لا مستحيل مع الشغف بالمعرفة.. حتى الضوء ينحني حين نفهمه
تعد بعثات الهبوط على سطح القمر بين عامي 1969 و1972 من أعظم إنجازات البشرية. ومع ذلك، لا تزال بعض النظريات المؤامراتية تدّعي زيف هذه الإنجازات، سواء فيما يخص بعثات الولايات المتحدة أو الاتحاد السوفيتي السابق. يهدف هذا المقال إلى استعراض أهم الشبهات المثارة حول صحة هبوط الإنسان على القمر، وتفنيدها بالاستناد إلى الأدلة الفيزيائية والهندسية والشهادات العلمية الدولية، كما يتناول أبرز برامج الاستكشاف القمري المأهولة وغير المأهولة ومصيرها ومستقبلها.
تستند بعض الادعاءات إلى مشاهد العلم الأمريكي وهو يتحرك عند زرعه على سطح القمر، معتبرين ذلك دليلًا على وجود هواء مستحيل في بيئة قمرية. إلا أنّ السبب العلمي الواضح هو أن العلم كان مثبتًا على قضيب أفقي جعله يبقى ممتدًا، وحين حرّك الرواد القضيب أثناء التثبيت، اهتز القماش قبل أن يستقر في وضعه النهائي في الفراغ.
يدّعي البعض أن غياب النجوم في الصور يشير إلى تصويرها في استوديو. في الواقع، التفسير فيزيائي بحت: الكاميرات ضُبطت على التعرض المناسب للإضاءة العالية الناتجة عن انعكاس أشعة الشمس على سطح القمر، ما جعل النجوم الباهتة تختفي عن مدى التسجيل.
تُستخدم خلفيات متشابهة في الصور كدليل مزعوم على التصوير في موقع واحد. إلا أنّ عدم وجود غلاف جوي يجعل التلال البعيدة واضحة وضوحًا تامًا، ما يؤدي لتشابه المشاهد في الصور رغم تغير المواقع الفعلية.
يرى المشككون أنّ محرك وحدة الهبوط كان يجب أن يخلف حفرة كبيرة أسفلها. إلا أنّ الحقيقة أن المحرك خفف سرعة الهبوط في اللحظات الأخيرة بقوة محدودة، ولم تكن كافية لإحداث حفرة كبيرة، كما أن طبيعة تربة القمر الصلبة قللت من إمكانية نشوء فوهة واضحة.
يُعتقد أن عبور الحزام الإشعاعي كان سيقتل الرواد. لكن المركبة عبرت بسرعة خلال المناطق الأقل كثافة إشعاعية، وتلقّى الرواد جرعات إشعاعية إجمالية أقل من الحدود الخطرة على صحتهم.
يتذرع البعض بتقاطع الظلال باعتباره دليلاً على تعدد مصادر الإضاءة، لكن التضاريس غير المستوية على القمر تؤدي بطبيعتها إلى اختلاف اتجاهات الظلال، ويمكن رؤية الظاهرة نفسها في صور مأخوذة بصحارى الأرض.
يزعم آخرون أنّ الإضاءة المتوازنة تشير إلى تصوير في استوديو. لكن الضوء على القمر شديد للغاية نتيجة غياب الغلاف الجوي الذي يبعثر الأشعة، كما أن الأرض تعكس قدرًا كبيرًا من الضوء يساهم في إضاءة إضافية مشابهة لـ"عاكس ضخم".
يُروّج أنّ ظهور حرف "C" على صخرة في صورة أبولو 16 يشير إلى استخدامها كدعامة مسرحية. إلا أنّ التحليل كشف أن الحرف ظهر في نسخة مطبوعة بسبب شعرة أو لُوثة على الماسحة الضوئية أو الورق الأصلي ولم يكن موجودًا في النيجاتيف الأصلي.
