شوارد

أردوغان والمسلسلات التركية

في الأعوام الأخيرة أخذت المسلسلات التركية تغزو شاشة العائلة الكوردية من خلال الدبلجة الجيدة وبلغة كوردية رصينة وسلسة مما جلبت أهتمام الكثيرين لمتابعتها والأستمتاع بأحداث حلقاتها اليومية. واللافت للنظر أنها أصبحت جزأَ مهما من السهرة الليلية لتلك العوائل. وفي أيام الأستفتاء بينما كان الشعب الكردي جلّه منشغلا بأحداثه والتحضير له من خلال الممارسات والأفعال التي من شأنه أنجاحه على أكمل وجه رُغم كل التحديات والمواجهات من الداخل العراقي وخارجه وخصوصا من الجانب التركي وحكومته وبالأخص رئيسه أردوغان حيث حلَ في تلك الفترة محل أبطال تلك المسلسلات الدرامية وأخذ يمثل كافة الأدوار الرئيسية والثانوية من دون الأستعانة بالمخرجين العالميين لأنه قام بأدوارهم أيضا. ففي فترة ما قبل الأستفتاء وبعده ألقى أردوغان للجمهورأكثر من سبع عشرة خطابا مرتجلا وتصريحات نارية عنيفة منفعلة مليئة بالتهديد والوعيد بالقتل والتشريد والجوع والتجويع حيث أعتبرها جريمة أرتكبها شعب بأسره لأنه قال (بلى) للأستفتاء ملء أرادته والذي لم يجني عليه ولا على دولته بأي شكل من الأشكال لا من قريب ولا من بعيد. ليكن بعلمك أن عنجهيتك وغرورك لن يخوفنا أبداَ لأننا شعب أولوا عزم وبأس شديدين لنا صولات وجولات والجميع يعرفون ذلك من تجارب الماضي القريب والبعيد وأهل مكة أدرى بشعابها وأن كنت تتصور بأنك تستطيع أن تؤذي البعوضة لفترة وجيزة من الوقت لكنك لا تتمكن من القضاء عليها وهي بدورها لها القدرة والقابلية من أبقائك مستيقظا طوال الليل لا يهدأ لك بال ولا قرار ولا يغمض لك جفن. لهذا السبب وصفك الشعب الكردي والعهدة على الراوي والخطيئة في ذمة الواوي أنك أصبحت ومن دون منازع ولا مبارز بطل تلك الخطب الرنانة اليومية والآنية ووصفوها بأنها بمثابة مسلسل أسموه " حلقات أردوغان" الكوميدية المسلية. مواقفك وتصرفاتك الجوفاء تلك المدعاة للسخرية والأستهزاء في تلك الحلقات أثارت حفيظة الرأي العام الداخلي والخارجيي والشرفاء في العلم على حد سواء وسوف تظل وصمة عار سوداء في جبينك وحكومتك مدى الدهر ولن تمحى آثاره مهما كانت التبريرات الغير المقنعة والواهية التي تتشبث بها ومن ساندك ودعمك ووقف معك وأيدك في أتخاذ تلك الأجراءات والقرارات بحق شعب آمن مسالم لا يريد السوء لغيره وبالأخص لجيرانه الأقربين. ومن العدل والأنصاف حقا أنك أصبحت بطلا للحلقات الأردوغانية البهلوانية بدلا من أن تكون رئيس حزب يسمى التنمية والعدالة التركي. أية عدالة تدّعي بها وما فعلته حسب رأيك الشخصي كان منتهى العدالة لأنك قلتها وملء الفم وللعالم أجمع بأنك ستجوّع شعبا مسلما وجارا وهددته مرارا وتكرارا بسد المعابر والمنافذ عليه. لعلي ولست مخطئاَ إن قلت أنها قِمّةُ الأنسانية والعدالة الأردوغانية في القرن الحديث! فهل تشاطرونني الرأي يا أصحاب الحكمة والعقل الرشيد. إنّه مجرد أستفتاء أوجهه لكم لا غير ولا تعتبروها جريمة أقترفتها بحقكم وبحق الجيران!

12-10-2017 دهوك- احمد علي

هل الأستفتاء الكوردي حق أم جريمة؟

"أقول له أخي... وهو يقول لي صديقي في الدم"

" ئەزێ دبێژمێ برا ، ئەوێ دبێژیت کریڤ"

‌أود في من القارئ أن يسع صدره وأن لا ينفذ صبره لأني سوف أعطي لهذا المثل الكوردي حقه ومن جميع الجوانب, لكونه يتحمل جوانب عدة من مناحي الحياة منها اللغوية والتربوية والأجتماعية والدينية والسياسية.

من الناحية اللغوية هذا مثل كوردي بحت من حيث ألفاظه وصياغته. ويرتكز على مفردتين فصيحتين متقاربتين في المعنى. فكلمة "برا" أي بمعنى الأخ ومفردة " کریڤ" أي صديق الدم وهي من المفردات الكوردية المشتركة بين المسلمين الكورد والأيزيديين. ومن لم يكن لديه ألمام باللغة الكوردية يصعب التفريق بينهما من الناحية اللغوية أو الدلالية.

في الجانب التربوي يغرس هذا المثل قيماً عالية في نفس المتلقي لأنه يُبرز حب التلاحم والتآخي والمحبة وأحترام مشاعر المقابل في أعلى صوره وينبذ الحقد والبغض والكراهية.

بينما السمة الأجتماعية تبدو طاغية وبكل وضوح في مغزى المثل حيث يؤكد في توطيد العلاقة الرصينة بين المسلم والأيزيدي منذ القدم والمفاهيم المرتبطة بينهما من الناحية الأجتماعية. رغم العلاقات الأسرية الطيبة السائدة في كلا المجتمعين منذ القدم وكان الطرفان يلجأون الى تمتينها وتقويتها أكثر حيث كان كلٌّ من الطرفين يبادران بختان أبنائهما في حجرأو حضن الآخر فحينئذ تتحول الصداقة الأعتيادية العابرة الى صلة دم فيصبح أحدهم للآخر بمثابة صديق دم أي" کریڤێ خوینێ". ونادرا ما كان أحدهم ينكث بهذا العهد تجاه الآخر ويتوارثها الأبناء عن الآباء والأجداد.

