافع ولا قاضي يرافع, انها شركة مساهمة للأخوة والأعمام والخلان والأقرباء والأحبة. وأخيراً الملك وهو القطعة الّتي تحدّد فوز أو خسارة اللاعب، وتستطيع هذه القطعة الحركة كالوزير بشكلٍ مستقيمٍ وقطري ولكن مربعاً واحداً فقط، وتوجد هذه القطعة في المنتصف الأيسر من الرقعة إلى جانب الفيل الأيسر، ولا يمكن تحريك الملك إلى أيّ مربعٍ مهددٍ من قطع الخصم. وملكنا في العراق مات من زمان(رحمة الله عليه)ولكن رأيسنا الحالي القابع في برجه العاجي المحمي بأفواج من الحماية الخاصة لذاته والسهر على راحته والذي لا يظهر للملأ الا في المناسبات العامة وليس له دور أساسي ما يدور في البلد من ويلات وكوارث. وتستمر هذه المهمة كل أربع سنوات وتنتهي المهمة وتسلم لمن يأتي بعده بعكس دولر الملك في الشطرنج حيث تستمر اللعبة حتى قَتْل الملك، فعند تهديد الملك من أيّ قطعةٍ من القطع يحصل ما يعرف بـ (كش ملك) وفي هزيمة الملك وهي نهاية اللعبة. ولكن في العراق تستمر العملية السياسية دواليك مع رؤساء جدد الى ما لا نهاية ويظل العراق يسير من سيىء الى أسوأ ما لم يأتي منقذ أو مخلص ويوجه البلد نحو بر الأمان.
5-9-2018 – دهوك – بقلم: أحمد علي حسن-