في فضاء المعرفة الروحية



للمعلم برمهنسا يوغانندا

PARAMAHANSA YOGANANDA

ترجمة محمود عباس مسعود



قال المعلم لمريد التمس إرشاده على الطريق الروحي:


لا تتشوق لاعتراف الناس بك وبإنجازاتك الروحية بل أطلب الله وحدة.


عندما تدرك أنه السلام في داخلك ستدرك أنه السلام والإنسجام في كل شيء طيب في الخليقة وستراه في جمال الطبيعة وتحس بقربه في الصداقة الصادقة وتلمس بركاته في الطموحات النبيلة والمقاصد الشريفة المنزهة عن الغايات الأنانية.. وستشعر بحضوره خلف حُجب لسكون وفي كل الأشياء الرائعة.


إقرع بهمة الباب وسيرتفع الحجاب وتبصر الوجه الأبهى بكامل مجده وروعة بهائه.


إن أحببت الله ستشعر بحبه ولن يقدر شيء آخر على مخادعتك. التجارب المادية تستهويك لأنك لم تتذوق طعم السعادة الروحية. ومتى تذوقتها ستعرف الفرق.


كن حراً في اختيارك. لا تدع أي شيء يقيّدك ولا تسمح لأحد بالسيطرة عليك أو التدخل في سعادتك.


إن نفسك هي جزء منفصل عن الكل الكوني ويجب أن تعثر على ذلك الكل الكامل حتى تختبر وعي الغبطة وتتذوق ملذات الحب الإلهي.


ابتعاث المحبة من سراديب الحقد والكراهية


نسألك يا رب أن تشع بأنوارك على نفوسنا

وتغمر محبيك والراجين عونك ببركاتك العميمة

وأن تبعد عنا أشباح الحروب والعنف والموت

وأن تلهمنا كي نجعل السلام مطلبنا

والمحبة زادنا

والتحرر من القيود المكبّلة هدفنا.


* * *


إن لم يسعَ الإنسان سوى لجمع المال وتحقيق رغبات الجسد

فالمكاسب التي يحرزها ضئيلة وهزيلة

لأنه سيأتي اليوم الذي به يخلّف كل المكتسبات الدنيوية وراءه.


ولكنه إن اغتنى بالله

يكون أغنى من كل ملوك وأثرياء الأرض.


تلك الكنوز المباركة هي في حوزة محبي الله

الذين لا يرضون عن غنى الروح بديلاً.


فإذ يعملون على تنمية ميولهم الروحية

وتغذية أشواقهم لمصدر حياتهم

وابتعاث المحبة من سراديب الحقد والكراهية

فإنهم يرتقون بوعيهم من الإعتبارات الدنيوية الضيقة

إلى آفاق الحرية والسلام والنور والفرح

ويدركون اتساعهم غير المحدود

ويختبرون مدركات ومعارف متجددة.


وإذ يغرسون بذور الأفكار والأفعال الطيبة

في مساحات وعيهم

تتفتح بصائرهم

وتنشط قوى إدراكهم

فيلامسون جوهرهم الحقيقي

ويعثرون على مملكة الله في داخلهم.


نسأله تعالى أن يأخذ بيدنا كي نجدد أنفسنا

ونخرج كياننا الروحي من دياميس الظلام

إلى فضاءات الحرية والطمأنينة وأنوار المعرفة.


الفواكه والخضروات الطازجة مغذيات حيوية


من محاضرة للمعلم برمهنسا يوغانندا عن التغذية

ألقاها في إنسينيتاس، كاليفورنيا - حزيران/يونيو 1940


إن بروتين اللحم ليس المصدر الحيوي الوحيد للطاقة.

بعض الأملاح المعدنية الموجودة في الخضروات والفواكه غير المطبوخة هي أيضاً مصادر هامة.


صحيح أن حصة كبيرة من اللحم تمنح كمية وافرة من الطاقة لكن إن طغت اللحوم على الغذاء لفترة طويلة ستكف عن منح القوة، كما أن الكمية الزائدة من البروتين تتسبب في تسمم البروتين وهو مصدر للتعب وللمرض أيضاً. فالبروتين الزائد هو ضار تماماً كنقص البروتين.


إن أردت أن تتخلص من الإعياء فأحد العلاجات يكمن في التغذية الصحيحة. اللحم قد يعطي قوة مؤقتة، لكنه يتسبب بسموم كثيرة في الجسم. وتناولك كميات أكبر من الأطعمة النيئة غير المطبوخة سيقلل من الإحساس بالإرهاق وبالتالي ستشعر بفيض من الطاقة.


العصائر تمنح قدراً كبيراً من الطاقة، لكن الفواكه والخضروات الكاملة هي ذات قيمة غذائية أكبر من العصائر. ومع ذلك فإن بعض الناس لا يريدون أن يصرفوا الوقت الكافي لاستهلاكها على هذا النحو.


الجهاز الهضمي يستخلص المواد الكيماوية ويوزعها على أنواع مناسبة من الخلايا في كافة أجزاء الجسم.


الجسم يتكون من عناصر كيماوية متعددة، ويجب أن يقوم الغذاء بسد النقص في تلك العناصر على أساس يومي.