ورغم التباين والأختلاف في جوهر الطقوس الدينية بين الطرفين لم تؤدي الاّ نادرا الى عكر العلاقات الودية والألفة بينهم بل ظلّ التقارب والتفاهم يجمهم طوال العهود الماضية فكان التعايش السلمي ديدنهم وهدفهم الأسمى في تحقيق الأمثل.

ولتوظيف هذا المثل في الجانب السياسي يحتاج الأمر وقفة لا تخلو من المخاطر والمنزلقات لكون المثل يفرز أيحائات تُظهر تلك المخاوف لدى أي من الطرفين أكان التفوه بها من الجانب المحق أو المسئ. فعلى سبيل المثال لو ساءت العلاقة بين شركين في التعامل حين يعلم المحق بأن الآخر نقض قواعد وبنود الشراكة بينهم فيلجأ الى فسخها بالطرق القانونية أو الشرعية وتنتهي الأمور على هذه الشاكلة ولا تأخذ أبعاداً أخرى. وعندما تتفاقم الأمور بين الجارين وتزداد الخلافات بينهم تصل نقطة يصبح التعايش معاً صعبا بمكان حينئذ يلجأ أحدهم لبيع الدار والأبتعاد عنه وتنتهي حل المشكلة بالطرق السلمية كي لا تأخذ أبعاداً أخرى تضر بهم في المستفبل. وحين يدب التوتر جو العائلة الواحدة بين الأخوة أو الأبناء والآباء فيكون العزل فيما بينهم هو الحل الأفضل لتفادي ما هو أسوأ من ذلك. ولكن عندما يصل الأمر بين قوميتين في داخل البلد الواحد حد الطريق المسدود بسبب تعنت الطرف المركزي المتسلط على الآخر في كثير من الأمور الجوهرية والتي تسبب للطرف الآخر أضرار جسيمة ويحرمه من حقوقه ومستحقاته القانونية والدستورية ويرفض جميع الخيارات المتاحة عن طريق الحوار البنّاء والفعّال وفي النهاية الآخر لا يرى بُدّاً من اللجوء الى وسائل أخرى بديلة تكفل له الدستورالحصول عليها ما دام الأساليب الأخرى فشلت ولم تحقق له المطلوب. فألى متى يظل لسانه يردد ويقول ويتفوه بأنك: أخي... وهو في المقابل يقول له أنت صديقي في الدم. فأي دم هذا ما دام الدم أصبح كالماء ولم يعد ذا قيمة تذكر. فعنصر التوافق بينهم أصبح محل خلاف عميق ورأب الصدع صار ضرباً من المستحيل وبات من العسير الأستمرار على هذا المنوال فاللجوء الى هذا الموقف الصعب كان من الخيارات النهائية بعدما خابت جميع أنواع الحوارات العقيمة والتي لم تجدي نفعا ولم تلقى آذاناً صاغية. فالذهاب الى الخيار الوحيد الأخير وهو ممارسة الأستفتاء وأخذ رأي الشعب حيال المسألة لا تعتبر جريمة بل حق قانوني يكفله الدستور. أذن لنا الحق أن نسأل المقابل لمذا تقف حجرة عثرة في طريق هذا الحق المشروع ما دمت لا تصون حق الجيرة الصحيحة وربما تكون هذه الخطوة خير حل وأفضل سبيل لأنهاء هذه العقدة المستعصية منذ زمن بعيد كي ترى النور في نهاية النفق ومن خلالها يحقق الأكراد حلمهم القديم وهدفهم المستقبلي المنشود لأن هذا هو أرادة شعب بأحمعه؟

13-9-2017 دهوك- بقلم: أحمد علي

مسعود البارزاني رئيس أقليم كردستان

مسعود البارزاني، سياسي كردي عراقي، وزعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، ورئيس إقليم كردستان العراق . شكل الغزو الأميركي للعراق محطة مهمة في تاريخه، حيث طوى هو وغريمه الكردي جلال الطالباني خلافاتهما السابقة كليا ليشكلا زعامة مشتركة.

المولد والنشأة

ولد مسعود البارزاني يوم 16 أغسطس/ آب 1946، بقرية مهاباد في إيران.

كان والده الجنرال مصطفى البارزاني زعيما عسكريا لجمهورية كردية معلنة ذاتيا، وعندما سقطت لجأ الوالد إلى الاتحاد السوفياتي السابق، في حين عاد الابن وأسرته إلى العراق ومن ثم إلى قريتهم بارزان.

الدراسة والتكوين

نشأ برعاية أخواله في كردستان العراق التي تعلم في مدارسها الابتدائية إلى أن انتقل إلى بغداد ليدرس في مدارسها المتوسطة والثانوية.

التجربة السياسية

ساعدت البيئة التي نشأ فيها البارزاني الأبن على الأرتباط القوي بقضية الشعب الكردي، فمنذ أن أصبح شابا التحق بالثورة الكردية التي كان يقودها أبوه الملا مصطفى البارزاني الذي شنَّ منذ عام 1961 كفاحا مسلحا ضد الحكومة العراقية، وسرعان ما أنضم إليه مسعود وهو في سن الـ16.

وفي عام 1970 كان البارزاني الأبن على رأس وفد وقع اتفاق حكم ذاتي مع بغداد، لكنه انهار واستؤنف الكفاح المسلح. وبعد وفاة والده عام 1979، تولى قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني، ومنذ ذلك الحين وهو يترأس الحزب.

وبعد انتفاضة ربيع عام 1991، برز البارزاني الأبن قائدا للأنتفاضة الكردية لوجوده أثناءها في كردستان العراق، بينما كان منافسه جلال الطالباني خارج العراق. وحث الأول شعبه على البقاء في الإقليم بعد نزوح الآلاف منهم إلى إيران وتركيا خوفا من ردود فعل السلطات المركزية العراقية بقصف المناطق الكردية المنتفضة بالأسلحة التي قيل إنها كيميائية.

ساهم البارزاني بشكل فعال في الإعداد لمؤتمر المعارضة الذي عقد في أربيل عام 1992

والذي سمي بمؤتمر "صلاح الدين" وضم الأحزاب والحركات والشخصيات السياسية المعروفة كافة. واختير في المجلس المركزي المؤلف من ثلاثة أعضاء لقيادة المعارضة العراقية.

