لا مستحيل مع الشغف بالمعرفة.. حتى الضوء ينحني حين نفهمه
في تطور علمي لافت، نجح فريق من الباحثين في تحقيق إنجاز غير مسبوق بتحويل الضوء إلى حالة "مادة فائقة الصلابة"، وهي حالة تجمع بين خصائص المواد الصلبة والسائلة في آن واحد. نُشرت هذه الدراسة في مجلة "نيتشر" المرموقة في مارس 2025.
فهم الضوء وحالات المادة: الضوء هو جزء من الطيف الكهرومغناطيسي، ويتألف من جسيمات صغيرة تسمى الفوتونات، وهي عديمة الكتلة وتحمل طاقة تعتمد على ترددها. في الفيزياء الكمية، يمكن للضوء أن يتصرف كموجة أو كجسيم، مما يمنحه خصائص فريدة.
المادة التقليدية توجد في حالات ثلاث: الصلبة، والسائلة، والغازية. هناك أيضًا حالات أخرى مثل البلازما. في الفيزياء الكمية، توجد حالات خاصة مثل "المادة فائقة الصلابة"، التي تتميز ببنية صلبة وقدرة على التدفق دون احتكاك، مشابهة للسوائل فائقة السيولة.
ما هي المادة فائقة الصلابة؟ المادة فائقة الصلابة هي حالة كمومية غريبة تتمتع ببنية صلبة كالبلورة، لكنها تتدفق بسلاسة كسائل دون أي احتكاك، بمعنى آخر، هي مادة يمكنها الحفاظ على شكلها الداخلي الصلب بشكل صارم، وفي الوقت ذاته تنساب بسهولة كأنها غير متأثرة بأي عائق. تخيل صفًا من القطرات المائية التي تتحرك بسلاسة، لكن المسافة بينها ثابتة ولا تتغير، وهو أمر غير ممكن في عالمنا العادي، لكنه ممكن في العالم الكمومي.
تحويل الضوء إلى مادة فائقة الصلابة: في الدراسة المذكورة، استخدم الباحثون تقنية مبتكرة لتحقيق هذا الإنجاز. قاموا بتوجيه حزمة ليزر مركزة على مادة خاصة تُعرف باسم زرنيخيد الغاليوم. عند تفاعل الضوء مع هذه المادة، نتجت جسيمات شبه مادية تُسمى "بولاريتونات"، وهي مزيج من الضوء والمادة. ثم تمكن الباحثون من ترتيب هذه البولاريتونات لتتصرف كمادة فائقة الصلابة، مما يعني أن الفوتونات تصرفت كما لو كانت ذرات في مادة صلبة.
أهمية هذا الاكتشاف: هذا الإنجاز يفتح آفاقًا جديدة في مجال فيزياء الكم، حيث يمكن أن يؤدي إلى تطوير تقنيات ضوئية مبتكرة، مثل أجهزة ليزر محسّنة وأجهزة بصرية ذات وظائف جديدة. كما يمكن أن يسهم في فهم أعمق لطبيعة المادة والضوء في العالم الكمومي، وربما تطوير حواسيب كمومية أكثر كفاءة واستقرارًا.
في الختام، يعكس هذا الاكتشاف التقدم المستمر في مجال العلوم والتكنولوجيا، ويبرز الإمكانيات الهائلة التي يمكن تحقيقها من خلال البحث العلمي. إنه
تذكير بأهمية الاستثمار في العلوم لتحقيق مستقبل أفضل للبشرية.