يجب أن يشتمل الغذاء اليومي على مقادير كافية من البروتين والفيتامينات والمعادن وبعض الدهون والزيوت، وقدر مناسب من الكاربوهيدرات الطبيعية، مع مراعاة التقليل قدر الإمكان من النشويات المكررة والسكر المكرر.


إن مصدراً رائعاً من الطاقة هو مزيج من عصير البرتقال واللوز المطحون فاللوز يُهضم بكيفية أفضل عند مزجه مع عصير البرتقال.


كما أنه من المهم أيضاً شرب مقدار وافر من السوائل. وفي حال عدم توفر الماء الجيد، ففي عصير الفاكهة الطازج وماء جوز الهند والبطيخ تكملة ممتازة وبديل جزئي عن الماء النقي.


في المستقبل سيتناول الناس عصير الفاكهة وعصارة الخضروات بوتيرة أكبر نظراً للفوائد الصحية التي تمنحها تلك العصائر.



عقدتا النقص والإستعلاء كلتاهما سيئتان


عقدة النقص سيئة مثلها مثل عقدة الإستعلاء لأن من يشعر بالنقص لن يتمكن من إظهار السمو الذي في داخله.


والإنسان كونه ذا طبيعة روحية فإنه موهوب بشرارة مقدسة ومن الخطأ والخطل التفكير بأنه وضيع أو أن يظن بأنه فوق الجميع ويتصرف تصرف من لا كرامة ولا أصل له.


عندما يظهر الشخص كبرياءه فإن ظل الكبرياء الكثيف يحجب نور الله داخل النفس.


لذلك يجب تحاشي العقدتين معاً لأن كلتيهما عائق في طريق التقدم الروحي.


فلنشعر أن الله معنا.. يلهمنا ويوجهنا وأنه الحب الأعظم في حياتنا.


العارفون بالله يشعرون أنهم خدام الجميع ولا يفكرون أنهم أفضل من سواهم.


عقدة النقص تلازم ذوي الأفكار الواهنة واللاشعور الضعيف وعقدة الإستعلاء هي وليدة الكبرياء المقيت والنفخة الكاذبة.


كلا العقدتين مدمرتان للنمو الروحي وتقومان على الوهم وتجاهل الحقيقة وليس على الفهم السليم والحكم الصائب.


يجب تنمية الثقة بالنفس من خلال قهر الضعف البشري الموروث. ويجب على الراغب أن يحاول تذوق حلاوة الثقة بالنفس من خلال إنجازات فعلية في حياته وبذلك سيتحرر من عقدتيّ النقص والإستعلاء بعونه تعالى.


سر الحيوية ومصدرها


الجسم يلزمه عدة ساعات لتحويل الطعام إلى طاقة. لكن كل ما ينبّه الإرادة وينشطها يولـّد طاقة فورية.


الإرادة تستخلص الحيوية من خلايا الجسم ومن مستودع الطاقة في الدماغ حيث يتم تخزين الطاقة المستخلصة من الطعام.


كما أن الإرادة تسحب أيضاً نشاطاً جديداُ من المصدر الكوني إلى الجسم عن طريق النخاع.


ولذلك فإن سر الحيوية يكمن في حفظ الطاقة التي لدى الشخص وجلب طاقة جديدة إلى الجسم بقوة الإرادة.


كيف يتم ذلك؟


أولاً يجب العمل برغبة وطواعية. فإن كان هناك ما يستحق العمل فينبغي عمله طوعاً واختياراً.


عندما تعمل عن طيب خاطر تمتلك مقداراً أكبر من الطاقة لأنك لا تسحب طاقة من الأعصاب في الدماغ وحسب بل تستقطب فيضاً غزيراً من الطاقة الكونية إلى الجسم.


المرأة التي تقوم بتحضير وجبة طعام شهية لحبيبها تكون مغمورة بالسعادة ومليئة بالحيوية لكن إن تم إرغامها على الطبخ ضد إرادتها تشعر بالتعب منذ البداية.


ولذلك فإن الإرادة تجلب الطاقة.


قصة قصيرة:

ذات مرة كنت أتحدث مع أحد أصحابي عن القديسين... وكان صاحبي سمساراً فلم يشاركني حماسي، بل قال: "إن كل ما تدعوهم قديسين هم بالأحرى دجالون، ولا يعرفون الله." لم أجادله، بل غيرت الموضوع ورحنا نتحدث عن مهنة السمسرة. وبعد أن أخبرني الكثير عنها قلت بلطف: "هل تعلم أنه لا يوجد سمسار واحد جدير بالثقة... وأنهم كلهم كذابون؟" فاستشاط غضباً وأجاب بسخط: "وماذا تعرف عن السماسرة؟" فأجبته: "وهذا ما عنيته بالضبط. وأنت ماذا تعرف عن القديسين؟" فأفحم. وتابعت القول بهدوء ومودة: "أنا لا أعرف شيئاً عن السمسرة وأنت لا تعرف شيئاً عن القديسين."


ملائكة من الطاقة


لقد خلقنا الله ملائكة من الطاقة

ووضعنا في أجسام مادية

فركّزنا كل اهتمامنا على الأجسام الهشة

ونسينا النفس الروحية المشحونة بطاقة الحياة الكونية

والآن يتعين علينا بذل مجهود حقيقي من التركيز

للإحساس بالوعي الكلي من جديد.


