بحّار وسط الغمار

محمود عباس مسعود


سَفْرتهُ طَوِيْلَة

وَسَفِيْنَته تَمْخُر عُبَاب الْيَم

وَلَن يوَقف الإبحار.

سَيَجْتَاز مَحَطَّاتٍ كَثِيْرَة

قَبْل إِتْمَام رَحَلَتِه

فَصوَارِيه مَنْشُوْرَة

وَمُشَرَّعَة لِلْنَّسِيْم

سَتَدْفَعُه الرِّيَح

وَسَيَتَقاذَفَه التَّيَّار

لَكِنَّه بِحَبْل الْلَّه مُعْتَصم

وَبِاسْمِه مُجْرِيَهَا وَمرْسَاهَا مستمسك

وَمَن يَقِينهِ مُتَّخِذ

بَوْصَلَة تَهْدِيْه

وَتُحَدِّد لَه الْمَسَار.

حَرَارَة الْشَّمْس المُتَلَظِيّة

تَنْصَبّ عَلَى رَأْسِه صَبّا

وَالْأَمْوَاج الْبَارِدَة تَكْتَنِفُه

وَظُلْمَة الْلَّيْل تُغَلِّفُه

وَالْعَوَاصِف تَتَقَاذَفَه

لَكِنَّه أَبَدا يَسْتَجْمِع قُوَاه

وَيُوَاصِل الْتَّجْدِيْف

حَتَّى يَبْلُغ بَرّ الْأَمَان

وَيَنْعَم بِرَاحَة طَال انْتِظَارُه لَهَا.

مُهِمَّا اكْفَهَرَّت الْأَجْوَاء

وَزَمَجْرَت الْأَنْوَاء

وَلَجَّت الْلُّجَج وَتَمَادَّت

وَرَفَعَه وَخَفْضِه

الْمَوْج الْصَّاخِب

وَعَبَث بِالْقَارِب

لَن يُوَقِّف رَحَلَتِه

وَلَن تُبَرِّد هِمَّتِه.

لَن يَكُف عَن الْإِبْحَار

وَلَن يُغَيِّر الْمَسَار

قَبْل أَن يَتَذَوَّق نَشْوَة الظَّفَر

بِبُلُوْغ الْمِيَاه الصَّافِيَة

وَمُعَايَنَة الْجِبَال.

سَفِيْنَتُه هِي إِرَادَتُه

الخوّاضة لغِمَار بَحْر الْحَيَاة

المقارعة لقُوَاه

فَمَن لَا يُقَارِع

فِي مُعْتَرَك الْأَحْدَاث

وَلَا يَصْمُد للتَحَدَيَات

يَقْهَرُه الْمَوْج الْعِمْلاق

وَتَبْتَلَعَه الْأَعْمَاق.