لا مستحيل مع الشغف بالمعرفة.. حتى الضوء ينحني حين نفهمه
في قفزة تكنولوجية هائلة قد تعيد رسم معالم صناعة الشرائح الإلكترونية عالميًا، أعلنت شركة (تي اس ام سي) التايوانية – عملاق تصنيع أشباه الموصلات – تقدمها نحو تطوير شرائح بدقة تصنيع 1.4 نانومتر، أي ما يعادل تقريبًا عرض 14 ذرة سيليكون فقط!
كلما صغُرت دقة التصنيع (node size)، زادت كثافة الترانزستورات على الشريحة، مما يعني:
زيادة هائلة في الأداء.
انخفاض في استهلاك الطاقة.
إمكانية تصميم شرائح أصغر حجمًا وأكثر كفاءة.
تمكين تقنيات الذكاء الاصطناعي والحوسبة المتقدمة من الوصول إلى آفاق غير مسبوقة.
دقة 2 نانومتر بدأت تُطلب فعليًا من شركات كبرى مثل Apple، MediaTek، وQualcomm منذ أبريل الماضي.
سعر الصفيحة الواحدة (wafer) بدقة 2nm يصل إلى 30,000 دولار.
أما الجيل القادم بدقة 1.4 نانومتر (المعروف باسم Angstrom node) فسعر الصفيحة قد يبلغ 45,000 دولار، أي زيادة بنسبة 50%.
الإنتاج التجاري لهذه الشرائح يُتوقع أن يبدأ بحلول عام 2028، مع حصرية شبه تامة لكبرى الشركات فقط.
حالياً، تُركز الشركات على إنتاج شرائح بدقة 3 نانومتر – N3E، وهي النسخة الثالثة من الجيل 3nm، ويتوقع أن نشهد انطلاقتها التجارية قبل نهاية عام 2025. من بين المعالجات التي ستُصنع بهذه التقنية:
MediaTek Dimensity 9500
Qualcomm Snapdragon 8 Elite Gen 2
Apple A19 و A19 Pro
كما تخطط MediaTek لإطلاق أولى شرائحها بدقة 2 نانومتر في الربع الأخير من 2025، في سباق محموم نحو الريادة.
رغم عظمة الإنجاز، إلا أن التصغير الفيزيائي يواجه حدودًا طبيعية:
الذرة الواحدة يبلغ قطرها تقريبًا 0.1 نانومتر.
دقة 1 نانومتر تعني أنك على مشارف الحد الذري الفيزيائي، حيث يصبح من الصعب التحكم في حركة الإلكترونات ضمن المسارات الضيقة جدًا.
إضافة إلى ذلك، تواجه الشركات تحديات تتعلق بالتسرب الكمي (Quantum Tunneling) والحرارة.
بما أن التصغير وحده لم يعد كافيًا، تتجه الأنظار إلى:
الهندسة ثلاثية الأبعاد (3D chip stacking): بدلاً من توزيع الترانزستورات أفقيًا فقط، يتم ترتيبها عموديًا، ما يضاعف الكثافة.
المواد البديلة للسيليكون مثل: الغرافين وMoS₂.
الحوسبة الضوئية والكمومية: إعادة تعريف مفهوم الشريحة بالكامل.
تصميمات معمارية جديدة مثل: Chiplets وNeuromorphic Computing.
ما تقوم به TSMC ليس فقط تطورًا في التقنية، بل إعادة تعريف للزمن التكنولوجي. نحن نعيش في عصر حيث تتداخل الفيزياء والكيمياء والهندسة في كل نانومتر يتم تقليصه.
الرسالة واضحة:
"إما أن تركب قطار المستقبل اليوم، أو تُجبر على مشاهدته من بعيد غدًا."
فمن سيتحكم في العقد القادم؟ من يمتلك مفاتيح 1.4 نانومتر، قد يمتلك مفاتيح الاقتصاد، الذكاء الاصطناعي، وحتى السيادة الرقمية على العالم.