لا مستحيل مع الشغف بالمعرفة.. حتى الضوء ينحني حين نفهمه
في التصورات الكونية للفلكيين القدماء، كانت الأرض تُعتبر مركز الكون الثابت، تحيط بها أفلاك سماوية تدور فيها الأجرام السماوية المعروفة آنذاك. وقد أحصى هؤلاء الفلكيون سبعة كواكب مرئية بالعين المجردة، ورتّبوها في سبعة أفلاك تحيط بالأرض على التوالي، بدءًا من القمر، ثم عطارد، فالزهرة، فالشمس، فالمريخ، فالمشتري، وانتهاء بزحل، الذي اعتُبر أبعد الكواكب وأثقلها أثرًا.
وقد انعكست هذه النظرة الكونية في الشعر والتقويم الثقافي. يقول أحد الشعراء القدماء في هذا السياق:
زُحلٌ شرى مريخه من شمسهِ
فتزاهرتْ لعُطاردِ الأقمارُ
في هذا البيت الشعري تتجلى المعرفة الفلكية بلغة رمزية، حيث تشير العلاقة بين الكواكب إلى التراتبية السماوية التي اعتُمدت في بناء تصوّر للعالم يعكس التناسق بين حركة الأفلاك والزمن الأرضي.
ومن هذا النموذج الكوني، نشأت فكرة "السموات السبع"، حيث خُصِّصت لكل كوكب "سماء" خاصة، تبدأ من سماء القمر الأقرب، وتنتهي بسماء زحل الأبعد. وقد ارتبطت هذه الأفلاك السبعة بتقسيم زمني رمزي يتجلى في أيام الأسبوع السبعة، حيث خُصِّص لكل كوكب يوم يحمل أثره، وهو ما انعكس في أسماء الأيام في بعض اللغات القديمة.
ففي التراث البابلي والروماني، على سبيل المثال، نجد أسماء أيام الأسبوع مشتقة من أسماء هذه الكواكب:
يوم القمر (Monday – Moon’s day)
يوم المريخ (Tuesday – Mars’s day)
يوم عطارد (Wednesday – Mercury’s day)
يوم المشتري (Thursday – Jupiter’s day)
يوم الزهرة (Friday – Venus’s day)
يوم زحل (Saturday – Saturn’s day)
ويوم الشمس (Sunday – Sun’s day)
هذا التداخل بين الفلك والأسطورة والزمن ليس إلا تعبيرًا عن محاولة الإنسان القديم فهم نظام العالم وموضعه فيه، من خلال ربط ما هو علوي سماوي بما هو أرضي زمني. لقد سعى الإنسان عبر هذه التصورات إلى بناء نظام كوني ذي طابع رمزي وتناظري، يمنح الزمن معنى ويتجاوز الفوضى.
وهكذا، لا يمكننا فهم تقسيم الأسبوع وأسماء الأيام بمعزل عن التصورات الفلكية الأولى، التي لعبت دورًا في تشكيل الثقافة والمعرفة واللغة عبر التاريخ.
إبراهيم الهجري
يتبع نظرة العلم الحديث