وبعد احتلال القوّات الأميركية والبريطانية العراق عام 2003، طوى البارزاني وغريمه الطالباني خلافاتهما السابقة كليا ليشكلا زعامة مشتركة، وشاركا في مختلف المحطات السياسية التي عرفها العراق بعد صدام بدءا من مجلس الحكم بالعراق والحكومة العراقية المؤقتة إلى الانتخابات العراقية.

ويرفض البارزاني اعتبار القوات الأميركية والمتعددة الجنسية عدوة لأنها حررت الشعب العراقي وفق قوله، مضيفا أنه "لا يجد أي مبرر لاستهداف هذه القوات".

تم تعيينه في يوليو/ تموز 2003 عضوا من بين 25 آخرين في مجلس الحكم العراقي بعد احتلال العراق.

احتلت قائمة التحالف الكردستاني التي تضم الحزبين الكرديين الرئيسين الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الطالباني والديمقراطي الكردستاني بزعامة البارزاني المركز الثاني بنسبة 25.7% في انتخابات الجمعية الوطنية الانتقالية (البرلمان) التي أجريت أواخر يناير/كانون الثاني 2004.

وفي يونيو/ حزيران 2005، انتخب البارزاني رئيسا لإقليم كردستان من قبل برلمان الإقليم، وعد حينها أول رئيس منتخب لهذا الإقليم.

دعا البارزاني الأحزاب السياسية في كردستان العراق يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2016 للاجتماع فيما بينها، لتسمية شخص لرئاسة الإقليم لحين إجراء الانتخابات الرئاسية عام 2017.

وقال في بيان "إذا كان حل المشاكل السياسية الداخلية في إقليم كردستان عندي، فالحل يكمن في الحوار بين الأحزاب، وبأن يتم انتخاب رئاسة جديدة للبرلمان لكي يعود لمزاولة أعماله ثانية، وبأن تتفق الأحزاب كافة على تشكيل حكومة جديدة، ويعينوا شخصا لرئاسة إقليم كردستان لحين إجراء الانتخابات القادمة".

وكان يفترض إجراء انتخابات رئاسية عام 2013 لكن مدد بقاء البارزاني رئيسا للإقليم لسنتين، وبسبب الحرب ضد تنظيم الدولة والظروف السياسية الصعبة التي يمر بها الإقليم، لم تجر انتخابات جديدة لاختيار خليفة البارزاني.

منقول عن موسوعة الجزيرة

تداعيات الأستفتاء الكوردي

گشت پرسی بو سەر بەخویا کوردستانێ

كوردستان بيتنا نسكن فيه وليس للغير شغل بنا

بعدما رأى الكورد ممثلا برئيسه وبرلمانه المنتخب بأنه لا مناص من العيش مع الجيران سنّةً وشيعة في بيت واحد سويةً نتيجة للأسباب المنطقية والقانونية والتراكمات والأفعال والممارسات التي أخلّت مشاركة الوطن الواحد معا وبصورة ترضي الجميع بالسكن من دون المساس بحقوقهم ومستقبل شعوبهم وبعد أن أغلقت كافة السبل والحلول بوجههم, لذا نحى الأكراد نحو الحق الدستوري الذي يكفل لهم ذلك وهواللجوء الى أستفتاء الشعب وأخذ رأيه بالقبول بالعيش منفصلا عن العراق أو البقاء والسكن تحت ظلّ حكومة متسلطة لا تراعي حقوق المكونات الأخرى. فلبى الشعب وقال كلمة الفصل فيها وكان الجواب " نعم" وألف "بلى" للأستقلال والعيش في دولة خالية من القتل والتشريد والأقصاء. ونحن الكورد نبقى نغني ونغرد مع الأخوة العرب الشرفاء كلمات الأغنية العراقية الرائعة " هو بيتنه ونلعب بيه شلها غرض بينا الناس". يا ناس يا عالم ماذا جرى لكم أقمتم الدنيا فوق رؤوسنا ولم تقعدوها. أسئلكم بالله هل أرتكبنا جريمة بحقكم أم ماذا؟ مجرد سؤال لا غير للعقلاء فقط. والأجابة بنعم أو لا!

كيف الباطول

" نحنُ شعبُ العراق الذي آلى على نفسه بكلِ مكوناته وأطيافه ان يقرر بحريته وأختياره الاتحاد بنفسه، وأن يتعظ لغده بأمسه، وأن يسُنَّ من منظومة القيم والمُثُل العليا لرسالات السماء ومن مستجدات علمِ وحضارةِ الانسانِ هذا الدستور الدائم/ إنّ الالتزام بهذا الدستور يحفظُ للعراق اتحاده الحر شعبا وأرضاً وسيادةً." هذا النص جاء في ديباجة الدستور العراقي وبمنتهى الوضوح حيث لا يقبل مجالا للشك ولا فسحة للريبة فمن لا يلتزم به ويخل ببنوده وفقراته, الأخر يكون حلا منه وهذا ما فعله الكورد وأتجهوا نحو الأستفتاء وفيما بعد الأنفصال عن الشركاء ما دام هم من نكثوا العهود والمواثيق والدستور. وكأنَّ الأمر قد أصبح وبات يسير على وتيرة المبدأ القديم القائم :" كيف الباطول". حيث بدا الخرق من الحكومة المركزية وأبطلوا عمل الدستور وكشف بطلانه للجميع في أكثر من مكان ولسنوات عديدة, لذا لجأ الكورد الى خيار الأستفتاء والدخول في أمتحان الشعب لكي يدلي بصوته حيال ذلك الحق القديم الجديد.

الأمتحان الصعب

طرحت حكومة الأقليم أستفسارا للمواطن الكوردي وبمنتهى الشفافية هل يرغب البقاء مع العراق أم الأنفصال عنه؟ والأجابة بنعم " بەلێ" أو " لا أي كلا" وبالكوردية " نەخێر". فنال الأختيار الأول وبأغلبية ساحقة وماحقة: هذا هو رأي وردُّ المواطن الكوردستاني بكورده وعربه وتركمانه ومسيحيه وأيزيديه وكافة فسيفيسائه المتآخية تحت خيمة دولة كوردستان المستقبلية لا يهضم فيه حق أحد ولا يهمش طرف على حساب الغير بأي شكل من الأشكال.