يعتقد البعض أن مقاطع الفيديو بُطئت صناعيًا لمحاكاة جاذبية القمر. لكن الحسابات الفيزيائية أثبتت أن تسارع حركة الرواد يتطابق مع الجاذبية القمرية (1/6 الجاذبية الأرضية) بدقة، في حين فشلت محاولات محاكاتها على الأرض في إظهار حركة الغبار الطبيعية.
صاروخ Saturn V الذي استخدم في مهمات أبولو كان قادراً على رفع حمولة تزيد عن 140 طنًا إلى المدار الأرضي المنخفض، وقد تم توثيق الإطلاقات وتتبعها عبر محطات رادارية دولية.
تصميم وحدة الهبوط القمري كان خفيفًا للغاية لتقليل الكتلة، إذ لم تكن بحاجة للعودة إلى الأرض، بل للإقلاع من القمر فقط.
بذلات الفضاء القمرية صُممت لتحمي الرواد من درجات حرارة تتراوح بين -150°C في الظل إلى +120°C في الضوء، وخضعت لاختبارات صارمة في فراغ مختبري قبل الرحلات.
خلال الحرب الباردة، امتلك الاتحاد السوفيتي قدرات رصد متقدمة لتتبع الإشارات الفضائية، وكان ليكشف التزوير لو وُجد. إلا أنّه اعترف بإنجاز الهبوط الأمريكي ضمنيًا وصراحةً في بيانات رسمية. كما تابعت وكالات علمية مستقلة في أوروبا وآسيا الإشارات والاتصالات مباشرة، مما ينفي احتكار NASA للمعلومات.
جلبت بعثات أبولو نحو 382 كجم من صخور القمر، تتميز بتركيب كيميائي لا يوجد في الصخور الأرضية، وما زالت تُدرس في مختبرات دولية مستقلة حتى اليوم.
وضع الرواد أجهزة عاكسة ليزرية (Retroreflectors) على سطح القمر تُستخدم حتى اللحظة لقياس المسافة بدقة بالغة بين الأرض والقمر من عدة محطات ليزر عالمية.
التقطت مركبة Lunar Reconnaissance Orbiter التابعة لناسا صورًا عالية الدقة لآثار مركبات أبولو ومسارات حركة الرواد على سطح القمر.
رحلات مأهولة: 6 بعثات بين 1969–1972 (أبولو 11–17، باستثناء أبولو 13 التي لم تهبط).
رحلات غير مأهولة: مثل مركبات Surveyor وLunar Orbiter.
مستقبل البرنامج: تسعى NASA لإعادة البشر للقمر ضمن برنامج Artemis بحلول 2026/2027.
غير مأهولة: برنامج Luna (لونا) الذي نفذ 24 بعثة بين 1959 و1976.
مأهولة: لم تُنفَّذ أي بعثات مأهولة للقمر حتى اليوم.
غير مأهولة: بعثات Chang’e 1–6 (هبوط وإعادة عينات).
المأهولة: تخطط لإرسال رواد بحلول ثلاثينيات هذا القرن.
غير مأهولة: Chandrayaan-1/2/3، أحدثها Chandrayaan-3 في 2023.
المأهولة: تطمح لإرسال رواد إلى مدار الأرض بحلول 2025، وللقيام بمهمات قمرية مأهولة مستقبلًا.
شركات مثل SpaceX وBlue Origin تخطط لإرسال بعثات مأهولة تجارية بتكاليف أقل من برامج الدول التقليدية، وقد تبدأ قبل نهاية العقد الحالي.
تزوير مهمة بحجم هبوط الإنسان على القمر كان سيتطلب تواطؤ وصمت مئات الآلاف من المهندسين والفنيين والباحثين على مدار عقود، وهو أمر شبه مستحيل عمليًا. كما أن الأدلة العلمية المباشرة من الصخور والعواكس الليزرية والبيانات الرادارية وصور الأقمار الصناعية الحديثة جميعها تثبت بما لا يدع مجالًا للشك صحة الهبوط القمري التاريخي، وهو إنجاز يجدر بالبشرية الاعتزاز به بدلًا من إنكاره.