لا مستحيل مع الشغف بالمعرفة.. حتى الضوء ينحني حين نفهمه
إبراهيم الهجري
تخيّل أن تعيش في منزل ذكي، كل شيء فيه يفهمك ويستجيب لك..
(ولا تقلق، لا نتحدث عن الأطفال هنا، فإقناعهم بالطاعة مشروع خاسر منذ البداية!)
نتحدث عن أجهزة منزلك:
ثلاجتك، محضرة الطعام، الفرن، آلة القهوة، غسالة الصحون، العصارة...
كلها مأمورة، تحفظ روتينك اليومي، تقترح عليك وجبتك المفضلة بناءً على حالتك المزاجية، الطقس، ومواعيدك.
بل تتواصل هذه الأجهزة فيما بينها: ترسل الثلاجة قائمة النواقص مباشرة إلى السوبرماركت الذكي، فيُرسل إليك الطلب بطائرة درون صغيرة، ويتم الخصم أوتوماتيكيًا من حسابك البنكي.
الأضواء، مكبرات الصوت، الشاشات الذكية – تعمل بأمر صوتي أو مجرد إيماءة من يدك.
حتى حمامك الخاص..
درجة حرارة الماء، ضغط التدفق، شكل الرش.. كل ذلك تحت أمرك الصوتي.
بل وأكثر من ذلك: تقوم المراحيض الذكية بتحليل مخرجاتك الحيوية، ترسل لك تقارير صحية دقيقة قبل أن تشعر بأي أعراض، بل وتخطرك عبر البريد الإلكتروني، مع تقرير كامل لطبيب العائلة – الذي بالمناسبة، ربما يكون في المستقبل عبارة عن عيادة متكاملة تدار بالذكاء الاصطناعي!
في الخارج، سيارتك الكهربائية تقف أمام منزلك، تعرفك فور دخولك، تضبط وجهتك تلقائيًا استنادًا إلى جدول أعمالك المرسل مسبقًا من منزلك الذكي، فتأخذك إلى اجتماعك، بينما أنت مسترخي تقرأ أو تتابع آخر أخبار اليوم.
المدينة كذلك تتنفس ذكاءً:
شوارع مزودة بمستشعرات دقيقة، ترصد الحوادث والاختناقات المرورية قبل وقوعها، تلاحق المجرمين عبر كاميرات ذكية مدمجة في الشوارع وحتى بين الأشجار الاصطناعية، التي تنقي الهواء وتخزن الكربون الضار، ثم ترسله لمراكز التدوير أو لضخه في أعماق الأرض.
وفي قلب منزلك، يساندك مساعد روبوتي شخصي:
ينظف، يرتب، يغسل الملابس ويكويها، يعتني بالحديقة، وينظف المسبح تلقائيًا، ليترك لك أثمن ما يمكن أن تملكه: وقتك.
كل هذه التكنولوجيا ليست مشهدًا من أفلام الخيال العلمي، بل حقيقة جزئية موجودة اليوم – في منازل أثرياء العالم وقادة التقنية. وما يفصل عامة الناس عنها، سوى أعوام قليلة فقط.
ويبقى السؤال الكبير:
ماذا سيبقى للإنسان؟
سيبقى له دوره الأسمى: التفكير، الإبداع، التمتع بالحياة، وتطوير المستقبل..
ما لم يعترض طريق الإنسانية حدث يوقف هذه المسيرة العبقرية.
هل نحن جاهزون للمستقبل أم ما زلنا محملين بأعباء الماضي وصراعات الحاضر؟