إن أصل النجاح يكمن في البصيرة الروحية النامية

التي من خلالها ندرك طبيعتنا غير المادية

وأن صورة الله تكمن بنا.


الزهرة الأولى في بستان الروحيات هي زهرة الإيمان والرجاء

أما الثمرة فهي المعرفة الفعلية من خلال الإختبار الذاتي.


تفاءلوا واعلموا أن خيرات وبركات الحياة في انتظاركم

ما دمتم تعملون بإخلاص وهمة

لاستعادة الإرث الإلهي المفقود.


الإنسان الروحاني الصادق هو ذلك الإنسان المتزن

الذي يشعر بالرضاء ويتمتع بصحة جيدة وبصيرة نامية

ويمتلك غنى النفس وكنوز الحكمة

ويثق بأن العون الإلهي قادم

مهما بدت الحياة قاسية والظروف معاكسة.


إن وجه الله يتراءى لنا في جمال الطبيعة

وصوته يتحدث إلينا من الأنغام الرقيقة الراقية

ومن أصوات المحبين اللطيفة العذبة

ومن خلال صوت الواجب المدوّي.


إن الحافز الذي يستحثنا نحو الخير والسلام

والسعادة والمعرفة هو صوت الله

الذي يدعونا للعودة إلى البيت المبارك

بيت الطمأنينة وراحة القلب

والتمتع بحضوره العذب

وجماله الفائق الذي لا نظير له.


الدنيا مخادعة للغاية ويجب أن نتعامل معها من هذا المنطلق. وإن لم نتغلب على خداعها وأوهامها أولاً فلن نتمكن من مساعدة أي شخص آخر.


يجب أن نتذكر بأنه في خلوة العقل المركـّز يكمن مصنع كل الإنجازات العظيمة. وفي هذا المصنع العجيب يجب أن ننسج أنماط إرادتنا باستمرار من أجل التغلب على كل الظروف المعاكسة أو التعامل معها على نحو مُجدٍ وفعال.


يجب تدريب الإرادة وتمرينها على الدوام.


أمام الإنسان الكثير من الفرص للعمل في هذا المصنع الأرضي ما دام لا يضيّع وقته ويهدر طاقاته سدىً.


إنني أنسحب في الليل من مطالب الدنيا لأكون مع نفسي

بعيداً كل البعد عن العالم

وحيداً مع إرادتي في خلوتي الروحية

حيث أسيّر أفكاري في الاتجاه الذي أرغبه

وأتخذ القرار في قرارة نفسي.


عندما أستحث إرادتي للقيام بالنشاطات السليمة النافعة تخلق لي النجاح. وبهذه الكيفية استخدمت إرادتي استخداماً فعّالاً مرات عديدة. ولكن ذلك لا يتحقق ما لم يكن استخدام الإرادة متواصلا.


أي شعور رائع ستحس به عندما تتمكن من القول ومن التأكيد "إن إرادتي المشحونة بالإرادة الإلهية ستحقق لي ما أبتغيه!"


إذا تهاون المرء وأوكل كل شيء للإرادة الإلهية دون استخدام إرادته الموهوبة له من الله فلن يحصل على النتيجة التي يتوخاها.


القوة الإلهية تريد أن تساعدك من تلقاء ذاتها.


يجب أن نطرد من أذهاننا التفكير بأن الله بجبروته وقدراته الخارقة بعيد عنا ومحتجب في أقاصي السماء، وألا ننسى بأن الإرادة الإلهية تكمن خلف إرادتنا البشرية، ولكن تلك القوة الجبارة الشبيهة بالمحيط الزاخر في مدها ومددها لن تأتي ما لم يكن العقل متفتحاً والقلب متقبّلاً.


مناجاة


أيتها الأم الكونية

لتكوني الشعلة الوحيدة في قلوبنا

ولتبددي ظلام نفوسنا.

وفي دموع محبتنا لكِ

اغسلني حبنا للدنيويات.


وفي غبطة توافقنا معكِ

بددي مرة وإلى الأبد كآبتنا وأحزاننا.

اجعلي من قلوبنا الصغيرة قلباً كبيراً

يتسع لحضورك الكلي.

وفي مرآة طبيعتك الإلهية

فلنبصر أنفسنا كاملة نقية.

لتصعد شعلات محبتنا لكِ

إلى ما فوق لهيب الشهوات الأرضية.

ملايين المغريات تتنكر بصورتك

وتخدعنا على الدوام.


* * *


تعالَ أيها الفرح الإلهي الكامل النقي!

أدخل معابد أشواقنا إليك.

لتكن الكوكب الهادي

في سرواتنا بليالي الجهل المظلمة

ولتأخذ بيدنا وترجعنا سالمين

إلى مرفأك الآمن الأمين!

همسات من الأزل Whispers from Eternity


الرباعية الأولى من رباعيات الخيام

ترجمة إدوارد فيتزجيرالد وشرح المعلم برمهنسا


تقوم شهرة عمر الخيام في الغرب على ترجمة فيتزجيرالد لرباعياته في منتصف القرن التاسع عشر، والتي تعتبر الترجمة الأفضل على الإطلاق إلى اللغة الإنكليزية.


