لا مستحيل مع الشغف بالمعرفة.. حتى الضوء ينحني حين نفهمه
منذ اندلاع النزاع المسلح في اليمن عام 2015، تعرض النظام التعليمي، وبخاصة التعليم العالي، لأضرار جسيمة تهدد مستقبل البلاد لعقود قادمة. إذ لم يكن التعليم ضحية غير مقصودة، بل كان – في حالات كثيرة – هدفًا مباشرًا للسيطرة والتفريغ والإضعاف.
بينما تركزت معظم مشاريع الإغاثة على الجانب الإنساني، ظل القطاع الأكاديمي خارج دائرة الأولويات، رغم أهميته الحيوية في إعادة بناء الدولة والمجتمع. لذا، بات من الضروري بناء تصور متكامل لإعادة الإعمار الأكاديمي، قائم على تقييم علمي دقيق، ومخطط تنفيذي مرن ومستدام.
وفقًا لتقارير وزارة التعليم العالي واليونسكو:
تضرر أكثر من 60% من مباني الجامعات اليمنية بدرجات متفاوتة (قصف، نهب، إغلاق).
انهيار البنية التحتية التقنية والمختبرية في غالبية الكليات العلمية.
إغلاق مؤقت أو دائم لعشرات الأقسام والبرامج الأكاديمية.
انعدام الصيانة والدعم اللوجستي للمكتبات ومراكز البحث.
نزيف الكادر الأكاديمي: أكثر من 30% من الأساتذة غادروا البلاد أو اعتزلوا العمل الأكاديمي بسبب توقف الرواتب، أو التهديدات الأمنية.
تدني كفاءة المخرجات: بسبب غياب التقييم الدوري، وتجميد برامج التدريب الأكاديمي.
هجرة العقول الشبابية إلى الخارج أو إلى أسواق غير علمية.
تضارب المرجعيات الحكومية (الحكومة في صنعاء مقابل الحكومة المعترف بها في عدن).
تجميد السياسات الوطنية الموحدة للتعليم العالي.
ضعف الرقابة على جودة التعليم وانتشار الجامعات الخاصة غير المعتمدة.
بناء نظام أكاديمي يمني حديث، مرن، آمن، قادر على إنتاج المعرفة، وتوليد الكفاءات، والمساهمة في بناء السلم والتنمية الوطنية.
الأهداف:
إعداد تقرير وطني شامل عن حالة الجامعات اليمنية.
توثيق الأضرار المادية والبشرية والمعرفية.
جمع بيانات دقيقة عن عدد الأكاديميين، البرامج، وأوضاع الطلبة.
الجهات المنفذة:
لجنة وطنية مستقلة.
بالتعاون مع اليونسكو، ومنظمة التعليم العالي للتنمية (CHEA)، ومراكز بحثية يمنية في المهجر.
الإجراءات:
إعادة صرف الرواتب لجميع الأكاديميين بالتنسيق مع الحكومة والمانحين.
ترميم عاجل للجامعات القابلة للتشغيل السريع.
تأسيس صندوق وطني طارئ للتعليم الجامعي بدعم من البنك الدولي وجهات مانحة عربية.
توقيع اتفاقيات مع جامعات عربية لاستضافة مؤقتة للأكاديميين والطلبة في برامج تبادل تدريبي.
إطلاق برنامج "منحة التعليم الطارئ" للطلبة المتضررين.
الركائز:
صياغة قانون موحد للتعليم العالي يُعيد الاعتبار للحوكمة، الاستقلالية، والجودة.
دمج أو إغلاق الجامعات الخاصة غير المعتمدة.
إعادة تصميم المناهج الدراسية وفق المعايير الدولية وربطها بسوق العمل اليمني.
إطلاق هيئة وطنية مستقلة لضمان جودة التعليم والاعتماد الأكاديمي.
المبادرات:
إنشاء جامعة إلكترونية وطنية للتعليم المفتوح والتعليم عن بُعد.
إنشاء شبكة وطنية للبحث العلمي تتضمن:
قاعدة بيانات موحدة للأبحاث والمجلات اليمنية.
منح بحثية تنافسية.
دعم مشاريع التخرج والماجستير والدكتوراه المرتبطة بحل مشكلات اليمن.
تأسيس مراكز تفكير وطنية (Think Tanks) ترتبط بصناعة القرار وتعمل على تحليل السياسات.
ضمان الحياد السياسي الكامل للعملية الأكاديمية.
إشراك الأكاديميين اليمنيين في الخارج عبر برنامج "العقول الراجعة".
تبني الحكومة والمانحين أجندة طويلة الأمد تتجاوز الدعم الإنساني المؤقت.
المساءلة والشفافية في التمويل والتنفيذ.
انظر الجدول ادناه
إن إعادة الإعمار الأكاديمي ليست ترفًا ولا أولوية مؤجلة، بل حجر الزاوية في أي نهضة يمنية مرتقبة. التعليم الجامعي هو الجسر الوحيد القادر على نقل اليمن من حالة الهشاشة إلى الدولة الفاعلة، ومن الحرب إلى السلام. وما لم يتم وضع هذا القطاع في صدارة جهود التعافي، فإن باقي محاولات الإعمار ستبقى ناقصة، أو عرضة للانهيار.
12.01.2025