ردود الأفعال

حينما طُرح مبدأ الأستفتاء على الطاولة العريضة وأصبح أمرا واقعا أخذت ردود الأفعال من كافة الأطراف من الداخل والخارج أكانت أقليمية ودولية وأممية أو منظمات وهيئات وأتحادات تنهال على الأقليم لثنيه والعدول عنه وبشتى الطرق وتأجيله والدخول في الحوار الجاد, لكن الطرف المقابل أصرَّ على الجانب الكوردي بألغاءه كشرط مسبق قبل الدخول في الحوار أولا وعدم القبول بتأجيله مما دفعت حكومة الأقليم بالمضي به وتنفيذه في الوقت المحدد وعدم التراجع عنه رُغْمَ الضغوط الدولية والأممية والأقليمية.

آراء قبل الأستفتاء

وعلى رأي المثل العراقي:" أغاتي أگعد أعوج وأحچي عدل". فأنتم الحكومة والبرلمان وأعضاءه ومن لفّ لفكم بأستثناء القلة الخيرة في هذا البلد المغلوب على أمره أبدوا بآرائهم تجاه الأستفتاء وبكل صرامة وشدّة وكانت معظمها متنشنجة ومنها من قالت بالحرف الواحد: أنه باطل, غير دستوري, وغيرشرعي, وغير قانوني, أنّه أستفتاء مشؤوم, مرفوض, كارثي ويجب أن يُلغى, وليس فية وجه حق, ينافي كافة الأعراف والمواثيق الدولية, الكل يؤكد عدم دستورية الاستفتاء، لأنه يستهدف وحدة البلاد، وهو خطوة ستكون لها تبعات خطيرة على مستقبل العراق بشكل عام وكردستان بشكل خاص, وأنه جريمة يمس أمن الداخل والخارج, ويسبب التوتر في عموم المنطقة ودول العالم وقد يمتد تأثيرها حتى على الثروة السمكية في البحار والمحيطات وربما تطول عنان السماء وتصل النجوم وكوكب المريخ. وآراء أخرى تنزلُ مستوى الدناءة والحقارة فيه تجعلني أنأى بنفسي عن ذكرها لأنها شيمة قائليها وحقدهم الدفين تجاه شعب عاش بينهم على مدى قرون , ولم يكن في كلامهم ذرة أنصاف ولا عدل. وبالمقابل قال الشعب كلمة حق يرد به باطل لأن الحق دوما يَعلى ولا يُعلى عليه.

مواقف بعد الأستفتاء

لقد أدلى الشعب الكوردي بدلوه وأبدى رأيه بكل وضوح وأكد للعالم أجمع أحقيته من نيل سيادتة وتكوين دولته على أرضه وتحت سمائه لأن لديه كل المقومات الأساسية الراسخة لتحقيق ذلك, ونجح بتفوق على الآراء المغرضة وقال نعم وراح صداها يجوب الآفاق وعم أرجاء الكون وأظهر فعاليتها وتأثيرها على القاصي والداني وأصبح أمراَ واقعا أقر به الجميع مؤيدا كان أم معارضاَ لها. فمنهم وخاصة الدول الأقليمية والتي كانت دوما تقف حجرة عثرة في طريق تشكيل الدولة الكوردية, فأبدت أستيائها وأمتعاضها وسارعت وبكل ما أتيت من قوة من أتخاذ الخطوات المسرعة والفورية تجاه هذا الشعب المظلوم تاريخيا من قبل الدول العظمى أولا والأقليمية ثانيا. فبادرت بأساليب التصعيد الكلامي تارة والتهديد بالقوة العسكرية تارة أخرى ورفع شعارات القرون البائدة التي أكل الدهر عليها وشرب من سياسة التجويع والحصار وسد المنافذ والمعابر والأجواء ومنع الشعب من أبسط الحقوق والواجبات. حقا ويقينا أنها تصرفات تنم عن العقلية الصبيانية التي تدار به الدول ولا ترتقي الى مستوى رؤساء الدول الكبرى ولا الى مبادئ الأنسانية ومواثيق الأمم وتعهداتها. أنها تلك العقلية القديمة لدى أسلافهم سلاطين الدولة العثمانية وشاهات الدولة الصفوية المتناحرة فيما بينها قديما والمتآخية الآن على حساب هذا الشعب الذي لاقى الأمرين منهم قديما وحديثاً. فإلى متى يبقى البعير فوق التل؟ ألم يحن الوقت ويعترفوا بالأمر الواقع!

نتائج الأستفتاء

ما يبعث عن التفائل بأن معظم المواقف الدولية حيال نتائج الأستقتاء جاءت أيجابية وأخذت تتراجع عن مواقفها السابقة من التأجيل وأعترفت خطأها تجاه ذلك. والشعب الكوردي ينتظر من تلك الدول قول كلمة الحق والعمل على أرساخ أسس الدولة الكوردية بالطريقة الصحيحة حسب المبادئ الدولية المعمول بها في أعطاء الشرعية لها مبعدين المنطقة بأسرها من الدخول ثانية في أتون التوترات والحروب والويلات غير آبهين للدروس المستقاة من الماضي الأليم.

4-10-2017 بقلم: أحمد علي- دهوك

يسرق المنجل من أيدي الحصّادة

ترجمة المثل الكوردي: " داسێ ژپالا ددزیت "

والمثل العربي: "أسمه في الحصاد ومنجله مكسور"

" ناڤێ وی یێ ل دورینێ، بەس داسا وی یا شکەستی یە"

في قصة هذا المثل يروى أن جماعة من الفلاحين بدأوا يعدون العدة لموسم الحصاد، وكان أحدهم يملك منجلاً قديماً مكسوراً لا يصلح للحصاد مطلقا، فكان هذاالفلاح يخرج مع الاخرين إلى الحصاد يوميا فيقضي الوقت معهم حتى يحين وقت رجوعهم، فيعود معهم، دون أن يفعل شيئا لأن منجله مكسور، وفي ذات يوم إحتاجرئيس العمال إلى أحد يرسله إلى المدينة لشراء بعض ما يحتاجه الحصّادة فأرسل من يستدعي ذلك الفلاح من بيته، فقالت له زوجة الفلاح أنه في الحصاد، فأخبر رئيس العمال بذلك، فقال أحد الحاضرين هو شيسوي بالحصاد عمي؟ كل يوم رايح راد : " أسمه بالحصاد ومنجله مكسور".