وقد اعتبر المعلم برمهنسا عمر الخيام واحداً من كبار المتصوفة وعلى درجة عالية من معرفة الذات، وأنه استخدم الرمز للتعبير عن تجربته الروحية الذوقية، وأنه أسيء فهمه على نحو خشن، ولم يتعمق الباحثون بما فيه الكفاية لمعرفة فلسفته الروحية التي أودعها الرباعيات.


Awake! for Morning in the Bowl of Night

Has flung the Stone that puts the Stars to Flight

And lo! the Hunter of the East has caught

The Sultan's Turret in a Noose of Light


الترجمة العربية:


استيقظوا فها قد قذف الصبحُ وعاءَ الليل بحجر

مبدداً شمل النجوم تبديدا

وها صائد الشرق

قد أمسك ببرج السلطان

بأنشوطة من نور.


شرح وتفسير للمعلم برمهنسا يوغانندا:


شرح المعاني:


الصبح: هو فجر الإستيقاظ من الوجود الأرضي الواهم.


وعاء الليل: ظلمة الجهل التي تسجن الروح الخالدة في الوعي البشري الضيّق المحدود.


الحجر: التهذيب الروحي.


النجوم: الوميض الجذاب للرغبات المادية.


صائد الشرق: الحكمة الشرقية الجبارة التي تقضي على فلول الأوهام.


أنشوطة من نور: إشراقة الحكمة المباركة، التي تدمر الظلام المغتصِب الذي يأسر النفس ويكبلها.


التفسير:


السكون الباطني يهمس:


"استيقظوا! واهجروا سبات الجهل، لأن فجر الحكمة قد بزغ، واقذفوا وعاء المجهول المظلم بحجر التهذيب الروحي ليحطمه ويبدد شمل النجوم الخافتة البريق للرغبات المادية الباهتة.


"أنظروا نور الحكمة الشرقية، صائد الأوهام ومدمرها، فقد أمسك ببرج الروح الشامخ بأنشوطة من نور، وبدد ظلامها المادي المقيد، تبديدا.


"أيا ساكني مدينة الأوهام، اهجروا النوم! فإن شعاع شمس الرسالة الروحية ذات الحكمة الباطنية قد ظهر.


تعلموا كيفية استخدام حجر التهذيب الروحي الصلب لكسر وعاء الجهل المظلم، وطرد الرغبة في المتع المادية المؤقتة منه.


"خذوا العبرة من صائد الحكمة الدائم البحث عن النفوس المتعشطة للنور والباحثة عن الحقيقة ليطوقها بهالة من الألق لمجيد.. ألق الحرية الأبدية."


عودة الإبن الشاطر


ذات مرة، منذ سنين طويلة، رأيت أن احد تلامذتي يسير في خط معاكس.


وإذ أدركت بالبصيرة النتائج الحتمية التي ستترتب على تصرفه. حاولت إقناعه بشتى الوسائل المنطقية للعدول عن مواصلة السير في ذلك الاتجاه، ولكني وجدت أنني لن أستطيع مساعدته

لأنه كان قد اعتزم المضي قدماً في طريق الشر.


أخيراً قلت بيني وبين نفسي:

"ما دام يريد ذلك فلأتركه وشأنه."

ولكن محبتي له واهتمامي به عاوداني بسرعة فجلست تحت شجرة تين ورحت أتصوره.

وبهمة وحماس متقد بعثت له بشكل متواصل الرسالة الفكرية التالية:


"لقد طللب مني الله كي أطلب منك العدول عما تنتويه."


عند المساء استحثني شعور بديهي قوي أحسست به في جسمي وعقلي بأنه راجع فعلاً.

وفجأة ظهر "الابن الشاطر" وقد عاد إلى البيت. فحيّا بانحناءة وقال:

"طوال النهار، حيثما ذهبت ومهما فعلت أبصرت وجهك. فما معنى ذلك؟"

أجبته: "لقد كان الله يناديك من خلالي. ذلك كان نداءه لا ندائي أنا.

لم يكن من دافع أناني في رغبتي، ولكنني صممت على عدم مغادرة

هذا المكان إلا بعد عودتك."


هذا النوع من التصميم يمكن أن يحدث تغييرات كبيرة. إنه بالفعل قوة عجيبة مدهشة!

عندما تحدد اتجاهك وتعقد العزم على مواصلة السير يجب أن تفعّل إرادتك وتبذل مجهوداً عملياً، وستجد عندها أن كل عناصر النجاح ستأتي إليك من حيث تدري ولا تدري.

في إرادتك المشحونة بالتيار الإلهي تكمن الاستجابة لصلواتك.


عندما تستخدم تلك الإرادة فإنك تفتح النافذة التي من خلالها تحصل على الاستجابة لصلواتك.

تلك هي تجربتي الذاتية. في الماضي حاولت القيام ببعض الأشياء لمجرد اختبار إرادتي، ولكنني الآن لا أفعل ذلك لأنني أعرف النتيجة مسبقاً: كل ما أريده يتحقق بفضله تعالى.


من كتاب "غاية الإنسان القصوى" للمعلم برمهنسا يوغانندا


لنجعل الله راعي نفوسنا

والنور الرباني الكشاف

على دروب الحياة المعتمة.


هو بدر الهداية في ليالي الحيرة

وشمس اليقين في ساعات اليقظة

ونجم الإسترشاد في بحر ظلمات الوجود الأرضي.


