لا مستحيل مع الشغف بالمعرفة.. حتى الضوء ينحني حين نفهمه
في قفزة تكنولوجية غير مسبوقة، وفي 16 مايو 2025، أعلنت وكالة مشاريع البحوث الدفاعية المتقدمة الأمريكية DARPA عن نجاح برنامج POWER (Persistent Optical Wireless Energy Relay) في نقل أكثر من 800 واط كهرباء لاسلكيًا عبر ليزر ضوئي إلى جهاز استلام على بُعد 8.6 كيلومترات (5.3 أميال) لمدة 30 ثانية – وهو إنجاز يُعد الأول من نوعه على هذا النطاق.
كيف تمت العملية؟
تم تحويل الطاقة الكهربائية إلى شعاع ليزر عالي الدقة.
وُجّه الشعاع بدقة إلى جهاز استقبال ذكي يُدعى PRAD (Power Receiver Array Demo) .
يحتوي الجهاز على مرآة مكافئية تركّز الشعاع داخل خلايا ضوئية حساسة تُشبه الألواح الشمسية.
ثم تُحوّل هذه الطاقة الضوئية إلى كهرباء قابلة للاستخدام.
رغم أن العملية ما تزال تُعاني من بعض الفاقد في الطاقة (وصلت الكفاءة حاليًا إلى نحو 20%)، إلا أن الاختبار مثّل إثباتًا حقيقيًا لإمكانية نقل الكهرباء عن بُعد دون أسلاك، باستخدام تقنيات دقيقة وآمنة.
والطريف في الأمر؟
لإثبات النجاح عمليًا، استخدم الفريق الطاقة المنقولة عن بُعد في تشغيل آلة لصنع الفشار.. نعم، لقد "طبخوا الفشار" باستخدام الكهرباء المرسَلة بالليزر!
ماذا يعني هذا للمستقبل؟
يمهّد نجاح DARPA في نقل الكهرباء عبر الليزر لمسافات طويلة الطريق نحو ثورة في كيفية إيصال الطاقة وتوزيعها حول العالم. في المستقبل القريب، يمكن أن تستفيد القوات العسكرية من هذه التقنية لتزويد الوحدات المتقدمة أو الطائرات المسيّرة بالطاقة دون الحاجة إلى وقود أو بطاريات ضخمة. أما في مجال الإغاثة والطوارئ، فستُتيح هذه التكنولوجيا إيصال الكهرباء إلى المناطق النائية أو المتضررة من الكوارث الطبيعية دون الحاجة لبناء بنية تحتية معقدة. وعلى المدى البعيد، يُمكن أن تُستخدم في الفضاء لنقل الطاقة من أقمار صناعية شمسية إلى الأرض، أو في تشغيل معدات فضائية عن بُعد. كما تفتح الباب أمام إنشاء شبكات كهرباء لاسلكية مرنة وآمنة تُقلل من الاعتماد على الأسلاك والمحولات الأرضية، ما يُبشّر بتحوّل جذري في مفهوم البنية التحتية للطاقة عالميًا.
ما القادم؟
تُخطط DARPA لتوسيع المشروع إلى مراحل متقدمة تشمل:
نقل الطاقة إلى أهداف متحركة (مثل الطائرات).
التجارب على مسافات أكبر تصل إلى 200 كيلومتر.
والأهم هو استخدام الطاقة الشمسية المنتجة في الفضاء (لتلافي السحب والغبار وغروب الشمس ليلا) عبر نشر ألواح طاقة شمسية عالية الكفاءة ثم تحويلها إلى أشعة ليزر يتم إطلاقها إلى محطة/محطات استقبال أرضية تقوم بتحويله إلى كهرباء. (المنطقة العربية محظوظة بوجود الشمس لمدة 8 ساعات يوميا وهذا لا يتوافر في أوربا مثلا بشكل دائم على الأقل في فصل الشتاء)
مرفق الصورة الأولى تخيلية بالذكاء الاصطناعي
الصورة الثانية من الرابط الذي نشر الخبر الرسمي حيث يمثل التجارب السابقة مقارنة بالتجربة الجديدة والتي تفوقت في مقدار الطاقة والمسافة المقطوعة