هذا كان بالأمس قصة الحصاد والمنجل المكسور والفلاح الذي كان يخدع نفسه قبل أن يخدع الآخرين بفعله هذا ولن يقدم شيئا يفيد الجميع. ولكن رغم تقاعس صاحب المنجل المكسور لم يؤثر أبدا على همة الآخرين من القيام بواجبهم على أحسن وجه وكان الحصاد يتم على أحسن ما يرام وكان الجميع ينعمون بهذا الخير والنعمة التي كانت تعم الكل وبلا أستثناء. واليوم لنا في البرلمان العراقي كثير من أشباه أبو المنجل المكسور بل اسوأ بكثير منه لأنهم لا في العير ولا في النفير لا من قريب ولا من بعيد. ليس لهم أي عطاء يذكر لا يبوحون بقول الحق ولا يستطيعون رد الباطل بل الأسوا من ذلك أنهم بعد أخذهم غفوة من النوم قبل الموافقة على القرارات ويستفيقون مطابقين عليها وبالعشرة حالهم حال من سبقوهم في البرلمانات الملكية السابقة. صورة طبق الأصل القديم لا يغيرون من الواقع شيئا ولا يعيرون لهموم الشعب ومعاناته ومآسيه المؤلمة. صوتهم في أخذ القرار مخنوق ومبحوح همهم الوحيد هو تأمين رواتبهم وأمتيازاتهم فمكانهم هناك هي بمثابة البقرة الحلوب تدر عليهم أنواع الحليب الطازج والشعب النازح يتمرغل بأشكال الطين المازج والوحل المالح وحين تنظر الى وجههم الكالح تعلم علم اليقين أنها قِمة المأساة والتراجيديا وأعضاء البرلمان وكأنهم في سهرة يشاهدون مسرحية ملهاة مجانية. وأما القسم الآخر والذي ينطبق عليه المثل الكوردي "يسروقون المناجل من أيدي الحصّادة" والذي يصورالموقف أبعد من ذلك بكثير فلا يكتفون بكل هذا وحسب بل أنهم يتجاوزون الحدود ويكسرون جميع السدود وباتوا يعطلون كل ما هو خير للبلد وأهله ويمررون كل ما هو سيئ ومضرله. ويقفون سدا منيعا من نزول الرحمة لهذا البلد التعيس ويدخلوه في المتاهي والأنفاق المظلمة ويدفعوه نحو الغد المعتم والمكبل بشتى أنواع القيود والعقود والمواثيق المعلنة والمخفية من وراء الكواليس, فهل هذا يا ترى من صنع بشر أم من فعل أبليس؟ أيا ناسي وخلاني وأصحابي أنتبهوا لأنفسكم من القاصي والداني والخسيس من المس والتدليس والتلبيس وانتظروا قادم الأيام مع برلمان آخر جديد مغلف في أحلى وأنقى كيس, والى أن يحين ذلك الموعد التعيس أنصحك أن تتلهى وتقتل الوقت بقراءة كتاب لمؤلف مخبول عاش في زمن مجهول:" لا يوجد في بيتنا خونة الدار ولا أي جاسوس في الجوار". ألم تدري يا أخي الجليل بأنه "خير جليس في الزمان كتاب". فأتعظوا يا أصحاب إذا سُدّ علينا باب من هنا فسوف يُفتح لنا هناك أبواب وأبواب.

12-6-2017 دهوك : بقلم: أحمد علي

داء وشعور

أنه داء التحكم وشعور الغلبة

انه داء السيطرة وشعور التفوق

أنه داء الغطرسة وشعور التباهي

أنه داء الأستعلاء وشعور التبختر

أنه داء العظمة وشعورالتكبر

انه داء الأستيلاء وشعور التملك

أنه داء التدمير وشعور الأنتقام

أنه داء الأبادة وشعور التشفي

أنه داءءءءات و شعوذة وجنون

بلى أنه داء وبلاء وآفة قديمة, أمراض وأسقام وعلل مبتكرة جديدة, أمتزجت في ثنايا الشعور وأخذت تغور وتغورفي العروق من دون أن تتوقف فأصبحت كالطاعونيستشري في جسد البشرية والناس أجمعين. ولا يمكن أستئصاله بأي شكل من الأشكال.

فلم يعد الحاكم حاكما كالسابق يفي بالوعد والعهد.

ولم يعد الطبيب طبيبا كما عهدناه حين تفوه بالقسم.

ولم يعد المعلم معلما في نهجه كما توعدناه في تنشئة الجيل.

ولم يعد الرؤساء كما عرفناهم في تولي أمور الرعية بالأنصاف.

ولم يعد القائد قائدا في الضبط وتنفيذ الأوامر وعدم الخيانة كما شاهدناه.

ولم يعد العالم عالما كما جربناه في توجيه علمه لخدمة البشرية.

ولم يعد... ولم يعد... أي شئ كما كان, وكل شيئ يسير بعكس الأتجاه.

فاصبح الخطأ والصواب كخطين متوازيين لا يلتقيان أبدا وبلا نهاية.

لقد أختلط العدل مع الجور

والنقاء والصفاء مع الفساد

وتداخل الوهم مع الحقيقة

وتشابك الجهل مع العلم

وتصادم النزاهة مع الظلم

وأستعلى القوة فوق الضعف والوهن

والقائمة تطول وتطول, والحبل على الجرار ومستقبل البشرية ليس له ثبات ولا قرار, وشمسه نحو الأفول, ما دامت الأهواء والميول, تتجه نحو الشر ويتسلط علينا الأشرار, وينظوي الأبرار مختفين من وراء الأستار والأسوار. ولم يبقى لأحد شيئا يخفيه, وباتت الحقيقة والعدل والأنصاف تلهث وتبتعد مختفية عن الأنظار. ننتظر من القوي الجبار أنيسلط قدرته على كل ظالم, باغي,معتد, أثيم, غدّار.

16-4-2017 دهوك بقلم: أحمد علي

لوهاب الذئب من المطر لصنع لنفسه فروة

والمثل الكوردي" هەکە گورگ دخەما بارانێ با، دا بخو کەپەنەکی چێکەت"

منذ القدم وإلى يومنا هذا ومنذ أن وطأت قدماه على الأرض أخذ الأنسان يتكيف للأجواء الطبيعية القاسية حوله. وبعدها ومع مرور الزمن بدأ البشر بالتفكير والسعي لأيجاد وسائل جديدة مبتكرة لسد متطلبات شؤون حياته اليومية والذاتية والأكتفاء بما يجود عليه الطبيعه من وسائل بدائية لتلبية حاجاته من أدوات وعدد.