لنطلب عونه ولنلتمس إلهامه

لأن العالم سيستمر في صعوده وهبوطه

وأحداثه المتلاطمة كالأمواج العاتية.


من أين سنحصل على الهداية؟


ليس من عاداتنا المتقلبة المتحيزة

ولا من بيئتنا الخاضعة للمؤثرات

ولا من بلداننا أو عالمنا

بل من صوت الحق الهادي

الصادر من أعماق الروح.


في كل لحظة أفكر بالله وحده.

لقد سلمته روحي

ووضعت قلبي في عهدته

ووجهت إليه حبي وأشواقي.


يجب أن لا نثق بشيء أكثر من ثقتنا بالله

وأن نثق من بعده بأولئك الذي يظهرون نوره.


ذلك النور هو مرشدي

وهو حكمتي ومحبتي

والقوة التي لا تـُقهر

والحق الذي لا يُعلى عليه

الآن وطوال الأبد.


هناك أناس متطرفون في تفكيرهم بحيث يعتقدون أنهم لكي ينجحوا في الحياة يتعين عليهم أن يعملوا كالآلة دون توقف.


وعلى النقيض الآخر هناك أناس لا يقلون تطرفاً عنهم إذ ما أن يصبحوا مهتمين في الأمور الروحية حتى يفقدوا الرغبة في كل شيء آخر، وذلك موقف خاطئ.


هم يعتبرون، على سبيل المثال، أن لا حاجة للقيام بأي شيء يتطلب تركيزا ًدقيقاً واهتماماً مادياً، وينصحون بالزهد والتخلي عن كل شيء مادي. لكن ذلك الموقف يخفي خمولاً عقلياً

تحت عباءة من الروحانية الزائفة.


ولقد وجدت أن عظماء المعلمين مهتمون جداً بالعالم لكن دون أي ارتباط به. فعندما كان معلمي يُعطى شيئاً جميلاً كان يعتني به ويحافظ عليه، ولكن إن حدث وانكسر ذلك الشيء أو أصابه العطب، كان يضحك ويقول: "انتهى اهتمامي به إذ أخذ الكثير من انتباهي."لقد كان زاهداً لأنه كان عديم التعلق.


وأنا أيضاً أشعر بنفس الكيفية. إنني أقدّر ما يمنحه الله لي ولكنني لا أفتقده إن خسرته.


ذات مرة أهداني أحدهم معطفاً جميلاً مع قبعة، وكان طقماً مكلفاً، فرحت أهتم به وأحافظ عليه من التمزق والإتساخ إلى أن ضقت ذرعاً بذلك فقلت: "يا إلهي، إنني في غنى عن هذه المضايقة!"


ذات يوم، توجهت إلى إحدى القاعات في مدينة لوس أنجلوس لإلقاء محاضرة، وما أن وصلت ورحت أنزع المعطف حتى سمعت الصوت الإلهي يقول: "خذ معك كل الأشياء التي في جيوب المعطف." ففعلت.


عدت بعد انتهاء المحاضرة إلى غرفة حفظ المعاطف وإذ بالمعطف - حفظكم الله - قد اختفى.

زعلت كثيراً لذلك فقال أحدهم: "لا تزعل سنشتري لك معطفاً آخر." فقلت: "لست زعلاناً لأنني فقدت المعطف، ولكن لأن الذي أخذ المعطف لم يأخذ أيضاً القبعة التي تنسجم تماماً مع المعطف."


يجب أن لا نسمح لمشاعرنا بالسيطرة علينا. كيف يمكن للشخص أن يكون سعيداً إن كان لا يهتم سوى بثيابه وبمقتنيات أخرى؟


هذا لا يعني عدم ارتداء الثياب النظيفة والمرتبة أو تنظيف البيت وترتيبه ولكن المقصود هو عدم التقيد الزائد والهوس بهذه الأمور.


في إحدى المرات دعيت إلى حفل عشاء وكان كل شيء في غاية الأناقة والترتيب. استمتعت كثيراً بالعشاء لكن مضيفينا كانوا على درجة عالية من التوتر خوفاً وتحسباً من عدم سير كل شيء على ما يرام، ونتيجة لذلك أفسدوا الجو بتوترهم.


الذين يمتلكون الحساسية يشعرون بقلق الآخرين وعدم ارتياحهم. لمَ الخوف والتوجس؟ يجب أن نعمل أفضل ما لدينا ثم نستريح ونريح. يجب أن ندع الأمور تأخذ مجراها الطبيعي دون أن نعمد إلى تغييرها بالقوة، وعندئذ سيرتاح الذين من حولنا أيضاً.


قطوف برمهنسية


خلف الإرادة البشرية تكمن الإرادة الإلهية والهدف من الإنسياب غير المحدود للطاقة الكونية

هو إظهار كل ما هو صالح ونافع في الحياة.


لهذا السبب فإن من يثبت ويظل متوافقاً مع الإرادة العليا سيكتب له النجاح بعونه تعالى.


الإرادة هي طاقة ورغبة موجّهتان نحو إنجاز هدف محدد.


لا يمكن القيام بأي شيء دون الإرادة، بل لا يمكن استحداث ولو حركة بسيطة في الحياة اليومية دون استخدام الإرادة.


