لا مستحيل مع الشغف بالمعرفة.. حتى الضوء ينحني حين نفهمه
«إذا كان ترك الدين يعني تقدّمًا،
فيا نفس موتي قبل أن تتقدّمي»..
تعبير يختصر مخاوف البعض من ربط التقدّم بالتخلّي عن الدين. لكن هل حقًا العلاقة بين الدين والتقدّم علاقة صدامية؟ وهل يمكن إيجاد طريق وسط يجمع بين القيم الدينية وضرورات العصر؟
١) التقدّم ليس نقيض الدين ولا مرادفًا لتركه
التقدّم يعني الارتقاء بالإنسان في التعليم والصحة والحريات والخدمات، وهو يحتاج لإصلاح سياسي واجتماعي، لا ترك المعتقدات. تجارب تاريخية متعدّدة أظهرت أن التديّن المستنير قد يحرّك الإبداع كما حدث في الحضارة الإسلامية، بينما إساءة توظيف الدين قد تعرقل التنمية.
٢) التشدّد والجمود خطر.. والإنكار الكلي للقيم الدينية خطر آخر
التشدّد يضيّق التفكير ويجعل الدين وسيلة للسيطرة بدلًا من كونه باعثًا للأخلاق والاجتهاد.
في المقابل، الدعوة لإلغاء الدين تمامًا تتجاهل دور الإيمان في بناء القيم المجتمعية ودعم التضامن الإنساني.
٣) الوسطية: تصحيح الفهم لا إلغاء الثوابت
الوسطية تعني الالتزام بقيم الدين في العدل والرحمة والمساواة والصدق والإحسان، مع الاجتهاد في التفسير بما يتناسب مع متغيّرات الزمان وفقا لضوابط متفق عليها وليست آراء شخصية أو حزبية أو فئوية.
الثوابت هنا ليست قيودًا، بل مبادئ أخلاقية كونية تحتاجها كل حضارة كي لا تتحول الحرية إلى فوضى.
٤) دروس من تجارب الشعوب
دول كثيرة تقدّمت علميًا واقتصاديًا رغم تمسّكها بتقاليد دينية أو ثقافية، لأن التقدّم يقوم على:
نظام تعليم يحفّز الإبداع.
إدارة نزيهة وفعالة.
خطاب ديني مستنير يحرر العقل من الخرافة دون إلغاء الجانب الروحاني.
الخلاصة:
التقدّم لا يعني ترك الدين، بل يحتاج عقلية منفتحة ونقدية تجدّد الفهم، وتلتزم بالقيم الأخلاقية. بين الجمود والانفلات طريق وسطي يجمع الإيمان بالعقلانية، ويصنع مستقبلًا لا يتناقض فيه التقدّم مع القيم.