وبالمقابل أخذت الحيوانات جميعا بشكل أو آخر تتلائم وتكيّف نفسها لدرء الخطر عنها من البشر أو الحيوانات الأخرى. فلجأت إلى الكهوف والشقوق تارة أو عمل الثقوب والجحور أو بدائل أخرى لتقليل الضرر عنها تارة أخرى. وأكتفت بما وهبته الخليقة والطبيعة لوقاية وحماية نفسها ولم تلجأ أبدا إلا نادرا عن البحث في إيجاد وسائل بديلة أخرى تدفع الخطر عنها.

وفي الآونة الأخيرة وبعد التطور الهائل في عصر التطور التكنولوجي اخذ الأنسان بالتفنن في أختراع وسائل وأدوات ومبتكرات فاضت عن حاجتة اليومية فأخذت تتجه نحو منحى آخر لا يمت للحاجة بصلة, قديما كانت الحاجة أم الأختراع وأما الآن فقد صار العكس تماما فأصبح " الأختراع من أجل الأختراع". والتسابق والتباهي لأظهار براعة وقدرة العقل البشري في هذا المضمار. فبدلا من تسهيل متطلبات وحاجات الأنسان جعلتة أكثر تعقيدا, وأحيانا أصبحت نقمة عليه لأبد الدهر. فمعظم هذه الأختراعات أصبحت سلاحا ذو حدين لا يستطيع الأنفكاك منها ومن شرورها.

فمعظم الحيوانات تبرد في الشتاء القارص ومنهم الذئاب ولكن رغم ذلك لم ولن تلجأ لوسائل أخرى تقيهم من ذلك, فقد تكيفوا لهذا الوضع وليسوا بحاجة للحصول على معاطف أو عباءات أو فراوي لدفع البرد عن جلودهم. هذه حكمة الله للعجماوات, وأما العقل البشري الذي وهبه الله لخدمة البشرية وأسعادها, وجهها نحو الخراب والدمار والهدم وأبادة الجنس البشري والحيواني سواء بسواء. أيتها العقول الراقية المريضة وأصحاب الشأن, الآن كثير من البشر بحاجة إلى معاطف من أي نوع كان لتقيهم من البرد في العراء ولقمة طعام مهما كان شكلها أو مصدرها ولو جاءت من المريخ لسد جوعه. اليس هذا أولى من كثير من الأختراعات والأبتكارات الفائضة عن حاجات البشر.

والمثل الكوردي القائل, " هەر بلویری دبن گوهێ گای بێژە." أي ما معناه: لا نفع من النفخ في البوق في أذن الثور." ما دام الثور لا يحتاج لذلك.

19-4- 2017 دهوك بقلم: أحمد علي

المقاومة من أجل الحرية

للكثير من الشعوب والناس والرموز أفضال علينا ولكننا نتغافل أمرهم إذا طال الأمد وفرّق الزمن بيننا وبينهم. ولكن ثمرات جهودهم وأعمالهم وذكراهم يبقى في الأذهان ومخيلة مواطنيه أبد الدهر لا تنسى ويظل عالقا في صميم الضمير والوجدان والأحساس.

فالشعب الكوردي منذ القدم الذي عاش على أرضه وتكلم بلغته الكوردية وبتعدد لهجاته وعاداته وتقاليده وألوان العيش والصراع من أجل البقاء وأستمرار ديمومة الحياة, قد مرّ بأشكال وأنواع الصراعات والثورات والتحديات على أرضه من الجيران أو من الدخلاء أو أحيانا فيما بينهم. ولكن رغم كل هذا بقى يناضل ويكافح من أجل البقاء. فحياة الشعوب قاطبة ليس كحياة الأفراد, الفرد يزول ويأتي بعده آخرون ليكملوا المسيرة وأما الشعوب الحية تبقى وتستمر في العطاء لا يقطنوا ولا يستسلموا لأي غادر ومغتصب مهما كان شكله وقوته وجبروته.

كان أرض كوردستان منذ فجر التاريخ مسرحا للصرعات والحروب الطاحنة بين الطامعين في خيراته وثرواته أكانت تلك الأطماع والغايات قومية , دينية أم عرقية مما أدى لخلق شعور قومي وديني بين بني جنسه لدرء هذا الخطر عنهم وبشتى الوسائل المتاحة لديهم مما شكّل لديهم روحا قومية ووطنية للدفاع عنه والذود عن حياضه ولا يترك المجال لأحد من النيل منه. فالتاريخ مليء بهذه الوقائع والأحداث منذ أمد بعيد ولحد الآن, ومداها مستمر إلى يومنا هذا. فقد شكّل الأكراد عددة دويلات وأمارات وقلاع حصينة في وجه الأعداء والغزاة ليس المجال هنا لذكرها.

فالروح القومية والوطنية عند الأكراد لن ولم يخمد وجذوة النضال والمقاومة باق على أشده عند شيبه وشبابه. فشبابه يرون الأستشهاد مجدا وفخرا والشيب عندهم الموت والقتل وسام يرفع فوق رؤوسهم لأنهم في الحروب مجربين ومحنكين. وهذه بعض الأمثلة من تاريخ الشعوب المناضلة والمكافحة ضد الأعداء والمغتصبين والغزاة:

الشيخ سعيد پيران هو شيخ المجاهدين الأكراد وقد اشتهر الشيخ بأسم سعيد پيران نسبة إلى (پيران)، وهي قرية صغيرة تقع قريباً من (بالو) وفيها حدثت أوّل مواجهة بينه وبين جنود أتاتورك. وأمرالشيخ سعيد بشن هجوم واسع على ديار بكر من جميع الجهات، لكن القوات التركية المتفوقة عدداً وعتاداً، سيطرت على الموقف، فأصدر الشيخ سعيد أوامره بالانسحاب والتراجع نحو (درخاني). وبعدها تمت محاصرة القوات الرئيسية للانتفاضة، وتحطيمها في وادي كينجو، وتم إلقاء القبض على قادتها، وعلى رأسهم الشيخ سعيد وبذلك تم القضاء عملياً على انتفاضة الشيخ سعيد پيران من قبل الجنود الأتراك. ونفّذ حكم الإعدام على الشيخ سعيد ورفاقه في ساحة المسجد الكبير بمدينة ديار بكر. وفي طريقه إلى مكان الأعدام كان يركل الجنود الأتراك بقدميه ويضرب وجوههم بمرفقيه وأمام حبل المشنقة قال الشيخ مقولة المشهورة: "إن الحياة الطبيعية تقترب من نهايتها ولم آسف قط عندما أضحي بنفسي في سبيل الله، إننا مسرورون لأن أحفادنا سوف لن يخجلوا منا أمام الأعداء".