معظم الناس يقومون بأشياء غير جوهرية ولا يركّزون جهودهم بطريقة بنّاءة.


الأمنية تختلف عن الإرادة مع أن الأمنية يمكن أن تعمل كمحفز للإرادة.


في تنمية قوة الإرادة يجب أولاً وقبل كل شيء امتلاك التصميم واستخدام الإدراك والتمييز والحكمة.


يلي ذلك تدريب واستخدام الإرادة على نحو واعٍ لبلوغ الهدف المنشود.


ويتعين مواصلة السير وبذل المجهود حتى تحقيق المبتغى.


عندما يعقد المرء العزم على بلوغ غاية نبيلة يصبح من غير اللائق أن يكف عن المحاولة

أو أن يستسلم للظروف المعاكسة.


عندما يكون الوعي متوافقاً مع الإرادة العليا ويتم تركيز الفكر والإرادة على فكرة معينة دون توقف ستتشبع قوة الإرادة بالنشاط الكوني الذي لا حد له ولا نضوب لمعينه.


الإرادة البشرية المحكومة بالجهل والشهوات تجلب على صاحبها الآلام والمتاعب.


ولتذوق طعم السعادة الحقيقية يجب أن تتغلب الرغبات الصالحة على الطالحة وأن يتم توجيه الإرادة في المسار الصحيح نحو ينبوع الحق ومصدر كل خير في الوجود.


لماذا يتعين على الإنسان الإمتناع عن شهادة الزور؟ لأن الزور ينمّي الرياء والنفاق.


الغدر هو من أكبر الكبائر في نظر الله. فالتقوّل زوراً وبهتاناً على أحدهم لمكسب شخصي أو رغبة في الإنتقام هو نوع من الحلف الكاذب. ولو اتبع كل واحد هذا الأسلوب لعمّت الفوضى ولساد الهرج والمرج بين الناس.


كما أن الإصغاء لشهادة زور ضد شخص آخر هو تأييد لشاهد الزور ومشاركة له في سلوكه المشين، ولا بد أن يتحول ذلك الإصغاء والتأييد إلى صراع عاطفي داخلي يمزق سلام النفس ويعكر صفو العيش.


وحتى لو تم تبرير ذلك مؤقتاً لكن الفعل سيرتد بقوة في نهاية المطاف ويخلق كرباً وألماً نفسياً يقلق الوعي ويصفع الضمير.


كما أن للحسد مضاراً وعواقب وخيمة، إذ يجلب للحاسد معاناة ذاتية لأن ما يطلقه المرء من أفكار ومشاعر سيرتد إليه ثانية.


من يمنح المحبة والإيثار سيحصل في المقابل على مودة ومعاملة إيثارية أما من يبعث بأفكار الجشع والأنانية والحسد فسيجلب هذه الأشياء لنفسه بنفس المقدار.


ولماذا يتعين على الإنسان أن لا يسرق؟


كيف سيكون العالم لو أن كل واحد عاش على التشليح والسلب والإبتزاز؟ والحالة هذه ستـُقترف أفظع وأبشع الجرائم. سيكون هناك اقتتال ضارٍ لحماية ممتلكات واستعادة مسروقات.


السرقة هي تصرف منافٍ للأعراف الإجتماعية وتسلب الآخرين حقوقهم ولذلك فهي ضد نواميس الوجود ولا تمتلك المجتمعات المرافق المناسبة والطرق الناجعة للتعامل مع الجناة.


عندما يودَع اللصوص السجون فقد تصبح عاداتهم أشد رسوخاً وقد يكتسبوا أيضاً عادات جديدة سيئة أثناء مخالطتهم جناة آخرين. وإن حصل ذلك فإنهم سيكونون عند خروجهم من السجن أسوأ بكثير مما كانوا عليه قبل دخوله.


نسألك يا رب أن تباركنا كي لا نسمع شراً ولا نبصر شراً ولا ننطق شراً ولا نستنشق شراً

ولا نلمس شراً ولا نحس شراً ولا نفكر شراً ولا نحلم شراً


إن القوى التي نستخدمها كل يوم:

- مدركاتنا الحسية

- ومشاعرنا

- وذكاؤنا

كلها مقترضة من الله ولا يمكننا العيش ثانية واحدة بدونه.


مع ذلك، وفي الوقت الذي نستخدم فيه هباته لا نفكر به كما ينبغي ولا نوليه الإهتمام اللائق به

بل نتعقب المتع الحسية والطموحات الدنيوية بتحقق تام مع العالم المادي وارتباط كامل به..

وهذا هو السبب الجذري لكل آلامنا ومعاناتنا.


لقد خلقنا الله على صورته ولذلك لا يمكننا أن نعرف طعم السعادة الحقيقية ما لم نكتشف حضوره في داخلنا ونتذوق رحيق غبطته في نفوسنا.


ولا يمكننا أيضاً امتلاك القوة المباركة اللازمة للحصول، بالإرادة، على ما نحتاجه يومياً

ما لم ندرك بأن الله هو مصدر تلك القوة الذي يتعين علينا الإعتماد عليه والتوجه إليه

بقلوب شاكرة على كل النعم التي يمطرنا بها بسيل متواصل.


{لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}


عندما تطفح قلوبنا بالشكر للواهب الأكرم تصبح هياكل مقدسة لحضوره المجيد وذلك هو أعظم إنجاز يمكن أن يحققه المرء لأن غاية الحياة هي توافق الإنسان مع خالقه والتقرب منه والتعرف عليه.


{اطلبوا أولا ملكوت الله وبره وهذه كلها تـُزاد لكم}


فبتذكرنا الدائم لله وتفكيرنا الودي به سندرك أنه حبيبنا وأننا خاصته وبأن لنا نصيباً في لكوته..

ملكوت الغبطة والمحبة والنور والخير.


عندما نتأمل بركات الله العميمة ومن أعظمها إمكانية توظيف حرية الإختيار في اتباع المسار الصحيح المفضي إلى التوافق مع المقاصد العليا وبلوغ السعادة الروحية يصبح كل يوم مفعماً بفرح باطني متجدد ونشعر بانسياب تيار مبارك إلى حياتنا فيغمر الشكر قلوبنا ويصبح للحياة طعم ومعنى.


إن الإنسان الذي يستطيع من خلال التفكير التأملي رؤية القانون الإلهي الذي يعمل بكيفية غامضة لا يكف عن التسبيح شكراً وتواضعاً للذي يليق به كل حب وتسبيح وامتنان.


فلنتذكر الله مصدر كل خير في الوجود ولنمزج تذكـّرنا بحب صادق نابع من أعماق القلب

لله الذي منه تفيض الحياة وتشع المحبة وتنسكب البركات دون انقطاع.


ولنتذكر بمودة كل من أضاء شمعة للإنسانية أو نثر بذوراً صالحة في تربة العالم أو نشر أفكاراً مضيئة أو شجّع على عمل طيب وسلوك نبيل.


لنفتح قلوبنا للمحبة ولنجعل عقولنا متقبلة للإلهامات النيرة ولنسأل الله العون والهداية

فيما نفكر به ونقدم عليه من أعمال.


الخوف يسمم القلب


العقل البشري هو مستودع هائل من الطاقة أو النشاط الحيوي.


هذا النشاط يتم استخدامه على الدوام في الحركات العضلية وعمل القلب والرئتين والحجاب الحاجز والاستقلاب الخلوي وتفاعل الدم الكيماوي، وفي عمل أجهزة الحس الآلية (الأعصاب).


بالإضافة إلى ذلك فإن كمية كبيرة من النشاط الحيوي يتم صرفها في التفكير والعاطفة والإرادة.


الخوف يوهن النشاط الحيوي وهو من ألد أعداء الإرادة الفاعلة.


الخوف يعتصر ويعيق نشاط الحياة الذي ينساب عادة بانتظام نحو الأعصاب فتبدو وكأنها قد أصبحت مشلولة، فيهمد الجسم وتتناقص حيويته بشكل محسوس وملحوظ (الخوف قطاع العصب!).


الخوف لا يساعد على التخلص من سبب الخوف. إنه يوهن الإرادة ويستحث الدماغ كي يبعث بإشارة تعويقية إلى أعضاء الجسد. والخوف يسمم القلب ويعيق عملية الهضم ويسبب العديد من الاضطرابات البدنية.


عندما يظل الوعي مركـّزا ً على الله فلن تخشى شيئا ً وستتمكن من قهر كل عائق وعقبة

بالشجاعة والإيمان. الـ "أمنية" هي رغبة تعوزها الطاقة أما "النية" فهي اعتزام القيام بشيء ما: تحقيق أمنية أو رغبة. لكن "الإرادة" يمكن التعبير عنها بالقول: "إنني أعمل دون توقـّف حتى أحقق ما أريد."


عند تدريب الإرادة، يمكنك إطلاق قوى من النشاط الحيوي وتوجيهها وليس عند تمني الحصول على شيء ما دون القيام بما يلزم لتحصيل ذلك الشيء.


يجب أن لا نفقد الأمل بل ندرك أن الله يتيح لنا الفرصة تلو الأخرى لتحسين أحوالنا وترقية أفكارنا وابتكار أشياء جديدة ونافعة لنا ولغيرنا في الحياة.


إن كان أسلوب حياتنا لا يعجبنا فيجب أن نستكشف طرقاً وأساليبَ جديدة تمنحنا قدراً من الرضاء والراحة النفسية..


وينبغي لنا أن نفكر بعمل ما من شأنه تحسين أحوالنا وجعل حياتنا ذات جدوى ومعنى وأن نطبق ذلك على أرض الواقع.


ما تمس الحاجة إليه هو تغيير الوعي أو تعديل مساره.


يجب أن نصمم على أننا لن نسمح للمشاكل بأن تؤثر بنا وتفقدنا توازننا وبأننا لن ندع الأشياء المقلقة تنغص حياتنا وتحتل مشاعرنا وتفسد أجواءنا.


وبأننا لن نكون ضحايا العادات الضارة والطباع المؤذية وبأننا سنكون أحراراً طلقاء كالطيور في الأجواء.


لا حاجة لأن يبقى الناس كأحلاس الجمود دون حركة أو تجديد. يجب نزع أغلفة الوهم عن جوهر الروح حتى يشع بنقائه وقوته ويظهر روعة النفس الشريفة التي وهبها الله للإنسان.


إن الله ليبارك الجهود الطيبة والطموحات المشروعة والتصميم على النجاح.


