لولا الأنانية لكان العالم جنة

للمعلم برمهنسا يوغانندا

ترجمة محمود عباس مسعود


لولا الأنانية لكان العالم جنة


لو أن العالم تخلى عن الأنانية الشريرة لرأينا الجنة على هذه الأرض.

إن بذور الحرب تكمن في قلب الأنانية الشريرة. الإنسان البدائي استعمل أول ما استعمل الهراوات الحجرية (الطبشات) ثم تطورت فيما بعد إلى القوس والنشاب لحماية أنانيته من أنانية الآخرين. بعد ذلك تم اختراع البنادق والمسدسات ثم الرشاشات ومن بعدها القنابل والغازات السامة - كل ذلك لحماية أنانية مجموعة من البشر من أنانية مجموعة أخرى.

لقد نمَت إمكانات الإنسان الهدّامة وتطورت أكثر من إمكاناته البنـّاءة. إن هذا الدُمّل الخبيث – دُمّل الأنانية الشريرة – سيُفقأ في نهاية المطاف. ولكن للأسف ستفنى أجسادٌ كثيرة قبل أن يستيقظ الإنسان ويدرك أن الأنانية القومية لا تقل شراً عن الأنانية الشخصية. فالأمة تتكون في الأساس من مجموعات صغيرة وتلك المجموعات تتكون من أفراد، ويجب أن يبدأ الإنسان بنفسه.

نتيجة للأنانية المقيتة تندلع الحروب ويتضعضع الميزان الإقتصادي ويحل الركود ثم الكساد.

الحدود بين الدول غير ثابتة، وحكومات العالم تخضع للتغير المستمر.

الأنانية التي تنشد السعادة دون اعتبار لحقوق الآخرين وسعادتهم، أو التي تدوس على حقوق ومصالح الآخرين لأغراضها الخاصة تولـّد الفقر والتعاسة والشقاء.

الإثراء على حساب الغير هو خطأ فادح. الشيوعية التي ظاهرها يعِد الجماهير بالوفرة والرفاهية لن تنجح وستنهار يوماً ما لأنها قائمة على الإكراه وقمع الحريات الشخصية ( ملاحظة: هذه المحاضرة ألقاها المعلم برمهنسا سنة 1937 وقد تحقق بالفعل ذلك الإستنتاج!)

العظماء ينادون بالإيثار المبني على الرغبة الروحية الصادقة في العطاء.

إن اهتم الإنسان بيديه ورجليه فقط وأهمل رأسه فلن يعمل الدماغ لتوجيه المهارات الحركية. يجب تنسيق كافة فعاليات الجسم. وبالمثل فإن الأدمغة (ذوو الحل والعقد) في الأمم والمجتمعات يجب أن يعملوا بتنسيق مع اليدين والرجلين (العمالة) لإنه إن تضاربت المصالح سيختل النظام وتعمّ الفوضى وتحدث معاناة جراء ذلك.

في العالم معلـّمان اثنان. من يتخذ الله هادياً ومرشداً لا خوف عليه. ومن يتخذ الشيطان رائداً وقائداً سيعاني الأمرّين.

الكلمة المفتاحية بالنسبة لمعظم الناس في هذه الحياة هي "أنا". ذو الطباع والميول الروحية يفكر بالآخرين مثلما يفكر بنفسه. الذين يفكرون فقط بأنفسهم يجلبون لأنفسهم عداوة وسخط الناس من حولهم. أما الذين يراعون مشاعر ومصالح الغير فيجدون أن الآخرين يفكرون بهم ويراعون مشاعرهم.

إن كان هناك مائة شخص في بلدة ما، وكل واحد يريد أن يأخذ من الآخر فسيكون لكل واحد تسعة وتسعون خصماً. أما إن كان كل واحد يحاول مساعدة الآخر فسيكون لكل واحد تسعة وتسعون صديقاً.

لقد عشت بتلك الكيفية ولم أفقد شيئاً بإعطاء ما لديّ للآخرين. بل كل ما أعطيته عاد إليّ مضاعفاً من فضل اللهً. والآن لا أتشوق لشيء لأن ما أملكه في أعماقي أكبر وأثمن من أي شيء يمكن أن يمنحه لي العالم. ما يجدّ الإنسان في طلبه هو تحقيق السعادة، ومتى امتلك السعادة تنعدم الحاجة إلى الظروف الموصلة إليها.

ليس لديّ حساب في البنك لأن ضماني في هذا العالم هو مشاعر الناس الطيبة نحوي. لا أؤمن بأية ضمانة أرضية أخرى. إن تمكن المرء من العيش في قلوب إخوانه وأصدقائه فهذا هو الغنى الحقيقي.

عندما نكون إيثاريين نصبح سعداء. وإن انتهجنا هذا السبيل سيتأثر الآخرون من حولنا بسلوكنا ويحاولون محاكاتنا. يجب التخلص من الأنانية التي هي علة كل الشرور الفردية والقومية.