فثورة عمر المختار شيخ المجاهدين وبطل العرب في ليبيا الشعبية المقاومة للأستعمار الطلياني خير مثال للمقاومة الحقة حيث لم يرضخ بأي شكل من الأشكال لمطاليبهم لوقف القتال, وظل يقاوم هو ومن معه من الثوار إلى أخر رمق وكانوا يوثقون أرجلهم كي لا يتركوا ساحة القتال. وكرروا ذلك العرض عليه أكثر من مرة؛ إلاّ أنه رُفِضَ تماماً من قبل عمر المختار، الذي أصرّ على قتالهم لآخر لحظة في حياته. وبعد أعتقاله في إحدى المواجهات أُحضر الشيخ عمر المختار إلى قاعة المحكمة وحكم عليه بالأعدام بطريقة صورية وهزيلة. وحينها أطلق مقولته الشهيرة "نحن لن نستسلم .. ننتصر أو نموت". مما أثار تعاطف وحنق جلاديه لذلك الموقف المؤثر.

وحين بدأت حملات القتل والأبادة والتهجير القسري من قبل الأتراك أبان حكم أتاتورك على الأكراد وبشكل همجي وبربري وبشكل منظم حيث أقتيد خيرة الشباب الكورد من بيوتهم عنوة إلى حبال المشانق وكان ينفذ بهم حكم الأعدام أمام أنظارالناس, أتهم شعب آمن يعيش على أرضه وفي وطنه, وكان يترك جثثهم أياما عدة معلقة على الأعمدة والأشجار منتهكين بذلك أبسط القيم الأنسانية والشرائع السماوية. فأخذ الشباب الكورد يستعدون قبل جرّهم إلى المشانق بحلق لحاياهم وفتل شواربهم ولبس أحلى ملابسهم وتلميع أسنانهم. وحين سئلوا لماذا يفعلون ذلك؟ جائهم الرد كي يغيظوا أعدائهم ويظهروا أمامهم وهم بأحلى حلة وأجمل منظر. ولا يبدى عليهم علامات بأنهم خائفين أو مرتعبين من الموت. ولسان حالهم يقول: إما حياة يعز الصديق وإما مماة يغيظ العدى.

ورغم المقاومة الشديدة من الشعب الفلسطيني الثائر وفي جميع المراحل منذ الأحتلال الأسرائيلي لبلدهم وأغتصاب أراضيهم وإلى يومنا هذا وجذوة المقاومة لم تنطفئ ضد المحتل وبكافة الأشكال, وظل المحتل يوسع من دائرة أغتصابه لأراضيهم وقتلهم وتهجيرهم وبشكل منظم ومدروس. حتى وصل تأثير المقاومة إلى جيل الشباب ومن نوع آخر ألا وهي ثورة أطفال الحجارة فأخذوا يقاومون المحتل بكافة انواع الوسائل المتاحة كالحجارة وما شابه. فعلهم هذا أصبح مضرب المثل ففي كثير من الأحيان كان الجنود الأسرائليون ينهزمون من أمامهم ذعرا وخوفا.

وبالمقابل أخذ الشباب الكورد والشابات بالتطوع وقد نذروا أرواحهم من أجل المقاومة ضد الأعداء وفي أي مكان من أرض كوردستان يقتضي الأمر لذلك فقد أصبحوا مشاريع للأستشهاد في سبيل نيل حقوقهم المشروعة على أرضهم ووطنهم.

وليس ببعيد وأبان الحرب العالمية الثانية أعلنت الحكومة اليابانية نبأ مفاده أن الدولة في حاجة إلى فدائيين للغواصات البحرية لنسف سفن العدو فيتلفونها ويستشهدون من أجل الوطن. وما هي إلا ساعات حتى أكتظت شوارع طوكيو بعدد هائل منهم لتلبة النداء القومي مما أضطرت الشرطة إلى التدخل بينهم لشدة التدافع والتسابق لتسجيل أسمائهم في سجل الشرف.

هذه النماذج القليلة من المقاومة شواهد حية بدرت من أجل الدفاع عن أوطانهم ومقدراتهم وقيمهم ومبادئهم والوقوف بوجه أي طامع أثيم ومقتدر يسلط جبروته على شعبه أو الشعوب الأخرى المستظعفة هذه الشعوب الطامعة للحرية والعيش بسلام ووئام.

14-4-2017 دهوك- بقلم: أحمد علي

أهو حلم أم ماذا؟

لبعض الكلمات وقع وتأثير على الأنسان دون غيرها وتظل تؤرقه بين الحين والآخر وتداعب فكره وخياله, ويرددها لسانه ويستمتع بحلاوتها وأحيانا بمرارتها على حد سواء. وينتابه شعور ويرغب في تحقيق بعض الأمال والأمنيات التي طالما راوددته طوال السنين من عمره. فكلمة (حلم) هي عندي من المفردات الجميلة وأستطيع القول بأنها أكثر قوة وتأثيرا في نفسي من باقي المفردات في المعنى والمغزى, ومنذ أن كنت طفلا والى حد الآن. في البداية لم أكن أدرك بأن للفظة الحلم معان كثيرة ومتنوعة لغة وأصطلاحا الى جانب معناها العام: فتعني الصبروالتعقل والأناة والتبصر, وبلوغ الحلم, والحلم أيضا نقيض الجهل فالتنوع في المعاني سببها حركات الضمة والفتحة والكسرة وهذه العلامات هي السبب في ثراء اللغة عند أهل الضاد.

وهنا لست بصدد أحلام الليل وقت النوم لكونه ليس لأحد رقيب أو حسيب عليها. ولكن كانت بالنسبة لي وفي عديد من تلك الأحلام أثر بالغ علي ومن هم حولي من خلال تأويلي لبعض منها فمن خلالها كان يتوضح لدي بعض الأمور الآنية والمستقبلية وأتوخى منها الحذر والحيطة.