خلف حياتنا تكمن قوة الروح الأعظم وخلف إرادتنا يقبع المحيط الكوني للإرادة الإلهية.

إننا جزء لا يتجزأ من ذلك الأوقيانوس الذي لا ساحل له. وعندما نصل إليه ونعوم به، يتمدد وعينا فنشعر باتساعنا.


التفكير به يقربنا منه والتأمل عليه يوصلنا إليه.

والجهد الموصول للتناغم معه يمدنا بالمعرفة والعزيمة والنشاط..

والتحضير اليومي للوعي يجعل الحب الإلهي والبركات السماوية

تنساب إلينا دون انقطاع ويكتب لنا نصيباً وافراً في كنوز المحيط.


يوجد وعي إلهي كامن في كل إنسان.. وعيٌ ينتظر الفرصة للإعراب عن ذاته

والخروج من سرداب الأنا (الأيغو) الضيق والمقيّد.


وكما يستيقظ الإنسان من كابوس مزعج ليدرك أن ما رآه لم يكن سوى مجرد حلم هكذا يستحث الوعي الإلهي الإنسانَ كي يستيقظ من كابوس الغفوة والتيه إلى وعي جديد وفهم سديد لمعنى وغاية الحياة.


إن أردنا اختبار فجر اليقظة الروحية ومعاينة أنوار اليقين فيجب أن نصغي للصوت الداخلي

ونستجيب لإيحائه. ويجب أن نزيح عن الدرب حجارة الوهم وصخور الجهل التي تعيق مسيرة الروح وتعرقل حركتها..


وأن نقرع بيد الشوق باب اليقظة من سبات اللامبالاة علنا نتنسم نفحات الغبطة ونجلب الكهرباء السماوية إلى كل فكرة من أفكارنا وكل شعور من مشاعرنا

وكل عمل من أعمالنا.


نسأله تعالى أن يفتح في وعينا نوافذ الإدراك ويغمرنا بنور الحكمة ويحوطنا بمحبته ويشملنا بحنانه الأبدي.


من بين الذين أتوا إليّ كان هناك أشخاص قلت لهم منذ البداية وبصراحة أن دوافعهم لم تكن سليمة وطلبت منهم تغيير تلك الدوافع.


قلة منهم لم يعجبهم قولي لكن آخرين تجاوبوا وتغيروا نحو الأفضل.


المراءاة لا تفضي إلى نتيجة طيبة وأذكى الأذكياء لا يستطيع إخفاء ما تظهره عيناه

فتاريخ المرء بكامله مدوّن في عينيه.


إن رغبت في معرفة طبيعة أحدهم فاسأل الله كي يطلعك على حقيقة ذلك الشخص

لأنك لا تريد أن تنخدع، وستشعر في أعماق قلبك بطبيعته الحقة ولن يخطئ حدسك.


عندما نتحدث إلى جليسنا يجب أن ننظر مباشرة في عينيه وننطق بثقة ويقين وصدق.


وعندما نصافح إنساناً يجب أن ننقل إليه مغناطيسية محبتنا وإخلاصنا وأن نحاول مساعدته على قدر استطاعتنا.


يجب أن يكون الراغب في المعرفة إيجابياً وأن يعمل على تنمية مغناطيسيته الروحية، عندئذ سيهبه الله القوة على مساعدة الآخرين ونقل اهتزازات مباركة إليهم.


قد أرتحل إلى ما وراء أقصى الكواكب والنجوم ولكني سأكون لك على الدوام. مريدوك قد يأتوا وقد يمضوا في سبيلهم ولكني سأصحبك وأكون لك على الدوام. قد تتقاذفني أمواج التجسدات العديدة وأحس بالوحشة والوحدة ومع ذلك سأكون لك على الدوام.


العالم المتلهي بألعابك قد يسلاك ولكني سأذكرك على الدوام. قد يخبو صوتي ويخذلني

ولكن بعبارات روحي سأهمس: "سأكون لك على الدوام".


المحن والأمراض والمنية قد تمزقني وتنخل جسدي ولكن ما دام في ذاكرتي بقية من بصيص

انظر في عينيّ المحتضرتين.. إذ من خلالهما سأقول لك: "سأحبك طوال الأبد وسأبقى وفياً لك على الدوام!"


أقول لكم صدقاً أنني حصلت على الإجابات لكل أسئلتي ليس من البشر بل من الله نبع الجود

ومصدر كل معرفة في الكون.


فهو ملهمي الأوحد في الحياة وعندما أتحدث أطلب منه كي يشحن كلماتي بقوته وحقه وحبه ونوره فأحس بأمواج من الغبطة تغمرني لأن حبه الأعظم ينسكب في النفس كهبات النسيم العليل أيام الحر ويتواصل انسكابه بقوة ليل نهار.. أسبوعاً بعد أسبوع وعاماً بعد عام فلا تعرف أين النهاية.


الإنسان يفكر أنه بحاجة للحب والثراء من مصادر بشرية لكن خلف كل حب ووراء كل ثراء

الحب الإلهي الذي لا يتغير والغنى الروحي الذي لا يقاس به ثراء أرضي ومن يدرك بأن الله هو مصدر كل حب ونعيم ونعمة سيعثر عليه ويسعد به أيما سعادة.