وأما أحلام اليقظة أو أحلام الصحو أو أحلام وضح النهار أو ما نسميه نحن أهل الأدب والشعر باليوتوبيا أي أحلام المدينة الفاضلة التي نرسمها في مخيلتنا وأذهاننا. فهذه الكلمة القليلة بأحرفها والواسعة بمعانيها, قد أصبحت حلم الحالمين منذ الصغر وإلى أن يصل إلى أرذل العمر. وفي كل لحظة من هذه اللحظات يظل الأنسان يحلم في كيفية بناء حياته وتكوين مستقبله وكيف يستطيع تغييره من حال إلى حال. يحلم كيف يغير واقعه ونمط حياته, أو يغير ما حوله من سلوكيات خاطئة.

ولكن الحلم بمعناه الشمولي والأعم وعلى المدى الأبعد الذي كان يراودني وينتابني منذ فترة الشباب بعد أن أدركت الواقع المرير والمؤلم الذي يعيشه الكورد من حالة الأنقسام والتشتت وفي حينه كنت أكتب القصائد الشعرية والقصص وأبرز فيها الحالة السيئة والمزرية لهذا الشعب الذي عانى أنواع الظلم والقسوة والعنف من الشعوب المجاورة. وكانت الغاية من تلك الأحلام الأدبية تحفيز شعبي من خلالها لتغيير واقعهم نحو الأفضل. وفي حينها لم أكن أعلم بأن تلك الأحلام لم تجدي نفعا ولا يمكن تحقيقها بل أنها مجرد حبر على ورق لا غير. لأن حلم تشكيل دولة مقسمة بهذا الشكل المدروس كان ضرب من الخيال أوما سمته الشاعرة الفذة نازك الملائكة كالذي يبني يوتوبيا في الرمال. فلا يمكن لأحد أن يبني دولة فاضلة فوق رمال الصحراء المتحركة. أو حسب المثل الكوردي كالذي" يبني الجدار فوق الجليد."

وهذا الوضع قد دونه باسيل نيكيتين, الرحالة الروسي في مقدمة كتابه"الأكراد"بما معناه حين نظر إلى واقع الأكراد في ذلك الحين وأستنتج منها بأنه لا حلّ للمسألة الكوردية لأن حلها تعتبر بحد ذاته مشكلة كبيرة ومعقدة وفي نفس الوقت عدم حلّها بات يشكل معظلة عويصة على مستقبل المنطقة بأسرها. وبعد عقود من السنين من هذه الرؤية الصحيحة فقد أصبحت المسألة تتعقد أكثر وأكثر وأصبح تشكيل هذة الدولة المزمع تكوينها من أكبر المعضلات التي تواجه أروقة الدوائر المعنية بذلك, وعلى كافة الأصعدة والمستويات. فكل المواثيق والعهود والمؤتمرات الدولية والأممية حيال ذلك فشلت وخابت في تحقيق أحلام الكورد كباقي الدول التي نالت حريتها وأستقلالها مؤخرا.

وفي السنوات الأخيرة وبعد أن تسارعت وتيرة التحديات الأقليمية والدولية أخذ حلم الأكراد ينمو ويكبر وأصبح واقعا ملموسا وبات الجميع يعلم الحقيقة التي آلى أليها الوضع الراهن في عموم المنطقة, فالكل أدرك حجم الكارثة التي ألمت بالجميع. فهذه المسألة أصبحت وصمة عار فوق جبين الدول المعنية بذلك. لذا يتوجب حلها بالطريقة الصحيحة والمعقولة والمنصفة وعدم حلها يزيدها تعقيدا ويزيد في الطين بلة. فلا أدري كيف وأين ومتى يتحقق هذا الحلم القديم الجديد؟

18-4-2017 دهوك

بلغ السيل الزبى

وما يقابله في المثل الكوردي " بارهاتە سەر شاخێت گای"

"مالَ الحِمْلُ فوق قرني الثور"

الهدف والغاية من المثلين واحد وهو أن الأمور وصلت وبلغت غاية الشدّة والصعوبة الى حد لا يجوز السكوت عليها لأنها جاوزت حدود الصبر وفاقت حد التحمل ولا تستطيع الحسابات أن تصور حجم التوقعات المترتبة عليها وما تؤول أليه الأمور فيما بعد.

ففي قصة المثل العربي هي أن رجلًا كان يعمل في صيد الأسود فحفر زبية عميقة على إحدى الروابي وغطاها بالأغصان والأعواد والطُّعْم الذي سيخدع به الأسد فيسهل عليه اصطياده. حيث أنه في ذلك اليوم أمطرت السماء مطراً غزيراً وسالت السيول حتى وصلت تلك الرابية وطمرت زبية الصياد، فأفسدت عليه عملية الصيد وباءت بالفشل.

وفي المثل الكوردي يحل محل الأسد الثور وتصبح قرنا الثوركالزبية. فالكناية في المثل العربي واضح وجلي رغم صعوبة مفردات اللغة الفصحى في بنية المثل وفهمها من قبل الكثيرين. وأما الكناية والتعريض في المثل الكوردي تُلمح وبصورة خاطفة للمقابل بأن "الحمل" فوق ظهر الثور على وشك السقوط لأنه مال وأصبح عالقا فوق القرون ولا يمكن تعديله بأي شكل من الأشكال إلاّ بجهد جهيد.

الموقفان متشابهان الى حد كبير, نحن في ورطة من أمرنا فالمصائب والكوارث كبيرة ومتفاقمة والجهود المبذولة لصيد الأسد بتلك الطريقة البدائية لا تتماشى مطلقا مع الظرف الحالي لأن الأسد قد أستأسد وتسيد المشهد بلا منازع. وفي الجانب الآخر لقد أصبح العبء ثقيلا على الثور تحملها فدفعها نحو الأمام فتعلقت بالقرون مما زاد الأمر أكثر تعقيدا ولا يستطع المناص منه حيث يستدعي من الآخرين التدخل لأنقاذ الثور من المحنة التي أوقع نفسه فيها والحفاظ على الحمل من التلف والهدر. يقينا لم نتمكن من أصطياد الأسد لأنه أفلت من العقاب والنيل منه ولا نقدر من أرجاع الحمل (كناية للمصائب) الى مكانه الطبيعي لأنّ قرنا الثور النطاح عائقان في طريق وصولنا نحو الهدف المنشود وتحقيق الغايات التي طالما كنا ولا زلنا نطمح من تحقيقها مهما كلفنا الثمن والتضحيات الجسام.

10- 8 - 2017 دهوك- بقلم- أحمد علي